الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث العاشر
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ الله تعالى طيِّب لا يقبل إلَاّ طيِّباً، وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسَلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ثم ذكر الرَّجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يَمدُّ يديه إلى السماء: يا ربِّ! يا ربِّ! ومطعمُه حرام، ومشربُه حرام، وملبسُه حرام، وغُذي بالحرام، فأنَّى يُستجاب له" رواه مسلم.
1 قوله: "إنَّ الله تعالى طيِّب لا يقبل إلَاّ طيِّباً" يدلُّ على أنَّ من أسماء الله الطيِّب، ويقبل من الأعمال ما كان موصوفاً بالطِّيب، وهو عام في جميع الأعمال، ومنها الكسب، فلا يعمل المرء إلَاّ صالحاً، ولا يكتسب إلَاّ طيِّباً، ولا ينفق إلَاّ من الطيِّب.
2 قوله: "وإنَّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسَلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} "في الآيتين أمر المرسَلين والمرسَل إليهم بالأكل من الطيِّبات، وكما أنَّ المرسَلين لا يأكلون إلَاّ الطيِّب، فإنَّ على أتباعهم ألَاّ يأكلوا إلَاّ طيِّباً.
3 قوله: "ثم ذكر الرَّجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يَمدُّ يديه إلى السماء: يا ربِّ! يا ربِّ! ومطعمُه حرام، ومشربُه حرام، وملبسُه حرام، وغُذي بالحرام، فأنَّى يُستجاب له"، لَمَّا بيَّن النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ الله لا يقبل إلَاّ طيِّباً، وأنَّ المرسلين والمؤمنين أُمروا بالأكل من الطيِّبات، بيَّن أنَّ من
الناس مَن يخالف هذا المسلك، فلا يكون أكله طيِّباً، بل يعمد إلى اكتساب الحرام واستعماله في جميع شؤونه من مأكل وملبس وغذاء، وأنَّ ذلك من أسباب عدم قبول دعائه، مع كونه أتى بأسباب قبول الدعاء، وهي في هذا الحديث أربعة: السفر مع إطالته، وكونه أشعث أغبر، وكونه يَمدُّ يديه بالدعاء، وكونه ينادي الله بربوبيَّته، مع إلحاحه على ربِّه بتكرار ذلك، ومعنى قوله:"فأنَّى يُستجاب لذلك"استبعاد حصول الإجابة لوجود الأسباب المانعة من قبول الدعاء.
4 مِمَّا يُستفاد من الحديث:
1 أنَّ من أسماء الله الطيِّب، ومعناه المنَزَّه عن النقائص، وأنَّ من صفاته الطيب؛ لأنَّ أسماء الله كلَّها مشتقَّة، وتدلُّ على صفات مشتقَّة منها.
2 أنَّ على المسلم أن يأتي بالطيب من الأعمال والمكاسب.
3 أنَّ الصدقة لا تُقبل إلَاّ من مال حلال، وقد ثبت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول" رواه مسلم (224) .
4 تفضُّل الله على عباده بالنِّعم، وأمْرهم بأن يأكلوا من الطيبات.
5 أنَّ أكل الحرام من أسباب عدم قبول الدعاء.
6 أنَّ من أسباب قبول الدعاء السفر، وكون الداعي أشعث أغبر.
7 أنَّ من أسباب قبوله أيضاً رفع اليدين بالدعاء.
8 أنَّ من أسبابه أيضاً التوسل بالأسماء.
9 أنَّ من أسبابه الإلحاح على الله فيه.