المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(في الأكل والذبائح) - قواعد تفسير الأحلام = البدر المنير في علم التعبير

[ابن نعمة]

الفصل: ‌(في الأكل والذبائح)

الطَّائِر فَيهْلك، فَلذَلِك يُقَال: مُكَافَأَة التمساح. وَقَالَ إِنْسَان - وَكَانَ بِالشَّام -: رَأَيْت عبر منزلي تمساح، قلت: يعبر مَنْزِلك لص من مصر وَيكون ذليلاً، وَذَلِكَ لِأَن التمساح لَا يكثر إِلَّا فِي الْبَحْر دون الْبر، فَافْهَم ذَلِك.

( [بَاب: 7] الْبَاب السَّابِع)

(فِي الْأكل والذبائح)

[123]

من أكل لحم حَيَوَان يعْتَقد حلّه فَمَال حَلَال عَن كَانَ مطبوخاً أَو مشوياً أَو قديداً وأخضره نكد أَو مَال بِشُبْهَة. قَالَ المُصَنّف: قد سبق الْكَلَام على الحلو والحامض فِي فَصله، وانتظر الْمَأْكُول من الْحَيَوَان وَغَيره وَأعْطِ الْمرَائِي مَا يَلِيق بِهِ فِي وقته. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني آكل أذن فرس، وَهِي صفراء، وَكَانَت نِيَّة غير مطبوخة، قلت: سرقت حَلقَة من أذن أُنْثَى وتصرفت فِيهَا، قَالَ: صَحِيح. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني آكل أَذْنَاب الْخَيل وَهِي طيبَة فِي فمي، قلت: تعلم المناخل، قَالَ: نعم، قلت تفِيد من ذَلِك. وَمثله رأى آخر، قلت: أَنْت تعلم السعادي وتبيعها، قَالَ: صَحِيح، فَافْهَم ذَلِك.

[124]

فصل: والمأكول على قسمَيْنِ: فالحلو خير ورزق، إِلَّا الْمَرِيض تضره الْحَلَاوَة، فَإِنَّهُ يدل على طول مَرضه. الْقسم الثَّانِي: الحامض ردي إِلَّا لمريض تَنْفَعهُ الحموضة، فَإِنَّهُ جيد لَهُ، وَهِي على قسمَيْنِ: فَمِنْهَا مَا يُؤْكَل

ص: 304

بِنَار أَو بِلَا نَار، كاللبن وَالْعَسَل وَالتَّمْر والحصرم والتفاح وقصب السكر والمشمش وَأكْثر الْحُبُوب فَهَذِهِ وَمَا أشبههَا أرزاق وفوائد كَيفَ مَا أكلت. الْقسم الثَّانِي: لَا يُؤْكَل غلا بالنَّار كاللحوم والأخباز والأرز والسلق وَمَا أشبه ذَلِك، إِذا أكل قبل استوائه دلّ على النكد والتعب، وَيدل على الدُّيُون وَبيع المتاجر قبل وَقتهَا، والخسارات، وَنَحْو ذَلِك. قَالَ المُصَنّف: إعتبر أصل الْمَأْكُول مَا يصير إِلَيْهِ ذَلِك. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني أتيت شَجَرَة نخل فَأكلت مِنْهَا عسلا بشهده، قلت لَهُ: أخذت من امْرَأَة، أَو من جليل الْقدر كوارة نحل، قَالَ: نعم. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أشْرب لَبَنًا من كرمه وَهُوَ طيب، قلت: أخذت من كريم بقرة أَو شَاة أَو نَحْو ذَلِك، قَالَ: نعم، قلت: تربح من ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني آخذ تَمرا آكله يصير حصرماً وتفاحاً، قلت: قاضيت ببستان بستاناً آخر، قَالَ: نعم، إيش يكون الْعَاقِبَة، قلت: إِن كَانَ الْبُسْتَان الَّذِي لَك فِي أَرض فِيهَا التَّمْر كَانَ الَّذِي استبدلت بِهِ قَلِيل الثَّبَات والفائدة، وَإِلَّا فَلَا بَأْس عَلَيْك.

