المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر مفاريد الأسماء في هذا الحرف - قلائد الجمان في فرائد شعراء هذا الزمان - جـ ٤

[ابن الشعار]

الفصل: ‌ذكر مفاريد الأسماء في هذا الحرف

‌ذكر مفاريد الأسماء في هذا الحرف

[576]

الفاخر بن عليِّ بن رافع بن فضائل بن عليِّ بن حمزة بن أحمد بن حمزة بن عليِّ بن أحمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالبٍ- عليهم السلام أبو المجد العلويُّ الموسويُّ.

كانت ولادته سحرة اليوم الثامن عشر من رمضان سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ببغداد في الكرخ بين السورين، وبقي إلى سنة عشرين وستمائة. سكن الحلة السيفية. وكان يرد بغداد، وينشد في الهناءات مدائح الإمام الناصر لدين الله أبي العباس أحمد/ 264 ب/رضي الله عنه وكان شاعرًا له ذكر ونباهة بالشعر.

أنشدني الشريف الجليل فخر الدين أبو الوفاء عبيد الله بن علي بن زيد بن محمد بن عبيد الله الحسيني الموصلي بها- رضي الله عنه قال: أنشدني الشريف أبو المجد الفاخر لنفسه: [من مخلّع البسيط]

إذا رأيت امزًا وضيعًا

قد رفع الدَّهر من مكانه

فكن سميعًا له مطيعًا

معظِّمًا من صغير شانه

وامش مع الدَّهر كيف أرخى

بمشيه الدَّهر في عنانه

فقد سمعنا بأنَّ كسرى

قال قديما لترجمانه

إذا زمان السِّباع ولَّى

فارقص لدى القرد في زمانه

وقال من قصيدة، قالها في الناصر لدين الله- رضي الله عنه:[من الطويل]

/265 أ/ بكفِّك للتَّدبير أرقش دونه

صدور المواضي البيض والأسل السُّمر

يشتِّت شمل المال بالبذل والعطا

وبجمع أشتات البلاغة في سطر

ص: 311

إذا ما انتضى الصَّمصام بهمة معركٍ

نبت شفرتاه وهو في طرسه يجري

وله في مبدأ قصيدة يرثى بها بعض الدارجين: [من البسيط]

صفة الحياة وإن طال المدى كدر

وحادث الموت لا يبقى ولا يذر

ولا يزال لسان الدَّهر ينذرنا

لو أثَّرت عندنا الآيات والنُّذر

ووجدت من شعره قصيدة بخط يده، يمدح بها النقيب مجد الدين أبا جعفر أحمد بن زيد بن محمد بن عبد الله الحسيني الموصلي:[من الكامل]

لا غرو ان وصل الملول القاطع

ودنا بمن بعد المزار الشَّاسع

كم فرقة جلب السُّرور وراءها

من بعد وشك البين شملٌ جامع

ولربما يأتي الزَّمان بما مضى

وتعود راجعةً بذاك رواجع

ولقد مررت على الدِّيار فنازعت

إليها .... بالحنين نوازع

/265 ب/ واغرورقت عيناي لمَّا استعجمت

فيها مصايف أفقرت ومرابع

لولا تذُّكر ساكنيها لم تفض

من مقلتيَّ على الدِّيار مدامع

يا عاذلي كيف الملامم وليس لي

سمعٌ لعذلك في الأحبَّة سامع

عزَّ اللَّقاء فما المحبُّ بطارقٍ

منهم يزور ولا بقرب طامع

. بزورتها عليك متيم

تحنو على الزَّفرات منه أضالع

قالوا: أتقنع بالخيال؟ فقلت من

فرط الغرام: نعم به أنا قانع

ما كان أشفى للغليل خيالها

لو كان للمشتاق طرفٌ هاجع

ولقد لقيت من الزَّمان وصرفه

مالو بأيسره يصاب متالع

فما ........ سيل النَّقا

مرّت عليه من الرِّياح زعازع

من مخبري أنا والخطوب إلى متى

تفنى حروبٌ بيننا ووقائع

يا للرِّجال ألا كريمٌ ماجدٌ

يقتاده مستصحب فيطاوع

عليَّ لان سقط الرَّجاء وعزَّ من

يدعى إلى أكرومةٍ فيسارع

ص: 312

فإلى ابن زيدٍ أحمد بن محمّد

تحدى بنات .. وهي خواضع

من لا بكم لأن نلوذ بظلِّه

من حادثات الدَّهر خطبٌ صارع

وإذا علقت بذمَّةٍ من جوده

فلك الأمان بأن يروعك رائع

/266 أ/ من سيِّد عتق النِّقابة قدره

بالشَّمس متَّصل وفيه تواضع

عذب المواهب لا تكدَّر أنعمٌ

بالمنَّ منه ولا تذُّم صنائع

ومحسَّدٍ يرمى بأعراض العدا

حسدًا له والله عنه يدافع

أجرى برفعته الإله قضاءه

فجرى السُّعود له بها والطَّالع

وعناية الله الَّتي ....

