الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَرَض فِي هبوب ريَاح ردية وَرُبمَا كَانَ من أكل شَيْء مفسود، وَإِن جعلته من الْحداد فَرُبمَا كَانَ الوباء وَالْمَرَض بحمايات حادة خُصُوصا إِن كَانَ ذَلِك فِي الصَّيف، وَإِن جعلته من الْبحار وَنَحْوهَا فَيكون الوخام وَالْمَرَض من الْمِيَاه أَو مَا يخرج مِنْهَا كالسمك وَمَا يُؤْكَل من الْمِيَاه. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أَن رغيفاً أتلف لي طاحونة وَكسرهَا، قلت لَهُ: يتْلف ضرسك بحصاة تكون فِي الْخبز، فَعَن قَلِيل جرى ذَلِك، لِأَن الضرس طاحون. وَقَالَ آخر: رَأَيْت جزاراً ضَرَبَنِي فِي فمي بِيَدِهِ؛ أدماه، قلت: يتألم فمك بسكين أَو سيف، فَعَن قَلِيل شال لحْمَة على رَأس سكين وأدخلها فِي فَمه فجرحته فِي لِسَانه جرحا درياً. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أَن فِي فمي فرناً توقد النَّار فِيهِ، قلت لَهُ: تَأْكُل أَو تشرب شَيْئا حاراً ويؤلمك ألماً شَدِيدا، فَجرى ذَلِك. وَمثله قَالَ صَغِير: رَأَيْت أَن فِي فمي فرناً وبلعته، قلت لَهُ: أَنْت فِي صغرك تلعق المداد وَفِي كبرك ترزق من عمل الْخبز، فَكبر وَصَارَ خبازاً. فَافْهَم ذَلِك.
( [بَاب: 9] الْبَاب التَّاسِع)
(فِي الملابس)
[153]
كل من لبس مَا لَا يَلِيق بِهِ: فَهُوَ شهرة ردية فِي حَقه. والملابس: للعزاب من الرِّجَال نسَاء، وَلِلنَّاسِ رجال. وملابس الشتَاء فِي الصَّيف، أَو لمن مَرضه بالحرارة: دَالَّة على الهموم، والديون، وَطول مَرضه. كَمَا أَنهم فِي الشتَاء، أَو لمن مَرضه بالبرودة: جيد.
قَالَ المُصَنّف: دلّت الملابس على تزوج العزاب لكَونهَا ستْرَة، ودلت على الْأَمْرَاض والأنكاد فِي غير وَقتهَا لنفرة النُّفُوس مِنْهَا وَعجز الْأَبدَان عَن مثل ذَلِك غَالِبا، فَأعْطى مَا ذَكرْنَاهُ. فَإِذا رأى أحد فِي الشتَاء كَأَنَّهُ فِي الْمَنَام فِي حر شَدِيد وَقد لبس فَرْوَة أَو جُبَّة أَو تدفأ بِنَار أَو بشمس وَنَحْو ذَلِك؛ فَقل لَهُ نخشى عَلَيْك نكداً مَا من مرض وَنَحْوه؛ لَكِن فِيهِ تَأْخِير إِلَى أَوَان الصَّيف، وَكَذَلِكَ لَو رأى أَنه فِي شتاء ومطر وَبرد وتعرى أَو اغْتسل بِمَاء بَارِد أَو لبس ثوبا سفاقاً لَا يرد ذَلِك؛ قلت لَهُ نكدك أَو مرضك يكون فِي زمن الشتَاء أَو بالبرودة، وَعَكسه لَو رأى كَأَنَّهُ فِي حر وكرب وَنزع مَا عَلَيْهِ وَلبس مَا يَلِيق بِهِ أَو اغْتسل بِمَا يصلح لمثل ذَلِك؛ قُلْنَا راحتك مُتَأَخِّرَة إِلَى زمن الصَّيف، وَكَذَلِكَ لَو كَانَ فِي زمن الصَّيف وَرَأى كَأَن مَطَرا أَو بردا شَدِيدا وَنَحْو ذَلِك وَلبس مَا يصلح لَهُ كالجلباب والفري والأكسية وَنَحْو ذَلِك؛ قُلْنَا لَهُ تجدّد لَك رَاحَة يكون فِي ذَلِك تَأْخِير على قدر مَا بَقِي للشتاء، وَكَذَلِكَ بَاقِي الْفُصُول، فاعتبره. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني وَقعت فِي طين، قلت: الطين من مطر، قَالَ: / نعم، قلت: تقع فِي مرض أَو شدَّة فِي زمن الشتَاء، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني لبست ثوبا من قشور الْبِطِّيخ الْأَصْفَر، قلت:
تمرض فِي ذَلِك الزَّمَان وَرُبمَا يكون الْغَالِب عَلَيْك فِي مرضك الصَّفْرَاء، فَجرى.
