المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وغرامة بِخِلَاف الرّيح. وَرَأى إِنْسَان كَأَن لَهُ مراكب عدَّة فِي - قواعد تفسير الأحلام = البدر المنير في علم التعبير

[ابن نعمة]

الفصل: وغرامة بِخِلَاف الرّيح. وَرَأى إِنْسَان كَأَن لَهُ مراكب عدَّة فِي

وغرامة بِخِلَاف الرّيح. وَرَأى إِنْسَان كَأَن لَهُ مراكب عدَّة فِي الْبَحْر وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يوسقهن مَتَاعا ويركب فِيهِنَّ ركاباً فَقيل إِن تفعل ذَلِك رفعت القلوع وأقلعن وسرن بِغَيْر أمره، قلت لَهُ: عنْدك جمَاعَة من الطُّيُور فِي مَكَان مسجونات والساعة يطير الْجَمِيع بِغَيْر اختيارك، فَمَا مضى قَلِيل إِلَّا وَفتح القفص وطار الْجَمِيع كَمَا ذكرنَا، فَافْهَم ذَلِك. وَإِذا كَانَ المرسى فِي مركب لَا عَادَة لَهُ بِمثلِهِ كمرسى الْكِبَار فِي المراكب الصغار أعْطى النكد لثقله وَقلة نَفعه، وَإِن كَانَ صَغِيرا فِي مركب كَبِير فَكَذَلِك. وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ المرسى مِمَّا لَا نفع فِيهِ مثل أَن يكون زجاجاً أَو طيناً أَو فخاراً وَنَحْو ذَلِك وَإِن كَانَ من خشب كَانَ من دلّ المرسى كثير الْخلاف لِأَن الْقَصْد مِنْهُ نُزُوله فِي المَاء ليصل إِلَى الْقَرار ليقف الْمركب وَالَّذِي هُوَ من خشب كلما غرقه لَا يغرق فِي المَاء فَافْهَم ذَلِك.

[بَاب: 6] الْبَاب السَّادِس

‌فِي الْحَيَوَانَات

[104]

وَهُوَ أَرْبَعَة أَقسَام: الْقسم الأول: خير مُطلقًا وَهُوَ مَا انْتفع بِهِ بَنو آدم غَالِبا كالخيل وَالْبِغَال وَالْحمير وَالْغنم وأمثالهم. الْقسم الثَّانِي: الشَّرّ وَهُوَ مَا يضر غَالِبا كالسباع والحيات والعقارب وأمثالهم.

ص: 275

الْقسم الثَّالِث: مَا فِيهِ خير وَشر كأدوات الصَّيْد مثل الفهود والصقور والبزاة وَنَحْوهمَا. الْقسم الرَّابِع: لَا خير فِيهِ وَلَا شَرّ كالذبابة والنملة والخنفسة. فَمن رأى عِنْده أَو ملك وَاحِدًا من ذَلِك نسبته إِلَى مَا ذكرنَا. قَالَ المُصَنّف: لما اخْتلف أغراض النَّاس فِي الْحَيَوَان فَمنهمْ من يركب عَلَيْهِ وَيحمل وَلَا يَأْكُل مِنْهُ كالحمير وَالْجمال عِنْد الْيَهُود وَالنَّصَارَى، وَمِنْهُم من يَأْكُلهُ وَلَا يركب عَلَيْهِ ويبيعه كالغزلان وَالْغنم والخنازير وَنَحْو ذَلِك، وَمِنْهُم من يَأْكُل لَحْمه فِي وَقت صِحَّته وَيمْتَنع / مِنْهُ وَقت مَرضه لكَونه يضرّهُ، وَمِنْهُم من يَأْكُل لَحْمه وَلَا يَأْكُل الناتج مِنْهُ كمن لَا يَأْكُل الألبان والجبن وَالسمن، وَمِنْهُم من يَأْكُل الناتج مِنْهُ وَلَا يَأْكُل الْحَيَوَان كالنحل يَأْكُل الْعَسَل مِنْهُ وَينْتَفع بشمعه وَيبِيع النَّحْل زلا يَأْكُلهُ، وَلذَلِك قُلْنَا مَا انْتفع بِهِ بَنو آدم حَتَّى يَشْمَل جَمِيع مَا ذكرنَا فَافْهَم. وَلما كَانَ النَّفْع فِي الْقسم الأول الَّذِي ذَكرْنَاهُ غَالِبا كَانَ الضَّرَر فِيهِ وجوده كَعَدَمِهِ، وَلما كَانَ الضَّرَر فِي الْقسم الثَّانِي صَار النَّفْع فِيهِ وجوده كَعَدَمِهِ فَلَا حكم لَهُ. وَفِي الْقسم الثَّالِث لما كَانَت أدوات الصَّيْد تحْتَاج

ص: 276

إِلَى علوفة وكلفة وفيهن ممانعة وَقُوَّة نفس أعْطى الشَّرّ كَمَا أعْطى مَا يصطادونه الْخَيْر. وَلما كَانَ الْقسم الرَّابِع إِذا كَانَ الْفَرد مِنْهُ فِي الْبَيْت لَا يخَاف وَلَا يهرب مِنْهُ أحد وَلَا يقْصد لأجل تَرْبِيَته وَلَا فَائِدَة فِيهِ فَانْتفى مِنْهُ الْخَيْر وَالشَّر بِخِلَاف أَقسَام الْخَيْر فَإِنَّهُ يقْصد ملكه وبقاؤه لأجل مَا يطْلب من نَفعه. وَكَذَلِكَ أَقسَام الشَّرّ فَإِن الْحَيَّة أَو الْعَقْرَب أَو الْأسد إِذا كَانَ فِي الْمَكَان تحذر مِنْهُ النُّفُوس وتهرب مِنْهُ النَّاس فَعلمنَا أَنه دَال على النكد فَافْهَم ذَلِك.

[105]

فصل: وهم فِي أَربع جِهَات: فِي الْبلدَانِ والبراري والهواء وَالْمَاء. فنتكلم أَولا على مَا فِي الْبَلَد.

