الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقسم الثَّانِي
الْمُحرمَات الْمُتَعَلّقَة بِالنِّكَاحِ
وَفِيه مسَائِل
الأولى إمْسَاك من كرحت كرهت نِكَاحه ورغبت عَنهُ وَاسْتشْهدَ لَهُ بِمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي صَحِيحه من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها أَن ابْنة الجون لما دخلت على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ودنا مِنْهَا فَقَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك فَقَالَ (لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك)
وَفِي رِوَايَة ابْن سعد علمهَا نساؤه ذَلِك
وَلَكِن إسنادها ضَعِيف
وَفِي مُسْتَدْرك الْحَاكِم أَن الْمعلم لَهَا ذَلِك إِمَّا عَائِشَة وَإِمَّا حَفْصَة وَقد أوضحت طرق هَذَا الحَدِيث أحسن إِيضَاح فِي تخريجي لأحاديث الرَّافِعِيّ
وَذكرت فِي اسْم هَذِه المستعيذة سَبْعَة أَقْوَال فاستفد ذَلِك مِنْهُ
فَإِنَّهُ لَا يُوجد لَك ذَلِك فِي غَيره
وَفهم مِمَّا ذَكرْنَاهُ أَنه حرم عَلَيْهِ نِكَاح نِكَاح كل امْرَأَة كرهت صحبته وجدير أَن يكون الْأَمر كَذَلِك لما فِيهِ من الْإِيذَاء وَيشْهد لذَلِك إِيجَاب التَّخْيِير الْمُتَقَدّم
وَمن أَصْحَابنَا من قَالَ إِنَّمَا كَانَ يفارقها تكرما
وَهُوَ غَرِيب كَمَا فِي الرَّافِعِيّ
الثَّانِيَة نِكَاح الْحرَّة الْكِتَابِيَّة حرَام عَلَيْهِ
قَالَ الله تَعَالَى {وأزواجه أمهاتهم} الْآيَة
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم (سَأَلت رَبِّي عز وجل أَن لَا أزوج أحدا من أمتى وَلَا أَتزوّج إِلَّا كَانَ معي فِي الْجنَّة فَأَعْطَانِي)
رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من
حَدِيث ابْن أبي أوفى وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد
وَفِي الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث حُذَيْفَة أَنه قَالَ لامْرَأَته إِن سرك أَن تَكُونِي زَوْجَتي فِي الْجنَّة فَلَا تزوجين بعدِي فَإِن الْمَرْأَة فِي الْجنَّة لآخر أزواجها فِي الدُّنْيَا فَلذَلِك حرم على أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن ينكحن بعده لِأَنَّهُنَّ أَزوَاجه فِي الْجنَّة
وَلما تكلم القَاضِي حُسَيْن فِي فضل عَائِشَة رضي الله عنها على فضل فَاطِمَة رضي الله عنها قَالَ إِن فَاطِمَة قَالَت لَهَا أَنا أفضل مِنْك لِأَنِّي بضعَة من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عَائِشَة رضي الله عنها أما فِي أُمُور الدُّنْيَا فَالْأَمْر كَمَا تَقُولِينَ لَكِن الْفَخر فِي الْآخِرَة فَأَنا أكون مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي دَرَجَته فِي الْجنَّة وَأَنت تكونين مَعَ عَليّ فِي دَرَجَته فِي الْجنَّة فانظري الْفضل بَين الدرجتين فَبَكَتْ فَاطِمَة حِين عجزت عَن الْجَواب فَقَامَتْ عَائِشَة وَقبلت رَأسهَا وَقَالَت لَيْتَني شَعْرَة فِي رَأسك
اذا تقرر ذَلِك فالجنة حرَام على الْكَافرين وَلِأَنَّهَا تكره صحبته وَلِأَنَّهُ أشرف من أَن يضع مَاءَهُ فِي رحم كَافِرَة
وَعبارَة القَاضِي حُسَيْن إِنَّه لَا يجوز لَهُ أَن يفرغ مَاءَهُ فِي رَحمهَا وَلِأَن الله تَعَالَى شَرط فِي إِبَاحَة النِّسَاء الْهِجْرَة فَقَالَ (اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك)
فَإِذا حظر عَلَيْهِ عليه الصلاة والسلام غير المهاجرة فَأولى أَن يحرم عَلَيْهِ من لم تسلم وَلم تهَاجر
وَخَالف أَبُو إِسْحَاق من أَصْحَابنَا فَقَالَ لَا يحرم عَلَيْهِ نِكَاحهَا كَمَا فِي حق الْأمة وَحكمه عليه الصلاة والسلام فِي النِّكَاح أوسع من حكم أمته وَهِي حَلَال لَهُم فَلهُ أولى