في العالمين بها مذاعٌ شائع

فما يذلُّ على سريرة ربِّه

فيه وعرنين المعاند جادع

إن سالمت أقلامه وقع الرِّضا

أو حاربت فالموت منه جازع

تنبو السُّيوف لها وهنَّ قواطعٌ

وتقصَّف المرَّان وهي شوارع

فكأنَّما فيها الرَّدَّى متعلِّقٌ

وكأنَّما فيها النَّدى متدافع

سبحان من أعطاك مجدًا لم يكن

لك فيه مجد الدِّين قطُّ منازع

مجدًا تركت به الحسود وليله

ليل السّليم عراه سمٌّ ناقع

حتَّى يقول وبين أثناء الحشا

منه التياعٌ في الجوانح لاذع:

يا من إليه حياتنا ومماتنا

وله التَّفضُّل والعطاء الواسع

من يمنع المرزوق إن أعطيته

ومن الَّذي يعطي وأنت المانع

/266 ب/ فلم يكف مجد الدِّين أسباب الرَّدى

إلَّا اليقين وبره المتتابع

يا ابن الأئمَّة كيف يجحد فظلكم

بين البريَّة وهو نور ساطع

أنتم نجوم سماء كلِّ فضيلةٍ

زهر السَّماء تغيب وهي طوالع

فلقد زرعت معي الجميل ورُّبَّما

حمد النَّما عند الحصاد الزَّارع

وحفظت حرًّا لا افتقادك عنده

منُّ عليه ولا جميلك ضائع

فتهنَّ بالعيد المبارك إنه

يومٌ جليلٌ مثل عرضك ناصع

ص: 313

وإذا الجمال عدته أسباب الرَّدى

فالعيد عند كلَّ يوم راجع

فالله يوليه السَّلامة إنه

كفٌ ومنتجعٌ وحصنٌ مانع

فاسعد بطلعته ونور جبينه

فالسَّعد والإقبال منه طالع

فهو الشَّفيع إليك في إنجاز ما

أبغى فلا عدم القبول الشَّافع

[577]

فتيان بن عليِّ بن فتيان بن ثمالٍ، أبو محمدٍ الأسديُّ الشاغوريُّ الدمشقيُ النحويُّ.

أصله من بانياس، الأديب الشاعر.

أخذ العلم بالعربية والنحو عن أبي نزار الحسن بن صافي البغدادي الملقب/ 267 أ/ بملك النّحاة- وبعده على أبي اليمن زيد بن الحسن الكنديّ البغداديّ. وكان من الشعراء وذوي الآداب، عارفًا بعلم اللغة والإعراب، ليبيًا عاقلًا، أديبًا كاملًا، ذا سمتٍ حسن وديانة. وكان يعلّم الصبيان بدمشق فترك التعليم، وتصدّى لإقراء النّحو والآداب والعربية، واستفاد منه خلق كثير، واشتهر شعره وشاع في الأقطار، واستملحه أولو العلم واستجادوه لحسن ديباجته، وملاحة ألفاظه، وبلاغة معانيه.

أخبرني أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار البغداديّ بها، قال: سألت فتيان بن علي الأسدي عن ولادته، فقال: ولدت في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة ببانياس. وتوفي بدمشق يوم الجمعة الثاني والعشرين من المحرم من سنة خمس عشرة وستمائة- رحمه الله تعالى-.

أنشدني الخطيب عبد الرحمن بن منصور بن جامع الدمشقيّ أبو محمد، قال: أنشدني فتيان لنفسه: [من الخفيف]

ص: 314

إسقني من معتَّقات الكروم

بنت كرمٍ تفني جيوش همومي

إسقني عانسًا ألذَّ من الشَّهد وكالمسك عرفها من شميم

/267 ب/ إسقني القهوة الَّتي أنزل الله فيها الآيات بالتَّحريم

عتَّقها خوَّا لآدم لمَّا

هبط الأرض في الزَّمان القديم

إسقنيها صرفًا على نغم الأوتار من مطلقٍ ومن مزموم

إسقنيها حتَّى تراني لا أفرق بين المعوج والمستقيم

صيدنانيةً كسا وجهها المزج حبابًا كاللؤلؤ المنظوم

من يدي شادنٍ أغنَّ غضيض الطَّرف أحوى يرنو بطرفٍ سقيم

وفتاة ٍكالبدر أبهى من الشَّمس سبتني بكشحها المهضوم

بنت سبعٍ وأربعٍ وثلاثٍ

تخجل البدر من بنات الرُّوم

وأنشدني أيضًا، قال: أنشدني لنفسه بجامع دمشق سنة ثلاث عشرة وستمائة:

[من الطويل]

سلامٌ عليكم أنسى عهودكم

فحاشاكم أن تنقضوا في الهوى عهدي

حنيني إلى أكناف جلِّقَّ زائدٌ

كما حنَّت الأعراق قدمًا إلى نجد

ومن بعدكم ما الحال عندي بصالحٍ

ألا أخبروني كيف حالكم بعدي

وقال ابتداء قصيدة: /268 أ/ وأنشدنيه الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن البغدادي- أدام الله سعادته-: [من الرجز]