[106]

الْغنم - لمن ملكهم أَو رعاهم أَو تحكم فيهم -: غَنَائِم وفوائد وأرزاق وَنسَاء وَعبيد، والأبيض خير من لماعز. فَمن ملك غنمة وَكَانَ أعزب تزوج، فَإِن كَانَت ضأناً فَهِيَ امْرَأَة لَهَا جمال وجاه لحسن منظرها وَكَثْرَة صوفها وَتَكون مستورة بالإلية. والكبش: فَرجل جليل الْقدر صَاحب أَمر وَنهي، وَإِن كَانَ بِلَا قُرُون فَهُوَ رجل مسلوب النِّعْمَة ذليل. وَكَذَلِكَ التيس. وَأما الماعز: فامرأة فقيرة لقلَّة شعرهَا، وَرُبمَا تكون ذَات عيب لكَونهَا مكشوفة الْعَوْرَة ، فَمن ملك قطيعاً

ص: 277

من الْغنم وَغَيره من الْحَيَوَانَات تولى على جمَاعَة ولَايَة تلِيق بِهِ. قَالَ المُصَنّف: إِذا ملك الرَّائِي شَيْئا من هَذِه الْحَيَوَانَات الْمَذْكُورَة قَلِيلا مِمَّن لَا يَصح لَهُ إِلَّا الْكَبِير دلّ على النكد، كَمَا أَنه إِذا ملك الْكَبِير مِمَّن لَا يصلح لَهُ أعْطى النكد. فَإِن جعلت الغنمة زَوْجَة وَرَأى أَنَّهَا تحولت فِي يَده كَبْشًا فَانْظُر لإإن آذاه أَو أتلف عَلَيْهِ شَيْئا تنكد من زَوجته، وَكَذَلِكَ إِن جَعلتهَا معيشة تحولت إِلَى صفة دونه، وَإِن لم يؤذه ذَلِك حملت زَوجته بِغُلَام، أَو تحولت معيشته إِلَى خير مِنْهَا عَن كَانَت الرَّغْبَة فِيهِ كَثِيرَة، وَاعْتبر أَحْوَال الرَّائِي إِن تَسَاوَت الرُّؤْيَا كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني أتيت إِلَى رَأس غنم من

ص: 278

الماعز عَلَيْهِ إلية فِي الْمَنَام قطعت تِلْكَ الإلية، قلت: تلوثت بِدَم أم لَا؟ قَالَ: تلوثت، قلت أتيت إِلَى جمل سرقت مِنْهُ خرجا أَو مخلاة أَو نفجة قماش وَكَانَ ذَلِك فِي الطّرق، قلت: إِن أبْصر النَّاس الدَّم ظَهرت عَلَيْك السّرقَة، وَإِلَّا فَلَا. وَمثله رأى آخر غير أَنه قَالَ كَانَت الإلية على تَيْس وَهِي تَمنعهُ من الْمَشْي، قلت لَهُ: أَنْت رجل جرائحي تقطع سلْعَة وتبط دملاً أَو خراجاً وتريح صَاحبه من ألم ذَلِك، قَالَ: صَحِيح. وَلما كَانَ أَجنَاس الْحَيَوَان تخْتَلف بساكنها ذكرنَا ذَلِك ليسهل على طَالب هَذَا الْعلم الْكَلَام فِيهِ لِأَن لكل جنس فِي مَكَانَهُ أوصافاً تخْتَص بِهِ دون غير مَكَانَهُ فَافْهَم.

[107]

فصل: الْبَقر لمن ملكهَا: معيشة أَو امْرَأَة أَو دَار أَو سنة أَو فَائِدَة أَو خدمَة، فَإِن كَانَت مليحة فَذَلِك خير، وَإِلَّا فَلَا. وَكَذَلِكَ الثور: وَهُوَ دَال على الرجل الْكثير النَّفْع، فَأَما إِن نطحه أَو رفسه أَو آذاه تنكد مِمَّن دلوا عَلَيْهِ. وَأما من ذبح وَاحِدًا من ذَلِك أَو مَاتَ عِنْده ذهب من ذَلِك الْمَكَان إِنْسَان أَو بطلت معيشة أَهله. وَيدل ذَبحهَا فِي الْمَكَان الَّذِي لم تجر بِهِ الْعَادة على التُّهْمَة وَالْخُصُومَة. والجواميس: حكمهَا حكم الْبَقر إِلَّا أَنَّهَا أرفع رُتْبَة لِكَثْرَة درها ولبنها.

ص: 279

قَالَ المُصَنّف: إِذا رأى أَنه يَأْخُذ صُوفًا من الْبَقر أَو الجواميس أَو حَيَوَان

ص: 280

لَا يُؤْخَذ ذَلِك من عَلَيْهِ فَإِن جعلت ذَلِك زَوْجَة فَهُوَ حمل وَأَوْلَاد من غير / جنسه، وَإِن جعلته فَوَائِد فَهِيَ من حَيْثُ لَا يحْتَسب، وَإِن جعلته من تجائر فَمن أَقوام يجلبون ذَلِك من غير عَادَة مِنْهُم. كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني آخذ صُوفًا من بقر ورائحته ردية، قلت: أَقوام يسرقون شَاءَ وتأخذه مِنْهُم وَرُبمَا يكون غنما، قَالَ: جرى ذَلِك. وَرَأى آخر أَنه يَأْخُذ من بقر صُوفًا أسود وَهُوَ يتَحَوَّل فِي يَده مَاء، قلت: أَنْت معلم مكتب، قَالَ؛ نعم، قلت الصغار كالبقر لَا يعْرفُونَ شَيْئا وَأَنت تَأْخُذ مدادهم سَرقَة، قَالَ: مَا بقيت أَعُود.

ص: 281

وَرَأى آخر أَنه يَأْخُذ ريشاً من جاموس، قلت: سرقت طيورا من عِنْد جليل الْقدر وَمَا انتفعت بِهن، قَالَ: صَحِيح. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني آخذ حَرِيرًا من ظهر حَيَوَان وأعمله أوتاراً فِي رِقَاب الْحَيَوَان وَفِي أَرجُلهم وَهُوَ ينطقون، قلت لَهُ: أَنْت رجل تعلم الْغنى وَالزمر والطرب لأرباب الْجَهْل وسيصير لَك شَأْن فِي ذَلِك. وَمثله قَالَ آخر غير أَنه قَالَ أجعَل ذَلِك على أَبْوَاب المعابد، قلت: أَنْت صَوْتك طيب فِي الْقُرْآن وَالْأَذَان ينْتَفع النَّاس بصوتك على قدر حسن ذَلِك.