[154]
فصل: العالي من الثِّيَاب، والعمائم، وَمَا يكون على الرَّأْس: دَال على أشرف قومه، وأعز مَاله الظَّاهِر، وعَلى جاهه. فَإِن احْتَرَقَ، أَو سرق، أَو توسخ، أَو تقطع، وَنَحْو ذَلِك: نقص عزه، أَو مَاله، أَو وَقع كَلَام فِي عرضه، أَو تغير بعض أَوْلَاده، أَو أَقَاربه، بِمَرَض وَنَحْوه. أَو بِمَوْت مريضه، أَو وَقع لَهُ نكد فِي دوره، أَو بساتينه، أَو غلمانه، أَو عبيده. قَالَ المُصَنّف: اعْتبر الملابس من الثِّيَاب بأوصافها، وأعمل كَمَا أعمل، يَقع على صِفَات من دلّت عَلَيْهِ. فَإِذا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أَن عَليّ ملبوساً، فاسأل عَن جنسه وَصِفَاته، فَإِذا قَالَ: كَانَ على ثوب صوف، قل لَهُ عمل أَي جِهَة، فَإِذا قَالَ: مثلا عمل الشَّام، فَإِن قَالَ فِي طوقه قطع أَو تلوث أَو وسخ وَنَحْو ذَلِك، وَلَا يَلِيق بالرائي لبس ذَلِك، قل لَهُ يحصل لَك نكد على يَد رجل من الشَّام، وَيكون فِي وَجهه عَلامَة، وَفِي رَأسه أثر ضَرْبَة أَو طُلُوع، أَو فَمه عيب كنقص الْكَلَام أَو كَثْرَة الْكَذِب، أَو رثَّة فِي لِسَانه، أَو
عيب فِي أَسْنَانه، وَنَحْو ذَلِك، فَإِن قَالَ: الْعَيْب فِي صَدره، قلت: يكون اعْتِقَاده ردياً، وَفِي أحد ثدييه أَو فِي صَدره عَلامَة شامة أَو طُلُوع أَو ضَرْبَة أَو حرق نَار، وَنَحْو ذَلِك، وَإِن لم تَجِد ذَلِك فقد تألم فِي ذَلِك بِمَرَض أَو يتألم، فَإِن ذكر الْعَيْب فِي أكمامه جعلت العلائم فِي يَدَيْهِ، فَإِن كَانَ فِي ذيله فاجعلها فِي وَسطه وفرجه سَاقيه وفخذيه وَنَحْو ذَلِك، فَإِن ذكر ذَلِك فِي أكتافه جعلته فِي كَتفيهِ، وَكَذَلِكَ إِذا كَانَت فِي جَنْبَيْهِ فاطلب العلائم فِي جانبيه على مَا ذكرت لَك، واطلب العلائم أَيْضا فِي جسم لابسه، أَو فِي جسم زَوجته وَأَوْلَاده وَأَصْحَابه، تَجِد ذَلِك، وَهَذَا مذهبي سلكته دون من تقدمني فَأَي من سلك مسلكي فِي ذَلِك اطلع على ذَلِك، وَلَا يحرم عَلَيْهِ أصلا، وَكَذَلِكَ تعْتَبر الملابس من سَائِر الْبلدَانِ كَمَا ذكرت لَك أَولا، فَافْهَم ذَلِك.
[155]
فصل: لبس الْأسود من القماش للخطباء، أَو للخلفاء، أَو من
يعتاده: رَاحَة، وسؤدد. وَلبس الْأَبْيَض وَقت الخطابة: ردي، وَزَوَال منصب. كَمَا أَن لبس السوَاد، لمن لَا عَادَة لَهُ بِهِ: هموم، وأحزان، وأنكاد، وأمراض، وَنَحْو ذَلِك.
