المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أهمية علم الوقف والابتداء - فضل علم الوقف والابتداء وحكم الوقف على رؤوس الآيات

[عبد الله الميموني]

الفصل: ‌أهمية علم الوقف والابتداء

‌أهمية علم الوقف والابتداء

إن القارئ للقرآن الكريم لا بد أن يقف لانقطاع نفسه، وحيث وقف مختارًا فعليه أن يختار الوقف الذي لا يخل بالمعنى .. ووقفه إما وقف اضطرار أو وقف اختيار.

فوقف الاضطرار لا عتب على القارئ فيه، لكن عليه أن يستأنف ويحسن الابتداء ويتخير حُسن الوقف، فبذلك تظهر المعاني ويتبين إعجاز القرآن، قال ابن الجزري.

(لما لم يمكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد، ولم يجز التنفس بين كلمتين حالة الوصل، بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة وجب حينئذ اختيار وقف للتنفس والاستراحة وتعين ارتضاء ابتداء بعد التنفس والاستراحة)(1) أ. هـ.

ولقد دلت الأدلة على أهمية مراعاة الوقف والابتداء؛ وثبت واشتهر اعتناء السلف بذلك. قال تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4] فهذا أمر من الله تعالى بترتيل القرآن، وندب منه سبحانه للعباد إلى ترتيل كلامه المنزل؛

(1) النشر (1/ 225).

ص: 10

ومراعاة الوقوف داخله في ذلك إن شاء الله تعالى، قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله:{وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} .

(بينه تبيينًا)(1) وقال الحسن: اقرأه قراءة بيِّنة. وقال مجاهد: بعضه على إثر بعض على تؤدة وقال أيضًا: (ترسَّل فيه ترسُّلا)(2). قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: (اقرأه قراءة على تمهل، فإنه يكون عونًا على فهم القرآن، وتدبره) أ. هـ (3).

وقال تعالى: {الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 1 - 4].

(1) رواه أحمد بن منيع في مسنده كما في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية للحافظ ابن حجر النسخة المسندة (4/ 3777) ومختصر إتحاف المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري (8/ 6590) ورواه الطبري جامع البيان (12/ 1/127) وابن النحاس القطع (1/ 74) وينظر: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (6/ 277).

(2)

مصنف عبد الرزاق (2/ 490) ومصنف ابن أبي شيبة (10/ 525) جامع البيان (12/ 1/127) والتمهيد في معرفة التجويد لأبي العلاء الهمذاني: (141) والدر المنثور: (6/ 277).

(3)

تفسير ابن كثير (4/ 363) وقيل: إن عليًا رضي الله عنه سئل عن هذه الآية فقال: الترتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف" النشر (298)() 1، 316 ولم أجده في التفاسير التي تعتني بالمأثور وقد رواه الهذلي في الكامل ورقة (34)(مخطوط) ينظر الوقف والابتداء للغزال (1/ 6) رسالة دكتوراة تحقيق الدكتور العثمان إشراف الشيخ محمد محمد سالم محيسن.

ص: 11

قال ابن النحاس: (من التبيين تفصيل الحروف والوقف على ما تم معناه منها) أ. هـ (1) وقد حكى ابن النحاس وأبو عمرو الداني وغيرهما، إجماع العلماء على أهمية مراعاة الوقف والابتداء (2)، واستدلوا على ذلك بقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:(لقد عشنا برهة من دهرنا، وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم، فنتعلم حلالها، وحرامها، وما ينبغي أن يوقف (3) عنده منها، كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن، ولقد رأيت اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، وينثره نثر الدقل (4)).

(1) القطع لابن النحاس (1/ 74).

(2)

القطع (1/ 87) والكتفي (135) والنشر (1/ 225).

(3)

في رواية الطبراني والبيهقي (يقف) مجمع الزوائد (1/ 170) والسنن الكبرى (3/ 120).