[108]

فصل فِي الخيسل: الْفرس دَال على الْعِزّ والجاه والفائدة والمعيشة وَالْمَرْأَة وَالْجَارِيَة وَالْولد والمنصب والنصر على الْأَعْدَاء لمن ملكهَا أَو ركبهَا، فَإِن كَانَت مسرجة ملجمة فجاه تَامّ ومعيشة دارة أَو امْرَأَة بجهاز أَو ولد فِيهِ نفع وَنصر قاهر. وَكَذَلِكَ الحصان لِأَنَّهُ تحصن من الْأَعْدَاء، وَالْأسود من

ص: 282

ذَلِك سؤدد وَخير، والأصفر والأحمر والأشهب فَرح. قَالَ المُصَنّف: اعْتبر عادات النَّاس فِي ركُوب الْخَيل وَغَيرهَا وَصفَة ذَلِك فتجعل ركُوبهَا عرياً لمن يعتاده فَائِدَة وراحة وَلمن لَا عَادَة لَهُ بذلك ردياً، كَمَا جعلت ركُوبهَا على جَانب وَاحِد أَو مقلوباً لذِي الْبَوَادِي والمكارية وَأَصْحَاب الصَّنَائِع المهينة فَائِدَة وإدرار معايش، وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ فِي عدتهَا رداءة لأَنهم لَا يُنكر عَلَيْهِم ذَلِك، وَذَلِكَ للأكابر وَلمن لَا يعتاده شهرة ردية وَذُو مرتبَة وَفعل مَا لَا يَلِيق فعله، وَكَذَلِكَ الْمَرِيض الَّذِي لَا تصلح الْحَرَكَة لَهُ فَإِن الرّكُوب الردي يدل على طول الْمَرَض وتجديد ألم فَإِن قوي الردي فِي الْمَنَام صَار موتا للْمَرِيض، فَافْهَم. وَاعْتبر الصِّفَات المقلوبة فِي الْمَنَام، كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني اشْتريت حصاناً فَلَمَّا ركبته صَار حمارا، قلت لَهُ: استخدمت أَو اشْتريت غُلَاما على أَنه ذكي طلع حمارا لَا ينفع وَقت الْحَاجة، قَالَ: نعم. وَقَالَ آخر رَأَيْت أنني حملت على حمَار وَرقا أَبيض رَأَيْته صَار جملا لَا يروح وَلَا يَجِيء، قلت ك سيرت كتابا صُحْبَة إِنْسَان وَزَعَمت أَنه يعرف الْمَكَان كَانَ أبلة مَا درى أَيْن سيرته، قَالَ: صَحِيح، وَدَلِيله أَن الْحمار يعرف مَكَان صَاحبه بِخِلَاف الْجمل فَافْهَم ذَلِك.

ص: 283

ولت الْخَيل على الْعزو والجاه لكَونهَا مُخْتَصَّة غَالِبا بذوي الأقدار وأرباب الْأَمْوَال، ودلت البغلة على الْمَرْأَة العاقر والمعيشة الني لَا تربح لكَونهَا عَاقِر لَا تَلد أصلا، وَدلّ الْحمار والبغل على أَرْبَاب الْجَهْل لكَوْنهم لَا يقبلُونَ التَّعْلِيم غَالِبا إِلَّا بعد السّفر وَالْمَشَقَّة بِخِلَاف الْخَيل، وَدلّ الْحمار على الْغُلَام الْكثير العياط وَالْكَلَام لكثر ذَلِك مِنْهُ بِخِلَاف غَيره. فَافْهَم ذَلِك موفقاً إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

[109]

فصل فِي الْبَغْل وَالْحمار: من ملكهَا أَو ركبهَا مِمَّن يَلِيق بِهِ ركوبهما دلّ على الْفَائِدَة وَالْخَيْر كَمَا دلّت الْخَيل، إِلَّا أَنَّهَا دونهَا فِي الرُّتْبَة، وَرُبمَا كَانَت البغلة امْرَأَة عاقراً ويدلوا على أَرْبَاب الْجَهْل وَيدل الْحمار على الْغُلَام الْكثير العياط وَأما من ركبهَا مِمَّن لَا يصلح لَهُ ذَلِك دلّ على النكد والفقر وَزَوَال المنصب.

[110]

فصل: الْجمل: جمال وَخير لمن ملكه أَو رَكبه، وَرُبمَا كَانَ رجلا ًصبوراً لحمله الأثقال، وَيدل على لَا سفر، وَمن رَكبه من المرضى مَاتَ لكَونه يظعن بالأحبة إِلَى الْأَمَاكِن الْبَعِيدَة، وَيدل على قَضَاء الْحَوَائِج، فَإِن كَانَ من العراب فَهُوَ عَرَبِيّ، وَهُوَ من البخت: أعجمي. والناقة: امْرَأَة أَو

ص: 284

فَائِدَة أَو معيشة، فَمن ركب / شَيْئا من ذَلِك ركوباً يَلِيق بِهِ فَإِن كَانَ فِي نَفسه حَاجَة: قضيت، وَإِن كَانَ أعزب: تزوج، وَإِن كَانَ يطْلب سفرا: سَافر، أَو اشْترى جَارِيَة أَو عبدا أَو دَارا أَو سفينة أَو بستاناً أَو عَاشر إنْسَانا: كَذَلِك. والهجين: فَرجل كثير الْأَسْفَار صبور مَحْبُوب عِنْد الأكابر كثير الْخدمَة. قَالَ المُصَنّف: إِذا جعلت ركُوب الْجمل خيرا فَانْظُر من أَي جِهَة دلّ عَلَيْهِ، فَإِن كَانَ عَلَيْهِ تِجَارَة كَانَ من سفر أَو مُسَافر وَكَذَلِكَ الكجاوة، وَإِن كَانَ من جمل يحمل الْحَطب أَو التِّبْن أَو الْبر أَو شَيْئا من الْحُبُوب فاطلب الزراعات والمزارعين وَنَحْو ذَلِك، وَإِن كَانَ مِمَّن يحمل المَاء فاطلب الْمَطَر أَو الْعُيُون أَو الْبحار أَو من يتعانى الْمِيَاه مثل القصارين والصيادين للسمك والمسافرين فِي الْبَحْر، وَإِن كَانَ مِمَّن يحمل التُّرَاب أَو الْحِجَارَة وَنَحْو ذَلِك،