[156]
فصل: الْمُذكر من الملبوس: رجال. والمؤنث: نسَاء. فَمن ملك ثوبا، أَو قبَاء، أَو إزاراً، أَو لحافاً، أَو كسَاء، أَو مُسْندًا، وَمَا أشبه ذَلِك: فَإِن كَانَ أعزب تزوج، أَو تعرف بِمن يَنْفَعهُ، وَإِن كَانَ عِنْده حَامِل رزق ولدا ذكرا، أَو اشْترى غُلَاما، أَو حصلت لَهُ فَائِدَة من أَبَوَيْهِ، أَو أَوْلَاده، أَو أَقَاربه، أَو معارفه، أَو ملك بَيْتا، أَو دَارا، أَو بستاناً، أَو حصل لَهُ دِرْهَم، أَو دِينَار. كل من هُوَ على قدره وَمَا يَلِيق بِهِ. قَالَ المُصَنّف: اعْمَلْ كَمَا ذكرت لَك فِي أول شرح الْبَاب. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أَن عَليّ ثوبا؛ رواءه إِلَى وَجْهي وَوَجهه إِلَى ورائي، قلت: عنْدك زَوْجَة أَو امْرَأَة حولاء أَو عينهَا عيب، قَالَ: صدقت. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تَأتي زَوجتك من وَرَائِهَا أَو تَأتي الذكران، قَالَ: مَا بقيت أفعل ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أَن عَليّ ملبوساً قبَاء مليح، قلت: عَلَيْهِ طرز، قَالَ: نعم، قلت: لون وَاحِد الطرز أَو لَا؟ قَالَ: أَحدهمَا ذهب، وَالْآخر حَرِير، قلت لَهُ: أَنْت تصاحب إنْسَانا جليل الْقدر، لَهُ ولدان من امْرَأتَيْنِ،
الْوَاحِدَة جَارِيَة بَيْضَاء وَرُبمَا يكون إسمها الطون، قلت: وَهِي بِلَا عتاقه، قَالَ: صدقت، قلت: وَالْمَرْأَة الْأُخْرَى مولدة مليحة، وَالْولد مِنْهَا أسمر مليح، وَهِي حرَّة مَا هِيَ مَمْلُوكَة، قَالَ: صَحِيح قلت وَاسْمهَا علمية أَو عليمة أَو شَيْء فِيهِ عين، قَالَ: صدقت، قلت: يَمُوت ولد الطون، ويعيش ولد هَذِه المولدة السمراء، وَأَنت تربي الِاثْنَيْنِ، وتحملهم على أكتافك، قَالَ: صدقت، قلت: أَنْت فِي / الظَّاهِر مَحْسُود، وَفِي الْبَاطِن أَنْت متنكد، قَالَ: صدقت، وَكَانَ دَلِيل على ذَلِك أَن: الطون من أَسمَاء الذَّهَب، وَالْفِضَّة شبهه، والحرة من الْحَرِير، والأسمر من سَواد الْحَرِير، وَمَوْت ولد الطون يذهب من كَونه ذهب؛ فَذهب أَي مَاتَ. وَقَالَ آخر: رَأَيْت عَليّ فرجية من حَرِير طوقها مليح ملون وفيهَا أزرار ملونة مليحة، قلت: عنْدك امْرَأَة فِي وَجههَا شامة وَأثر مليح مَا هُوَ ردي، قَالَ: صدقت، قلت: وَفِي بزها الْوَاحِد عَلامَة، قَالَ: صدقت، قلت هِيَ كَثِيرَة وجع الرَّأْس، قَالَ: صدقت، قلت: إِن كَانَت
جَدِيدَة فَمَا تفارقها بل تبقى عنْدك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت عِنْدِي كسَاء مليحاً جَدِيدا وَفِيه رقوم عدَّة، قلت لَهُ: عزمت على شراءة دَار تتستر فِيهَا، قَالَ: نعم، قلت: تشتري دَارا مليحة فِيهَا تزويق بدهان وصبغ وَغير ذَلِك، فَاشْترى ذَلِك، قلت لَهُ: بِعْت غنما أَو خيلاً أَو دواباً وَنَحْو ذَلِك واشتريت بِهِ ذَلِك، قَالَ: نعم. وَمثله رأى رجل آخر غير أَنه قَالَ تغطيت بِهِ وكربت مِنْهُ، قلت لَهُ: أَنْت تَحت حكم رجل كثير الْحَيَوَان حُلْو المنظر حسن الظَّاهِر دري الْبَاطِن، فِي حَقك تَارَة يكون مَعَك وَتارَة يكون عَلَيْك، لِأَن الكساء نَافِع فِي وَقت دون وَقت. وَقَالَ لي جليل الْقدر: رَأَيْت أَن فلَانا سير إِلَيّ كساءه وَهُوَ مُنْقَطع لَونه حَائِل، قلت لَهُ: لَفظه كسى شكى، هَذَا شكى إِلَيْك تحول حَاله فِي ورقة، قَالَ: هَذِه الورقة عِنْدِي.
