المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأمر بجرح الضفعاء ونشوء هذا العلم - علم الجرح والتعديل

[عبد المنعم السيد نجم]

الفصل: ‌الأمر بجرح الضفعاء ونشوء هذا العلم

‌الْأَمر بِجرح الضفعاء ونشوء هَذَا الْعلم

..

تَحت هَذَا الْمَوْضُوع سنبين الْأَدِلَّة المجوزة فِي جرح الضُّعَفَاء وَأَنه من الدّين، وَبَيَان الْفرق بَين الْجرْح والغيبة الْمنْهِي عَنْهَا..

روى مُحَمَّد بن حبَان بِسَنَدِهِ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: مر عمر بن الْخطاب بِحسان ابْن ثَابت وَهُوَ ينشد الشّعْر فِي الْمَسْجِد فلحظ إِلَيْهِ فَقَالَ حسان: "قد كنت أنْشد فِيهِ مَعَ من هُوَ خير مِنْك، ثمَّ الْتفت إِلَى أبي هُرَيْرَة فَقَالَ: "أنشدكَ الله هَل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: " يَا حسان أجب عني.. اللَّهُمَّ أيده بِروح الْقُدس؟ " قَالَ: "نعم"1 وَرَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه2 قَالَ أَبُو حَاتِم: "فِي هَذَا

كالدليل على الْأَمر بِجرح الضُّعَفَاء، لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لحسان بن ثَابت أجب عني، وَإِنَّمَا أَمر أَن يذب عَنهُ مَا كَانَ يَقُول عَلَيْهِ الْمُشْركُونَ فَإِذا كَانَ فِي تَقول الْمُشْركين على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَأْمر أَن يذب عَنهُ، وَإِن لم يضر كذبهمْ الْمُسلمين، وَلَا أحلُّوا بِهِ الْحَرَام، وَلَا حرمُوا بِهِ الْحَلَال، كَانَ من كذب على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْمُسلمين الَّذِي يحل الْحَرَام وَيحرم الْحَلَال بروايتهم أَحْرَى أَن يُؤمر بذب ذَلِك الْكَذِب عَنهُ صلى الله عليه وسلم".

وعقب أَبُو حَاتِم على حَدِيث أبي هُرَيْرَة: "يتقارب الزَّمَان وَينْقص وَتظهر الْفِتَن وَيكثر الْهَرج".

قَالَ: إِن الْعلم ينقص عِنْد تقَارب الزَّمَان، وَفِيه دَلِيل على أَن ضد الْعلم يزِيد، وكل شَيْء زَاد مِمَّا لم يكن مرجعه إِلَى الْكتاب وَالسّنة فَهُوَ ضد الْعلم، وَلست أعلم الْعُلُوم كلهَا إِلَّا فِي زِيَادَة إِلَّا هَذَا الْجِنْس الْوَاحِد من الْعلم، وَهُوَ الَّذِي لَا يكون لِلْإِسْلَامِ قوام إِلَّا بِهِ، إِذْ الله جلّ وَعلا أَمر بِاتِّبَاع رَسُوله عليه الصلاة والسلام، وَعند التَّنَازُع الرُّجُوع إِلَى مِلَّته وَعند الْحَوَادِث حَيْثُ قَالَ:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا..} 3 ثمَّ نفى الْإِيمَان عَمَّن لم يحكم رَسُول صلى الله عليه وسلم فِيمَا شجر بَينهم فَقَالَ: {فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} 4 فَمن لم يحفظ سنَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلم يحسن تَمْيِيز صحيحها من سقيمها وَلَا عرف الثقاة من الْمُحدثين وَلَا الضُّعَفَاء والمتروكين وَمن يجب قبُول انْفِرَاد خَبره مِمَّن لَا يجب قبُول زِيَادَة الْأَلْفَاظ فِي رِوَايَته، وَلم يحسن مَعَاني الْأَخْبَار وَالْجمع بَين تضادها فِي الظَّوَاهِر وَلَا النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ، وَلَا اللَّفْظ الْخَاص الَّذِي يُرَاد بِهِ الْعَام، وَلَا اللَّفْظ الْعَام الَّذِي يُرَاد بِهِ الْخَاص.. وَلَا الْأَمر الَّذِي هُوَ فَرِيضَة وَإِيجَاب، وَلَا الْأَمر الَّذِي هُوَ فَضِيلَة وإرشاد، وَلَا النَّهْي الَّذِي هُوَ حتم لَا يجوز ارتكابه من النَّهْي الَّذِي هُوَ ندب يُبَاح اسْتِعْمَاله، مَعَ سَائِر فُصُول السّنَن، وأنواع أَسبَاب الْأَخْبَار كَيفَ يسْتَحل أَن يُفْتِي، أَو كَيفَ يسوغ لنَفسِهِ تَحْرِيم الْحَلَال، أَو تَحْلِيل الْحَرَام تَقْلِيد أَمنه لمن يُخطئ ويصيب رافضا قَول من لَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى صلى الله عليه وسلم.