[125]

فصل: وَأما شرب الْأَدْوِيَة أَو الْأَشْرِبَة للمرضى الَّذين يُوَافق مرضهم ذَلِك دَال على الْعَافِيَة، وَإِن لم يُوَافق دلّ على طول الْمَرَض. وَأما شربه للأصحاء فإنذار بِمَرَض يَحْتَاجُونَ فِيهِ إِلَى مثل ذَلِك. قَالَ المُصَنّف: إِذا جعلت الدَّوَاء جيدا كَانَ الْخَيْر والعافية على يَد رجل من إقليم الدَّوَاء، وَكَذَلِكَ يكون حكم الرداءة. كَمَا قَالَ إِنْسَان مَرِيض بالحرارة: رَأَيْت أنني شربت خِيَار سنبر، قلت: لَك الْعَافِيَة فِي ذَلِك، وَرُبمَا

ص: 305

يقدم عَلَيْك الطّيب من مصر أَو أَصله من ديار مصر تنَال الْعَافِيَة على يَدَيْهِ، فَجرى ذَلِك. وَأما إِن رأى أَنه يشرب دَوَاء لداء يعْتَقد نَفعه / فظهرت بِخِلَاف ذَلِك قُلْنَا ارْجع عَمَّا تتعاناه من المعالجة، وَإِذا كَانَ معوداً لدواء فِي الْيَقَظَة فَرَأى أَنه يشرب دون ذَلِك، قُلْنَا: رُبمَا تمرض فِي بلد تطلب الدَّوَاء الْمُعْتَاد فَمَا تقدر عَلَيْهِ، فَافْهَم ذَلِك.

[126]

فصل: شرب المسكرات وأكلها: مَال حرَام وَفَسَاد، والاجتماع عَلَيْهَا فتْنَة وخصام، إِلَّا عِنْد من يحللها فعز أَو أرزاق وَخير. قَالَ المُصَنّف: إِنَّمَا دلّ أكل المسكرات وشربها على الْحَرَام لِأَن الْعُقَلَاء - مِمَّن يعْتَقد تَحْرِيم ذَلِك ويحلله - أَجمعُوا على أَن السكر ردي ومنهي عَنهُ، وَدلّ على الْفساد لاختلال تَصَرُّفَات الْعقل الصَّحِيح وَقت السكر، والاجتماع عَلَيْهَا دَال على الْفِتَن لِأَن الْغَالِب من المجتمعين على ذَلِك إِذا سَكِرُوا يضارب بَعضهم بَعْضًا وَيَقَع من الْكَلَام مَا لَا يَلِيق، وَالْحكم عِنْد من يحلله أَهْون من ذَلِك عِنْد من يحرمه. وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني أتيت إِلَى إِنَاء أعتقد أَن فِيهِ عسلاً فَشَرِبت مِنْهُ فَظهر لي فِي الْأَخير أَنه خمر، قلت: اجْتمعت بِمن تظن فِيهِ خيرا فَرَأَيْت عِنْد اجتماعك بِهِ بواطن ردية حَتَّى تنكد خاطرك لذَلِك، قَالَ: صَحِيح، قلت، وأكلت شَيْئا تظنه حَلَالا فَظهر أَنه حرَام، قَالَ: صَحِيح.