(4)

بفتح الدال المهملة بعدها قاف مفتوحة وهو رديء التمر ويابسه وما ليس له اسم خاص وقيل: هو أردأ التمر (غريب الحديث لإبراهيم الحربي (2/ 889) والنهاية لابن الأثير (2/ 172).

ص: 12

رواه الطبراني في الأوسط (1)، وابن النحاس (2)، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ولا أعرف له علة، ووافقه الذهبي (3)، والبيهقي (4)،

وسنده جيد.

(1) مجمع البحرين في زوائد المعجمين للهيثمي (1/ 209) ومجمع الزوائد (1/ 170).

(2)

القطع لابن النحاس (1/ 87).

(3)

المستدرك على الصحيحين (1/ 35) وفي طبعة عبد السلام علوش برقم (108)(1/ 196).

(4)

السنن الكبرى للبيهقي (3/ 120) وينظر: الإتقان للسيوطي (1/ 110) قال الهيثمي بعد أن عزاه للطبراني في الأوسط: (رجاله رجال الصحيح) أ. هـ: مجمع الزوائد (1/ 170) قلت: وهو من طرق عبيد الله بن عمرو الرقي عن زيد بن أبي أنيسة الرقي عن القاسم بن عوف الشيباني البكري، ورجاله كلهم ثقات روى علهم الشيخان إلا القاسم بن عوف فقد روى له مسلم وابن ماجة وتكلم فيه فتركه شعبة. وقال أبو حاتم (مضطرب الحديث ومحله عندي الصدق) وقال ابن عدي هو ممن يكتب حديث. وذكره ابن حبان في الثقات، وفي التقريب (صدوق يغرب) "الجرح والتعديل (1/ 659) والثقات لابن حبان (5/ 305) وتهذيب الكمال (23/ 400) وتهذيب التهذيب (8/ 326 - 328) وسنده يدور على عبيد الله بن عمرو وهو صحيح عنه فقد رواه الطبراني وابن النحاس من طريق عبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي القرشي عنه وهو ثقة حافظ تغير بأخرة ولم يفحش اختلاطه وقد اختلط من سنة 218هـ إلى وفاته سنة 220هـ ووثقه يحيى بن معين وأبو حاتم: "التاريخ الكبير للبخاري (5/ 150) والجرح والتعديل (5/ 104) وثقات ابن حبان (5/ 351) وتهذيب الكمال (14/ 377، 378) وتهذيب التهذيب (5/ 173) والميزان (2/ 2249) وفي الكاشف (ثقة حافظ)(2691) وفي التقريب: (ثقة لكنه تغير بأخرة فلم يفحش اختلاطه) أ. هـ.

ورواه الحاكم من طريق هلال بن العلاء الرقي والده عن عبد الله بن عمرو، وهي طريق ضعيفة لضعف العلاء بن هلال الباهلي الرقي والد هلال بن العلاء، قال أبو حاتم منكر الحديث وضعف غيره (تهذيب التهذيب (8/ 193، 194).

وتابعهما عبيد بن هشام الحلبي عند البيهقي، ولا بأس به. قال: أبو حاتم وصالح جزرة في عبيد بن هشام الحلبي: (صدوق) وضعفه النسائي (تهذيب الهذيب (7/ 76، 77) ثلاثتهم: (بعد الله بن جعفر بن غيلان الرقي والعلاء بن هلال الباهلي وعبيد بن هشام الحنبلي رووه عن عبيد الله بن عمرو به فالأثر حسن لما في القاسم بن عوف من الكلام الذي تقدم وقد تفرد به، كما أن لبعض ألفاظه شواهد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم.

ص: 13

والشاهد منه قوله: (وما ينبغي أن يوقف عنده منها) وبه استدلَّ ابن النحاس (1)، والداني (2) وغيرهم من علماء القراءات والوقف (3)، وعبارة الداني (ففي قول ابن عمر دليل على أن

(1) القطع (87).

(2)

المكتفي (134).