نوح الحمام الورق في أوراقها

دلَّ أخا الشَّوق على أشواقها

فأظهر الدَّمع وأخفى زفرةً

خاف على البانات من إحراقها

فاعجب لها شاكيةً باكيةً

لم تسلك الدُّموع في آماقها

لو بكت الورق ببعض دمعه

امتحت الأطواق من أعناقها

ص: 315

ما أفرقت مهجته من الجوى

لكنَّه أشفى على فراقها

ومنها قوله:

سقى دمشق الله غيثًا محسبًا

من مستهلَّ ديمة دفَّاقها

مدينةٌ ليس يضاهى حسنها

في سائر الدُّنيا ولا آفاقها

تود زوراء العراق أنَّها

منها ولا تعزى إلى عراقها

أهدت لنا يد الرَّبيع حلةً

بديعة التَّفويف من خلَّاقها

بنفسجٌ مثل الخدود أدميت بالقرص والتَّجميش من عشَّاقها

ونرجسٌ أحداقه رانيةٌ

عن مقل الغيد وعن أحداقها

/268 ب/ قد رتع الرَّبيع في ربوعها

وسيقت المنى إلى أسواقها

لا نسأم العيون والأنوف من

رؤيتها يومًا ولا انتشاقها

بعدل فخر الدِّين قرَّ أهلها

عينا وزاد الله في أرزاقها

زوَّجها الأمن وناهيك به

بعلًا فطيب العيش من صداقها

وأنشدني الفصيح أبو بكر الجزري الشاعر، قال: أنشدني فتيان بن علي لنفسه: [من مخلّع البسيط]

الملك الأمجد الَّذي شهدت

له ملوك الأنام بالفضل

أصبح في السَّامريِّ معتقدًا

ما أعتقد السَّامريُّ في العجل

والسَّامريُّون كالبرامك في النُّبل فأين الرَّشيد للقتل

وقال يمدح أبا حامد محمد الكاتب الأصفهاني، ويصف كتابه الذي ألّفه وسماه «خريدة القصر وجريدة العصر» وأنشد فيه الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود ابن الحسن- أيده الله تعالى-:[من البسيط]

/269 أ/ نعشت قومًا وكانوا قبل قد دثروا

لولا علاك فطاب الورد والصَّدر

ص: 316

أحييت شعرهم من بعد ميتته

قدمًا فقد شعروا قدمًا وما شعروا

أقسمت ما روضةٌ مخضرةٌ أنفٌ

باتت تسحَّ على أقطارها القطر

ذبابها هزجٌ نوَّارها أرجٌ

نباتها بهجٌ مستحسنٌ عطر

كأنَّ فارات مسك وسطها فريت

فنشرها بأماني النَّفس منتشر

شقَّ النَّسيم على رفقٍ شقائقها

فضرِّجت بدمٍ لكنَّه هدر

قضب الزَّبر جد منها حمِّلت صدف الياقوت فيها فتيت المسك لا درر

أحداق نرجسها ترنو فأدمعها

فيها ترقرق أحيانًا وتنحدر

وللأقاحي ثغور الغيد باسمةٌ

شيكت بإسحلةٍ أنيابها الأشر

تريك حسن سماءٍ وهي مصيحةٌ

والأنجم الزُّهر فيها ذلك الزَّهر

تبدو بها طررٌ من تحتها غررٌ

يا حبَّذا طرر الأزهار والغرر

يومًا بأحسن من خطَّ العماد إذا أقلامه نشرت عن حبرها الحبر

ولا العقود بأجياد العقائل كالدُّمى فمنتظمٌ منها ومنتشر

على ترائب كافورٍ يزيِّنها

حقاق عاجٍ عليها عاجت الفكر

تلك الَّلآلي تروق النَّاظرين فما

يسومها سأمًا من حسنها النَّظر

/269 ب/ يومًا بأحسن من نظم العماد ولا

من نثره فيه ذو العصر يفتخر

أضحت صعاب المعاني عنده ذللًا

تحوي دقائقها من لفظه الدُّور

كأنَّما لفظه السِّحر الحلال أو الماء الزُّلال النُّقاخ الطيِّب الخصر

شيبت به قهوةٌ حمراء صافيةٌ

عصارها غيِّرت من دونه العصر

ولا السَّحائب بالأنداء صائبةٌ

فجودها غدق الشُّؤبوب منهمر

ص: 317

حتَّى إذا انقشعت من بعدما همعت

أثنى عليها نبات الأرض والشَّجر

يومًا بأغزر من كفِّ العماد ندّى

وكلُّ أنملة من كفِّه نهر

فللغمائم تقطيبٌ إذا انبجست

وبشره دونه عند النَّدى القمر

ما إبن العميد ولا عبد الحميد ولا

الصَّابي بأحسن ذكرًا منه إن ذكروا

ولو يناظره في الفقه أسعد لم

يسعد وأحصره عن نطقه الحصر

هذا ومحتده ما إن يساجله

خلقٌ إذا الصِّيد في نادي العلا افتخروا

أصخ محمَّد إنَّي جدُّ معتذر

إنَّ المقصِّر فيما قال يعتذر

يا ابن الكرام الألى سارت مكارمهم

حتَّى تعجَّب منها البدو والحضر

راووق حلمك فيما أنت تسمعه

يبدي الجميل وفيه الغثُّ يستتر

وقال أيضًا: [من المتقارب]