ص: 306

[127]

فصل: كل شَيْء ردي إِذا صَار جيدا، أَو المر أَو الحامض إِذا صَارا حلوين، دلّ على الْأَمْن من الْخَوْف، وعَلى الأرزاق والراحات من حَيْثُ لَا يحْتَسب الْإِنْسَان، وَيدل على صَلَاح المفسود، وَوُجُود الضائع وَزَوَال الشدائد. وَكَذَلِكَ أكل الْمُحرمَات فِي النّوم لأجل الضرورات يدل على الرزق الْحَلَال والفرج بعد الشدَّة. قَالَ المُصَنّف: انْظُر إِلَى مَا صَار إِلَيْهِ وَأعْطِ الْمرَائِي مَا يَلِيق بِهِ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أَن عِنْدِي شَجَرَة وَعَلَيْهَا شوك تمنعني من الطُّلُوع عَلَيْهَا، قلت: امْرَأَتك عَلَيْهَا جرب أَو طُلُوع أَو دماميل تمنعك من الِاسْتِمْتَاع بهَا، قَالَ: صَحِيح. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أَن عِنْدِي ليمونة انقلبت صَارَت تفاحة، قلت: عنْدك امْرَأَة كَثِيرَة اللوم لَك، السَّاعَة تنصلح، قلت لَهُ أَيْضا: عنْدك فِي أَرْضك نَبَات قَلِيل النَّفْع، تقلعه وتزرع خيرا مِنْهُ، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أتيت إِلَى حنظل أكلت مِنْهُ فَوَجَدته بطيخاً حلواً، قلت: حَاجَة من جِهَة صعبة يهون الْأَمر وينقضي. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني آكل بطيخة حلوةً تحولت حَنْظَلَة، قلت: يحصل لَك نكد من معرفَة، وَإِن طلبت حَاجَة مَا تَنْقَضِي وَيجْرِي فُؤَادك جرياناً كثيرا. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني عبرت حَنْظَلَة، قلت: تصل فِي محبَّة امْرَأَة صعبة المراس، فَجرى ذَلِك. فافهمه.

[128]

فصل: وَأما الْجيد إِذا صَار ردياً، أَو الحلو إِذا صَار حامضاً، أَو انفسد بعد اصلاحه، انعكس جَمِيع مَا ذكرنَا.

ص: 307

[129]

فصل: كل حَيَوَان دلّ على خير إِذا اتلف أَو جرح إنْسَانا، أَو هدم حَائِطا، وَنَحْو ذَلِك، صَار حكمه حكم الْعَدو. وكل حَيَوَان دلّ على الردي إِذا أعْطى إنْسَانا مَا يدل على الْخَيْر، كالخبر أَو كاللبن أَو الْعَسَل، أَو انقذه من شدَّة فِي الْمَنَام أَو زرع لَهُ، أَو عاونه فِي فعل خير، أَو ركب عَلَيْهِ، أَو نجاه من نهر أَو طين، أَو قَاتل عَنهُ، أَو أعطَاهُ صُوفًا، وَنَحْو ذَلِك: حصلت لَهُ فَائِدَة من حَيْثُ لَا يحْتَسب، وَأمن من حَيْثُ يخَاف، وَصَارَ حكمه حكم الصّديق النافع. قَالَ المُصَنّف: انْظُر تحول الْحَيَوَان الْجيد. كَمَا قَالَ: لي إِنْسَان: رَأَيْت عِنْدِي ديكاً لَهُ قرنان نطحني وَمَا الْتفت عَلَيْهِ، قلت: أَنْت تحب امْرَأَة سمسار أَو مُؤذن أَو مُنَادِي وَعِنْده تغفل عَن زَوجته، قَالَ: نعم. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت ديكاً وَأَنا وَاقِف على قُرُون ثَوْر وتحتي سلة فِيهَا دجَاجَة وَأَنا أنقرها وَهِي تعيط، قلت: أَن تؤذن على منارتين، وَتنظر إِلَى امْرَأَة فِي دَار، وَأَنت تنقر لَهَا بِكَلَام ردي، فاحترز لِئَلَّا يظْهر عَلَيْك. فافهمه. وَانْظُر مَا تحول إِلَيْهِ حَيَوَان الردي. كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أَن خنزيراً / يعلمني أحرث فِي الأَرْض، قلت لَهُ: تتعلم الْخط على يَد نَصْرَانِيّ. وَقَالَ آخر: رَأَيْت قردة تراودني عَن نَفسهَا، فَلَمَّا دَنَوْت مِنْهَا أعطتني لؤلؤاً كبارًا، قلت: تزوجت أَو اشْتريت جَارِيَة من الْيمن أَو الْهِنْد أَو السودَان وَعِنْدهَا فَسَاد، وَقد رزقت مِنْهَا أَوْلَادًا، لكِنهمْ يطلعون أَرْبَاب قُرْآن وَعلم وَخير،

