الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقسم الأول
الْمُبَاحَات لَهُ فِي غير النِّكَاح
وَفِيه مسَائِل
الْمَسْأَلَة الأولى الْوِصَال فِي الصَّوْم أُبِيح لَهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْقُضَاعِي دون غَيره من الْأَنْبِيَاء
وَاخْتلف فِيهِ فِي حَقنا
قَالَ صلى الله عليه وسلم لما قيل لَهُ إِنَّك تواصل قَالَ (إِنِّي لست مثلكُمْ إِنِّي أطْعم وأسقى)
// مُتَّفق على صِحَّته //
كَذَا قَالَه الشَّافِعِي وَالْجُمْهُور أَنه من الْمُبَاحَات وَقَالَ الإِمَام هُوَ قربَة فِي حَقه
قَالَ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَفِي هَذَا الحَدِيث دَلِيل على أَن الْأَخْبَار الَّتِي فِيهَا ذكر وضع النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْحجر على بَطْنه كلهَا أباطيل
وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الْحجر لَا الْحجر والحجز طرف الْإِزَار إِذْ الله عز وجل كَانَ يطعم نبيه ويسقيه إِذا وَاصل فَكيف يتْرك جائعا مَعَ عدم الْوِصَال حَتَّى يحْتَاج على شدّ حجر على بَطْنه
وَمَا يُغني الْحجر عَن الْجُوع
قلت قد ذكر هُوَ فِي صَحِيحه حَدِيث ابْن عَبَّاس خرج أَبُو بكر رضي الله عنه بالهاجرة إِلَى الْمَسْجِد فَسمع بذلك عمر - يَعْنِي فَخرج - فَقَالَ يَا أَبَا بكر مَا أخرج هَذِه هَذِه السَّاعَة قَالَ مَا أخرجني إِلَّا مَا أجد من حاق الْجُوع
قَالَ (أَنا وَالله مَا أخرجني غَيره فقوما) ثمَّ ذكر مَا فِي الحَدِيث
(تَنْبِيه) قد اشْتهر عَن كثير من الْعلمَاء الْوِصَال فَلَعَلَّ وصالهم جَاءَ من غير قصد إِلَيْهِ بل اتّفق ترك تنَاول الْمُفطر لغفلة عَنهُ أَو الِاشْتِغَال بالاستغراق فِي المعارف وَنحن نشاهد التّرْك عِنْد اشْتِغَال الْقلب بِمَا يسر أَو يحزن فَكيف بذلك على هَذَا تكون الخصوصية لَهُ صلى الله عليه وسلم على كل أمته لَا على أحد أفرادها وَالنَّهْي توجه بِحَسب الْمَجْمُوع لِأَنَّهُ مشرع نبه عَلَيْهِ صَاحب الْمطلب
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة اصطفاء مَا يختاره من الْغَنِيمَة قبل قسمتهَا من جَارِيَة أَو غَيرهَا وَيُسمى الْمُخْتَار الصفي والصفية وَالْجمع الصفايا
وَمن صفاياه صلى الله عليه وسلم صَفِيَّة بنت حييّ اصطفاها وأعتقها وَتَزَوجهَا كَمَا أخرج
البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث أنس رضي الله عنه وَفِي سنَن أبي دَاوُد من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا من الصفي وَأخرجه عَن قَتَادَة أَيْضا
قَالَ أَبُو عمر سهم الصفي مَشْهُور فِي صَحِيح الْآثَار مَعْرُوف
عِنْد أهل الْعلم وَلَا يخْتَلف أهل السّير فِي أَن صَفِيَّة مِنْهُ
وَأجْمع الْعلمَاء على أَنَّهَا خَاص بِهِ
قلت حكى الْقُرْطُبِيّ عَن بعض الْعلمَاء أَنه قَالَ هُوَ للأئمة بعده
وَاعْلَم أَن فِي الصَّحِيح أَيْضا أَنَّهَا صَارَت لدحية الْكَلْبِيّ فاشتراها بسبعة رُؤُوس فَيحْتَاج إِلَى تَأْوِيل مَا قَالَه أهل السّير أَو إِلَى تَأْوِيلهَا
وَقد يُجَاب أَن الشِّرَاء لَيْسَ على حَقِيقَته
وَذكر الرَّافِعِيّ أَن ذَا الفقار كَانَ من الصفي
وروى أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة من حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَنه عليه الصلاة والسلام تنفله يَوْم بدر
قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَأخرجه الْحَاكِم وَقَالَ إِنَّه صَحِيح الْإِسْنَاد
قَالَ وَالْأَخْبَار أَنه من خَيْبَر واهية
وَفِي الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِإِسْنَاد ضَعِيف أَن الْحجَّاج بن علاط أهداه لَهُ
والفقار مَفْتُوح الْفَاء قَالَ الْخطابِيّ والعامة تكسرها وأصل الفقار عِظَام الظّهْر ومفرده فقارة بِالْفَتْح وفقرة
قَالَ ابْن الْأَثِير فِي نهايته هِيَ خَرَزَات الظّهْر
قَالَ وَفِي حَدِيث زيد بن ثَابت (مَا بَين عجب الذَّنب إِلَى فقاره وَاحِد وَثَلَاثُونَ دِينَارا)
(فَائِدَة) هَذَا السَّيْف كَانَ للعاص بن مُنَبّه أَولا فَقتل وَأَخذه عليه الصلاة والسلام وَأَعْطَاهُ لعَلي رضي الله عنه وانتقل فِي أَوْلَاده
وَرَآهُ
الْأَصْمَعِي عِنْد الرشيد مُتَقَلِّدًا وَبِه ثَمَان عشرَة فقارة
وَحكى الإِمَام قبل كتاب قسم الصَّدقَات وَجْهَيْن فِي أَن الصفي كَانَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم خَارِجا من سَهْمه أَو كَانَ محسوبا عَلَيْهِ من سَهْمه
الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة الاستبداد بِخمْس من خمس الْفَيْء وَالْغنيمَة وبأربعة أَخْمَاس الْفَيْء مُنْفَرد بذلك وَله مَعَ خمس الْغَنِيمَة سهم كسهام الْغَانِمين
قَالَ تَعَالَى وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه
…
الْآيَة
وَعَن عَمْرو بن عَنْبَسَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (لَا يحل لي من غنائمكم مثل هَذَا إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود فِيكُم)
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِم وَهُوَ على شَرط البُخَارِيّ
وَادّعى الْمَاوَرْدِيّ أَنه كَانَ لَهُ أَولا جَمِيع الْفَيْء كَمَا كَانَ لَهُ جَمِيع الْغَنِيمَة وَلم يزل الْأَمر على ذَلِك إِلَى أَن أنزل الله تَعَالَى {مَا أَفَاء الله على رَسُوله} الْآيَة
وَفِي الْغَنِيمَة وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء
…
الْآيَة
ووراء ذَلِك (وَجه) يُشِير إِلَيْهِ كَلَام الفوراني إِن الْخمس من الْخمس يصرف بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى خَليفَة الزَّمَان قَالَ الإِمَام وَلم يَصح عِنْدِي نسبته إِلَى أحد من الْأَصْحَاب وعَلى هَذَا الْوَجْه - إِن صَحَّ - لَا خُصُوصِيَّة
وأفاده صَاحب الْمُغنِي من الْحَنَابِلَة أَن لَهُ عليه الصلاة والسلام خمس الْخمس وَإِن لم يحضر
الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة دُخُول مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام
نَقله صَاحب التَّلْخِيص وَغَيره
وَفِي جَوَازه لغيره من غير عذر خلاف
وَدَلِيل مَا ذَكرْنَاهُ مَا أخرجه مُسلم من حَدِيث جَابر رضي الله عنه (أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دخل يَوْم فتح مَكَّة وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوْدَاء من غير إِحْرَام) وَعبر الْقُضَاعِي فِي عُيُون المعارف بِالْحرم بدل مَكَّة وَهُوَ المُرَاد هُنَا وَذكر أَن ذَلِك مِمَّا خص بِهِ دون من قبله من الْأَنْبِيَاء
وَذكر ابْن الرّفْعَة فِي الْكِفَايَة فِي أَوَائِل الْحَج وَغَيره أَن من دخل مَكَّة مُقَاتِلًا لباغ أَو قَاطع طَرِيق أَو خَائفًا من ظَالِم لَا يلْزمه الْإِحْرَام