[157]
فصل: وَإِن ملك مَا يدل على الْمُؤَنَّث، مثل كوفية، أَو فرجية، أَو مخدة، أَو طراحة، أَو دراعة، أَو ملوطة، وَنَحْو ذَلِك: دلّ على الْفَوَائِد. من الْجوَار، وَالنِّسَاء، والأراضي، والزراعات، والأقارب، والمعارف.
وَرُبمَا كَانَ السروال: امْرَأَة، أَو عبدا، أَو جَارِيَة، أَو مضلعاً على الْأَسْرَار، أَو دَابَّة. فَإِن كَانَ فِيهِ تكة: كَانَ ملك ذَلِك صَحِيحا، طَوِيل الْإِقَامَة. وَإِن كَانَ بِلَا تكة: كَانَ فِي ملكه نقص، أَو امْرَأَة حرَام. لِأَن التكة عصمَة. قَالَ المُصَنّف: دلّ السروال على الدَّابَّة لكَونه مركوباً، وَكَذَلِكَ على الْمَرْأَة، وَدلّ على المطلع على الْأَسْرَار لكَونه مُخْتَصًّا بستر الْعَوْرَة، فَاعْتبر مَا يحدث فِيهِ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني رقعت سراويلي بكوفيتي، قلت لَهُ: زوجت أَبَاك بِجَارِيَة من عنْدك، وهما مُخْتَلِفَانِ؛ مَا عِنْدهم وفَاق، وَأَنت تعبان بَينهم، قَالَ: صدقت. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني رقعت فريجتي بسروالي، قلت لَهُ: عنْدك بنتك وَهِي رَاجع، زوجتها بغلامك، وَذكر أَن الثَّوْب والسروال كَانَا شبها وَاحِدًا، قلت: وهما متفقان لَا خلف بَينهمَا، قَالَ: صدقت. فَافْهَم ذَلِك.
[158]
فصل: وَأما من لبس الْحَرِير، أَو الملون، أَو الْمَذْهَب من اللبَاس، فَهُوَ لمن يَلِيق بِهِ: عز وغنى. وَهُوَ لمن لَا يَلِيق بِهِ: شهرة ردية،
أَبُو بغي، أَو مُخَالفَة الشَّرَائِع، وَأما لبس الْأَحْمَر، أَو الْأَصْفَر، وَغَيره للنِّسَاء وَالصبيان: فَرح وسرور. قَالَ المُصَنّف: دلّ على الْعِزّ والغنى لِأَنَّهُ لَا يلْبسهُ إِلَّا الْأَغْنِيَاء، أَو أَصْحَاب الدُّنْيَا. كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أَن عَليّ ثوبا حَرِيرًا وَكَانَ يتعاطى الْعِبَادَة، قلت لَهُ: تتْرك الْعِبَادَة، وَترجع إِلَى طلب الدُّنْيَا، فَجرى ذَلِك. وكما قَالَت امْرَأَة تعاطت الْعِفَّة: رَأَيْت عَليّ ملبوساً مذهبا، قلت لَهَا: كَانَ لَك عَادَة بلبسه، قَالَت: أَوْقَات كنت أتعانى اللّعب وَالْجهل، قلت: احترزي لَا تعودين إِلَى مَا كنت عَلَيْهِ، فمضت مُدَّة وَقَالَت: رَأَيْت عَليّ ثِيَاب صوف مليحة، وَقَالَت: يَا سَيِّدي صَحَّ الَّذِي قلت من اللّعب، قلت لَهَا: النّوبَة ترزقين تَوْبَة مليحة وَيكون قوتك من النَّبَات، فمضت وتابت تَوْبَة حَسَنَة. وَرَأَتْ امْرَأَة أُخْرَى أَن جلدهَا صَار ذَهَبا، قلت: يَمُوت زَوجك، وَيسْرق لَك ملبوس، وَيَقَع بجلدك حكة، فَجرى ذَلِك. فافهمه موفقاً إِن شَاءَ الله.