(3)

ينظر النشر (1/ 225) والبرهان للزركشي (1/ 449).

ص: 14

تعليم ذلك توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه إجماع من الصحابة رضي الله عنهم (1) أ. هـ فهذا دليل قد ذكره كثير من العلماء مستدلين به على الوقف والابتداء، وقد عارض ذلك الشيخ ملا القاري في شرحه على الجزرية بعد أن ذكره بقوله:(ولا يخفى أن قوله: (وما ينبغي أن يوقف عنده منها) لا يبعد أن يراد به الآيات المتشابهات في معناها، فليس في الحديث نص على الوقف المصطلح عليه) أ. هـ (2)، أقول كلا المعنيين محتمل من جهة اللفظ، وقوى الاحتمال الأول كلام أولئك الأئمة في الاستدلال به على مراعاة الوقوف.

وروى الإمام أبو عمرو الداني عن ميمون بن مهران (3) التابعي قال: (إني لأقشعر من قراءة أقوام يرى أحدهم حتمًا عليه ألا يقصر عن العشر، إنما كانت القراء تقرأ القصص إن طالت أو قصرت يقرأ أحدهم اليوم {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ

(1) المكتفى (134).

(2)

شرح المقدمة الجزرية (المنح الفكرية على متن الجزرية)270.

(3)

ميمون بن مهران الجزري أبو أيوب الرقي من ثقات التابعين، ومن علمائهم سمع من ابن عباس وابن عمر (ت: 118هـ) ترجمته في حلية الأولياء لأبي نعيم (4/ 82 - 97) وتهذيب الكمال (29/ 210 - 227) وغيرها.

ص: 15

قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: 11] ويقوم في الركعة الثانية فيقرأ: {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} [البقرة: 12]) (1) أ. هـ، ثم قال أبو عمرو رحمه الله تعالى:(هذا يبين أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتجنبون في قراءتهم القطع على الكلام الذي يتصل بعضه ببعض، ويتعلق آخره بأوله لأن ميمون بن مهران إنما حكى ذلك عنهم إذ هو من كبار التابعين وقد لقي جماعة منهم) أ. هـ (2).

واشتهر اعتناء السلف رحمهم الله تعالى، بهذا العلم حتى عد ابن الجزري ذلك متواتر عنهم (3)، وكانوا يعتنون بذلك حال الإقراء، قال ابن الجزري: (صح بل تواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح، كأبي جعفر يزيد بن القعقاع إمام أهل المدينة الذي هو من أعيان التابعين، وصاحبه الإمام نافع بن أبي نعيم، وأبي عمرو بن العلاء، ويعقوب الحضرمي وعاصم بن أبي النجود وغيرهم من الأئمة وكلامهم في ذلك معروف، ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب، ومن ثم اشترط كثير من أئمة الخلف على الْمُجيز

(1) المكتفي (135).

(2)

المكتفي (136).

(3)

النشر (1/ 225).

ص: 16

ألا يُجيز أحدا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء. وكان أئمتنا يوقفوننا عند كل حرف، ويشيرون إلينا فيه بالأصابع، سُنة أخذوها كذلك عن شيوخهم الأولين) أ. هـ (1).

وقد حض العلماء على تعلم الوقف والابتداء والعمل به، وبينوا عظيم فضيلته، وذلك مذكور في مقدمات كثير من كتب الوقف والابتداء، وفي كثير من كتب فن التجويد ومضمن في كتب علوم القرآن، فمما قالوه قول ابن الأنباري رحمه الله تعالى:(من تمام معرفة القرآن ومعانيه، وغريبه معرفة الوقف والابتداء فيه، فينبغي للقارئ أن يعرف الوقف التام، والوقف الكافي الذي ليس بتام، والوقف القبيح الذي ليس بتام ولا كاف) أ. هـ (2).