وَهَذَا الْقَائِل يَقُول لَو نكحت كِتَابِيَّة لهديت إِلَى الْإِسْلَام كَرَامَة لَهُ عليه الصلاة والسلام
وَفِي الْحَاوِي أَنه عليه الصلاة والسلام استمتع بأمته رَيْحَانَة بنت عَمْرو الْيَهُودِيَّة بِملك الْيَمين - وَهِي من سبي بني قُرَيْظَة - بعد أَن عرض عَلَيْهَا الْإِسْلَام فَأَبت ثمَّ أسلمت بعد ذَلِك وَهَذَا دَلِيل للقائل بِجَوَاز التَّسَرِّي بالأمة الْكِتَابِيَّة كَمَا سَيَأْتِي
وعَلى هَذَا الْوَجْه فَهَل عَلَيْهِ تخييرها بَين أَن تسلم فيمسكها أَو تقيم على دينهَا فيفارقها فِيهِ وَجْهَان حَكَاهُمَا
الْمَاوَرْدِيّ
أَحدهمَا نعم لتَكون من زَوْجَاته فِي الْآخِرَة
وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ لما عرض على رَيْحَانَة الْإِسْلَام فَأَبت لم يزلها عَن ملكه وَأقَام على الِاسْتِمْتَاع
الثَّالِثَة فِي تسريه بالأمة الْكِتَابِيَّة الْخلاف الْمَذْكُور قبله لَكِن الْأَظْهر هُنَا الْحل كَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ فِي الْكَبِير وَبِه أجَاب الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَمَا ذَكرْنَاهُ عَن الْمَاوَرْدِيّ فِي رَيْحَانَة يقويه
الرَّابِعَة اخْتلف أَصْحَابنَا فِي تَحْرِيم الْأمة الْمسلمَة على وَجْهَيْن
أَحدهمَا عَن ابْن أبي هُرَيْرَة لَا تحرم عَلَيْهِ كَمَا فِي حق أمته وَهُوَ عليه الصلاة والسلام أوسع نِكَاحا من أمته
وأصحهما يحرم لِأَن جَوَازه مَشْرُوط بخوف الْعَنَت وَهُوَ عليه الصلاة والسلام مَعْصُوم وبفقدان طول الْحرَّة ونكاحه عليه الصلاة والسلام غير مفتقر إِلَى الْمهْر ابْتِدَاء وانتهاء
وَلِأَن من نكح أمة كَانَ وَلَده رَقِيقا ومنصبه عليه الصلاة والسلام منزه عَن عَن ذَلِك
وَبِهَذَا قطع جمَاعَة وَادّعى الْمَاوَرْدِيّ أَنه لَا خلاف فِيهِ
قَالَ الرَّافِعِيّ لَكِن من جوز ذَلِك قَالَ خوف الْعَنَت إِنَّمَا يشْتَرط فِي حق الْأمة وَفِي اشْتِرَاط فقدان الطول تردد
عَن الشَّيْخ أبي مُحَمَّد وَغَيره على وَجه الْجَوَاز قَالَ الإِمَام فَإِن شرطناه لم تجز الزِّيَادَة على أمة وَاحِدَة وَإِلَّا جَازَت
الْخَامِسَة إِذا قُلْنَا بِنِكَاح الْأمة فَأَتَت بِولد لم يكن رَقِيقا على الصَّحِيح وَإِن قُلْنَا بجريان الرّقّ على الْعَرَب على قَول وَفِي لُزُوم قيمَة هَذَا الْوَلَد لسَيِّدهَا وَجْهَان
قَالَ أَبُو عَاصِم الْعَبَّادِيّ نعم رِعَايَة لحقه وَقَالَ القَاضِي حُسَيْن لَا بِخِلَاف ولد الْمَغْرُور لِأَن هُنَاكَ فَاتَ الرّقّ بظنه
وَهنا الرّقّ مُتَعَذر
قَالَ صَاحب الْمطلب وَفِيه نظر مَعَ القَوْل بانعقاده حرا
قَالَ الرَّافِعِيّ ويوافق مَا ذكره القَاضِي وَمَا حَكَاهُ الإِمَام أَنه لَو قدر نِكَاح غرور فِي حَقه عليه الصلاة والسلام لم تلْزمهُ قيمَة الْوَلِيد لِأَنَّهُ - مَعَ الْعلم بِالْحَال - لَا ينْعَقد رَقِيقا كَمَا فِي حق غَيره
قَالَ الإِمَام وَهَذَا هذيان لَا يحل اعْتِقَاده
وطرد الحناطي الْوَجْهَيْنِ فِي أَنه هَل يحل لَهُ نِكَاح الْأمة الْكِتَابِيَّة
قَالَ النَّوَوِيّ فِي أصل الرَّوْضَة وَالْمذهب التَّحْرِيم يَعْنِي الْقطع بِهِ
قَالَ صَاحب الْمطلب وَفِي إِمْكَان تصور نِكَاح الْغرُور وَوَطْء النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيهِ نظر إِذا قُلْنَا إِن وَطْء الشُّبْهَة حرَام مَعَ كَونه لَا إِثْم فِيهِ فَيجوز أَن يصان جَانِبه الْعلي عَن ذَلِك وَيجوز أَن يُقَال الْإِثْم مَفْقُود بِالْإِجْمَاع وَعند الله يصير كَفعل الشَّيْء على النسْيَان وَنَحْوه
قلت والإمساك عَن الْخَوْض فِي هَذَا أسلم وَلَو حذفته لَكَانَ أولى لَكِن تتبعت الْأَصْحَاب فِيهِ