وَاسْتدلَّ بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام دخل مَكَّة عَام الْفَتْح وعَلى رَأسه المغفر وَلَو كَانَ محرما لم يلْبسهُ وَقد كَانَ خَائفًا من غدر الْكفَّار وَعدم قبولهم الصُّلْح الْوَاقِع بَينه وَبَين أبي سُفْيَان
وَقد علمت أَن الِاسْتِدْلَال بذلك لَيْسَ بجيد لأجل هَذِه الخصوصية الْوَاقِعَة فِي حَقه صلى الله عليه وسلم ثمَّ قَوْله وَلَو كَانَ محرما لم يلْبسهُ وَقد كَانَ خَائفًا من غدرهم كَلَام لَا يلتئم
فَإِن الْمحرم الْخَائِف يُبَاح لَهُ اللّبْس قطعا وَحَدِيث جَابر الَّذِي سقناه صَرِيح فِي الدّلَالَة
ثمَّ تَعْلِيله ترك الْإِحْرَام واللبس بالخوف كَيفَ يلتئم مَعَ قَوْله تَعَالَى {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} الْآيَة
وَفِي الحَدِيث لما نزلت هَذِه الْآيَة ترك الحرس
الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة الْقَتْل فِي الْحرم
فَإِنَّهُ قتل ابْن خطل وَهُوَ مُتَعَلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة كَذَا رَأَيْت فِي التَّلْخِيص لِابْنِ الْقَاص وَتَبعهُ الْقُضَاعِي وَقَالَ إِنَّه خص بِهِ من بَين سَائِر الْأَنْبِيَاء
وَفِي الخصوصية نظر
لِأَن ابْن خطل صَاحب جرم وَالْحرم لَا يعيذ عَاصِيا وَلَا فَارًّا بِدَم وَلَا فَارًّا
بخربة كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح
وَقد قيل إِن ابْن خطل كَانَ قد بَعثه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي وَجه مَعَ رجل من الْأَنْصَار أَمر عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق وثب على أميره الْأنْصَارِيّ فَقتله
الْمَسْأَلَة السَّادِسَة أَن مَاله لَا يُورث عَنهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم (لَا نورث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة)
// مُتَّفق على صِحَّته من حَدِيث جمَاعَة //
ثمَّ فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا أَنه صَدَقَة للْحَدِيث الْمَذْكُور وَبِه قطع أَبُو الْعَبَّاس الرَّوْيَانِيّ وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الصَّغِير إِنَّه الْمَشْهُور وعَلى هَذَا هَل يكون وَقفا على ورثته فِيهِ وَجْهَان حَكَاهُمَا أَبُو الْعَبَّاس أَيْضا فَإِن جَعَلْنَاهُ وَقفا فَهَل هُوَ الْوَاقِف فِيهِ وَجْهَان لقَوْله فِي الحَدِيث (مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة) وأصحهما عِنْد الإِمَام أَنه بَاقٍ على ملكه ينْفق مِنْهُ على أَهله كَمَا كَانَ عَلَيْهِ
الصَّلَاة وَالسَّلَام يُنْفِقهُ فِي حَيَاته
وَوَجهه الإِمَام بِأَن الْأَنْبِيَاء أَحيَاء
قَالَ وَكَذَلِكَ كَانَ الصّديق رضي الله عنه ينْفق مِنْهُ على أَهله وخدمه ويصرفه فِيمَا كَانَ يصرفهُ فِيهِ فِي حَيَاته
قَالَ النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة وكل هَذَا ضَعِيف وَالصَّوَاب الْجَزْم بِأَنَّهُ زَالَ ملكه عَنهُ عليه الصلاة والسلام وَأَن مَا تَركه فَهُوَ صَدَقَة على الْمُسلمين لَا يخْتَص بِهِ الْوَرَثَة وَكَيف يَصح غير ذَلِك مَعَ الحَدِيث الصَّحِيح فَإِنَّهُ نَص على زَوَال الْملك
ثمَّ اعْلَم أَن الرَّافِعِيّ ذكر فِي الْبَاب الأول من قسم الْفَيْء وَالْغنيمَة أَن خمس الْفَيْء كَانَ لَهُ عليه الصلاة والسلام ينْفق مِنْهُ على نَفسه وَأَهله
