الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بهَا
وَشهد لهَذَا الْجمع مَا حَكَاهُ ابْن هِشَام أَن عَرَبِيَّة إِسْمَاعِيل كَانَت أفْصح من عَرَبِيَّة يعرب بن قحطان وبقايا حمير وجرهم
وَيحْتَمل أَن تكون الأولية فِي الحَدِيث مُقَيّدَة بِإِسْمَاعِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَقِيَّة إخْوَته من ولد إِبْرَاهِيم فإسماعيل أول من نطق بِالْعَرَبِيَّةِ من ولد ابراهيم
قَالَ النّحاس عَرَبِيَّة اسماعيل هِيَ الَّتِي نزل بهَا الْقُرْآن وَأما عَرَبِيَّة بقايا حمير فَغير هَذِه الْعَرَبيَّة وَلَيْسَت بفصيحة والى هَذَا مَال جمَاعَة من الْأَئِمَّة
فصل
حَاصِل مَا يجْتَمع من كَلَام ابْن الْأَثِير والسيوطي والصالحي وَغَيرهم فِي سَبَب تغير اللُّغَة فِي آخر زمن الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَابْتِدَاء من صنف فِي اللُّغَة وَابْتِدَاء من صنف فِي غَرِيب الحَدِيث وَذكر المصنفين فِيهَا الأول فَالْأول وَأَن صِحَاح الْجَوْهَرِي فِي كتب اللُّغَة كصحيح البُخَارِيّ فِي كتب الحَدِيث
اعْلَم أَنه جَاءَ الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَكَانَ اللِّسَان الْعَرَبِيّ عِنْدهم صَحِيحا إِلَى أَن فتحت الْأَمْصَار وخالط الْعَرَب غير جنسهم من الرّوم وَالْفرس والحبش والقبط وَغَيرهم من أَنْوَاع الْأُمَم الَّذين فتح الله على الْمُسلمين بِلَادهمْ وأفاء عَلَيْهِم أَمْوَالهم ورقابهم فاختلطت الْفرق وامتزجت الألسن وتداخلت اللُّغَات وَنَشَأ بَينهم الْأَوْلَاد فتعلموا من اللِّسَان الْعَرَبِيّ مَا لَا بُد لَهُم مِنْهُ فِي الْخطاب وَتركُوا مَا عداهُ لقلَّة الْبَاعِث فَصَارَ بعد كَونه من أهم المعارف مطرحا مَهْجُورًا بعد فريضته اللَّازِمَة كَأَن لم يكن شَيْئا مَذْكُورا
وتمادت الْأَيَّام وَالْحَال هَذِه على مَا فِيهَا من التماسك إِلَى أَن انقرض عصر
الصَّحَابَة رضي الله عنهم والقائم بِوَاجِب هَذَا الْأَمر لقلته غَرِيب
وَجَاء التابعون لَهُم بِإِحْسَان فسلكوا سبيلهم لكِنهمْ قلوا فِي الإتقان عددا فَمَا انْقَضى زمانهم على إحسانهم إِلَّا وَاللِّسَان الْعَرَبِيّ قد اسْتَحَالَ أعجميا أَو كَاد فَلَا ترى المشتغل بِهِ والمحافظ عَلَيْهِ إِلَّا الْآحَاد
فَلَمَّا أعضل الدَّاء وَعز الدَّوَاء ألهم الله تَعَالَى جمَاعَة من أولي المعارف والنهى صرفُوا إِلَى هَذَا الشَّأْن طرفا من عنايتهم حراسة لَهُ من الضّيَاع
فَأول من صنف فِي جمع اللُّغَة الْخَلِيل بن أَحْمد لَهُ كتاب الْعين الْمَشْهُور هُوَ أصل الْكتب المصنفة فِي اللُّغَة لَكِن أطبق الْجُمْهُور على الْقدح فِيهِ حَتَّى قيل إِنَّه أَو أَكْثَره لبَعض أَتْبَاعه
قَالَ الْمفضل بن سَلمَة الْكُوفِي فِي ذكر صَاحب الْعين إِنَّه بَدَأَ كِتَابه بِحرف الْعين لِأَنَّهَا أقْصَى الْحُرُوف مخرجا