ص: 285

لِأَن كل مَا كَانَ معدنا لشَيْء فاعتبره، وَكَذَلِكَ إِذا جعلته رديا فَانْظُر وَجه الردي من أَيْن أَتَى إِلَى الرَّائِي على مَا ذكرنَا موفقا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَإِنَّمَا دلّ الرّكُوب على قَضَاء الْحَوَائِج لراحة الْإِنْسَان بالركوب كراحته إِذا قضيت حَاجته، وَدلّ على التَّزْوِيج للراحة وحاجة تقضى لكَونه رَاكِبًا فَوق الآخر، وَإِن كَانَ الرَّاكِب امْرَأَة فلكونها مَحْمُولَة الكلفة كَمَا يحمل زَوجهَا كلفتها، وَدلّ على الْأَسْفَار لِأَنَّهُ معد لذَلِك ولكونه ينْتَقل بِصَاحِبِهِ من مَكَان إِلَى آخر، وَدلّ على الغلمان والجوار لكَوْنهم فِي الْحَوَائِج وَتَحْت أَمر راكبهم، ودلوا على بَاقِي الْفَوَائِد لكَوْنهم معدون للنفع فَافْهَم ذَلِك.

[111]

فصل: الدَّجَاجَة امْرَأَة فِيهَا نفع كَثِيرَة النَّسْل لمن ملكهَا، أَو معيشة دارة فِي وَقت دون وَقت. وَكَذَلِكَ الإوز. وصراخهن: هموم وأحزان ونوائح. قَالَ المُصَنّف: إِذا صَارَت الدَّجَاجَة ديكا انْقَطع نسل من هِيَ عِنْده مِمَّن دلّت عَلَيْهِ، وتدل على الْوَلَد الذّكر، وَإِن دلّت على الْفَائِدَة بطلت الْفَائِدَة لكَون الديك لَا يبيض، وَإِن دلّت على الْمَرْأَة الْعَاقِلَة دلّ على أَنَّهَا تصير كَثِيرَة

ص: 286

الْكَلَام والنقاد، بِخِلَاف مَا إِذا صَارَت وزة طَال عمرها لكبرها وَقلت فائدتها لِأَن الدَّجَاج أَكثر بيض وفراخ فَافْهَم ذَلِك.

[112]

وَأما الديك فَرجل حسن الصَّوْت فَمن ملكه رزق ولدا ذكر أَو اشْترى مَمْلُوكا أَو دَارا أَو درت معيشته أَو قدم عَلَيْهِ غَائِب أَو خبر مِنْهُ، وَرُبمَا كَانَ من دلّ الديك عَلَيْهِ خَطِيبًا أَو سمسارا أَو مُؤذنًا أَو مناديا أَو حارسا وَأَشْبَاه ذَلِك فَإِن نقر إِنْسَان أَو أزعجه بِصَوْتِهِ حصل لَهُ نكد مِمَّن ذكرنَا. قَالَ المُصَنّف: إِذا تحول ابْن آدم أَو غَيره فِي صفة شَيْء من الطُّيُور

ص: 287

البلدية فأعطه من الْأَحْكَام على مَا يَلِيق برائيه، كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت ديكا كَبِيرا، قلت لَهُ: فَكَانَ على رَأسك عرف مثل الديك، قَالَ: نعم، قَالَ وكأنني أعطي ريشي للنَّاس يَنْتَفِعُونَ بِهِ، قلت: أَنْت الْآن تبيع القماش، قَالَ: نعم، قلت: إِن رَاح الريش كُله خسرت وَتبقى قِطْعَة لحم فَقِيرا مَا لَك حَرَكَة وَلَا حُرْمَة، وَإِن لم يكن رَاح فَأَنت تربح. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت ديكا بِلَا ريش وعَلى رَأْسِي عرف كَبِير، قلت: يطلع فِي رَأسك طُلُوع وَكَذَلِكَ فِي بدنك ويسيل ذَلِك دَمًا، وَذَلِكَ لِأَن مَوَاضِع الريش تبقى مثل الجدري وَالْحب، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت ديكا وَأَنا أنقر رمانة آكل بَعْضهَا، قلت: أَنْت رجل مُؤذن وَقد نقبت مَكَانا فِيهِ جمع كالفندق أَو الرّبع أَو دَارا جَامِعَة وَأخذت سَرقَة من بعض بيوتها، وَإِيَّاك أَن يظْهر عَلَيْك، قَالَ: كَانَ ذَلِك من مُدَّة. فَافْهَم ذَلِك.

[113]

فصل: القط: عبد أَو ولد أَو أَخ أَو أَب أَو زوج أَو سيد نَافِع لمن ملكه. والقطة: امْرَأَة كَذَلِك. وَرُبمَا دلوا على الْمُتَوَلِي الشاطر لقمعه الْأَعْدَاء فِي الْبَيْت كالفأر والحيات والعقارب وأشباههم فهم بِمَنْزِلَة اللُّصُوص والمفسدين. فَمن مَاتَ لَهُ سنور فِي الْمَنَام مَاتَ لَهُ عبد أَو مرض، أَو تعطلت فَوَائده، أَو صَاحب فِيهِ نفع وَاسْتولى المفسدون على ذَلِك الْمَكَان،

ص: 288

فَأَما إِن تلف شَيْئا من الْبَيْت صَار / عدوا أَو حراميا وَنَحْو ذَلِك. قَالَ المُصَنّف: إِنَّمَا دلّ القط على العَبْد وَالْولد لخدمته وتألفه، وَكَذَلِكَ دلّ على الزَّوْج لجلوسه فِي الجحور، وَدلّ على الْوَالِد لدورانه على أهل الْبَيْت فِي الْمصَالح، وَكَذَلِكَ الْأَخ وَالسَّيِّد، فَإِذا جعلته مُتَوَلِّيًا فَرَأى كَأَنَّهُ يصطاد من البراري فَهُوَ رجل كثير الغارات على الْأَمَاكِن الْبَعِيدَة، وَإِن اصطاد من دَاخل الْبَلَد كالأغنام والأبقار والدجاج وَنَحْو ذَلِك فَهُوَ يُؤْذِي أهل ذَلِك الْبَلَد، وَإِن لم تَجْعَلهُ مُتَوَلِّيًا فَهُوَ رجل حرامي أَو مُفسد، كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت كَأَن لي قطا وَقد أَرْسلتهُ فِي أَرض فِيهَا جوز مغروس يكسر الْجَوْز وَيَأْتِي بِقَلْبِه ورائحته ردية، قلت لَهُ: عنْدك عبد أَو غُلَام ينبش الْقُبُور ويأتيك بالأكفان، قَالَ: صَحِيح.

