المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سند الحديث والحكم عليه - فضل علم الوقف والابتداء وحكم الوقف على رؤوس الآيات

[عبد الله الميموني]

الفصل: ‌سند الحديث والحكم عليه

ومنها: الاختلاف علي ابن أبي مليكة في سنده. ولذا ضعف الإمام الترمذي والإمام الطحاوي هذه الرواية. كما سأبينه وأوضحه بجلاء إن شاء الله تعالى.

وهنا سؤال مهم: هل الوقف على رؤوس الآي سنة بإطلاق حتى وإن اشتد تعلق الآية بما بعدها؟ وهل صحيح أن المحققين من علماء الوقف والابتداء يقولون بذلك؟

‌سند الحديث والحكم عليه

هذا الحديث يدور على التابعي الجليل عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة بحسب ما أشار إليه الترمذي رحمه الله تعالى، وبحسب ما اطلعت عليه من طرقه، وقد اختلف عليه فيه فرواه الليث بن سعد، وهو من الأئمة الأثبات (1) عنه عن يعلى بن مملك (2)، عن أم سلمة، ورواه ابن جريج عنه عن أم

(1) الليث بن سعد أبو الحارث مولى بني فهم ثبت ثقة من الأئمة من نظراء الإمام مالك كثير الحديث فقيه من أغنياء العلماء كثير الصدقات (ت: 175هـ)(الكاشف (1/ترجمة)(4691) وتهذيب التهذيب (8/ 459).

(2)

مملك على وزن جعفر: تقريب التهذيب (2/ 379) وسترد ترجمة يعلى قريبًا.

ص: 58

سلمة رضي الله عنها عن النبي فلم يذكر يعلى بن مملك ووصله بذكر أم سلمة، واختلف عليه في إسناده وألفاظه، وقد أعل الترمذي رواية ابن جريج برواية الليث بن سعد وقال:(إنها أصح) كما تقدم. ويضاف إلى العلة التي ذكرها الإمام الترمذي علل منها: أن ابن جريج مدلس ولم يصرح بالسماع، وقد وصفه جماعة بالتدليس (1)، وممن وصفه بالتدليس الإمام أحمد رحمه الله تعالى وقال:(إذا قال ابن جريج (قال) فاحذره، وإذا قال (سمعت) أو (سألت) جاء بشيء ليس في النفس منه شيء (2).

ومنها: إن اختلف عليه في إسناد الحديث فرواه في أكثر الروايات كما ذكر الترمذي عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة، بإسقاط الواسطة بين ابن أبي مليكة وأم سلمة فلم يذكر يعلى بن مملك، ورواه مرة أخرى، فزاد فيه ذكر يعلى بن مملك، ولفظ هذه الرواية عن ابن أبي مليكة أن يعلى بن مملك أخبره.

(1) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح الأموي مولاهم المكي الفقيه أحد الأعلام ثقة جليل كان يدلس ويرسل (ت: 151هـ) روى له الجماعة تهذيب الكمال (15/ 338 - 352) وتاريخ بغداد (10/ 400 - 407) والجرح والتعديل (5) ترجمة (1687) وتقريب التهذيب (1/ 520).

(2)

تهذيب الكمال (10/ 348).

ص: 59

«أنه سأل أم سلمة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يصلي العتمة ثم يسبح ثم يصلي بعدها ما شاء الله من الليل، ثم ينصرف فيرقد مثل ما صلى، ثم يستيقظ من نومه ذلك فيصلي مثل ما نام وصلاته تلك الآخرة تكون إلى الصبح» (1).

ولا يقال إنها رواية أخرى لأن بين الروايتين توافق واضح في الإسناد وفي المتن وليست فيما يظهر اختصارًا لبعض الحديث فقط فإن فيها سؤال يعلى، وهو مقل من الرواية جدًا لأم سلمة رضي الله عنها.

