المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في السماء وما فيها، وما ينزل منها وما يطلع إليها - قواعد تفسير الأحلام = البدر المنير في علم التعبير

[ابن نعمة]

الفصل: ‌في السماء وما فيها، وما ينزل منها وما يطلع إليها

تخْتَلف بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَحْوَال الرَّائِي لكَوْنهم لَا يرَوْنَ حَقِيقَة فِي كل وَقت، فَإِن الرَّائِي يَقُول رَأَيْت النَّبِي الْفُلَانِيّ فيفسر على مَا اعْتقد، كَمَا إِذا قَالَ: رَأَيْت أَنه أعمى فَيَقُول: أَنْت على بِدعَة وضلالة أعمى عَن الْحق وَنَحْو ذَلِك. وَرُبمَا دلّ النَّبِي عليه السلام على أُمُور. كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت كَأَنِّي حَامِل للنَّبِي عليه السلام فَوَقع من يَدي مَاتَ، فَقلت لَهُ: كَانَ لَك مصحف أَو كتاب حَدِيث فَضَاعَ، قَالَ: نعم، قلت: وغفلت عَن / صَلَاتك، وَكَانَ لَك ولد فسافر، قَالَ: نعم، قلت: وَكَانَ مَعَك سراج فَوَقع تكسر، فَضَحِك وَقَالَ: صَحِيح، وَذَلِكَ لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُسمى السراج الْمُنِير. وَنَحْو ذَلِك فقس إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

[بَاب: 2] الْبَاب الثَّانِي

‌فِي السَّمَاء وَمَا فِيهَا، وَمَا ينزل مِنْهَا وَمَا يطلع إِلَيْهَا

[40]

من طلع إِلَى السَّمَوَات من المرضى وَلم يجمع ينزل مِنْهَا: مَاتَ، وَذَلِكَ للأصحاء: دَال على الرّفْعَة وَدخُول دور الأكابر، وَيدل على

ص: 209

الزَّوْجَة والدور، وَالسّفر فِي الْبر وَالْبَحْر، وعَلى كل مَكَان غَرِيب. فَإِن أصَاب فِيهِنَّ النُّور، أَو الْمَلَائِكَة الملاح، أَو وجد رَائِحَة طيبَة، أَو مَأْكُولا مليحاً، وَنَحْو ذَلِك: حصل لَهُ فَائِدَة وراحة، إِمَّا من دور الأكابر، أَو من الْأَمْلَاك، أَو من الْأَسْفَار، أَو من زَوْجَة، أَو من ولَايَة يتولاها، أَو من عَالم أَو من حَاكم يحكم عَلَيْهِ. كَالْأَبِ، وَالْوَصِيّ، وَالسَّيِّد، وَالزَّوْج، وأمثالهم. وَأما إِن كَانَ فِيهِنَّ الظلام، أَو حيات، أَو عقارب، أَو جن، أَو دُخان، أَو نَار، أَو رَائِحَة ردية: حصل لَهُ نكد مِمَّن ذكرنَا.

ص: 210

قَالَ المُصَنّف: دلّت السَّمَاء على الْمَرَض الشَّديد وعَلى الْمَوْت لكَون الْأَرْوَاح تطلع إِلَيْهَا، وَلكَون الصاعد إِلَيْهَا غَابَ عَن عُيُون أهل الأ {ض، ولكونه فَارق الأَرْض وَمن عَلَيْهَا فَأشبه الْمَيِّت. وَالنُّزُول ضد ذَلِك. وَدلّ على معاشرة الأكابر والرفعة لعلو الطالع، ولكونها مقرّ الْحَاكِمين على أهل الأَرْض المتصرفين - لَهُم وَفِيهِمْ - بالمسرة والمضرة. ودلت على الْأَسْفَار لِأَن الطائرات فِي السَّمَاء يرجعن فِي غَالب الْأَحْوَال ينزلن إِلَى الأَرْض. ودلت على الْبحار والمياه لِأَنَّهَا مَعْدن الغيوم والأمطار. وَرُبمَا دلّت على معاشرة أَرْبَاب النيرَان، وتدل على الْأَمَاكِن الغريبة. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني طلعت إِلَى السَّمَاء وَبقيت أتفرج فِي كواكبها وَمَا فِيهَا، قلت لَهُ: عبرت إِلَى دَار فِيهَا تصاوير، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تعرف النجامة، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: عبرت إِلَى مَكَان فِيهِ قناديل وسرج تتفرج، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: عبرت تطلب مطلباً فَلم تَجِد شَيْئا، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: عبرت مَكَانا تجْرِي مِنْهُ الْمِيَاه، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: عبرت بستاناً مزهراً، قَالَ نعم. فَافْهَم ذَلِك.