/270 أ/ أهيم غرامًا بآرام رامه

وكم من قلوب بها مستهامه

وأصبوا إلى أثلاث الحمى

إذا ما تغنَّت سحيرا حمامه

ولولا غريبٌ بنجد لما

أطعت النَّوى وعصيت الملامه

حذار حذار فأجفانهنَّ ظبًا ما لمكلومها من سلامه

وكم غادة إن نضت برقعًا

حكت لك شمسًا بدت من غمامه

وإن بسمت لاح من ثغرها

لعاشقها ضوء برق قشامه

إذا ما تثنَّت شكا خصرها

إلى ردفها جوره والظُّلامه

وقال أيضًا: [من المنسرح]

إقدح زناد السرور بالقدح

والمح به ما تشاء من ملح

صهباء قل للذي تجنَّبها

صه باء بالإثم تارك القدح

وأنشدني أبو الفتح نصر الله بن أبي العز بن أبي طالب الشيباني الصفار الدمشقي

ص: 318

بها في أوائل المحرم سنة أربعين وستمائة، قال: انشدني أبو محمد فتيان بن علي لنفسه: [من البسيط]

إنشر حديثًا قديمًا كنت تطويه

وأبد ذكر حبيب أنت تخفيه

/270 ب/ ولا تعرِّض وصرِّح لا بتوريةٍ

ولا تعرِّض وصحِّح لا بتمويه

إنَّ الحبيب الَّذي هام الفؤاد به

هامٍ له دمع عيني إذ أسميه

فللأقاح وللتُّقاح مبسمه

وخدُّه وامتياحي الخمر من فيه

من منصفي من بديع الحسن معتدل القوام أحوى كحيل الطَّرف شاجيه

ظبيٌ من التُّرك لم تترك محاسنه

شيئًا من الحسن إلَّا وهي تحويه

واهًا له كلَّما ارتجَّت أسافله

وآه منه إذا اهتزَّت أعاليه

يا للرجال لظبي صائدٍ أسدًا

قاسي الفؤاد على صبٍّ يقاسيه

يجني علي فأستحلي جناياته

وما أمرَّ وما أحلى تجنِّيه

شبَّهته وقوام الغصن يخطفه

ومن لواحظه وردٌ يحاكيه

من صدغه صولجانٌ خده كرةٌ

والخال حبَّة قلبي لا أخلِّيه

بسهم ناظره [عن قوس حاجبه

يرمي فؤادي على عمدٍ فيصميه]