وَفِي مَصَالِحه وَلم يكن يملكهُ وَلم ينْتَقل مِنْهُ إِلَى غَيره إِرْثا وَهَذَا حكم مِنْهُ بِأَن جِهَة الْإِنْفَاق غير مَمْلُوكَة خلاف مَا ذكره هُنَا
وَمن غَرِيب مَا ذكره صَاحب الْبَيَان فِي آخر إحْيَاء الْموَات عَن الشَّيْخ أبي حَامِد
أَن بَعضهم قَالَ إِنَّه عليه الصلاة والسلام مَا كَانَ يملك شَيْئا وَلَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْملك وَإِنَّمَا أُبِيح لَهُ مَا يَأْكُلهُ وَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ
وَغلط الشَّيْخ أَبُو حَامِد لقَوْله تَعَالَى {مَا أَفَاء الله على رَسُوله} الْآيَة وَقد أعتق صَفِيَّة واستولد مَارِيَة
ثمَّ هَهُنَا أُمُور
أَحدهَا عد الْغَزالِيّ وَالْإِمَام هَذِه الْخصْلَة من جملَة التخفيفات
قَالَ الرَّافِعِيّ كَأَن الْمَعْنى فِيهِ أَن جعلهَا صَدَقَة تورث زِيَادَة الْقرْبَة وَرفع الدَّرَجَات وَالْأَكْثَرُونَ عدوها من الكرامات
هوالرابع من خَصَائِصه صلى الله عليه وسلم وَتوجه مَا ذكره الإِمَام وَالْغَزالِيّ بِأَنَّهُ
يجوز أَن يكون لَهُ التَّصَدُّق يجميع مَاله بعد مَوته بِخِلَاف أمته كَمَا أبداه بَعضهم بحثا
ثَانِيهَا هَذَا لَيْسَ خَاصّا بِهِ صلى الله عليه وسلم من بَين سَائِر الْأَنْبِيَاء عليهم السلام
فَفِي السّنَن الْكُبْرَى للنسائي من حَدِيث الزبير وَغَيره (إِنَّا معشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث مَا تَرَكْنَاهُ فَهُوَ صَدَقَة)
نعم يمتاز بِهِ من بَين أمته
وَأما الْقُضَاعِي فَلَمَّا ذكر خَصَائِصه من بَين سَائِر الْأَنْبِيَاء قَالَ وَمِنْهَا أَن مَاله كَانَ بعد مَوته قَائِما على نَفَقَته وَملكه
ثَالِثهَا مَا الْحِكْمَة فِي كَون الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يورثون
فِيهِ أوجه أَحدهَا لِئَلَّا يتَمَنَّى قريبهم مَوْتهمْ فَيهْلك بذلك
ثَانِيهَا لِئَلَّا ينفر النَّاس عَنْهُم ويظنوا فيهم الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا وَجَمعهَا لوراثهم بهم
ثَالِثهَا لِئَلَّا يفتن بعض الَّذين أَسْلمُوا وتابعوهم بظنهم فيهم الرَّغْبَة وَالْجمع لوراثهم
رَابِعهَا مَا الْجَواب عَن قَوْله تَعَالَى فَهَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي
وَيَرِث من آل يَعْقُوب) الْآيَة
وَقَوله تَعَالَى {وَورث سُلَيْمَان دَاوُد} الْآيَة
قلت المُرَاد الوراثة فِي النُّبُوَّة وَالْعلم وَالدّين لَا فِي المَال
وَفِي هَذَا رد على مَا حَكَاهُ القَاضِي عِيَاض عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ عدم الْإِرْث مِنْهُم يخْتَص بنبينا صلى الله عليه وسلم
وَاسْتدلَّ بِالْآيَةِ الأولى وَزعم أَن المُرَاد وراثة المَال
قَالُوا وَلَو أَرَادَ وراثة النُّبُوَّة لم يقل {وَإِنِّي خفت الموَالِي من ورائي} إِذْ لَا يخَاف الموَالِي على النُّبُوَّة ثمَّ اسْتدلَّ بِالْآيَةِ الْأُخْرَى
وَالصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ جَمِيع الْعلمَاء أَن جَمِيع الْأَنْبِيَاء لَا يورثون ويؤول ذَلِك بِمَا سبق
خَامِسهَا قَوْله صلى الله عليه وسلم (صَدَقَة) هُوَ مَرْفُوع خلافًا للإمامية حَيْثُ نصبوه قَالُوا وَيُورث - بمثناة تَحت - أَي مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة فَلَا يُورث