[114]

فصل: وَأما الطُّيُور الَّتِي فِي الأقفاص فهم جوَار أَو عبيد أَو

ص: 289

أسَارِي، ويدلوا على الْأَوْلَاد وَالْأَمْوَال المخزونة لمن ملكهَا، فَإِن كَانَ لَهُم صَوت كالهزار والشحرور والبلبل والفواخت والقماري وأمثالهم فهم خطباء أَو وعاظ أَو مناديه أَو أَرْبَاب قُرْآن، ويدلوا على أَرْبَاب الْغنى وَالنوح أَيْضا، فَمن كَانَ عِنْده حَامِل: أَتَاهُ ولد كَذَلِك أَو اشْترى جَارِيَة تكون ذَات صَوت وَحسن، فَإِن صَوت لمن عِنْده مَرِيض فَبكى على صَوته بِلَا صُرَاخ: تعافى مريضه، وَإِن كَانَ بصراخ أَو بضحك أَو برقص أَو لطم عِنْد سَماع صَوته: مَاتَ مريضه، أَو قدم نعي الْغَائِب، وَرُبمَا تعطلت معيشته أَو فَارق زَوجته وَنَحْو ذَلِك. قَالَ المُصَنّف: لما أَن كَانَت الْحَيَوَانَات الهوائية أَو الْبَريَّة معدة للإقامة عندنَا على مَا ذكرنَا كَانَ حكمهَا حكم الَّذين فِي الْبَلَد لكَونهَا لَا تَأمل الْخَلَاص بِخِلَاف من هُوَ سائب فِي مَكَانَهُ، ودلوا على الْجوَار وَالْعَبِيد وَالْأسَارَى لكَوْنهم ابتاعوا وهم تَحت الحكم والقهرية، ودلوا على الْأَوْلَاد لفرح النُّفُوس

ص: 290

بهم، ويدلون على الْأَمْوَال لكَوْنهم يباعوا ويشتروا ويخزنوا لنفع النَّاس بهم، وَدلّ من فِي القفص على الزَّوْجَة وَالْمَرِيض والمسجون والأسير لكَونه مَمْنُوعًا من التَّصَرُّف وَعَن مَا يختاره من الدُّخُول وَالْخُرُوج وكلفته على غَيره. وَقَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت طيرا، قلت لَهُ: إِن كنت من الطُّيُور الَّتِي تطير كَمَا تخْتَار فَإِن كنت عبدا عتقت، وَإِن كنت فِي شدَّة من أسر أَو غَيره خلصت، وعَلى الْعَافِيَة إِن كنت مَرِيضا. وَرُبمَا دلّ الطيران على الْمَوْت، وَإِن كَانَ فِي مركب بِوَقْت عَلَيْهِم الرّيح دلّ الطيران على السّفر فِي الْبَحْر أَو الْبر. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت كأنني صرت عُصْفُور الدوري وَأَنا آكل العنكبوت، قلت: أَنْت كثير الْكَلَام وتأكل أَمْوَال الحاكة أَو التُّجَّار وسرقت أَيْضا مَتَاع صيادين وَأَيْضًا تعرضت إِلَى إِنْسَان مُنْقَطع، قَالَ: أَنا أَتُوب، وَدَلِيله أَن العنكبوت ينسج كالحائك وبيتها شبكة للصَّيْد وَهِي مُنْقَطِعَة، فَافْهَم ذَلِك. وَاعْتبر أَصْحَاب الْأَصْوَات واعط الرَّائِي على مَا يَلِيق بِهِ كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت كَأَن إِلَى جَانِبي هزار مَقْطُوع اللِّسَان وَأَنا أعدل لِسَانه فَاسْتَوَى، قلت لَهُ: لَك معرفَة إِمَّا خطيب أَو واعظ أَو مُغنِي وَنَحْو ذَلِك وَقد منع من الْكَلَام وَقد عزمت على أَنَّك تشد مِنْهُ حَتَّى يعود إِلَى صَنعته، قَالَ: صَحِيح، قلت لَهُ: هَل عرفت مَا قطع لِسَانه فِي الْمَنَام؟ قَالَ: طارت قِطْعَة زجاج من قنينة فَقطعت لِسَانه، قلت: هَذَا كَانَ يشرب أَو يعاشر من يعاني ذَلِك وَرُبمَا كَانَ ينكد من امْرَأَة. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت كَأَن عِنْدِي آلَة طرب وَبَعضهَا قد تكسر وَبَعضهَا يَأْكُلهُ عَبدِي، قلت لَهُ: ترزق تَوْبَة، وعندك طيور مسموعة؟ قَالَ: نعم، قلت: يَمُوت بَعْضهَا أَو تبيعه وَبَعضهَا يَأْكُلهُ قطّ أَو

ص: 291

كلب وَنَحْو ذَلِك، وَكَانَ دَلِيله أَن ذهَاب آلَة الطَّرب تَوْبَة وَترك مَا هُوَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَيْضا يدل على بيعهَا أَو تلفهَا كَمَا ذكرنَا، وَالْعَبْد قطّ كَمَا دلّ القط على العَبْد فِي بَابه فَافْهَم ذَلِك.