[ولست أنظره] إلَّا مخالسةً

أكاد من لطفه باللَّحظ أدميه

وما تأمَّلت وجدي في محاسنه

إلَّا تأمَّلت وجدي من مساويه

ص: 319

متى تحرَّجت من شرب المدام شدا

فدسَّ في أذني خمرًا تغنِّيه

يا من يلوم أعد ذكر الحبيب فما

ينسيه شيءٌ بل الأيَّام تنسيه

واذكر دمشق فإنَّ الله فضَّلها

على البلاد بما لا يمترى فيه

/271 أ/ زهت بجامعها والنَّسر ممتطيًا قوادم النَّسر تتلوها خوافيه

فقد أنافت على الجوزاء قبَّته

تبدي الهلال الَّذي لا شيء يخفيه

شكَّت بسفُّودها جوز الهلال وقد

نحت به نحو قلب الحوت توشيه

وباب جيرون قد فارت بساحته

فوَّارةٌ هي ظئر الجدي ترويه

يا حبَّذا جنَّة باب البريد بها

والحسن قد حشيت منه حواشيه

فالمرج فالنَّهر فالقصر المنيف على القصور

فالشرف الأعلى مثانيه

فالجسر جسر ابن شوَّاش فنيربها

تحلو معانيه ما تخلو مغانيه

كأنَّ في رأس علِّيين ربوتها

يجري بها كوثرٌ سبحان مجريه

كأنَّ مشمشها في دوحه ثمر الجنان يجنيه منها كفُّ جانيه

كأنَّما كلُّ غصنٍ منه ذو كرمٍ

لم تخل في النَّاس أيدٍ من أياديه

بها الهزازات تشدو في منابر بانات فنحن بما تأتيه في التِّيه

كأنَّ ناي زنامٍ في مناقرها

وعود إسحاق يتلوه مثانيه

ص: 320

كأنَّ في كلِّ عودٍ عود غانية

بصدرها منه مولودٌ تناغيه

تلك المرابع لا حزوى وكاظمة

ولا العقيق بواديه، بواديه

أقلُّ شعب تراه في دمشق يوافي شعب بوَّان وافي الفخر والتيه

/271 ب/ كم يوم سبت بديع في دمشق أتى

بالحسن من يوسف الصدِّيق يجليه

إذا تأمَّلتها من كلِّ ناحيةٍ

دعتك للعجب البادي دواعيه

بها الجواسق أمثال الكواكب

نحر البساتين تعلوها صواريه

وأنشدني الشيخ جمال الدين أبو العباس أحمد بن عبد الله بن يوسف التميمي البقفي بها في سنة أربعين وستمائة، قال: أنشدني الشهاب فتيان لنفسه:

في حبِّك صرت كالخلال

والصبر فليس من خلالي

واصل من حاز كل حزنٍ

يا حائز جملة الجمال

العاذل عادلي عذيري

والقلب عن السَّلوِّ سالي

عذِّب بسوى الصُّدود قلبي

يا منيته فما أبالي

شر بوشك يا صبيُّ منه

تنكيس عمائم الرِّجال

هذا الحالي بكلِّ حسنٍ

ما أعجب في هواه حالي

غصنٌ في الحقف تحت بدرٍ

فيرنو عن مقلتي غزال

يرمي عن قوس حاجبيه

من لحظ الطَّرف بالنِّبال

/272 أ/ لأمتِّع في هواه قلبي

ما عشت بلذَّة الوصال

إن كنت على الرُّقاد أبكي

إلَّا شوقًا إلى الخيال

وأنشدني بهاء الدين أبو العلاء رافع بن شجاع بن رافع بن محمد الدمشقي

ص: 321

السلمي بظاهر مدينة الموصل في شهر صفر سنة تسع وثلاثين وستمائة: : [من المتدارك]

أنا بالغزلان وبالغزل

عن عذل العاذل في شغل

ما تفعل بيض الهند بنا

ما تفعله سود المقل

بأبي وسنان أغنُّ كحيل الطَّرف غنيُّ عن كحل

رشًا أحور عينيه لنا

جادت بالخمر وبالعسل

من كان الخمر جنى فمه

لم لا يمشي مشي الثَّمل

يمشي فيكاد يقدُّ الخضر ليثنيه ثقل الكفل

وتغار عقود الدرِّ إذا

ما أفترَّ عن الثَّغر الرَّتل

أتقاضاه فيماطلني

ظلمًا بدنوِّي وهو ملي

أغمد في الحرب السَّيف فمن

لحظاتك يشهر سيف علي

/272 ب سأؤذِّن في حبِّيبك جهارًا حيَّ على خير العمل

يا ظالم حين عليَّ ولي

لم لا أصبحت عليَّ ولي

يا بدر دجى مطلعه

لسويدا القلب فلم يغل

آهًا من هجرك والإعراض ومن طول صدودك والملل

أنشدني الرئيس الأجل سديد الدولة أبو سعيد بن أبي الحسن بن أبي سعيد السامري الدمشقي، بمنزله بحلب يوم الثلاثاء سلخ جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وستمائة، قال: أنشدني الشهاب فتيان لنفسه بدمشق سنة تسع وستمائة، وأنشدنيها أبو الفتح نصر الله بن أبي العز بن أبي طالب الشيباني الدمشقي بها في أوائل المحرم سنة

ص: 322

أربعين وستمائة، قال: أنشدني فتيان لنفسه: [من الخفيف]