وأما يعلى بن مملك فهو: حجازي يروي عن أم الدرداء وأم سلمة رضي الله عنها ويروي عنه ابن أبي مليكة (2)، وقال فيه النسائي (ليس بذلك المشهور) أ. هـ (3)، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم أجد فيه توثيقًا عند غيره (4)، وفي ميزان

(1) مصنف عبد الرزاق (3/ 4709) والمسند لأحمد (6/ 297) ومسند إسحاق بن راهوية (4/ 157) وسنن النسائي (3/ 236)(1627) في كتاب قيام الليل، باب ما ذكر من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل).

(2)

تهذيب الكمال (32/ 402)(7121).

(3)

السنن الكبرى (1/ 432)(1375).

(4)

ثقات ابن حبان (7/ 652) وتهذيب الكمال الموضع السابق وتهذيب (11/ 405).

ص: 60

الاعتدال: (ما حدث عنه سوى ابن أبي مليكة) وفي التقريب: (مقبول)(1).

فلم يثبت فيه أكثر من رواية ابن أبي مليكة عنه ففيه جهالة، وأحسن مراتبه أن يكون مقبولاً إذا توبع، ولهذا وصفه بذلك الحافظ ابن حجر في التقريب، ورواه ابن جريج مرة عن أبيه عن ابن أبي مليكة ومرة عن ابن أبي مليكة من غير واسطة (2) فهذا الاختلاف على ابن جريج في إسناد الحديث. وأما والد ابن جريج وشيخه في هذه الطريق فهو عبد العزيز بن جريج

(1) تقريب التهذيب (2/ 379).

(2)

النسائي (3/ 236)(1627) في كتاب قيام الليل باب ما ذكر من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل من طريق حجاج عن أبيه، عن ابن أبي مليكة وكذا رواه المزي (تهذيب الكمال 18/ 119) من طرق عن حجاج به ورواه الطبراني (23/ 407) من طريق حجاج بن عمران السدوسي عن أبي سلمة بن خلف الجوباري عن أبي عاصم عن ابن جريج عن أبيه. تنبيه: لم يذكر المزي في الأطراف (13/ 36) ح (18226) رواية ابن جريج عن أبيه التي ذكرتها قبل عند النسائي ونبه في الهامش عليها لكن لم يتنبه المحقق لذلك وقال: (لم نجد لها أصلا) أ. هـ. وليس كذلك بل هي ثابتة في سنن النسائي (3/ 236)(1627) وقد ذكرها المزي في تهذيب الكمال ورمز بـ (س) يعني النسائي عن ترجمة والد عبد الملك ابن جريج: وهو عبد العزيز: (تهذيب الكمال (18/ 118).

ص: 61

القرشي المكي فيه ضعف، فقد قال البخاري فيه:(لا يتابع في حديثه)(1) وذكره ابن حبان في الثقات (2)، وفي التقريب:(لين الحديث)(3).

وقد اختلفت ألفاظ الحديث وقد مضى بعضها، ففي رواية عن ابن جريج أن النبي صلى الله عليه وسلم:(كان يقطع قراءته آية آية) وفي رواية كان يصلي في بيتها فيقرأ: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ

إلخ} (4) وفي لفظ: (كان يقطع قراءته الحمد لله رب العالمين) ثم يقف {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ثم يقف .. (5) وفي لفظ (فقطعها وعدها آية آية وعدَّها عد الأعراب، وعد بسم الله الرحمن الرحيم آية ولم يعد (عليهم)(6)، وهذا اللفظ الأخير من رواية عمر بن هارون (7)، عن ابن جريج وهي طريق ضعيفة

(1) التاريخ الكبير (6/ 1564).

(2)

الثقات (7/ 114) وقد ضعفه العقيلي ينظر تهذيب الكمال (18/ 118).

(3)

تقريب التهذيب (4087).

(4)

شرح معاني الآثار (1/ 199) وينظر نصب الراية (1/ 351).

(5)

تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي (4/ 57).

(6)

سنن الدارقطني (1/ 307)(21) ومعرفة السنن (2/ 363).

(7)

عمر بن هارون بن يزيد الثقفي مولاهم البلخي روى له الترمذي وابن ماجة وهو متروك (ت: 194هـ)(تقريب التهذيب (ترجمة 4979 (486).