[41]

فصل: الشَّمْس، وَالْقَمَر: كل وَاحِد مِنْهُمَا دَال على الْجَلِيل الْقدر. كالملوك، والولاة، والآباء، والأزواج، وَالْأَبْنَاء، والأقارب، وَالْأَمْوَال،

ص: 211

والأملاك، وَالْخَيْر، والمعيشة. فَمن رأى أَن الشَّمْس عِنْده، أَو على رَأسه، أَو كَأَنَّهَا بِحكمِهِ، أَو هِيَ فِي دَاره، أَو كَأَنَّهُ يحملهَا وَلم تؤذه بحرها: حصلت لَهُ فَائِدَة مِمَّن ذكرنَا. فَإِن كَانَ أعزب تزوج، وَإِن كَانَ عِنْده حَامِل: رزق ولدا جميلاً، حسن الصُّورَة. هَذَا إِذا رَآهَا كَأَنَّهَا بِالنَّهَارِ، وَدرت معيشته مِمَّا يحْتَاج إِلَى الشَّمْس، كالقصارين والبنائين وأمثالهم، خُصُوصا إِن كَانَ ذَلِك فِي أَيَّام الشتَاء.

ص: 212

قَالَ المُصَنّف: إِنَّمَا دلّ الشَّمْس وَالْقَمَر على الْجَلِيل الْقدر لعُمُوم انْتِفَاع النَّاس بهما ولضرر بَعضهم مِنْهُمَا، وعَلى المعايش والأملاك لِأَن انْتِفَاع النَّاس بهما فِي الزراعات والنبات فِي كل وَقت، وَرُبمَا دلا على الغريمين. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان رَأَيْت كأنني بَين الشَّمْس وَالْقَمَر آخذ من هَذَا وأضعه فِي الآخر، قلت: هَذَا دَال على أُمُور، أَحدهَا: أَن عنْدك كيسين أَحدهمَا ذهب تصرف مِنْهُ دَرَاهِم وَالْآخر دَرَاهِم تصرف مِنْهُ ذَهَبا، فَقَالَ: نعم، الثَّانِي: أَنَّك تسْعَى فِي الصُّلْح بَين جليلي الْقدر تحمل كلَاما من أَحدهمَا إِلَى الآخر، الثَّالِث: أَن رجلا غَنِيا لَهُ على منكسر دين وَأَنت تَأْخُذ من المنكسر الْبَعْض وَتَأْخُذ من الْغَنِيّ الْمُسَامحَة بِالْبَاقِي، وَذَلِكَ لِأَن الْقَمَر منكسر مَا يزَال يَمْتَد من نور الشَّمْس وَهُوَ تَابع لَهَا، / وَقلت لَهُ: عنْدك مكحلتان كحل أصفر وَالْآخر أَحْمَر وَأَنت تداوي عَيْنَيْك بذلك، فَقَالَ فِي الْجَمِيع: صَحِيح ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني ربطت الشَّمْس وَالْقَمَر فِي خيط وَاحِد وَأَنا أحملهما، قلت لَهُ: تمسك جليلي الْقدر أشبه بالملوك أَو نوابهم، فَمَا مضى قَلِيل حَتَّى وَقع مصَاف ومسك أميران، وَقَالَ لي إِن أَحدهمَا ابْن مَالك. وَرَأى صَغِير أَنه حملهما فِي خيط وَأَن أَحدهمَا آذاه، قلت لَهُ: من أَيْن أخذتهما؟ قَالَ الصَّغِير: كَانَا فِي حمام، قلت لَهُ: أخذت سرطانين، وربطتهما فِي حَبل، قَالَ: نعم، قلت: عضك أَحدهمَا، قَالَ: نعم، وَذَلِكَ لِأَن الشَّمْس تلدغ بحرها وَالْقَمَر

ص: 213

فِيهِ من الزرقة مَا يشابه السرطان. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كَأَن، الشَّمْس وَالْقَمَر كل وَاحِد فِي حَبل وَأَنا أبرم حَبل هَذَا مَعَ حَبل هَذَا، قلت: أَنْت تسْعَى فِي إبرام عقد بَين إمرأة حسناء وَبَين رجل كَذَلِك، قَالَ: نعم، قلت: وَالرجل رُبمَا فِي إِحْدَى عَيْنَيْهِ عيب، قَالَ: صَحِيح. وَمثله رأى آخر - وَكَانَ ظَاهره ردياً -، قلت: أَنْت تقود بَين اثْنَيْنِ، فَقَالَ: اسْتغْفر الله تَعَالَى مَا بقيت أَعُود إِلَى ذَلِك. فَافْهَم.

[42]

فصل: وَأما إِن أحرقته أَو آذته: حصل لَهُ نكد مِمَّن ذكرنَا، خُصُوصا فِي الصَّيف. وَأما إِن أحرقت الزراعات، أَو الْبَسَاتِين، أَو آذَى النَّاس حرهَا: دلّ ذَلِك على أمراض ووباء، أَو ظلم من الأكابر، أَو حوائج، أَو غلاء أسعار فِي الْمَأْكُول، وَنَحْو ذَلِك.

