الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل الأدلة على صفة الكلام لله عز وجل]
فصل ومن مذهب أهل الحق، ومما اتفق عليه أهل التوحيد والصدق، أن الله لم يزل متكلما، بكلام مسموع مفهوم، مكتوب، قال تعالى:. . . {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد إلا يكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان. . .» الحديث (1) رواه عدي بن حاتم عنه صلى الله عليه وسلم وروى جابر بن عبد الله قال: «لما قتل عبد الله - يعني أباه - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا جابر! ألا أخبرك بما قال الله لأبيك؟ " قال: بلى. قال: " ما كلم أحدا إلا من وراء حجاب، وكلم أباك كفاحا. . .» الحديث (2) .
والقرآن كلام الله عز وجل، ووحيه وتنزيله، والمسموع من القارئ كلام الله عز وجل، قال الله تعالى:. . {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] وإنما سمعه من القارئ وقال عز وجل:. . {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} [الفتح: 15] وقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] وقال: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ - نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ} [الشعراء: 192 - 194]
(1) متفق عليه: البخاري (11 / 400 فتح) ومسلم (1016) بلفظ: " ما منكم من أحد إلا سيكلمه. . . ".
(2)
رواه ابن ماجه (190 و 2800) وتمامه (. . . فقال: يا عبدي! تمن عليَّ أعطِك. قال. يا رب! تحييني فأقتل فيك ثانية. قال: إنه سبق مني (أنهم إليها لا يرجعون) قال: يا رب! فأبلغ من ورائي فأنزل الله عز وجل هذه الآية: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا. . . (آل عمران: 169)(الآية كلها) وروى نحوه الترمذي أيضا (4097) وقال: " حديث حسن غريب ".
وكِفاحا: أي مواجهةً ليس بينهما حجاب ولا رسول كما في " النهاية "(4 / 185) .
وهو محفوظ في الصدور، كما قال:{بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49] وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استذكروا القرآن فهو أشد تفصيا من صدور الرجال [من النعم] (1) من عقلها» (2) .
وهوِ مكتوب في المصاحف، منظور بالأعين، قال تعالى:{وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ - فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور: 2 - 3] وقال: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ - فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ - لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 77 - 79] وعن ابن عمر رضي الله عنهما «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو» (3) وقال عثمان بن عفان (4)" ما أحب أن يأتي عليّ يوم وليلة حتى أنظر في كلام الله - يعني القراءة في المصحف - "(5) وقال عبد الله بن أبي مليكة (6)" كان عكرمة (7) بن أبي جهل يأخذ المصحف ويقول: " كلام ربي " (8) .
(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل وصححناه من مصادر الحديث.
(2)
رواه البخاري (9 / 79 فتح) ومسلم (790) ولفظ مسلم: " بئسما لأحدهم يقول: نسيتُ آية كيت وكيت بل هو نُسِّي استذكروا القرآن فلهو أشد تفصِّيا من صدور الرجال من النَّعَمِ بِعُقلها " وأشد تفصيا أي أشد خروجا كما في " النهاية "(4 / 452) .
(3)
رواه البخاري (6 / 133 فتح) ومسلم (1869) ولكن ليس في البخاري " مخافة أن يناله العدو " وقال البخاري في باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو (6 / 134 فتح) : " وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في أرض العدو وهم يعلمون القرآن ". وانظر كلام الحافظ في الفتح لبيان صحة زيادة " مخافة أن يناله العدو " حيث رد على من قال إن هذه من تعليل مالك وليست مرفوعة، ولفظ مسلم صريح في الرفع إذ لفظه:" فإني لا آمن أن يناله العدو " فانتفى القول بالإدراج.
وقال الشيخ الألباني عن زيادة مسلم: " ففيها تنبيه إلى علة النهي، ولازمها إذا أُمن أن يناله العدو فلا نهي ". انظر " رياض الصالحين "(ص 627) الحاشية منه.
(4)
أمير المؤمنين أحد السابقين الأولين والخلفاء الراشدين والعشرة المبشرة استشهد (سنة 35 هـ) التقريب.
(5)
رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في " السنة "(ص 21) .
(6)
انظر التعليق رقم (2) بحاشية ص 63.
(7)
صحابي أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه واستشهد بالشام في خلافة أبي بكر على الصحيح، تقريب.
(8)
رواه عبد الله في " السنة "(ص 20) .