وقول ابن النحاس: (قد صار في معرفة الوقف والاستئناف التفريق بين المعاني، فينبغي لمن قرأ القرآن أن يتفهم ما يقرأه ويشغل قلبه به ويتفقد القطع والاستئناف ويحرص على أن يُفهِم المستمعين في الصلاة وغيرها، وأن يكون وقفه عند كلام مستغن أو شبيه وأن يكون ابتداؤه حسنًا) أ. هـ (3).

(1) النشر (1/ 225).

(2)

الإيضاح في الوقف والابتداء (1/ 108).

(3)

القطع والاستئناف (97).

ص: 17

وقول الإمام الداني: (معرفة ما يتم الوقف عليه وما يحسن وما يقبح من أجل أدوات القراء المحققين والأئمة المتصدرين وذلك مما تلزم معرفته الطالبين وسائر التالين إذ هو قطب التجويد وبه يوصل إلى نهاية التحقيق) أ. هـ (1).

ولأنه يتوصل بهذا العلم لفهم القرآن جعل الأئمة تعلمه أمرًا لا بد منه لمن أراد معرفة معاني القرآن واستنباط الأدلة منه (2)، وجعلوا ذلك مما يعين على الغوص على فرائد القرآن ودرره (3).

وقال علم الدين السخاوي رحمه الله: (ففي معرفة الوقف والابتداء الذي دونه العلماء تبيين معاني القرآن العظيم وتعريف مقاصده وإظهار فوائده، وبه يتهيأ الغوص على درره وفرائده)(4).أ. هـ.

فهذا العلم ينفتح بتعلمه وإعمال الفكر فيه من مقاصد القرآن ومعانيه شيء عظيم، فالقارئ إذا لم يراع الوقف بحسب

(1) شرح القصيدة الخاقانية للداني (2/ 96) رسالة ماجستير تحـ غازي بنيدر العمري إشراف د. محمد ولد سيسدي حبيب (1419) بجامعة أم القرى.

(2)

ينظر الاقتداء في الوقف لابن النكزاوي (1/ 198) والإتقان (1/ 110).

(3)

جمال القراء (553).

(4)

المصدر السابق.

ص: 18

المعنى فلن يفهم المعنى، وربما فوت على السامع فهم المعنى وقد لا يظهر بذلك وجه الإعجاز (1).

ولذا فإن معرفته متأكدة وفي ذلك يقول الصفاقسي: (ومعرفة الوقف والابتداء متأكدة غاية التأكيد إذ لا يتبين معنى الكلام ويتم على أكمل وجه إلا بذلك. أ. هـ (2).

ويقول المقرئ أبو الأصبغ بن الطحان الأندلسي: (أليس من الخطأ العظيم أن يقرأ كتاب الله تعالى فيقطع على القطع يفسد به المعنى .. إلخ) أ. هـ (3)، ولأهمية علم الوقف والابتداء ذكر الأئمة أن إتقانه ومعرفته يحتاج إلى معرفة علوم أخرى. قال الإمام أبو بكر بن مجاهد رحمه الله تعالى:(لا يقوم بالتمام إلا نحوي عالم بالقراءة عالم بالتفسير، عالم بالقصص وتلخيص بعضها من بعض، عالم باللغة التي نزل بها القرآن).أ. هـ (4).

(1) تنبيه الغافلين (120) وينظر: البرهان (1/ 493) والإيضاح لابن الأنباري (1/ 108).

(2)

تنبيه الغافلين الموضع السابق.

(3)

نظام الأداء (20).

(4)

القطع والاستئناف (94).

ص: 19

وقد تكلم علماء الوقف والابتداء على جميع الآيات والجمل القرآنية، وبينوا ما يصلح الوقف عليه، وما لا يصلح، ونهوا عن الوقف على وقوف بعينها، ووضعوا لذلك قواعد، كقولهم لا يوقف على المبتدأ دون خبره، ولا على الشرط دون جزائه إلى غير ذلك مما ذكروه ومثلوا له واختلفوا في بعضه.