ص: 62

لضعف عمر بن هارون، ولذا ضعفها الإمام البيهقي (1)، وابن الجوزي (2)، والذهبي (3)، والزيلعي (4)، وابن التركماني (5)، وفي بعض روايات الحديث عن ابن جريج:

(فوصفت قراءة بطيئة)(6)، وأما في رواية الليث بن سعد:(فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفًا حرفًا) وقد تقدمت فهذه علل أخرى تضاف إلى مخالفه لرواية الليث بن سعد فرواية الليث بن سعد أرجح كما قال الترمذي للاختلاف على ابن جريج، ولأن الليث إمام ثقة ولم يختلف عليه وقد زاد رجلاً في الإسناد وهو يعلى بن مملك، وذلك دال على أن ابن أبي مليكة لم يسمع الحديث من أم سلمة، وتجويز صاحب تحفة الأحوذي لكون ابن أبي مليكة سمعه أولاً من يعلى ثم سمعه

(1) السنن الكبرى (2/ 44، 53).

(2)

التحقيق في أحاديث الخلاف لابن الجوزي (1/ 348) وتنقيح التحقيق لابن عبد الهادي (2/ 808).

(3)

تلخيص المستدرك (1/ 232) وقال: أعني الذهبي في عمر بن هارون (أجمعوا على ضعفه).

(4)

نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للزيلعي (1/ 350).

(5)

الجوهر النقي حاشية سنن البيهقي (2/ 44).

(6)

المسند (1/ 323) من طريق عفان عن همام ثننا ابن جريج به، وينظر إلى نصب الراية (1/ 350) والدراية للحافظ ابن حجر (1/ 134).

ص: 63

من أم سلمة بلا واسطة ضعيف في هذا الموطن لا يلتفت إليه أرباب العلل.

والاختلاف على ابن جريج في لفظه كبير فهذا اضطراب تضعف به رواية ابن جريج والمقصود أن في بعض طرق الحديث ما يدل على أن ابن جريج قد دلسه ولم يسمعه من شيخه ابن أبي مليكة كما أن فيها مخالفة في كثير من الألفاظ.

طريق أخرى للحديث:

روى الإمام أحمد (1)، وابن أبي شيبة في المصنف (2)، والداني (3) بسند صحيح من طريق نافع بن عمر الجمحي وهو ثقة (4)، عن ابن

(1) المسند (6/ 286، 288).

(2)

مصنف ابن أبي شيبة (2/ 403).

(3)

شرح القصيدة الخاقانية للداني (2/ 96) رسالة ماجستير بجامعة أم القرى تحـ غازي بنيدر العمري إشراف د. محمد ولد سيدي حبيب 1419هـ.

(4)

نافع بن عمر بن عبد الله الجمحي المكي روى عن ابن أبي مليكة وعمر بن دينار وغيرهم وروى عنه وكيع ويحيى القطان وأبو نعيم وغيرهم قال: عبد الرحمن بن مهدي ك ان من أثبت الناس ووثقه غيره وروى له الجماعة (ت: 169هـ)(ثقات ابن حبان (7/ 533) والجرح والتعديل (8) الترجمة (2088) وتهذيب الكمال (29/ 287، 289).

ص: 64

أبي مليكة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم:

(أنها سئلت عن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إنكم لا تستطيعونها قال قيل لها أخبرينا بها قال: فقرأت قراءة ترسلت فيها قال نافع وحكى لنا ابن أبي مليكة الحمد لله ثم قطع الرحمن الرحيم ثم قطع مالك يوم الدين) أ. هـ (1).

ووقفه هنا على:

(الحمد لله) هكذا هو في بعض الروايات عن نافع؟ وليس الموقوف عليه رأس آية، فإذا صح عارض الرواية التي استدل بها على الوقف على رؤوس الآي ودل على أنها رويت بالمعنى.