[115]

فصل / وَرُبمَا دلّ من فِي القفص على المسجون. فَمن رأى أَنه يطعم طيرا فِي قفص أَو يكلمهُ أَو يتعامل على خلاصه: سعى فِي خلاص مسجون، أَو خدم مَرِيضا، وَرُبمَا إِن طَار من القفص بِغَيْر أمره: مَاتَ مريضه أَو فَارق من يعز عَلَيْهِ، وَرُبمَا هلك لَهُ مَال أَو فَارق عَبده أَو وَلَده أَو دَابَّته. وَأما الطاووس إِذا كَانَ ريشها عَلَيْهَا فَهِيَ امْرَأَة بجهاز، أَو جَارِيَة أَو بنت مليحة، أَو معيشة مفيدة، أَو مركب أَو بُسْتَان مليح، فَإِن جعلناها امْرَأَة كَانَت كَثِيرَة التيه والدلال، وَإِن كَانَت بِلَا ريش انعكس ذَلِك كُله، وَالذكر مِنْهُ رجل. قَالَ المُصَنّف: كل طير يقص ريشه للنفع أَو لحسن منظره دلّ على الْأَمْوَال لبيعه ورغبة النَّاس فِيهِ، وَدلّ على النَّبَات لكَونه نابتا، وَالْأَوْلَاد لكَوْنهم من ظَهره، وعَلى القماش لكَونه مسترا بِهِ، وعَلى الدّور لكَونه سَاكِنا فِي دَاخله، وعَلى الْعدَد لكَونه يدْفع الْأَلَم، خُصُوصا الْقُنْفُذ لكَونه يُقَاتل بِهِ. فَافْهَم ذَلِك.

ص: 292

[116]

فصل: وَأما الْحَيَوَانَات الَّتِي فِي الْبر فهم رجال الْبَوَادِي والطرقات، وَالْمَذْكُور ذُكُور والمؤنث إناث والمأكول لَحْمه فَائِدَة حَلَال لمن ملكهَا أَو انْتفع بهَا كالغزلان والوعول وبقر الْوَحْش والأرنب وأمثالهم فَمن ملك وَاحِدًا من ذَلِك: تزوج إِن كَانَ أعزب، أَو قدمت عَلَيْهِ فَائِدَة من سفر أَو يقدم عَلَيْهِ رجل مُسَافر، أَو يرْزق ولدا ذكرا إِن كَانَ ذكرا، وَإِن كَانَ أُنْثَى فأنثى، وَرُبمَا درت معيشته وَكَثُرت عبيده ومشت أَحْوَاله، وَتَكون كَثْرَة الْفَائِدَة وقلتها على قدر كبر الْحَيَوَان وصغره. قَالَ المُصَنّف: إِذا صَار الرَّائِي من حَيَوَان الْبر أعْطه من أَحْكَامه على مَا يَلِيق بِهِ، كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت كأنني صرت كَبْش جبل، قلت: أَنْت تطلب الْعُزْلَة وَالْعِبَادَة سترزق ذَلِك. وَمثله رأى نَصْرَانِيّ، قلت لَهُ: ستصير رَاهِبًا فِي قلالة، فَصَارَ كَذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني صرت أريل أَو بقرة وَحش، قلت: عزمت على الْخُرُوج إِلَى الْبَريَّة أَو إِلَى مَكَان خراب لتصطاد الْحَيَّات، قَالَ: صَحِيح. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني صرت يربوعاً، قلت لَهُ: أَنْت كثير الحذر والحيل وَعَلَيْك مطالبات ولدارك أَبْوَاب كَثِيرَة وَتدْخل من بَاب وَتخرج من آخر كاليربوع، قَالَ: صَحِيح. فَافْهَم ذَلِك.

ص: 293

وَإِذا دلّ الْحَيَوَان على الْفَائِدَة السهلة فَرَأى أَنه تحول فِي صفة حَيَوَان صَعب المراس دلّ على تَعب فِيمَا دلّ عَلَيْهِ. كمن أبْصر عِنْده غنمة يحلب مِنْهَا أَو يَأْخُذ عَنْهَا صُوفًا فرأها قد صَارَت فِي صفة فَهد أَو حَيَّة أَو أَسد دلّ على التَّعَب فِيمَا دلّ عَلَيْهِ بعد الرَّاحَة، كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أَن عِنْدِي دجاجاً وَأَنا آخذ من بيضهن فتحولن فِي صفة حجل، قلت: تَحت يدك غلْمَان كَانَت لَك مِنْهُم فَائِدَة صَارُوا يخبؤوا الْفَائِدَة وَيُنْكِرُونَ، قَالَ: صَحِيح، لِأَن الْأُنْثَى من الحجل تخبيء الْبيض لِئَلَّا يبصره الذّكر فيشربه.

[117]

فصل: وَأما الَّذين لَا ينْتَفع بهم غَالِبا كالفيل لمن رَكبه أَو ملكه فَرجل جليل الْقدر، أَو عبد من تِلْكَ الْجِهَة، وَلمن هُوَ خَائِف هَلَاك لقَوْله تَعَالَى:{ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل} . وَيدل على الْمركب وَالدَّار. وَكَذَلِكَ الْأسد وَهُوَ يشبه الْمُلُوك، وقطاع الطَّرِيق، وَأَصْحَاب الْأَمر وَالنَّهْي. وَكَذَلِكَ النمر إِلَّا أَنه يكون رجلا كثير الْحِيَل وَالْمَكْر ردي المعاشرة. وَأما الفهد فإنسان شرير شرس الْأَخْلَاق كثير العياط. قَالَ المُصَنّف: إِذا تحول الرَّائِي أَو حَيَوَان لَهُ فِي صفة حَيَوَان فأعطه مَا يَلِيق بِهِ، كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت فيلاً أسود وَأَنا أنط من مَكَان إِلَى آخر فِي ظلام، قلت: أَنْت الْآن فِي غير بِلَاد الْفِيل نخشى عَلَيْك السجْن، أَو تخفي نَفسك، وَرُبمَا تصبغ جسمك وَتصير أسود، وتهرب من مَكَان أَنْت مخفي فِيهِ، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أَن عِنْدِي غزالاً مليحاً تحول فِي

ص: 294

صفة النمر، قلت: عنْدك ولد أَو غُلَام يتعانى الشطارة، قلت: رُبمَا يبْقى لصاً أَو هجاماً، قَالَ: صَحِيح، فَافْهَم ذَلِك. وَإِنَّمَا دلوا على الَّذين لَا نفع مِنْهُم غَالِبا لِأَن النَّاس يقصدون النّظر إِلَيْهِم. /

/

/.

ص: 295

وَمثله رأى آخر، قلت: يَأْخُذ ولدك إِنْسَان ويسافر بِهِ، فَجرى ذَلِك.