أظبًا جرِّدت لنا من جفون

أم ظباءٌ رنون أم حور عين

أم وجوهٌ واجهننا أم شموسٌ

في غضونٍ بين اعتدال ولين

كلُّ فتَّانةٍ تقلِّب هاروت وماروت بين سحر الجفون

/273 أ/ من بنات التُّرك الرَّواجح أكفالًا ولكَّنهن خمص البطون

هتفت بي صبابتي بصبايا

مصيباتٍ بالدَّل أهل الدين

يا نديمي أما ترى خطباء الورد ترقى منابرًا من غصون

وهم قائلون حيَّهلا بالرَّاح من معربون أم حلبون

قهوة تطرد الهموم عن القلب وتأتي بفرحة المحزون

وكأنَّ الحباب ثغر حبيبٍ

ذي ابتسامٍ عن لؤلؤٍ مكنون

صاغه الخالق الَّذي إن يرد شيئًا يكن منه بين كافٍ ونون

هات بكرًا تمخَّضت بجنين

السُّكر لله درُّه من جنين

إنَّ عمر الورد الأنيق قصيرٌ

فاغنموا قبل الحين طيب الحين

بين عودٍ وبين نايٍ وجنكٍ

وطبيب القانون بالقانون

من مجيري من جور أحور أحوى

عند باب القناة من جيرون

لو تراني وشعره بيساري

والحميَّا ممزوجةٌ بيميني

لرأيت الشُّجاع والشَّمس والدِّرياق والرِّيم صيد ليث العرين

ص: 323

وهو كالجار بيت بيت ولكن

بان عنِّي كالرَّمل من يبرين

ولقد هاجت النَّواقس بالدَّير جناني فقمت كالمجنون

/273 ب/ والشَّحارير كالرَّهابين يتلون الزَّبور البديعة التَّلحين

وصفير الصُّفريِّ يشدو بشدوٍ

معربٍ عن صبابةٍ وحنين

والهزارات والبلابل والورق على الدَّوح باديات الشُّجون

وإذا العندليب صاح ظننَّاه تلا المحكمات من ياسين

وأنشدني أيضًا، قال: أنشدني لنفسه: [من البسيط]

الترك إن لبسوا يومًا ترائكهم

على الدُّروع وألقوا بالشَّرابين

ألفيت أسدًا على الأعداء واثبةً

إذا انحنوا في قرابيس الأكاريش

تقلى ملائكةً قد أرسلت شهبًا

على العفاريت من أفق التَّراكيش

بدور تمٍّ تمطَّى في الأهلَّة ترمى بالكواكب لا العيدان بالرِّيش

شاموا جداول لمَّا استلأموا غدرًا

فأوقدوا بمياه نار شاريش

عادوا أجادل دجنٍ صيدها أسدٌّ مردَّفين بها فوق الكبابيش

أبصار أعدائهم تعشى بنورهم

أنَّى ترى الشَّمس أبصار الخفافيش

متى دنوا ومتى افترُّوا جنوا وحبوا

بالسِّحر من بابلٍ والُّدِّر من كيش

ص: 324

وأنشدني أيضًا، قال: أنشدني لنفسه بالتاريخ المقدم: [من الوافر]

/274 أ/ بكم قلبي عليلٌ ما يبلُّ

به منكم غليلٌ ما يبلُّ

فطر في كاتبٌ والطِّرس خدِّي

وأشواقي تملُّ وما تملُّ

وأحبابي استقلُّوا ما ألاقي

من البرحاء فيهم فاستقلُّوا

هم في القلب حلُّوا حين ساروا

وهم عقدوا الهوى والصًّبر حلُّوا

ومن أجفانهنَّ السُّود يوم التَّفرُّق للسُّيوف البيض سلُّوا

فأيُّ حشًا هناك نجا سليمًا

وأيَّ دمٍ هنالك ما أطلُّوا

رأوا قتلي ببينهم حلالًا

ولا والله قتلي ما يحلُّ

كفى حزنًا بأنَّ الوجد نامٍ

بقلبي والتَّجلُّد مضمحلُّ

وفي حبِّيهم قدمي استقامت

وآلت لا تزول ولا تزُّل

ولمَّا أن رأوا منَّا نفوسًا

تظلُّ من المآقي تستهلُّ

سقوا من نرجس الألحاظ وردًا

ففي ورد الخدود الدَّمع طلُّ

لقد كنت العزيز وفي هواهم

ذللت وكلُّ من يهوى يذلُّ

ألا يا حبَّذا أعلام نجد

ووادي الخيف والبان المطلُّ

منازل لا ألمَّ بهنَّ محلٌ

فهنَّ لمن كلفت به محلُّ

ومملوكٍ له في الترك آلٌ

يروع وجنده لم يرع إلُّ

يدلُّ ومن يكن في الحسن فردًا بلا شبهٍ له لم لا يدلُّ

هلال السَّرج يطلع منه شمسًا

علينا فرعه المسودُّ ظلُّ

وتصمي قوس حاجبه بنبلٍ اللَّواحظ عاشقيه ولا يولُّوا

إذا خطف القناة فذاك رمحٌ

برمحٍ في الكريهة مشمعلُّ

وإن هزَّ الحسام يكن حسامًا

تفلُّ به الجيوش ولا يفلُّ

ومن ضيق اللِّثام يرى هلالًا

به لله إذ يبدو نهلُّ

ذؤابته بها ذابت قلوبٌ

وفوق السَّرج منها صال صلُّ

ص: 325

فما أغناه عندي عن سلاحٍ

ففي حمل السَّلاح عليه كلُّ

يخوض من المفاضة في غدير

تسلسل منه لي بالٌ مدلُّ

ولكنَّ الهزبر يرى شتيمًا .. أزلَّ ولا أميلح لا أزلُّ

هو الصَّنم الَّذي لولا تقائي

إلهي لم أزل فيه أضلُّ

وأنشدني، قال: أنشدني لنفسه يمدح المهّذب الحكيم يوسف بن أبي سعيد الإسرائيلي السامري- وزير صاحب بعلبك- الملك الأمجد بهرام شاه بن فرخشاه بن شهنشاه: [من السريع]