وفي لفظ قالت:

(الحمد لله رب العالمين تعني (الترسيل)(2).أ. هـ (3) والترسُّل والترسيل في القراءة معناه التحقيق بلا عجلة، يقال ترسل في قراءته إذا اتأد فيها وتمهل (4) وفي رواية عن نافع قال:

(1) المسند (6/ 288).

(2)

في المسند (الترتيل) هكذا؟ وفي أطراف المسند (الترسيل) وفي التمهيد لأبي علاء الهمذاني من هذا الطريق: (الترسل) وكأن ما في أطراف المسند أصح لموافقته الروايات الأخرى هذا مع كونه نسخة الحافظ ابن حجر.

(3)

المسند (6/ 286) وأطراف المسند للحافظ ابن حجر (8) رقم (11337).

(4)

ينظر القاموس المحيط ولسان العرب: مادة (رسل) والتعاريف للمناوي (1/ 171).

ص: 65

(أظنها حفصة رضي الله عنها (1) وفي رواية عن ابن أبي مليكة: (لا أعلمها إلا حفصة)(2) والجهالة بالصحابي لا تضر لكن رواية الليث بزيادة يعلى بن مملك، تدل على أن ابن أبي مليكة لم يسمعه من أم سلمة، والليث لم يشك أن الحديث عن أم سلمة فهذا يدل على أنه حفظ. وقد يكون الاختلاف من ابن أبي مليكة وقد وجدت لرواية الليث بن سعد عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك متابعًا لكنه ضعيف لا ينهض، فقد روى الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد المهمذاني العطار (ت: 569هـ) من طريق عمر بن قيس الملقب بسند المكي عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك، قال: كتبت إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقلت: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ؟ قال: (كذا {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] يبينه اسمًا اسمًا وحرفًا حرفًا، حتى يفرغ).أ. هـ (3).

لكن سندل على أنه ضعيف بل متروك، تركه النسائي

(1) المسند (6/ 288) وأطراف المسند للحافظ ابن حجر (8/ 11337).

(2)

المسند (6/ 288).

(3)

التمهيد في معرفة التجويد للهمذاني أبي العلاء (177)(316/ 317) رواه من طريق محمد بن يحيى ابن أخي حزم ومن طريق سليم بن منصور بن عمار عن محمد بن بكر البرساني عن سندل به.

ص: 66

وغيره، وقال ابن عدي:(عامة ما يرويه لا يتابع عليه) وقال أيضًا (ضعيف بالإجماع)(1).

وأما رواية أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث، للحديث عن الليث عن ابن لهيعة عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن أم سلمة رضي الله عنها عند الطبراني (32/ 292) فزيادته لابن لهيعة بين الليث وبين ابن أبي مليكة لا تعلل رواية الأئمة الحفاظ عن الليث عن ابن أبي مليكة بلا واسطة وممن رواه عبد الله بن المبارك وصرح فيه بتحديث ابن أبي مليكة للإمام الليث بن سعد (2)، وقتيبة عند الترمذي والنسائي ويزيد بن خالد بن موهب عند أبي داود، كلهم إثبات ثقات وقد خالفوا عبد الله بن صالح كاتب الليث فهي من أوهامه فإن فيه ضعفًا (3).

(1) الكامل لابن عدي (6/ 12) وتهذيب الكمال (21/ 487 - 491) وفي التقريب متروك (4959).

(2)

الزهد لابن المبارك (421) ومن طريق أبي العلاء الهمذاني: التمهيد له (181).

(3)

ترجمته طويلة في كتب الجرح والتعديل وقد ضعفه جماعة من الحفاظ وقوَّى أمره آخرون وأنكروا عليه أحاديث، فممن ضعفه الإمام أحمد وأحمد بن صالح المصري، وصالح جزره والنسائي وابن حبان وضرب علي ابن المديني على حديثه، وحسن أبو زرعة حديثه ووثقه ابن معين.

وفي المغني للذهبي: (صالح الحديث له مناكير) أ. هـ وفي التقريب: (صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة) أ. هـ ينظر: الجرح والتعديل (5) ترجمة (398) وتهذيب الكمال (15/ 108) والمغني (1) ترجمة (2318) وتهذيب التهذيب (5/ 256) وتقريب التهذيب ص (365) ترجمة (3388).