ص: 296

وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت طائراً كاسراً نزل أَرضًا فَشرب جَمِيع مَا فِي بركتنا من المَاء، قلت: تتْلف عَيْنك وَرُبمَا يكون بضربة حجر، فَجرى ذَلِك. وَرَأى آخر أَن عينا نبعت فِي دَاره مَاء أسود وَهُوَ ضيق الصَّدْر من ذَلِك فجَاء طَائِر كَبِير نزل على تِلْكَ الْعين فَشرب جَمِيع مَا فِيهَا، قلت: عنْدك وَاحِد قد نزل بِعَيْنِه المَاء الْأسود أَو الْأَصْفَر، قَالَ: نعم، قلت: سَيَأْتِي إِلَيْكُم رجل خَبِير يقْدَح عَلَيْهَا ويمتص مَا فِيهَا من المَاء المؤذي وَيَزُول النكد، فَجرى ذَلِك، وبرأت الْعين. فَافْهَم ذَلِك.

[117]

فصل: وَأما من ملكهم ليصطاد بهم فَإِن اصطاد بهم مَا يُؤْكَل لَحْمه: قضيت حَاجته، أَو ربحت تِجَارَته، أَو درت معيشته بِمَال حَلَال وَإِلَّا فَلَا، وَإِن ربط الطير أَو جعله فِي قفص كَانَ مِمَّن دلّ الطير عَلَيْهِ كثير الْإِقَامَة عِنْده، وَإِن طَار فَوق ذَلِك.

[118]

فصل: وَأما الَّتِي يُؤْكَل لَحمهَا كالحجل وَالْحمام والعصافير والكراكي والقطاء وأمثالهم: فَذَلِك لمن ملكهَا دَال على الْأَوْلَاد والأقارب وَالْأَمْوَال والأملاك والغلمان والمعايش، وَيكون ذَلِك على قدر كثرتها وقلتها، وَرُبمَا كَانَت الْحَمَامَة: امْرَأَة صَالِحَة، وَرُبمَا دلّت على رَسُول الأكابر لكَونهَا تحمل الْكتب من مَكَان إِلَى مَكَان، وَلمن عِنْده مَرِيض تدل على الْمَوْت لِأَنَّهَا

ص: 297

بِكَسْر الْحَاء حمام وَهُوَ الْمَوْت. قَالَ المُصَنّف: إِذا جعلناهم أقَارِب أَو معارف رُبمَا كَانُوا كثيرين السّفر، وَإِن جعلناهم أَمْوَالًا فَرُبمَا كَانَ المَال والفائدة من الْجِهَة الَّتِي طَار مِنْهَا الطَّائِر، كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت كركياً، قلت لَهُ: تُسَافِر إِلَى بِلَاد التّرْك، فَجرى ذَلِك. وَمثله رأى إِنْسَان بِمصْر ذَلِك، قلت: أَكنت ذكرا أم أُنْثَى؟ قَالَ: كأنني كنت أُنْثَى، قلت: تنْفق مَالك على أهل الشرق وَدَلِيله انه يرْعَى قرط مصر ويبيض بالعراق. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت بلشوناً وَأَنا قد ثقل جسمي، قلت: ألزمك جمَاعَة إِلَى مَا لَا طَاقَة لَك بِهِ وَتقول للنَّاس بلشوني بِمَا لَا اقدر عَلَيْهِ. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت بجعاً، قلت: أَنْت تصطاد بالشبكة، قَالَ: نعم، قلت: تربح. وَمثله قَالَ آخر، وَكَانَ فِي بلد لَا بَحر فِيهِ، قلت: يطلع فِي حلقك أَو فمك طُلُوع، أَو تنزل بك نزلة، فَجرى ذَلِك،

ص: 298

وَدَلِيله أَن البجع إِذا قبض صَيْده يبْقى فكه السفلي مدلاً كالمخلاة. وَمثله قَالَ آخر، قلت: احْتَرز لَا يَقع فِي فمك أَو حلقك عظم سمك، فَجرى ذَلِك. وَإِذا جعلتهم فَائِدَة تَقول للملوك: تملك بَلَدا أَو تمسك جليل الْقدر، وَتقول للأمير البطال: خدمَة وَخير على قدر الطَّائِر الممسوك، وَتقول للتاجر: ألف دِينَار أَو مائَة دِينَار، وَتقول للمتوسط مائَة دِرْهَم، وَتقول لمن هُوَ دونه وللصغير دِينَار أَو دِرْهَم، وَمَا أشبه ذَلِك من المتعامل فِي ذَلِك الْبَلَد فَافْهَم ذَلِك.

[119]

فصل: وَرُبمَا كَانَ العصفور إنْسَانا عامياً كثير الْفِرَار والحذر، ويدلوا على الدَّرَاهِم أَيْضا. وَأما الهداهد فيدلوا على العابد الْكثير السُّجُود وعَلى الرُّسُل الأكابر وعَلى أَصْحَاب العمائم والتيجان. قَالَ المُصَنّف: إِذا عرف الطَّائِر فأعط رائيه حكم ذَلِك، كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني صره هدهداً، قلت: أَنْت مسحور لِأَن النَّاس يتعانوا بعض أَجْزَائِهِ للسحر. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تمشي بَين رجل وَامْرَأَة فِي تَزْوِيج، قَالَ لي: هَل يتم ذَلِك، قلت: يتم بعد صعوبة، لن الهدهد كَانَ رَسُولا بَين سُلَيْمَان وَبَين بلقيس حَتَّى تزَوجهَا. وَمثله رأى آخر - وَكَانَ ظَاهره ردياً -

ص: 299

قلت: أَنْت تمشي بَين امْرَأَة / وَرجل فِي أَمر ردي. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت غراباً، قلت: تتغرب فِي الْبِلَاد. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تفرق بَين النَّاس بِكَثْرَة كلامك. فَافْهَم. وَأما الْغُرَاب: يدل على افْتِرَاق الْمُجْتَمع. وَكَذَلِكَ البوم ويدلوا على خراب العامر وعَلى الْمُتَكَلّم بالردى. والحدآة والرخم: فأقوام دنيؤو الْأَنْفس أَصْحَاب مكاسب حرَام. والخطاف: رجل عفيف عَن أَمْوَال النَّاس كثير الْأنس. وَأما الخشاف: فامرأة قَليلَة الْكسْوَة كَثِيرَة الْأَمْرَاض والعائلة، وَرُبمَا كَانَ فِي عينهَا عيب.