وذكروا الوقف التام، وما دونه، وبينوا الوقوف، وحرروا الكلام على المعاني مستمدين من النقول في التفسير والحديث والأثر ومعتمدين على العربية، فكما بنى المفسرون كلامهم على ذلك بنى علماء الوقف والابتداء وأفادوا من التفاسير وأضافوا فوائد كثيرة.

وربما نقل عنهم كبار المفسرين، كما يوجد من نقل القرطبي وغيره من كتاب الإمام ابن الأنباري الإيضاح في الوقف والابتداء، وهو من أجلِّ من صنَّف في هذا الفن وكتابه مطبوع.

وقد اعتنى به أئمة القراء تصنيفًا وإقراء. وهو من أوائل العلوم الإسلامية التي صنف فيها المتقدمون من السلف.

ومن تصانيف المتقدمين في هذا العلم المبارك: كتاب شيبة بن نصاح مولى أم سلمة رضي الله عنها أتي به إليها وهو

ص: 20

صغير فمسحت رأسه ودعت له. وثقه النسائي وغيره (ت: 130هـ)(1) جعله ابن الجزري أول من صنف في هذا وقال: (كتابه مشهور)(2).

ومقطوع القرآن وموصوله: لعبد الله بن عامر اليحصبي (ت: 118هـ) ذكر كتابه ابن النديم، ولم أجده عند غيره وابن عامر أقدم من شيبة وفاة وشيوخًا وقد تعاصرا، كما يظهر من وفاتهما وترجمتهما، ولذا ذكرهما الحافظ الذهبي

(1) شيبة بن نصاح مولى أم سلمة رضي الله عنها أتى به إليها وهو صغير فمسحت رأسه ودعت له بالخير والصلاح قال النسائي (ثقة) ووثقه غيره مدني مقرئ ترجمته في كثير من الكتب منها: تاريخ البخاري الكبير (4) ترجمة (2662) والجرح والتعديل (4) ترجمة (1471) وتهذيب الكمال (12/ 608) وبقية مصادر الترجمة في هامشه للمحقق. ويزاد عليه: غاية الاختصار في قراءات العشرة أئمة الأمصار لأبي العلاء الهمذاني (1/ 16) ومعرفة القراء الكبار (1/ 79) ونصاح: (بكسر أوله والتخفيف وكان أبو سعد الإدريسي يقوله بفتح ثم يشد) أ. هـ (الإكمال 7/ 273 وتبصير المنتبه بتحرير المشتبه للحافظ ابن حجر (4/ 1415).

(2)

غاية النهاية (1/ 329) ومقدمة محقق المكتفي (60) والبرهان ت؛ الدكتور المرعشلي (1/ 494) ومعجم مصنفات القرآن الكريم للدكتور على شواخ المشعبي (1/ 268) ومقدمة محقق علل الوقوف للسجاوندي (1/ 24) وفيه ابن ناصح خطأ والوقف والابتداء للغزال مقدمة المحقق (1/ 8).

ص: 21

في معرفة القراء في طبقة واحدة (1)، فلا يمتنع أن يكون كتاب شيبة أقدم، وإن كان عبد الله بن عامر أكبر سنًا على أن كتاب شيبة بن نصاح أشهر.

كما ألف فيه من القراء السبعة: أبو عمرو بن العلاء (ت: 154هـ) إمام النحو والعربية وأحد القراءة السبعة وكتابه من الكتب التي ورد بها الخطيب البغدادي إلى بغداد وحصل على إجازة بروايته (2)، وحمزة بن حبيب الزيات المقرئ الزاهد أحد القراء السبعة (ت 156) (3) ونافع بن أبي نعيم إمام أهل المدينة أحد القراء السبعة (ت: 169هـ) (4) وعلي بن حمزة الكسائي (ت: 189) إمام العربية وأحد القراء السبعة (5)، وغيرهم من أئمة القراء المشهورين في مختلف العصور

(1) ينظر معرفة القراء (1) ترجمة (34) و (36) طبعة استانبول تحـ دطيارر قولا (1416) هـ.

