الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وينبه عليه، كما ذكر الله ذلك في غير موضع؛ فإنه سبحانه وتعالى بيّن من الآيات الدالة عليه، وعلى وحدانيته، وقدرته، وعلمه وغير ذلك، ما أرشد العباد إليه ودلهم عليه، كما بيّن أيضا ما دل على نبوة أنبيائه، وما دل على المعاد وإمكانه.
فهذه المطالب هي شرعية من جهتين: من جهة أن الشارع أخبر بها، ومن جهة أنه بيّن الأدلة العقلية التي يستدل بها عليها.
- والأمثال المضروبة في القرآن هي أقيسة عقلية، وقد بسط هذا في غير هذا الموضع -
وهي أيضا عقلية من جهة أنها تعلم بالعقل أيضا.
[فساد دلائل المتكلمين]
وكثير من أهل الكلام يسمي هذه «الأصول العقلية» لاعتقاده أنها لا تعلم إلا بالعقل فقط؛ فإن السمع هو مجرد إخبار الصادق وخبر الصادق - الذي هو النبي - لا يعلم صدقه إلا بعد العلم بهذه الأصول بالعقل.
ثم إنهم قد يتنازعون في الأصول التي يتوقف إثبات النبوة عليها:
فطائفة تزعم أن تحسين العقل وتقبيحه داخل في هذه الأصول، وأنه لا يمكن إثبات النبوة بدون ذلك، ويجعلون التكذيب بالقدر مما ينفيه العقل.
وطائفة تزعم أن حدوث العالم من هذه الأصول، وأن العلم بالصانع لا يمكن إلا بإثبات حدوثه، وإثبات حدوثه لا يمكن إلا بحدوث الأجسام، وحدوثها يُعلم إما بحدوث الصفات، وإما بحدوث الأفعال القائمة بها، فيجعلون نفي أفعال الرب، ونفي صفاته من الأصول التي لا يمكن إثبات النبوة إلا بها.
ثم هؤلاء لا يقبلون الاستدلال بالكتاب والسنة على نقيض قولهم، لظنهم أن العقل عارض السمع - وهو أصله - فيجب تقديمه عليه، والسمع إما أن يؤوَّل، وإما أن يُفوَّض.
وهم أيضا عند التحقيق لا يقبلون الاستدلال بالكتاب والسنة على وفق قولهم، لما تقدم.
وهؤلاء يضلون من وجوه:
منها ظنهم أن السمع بطريق الخبر تارة، وليس الأمر كذلك، بل القرآن بيّن من الدلائل العقلية التي تعلم بها المطالب الدينية ما لا يوجد مثله في كلام أئمة النظر، فتكون هذه المطالب شرعية عقلية.
ومنها ظنهم أن الرسول لا يعلم صدقه إلا بالطريق المعينة التي سلكوها، وهم مخطئون قطعا في انحصار طريق تصديقه فيما ذكروه،