ص: 300

قَالَ المُصَنّف: دلّت الحدآة والرخم على دناءة النَّفس والمكسب الردي لملازمتهم أكل الْجِيَف والخطف مِمَّا فِي الدّور وأيدي النَّاس، وَدلّ الخطاف على الْعَفِيف لكَونه يسكن عندنَا فِي الْبيُوت وَلَا يتَعَرَّض لما فِيهَا، وَدلّ الوطاوط على الْقَلِيل الْكسْوَة لكَونه لَا ريش عَلَيْهِ، وَكَثْرَة العائلة لحمله أَوْلَاده على جِسْمه وهم كَثِيرُونَ، وَدلّ على الضَّرَر فِي الْعين لكَونه لَا يبصر فِي النَّهَار شَيْئا، فَافْهَم ذَلِك. فصل: وَأما النَّحْل: فدال على الزهاد وأرباب النَّفْع الَّذين بذلوا خَيرهمْ وَمنعُوا شرهم، ويدلوا على العساكر لِكَثْرَة جمعهم. وَكَذَلِكَ الْجَرَاد والزنابير وأمثالهم. فَأَما إِن اتلفوا زرعا أَو أشجاراً أَو قرصوا النَّاس فعساكر مؤذية، أَو أمراض أَو جوائح أَو حوادث. وَأما إِن قطع عسلاً من النَّحْل، أَو أكل من الْجَرَاد، فارزاق وفوائد وعلوم. وَأما الكوارة من النَّحْل فامرأة حَسَنَة، وَهِي بلد أَو مركب أَو دَابَّة أَو معيشة أَو دَار أَو بُسْتَان لمن ملكهَا.

ص: 301

قَالَ المُصَنّف: دلّ النَّحْل على الزهاد لكَوْنهم فِي البراري غَالِبا وَأَخذهم من النَّبَات والمباحات، ودلوا على الَّذين فيهم الْخَيْر والنفع وَالْكَثْرَة مَا ينْتَفع النَّاس بعسلهم وشمعهم، وَمنعُوا شرهم لكَوْنهم لم يؤذوا أحدا فِي مَأْكُول وَلَا مشروب وَلَا غَيره، واشتركوا مَعَ الْجَرَاد والزنابير فِي دلَالَة العساكر لكَونه عَلَيْهِم مقدم يرجعُونَ إِلَى أمره، فَإِذا رأى أحد شَيْئا من ذَلِك فأعطه مَا يَلِيق بِهِ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت نحلة، قلت: أَنْت تعرف تعْمل الشبك، قَالَ: صَحِيح. مثله رأى آخر، قلت: تعرف تعْمل الْآبَار والمدافن والملاح، قَالَ: صَحِيح. وَمثله رأى آخر، قلت: أَنْت تتزهد وتنقطع لأخذ الْمُبَاحَات. وَقَالَ آخر رَأَيْت أنني صرت جَرَادَة، قلت: أَنْت تَأْخُذ الزراعات وَالثِّمَار ظلما. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت زنبوراً، قلت: أَنْت تعرف ترمي بالنشاب أَو بِالنَّبلِ وَالنَّاس يخَافُونَ شرك، قَالَ: صَحِيح، وَمثله آخر، قلت: فِي دبرك طُلُوع، قَالَ: صَحِيح. وَمثله قَالَ آخر: قلت: أَنْت تُؤدِّي أَرْبَاب الْخَيْر، وَكَانَ دَلِيله أَن الزنبور يَأْكُل النَّحْل. وَمثله قَالَ آخر غير أَنه قَالَ كنت آكل العنكبوت، قلت: أَنْت تَأْخُذ أَمْوَال الحاكة والتجار الَّذين مَعَهم القماش، قَالَ: أَنا ضَامِن ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت صرصوراً، قلت: أَنْت معاشك من القنى والمواضع الدونة والمياه الردية، قَالَ: صَحِيح.

ص: 302

[122]

فصل: وَأما حَيَوَان الْبَحْر فقد سبق الْكَلَام فِيهِ. وَرُبمَا دلّت الضفادع: على الْعباد وَأهل التَّسْبِيح وَالْقِرَاءَة وَالذكر، وَرُبمَا دلوا على الْعَوام وَأَصْحَاب العياط. وَأما التماسيح وكواسر الْبَحْر: فقطاع طَرِيق ولصوص. وَالله أعلم بِالصَّوَابِ. قَالَ المُصَنّف: دلّت ضفادع النَّاس على مَا ذكرنَا لِكَثْرَة عياطهم، بِخِلَاف ضفادع التُّرَاب. كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت ضفدعاً، قلت: تتعلم السباحة. وَمثله رأى آخر، قلت: تُسَافِر فِي الْبَحْر. وَمثله رأى آخر غير أَنه قَالَ كأنني كنت فِي حر الشَّمْس، قلت: يقطع عَلَيْك / الطَّرِيق وتعرى قماشك، فَجرى ذَلِك. وَمثله رأى آخر، قلت: كنت تمشي، قَالَ: لَا، قلت: يَقع بِرِجْلَيْك ألم وتمشي على أَربع، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت تمساحاً، قلت: تصير قَاطع طَرِيق، وَرُبمَا تكون بِأَرْض مصر. وَمثله رأى آخر، قَالَ: كنت طيب الرَّائِحَة، قلت: تتولى على الْبَحْر. وَقَالَ إِنْسَان مُتَوَلِّي: رَأَيْت أنني صرت تمساحاً، قلت: أَنْت كثير البرطيل. وَقَالَ آخر رَأَيْت أَن رَأْسِي صَار رَأس تمساح، قلت: يحدث برأسك عيب، وَرُبمَا يكون فِي لفم من طُلُوع أَو جرح، وَرُبمَا يدود. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تسيء إِلَى من يحسن إِلَيْك، وَدَلِيله أَن التمساح يَقع فِي فَمه دود ويصعد إِلَى الْبر وَيفتح فَاه، فَيُرْسل الله إِلَيْهِ طائراً فيلقط ذَلِك الدُّود، فَإِذا فرغ طبق فَاه على

ص: 303