ص: 67

وقد وهم الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى هنا على الترمذي، فحكى عنه خلاف ما في السنن حين أراد الرد على الطحاوي، وذلك أنه قال:(وأعل الطحاوي الخبر بالانقطاع فقال: لم يسمعه ابن أبي مليكة من أم سلمة واستدل على ذلك برواية الليث عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن أم سلمة أنه سألها عن قراءة رسول الله: فنعتت له قراءة مفسرة حرفًا حرفًا، وهذا الذي أعلَه به ليس بعلة فقد رواه الترمذي من طريق ابن أبي مليكة عن أم سلمة بلا واسطة وصححه ورجحه على الإسناد الذي فيه يعلى بن مملك).أ. هـ (1) بحروفه.

فهذا الذي حكاه عن الإمام الترمذي خلاف ما في سننه وإنما رجح الترمذي رواية الليث التي فيها يعلى بن مملك في

(1) تلخيص الحبير (1/ 233).

ص: 68

موضعين من سننه كما تقدم وهو الذي نقله عنه غير واحد من العلماء (1) وكذلك هو في تحفة الأشراف للمزي نقلاً عن الترمذي (2)، وأما الطحاوي فقد أشار إلى تعليل الحديث برواية الليث بن سعد لأنه زاد فيه رجلاً بين ابن أبي مليكة وبين أم سلمة (3)، كما صنع الترمذي، فاتفق مع الترمذي ولم يختلف معه.

خلاصة القول الذي يظهر لي في هذا الحديث أنه حسن وأحسن طرقه طريق الليث وليست صحيحة لأن يعلى بن مملك مستور ولم يحدث عنه إلا ابن أبي مليكة وقد تفرد بالحديث وطريق ابن جريج ضعيفة لاضطراب ابن جريج فيها ولتدليسه ومخالفته للإمام الليث بن سعد، والإشكال في جميع الروايات الاختلاف في ألفاظ الحديث، وهذا ما جعل الإمام الطحاوي يضعف الرواية بذلك فإنه قال: (قد اختلف

(1) وقد نقله عنه على الصواب المناوي: فيض القدير شرح الجامع الصغير (5/ 238) والشركاني: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار (5/ 238) والشركاني: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار (1/ 206).

(2)

تحفة الأشراف بمعرفة أطراف الكتب الستة للحافظ المزي (13)(8183).

(3)

شرح مشكل الآثار (14/ 9)(5408).

ص: 69

الذين رووه في لفظه) (1).

فإن قيل قد صحح الإمام الدارقطني طريق ابن جريج وقال: (كلهم ثقات (2) وصححها أيضًا الإمام الذهبي في مختصر الجهر بالبسملة (3)، وصححها النووي (4)، فالجواب: من صححها لم يذكر عند التصحيح الطريق الأخرى للرواية فصححها بظاهر سندها، ولكن من أعلها كالترمذي ذكر الطريقين وبين وجه الترجيح بينهما، ولذا ليس في كلام كل من الدارقطني والذهبي، والنووي إشارة إلى طريق الليث ومخالفته لابن جريج ولولا ذلك ما نزل الحديث عن رتبة الصحيح فتبين بهذا أن هذه الطريق المشتملة على اللفظ الذي استدل به معلولة بطريق الليث كما ذكر الترمذي كما تقدم. فالحديث حسن من طريق الليث وضعيف من طريق ابن جريج، وطريق نافع الجمحي أحسن من طريق ابن جريج

(1) شرح معنى الآثار (1/ 199) ونصب الراية (1/ 350).

(2)

سنن الدارقطني (1/ 313) والمسند (6/ 302).

(3)

مختصر الجهر بالبسملة (35)(178) مطبوع ضمن ست رسائل للإمام الذهبي.

(4)

المجموع في شرح المهذب للنووي (3/ 333، 346).

ص: 70