المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل وجوب محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم] - قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر

[صديق حسن خان]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة الناشر قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر]

- ‌[مقدمة المحقق]

- ‌[ترجمة المصنف]

- ‌[تعريف المحقق بكتابه "قطف الثمر في عقيدة أهل الأثر

- ‌[مقدمة المصنف لكتابه]

- ‌[فصل الأدلة على إثبات اليدين لله عز وجل من القرآن والسنة]

- ‌[بعض ما في رسالة الشيخ محمد ناصر الحازمي في مسألة العلو]

- ‌[الفرقة الناجية]

- ‌[فصل الأدلة على صفة النفس من القرآن والسنة]

- ‌[فصل الأدلة على صفة الكلام لله عز وجل]

- ‌[معنى قولهم عن القرآن منه بدأ وإليه يعود]

- ‌[فصل الحروف المكتوبة والأصوات المسموعة هي عين كلام الله]

- ‌[فصل الله عز وجل يتكلم بحرف وصوت]

- ‌[فصل علم الله تعالى بجميع المخلوقات وقدرته على جميع الممكنات]

- ‌[فصل الإيمان قول وعمل]

- ‌[فصل عودة إلى مبحث الإيمان والإسلام]

- ‌[فصل القضاء والقدر]

- ‌[درجات الإيمان بالقدر]

- ‌[القدرية مجوس الأمة تحقيق ذلك]

- ‌[فصل بعض خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[شفاعة الرسول وأنواعها]

- ‌[فصل سلامة قلوب أهل السنة لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل وجوب محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[من أصول السنة التصديق بكرامات الأولياء]

- ‌[تعريف المعجزة والكرامة]

- ‌[بيان ما آل إليه أمر المتصوفة من الاستعانة بغير الله]

- ‌[فصل كيفية التوسل بالصالحين]

- ‌[فصل حكم النذر وأنواعه]

- ‌[كلام هام لأهل العلم فيما ينذر به على القبور]

- ‌[فصل الرؤيا من الله وحي ما لم تكن ضغثا]

- ‌[فصل الإجماع على الإسراء والمعراج]

- ‌[فصل وجوب الإيمان بما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فصل الإيمان بالموت وملك الموت]

- ‌[عذاب القبر]

- ‌[فصل الميزان له لسان وكفتان]

- ‌[أصناف ما تضمنته الدار الأولى والآخرة]

- ‌[فصل الحوض المورود وصفته]

- ‌[الصراط وحال الناس يومئذ]

- ‌[فصل رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة]

- ‌[فصل الملائكة وأعمالهم]

- ‌[فصل لا يخلد صاحب كبيرة في النار]

- ‌[جواز الاستثناء في الإيمان غير ألا يكون في الشك]

- ‌[فصل من عقائد أهل السنة والجماعة]

- ‌[فصل من السنة هجر أهل البدع]

- ‌[مقصود الإجماع]

- ‌[فصل الاعتقاد بالكتاب والسنة]

- ‌[وصايا المصنف لطلبة العلم]

- ‌[خاتمة الكتاب من المصنف]

- ‌[أهم المصادر والمراجع]

الفصل: ‌[فصل وجوب محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم]

[فصل وجوب محبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم]

فصل ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال يوم غدير خمٍّ:«أُذكِّرُكُم الله في أهل بيتي مرتين» (1) وقال للعباس عمه، حين اشتكى أن بعض قريش لا يلقونه بوجه طلق «والذي نفسي

(1) غَدِير خُمِّ ماء بين مكة والمدينة على ثلاثة أميال بالجُحْفة كما في " معجم البلدان "(2 / 389) . والحديث في صحيحِ مسلم (2408) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يُدْعى خُما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه وَوَعظ وذكّر ثم قال: " أمّا بعد ألا أيها الناس! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسولُ ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به " فحثَّ على كتاب الله ورغّبَ فيه. ثم قال: " وأهل بيتي. أُذَكِّرُكُم الله في أهل بيتي. أُذَكِّرُكُم الله في أهل بيتي. أُذَكِّرُكُم الله في أهل بيتي ".