/275 أ/ يا عاذلي كن في الهوى عاذري

وعدِّ عن شقشقة الهادر

هيهات أن يستمع العذل في

ليلاه مجنون بني عامر

ما اللَّيل لي من سهري مؤمنٌ

يا صدق من سمَّاه بالكافر

أحسن ما يسمع من سامرٍ

في الدَّهر مدحي يوسف السَّامري

مهذَّب الدِّين الَّذي وجهه

أبلج مثل القمر الزَّاهر

لا يقبل الرَّشوة يومًا على المشهور من إحسانه الغامر

ولا كمن ينصر من خاذلٍ

ولا كمن يخذل من ناصر

إحسانه بادٍ بنا حاضرٌ

يعرف في البادي وفي الحاضر

إن جاءه شاكٍ مضى شاكرًا

فكم له في الخلق من شاكر

في حفظه ما جاء عن شارعٍ

وفيلسوفٍ وامرئٍ شاعر

فسخَّر الله بنيل المنى

له مسير الفلك الدَّائر

وأنشدني أيضًا، قال: أنشدني لنفسه في يوم بارد: [من البسيط]

قد أجمد الخمر كانونٌ بكلِّ قدح

وأخمد الجمر في الكانون حين قدح

يا جنَّة الزَّبداني أنت مسفرةٌ

عن حسن وجهٍ إذا وجه الزَّمان كلح

ص: 326

/275 ب/ فالثَّلج قطنٌ السُّحب تحلجه

والجوُّ ندَّافه والقوس قوس قزح

متى نجلُّ فيك ظرف الطَّرف من مرحٍ

قضَّيته لمحًا نأتي بحسن ملح

[578]

فرامرز بن محمود بن محمد بن أبي المعالي بن بايدار بن إسماعيل بن الديلميُّ، أبو سعد بن أبي الثناء، الأصبهانيُّ الأصل.

كانت ولادته بالموصل سنة ستٍّ وثمانين وخمسمائة، وتوفي بها يوم الثلاثاء لخمس بقين من جمادى الأولى سنة سبع عشرة وستمائة. ودفن قبليَّها ظاهر البلد بمقبرة عنار.

وكان من أكبر بيت بالموصل؛ وجدُّه أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي الأصفهاني، كان سفيرًا لبني أتابك. ينفذ رسولًا إلى بلاد العجم.

وفرامرز قرأ طرفًا من الفقه والأدب وأغري بالشعر. وكان له فيه عارضة وجودة طبع، وقال منه جملة وافرة.

رأيته بالموصل مرارًا ولم أعلق عنه شيئًا من قبله. وكان شابًا أسمر اللون ربعة، شديدًا قويًا في نفسه، يشيل الأحجار الثقال ويعالج /276 أ/ بها. وكان معاشرًا كيسًا حسن الصحبة، يخالط أهل الخلاعة والمتطربين في الحانات. وانقطع إلى الملك الأشرف مظفر الدين أبي الفتح موسى بن الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب ورزق منه خطوة.

أنشدني الأمير مظفر بن محمود بن محمد، قال: أنشدني أخي فرامرز لنفسه: [من البسيط]

منَّا السَّلام عليكم والتَّحيات

يا من دموعي لمسراهم غزيرات

بنتم فبان اصطباري بعد بينكم

واعتادني بعدما الأفراح ترحات

كلُّ الحواسد قد نالوا الَّذي طلبوا

إذ هم لهجركم للصب شمَّات

ملكتم فاعدلوا فينا فقد وردت

في أجر ذي العدل أخبارٌ وآيات

ص: 327

واهدوا لنا الوصل أو بالطَّيف يطرقنا

فللخيال إلى العشَّاق سلطات

ويلاه لا خبرٌ بالوصل يطربني

وكم لصدِّكم عندي صبابات

هزمتم جيش صبري مذ بدت لكم

بل للتباعد أعلامٌ ورايات

كم صحت واشؤم حظِّي هل يعود لنا

ذاك الزَّمان ........

هذا زماني انقضى في الهجر وا حربا

ترى ترى لليالي الوصل أوقات

ونقلت من خطه قوله من قصيدة: [من الكامل]

