الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُبُوت السّنة وترغيب النَّبِي فِي طلبَهَا من حاملها ووصيته بالمرتحلين فِيهَا:
لقد كَانَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لَهُ السَّبق فِي دفع النَّاس إِلَى طلب الْعلم والتعلم وَالتَّرْغِيب فِيهِ روى عبد الرَّحْمَن بن أَبى حَاتِم بِسَنَدِهِ عَن أبي صلح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "من سلك طَرِيقا يلْتَمس فِيهِ علما سهل الله لَهُ طَرِيقا إِلَى الْجنَّة.." وروى بِسَنَدِهِ عَن كثير بن قيس قَالَ: كنت جَالِسا مَعَ أبي الدَّرْدَاء فِي مَسْجِد دمشق فَأَتَاهُ رجل فَقَالَ: "يَا أَبَا الدَّرْدَاء جئْتُك من الْمَدِينَة مَدِينَة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لحَدِيث بَلغنِي أَنَّك تحدثه عَن رَسُول الله" قَالَ: وَلَا جِئْت لحَاجَة؟ " قَالَ: "لَا"، قَالَ: "وَلَا جِئْت لتِجَارَة؟ " قَالَ: "لَا"، قَالَ: "وَلَا جِئْت إِلَّا لهَذَا الحَدِيث؟ " قَالَ نعم، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: "من سلك طَرِيقا يطْلب فِيهِ علما سلك الله عز وجل بِهِ طَرِيقا من طرق الْجنَّة وَإِن الْمَلَائِكَة لتَضَع أَجْنِحَتهَا رضَا لطالبي الْعلم.." وروى أَيْضا بِسَنَدِهِ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "إِن النَّاس لكم تبع" قَالَ فَكَانَ إِذا أَتَوْهُ قَالَ مرْحَبًا بِوَصِيَّة رَسُول الله، قَالَ لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّه سَيَأْتِيكُمْ أنَاس من أقطار الأَرْض يتفقهون فِي الدّين فَإِذا أَتَوْكُم فَاسْتَوْصُوا بهم خيرا.." قَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم:.. وَقد رُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود، وَعبد الله ابْن عَبَّاس وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَعبد الله بن عَمْرو، وَجَابِر بن عبد الله، وَعقبَة بن عَامر، وَقيس بن عبَادَة، وَخلق من التَّابِعين وأتباعهم يطول ذكرهم فِي رحْلَة بَعضهم فِي طلب الْعلم الْآثَار وترغيب بَعضهم فِيهَا، أمسكنا عَن ذلكَ اكْتِفَاء بِمَا جَاءَ فِيهِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم.. وَلما أوصى النَّبِي بطالبي الْآثَار والمرتحلين فِيهَا وَنبهَ عَن فضيلتهم علم أَن فِي ذَلِك ثُبُوت الْآثَار بِنَقْل الطالبين الناقلين لَهَا وَلَو لم تثبت الْأَخْبَار بِنَقْل الروَاة لَهَا لما كَانَ فِي ترغيب النَّبِي صلى الله عليه وسلم معنى.. قَالَ بن أبي حَاتِم مستدلا على مَا تقدم بِمَا جَاءَ فِي أول كِتَابه: "بدأنا فِي ذكر ثُبُوت السّنَن بِنَقْل الروَاة لَهَا بِمَا حَضَرنَا من الدَّلَائِل الْوَاضِحَة من كتاب الله عز وجل وأخبار رَسُوله صلى الله عليه وسلم إِذْ كَانَ قوم من أهل الزيغ والبدع زَعَمُوا أَن الْأَخْبَار لَا تصح بِنَقْل الروَاة لَهَا وَأَن طَرِيق صِحَّتهَا إِجْمَاع الْعَامَّة عَلَيْهَا فأتينا فِي ذَلِك وَفِي إبِْطَال دَعوَاهُم ودحض حجتهم بِمَا رَأَيْنَاهُ كَافِيا".
الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَبَيَان أَحْوَال الروَاة وَنفى تُهْمَة الْكَذِب عَن الصَّحَابَة فِي الرِّوَايَة عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:
كل حَدِيث اتَّصل إِسْنَاده بَين من رَوَاهُ وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يلْزم الْعَمَل بِهِ إِلَّا بعد ثُبُوت عَدَالَة رِجَاله، وَيجب النّظر فِي أَحْوَالهم سوى الصَّحَابِيّ الَّذِي رَفعه إِلَى النَّبِي لِأَن عَدَالَة الصَّحَابَة ثَابِتَة مَعْلُومَة بتعديل الله لَهُم وإخباره عَن طهارتهم واختياره لَهُم فِي نَص الْقُرْآن فَمن ذَلِك قَوْله تَعَالَى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} 1 وَقَوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} 2 وَهَذَا اللَّفْظ وَإِن كَانَ عَاما فَالْمُرَاد بِهِ الْخَاص، وَقيل هُوَ وَارِد فِي الصَّحَابَة دون غَيرهم، وَقَوله سبحانه وتعالى:{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} 3 وَقَوله: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} 4 وَقَوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} 5.. وَقَوله تَعَالَى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 6 فِي آيَات كَثِيرَة يكثر إيرادها وَيطول
1 سُورَة آل عمرَان آيَة (110)
2 سُورَة الْبَقَرَة آيَة (134)
3 سُورَة الْفَتْح آيَة (18)
4 سُورَة التَّوْبَة آيَة (100)
5 سُورَة آيَة الْأَنْفَال آيَة (64)
6 سُورَة الْحَشْر آيَة (8،9)