[159]
فصل: وَأما لبس الحوائص، والكمارنات، والخفاف، والمداسات، والزرابيل، والجربانات، وَنَحْوهم، لمن يصلح لَهُ ذَلِك: عز وجاه، وغنى، وَزوج، أَو عبيد، أَو أَوْلَاد، أَو معايش، أَو فَوَائِد، أَو
أقَارِب، أَو معارف. فَمَا / نزل بِشَيْء من ذَلِك، من خير، أَو شَرّ، عَاد عِلّة من دلّ عَلَيْهِ. وَأما من لبس شَيْئا من ذَلِك، مِمَّن يَلِيق بِهِ: فَهُوَ مَكْرُوه. قَالَ المُصَنّف: وَرُبمَا دلّ ذَلِك على أَنه يطَأ أَرضًا جَدِيدَة أَو يملك دَارا كَذَلِك، لكَونه وطيء بقدمه فِي مَكَان غَرِيب أَو جَدِيد. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني لبست خفاً جَدِيدا، قلت: كَانَ ضيقا، قَالَ: نعم، قلت: تسجن لأجل حَيَوَان، فَجرى ذَلِك. وَمثله قَالَ آخر: قلت: أَنْت تطلب سفرا، قَالَ: نعم، قلت: يبطل سفرك، لِأَن الضّيق فِي الرجل يمْنَع الرواح والمجيء. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أَن فِي رجْلي مداساً ضيقَة وَهِي كلما مشيت بهَا يطلع لَهَا صَوت، قلت: عنْدك امْرَأَة قد ضيقت عَلَيْك، وَهِي كَثِيرَة العياط، وقولك فِيهَا قَاطع من ظَاهرهَا، فِي وَجههَا عَلامَة، وَفِي عينهَا عيب، قَالَ: صَحِيح، وقولك أَنَّهَا بِلَا كَعْب، قلت: هِيَ مَا تحفظك خَلفك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت فِي وسطي حياصة مذهبَة مليحة لَكِنَّهَا تَحت الثِّيَاب وَأَنا أفرح بهَا، قلت لَهُ: فِيهَا علاقين، قَالَ: لَا، قلت: أَنْت تَجْتَمِع بِامْرَأَة جندي خُفْيَة وَلَا يعلم بك أحد، وَهِي طَوِيلَة الْقَامَة دقيقة الْبشرَة، وَلها ولد صَغِير يَجِيء مَعهَا، قَالَ: صدقت، قلت: تحدثت أَنْت وَإِيَّاهَا سرا فِي التَّزْوِيج، قَالَ: نعم، قلت: يتم ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أعبرت حياصة فِي سروالي مَكَان التكة، قلت لَهُ: فِي وسط دَارك طبقَة أطلعت إِلَيْهَا امْرَأَة من نسَاء الْجند وَمَا وافقتك على مرادك، قَالَ: صَحِيح، وَكَانَ دَلِيله أَن مجْرى التكة مثل الطَّبَقَة المخفية، وَكَونهَا لم توافقه لِأَن الحياصة لَا تجْرِي مَوضِع التكة بل تتعسر. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أَن مداساً جَدِيدا عضني فِي رجْلي، قلت لَهُ: يَقع برجلك حريق أَو يطلع بهَا
طُلُوع. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أَمسَح مداس الْملك، قلت لَهُ: تصير لَهُ غُلَاما. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني قدمت للْملك مداساً مليحة، قلت: يروح مِنْهُ مركبان، فَجرى ذَلِك. فافهمه.
