الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[من تحقيق هذه الشهادة إفراد الله بجميع أنواع العبادة]
ومن تحقيق التوحيد أن يُعلم أن الله تعالى أثبت له حقًا لا يشركه فيه مخلوق، كالعبادة والتوكل والخوف والخشية والتقوى، قال تعالى:{لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً} ، وقال تعالى:{إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ • أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} ، وقال تعالى:{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} ، وقال تعالى:{قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ • وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ • بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ} وكل من أرسل من الرسل يقول لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} .
وقد قال تعالى في التوكل: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} ، {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} وقال تعالى:{قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} ، وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ
سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} ، فقال في الإيتاء:{مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} ، وقال في التوكل:{وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ} ولم يقل: ورسوله، لأن الإيتاء هو الإعطاء الشرعي، وذلك يتضمن الإباحة والإحلال الذي بلغه الرسول، فإن الحلال ما حلله، والحرام ما حرّمه، والدين ما شرعه، قال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} . وأما الحسب فهو الكافي، والله وحده كافٍ عبده، كما قال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ
فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ، فهو وحده حسبهم كلهم.
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين هو الله، فهو كافيكم كلكم. وليس المراد أن الله والمؤمنين حسبك، كما يظنه بعض الغالطين، إذ هو وحده كافٍ نبيه وهو حسبه، ليس معه من يكون هو وإياه حسبا للرسول. وهذا في اللغة كقول الشاعر:
فحسبك والضحاكَ سيف مهند
وتقول العرب: حسبك وزيدًا درهم، أي يكفيك وزيدًا جميعًا درهم.
وقال في الخوف والخشية والتقوى: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} فأثبت الطاعة لله وللرسول، وأثبت الخشية والتقوى لله وحده، كما قال نوح عليه السلام:{إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ • أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ} فجعل العبادة والتقوى لله وحده، وجعل الطاعة للرسول، فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله.
وقال تعالى: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً} وقال تعالى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} وقال الخليل عليه السلام: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} قال الله
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: لما نزلت هذه الآية شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: أيّنا لم يظلم نفسه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما هو الشرك، ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} )، وقال تعالى: {وَإيَّايَ
فَارْهَبُونِ} ، {وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} .
ومن هذا الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته: (من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولن يضر الله شيئًا)، وقال: (لا تقولوا:
ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد) . ففي الطاعة قرن اسم الرسول باسمه بحرف «الواو» ، وفي