(تَنْبِيه) هَل يَرث لم أر فِيهِ نقلا لَكِن فِي كتاب مُشكل الحَدِيث فِي أواخره قَالُوا حَدِيث ينْقضه الْقُرْآن
قَالُوا رويتم أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ (إِنَّا معاشر الْأَنْبِيَاء لَا نورث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة وَمن الدَّلِيل أَيْضا على أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يُورث أَنه كَانَ لَا يَرث
بعد أَن أوحى الله إِلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَت وراثته أَبَوَيْهِ قبل الْوَحْي
قلت وَآيَة الْمَوَارِيث لم تشهد للسياق قبلهَا وَبعدهَا وَالْخطاب فِيهَا للموروث وَالْوَارِث
وَفِي عُيُون الْمسَائِل من لَا وَارِث بِمَالِه فِي قَوْله عليه الصلاة والسلام (أَنا وَارِث من لَا وَارِث لَهُ أَعقل عَنهُ وَأَرِثهُ)
أَنه خبر مَتْرُوك الظَّاهِر لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَا يَرث وَلَا يعقل بِالْإِجْمَاع
قلت إِن مَعْنَاهُ أَنه لَا يَأْخُذ المَال أَخذ الْوَارِث إِذا خلا المَال عَن الِاسْتِحْقَاق وَالْمُوصى لَهُ مُسْتَحقّ المَال إِذا إِذا خلا
الْمَسْأَلَة السَّابِعَة كَانَ لَهُ صلى الله عليه وسلم أَن يقْضِي بِعِلْمِهِ وَفِي غَيره خلاف
وَاسْتدلَّ لَهُ الْبَيْهَقِيّ بِقصَّة هِنْد فِي الصَّحِيحَيْنِ وَقَوله صلى الله عليه وسلم (يَكْفِيك وولدك بِالْمَعْرُوفِ) وَهَذَا بِنَاء على أَنه قَضَاء لَا فتيا وَفِي ذَلِك اضْطِرَاب أوضحته فِي شرح الْعُمْدَة
الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة كَانَ لَهُ صلى الله عليه وسلم أَن يحكم لنَفسِهِ ولولده على الْأَصَح
لِأَنَّهُ مَعْصُوم
وَفِي غَيره وَجه فِي حكمه لوَلَده حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ وَحكى مَعَه وَجها آخر أَنه يجوز بِالْإِقْرَارِ دون الْبَيِّنَة للتُّهمَةِ فِي تسامحه بتعديلها وَجعل الْقُضَاعِي هَذِه الخصوصية والآتية بعْدهَا مِمَّا خص بهما من دون سَائِر الْأَنْبِيَاء
(فرع) كَانَ لَا يكره فِي حَقه الْفَتْوَى وَالْحكم فِي حَال الْغَضَب لِأَنَّهُ لَا يخَاف عَلَيْهِ مَا يخَاف علينا ذكره النَّوَوِيّ فِي شَرحه لمُسلم فِي كتاب اللّقطَة
الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة كَانَ يقبل شَهَادَة من يشْهد لَهُ كَمَا قبل شَهَادَة خُزَيْمَة لنَفسِهِ وقصته فِي أبي دَاوُد وَالْحَاكِم وصححهما وَخَالف ابْن حزم
فأعلها
وَادّعى صَاحب الْمطلب أَنَّهَا فِي الصَّحِيح مَشْهُورَة وَمُقْتَضى إِطْلَاق الْحَاوِي الصَّغِير أَن من خَصَائِصه أَيْضا قبُول شَهَادَة من يشْهد لوَلَده أَيْضا وَبِه صرح الْبَارِزِيّ فِي تَوْضِيحه الْكَبِير
(فرع) لَهُ أَيْضا أَن يشْهد لنَفسِهِ ولولده صلى الله عليه وسلم
(فرع) لَو قَالَ عليه السلام لفُلَان على فلَان كَذَا هَل للسامع أَن يشْهد لفُلَان على كَذَا فِيهِ وَجْهَان عَن رَوْضَة الْحُكَّام للْقَاضِي شُرَيْح
الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة كَانَ لَهُ صلى الله عليه وسلم أَن يحمي لنَفسِهِ وَلم يَقع ذَلِك مِنْهُ وَلَو وَقع لَكَانَ ذَلِك أَيْضا لمصْلحَة الْمُسلمين لِأَن مَا كَانَ مصلحَة لَهُ فَهُوَ مصلحَة لَهُم