وَقد أخبر صلى الله عليه وسلم عَن كَيْفيَّة نقص الْعلم الَّذِي ذكره فِي خبر أبي هُرَيْرَة، وَأَن ذَلِك لَيْسَ بِرَفْع

1 أنظر الْمَجْرُوحين لِابْنِ حبَان جـ 1/ص 10/ط 1

2 الْمَجْرُوحين لِابْنِ حبَان ص 11/جـ 1

3 الْحَشْر /7

4 النِّسَاء /65

ص: 67

وهم وَقع فِيهِ الْبَعْض..

بعض النَّاس وَقَعُوا فِي وهم سَببه أَنهم لم يستطيعوا أَن يفرقُوا بَين وصف الشَّخْص بِمَا يجرحه نصيحة ومصلحة للشريعة الغراء وَبَين الْغَيْبَة الَّتِي يقْصد بهَا الْقدح والانتقاص بِدُونِ مصلحَة تتَعَلَّق بِالدّينِ.

وَقد عقد الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ بَابا فِي وجوب تَعْرِيف الْمُزَكي مَا عِنْده من حَال الْمَسْئُول عَنهُ.. ومهد لَهُ بِمَا رَوَاهُ بِسَنَدِهِ عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "من سُئِلَ علم يُعلمهُ فكتمه ألْجم يَوْم الْقِيَامَة بلجام من نَار.."

وَقد أنكر قوم لم يتبحروا فِي الْعُلُوم قَول الْحَافِظ من أَئِمَّتنَا، وَأولى الْمعرفَة من أسلافنا الرَّاوِي ضَعِيف، وَفُلَانًا غير ثِقَة، وَمَا أشبه هَذَا من الْكَلَام وَرَأَوا فِي ذَلِك غيبَة لمن قيل فِيهِ، إِن كَانَ الْأَمر على مَا ذكره الْقَائِل، وَإِن كَانَ الْأَمر على خِلَافه فَهُوَ بهتان.. وَاحْتَجُّوا بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْخَطِيب بِسَنَدِهِ عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ مَا الْغَيْبَة فَقَالَ:"ذكرك أَخَاك بِمَا يكره" قَالَ: أَفَرَأَيْت إِن كَانَ فِي أخي مَا أَقُول؟ قَالَ: "إِن كَانَ فِي أَخِيك مَا تَقول فقد اغْتَبْته وَإِن لم يكن فِيهِ مَا تَقول ففد بَهته.." وروى مُحَمَّد بن حبَان بِسَنَدِهِ عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قيل لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا الْغَيْبَة؟ " الحَدِيث.. قَالَ أَبُو حَاتِم: "احْتج بِهَذَا مِمَّن لَيْسَ الحَدِيث صناعتهم، وَزَعَمُوا أَن قَول أَئِمَّتنَا فلَان لَيْسَ بِشَيْء، وَفُلَان ضَعِيف، وَمَا يشبه هَذَا من الْمقَال غيبَة إِن كَانَ فيهم مَا قيل، وَإِلَّا فَهُوَ بهتان عَظِيم"1ثمَّ قَالَ: "إِن هَذَا لَيْسَ بالغيبة الْمنْهِي عَنْهَا وَذَلِكَ أَن الْمُسلمين قاطبة لَيْسَ بَينهم خلاف أَن الْخَبَر لَا يجب أَن يسمع عِنْد الِاحْتِجَاج إِلَّا من الصدوق الْعَاقِل، فَكَانَ فِي إِجْمَاعهم هَذَا دَلِيل على إِبَاحَة جرح من لم يكن يصدق فِي الرِّوَايَة عَن أَن السّنة تصرح عَن الْمُصْطَفى صلى الله عليه وسلم بضد مَا انتحل مخالفونا فِيهِ.." وَعَن ابْن حبَان الْخَبَر الدَّال على صِحَة مَا ذهب إِلَيْهِ.. قَالَ حَدثنَا الْحسن ابْن سُفْيَان الشَّيْبَانِيّ قَالَ أنبانا روح بن الْقَاسِم عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: أقبل رجل فَلَمَّا رَآهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " بئس أَخُو الْعَشِيرَة، أَو قَالَ ابْن الْعَشِيرَة.." فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَلمه وانبسط إِلَيْهِ فَلَمَّا ولى قَالَت عَائِشَة يَا رَسُول الله: "لما رَأَيْته قلت.. وَلما جَاءَ كَلمته وانبسطت إِلَيْهِ"، فَقَالَ يَا عَائِشَة:"إِن شَرّ أمتِي عِنْد الله منزلَة يَوْم الْقِيَامَة من تَركه النَّاس اتقاء فحشه" قَالَ أَبُو حَاتِم: وَفِي هَذَا الْخَبَر دَلِيل على إِخْبَار الرجل بِمَا فِي الرجل على جنس الْإِبَانَة أَو الدّيانَة لَيْسَ بغيبة إِذْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بئس أَخُو الْعَشِيرَة، أَو ابْن الْعَشِيرَة"، وَلَو كَانَ هَذَا غيبَة لم يطلقهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا أَرَادَ بقوله هَذَا أَن يفتدي ترك الْفُحْش، إِلَّا أَنه أَرَادَ ثلبه وَإِنَّمَا الْغَيْبَة مَا يُرِيد الْقَائِل الْقدح فِي الْمَقُول فِيهِ، وأئمتنا رَحْمَة الله عَلَيْهِم إِنَّمَا بينوا هَذِه الْأَشْيَاء وأطلقوا الْجرْح فِي غير الْعُدُول لِئَلَّا يحْتَج بأخبارهم لَا أَنهم أَرَادوا ثلبهم والوقيعة فيهم.