/276 ب/ زمن الشَّباب مطيَّة اللَّذات

ونظيره زمن الرَّبيع الآتي

ظهرت عوارض نيته كعوارضٍ

مخضرَّة في حمرة الوجنات

وتزخرفت فيه الرِّياض بحلَّةٍ

من نسج راحات الحيا الهطلات

بكت السَّماء فأضحكت نوَّارهًا

عن ثغر أشنب طيِّب النَّكهات

وترنَّمت أطيارها وترنَّحت

أغصانها طربًا على النَّغمات

فعليك في العصرين بنت معاصرٍ يحنو .... بها على الحانات

واستجلها راحاتها المرحات تستهدى إلى الأرواح بالرَّاحات

بيضاء ساطعة الشُّعاع وليس من

عجب ظهور النُّور في الجنَّات

يسعى بها رشًا أغنُّ مذكَّر الأوصاف وهو مؤنَّث الحركات

كالماء رقَّة جسمه، والغصن في ....... ، والظَّبي في اللَّفتات

والبدر يحمل أنجمًا أفلاكها الطَّاسات والأبراج في الكاسات

فإذا رنا في كلِّ طاسٍ خلته

قمرًا مطالعه من الهالات

ما كنت أعلم أنَّ آساد الشَّرى

لولاه خائفةٌ من الظَّبيات

لو شاء أسكر قبل مزج مدامه

بكلامه وبنرجس اللَّحظات

وبماء غرٍّ كالَّلآلي جمِّعت

في صحفة الياقوت مفترقات

/277 أ/ فتهنها ما دام غصنك يانعًا

نضرًا وعنك الدَّهر

والغفلات

والجوُّ أزرق والسَّحاب مكوفرٌ

والنَّبت أغيد والزَّمان مواتي

ص: 328

[579]

فضلان بن أبي الفرج بن فضلان، أبو الطيّب الذميُّ الواسطيُّ الضرير.

كان شاعرًا فطنًا يجيد نظم الشعر في القصائد والمقطعات. وكان مع ضرره ذكيًا لطيف الحس حسن الخاطر يلعب بالشطرنج بقلبه فلا يكاد يغلبه أحد. خرج عن العراق إلى بلاد الشام وانقطع خبره هناك.

أنشدني الصاحب الوزير شرف الدين أبو البركات المستوفي- أدام الله سعادته- قال: أنشدني أبو الطيب لنفسه يمدح عليًا- عليه السلام ويذكر إذمامه لليهود:

[من الرجز]

إن عادلي من الشَّباب ما فرط

عاد بكم عيشي وهو مغتبط

لله أيام الصِّبا لآلئًا

لولا امتناع نثرها أن يلتقط

وسائرين ما علت قبابهم

يوم النَّوى إلَّا وجدِّي قد هبط

/277 ب/ أيَّان

البين مع

كلِّ عقال لمطاياهم نشط

تحمَّلوا من حوملٍ وجاذبوا

سقط اللِّوى والقرص غربًا ما سقط

حتَّى إذا ميط برى مطيِّهم

وحلَّل الرَّكب عرى الرَّحل وحط

ومدَّ داجيه الهزيع وغطا

شبابه من فرق الصَّبح الشَّمط

قمت قصير الخطوات خائفًا

أن ينظر الحبُّ مشيبي قد وخط

أقول: هب لي قبلةً أحيي بها

ما شطَّت الدَّار، فقال: ذا شطط

ومنها في مديحه- صلوات الله عليه وسلم: -

وقائلٍ تمدحه ولست من

ملَّته ما ذاك منَّي بفرط

هذا حبانا عربيَّ ذمَّةٍ

من بعد فتك الرُّوم فينا والنَّبط

ص: 329

وكيف لا ننظم ما عشنا كذا الـ

ـعقود من درِّ ثناه والسَّمط؟

وكتب إلى بوّاب معاملة قوسان يستمحيهم ويتقاضهم برسم له عليهم من التمر فأنفذوه له تمرًا عتيقًا مسوسًا، فلما حضر بين يديه ولمسه وجده نوى لا يصلح لشيء، قد أكله السوس، فقال:[من الخفيف]

/278 أ/ لم يربني فعل المجيزين شعري

بتمورٍ كثيرة التَّسويس

بل تعجَّبت كيف خلَّص نظمي

للقوافي هذا النَّوى من

وقال أيضًا: [من البسيط]

أصبحت أرجو أناسًا لا رجاء بهم

باللُّؤم والشُّحِّ من قبل الوجود غذوا

أجاز كذبًا على كذبي بمدحهم

كأنَّما من مديحي الوعد متَّخذ

فلا تصفو قطبًا شعري مجردة

وفوق هام العطايا منهم

أقول زورًا فأجزى زور فعلهم

فيرجعون وما أعطوا ولا أخذوا

[580]

فخار بن معد بن فخار بن أحمد بن محمد بن محمد بن الحسين الملقب شيتي بن إبراهيم المجاب بن محمد الصالح بن الإمام موسى بن جعفر بن محمد بن عليِّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب- صلوات الله عليهم أجمعين- أبو عبد الحميد العلويُّ الموسويُّ الحليُّ.

من أهل الحلة المزيدية.

قرأ الأدب على عميد الرؤساء أبي منصور هبة الله بن أيوب اللغوي. وتخرج

ص: 330

عليه. وكان شاعرًا جليلًا فاضلًا من سادات/ 278 ب/ أهله نباهة وأدبًا.

ومن شعره يرثي شيخه أبا منصور الذي تقدّم ذكره. وكانت وفاته سنة عشر وستمائة: [من الكامل]

أودى ابن أيُّوب وغادر جذوةً

في الصَّدر منِّي ماتني تتلهَّب

قد قلت للنَّاعي غداة نعاه لي

ماذا نعيت لنا بفيك الإثلب

فلأبكينَّ على امرئ [و] كأنَّه

مات المبرِّد والخليل وثعلب

ص: 331