(2)

تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين (1/ 22) نقلاً عن مشيخة الخطيب البغدادي مخطوط بالظاهرية مجموع 18 (128 ب).

(3)

الفهرست لابن النديم (54)(طبعة دار الكتب العلمية ومعجم مصنفات القرآن الكريم (1/ 268).

(4)

ذكر كتابه ابن النحاس القطع والاستئناف (75) وابن النديم (54).

(5)

اسم كتابه مقطوع القرآن وموصوله: ذكر كتابه: ابن النديم: الفهرست (98) وياقوت: معجم الأدباء (7/ 203) والذهبي: معرفة القراء (1/ 127)(45).

ص: 22

والأمصار، كما صنف فيه أيضًا الأئمة المشهورون من علماء العربية كالفراء، وأبي عبيدة معمر بن المثنى والأخفش الأوسط، وأبي حاتم سهل السجستاني وغيرهم.

ومن العلماء الأثبات المتقدمين الذين ذكروا بعض المصنفات التي صنفت في القرن الثاني الإمام ابن النحاس فإنه ذكر كتاب يعقوب (1)،

ونافع وقال: (لست أعلم أحدًا من القراء الأئمة الذين أخذت عنهم القراءة، له كتاب مفرد في التمام إلا نافعًا، ويعقوب فإني وجدت لكل واحد منهما كتابًا في التمام، وإن كان غير نافع ويعقوب من القراء قد ذكر في التمام شيئًا فليس يخلو أمره من إحدى جهتين، إما أن يكون ليس له شهرتهما وإما أن يكون ليس مثلهما. أ. هـ (2).

وما ذكره رحمه الله تعالى هو بحسب ما اطلع عليه، وإلا فإن بعض أئمة القراء المشهورين لهم كتب في الوقف والابتداء كما تقدم. لكن لعل مؤلفاتهم لم تكن لها شهرة

(1) يعقوب بن إسحاق الحضرمي قارئ أهل البصرة في عصره، أبو محمد، إمام القراء، قال أبو القاسم الهذلي:(لم ير في زمن يعقوب مثله) .. معرفة القراء (1/ 158)(ت: 205) هـ.

ترجمته في: معرفة القراء (1/ 157، 158) وتاريخ خليفة (472) وطبقات النحويين (54).

(2)

القطع (1/ 57).

ص: 23

كتابي نافع ويعقوب فيصح ما قاله الإمام ابن النحاس.

وقد جمعت المصنفات في الوقف والابتداء وتتبعت ما ذكره أصحاب الرسائل الجامعية في هذا وزدت عليه قريبًا من الضعف وسأخرجه إن شاء الله تعالى مع كتاب جامع في الوقف والابتداء مبينًا فيه بحسب ما عثرت عليه المطبوع من المخطوط من غيره. وقد ثبت بما تقدَّم أن مراعاة الوقوف في القرآن الكريم، مما تدل الأدلة على أهميه؛ وأما تقدير الموقوف عليه بالتام، والكافي، والحسن، والقبيح، ونحو ذلك من الألقاب الاصطلاحية، فهو جائز بناء على ما تقدم من ثبوت مراعاة الشرع للوقوف، وينبني على ذلك تقدير العلماء لمواضع الوقوف، ووصفهم لها بوصف مناسب للحال، إذ لا مشاحة في الاصطلاح ما لم يمنع منه مانع صحيح، ولذا اختلفوا في هذه الاصطلاحات اختلافًا مشهورًا، ولكنهم اتفقوا على أهمية معرفة القارئ مواضع الوقوف، وتحريه الوقف على ما لا يخل بالمعنى.

ولولا أني جعلت هذه الرسالة متعلقة بحكم الوقف على رؤوس الآي لفصلت القول في أقسام الوقف عند علمائنا رحمهم الله (1).

(1) فصلت القول في ذلك في رسالة لي في أثر الوقف على التفسير.

ص: 24