وَالَّذِي ذكره سِيبَوَيْهٍ أَن الْهمزَة أقْصَى الْحُرُوف مخرجا
قَالَ ابْن كيسَان سَمِعت من يذكر عَن الْخَلِيل أَنه قَالَ لم أبدأ بِالْهَمْزَةِ لِأَنَّهُ يلْحقهَا النَّقْص والتغيير وَلَا بِالْألف لِأَنَّهَا لَا تكون فِي أول الْكَلِمَة وَلَا بِالْهَاءِ لِأَنَّهَا مهموسة خَفِيفَة لَا صَوت لَهَا
وَلَيْسَ الْعلم بِتَقْدِيم شَيْء على شَيْء لِأَنَّهُ كُله مُحْتَاج إِلَيْهِ فَبِأَي شَيْء بدأت كَانَ حسنا وللخليل عدَّة مصنفات
قيل وسمى إِسْحَاق بن مرار الشَّيْبَانِيّ كِتَابه الْجِيم لِأَنَّهُ بَدَأَ فِيهِ بِالْجِيم وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِنَّهُ لم يبْدَأ فِيهِ بِهِ
قلت وسمى أَبُو تَمام كِتَابه الحماسة بذلك لِأَنَّهُ بَدَأَ فِيهِ بِبَاب فِي الحماسة وَهُوَ أكبر أبوابه
وَلم أر لأحد نصا على وَجه تَسْمِيَته بذلك بعد الْبَحْث
وَذكر صَاحب الْإِسْعَاف فِي تَرْجَمَة أبي تَمام نَحْو مَا ذَكرْنَاهُ فِي تَسْمِيَة كتاب الحماسة
وَأما كتاب لَيْسَ لِابْنِ خالويه وَهُوَ ثَلَاثَة مجلدات ضخمات فَإِنَّمَا سَمَّاهُ بذلك لِأَنَّهُ يَقُول فِي كل مَسْأَلَة فِي اللُّغَة كَذَا لَا كَذَا
وَتعقب الْحَافِظ مغلطاي عَلَيْهِ مَوَاضِع فِي مُجَلد سَمَّاهُ الميس على لَيْسَ وَهَذَا الْكتاب نوع من أَنْوَاع الْأَشْبَاه والنظائر فِي اللُّغَة
وَذكر السُّيُوطِيّ مِنْهَا فِي النَّوْع الْأَرْبَعين من المزهر مَا لَو أفرد بالتأليف لَكَانَ كتابا جَلِيلًا لَا يَنْقَضِي من الْعجب
ثمَّ صنف ابْن دُرَيْد على منوال كتاب الْعين كتاب الجمهرة لِأَنَّهُ اخْتَار لَهُ الْجُمْهُور من كَلَام الْعَرَب
ثمَّ اختصر الجمهرة إِسْمَاعِيل بن عباد فِي كتاب سَمَّاهُ الْجَوْهَرَة
ثمَّ صنف أَتبَاع الْخَلِيل وَأَتْبَاع أَتْبَاعه فِي اللُّغَة كتبا كَثِيرَة مَا بَين مُخْتَصر ومطول وعام فِي أَنْوَاع اللُّغَة وخاص بِنَوْع مِنْهَا
قيل وَأول من جمع فِي غَرِيب الحَدِيث شَيْئا وَألف أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى فَجمع فِيهِ كتابا صَغِيرا ذَا أوراق معدودات
وَله فِي اللُّغَة النَّوَادِر واللغات
ومصنفاته تقَارب مئتي مُصَنف
ثمَّ جمع أَبُو الْحسن النَّضر بن شُمَيْل الْمَازِني بعده كتابا فِي غَرِيب الحَدِيث أكبر من كتاب أبي عُبَيْدَة وَشرح فِيهِ وَبسط على صغر حجمه
ومصنفاته تقَارب عشْرين مصنفا
ثمَّ جمع عبد الْملك بن قريب الْأَصْمَعِي وَكَانَ فِي عصر أبي عُبَيْدَة وَتَأَخر عَنهُ كتاب غَرِيب الحَدِيث أحسن فِيهِ الصنع وأجاد
وَألف فِي اللُّغَة كتاب الْأَجْنَاس وَغَيره ومصنفاته تنيف على ثَلَاثِينَ مجلدا
وَقَرِيب لقب أَبِيه واسْمه عَاصِم وَهُوَ بِضَم الْقَاف وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْمُثَنَّاة من تَحت آخِره بَاء مُوَحدَة