والإخبار عَن الشَّيْء لَا يكون غيبَة إِذا أَرَادَ الْقَائِل بِهِ الثلب 2 وَجَاء فِي مُخْتَصر سنَن أبي دَاوُود لِلْمُنْذِرِيِّ 3 عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَنه قيل: يَا رَسُول الله مَا الْغَيْبَة؟ قَالَ: "ذكرك أَخَاك بِمَا يكره" قيل أَفَرَأَيْت إِن كَانَ فِي أخي مَا أَقُول؟ قَالَ: "إِن كَانَ فِيهِ مَا تَقول فقد اغْتَبْته وَإِن لم يكن فِيهِ مَا تَقول فقد بَهته ".

وَمعنى هَذَا: أَي قلت فِيهِ الْبُهْتَان وَهُوَ الْبَاطِل وَقيل واجهته بِمَا لم يفعل.

وَقيل قلت فِيهِ من الْبَاطِل مَا حيرته بِهِ.. يُقَال بهت الرجل بِفَتْح الْبَاء وَكسر الْهَاء إِذا تحير وبهت بِضَم الْهَاء - مثله.. وأفصح مِنْهَا بهت - بِضَم الْبَاء وَكسر الْهَاء -

1 كتاب الْمَجْرُوحين لِابْنِ حبَان البستي جـ 1/ ص 17

2 ابْن حبَان جـ 1/ ص 19

3 مُخْتَصر الْمُنْذِرِيّ للسنن جـ 7/ ص 112 بَاب فِي

ص: 68

قَالَ الله تَعَالَى: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ..} 1.

وَقَالَ بَعضهم: الاغتياب حرَام والغيبة ذكر الْإِنْسَان بِمَا يكره فِي غيبته- والبهت وَجهه، وَكِلَاهُمَا مَذْمُوم كَانَ بِحَق أَو بباطل، إِلَّا أَن يكون بِوَجْه شَرْعِي..

فَيَقُول ذَلِك فِي وَجهه على طَرِيق الْوَعْظ والنصيحة وَله التَّعْرِيض دون التَّصْرِيح والْحَدِيث رَوَاهُ مُسلم بِسَنَدِهِ عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ.

قَالَ النَّوَوِيّ: "بَاب تَحْرِيم الْغَيْبَة وَفِيه يُقَال بَهته بِفَتْح الْهَاء مُخَفّفَة قلت فِيهِ الْبُهْتَان وَهُوَ الْبَاطِل؛ والغيبة: ذكر الْإِنْسَان فِي غيبته بِمَا يكره وأصل البهت أَن يُقَال لَهُ الْبَاطِل فِي وَجهه وهما حرامان لَكِن تُبَاح لغَرَض شَرْعِي، وَذَلِكَ لسِتَّة أَسبَاب:

(1)

التظلم فَيجوز للمظلوم أَن يتظلم لَدَى السُّلْطَان وَالْقَاضِي وَغَيرهمَا مِمَّن لَهُ ولَايَة، أَو قدرَة على إنصافه من ظالمه، فَيَقُول ظَلَمَنِي فلَان أَو فعل بِي كَذَا..

(2)

الاستغاثة على تَغْيِير الْمُنكر ورد العَاصِي إِلَى الصَّوَاب، فَيَقُول لمن يَرْجُو قدرته فلَان يعْمل كَذَا فأزجره عني وَنَحْو ذَلِك..

