الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تدل قرائن الأحوال على أن وقوع المصحف في أيدي الأعداء كان مظنة فتنة في العصر الأول لقلة المصاحف، فيخشى أن يغيروا فيه ويحرفوا ليطعنوا فيه، ويشككوا من شاءوا فيما في أيدي المسلمين، ثم كثرت المصاحف وعمت الآفاق، ويوجد منها ألوف في جميع بلاد الكفار، ولكن أمنت الفتنة، وأتم الله وعده بحفظ كتابه. اهـ.
وعلى هذا لا مانع من السفر به إلى الكفار؛ لانتشاره بعد ظهور المطابع، وقد ترجموه عدة تراجم، وفي بعضها الكثير من تغيير مدلوله، فالأولى الانتباه لذلك. والله أعلم.
هل الإنسان مخير أم مسير؟
س29: هل الإنسان مخير أم مسير
؟
الجواب: نقول: الإنسان مسير ومخير، وذلك أن الله -تعالى- قدر عليه ما يقع منه وما يفعله، وهو مع ذلك أعطاه قدرة واستطاعة بها يزاول الأعمال ويختار ما يفعله مما يثاب عليه أو يعاقب، والله -تعالى- قادر على أن يرده إلى الهدى، ودليل ذلك قوله -تعالى-:{وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ} (1)، وفي الحديث: «اعملوا،
(1) سورة الزمر، الآيتان: 36، 37.
فكل ميسر لما خلق له. وقرأ قوله -تعالى-: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (1) الآية»، فأثبت له عملا وهو العطاء والتقوى والتصديق، وأخبر بأن الله -تعالى- هو الذي يسره أي: أعانه وقواه، فلو شاء لأضله وسلط عليه من يصرفه عن الحق، فهو الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء.
ومذهب أهل السنة أن ما يقع من المعاصي والمخالفات كلها بإرادة الله -تعالى- الإرادة الكونية القدرية، بمعنى أن الله خلقها وأوجدها مع أنه يكرهها، ولا يحب أهلها بل يعاقبهم عليها، فتنسب إلى العبد الذي عملها وباشرها، ويوصف بأنه مذنب وكافر وفاجر وفاسق، ومع هذا فإن الله -تعالى- هو الذي قدرها وكونها، فلو شاء لهدى الناس جميعا، فلله الحكمة في خلقه وأمره، فلا يكون في ملكه ما لا يريد.
وقد ذهب المعتزلة إلى إنكار قدرة الله -تعالى- على أفعال العباد، بل عندهم العبد هو الذي يضل ويهتدي، فقدرته أقوى من قدرة الرب.
وخالفهم الجبرية، فبالغوا في إثبات قدرة الرب، وسلبوا العبد قدرته واختياره، وجعلوه مقسورا لا حركة له ولا اختيار.
وتوسط أهل السنة فقالوا: إن للعباد قدرة على أعمالهم، ولهم إرادة تمكنهم من فعلها، والله -تعالى- خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم؛ حتى لا تبطل شريعة الله وأمره ونهيه، ولا ينفى فعله وعموم قدرته لكل شيء. والله أعلم.
(1) سورة الليل، الآيات: 5 - 7.