ص: 308

قَالَ: صَحِيح، وهم يَتلون كتاب الله تَعَالَى، قلت: وهم طوال الْأَعْمَار، وَذَلِكَ لكبر اللُّؤْلُؤ. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني غارق فِي طين وأطلب الْخَلَاص فَلم أقدر عَلَيْهِ فَرَأَيْت مسكت بأذنيه وخلصني من طين، قلت: كنت فِي سجن وأيست من الْخَلَاص، فجَاء إِلَى عنْدك رجل كثير الْحِيَل، وَقَالَ لَك أحكي لي خبرك فحكيت لَهُ، وَسمع مِنْك، وَكَانَ الْخَلَاص على يَده. وَقَالَ آخر رَأَيْت أنني غارق فِي الْبَحْر وَإِلَى جَانِبي مركب وَكلما طلبت أمْسكهَا لأركب فِيهَا هربت مني فَبَقيت فِي شدَّة، فجَاء تمساح كَبِير فاتح فَاه فَقَالَ اركب على قفاي، فركبت فنجاني، قلت: تخلص من شدَّة على يَد عَدو، وتنجو من ذَلِك. فافهمه.

[130]

فصل: وَأما من ذبح حَيَوَانا وعقره ليأكله، أَو لينْتَفع بِهِ النَّاس: كَانَ ذَلِك خيرا وَفَائِدَة، فَإِن كَانَ الذَّابِح ملكا أَو متوالياً نَالَتْ رَعيته بِهِ رَاحَة. قَالَ المُصَنّف: انْظُر هَذَا الذَّابِح إِن كَانَ لَهُ عَادَة بِمَا ذبح أَو لَا، وأعطه على مَا يَلِيق بِهِ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني أذبح براغيثاً وآكلها، قلت: أَنْت تَأْكُل الفأر، قَالَ: نعم، وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أذبح العصافير، قلت: أَنْت لحام، قَالَ: نعم، قلت: تخسر فِي معاشك لِأَنَّهَا دون صنعتك. فافهمه.

[131]

فصل: وَأما من ذبح حَيَوَان من غير مَحل الذّبْح، أَو ذبح

ص: 309

حَيَوَان محرما، وأطعمه للنَّاس، فَهِيَ أَمْوَال حرَام. فَإِن كَانَ الذَّابِح قَاضِيا حكم بِالْبَاطِلِ، وَإِن كَانَ تَاجِرًا أَو رب معيشة فَمَا كسب فَحَرَام، وَأما إِن ذبح الْحَيَوَانَات المؤذية ليدفع أذاها عَن النَّاس كَانَ الذَّابِح للنَّاس فِيهِ رَاحَة. قَالَ المُصَنّف: إِذا ذبح الْحَيَوَان فِي مَوَاضِع لَا يَلِيق بِهِ، كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت عِنْدِي حَيَوَانا مَجْهُولا وَقد ضيق عليّ، ورائحته ردية، وَقد ذبحته فِي دبره، وَقد امْتَلَأَ الْمَكَان مِنْهُ، قلت لَهُ: عنْدك قناة قد انفسدت، وضيقت الْمَكَان وفتحتها مَلَأت الْمَكَان، قَالَ: صَحِيح. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني ذبحت كَبْشًا من أُذُنه وَوَقع إِلَى الأَرْض، قلت لَهُ: أتيت إِلَى جليل الْقدر نقلت إِلَيْهِ كلَاما ردياً، قلت لَهُ فِي أُذُنه فخاف من ذَلِك وَمرض، قَالَ: جرى ذَلِك. وَقَالَ لي بعض الْمُلُوك: رَأَيْت أنني أذبح إنْسَانا بقلم، قلت: هَذَا تَجْعَلهُ قَاضِيا، قَالَ: نعم، وَدَلِيله قَوْله عليه السلام:" من ولي الْقَضَاء فقد ذبح بِغَيْر سكين ". وَقَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني ذبحت حَيَوَانا فِي طهُور، قلت لَهُ: أَنْت عَازِب، قَالَ: نعم، قلت تتَزَوَّج، وترزق ولدا ذكرا وَيكبر حَتَّى تطهره، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني ذبحت خروفاً وَأَطْعَمته للقراة، قلت: لَك ولد، قَالَ: نعم، قلت: يَمُوت شَهِيدا فِي الْقِتَال، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ

ص: 310

آخر: رَأَيْت أنني ذبحت كَبْشًا أضْحِية، قلت: أَنْت صعلوك / وسيفتح الله لَك بِمَال، وتضحي، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني ذبحت عجلاً وتصدقت بِلَحْمِهِ، قلت: عنْدك مَرِيض عَزِيز عَلَيْك، قَالَ: نعم، قلت: يعافى وَقد نذرت عَلَيْهِ نذرا، فَإِذا عوفي أوف بِنَذْرِك. فافهمه.

[132]

فصل: وَأما ذبح الضَّحَايَا وَالنُّذُور وكل مَا كَانَ قربَة: فسرور وخلاص من شدَّة أَو مرض، وَيدل على الرقعة وَالْخَيْر. وَأما من ذبح حَيَوَانا لَا يَلِيق بِهِ الذّبْح، أَو تلوث ذَلِك الْمَكَان بِالدَّمِ، ذل على نكد يحصل فِي ذَلِك الْموضع، وَرُبمَا مَاتَ فِيهِ من دلّ الْحَيَوَان عَلَيْهِ، فَإِن كَانَ كَبِيرا مَاتَ كَبِير وَإِلَّا فصغير، وَإِن كَانَ ذكرا فَهُوَ ذكر وَإِلَّا فأنثى، وَإِن لم يعلم أذكر هُوَ أم أُنْثَى رَاح من فِيهِ نفع. قَالَ المُصَنّف: انْظُر الْمَكَان الْمَذْبُوح فِيهِ وَأعْطِ الرَّائِي مَا يَلِيق بِهِ. كَمَا قَالَ / لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني ذبحت غزالاً فِي حجري، تلوثت بدمه، قلت: لَا ترجح تقرب الذكران. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني ذبحت بقرة فِي وسط دَاري وَهِي صَغِيرَة عَن الْبَقَرَة، قلت لَهُ: ضربت امْرَأَة فِي ذَلِك الْمَكَان، وَغشيَ عَلَيْهَا، وكادت تَمُوت، قَالَ: صَحِيح. وَقَالَت امْرَأَة: رَأَيْت أنني ذبحت خنزيراً فِي فِرَاشِي وتلوثت بدمه، قلت: نَام مَعَك فِي الْفراش رجل نَصْرَانِيّ قَالَت: جرى ذَلِك.

[133]