[160]
فصل: كل ملبوس دلّ على نكد، فعتيقه أَهْون على الرَّائِي من جديده. وَمن بَاعَ من الملبوس، وَغَيره، مَا يدل على الْفَائِدَة، أَو وهبه، أَو ضَاعَ مِنْهُ: فَاتَتْهُ رَاحَة وَربح وَخير. كَمَا أَنه إِذا بَاعَ شَيْئا مَكْرُوها، أَو وهبه، أَو ضَاعَ مِنْهُ: زَالَ عَنهُ هم، ونكد. وَحصل لَهُ فَائِدَة، وَخير.
[161]
فصل: وكل ملبوس يحْتَاج إِلَى أزرار، فرؤيته بِلَا أزرار: تدل على النَّقْص فِيهِ، وكل ملبوس لبس فِي غير مَوْضِعه، كالعمامة فِي الرجل، أَو التعمم بالسراويل، وَنَحْوه: رُبمَا دلّ ذَلِك على الْفقر، أَو وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه. وكل من لبس القماش، الضّيق، مَا لَا عَادَة لَهُ بِهِ: فَهُوَ نكد، أَو حبس، أَو مرض، أَو ضيقَة، وَنَحْو ذَلِك. كَمَا أَن من لبس، من الْوَاسِع، مَا لَا يَلِيق بِهِ: دلّ على النكد، والحيرة، والتبدد. قَالَ المُصَنّف: أعتبر النَّقْص والوضع فِي غير مَحَله وَتكلم عَلَيْهِ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت عَليّ قبَاء بِلَا أزرار، قلت لَهُ: عنْدك امْرَأَة عقيم لَا أَوْلَاد لَهَا، قَالَ: نعم، قلت: وَهِي أَيْضا بِلَا أَسْنَان، ضحك وَقَالَ: صدقت، وَقد حنثت فِيهَا بِالطَّلَاق، وَقد انحل نكاحك، قَالَ: نعم، قلت لَهُ: وَأَنت أَصَابِع يَديك ورجليك قد ذهب بَعْضهَا، فَأرَانِي ذَلِك. وَمثله رأى آخر،
قلت: عنْدك شَجَرَة مثمرة والساعة يتْلف ثَمَرهَا، فَجرى ذَلِك. وَمثله قَالَ لي صَاحب حلب، قلت لَهُ: عسكرك مُقَابل عَسْكَر مصر، وَهَذَا وَقت صنف، مَا الْحَاجة دَاعِيَة إِلَى أَن تزور، السَّاعَة يَقع الصُّلْح، وينصرف العساكر من طلب الْوَاحِد الآخر، وَيروح هَذَا الزر، فَجرى ذَلِك. وَرَأى آخر أَنه تعمم فِي رجلَيْهِ بعمامته ولوثها، قلت لَهُ: أَنْت وطئك أمك، فَقَالَ: كنت سَكرَان، قلت: لَا ترجع تعود. وَمثله قَالَ آخر، قلت: يقطع رَأسك فِي قتال وَيصير تَحت الرجلَيْن. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني لبست مداسي فَوق رَأْسِي، قلت لَهُ: أبصرك أحد، قَالَ: نعم، قلت: يَقع لَك ألم برأسك، وَرُبمَا يكون ضربا بالمداس، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني تعممت بسروالي فَوق رَأْسِي، قلت لَهُ: لَك ابْن وَبنت، قَالَ: نعم، قلت: السَّاعَة تزوجهما وتسكنهما فَوق رَأسك، قَالَ: هَذَا عزمي. / وَقَالَ آخر: رَأَيْت أَن الْملك سير إِلَى سروالي، قلت لَهُ: تتولى وَتصير وَالِي، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أَن عَليّ جوخة ضيقَة كثير، قلت: كَانَ فِي الصَّيف، قَالَ: نعم، قلت: يخْشَى عَلَيْك سجن عِنْد إفرنج أَو على يَد إفرنجي، فحبسه الإفرنج. فَافْهَم ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
[162]
فصل: وَأما الْبسط، والحصر، والأخراج، والأعدال، والغرائر، والبراذع، وَنَحْوهم: فيدلوا على النِّسَاء، والخدم، وَالْعَبِيد، والغمان، وعَلى الْعِزّ، والغنى، والفقر،. فَمن لَهُ عَادَة بالبسط، وَرَأى انه على أدون مِنْهَا، أَو على الْحصْر: دلّ على الْفقر، ونزول الْمرتبَة، والتحول من حَال إِلَى حَال