فائدة: قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " اقتضاء الصراط المستقيم "(ص 293) : " زاد بعض أهل الأهواء في ذلك حتى زعموا أنه عهد إلى علي رضي الله عنه بالخلافة بالنص الجليِّ بعد أن فرش له وأقعده على فرش عالية وذكروا كلاما باطلا وعملا قد علم بالاضطرار أنه لم يكن من ذلك شيء، وزعموا أن الصحابة تمالؤوا على كتمان هذا النص وغصبوا الوصيّ حقه وفسّقوا وكفّروا إلا نفرا قليلا. والعادة التي جبل الله عليها بني آدم ثم ما كان عليه القوم من الأمانة والديانة وما أوجبته شريعتهم من بيان الحق يوجب العلم اليقيني بأن مثل هذا يمتنع كتمانه ".

وقال ابن جرير الطبري " معجم الأدباء "(18 / 85) :

ثم مررنا بغدير خُمٍّ

كم قال فيه بزورٍ جمٍّ

عن عليٍّ والنبي الأمِّي

فائدة ثانية: قال أبو جحيفة رضي الله عنه: " سألت عليا رضي الله عنه: هل عندكم شيء ليس في القرآن؟ وقال مرة: ليس عند الناس فقال: والذي فلق الحبّةَ وبَرَأَ النّسمة ما عندنا إلا ما في القرآن - إلا فهما يُعطى رجل في كتابه - وما في الصحيفة. قلت: وما الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر ". رواه البخاري (12 / 246) . ولقد سأل قيس بن عباد والأشتر النخعي عليا أيضا عن هذا كما في " سنن النسائي "(8 / 19 - 20) وأبي داود (4530) وغيرهما.

وقال الحافظ في " الفتح "(1 / 204) : " وإنما سأله أبو جحيفة عن ذلك لأن جماعة من الشيعة كانوا يزعمون أن عند أهل البيت - لا سيما عليا - أشياء من الوحي خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بها لم يطلع غيرهم عليها " وروى أحمد بإسناد حسن من طريق طارق بن شهاب - كما قال الحافظ - قال: " شهدت عليا على المنبر وهو يقول: والله ما عندنا كتاب نقرؤه عليكم إلا كتاب الله وهذه الصحيفة ".

فائدة ثالثة: المقصود من " أهل البيت " إنما هم العلماء الصالحون منهم والمتمسكون بالكتاب والسنّة، قال الطحاوي - رحمه الله تعالى -:" العترة: هم أهل بيته صلى الله عليه وسلم الذين هم على دينه وعلى التمسك بأمره " انظر السلسلة الصحيحة (4 / 360) .

وسمى الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن وأهل البيت ثقليْن لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، ويقال لكل خطير نفيس (ثقل)، فسماهما (ثقلين) إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما " قاله ابن الأثير كما في " السلسلة " وقال العلامة الألباني:" والحاصل أن ذكر أهل البيت في مقابل القرآن في هذا الحديث كذكر سنّة الخلفاء الراشدين مع سنّته صلى الله عليه وسلم في قوله: " فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين. . . " ثم نقل عن علي القاري قوله: " فإنهم لم يعملوا إلا بسنّته، فالإضافة إليهم إما لعلمهم بها أو لاستنباطهم واختيارهم إياها ". راجع السلسلة الصحيحة (4 / 360 - 361) .

ص: 98

بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي» (1) .

ويؤمنون بأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، بنص القرآن، وأنهن أزواجه في الآخرة، خصوصًا خديجة، وهي أم أكثر أولاده، وأول من آمن به من النساء، وعاضدته على أمره، وكان لها منه المنزلة العلية. والصديقة بنت الصديق، التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم:«فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» (2) . وقد برأها الله سبحانه في كتابه، وهي زوجته في الدنيا

(1) رواه أحمد في " المسند "(1 / 207 - 208 و 4 / 65) بلفظ " والله لا يدخل قلب امرئٍ إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي ". وقال العلامة أحمد شاكر في تعليقه على المسند (1773) : إسناده صحيح. وروى ابن ماجه (140) نحوه ولكن إسناده منقطع كما قال أحمد شاكر.

(2)

متفق عليه: البخاري (7 / 106 فتح) ومسلم (2446) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

تنبيه: روى الحديث أيضا ابن ماجه (3281) عن أنس. وقد ذكره السيوطي في " الجامع الصغير "(4 / 436 فيض القدير) بلفظ " فضل الثريد على الطعام كفضل عائشة على النساء " وعزاه لابن ماجه، وقد نبه شيخنا الألباني في " ضعيف الجامع الصغير "(3965) إلى أن هذا الحديث لا أصل له عند ابن ماجه ولا عند غيره من كتب الحديث وإنما هو مما انقلب على السيوطي رحمه الله ولم يتنبه لذلك المناوي ولا النبهاني، ثم ذكر لفظ الصحيحين وابن ماجه.