وَلَيْسَ للأئمة بعده وَلَا لغَيرهم أَن يحموا لأَنْفُسِهِمْ كَمَا هُوَ مُقَرر فِي مَوْضِعه من كتب الْفِقْه وَذكر الْقُضَاعِي هَذِه الخصيصة فِيمَا خص بِهِ دون من قبله من الْأَنْبِيَاء
(فرع) مَا حماه صلى الله عليه وسلم للْمُسلمين لَا ينْقض بِحَال لِأَنَّهُ نَص وَقيل إِن بقيت الْحَاجة الَّتِي حمى لَهَا لم ينْقض وَإِن زَالَت فَوَجْهَانِ وَالأَصَح الْمَنْع أَيْضا لِأَنَّهُ تَغْيِير الْمَقْطُوع بِصِحَّتِهِ بِاجْتِهَاد
أما الإِمَام بعده فَلهُ نقض حماه للْحَاجة على الْأَصَح
الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشرَة لَهُ عليه الصلاة والسلام أَن يَأْخُذ الطَّعَام وَالشرَاب من مالكهما الْمُحْتَاج إِلَيْهِمَا إِذا احْتَاجَ إِلَيْهِمَا وَإِن كَانَ مالكهما مُحْتَاجا وَعَلِيهِ الْبَذْل ويفدي مهجته بمهجته عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام
قَالَ تَعَالَى {النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم}
وَمثله مَا ذكره الفوراني وَإِبْرَاهِيم الْمَرْوذِيّ وَغَيرهمَا أَنه لَو قَصده ظَالِم وَجب على من حَضَره أَن يبْذل نَفسه دونه صلى الله عليه وسلم أَي كَمَا وَقَاه
طَلْحَة بن عبيد الله رضي الله عنه بِنَفسِهِ يَوْم أحد
وعد الْقُضَاعِي هَذِه الخصوصية مِمَّا خص بهَا دون غَيره من الْأَنْبِيَاء
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة أَنه يجب على أمته أَن يحبوه أَعلَى دَرَجَات الْمحبَّة كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح أَنه عليه الصلاة والسلام قَالَ (لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من أَهله وَمَاله ووالده وَولده وَالنَّاس أَجْمَعِينَ)
وَأَسْبَاب الْمحبَّة الإجلال والإعظام والكمال فِي الصِّفَات
المعنوية وَالْحسن والإشفاق وَهِي كلهَا مَوْجُودَة فِي حَقه عليه الصلاة والسلام فَوَجَبت لَهُ الْمحبَّة الْكَامِلَة
(فرع) قَالَ القَاضِي حُسَيْن يجب على الْمَرْء أَن يكون جزعه وحزنه وقلقه على فِرَاق النَّبِي صلى الله عليه وسلم من الدُّنْيَا أَكثر من حزنه على فِرَاق أَبَوَيْهِ كَمَا يجب عَلَيْهِ أَن يكون عِنْده أحب إِلَيْهِ من نَفسه وَأَهله وَمَاله
الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة كَانَ لَا ينْتَقض وضوءه بِالنَّوْمِ بِخِلَاف غَيره لِأَن كَانَت تنام عَيناهُ وَلَا ينَام قلبه كَمَا ورد فِي الصَّحِيح
وَفِيه إِشَارَة
على أَن نوم الْعين الْمُجَرَّدَة لَا ينْقض الْوضُوء وَفِيه (وَجه غَرِيب أَنه ينْقض كأمته)
(فَائِدَة) عد الْقُضَاعِي هَذِه الخصوصية وَهِي نوم عَيْنَيْهِ دون قلبه مِمَّا خص بِهِ دون الْأَنْبِيَاء قبله
وَوهم فِيهِ فَفِي صَحِيح البُخَارِيّ من حَدِيث أنس فِي قصَّة الْإِسْرَاء (وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاء تنام أَعينهم وَلَا تنام قُلُوبهم)
(فَائِدَة) ذكر القَاضِي عِيَاض فِي الشِّفَاء فِي أَوَائِل الْبَاب الثَّالِث فِي الْكَلَام على شقّ الْبَطن أَن فِي رِوَايَة إِن جِبْرِيل قَالَ قلب وَكِيع - أَي شَدِيد - فِيهِ عينان تبصران وأذنان سميعتان
الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة فِي انْتِقَاض وضوئِهِ باللمس وَجْهَان
قَالَ النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة وَالْمذهب الْجَزْم بانتقاضه