أردى مِنْهُ. كَمَا أَن من لَهُ عَادَة بالفرش الدونه، أَو بالحصر، فَرَأى أَنه على أحسن مِنْهَا: نَالَ عزا، ورفعة، وغنى، وراحة. وَأما تلاف أحد هَؤُلَاءِ، أَو سَرقته، أَو خطفه، أَو ضيَاعه: دلّ على فِرَاق من دلّ عَلَيْهِ، مِمَّن ذكرنَا. وَالله أعلم. قَالَ المُصَنّف: دلوا على الْخدمَة وَالنِّسَاء والغلمان بِكَثْرَة استعمالهم، وكثرتهم وحسنهم على الْعِزّ وَالْمَال على مَا بَينا. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني ملكت بساطاً رومياً مَنْقُوشًا، قلت لَهُ: يَتَجَدَّد لَك بُسْتَان مليح على قدر حسنه، فَاشْترى ذَلِك، لِأَن أَكثر هَذِه الْبسط فِيهَا التصاوير. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أقلع صوراً من بِسَاط، قلت: فَسَهَا لَك عَلَيْك، قَالَ: نعم وَمَا تعسر، قلت: أَمن رجل كثير الصَّيْد فِي الْبَسَاتِين وستربح من ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أنسج بساطاً محفوراً، قلت: عملت فِيهِ تصاوير، قَالَ: نعم، قلت: أَنْت عزمت على عمل صَنْعَة الدهان والتزويق، قَالَ: نعم، قلت: إِن كَانَ تمّ ربحت وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أَنِّي قد تجدّد فِي بَيْتِي بساطاً
مليحاً فِيهِ صور ملاح، قلت: تتَزَوَّج امْرَأَة وترزق مِنْهَا ذُرِّيَّة، فَجرى ذَلِك، وَيكون أَصْلهَا من الْبَلَد الَّذِي تعْمل فِيهِ. وَقَالَ آخر: رَأَيْت عِنْدِي برذعة مقطعَة، قلت: لَك دَابَّة، قَالَ: نعم، قلت: يحدث بهَا عقور. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تشتري دَابَّة فِيهَا عيب. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أَن عِنْدِي خرجا وَأَنا أنزل فِي عينه الْوَاحِدَة تَارَة وَفِي الْأُخْرَى تَارَة، قلت: أَنْت تنْكح أُخْتَيْنِ، قَالَ: صَحِيح مَاتَت امْرَأَتي وَأخذت أُخْتهَا. وَمثله قَالَ آخر غير أَنه قَالَ: كَانَ فيهمَا تُرَاب وَأَنا أرفعه، قلت: أَنْت رجل تحفر الْآبَار وَلَك فِي ذَلِك يَد. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أَن على كَتِفي خرجا قد أثقلها، قلت: يَقع بهَا جرح يؤذيها. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني بلعت خرجا خُفْيَة، قلت لَهُ: أَنْت سرقت ميزاناً وبعته وأكلت ثمنه، قَالَ: صَحِيح. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أَن عِنْدِي حصراً مقطعَة وَأَنا أسدها ببساط، قلت لَهُ: جمعت مَالا وَقت الْغنى وَأَنت تنفقه وتستر حالك فِي أَوْقَات الْفقر بِثمنِهِ، قَالَ: نعم. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني بلعت حمارا وَقد رَجَعَ أطلعوه من فمي بِذَنبِهِ، قلت: سرقت برذعة حمَار فعرفك أَصْحَابهَا فأعادوها مِنْك، قَالَ: صَحِيح. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني بلعت عدلا ملآن قماش، قلت لَهُ: سرقت دَار أحد الْعُدُول وَمَا عرف بك أحد، قَالَ: صدقت، وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أنكح برذعة، قلت: أَنْت نكحت دَابَّة، فَاسْتَغْفر الله وَضحك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني رفعت سترا مصوراً لأصطاد بِهِ الطُّيُور وَقد تعلق بِهِ من جملَة الطُّيُور طير عَظِيم مليح وَقَالَ اخبأه لي لَا تعطيه لغيري، قلت لَهُ: أَنْت