الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فسكت على روايته عن أبي أمامة في "تهذيبه"، لكنه قال في "تحفة الأشراف" (4855) :" ولم يسمع منه ".
ثم استدركت بأن أبا كبشة السلولي رحمه الله تابعي من الثانية كما في "التقريب"(8321) ، وليس صحابياً كما ذهب وهمي فيما تقدم.
وجميع من ذكرهم المزي من شيوخ حسان بن عطية إنما هم تابعيون، منهم: خالد ابن معدان، وسعيد بن المسيب، وأبي قلابة الجرمي، وعمرو بن شعيب، ومحمد بن المنكدر، ونافع.
فثبت ما أردت، والحمد لله على توفيقه.
والحديث المعضل يعرف آحاد طلبة هذا العلم الشريف قيمته ومرتبته.
11 ـ أثر معقل بن يسار رضي الله عنه
ـ: أنظر رقم (6) . ويظهر أن مخرجه ولفظه هو والمرفوع سواء عند ابن نصر. فالله أعلم.
12 ـ أثر أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي رحمه الله
ـ:
قال الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله في "الشعب"(2467) : " أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، ثنا سعدان بن نصر، ثنا معمر عن الخليل بن مرة عن أيوب السختياني عن أبي قلابة قال: من حفظ عشر آيات من الكهف عصم من فتنة الدجال، ومن قرأ الكهف في يوم الجمعة حفظ من الجمعة إلى الجمعة، وإن أدركه الدجال
لم يضره، وجاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر، ومن قرأ يس غفر له، ومن قرأها وهو جائع شبع، ومن قرأها وهو ضال هدي، ومن قرأها وله ضالة وجدها، ومن قرأها على طعام خاف قلته كفاه، ومن قرأها عند ميت هون عليه، ومن قرأها عند امرأة عسر (1) عليها ولدها يسر عليها، ومن قرأها فكأنما قرأ القرآن إحدى عشرة مرة. ولكل شيء قلب، وقلب القرآن يس ".
وقال البيهقي ـ عقبه ـ: " هذا نقل إلينا بهذا الإسناد من قول أبي قلابة، وكان من كبار التابعين، ولا يقوله ـ إن صح ذلك عنه ـ إلا بلاغاً ".
قلت: كذا قال ـ عفا الله عنه ـ وما صح هذا الكلام عن أبي قلابة رحمه الله بل هو ظاهر النكارة لاسيما العبارات المتعلقة منه بفضل يس، وإسناده واهٍ.
الخليل بن مرة، قال البخاري:" فيه نظر ".
وقال ـ أيضاً ـ هو وابن حبان: " منكر الحديث " وقال ابن عدي: " ضعيف جداً ". وقد تعرضتُ له ـ بأطول مما هنا ـ في "تبييض الصحيفة"(2/48)
(1) أثبتها محقق "الشعب": " يخشى "، وقال:" من (ب) : عسر " وأثبت كذلك ما بعدها: " ومن قرأها فكأنما قرأ القرآن أحد عشر مرة "، فاستعنت بالطبعة الهندية (2239) في التصويب.
وأما معمّر ـ بالتشديد ـ فهو ابن سليمان الرقي أبو عبد الله الكوفي كما قال الدكتور عبد العلي عبد الحميد حامد محقق الطبعة الهندية لـ "الشعب" جزاه الله خيراً وحفظه.
وهو: " ثقة فاضل، أخطأ الأزدي في تليينه، وأخطأ من زعم أن البخاري
…
أخرج له " كما في "التقريب" (6815) .
ومن أوجه نكارة هذا الأثر أيضاً: أن وهيب بن خالد الباهلي ـ الحافظ الثقة ـ قد رواه عن أيوب الخستياني عن أبي قلابة مختصراً جداً بلفظ: " من قرأ عشر آيات من سورة الكهف ـ قال أيوب: لا أدري من أولها أو من آخرها ـ لم تضره فتنة الدجال " عند ابن الضريس في "فضائل القرآن"(208) .
وهذا إسناد صحيح جليل.
وهو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي الدرداء مرفوعاً، ولفظه:" من حفظ عشر آيات من أول الكهف، عُصم من فتنة الدجال " رواه مسلم (2/199)، وغيره. وفي رواية شاذة ذكرها مسلم لبيان الخلاف:" من آخر الكهف ". وتفصيل ذلك في "الصحيحة"(582) للعلامة الألباني ـ حفظه الله ونفع به ـ.