وَكَذَلِكَ مُحَمَّد بن المستنير الْمَعْرُوف بقطرب صنف فِي اللُّغَة وَغَيرهَا قريب كَذَا عشْرين مصنفا
وَكَذَلِكَ أَبُو عَمْرو إِسْحَاق بن مرار الشَّيْبَانِيّ صنف كتاب الْجِيم والنوادر والغريب المُصَنّف
واستمرت الْحَال إِلَى زمن أبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام وَذَلِكَ بعد المئتين
قَالَ ابْن خلكان وَيُقَال إِنَّه أول من صنف فِي غَرِيب الحَدِيث
وصنف بضعَة وَعشْرين كتابا فِي الْقُرْآن الْكَرِيم والْحَدِيث وغريبه وَالْفِقْه فَجمع الْغَرِيب المُصَنّف فِي اللُّغَة وَكتابه الْمَشْهُور فِي غَرِيب الحَدِيث والْآثَار أفنى فِيهِ عمره وأطاب بِهِ ذكره حَتَّى رُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ جمعت كتابي هَذَا فِي أَرْبَعِينَ سنة وَهُوَ كَانَ خُلَاصَة عمري
وَلَقَد صدق رَحمَه الله تَعَالَى
وَلما وضع كتاب الْغَرِيب عرضه على عبد الله بن طَاهِر فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ إِن عقلا بعث صَاحبه على عمل هَذَا الْكتاب حقيق أَن لَا يحوج إِلَى طلب
المعاش
وأجرى لَهُ فِي كل شهر عشرَة آلَاف دِرْهَم
وَبَقِي كِتَابه مرجعا إِلَى عصر أبي مُحَمَّد عبد الله بن قُتَيْبَة الدينَوَرِي فصنف كِتَابه الْمَشْهُور فِي غَرِيب الحَدِيث والْآثَار وَهُوَ كالذيل لكتاب أبي عبيد وأكبر مِنْهُ
وصنف فِي اللُّغَة وغريب الحَدِيث نَحْو عشْرين مصنفا
ودينور بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ بِفَتْحِهَا قَالَ ابْن خلكان وَلَيْسَ بِصَحِيح وَسُكُون الْيَاء الْمُثَنَّاة من تحتهَا وَفتح النُّون وَالْوَاو بعْدهَا
وَقد كَانَ فِي زمن ابْن قُتَيْبَة الإِمَام إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق الْحَرْبِيّ جمع كتابا فِي غَرِيب الحَدِيث ذَا مجلدات
وَقد صنف النَّاس غير مَا ذكرنَا فِي هَذَا الْفَنّ تصانيف كَثِيرَة كالنوادر لِابْنِ الْأَعرَابِي والبارع للمفضل بن سَلمَة واليواقيت لأبي عمر الزَّاهِد غُلَام ثَعْلَب والتهذيب للأزهري والمجمل لِابْنِ فَارس وديوان الْأَدَب للفارابي قَالَ الْجَوْهَرِي مُصَنف الصِّحَاح نِسْبَة إِلَى بَلْدَة تسمى فاراب وَالْمُحِيط للصاحب بن عباد عشرَة مجلدات كَمَا قَالَ السُّيُوطِيّ وَالْجَامِع للفزاز وَغير ذَلِك حَتَّى حكى الصاحب بن عباد أَن بعض الْمُلُوك أرسل إِلَيْهِ ليسأله الْقدوم عَلَيْهِ فَقَالَ أحتاج إِلَى سِتِّينَ جملا أنقل عَلَيْهَا كتب اللُّغَة الَّتِي عِنْدِي
وَقد ذهب جلّ الْكتب فِي الْفِتَن الكائنة من التتار وَغَيرهم بِحَيْثُ إِن الْكتب الْمَوْجُودَة الْآن فِي اللُّغَة من تصانيف الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين لَا تَجِيء حمل جمل وَاحِد