فصل: كَلَام الْحَيَوَان للْإنْسَان أَو تحوله فِي صفة الْآدَمِيّ دَال على

ص: 311

الصُّلْح مَعَ الْأَعْدَاء، والأمن من الْخَوْف، وَقَضَاء الْحَوَائِج، والاطلاع على الْأَخْبَار الغربية. قَالَ المُصَنّف: انْظُر الْكَلَام من الْحَيَوَان والتحول فِي أَي صفة كَانَ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت عِنْدِي عجلاً صَار جملا، قلت لَهُ: لَك صديق يَهُودِيّ، قَالَ: نعم، قلت: يسلم، وَدَلِيله أَن الْيَهُود مَا يستحلوا ذبحه وَلَا أكله وَالْإِسْلَام يُبِيح ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت جملا يَصِيح لي، فَقلت لَهُ لبيْك وَوضعت يَدي فِي فَمه فمسكها قلت لَهُ أَنْت رجل مطالبي، ومسكت مرّة فِي ذَلِك، قَالَ: نعم، وَكَانَ دَلِيله أَن الْجمل يُسمى مَطِيَّة، وَقَالَ لَهُ لبيْك فَصَارَ مطالبي. وَقَالَ آخر: رَأَيْت حرذوناً مَقْطُوع الْوسط، وَهُوَ يناديني، قلت لَهُ: هَل أَجَبْته؟ قَالَ: لَا، قلت: امْرَأَة على قُبُور طلبت الْفساد وَلم تجب، قَالَ: نعم، وَكَانَ دَلِيله أَنَّك إِذا قسمت لفظ الحرذون يصير أَوله حر: وَهُوَ الْفرج، وذون: ذون.

[134]

فصل: وَأما من دخل بطن حَيَوَان أَو فَمه أَو فِي فرجه وَكَانَ مَرِيضا وَلم يخرج: مَاتَ وَكَانَ ذَلِك قَبره، وَإِن كَانَ سليما: مرض أَو سجن أَو جرت عَلَيْهِ آفَة أَو شدَّة، وَرُبمَا يكون ذَلِك فِي بلد الْحَيَوَان، أَو على يَد إِنْسَان من ذَلِك الْبَلَد، كمن عبر بطن فيل قُلْنَا لَهُ رُبمَا يحبس أَو يَنَالهُ شدَّة فِي الْهِنْد أَو على يَد هندي.

ص: 312

قَالَ المُصَنّف: انْظُر إِذا عبر فِي حَيَوَان من أَي جِهَة، ولاي شَيْء، وَتكلم عَلَيْهِ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني عبرت بطن بقرة من فرجهَا، وَكَانَ فِي بَطنهَا أَوْلَادًا أخذت جُلُودهمْ، قلت لَهُ: عبرت على أَقوام نيام أَو مرضى أخذت قماشهم، قَالَ: صدقت. وَمثله رأى آخر لكنه قَالَ من فمها، قلت لَهُ: عبرت قبراً وجدت فِيهِ موتى أخذت أكفانهم، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت لَهُ: دخلت على جمَاعَة فِي حمام عرايا أخذت قماشهم، قَالَ: صَحِيح.

[135]

وجلود الْحَيَوَان وأصوافها وَأَشْعَارهَا وأوبارها كلهَا أرزاق وأموال وفوائد.

[136]

فصل: السُّجُود للحيوانات دَال على خدمَة من دلّ الْحَيَوَان عَلَيْهِ، وعَلى فَسَاد دين الساجد أَو بدعته، وَأما سُجُود الْحَيَوَان للْإنْسَان فَهُوَ رفْعَة وَخير ولَايَة وتذلل لَهُ الْأُمُور الصعاب. قَالَ المُصَنّف: انْظُر لمن سجد الْحَيَوَان، وَمن سجد لَهُ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان رَأَيْت قطة تجيب لي رغيفاً بعد رغيف من دَار مَعْرُوفَة، وَأَنا أَسجد لَهَا، قلت لَهُ: ثمَّ امْرَأَة تسرق من أهل الْمنزل وتعطيك، وَأَنت تشكرها، قَالَ: نعم. وَقَالَ آخر: رَأَيْت فأراً صَغِيرا خلف جرذان كَبِير وَأَنا أَسجد

ص: 313

للصَّغِير دون الْكَبِير، قلت: أَنْت تحب ابْن حفار الْقُبُور أَو ابْن حجار أَو ابْن نقاب وتخدمه، قَالَ: نعم، وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت كركياً وَأَنا وَاقِف على فَرد رجل، قلت لَهُ: تصير حارساً أَو ناطوراً، فَصَارَ كَذَلِك، لِأَن هَذِه الطُّيُور لَهَا ناطور كَذَلِك، فافهمه.