(أما) القطعة الخاصة بقراءة الكهف يوم الجمعة، فقد أومأت إلى موقفي من هذا في الحديث الموفي ثلاثين من "تكميل النفع" ـ الجزء
الثاني ـ، وقبل ذلك عند الحديث العاشر من "تبييض الصحيفة"(1/34 - 35 مع الحاشية) . ووعدت هناك ببيان ذلك في كتابي في "العلل"، لكنني أفردت رسالة مطولة في بيان ما طالته يداي من مرويات ـ مرفوعة وموقوفة ـ في قراءة الكهف يوم الجمعة كما أشرت في مقدمة "إماطة الجهل بحال حديثي:" ما خير للنساء؟ " و" عقدة الحبل " " ضمن السلسلة التي قدر العلي القدير ـ جل وعلا ـ أن أبدأها برسالتي هذه.
(وأما) قول البيهقي رحمه الله أن أبا قلابة رحمه الله كان من كبار التابعين، ففيه ـ على ظاهره ـ نظر ظاهر.
وابتداءً، لم أَرَ أحداً من العلماء ذكر لأبي قلابة إدراكاً أو سماعاً لأحد من العشرة المبشرين بالجنة ونفوا ـ صراحة ـ إدراكه عمر، وعلياً، وزيد بن ثابت، وحذيفة.
ونصوا على أنه أرسل عن: هشام بن عامر، وسمرة بن جندب، وأبي زيد الأنصاري، ومعاوية، وأبي ثعلبة الخشني، وأبي هريرة، وعائشة.
وأثبتوا سماعه من: مالك بن الحويرث (ت: 74هـ) وأنس (ت: 93هـ على الأرجح)، وثابت بن الضحاك (ت: 64 هـ على الأرجح) .
وقد قال الحافظ المزي في ترجمة ثابت هذا من "تهذيبه"(4/360) : " قال عمرو ابن علي: مات سنة خمس وأربعين ".
فعقب عليه محقق "تهذيب الكمال" قائلاً: " هكذا اكتفى بإيراد قول عمرو بن علي الفلاس في تاريخ وفاته، وهو غير جيد، وقد ذكر ابن منده وهارون الحمال وأبو جعفر الطبري، وأبو أحمد الحاكم وغيرهم أنه توفي في فتنة ابن الزبير، وهو الأشبه، قال الإمام الذهبي في زياداته على "التهذيب" في "التذهيب": " قلت: قال أبو قلابة: أخبرني ثابت بن الضحاك ممن بايع تحت الشجرة، وذكر ابن سعد أن الذي روى عنه أبو قلابة مات في فتنة ابن الزبير، وأحسب أن هذا أشبه لأن أبا قلابة لم يسمع إلا متأخراً، قبل السبعين ".
قلت: وتُرُدِّدَ في سماعه من جماعة من الصحابة عاصرهم ـ قطعاً ـ منهم: ابن عمر، وابن عباس، والنعمان بن بشير.
والحاصل: أنه ليس من كبار التابعين ـ على ظاهر هذا الوصف ـ بل عامة رواياته عن أكثر من روى عنهم من الصحابة، إنما هي من قبيل الإرسال، والله أعلى وأعلم.
(ثم) وجدت ـ قدراً ـ نقلاً آخر عن الإمام البيهقي رحمه الله يلقي مزيداً من الضوء على مفهوم (التابعى الكبير) عنده.
فقد حكى الحافظ الكبير ابن رجب الحنبلي رحمه الله في "شرح علل الترمذي"(ص237 - 238 ط. العراق) عنه، قال: " وليس الحسن وابن سيرين بدون كثير من التابعين، وإن كان بعضهم أقوى مرسلاً منهما أو من أحدهما، وقد قال الشافعي بمرسل الحسن حين اقترن به ما يعضده في
مواضع منها النكاح بلا ولي، وفي النهي عن بيع الطعام حتى يجري فيها الصاعان. وقال بمرسل (1)
طاووس وعروة وأبي أمامة بن سهل وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن يسار وابن سيرين وغيرهم من كبار التابعين حين اقترن به ما أكده، ولم يجد ما هو أقوى منه
…
".
قلت: كأنه يريد بذلك: مشاهير (2) التابعين لا غير، فليس في المسمين من كبار التابعين ـ بالمعنى المعروف المتبادر إلى الأذهان ـ سوى أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنهما.
(وأما) قضية كون هذا الكلام لا يقال من قبل الرأي، فهذا تقرير صحيح لا ريب فيه، ولكنا وجدنا بعض كبار الصحابة كعمر بن الخطاب رضي الله عنه ربما تلقوا أشياء في المواعظ والترغيب والترهيب من أمثال كعب الأحبار رحمه الله امتثالاً لإذن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حيث قال:"وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"(3) .
وكان ابن مسعود وأبو موسى الأشعري وعائشة وغيرهم ـ رضوان الله عليهم ـ ربما حدثوا أيضاً بالشيء عن أهل الكتاب، ولم يختص ذلك الأمر بأمثال سلمان وعبد الله ابن سلام وابن عباس وابن عمرو ـ رضوان الله عليهم ـ كما قد يظن البعض؛ إلا أنه كثر من أولئك ثم
(1) تحرفت إلى: " وقال: مرسل طاووس
…
" الخ. وهذا النص لم يتبين لي موضعه في مصنفات البيهقي،
فنقلته بواسطة "شرح العلل".