ص: 99

والآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه، فقد كفر بالله العظيم، وكذّب بكتابه الحكيم.

ويتبرؤون من طريقة الروافض والشيعة، الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم (1) وطريقة النواصب والخوارج الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل.

ويمسكون عما شجر بين الصحابة، ويقولون: إن هذه الآثار المروية منها ما هو كذب، ومنها ما هو قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه، والصحيح منها هم فيه معذورون، إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون، وهم مع ذلك يعتقدون أن كل أحد من الصحابة ليس معصومًا عن كبائر الإثم وصغائره، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما صدر منهم إن صدر، حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم، ولهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم، وكلهم عدول بتعديل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت في قوله صلى الله عليه وسلم: أنهم «خير القرون» (2) وأن «المد

(1) ومن ذلك ما جاء في كتاب " تحفة العوام " مقبول جديد باللغة الأردية (ص 422) دعاء صنمي قريش: بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم العن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيهما وإفكيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك وعصيا رسولك وقلبا دينك وحرفا كتابك. . . والقوم يقصدون بصنمي قريش أبا بكر وعمر رضي الله عنهما. وهذا الكتاب موثق من جمع من آياتهم تَبّا لها من آيات.

وانظر الكتب التالية عن الشيعة وخطرهم: " منهاج السنّة " لابن تيمية، " المنتقى " للذهبي، " الصراع بين الإسلام والوثنية " لعبد الله القصيمي، " جاء دور المجوس " د. عبد الله الغريب، " سراب في إيران " د. الأفغاني، " الخميني بين الاعتدال والتطرف ".

(2)

لم أره بهذا اللفظ ولا " خير القرون قرني " وفي الصحيح: البخاري (5 / 259 فتح) ومسلم (2533) من حديث ابن مسعود مرفوعا " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ". وله ألفاظ أخرى وطرق متعددة، وهو حديث متواتر كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في مقدمة " الإصابة في تمييز الصحابة ".

ص: 100

من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا» (1) ممن بعدهم. ثم إذا كان قد صدر عن أحد منهم ذنب فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه الذين هم أحق الناس بشفاعته أو ابتلي ببلاء في الدنيا [كفِّر](2) به عنه، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف في الأمور التي كانوا مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد؟ .

والخطأ مغفور. ثم القدْر الذي يُنْكر من فِعل بعضهم قليل، فوِزْرُه مغفور، في جنب فضائلهم ومحاسنهم، من الإيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيله، بالأنفس والأموال والنصرة، والعلم النافع، والعمل الصالح، والنصيحة لخلق الله.

ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما منّ الله به عليهم من الفضائل والكرامات، ورفيع الدرجات، في الدنيا والآخرة، علم يقينا وعيانا بلا ريب ومرية أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لم يكن ولا يكون مثلهم أبدا، وأنهم الصفوة من هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله (3) .

وبالجملة فكل من شهد له منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة شهدنا له، ولا نشهد لأحد غيرهم، بل نرجو للمحسن، ونخاف على المسيء، ونكل علم الخلق إلى خالقه، ولا يحكمون بالجنة لأحد بعينه من الموحدين حتى يكون الله تعالى ينزلهم حيث شاء، ويقولون أمرهم إلى الله، إن شاء عذبهم على المعاصي، وإن شاء غفر لهم، ويؤمنون بأن الله تعالى يخرج قومًا من الموحدين من النار على ما جاءت به الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) .

فالزم - رحمك الله - ما ذكرت لك من كتاب ربك العظيم، وسنة نبيك الرؤوف الرحيم، ولا تحدْ عنه بقول أحد وعمله، ولا تبتغ الهدي من غيره، ولا تغتر

(1) صحيح انظر التعليق رقم (1) بحاشية ص 94.

(2)

في الأصل (كفي) والصواب ما أثبته من " الواسطية "(ص 19) .

(3)

من بداية هذا الفصل إلى هذا الحد من " الواسطية "(ص 18 - 19) ويكاد يكون بحروفه تماما إلا يسيرا.

(4)

انظر بحث الشفاعة في " شرح الطحاوية "(ص 252 - 261) وفيه الأدلة مبسوطة.

ص: 101