المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تعبدهم بالمكاء والتصدية] - فصل الخطاب في شرح مسائل الجاهلية ت محب الدين الخطيب - جـ ٢

[محمود شكري الألوسي]

فهرس الكتاب

- ‌[تعبدهم بترك الطيبات من الرزق]

- ‌[تعبدهم بالمكاء والتصدية]

- ‌[النفاق في العقيدة]

- ‌[دعاؤهم الناس إلى الضلال بغير علم]

- ‌[دعاؤهم إلى الكفر مع العلم]

- ‌[المكر الكبار]

- ‌[حالة علمائهم]

- ‌[زعمهم أنهم أولياء الله]

- ‌[دعوى محبة الله مع ترك شرعه]

- ‌[تمَنِّيهم على الله تَعالى الأماني الكاذبةَ]

- ‌[اتخاذ قبور الصالحين مساجد]

- ‌[اتخاذ آثار الأنبياء مساجد]

- ‌[اتخاذ السرج على القبور]

- ‌[اتخاذ القبور أعيادا]

- ‌[الذبح عند القبور]

- ‌[التبرك بآثار المعظمين]

- ‌[الفَخْر بِالأحْسابِ]

- ‌[الاسْتِسْقاءُ بالأنْواءِ]

- ‌[الطَّعْنُ في الأنسابِ]

- ‌[النِّياحَةُ]

- ‌[تعيير الرجل بفعل أمه وأبيه]

- ‌[الافتخار بولاية البيت]

- ‌[الافْتِخار بِكَوْنِهِم مِنْ ذُرِّيَّةِ الأنبياءِ]

- ‌[الافتخار بالصنائع]

- ‌[عظمة الدنيا في قلوبهم]

- ‌[ازدراء الفقراء]

- ‌[إنكارهم الملائكة والوحي والرسالة والبعث]

- ‌[إيمانهم بالجبت والطاغوت]

- ‌[كتمان الحق مع العلم به]

- ‌[القول على الله بلا علم]

- ‌[التناقض]

- ‌[الكهانة وما في حكمها]

الفصل: ‌[تعبدهم بالمكاء والتصدية]

{وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32] أيْ: مِنَ المُسْتَلَذَّاتِ، وقيلَ: المُحَلَّلاتُ مِنَ المآكِل والمشارِبِ، كَلَحْمِ الشَّاةِ وَشحْمها وَلَبنها. {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الأعراف: 32] أيْ: هِيَ لَهُمْ بِالأصالَة لِمَزيدِ كَرامَتِهِم على الله تَعالى، وَالكَفَرَةُ- إنْ شارَكوهُمْ فيها- فَبِالتبعِ، {خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: 32] لا يُشارِكُهُمْ فِيْها غَيْرهُمْ.

[تعبدهم بالمكاء والتصدية]

تعبدهم بالمكاء والتصدية (السادسة والستون) : تعَبُّدهمْ بِالمُكاءِ وَالتَّصْدِيَةِ. قال تعالى في سورةِ "الأنفالِ"[35] : {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [الأنفال: 35] تفسيرُ هذه الآية: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ} [الأنفال: 35] أيْ: المسجِدِ الحرامِ، الذي صَدُّوا المسلمينَ عنهُ، والتَّعبيرُ عنه بِالبيتِ للاختصارِ مَعَ الإِشارةِ إلى أنَّه بيتُ الله، فينبغي أنْ يُعَظَّمَ بِالعِبادةِ، وَهُمْ لمْ يَفْعَلوا. {إِلَّا مُكَاءً} [الأنفال: 35] أيْ: صَفِيرا. {وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35] أيْ: تَصفيقا، وهو ضربُ اليدِ باليدِ بِحَيثُ يُسْمَعُ له صوتٌ. والمرادُ بالصَّلاةِ: إمَّا الدُّعاءُ، أو أفعال أُخَرُ كانوا يفعلونها، ويُسمونها صلاةً، وحُمِلَ المُكاءُ والتَّصديةُ عليها بتأويلِ ذلك بأنَّها لا فائدةَ فيها، ولا معنى لها، كَصَفيرِ الطُيورِ، وتصفيقِ اللعِبِ. وقد يُقالُ: المُرادُ أنَّهم وَضَعوا المُكاءَ والتّصَديةَ موضعَ الصَّلاةِ التي يَليقُ أنْ تَقَعَ عند البيتِ. يُروى أنَّهم كانوا إذا أرادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُصَلِّيَ، يَخْلِطونَ عليه بالصفيرِ والتَّصفيق. ويروى أنهم يصلون أيْضا. وَيرون أنَّهم كانوا يَطوفونَ عُراةً: الرِّجالُ والنِّساءُ مُشبكينَ بين أصابِعِهم، يُصَفرونَ فيها، وَيُصَفِّقونَ. وباقي الآية معلوم. والمقصودُ أنَّ مِثل هذه الأفعالِ لا تكونُ عِبادةً، بَلْ مِن شعائرِ الجاهِلِيَّة. فما يَفعَلُه اليومَ بعضُ جهلة المسلِمينَ في المساجدِ مِن المُكاءِ والتَّصدية يَزعُمونَ أنَّهم يَذكُرون الله، فهو مِن قَبيلِ فِعلِ الجاهِلِيةِ، وما أحْسَنَ ما يقولُ القائلُ فِيْهِم:

أقالَ الله صفِّقْ لي وَغَنِّ

وَقلْ كُفْرًا وسَمِّ الكُفْرَ ذِكْرًا؟

وَقَدْ جَعَلَ الشَّارعُ صوتَ المَلاهي صوتَ الشَّيطانِ، قال تعالى [الإسراء: 64] :

ص: 276