[137]

وَأما من طلب حَاجَة من الْحَيَوَان فَيدل على طلب حَاجَة من اللئام. قَالَ المُصَنّف: إِنَّمَا دلّ طلب الْحَاجة من الْحَيَوَان على طلب من اللئام لأَنهم لَا يعرجون على قَوْله وَلَا يفهموه.

[138]

فصل: وَأما من بلع حَيَوَانا حَيا: تزوج إِن كَانَ أعزب أَو تحمل زَوجته أَو سريته، وَلمن عِنْده حَامِل دَلِيل على ولد، فَإِن كَانَ بلع ذكرا فالحمل ذكر وَإِلَّا فَلَا، وَرُبمَا أحب أَو اعتقل من دلّ الْحَيَوَان عَلَيْهِ، فَإِن كَانَ أضرّ بالبالع أَو أثقله: مرض البالع أَو تنكد، فَإِن أخرجه: زَالَ ذَلِك جَمِيعه وَالله أعلم. قَالَ المُصَنّف: انْظُر مَا بلع من الْحَيَوَان وَتكلم عَلَيْهِ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان:

ص: 314

رَأَيْت أنني بلعت النَّبِي صلى الله / عَلَيْهِ وَسلم، قلت: قد سرقت كتاب حَدِيث عَنهُ، قَالَ: نعم. وَمثله رأى آخر وَكَانَ ظَاهره الدّين، قلت لَهُ: تصير مُحدثا عَنهُ عليه السلام. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني بلعت سعد بن عبَادَة وَهُوَ أحد الْعشْرَة رضي الله عنهم، قلت لَهُ: أَنْت يعتريك صرع، قَالَ: نعم، قلت:

ص: 315

تَمُوت قتلا بالنشاب، فَكَانَ كَذَلِك، وَكَانَ دَلِيله أَن سَعْدا قتلته الْجِنّ بِسَهْم من نشاب. وَرَأى آخر أَنه بلع الْعَرْش، قلت لَهُ: كنت فِي دَار فِيهَا جمَاعَة يرقصون وسرقت مِنْهَا مُصحفا، قَالَ: صَحِيح، وَكَانَ دَلِيله أَن الْمَلَائِكَة حافين من حول الْعَرْش بالتسبيح وَالْعِبَادَة، والدائرون من الْإِنْس لَا يكون إِلَّا بالرقص، وَدلّ على الْمُصحف لِأَن عكس عرش شرع وَلَيْسَ فِي الأَرْض شرع من الله تَعَالَى إِلَّا كرمه الْعَزِيز، وَكَونه سَرقه لِأَن الْعَرْش طَاهِر وخبأه فِي مَوضِع يتَّخذ للدماء وَالْبَوْل. وَقَالَ آخر رَأَيْت أنني بلعت مُصحفا، قلت: تحفظ الْقُرْآن، لكَونه صَار فِي صَدره. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني بلعت ديكاً، قلت: هَل آذَاك، قَالَ: لَا لكنني فرحت بِهِ، قلت لَهُ: أخليت بعض منازلك لعابد كثير السَّهْو بِاللَّيْلِ وَكثير الذّكر، قَالَ: نعم، هُوَ عِنْدِي. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أَن عِنْدِي غزالا حسن الصُّورَة غير أَنه ميت، فَأَخَذته وبلعته، قلت يَمُوت لَك ولد وَتجْعَل قَبره فِي دَارك، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني أبلع سَمَكَة وَهِي تقف فِي حلقي، قلت: يَقع فِي عظمك عظم سَمَكَة أَو قشرها وتجد ضَرَر ذَلِك ووجعه، فَكَانَ كَذَلِك.

ص: 316