قلت لَكِن فِي النَّسَائِيّ الْكَبِير من حَدِيث الْقَاسِم عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
ليُصَلِّي وَإِنِّي لمعترضة بَين يَدَيْهِ إعتراض الْجِنَازَة حَتَّى إِذا أَرَادَ أَن يُوتر مسني بِرجلِهِ
وَإِسْنَاده صَحِيح جليل وَظَاهره يُؤَيّد عدم النَّقْض
وَفِي مُسْند الْبَزَّار من حَدِيث عبد الْكَرِيم الْجَزرِي الْجَزرِي عَن عَطاء عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نِسَائِهِ ثمَّ يخرج إِلَى
الصَّلَاة وَلَا يتَوَضَّأ ثمَّ قَالَ لَا نعلمهُ يرْوى عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا من رِوَايَة عَائِشَة وَلَا نعلمهُ يرْوى عَنْهَا إِلَّا من حَدِيث حبيب عَن عُرْوَة وَمن حَدِيث عبد الْكَرِيم عَن عَطاء
قَالَ عبد الْحق وَلَا أعلم لهَذَا الحَدِيث عِلّة توجب تَركه وَلَا أعلم فِيهِ أَكثر من قَول يحيى بن معِين حَدِيث عبد الْكَرِيم عَن عَطاء حَدِيث فردي لِأَنَّهُ غير مَحْفُوظ
وانفراد الثِّقَة بِالْحَدِيثِ لَا يضر فإمَّا أَن يكون قبل أَن تنزل الْآيَة أَو يكون أَن الْمُلَامسَة الْجِمَاع كَمَا قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا
وَاحْتج الشَّافِعِي رضي الله عنه بِحَدِيث لمس عَائِشَة أَخْمص قَدَمَيْهِ على أَن طهر الملموس لَا ينْتَقض وَهَذَا يُؤذن بِانْتِفَاء الخصوصية وَإِلَّا لما حسن الِاحْتِجَاج بِهِ
الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة كَانَ يجوز لَهُ أَن يدْخل الْمَسْجِد جنبا
قَالَه صَاحب التَّلْخِيص وَفِيه حَدِيث فِي التِّرْمِذِيّ حسنه مَعَ الغرابة من طَرِيق أبي سعيد (يَا عَليّ لَا يحل لأحد أَن يجنب فِي هَذَا الْمَسْجِد غَيْرِي وَغَيْرك)
قلت وَفِي حسنه نظر فَفِيهِ سَالم بن أبي حَفْصَة وعطية الْعَوْفِيّ وهما ضعيفان جدا شيعيان متهمان
وَرَوَاهُ الْبَزَّار من حَدِيث
سعد بن أبي وَقاص وَالطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه من حَدِيث أم سَلمَة
قلت وَمُقْتَضى الحَدِيث اشْتِرَاك عَليّ رضي الله عنه مَعَه فِي ذَلِك وَلم يقل بِهِ أحد من الْعلمَاء
وَذكر التِّرْمِذِيّ عقب إِيرَاده الحَدِيث عَن ضرار بن صرد أَن معنى الحَدِيث لَا يحل لأحد يَسْتَطْرِقهُ جنبا غَيْرِي وَغَيْرك
وَهَذَا التَّفْسِير فِيهِ نظر لِأَن هَذَا الحكم لَا يخْتَص بِهِ بل أمته كَذَلِك وَأما الْقفال فَإِنَّهُ لَا يسلم ذَلِك لصَاحب التَّلْخِيص بل قَالَ لَا أَظُنهُ صَحِيحا
وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ هَذَا الَّذِي قَالَه صَاحب التَّلْخِيص هوس لَا نَدْرِي من أَيْن قَالَه وَلَا إِلَى أَي أصل أسْندهُ فَالْوَجْه القَوْل بتخطئته
قلت إِسْنَاده إِلَى رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وتحسينه لَهُ وَذَلِكَ هُوَ غَايَة الْفَقِيه فَلَا وَجه لتخطئته وَقد قوى النووى مقَالَته
وَذكر الْقُضَاعِي هَذِه الخصوصية فِيمَا خص بهَا من بَين سَائِر الْأَنْبِيَاء وَعبر باللبث دون الدُّخُول فَقَالَ وَمِنْهَا أَنه أُبِيح لَهُ اللّّبْث فِي الْمَسْجِد فِي حَال جنابته
الْمَسْأَلَة السَّادِسَة عشرَة قَالَ ابْن الْقَاص كَانَ يجوز لَهُ صلى الله عليه وسلم أَن يلعن شَيْئا من غير سَبَب يَقْتَضِيهِ لِأَن لعنته رَحْمَة