(3)

الاستفتاء: بِأَن يَقُول للمفتي ظَلَمَنِي فلَان أَو أبي أَو أخي أَو زَوجي بِكَذَا فَهَل لَهُ ذَلِك وَمَا طريقي فِي الْخَلَاص مِنْهُ وَرفع ظلمه عني وَنَحْو ذَلِك فَهَذَا جَائِز، والأجود أَن يَقُول فِي رجل أَو زوج أَو وَالِد وَولد كَانَ من أمره كَذَا وَمَعَ ذلكَ فالتعيين جَائِز لحَدِيث هِنْد وَقَوْلها:"إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح".

(4)

تحذير الْمُسلمين من الشَّرّ وَذَلِكَ من وُجُوه جرح الْمَجْرُوحين من الروَاة وَالشُّهُود والمصنفين، وَذَلِكَ جَائِز بِالْإِجْمَاع، بل وَاجِب صونا للشريعة.

وَمِنْهَا الْإِخْبَار بِعَيْبِهِ عِنْد الْمُشَاورَة فِي مصاهرته، وَمِنْهَا إِذا رَأَيْت من يَشْتَرِي شَيْئا معيبا أَو عبدا سَارِقا أَو زَانيا أَو شاربا أَو نَحْو ذَلِك تذكره للْمُشْتَرِي إِذا لم يلعمه نصيحة لَا بِقصد الْإِيذَاء والإفساد، وَمِنْهَا إِذا رَأَيْت متفقها يتَرَدَّد إِلَى فَاسق أَو مُبْتَدع يَأْخُذ عَنهُ علما وَخفت عَلَيْهِ ضَرَره فَعَلَيْك نصيحته بِبَيَان حَاله قَاصِدا النَّصِيحَة.

وَمِنْهَا أَن يكون لَهُ ولَايَة لَا يقوم بهَا على وَجههَا لعدم أَهْلِيَّته أَو لفسقه فيذكره لمن لَهُ عَلَيْهِ ولَايَة ليستدل بهَا على حَاله فَلَا يغتر بِهِ وَيلْزم الاسْتقَامَة.

(5)

أَن يكون مجاهرا بِفِسْقِهِ أَو بدعته كَالْخمرِ ومصادرة النَّاس وجباية المكوس وتولي الْأُمُور الْبَاطِلَة فَيجوز بِغَيْرِهِ إِلَّا بِسَبَب آخر.

(6)

التَّعْرِيف: فَإِذا كَانَ مَعْرُوفا بلقب كالأعمش والأعرج والأزرق والقصير وَالْأَعْمَى والأقطع والأحول والضال وَنَحْوهَا جَازَ تَعْرِيفه بِهِ وَيحرم ذكره بِهِ تنقصا.. وَلَو أمكن التَّعْرِيف بِغَيْرِهِ كَانَ أولى.

أما عَن حَدِيث عَائِشَة السَّابِق فِي الرجل الَّذِي تكلم فِيهِ النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم فقد ذكره الْمُنْذِرِيّ فِي مُخْتَصر السّنَن عَن عُرْوَة، وَهُوَ ابْن الزبير رضى الله عَنْهُمَا عَن عَائِشَة رضى الله عَنْهَا قَالَت: اسْتَأْذن على النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجل فَقَالَ: "بئس ابْن الْعَشِيرَة - أَو بئس رجل الْعَشِيرَة -" ثمَّ قَالَ: "أئذنوا لَهُ". فَلَمَّا دخل ألان لَهُ القَوْل، فَقَالَت عَائِشَة:"يَا رَسُول الله ألنت لَهُ القَوْل وَقد قلت مَا قلت؟ " قَالَ: "إِن شَرّ النَّاس عِنْد الله منزلَة يَوْم الْقِيَامَة من ودعه النَّاس- أَو تَركه - النَّاس اتقاء فحشه".

وَهَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ.

قَالَ الْمُنْذِرِيّ: "وَهَذَا الرجل هُوَ عُيَيْنَة بن حصن بن حُذَيْفَة بن بدر الْفَزارِيّ".

وَقيل: "هُوَ مخرمَة بن نَوْفَل الزُّهْرِيّ وَالِد الْمسور بن مخرمَة".

وَعَن أبي سَلمَة، وَهُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن عَائِشَة رضي الله عنها: أَن رجلا اسْتَأْذن على النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:"بئس أَخُو الْعَشِيرَة.. فَلَمَّا دخل انبسط إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَكَلمه، فَلَمَّا خرج قلت: "يَا رَسُول الله لما اسْتَأْذن قلت بئس أَخُو الْعَشِيرَة فَلَمَّا دخل انبسطت لَهُ؟ "

1 سُورَة الْبَقَرَة آيَة (258)

ص: 69