(2)
توسمت ذلك من صنيعه هنا، وهو الذي فهمه أخ عزيز لدي وأجابني به.
(3)
قطعة من حديث رواه البخاري (4/207) وغيره عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
انتشر ذلك في التابعين فمن بعدهم، لاسيما أهل الشام والعراق، ولاسيما الزهاد والحكماء منهم، ووجدنا كعباً ووهب ابن منبه وغيرهما يتحدثون بأشياء لا نظير لها فيما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل بعض سور القرآن، وصفة الجنة والنار، وما يكون في آخر الزمان وغير ذلك.
(فحمل) ذلك كله على أنه مأخوذ بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور التي ينبغي التثبت فيها والتأني عند التعامل معها والخوض في غمارها، ومن عظام المسائل التي ينبغي لأهل العلم والتحقيق أن يحرروها ويضعوا لها الضوابط العلمية الدقيقة الكفيلة بسد باب التقول على المعصوم صلى الله عليه وسلم بما لم يقله. والله وحده المستعان.
(ولقد) شاع في بلادنا ـ في الآونة الأخيرة ـ التوسع في دعوى (الرفع الحكمي) تلك، حتى أدخل بعض الناس تحتها بعض المسائل التي اختلف فيها اجتهاد العلماء منذ عهد كبار الصحابة، حتى زعم زاعم ـ بما لم يسبقه إليه أحد من المتقدمين والمتأخرين علمته ـ أن قول حذيفة بن اليمان رضي الله عنه الذي صار به في شق، وسائر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في شق آخر، والذي رواه جماعة من ثقات (1) أصحاب ابن عيينة عنه عن جامع
(1) هم عبد الرزاق بن همام الثقة الحافظ في "مصنفه"، وابن أبي عمر العدني الصدوق الحافظ، وسعيد ابن عبد الرحمن الجمحي المتفق على توثيقه، كلاهما عند الفاكهي في "أخبار مكة"، وجاء مرفوعاً أيضاً عن جماعة من أصحاب ابن عيينة، ولم يصح إلا عن سعيد بن منصور الثقة الحافظ عند ابن حزم في "المحلى" لكنه شك في لفظ المتن (!) ومحمود بن آدم المروزي عند البيهقي والذهبي في "السير"، لكن شيخ البيهقي شك هو في المتن الذي حدثه به. وجزم راويه عند الذهبي بذكر المساجد الثلاثة لكن في إسناد الذهبي إليه مطاعن وعلل!
نعم، ويرجح الوقف ثبوته عن إبراهيم النخعي عن حذيفة وابن مسعود ـ مرسلاً ـ بالقصة المشهورة وإسنادها كالشمس صحة. ومن أعلها بالانقطاع فقد أغرب. والحاصل أن الحديث معلول بالوقف أو الاضطراب ـ على أحسن أحواله ـ، ولذلك لا نجد له عيناً ولا أثراً عند كبار أصحاب ابن عيينة كالأئمة: أحمد وابن معين وابن أبي شيبة والحميدي وابن المديني والشافعي وابن راهويه وابن منيع، وزهير بن حرب أبي خيثمة وابن نمير وابن المقريء والفلاس وهناد وأبي كريب وعلي بن حجر وعمرو بن محمد الناقد ونحوهم، وبالتالي لم يخرجه أصحاب المسانيد والمصنفات منهم في كتبهم ـ وهم أحرص ما يكونون على المرفوع المسند ـ ولم يعرف له وجود في "الصحيحين" ولا حتى "صحيح ابن حبان" و"ابن خزيمة" و"المستدرك" و"المختارة" بل أغفلوه وتحاشوه ولم يعبأوا به، وتركوه لأمثال الطحاوي والإسماعيلي والبيهقي وابن حزم!!
وهل يقول عاقل بجواز خفائه على كل هؤلاء أو أكثرهم؟! فهذه خلاصة بحثي حول هذا الحديث، فصبر جميل.
بن أبي راشد عن أبي وائل عنه ـ موقوفاً ـ: " لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة
…
" هو موقوف ـ حقاً ـ ولكن حكمه الرفع (!!) وقد تابع حذيفة على هذا الرأي بعض آحاد التابعين، وخالفه بعضهم في التفاصيل، ثم وُئد هذا الخلاف حتى انتصر له بعض الكبار في الآونة الأخيرة، وتسبب ذلك في فتن وقلاقل، لا يعلم مداها إلا الله جل وعلا. نسأله تعالى الهداية واتباع سبيل المؤمنين والحرص في التعامل مع الشواذ والغرائب التي لم يتصل بها عمل أو لم يأخذ بها أو بعمومها أو ببعض مدلولاتها أحد من سلفنا الصالحين إنه سميع مجيب.