واستبعده الْأَئِمَّة لَكِن فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ (اللَّهُمَّ إِنِّي اتَّخذت عنْدك عهدا لن تخلفنيه فَإِنَّمَا أَنا بشر فَأَي الْمُؤمنِينَ آذيته أَو شتمته أَو لعنته فاجعلها لَهُ زَكَاة وَصَلَاة وقربة تقربه بهَا إِلَيْك يَوْم الْقِيَامَة) وَفِي رِوَايَة لَهما (إِنَّمَا أَنا بشر أغضب كَمَا يغْضب الْبشر فأيما
رجل من الْمُسلمين سببته أَو لعنته أَو جلدته فاجعلها لَهُ صَلَاة وَزَكَاة وقربة تقربه بهَا إِلَيْك يَوْم الْقِيَامَة وَاجعَل ذَلِك كَفَّارَة لَهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة)
قَالَ الرَّافِعِيّ وَهَذَا قريب من جعل الْحُدُود كَفَّارَات لأَهْلهَا قَالَ الْعلمَاء وَذَلِكَ فِي حق الْمُسلمين كَمَا نطق بِهِ الْخَبَر فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام دَعَا على الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَلم يكن لَهُم رَحْمَة فَإِن قيل إِن كَانَ
يسْتَحق الدُّعَاء فَكيف يَجْعَل رَحْمَة لَهُم وَإِن كَانَ لَا يسْتَحقّهُ فَكيف يَدْعُو عليه الصلاة والسلام من لَا يسْتَحق الدُّعَاء فَالْجَوَاب من أوجه
أَحدهَا أَنه يجوز أَن يكون مُسْتَحقّا للدُّعَاء عَلَيْهِ شرعا
وَلَكِن رأفته عليه الصلاة والسلام وشفقته تَقْتَضِي أَن يَدْعُو لَهُ لارتكاب مَا نهى عَنهُ
والعاصي أولى وأحق أَن يدعى لَهُ وَقد يكون الدُّعَاء عَلَيْهِ سَببا لزِيَادَة عصيانه
وَثَانِيها يجوز أَن لَا يكون مُسْتَحقّا للدُّعَاء فِي الْبَاطِن وَهُوَ مُسْتَحقّ لَهُ فِي الظَّاهِر وَهُوَ عليه الصلاة والسلام إِنَّمَا يحكم بِالظَّاهِرِ
وَثَالِثهَا يجوز أَن يكون المُرَاد بِهِ مَا صدر مِنْهُ على صِيغَة الدُّعَاء واللعن والسب وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ حَقِيقَته كَمَا جرت بِهِ عَادَة الْعَرَب فِي كَلَامهَا
كَقَوْلِه تربت يَمِينك وعقري حلقي
فخشي عَلَيْهِ الصَّلَاة
وَالسَّلَام أَن يُصَادف شَيْء من ذَلِك إِجَابَة فَسَأَلَ الله أَن يَجْعَل ذَلِك رَحْمَة وَكَفَّارَة
فَإِن قيل معنى الحَدِيث السالف (إِنَّمَا أَنا بشر أغضب كَمَا يغْضب الْبشر) وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَن السب واللعن للغضب قلت قَالَ
الْمَاوَرْدِيّ يحْتَمل أَنه عليه الصلاة والسلام أَرَادَ أَن دعاءه وسبه وَجلده كَانَ مِمَّا خير فِيهِ بَين أَمريْن أَحدهمَا هَذَا وَالثَّانِي زَجره بِأَمْر آخر يحملهُ الْغَضَب لله تَعَالَى على أحد الْأَمريْنِ الْمُخَير فيهمَا وَهُوَ السب واللعن وَالْجَلد فَلَيْسَ ذَلِك خَارِجا عَن حكم الشَّرْع
وَمعنى اجْعَلْهَا صَلَاة أَي رَحْمَة كَمَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى
وعد الْقُضَاعِي هَذِه الخصيصة مِمَّا خص بهَا دون الْأَنْبِيَاء قبله
الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة قَالَ ابْن الْقَاص وَكَانَ يجوز لَهُ الْقَتْل بعد الْأمان قَالَ الرَّافِعِيّ وخطؤوه فِيهِ وَقَالُوا من يحرم عَلَيْهِ خَائِنَة الْأَعْين كَيفَ يجوز لَهُ قتل من أَمنه قلت لَا جرم حذفهَا من الرَّوْضَة وقصة ابْن خطل لَا يُنَافِيهِ فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ (من دخل الْمَسْجِد فَهُوَ آمن وَكَانَ أراق دَمه فَقيل لَهُ ابْن خطل مُتَعَلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة فَقَالَ (اقْتُلُوهُ)