[43]

فصل: فَإِن كَانَ فِي السَّمَاء شموس، وَهِي تؤذي النَّاس: فأقوام ظلمَة، وأرباب شَرّ. وَأما إِن نفع ضوأهم: فأرباب عدل، وَربح وراحات، وَرُبمَا يكون فِي الزراعات وَالثِّمَار وكل مَا يحْتَاج إِلَى الشَّمْس وَكَثْرَة الْفَائِدَة وَالْخَيْر. وَكَذَلِكَ الْقَمَر إِلَّا أَن دولته بِاللَّيْلِ، وَهُوَ أنزل مِنْهَا مرتبَة.

ص: 214

قَالَ المُصَنّف: إِذا رُؤِيَ الشَّمْس وَالْقَمَر مُجْتَمعين فِي مَكَان وَكَانَ صَاحبه خَائفًا أَو مَرِيضا: خشِي عَلَيْهِ لقَوْله تَعَالَى {وَجمع الشَّمْس وَالْقَمَر يَقُول الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ أَيْن المفر} وَيدل أَيْضا على خصام الزَّوْجَيْنِ والأخوين والولدين والغلامين والجاريتين وعَلى مرض الْعَينَيْنِ وَنَحْو ذَلِك. وَاعْتبر الْقَمَر بأحوال الرَّائِي. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت كأنني آكل الْقَمَر، قلت لَهُ: أبْعث طبقًا أَو مرْآة وأكلت ثمن ذَلِك، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: يَمُوت من يعز عَلَيْك وتأكل مِيرَاثه، فَمَاتَ وَلَده. وَقَالَ آخر: رَأَيْت وَجه إِنْسَان صَار قمراً، فَقلت: نخشى عَلَيْهِ برص أَو طُلُوع فِي وَجهه، فَقَالَ: جرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني وَقعت فِي الْقَمَر وَأَنا فِي شدَّة، قلت لَهُ: أترك الْقمَار. وَمثله قَالَ آخر، قلت لَهُ: تغرق، فَمَاتَ غرقاً. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني أسبح فِي قمر وَأَنا ألتذ بذلك، قلت لَهُ: تغرق. وَرَأى إِنْسَان أَن الْقَمَر قد صَار لَهُ حرارة كحر الشَّمْس، قلت: يتَوَلَّى بعض نواب الكبراء منصب من استنابة، فَإِن نفع النَّاس ذَلِك الْحر نَالَتْ رَعيته بِهِ خيرا وَإِلَّا فَلَا. وَرَأى آخر أَن ضوء الشَّمْس صَار بَارِدًا وَزَالَ ذَلِك الْحر، قلت: إِن كَانَ ذَلِك فِي زمن الصَّيف عدل الْمُتَوَلِي ونالت الرّعية مِنْهُ رَاحَة ثمَّ عَن قَلِيل يَمُوت، فَمَاتَ قاضيهم بعد أَن حسنت سيرته، وقلتك يَقع مطر لَا نفع فِيهِ، فَوَقع الْمَطَر وَكَانَ فِي الصَّيف خلاف الْعَادة.

ص: 215

[44]

فصل: قتال الشَّمْس مَعَ الْقَمَر: دَلِيل على حَرْب يَقع، وملوك تتقع. فَإِن كَانَ كَأَنَّهُ فِي نوم النَّهَار: فالغلب للشمس، يظْهر أهل الْحق. وَإِن كَانَ كَأَنَّهُ فِي ليل: فالغلب للقمر، وَيظْهر أهل الظُّلم، لِأَنَّهُ مُتَوَلِّي الظلمَة، والظلمة يشتق مِنْهَا الظُّلم.

[45]

فصل: طُلُوع الْهلَال: دَال على بارة أَو غَائِب يقدم من تِلْكَ الْجِهَة. وَهُوَ لمن عَلَيْهِ دين: مطالبات، وهموم، ونكد. وَرُبمَا دلّ على النكد، وَيدل على خلاص المسجون وَالْمَرِيض. وَأما كَثْرَة الْأَهِلّة والأقمار: فدليل على الْخَوَارِج. فَإِن كَانَ / ضوؤهم ينفع النَّاس: فَذَلِك خير، وراحة. وَإِلَّا فَلَا. قَالَ المُصَنّف: وَرُبمَا دلّ كَثْرَة الْأَهِلّة فِي الْمَكَان على الْفَوَائِد، كَمَا قَالَ

ص: 216

لي إِنْسَان: رَأَيْت السُّلْطَان يفرق الْأَهِلّة على النَّاس، قلت: تقع حَرَكَة وَيفرق القسي على أَصْحَابه، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني أشْرب من الْأَهِلّة عسلاً وَقد طَار مِنْهُم هِلَال وَقع على رَأْسِي، قلت: أَنْت بيطار يحصل لَك فَائِدَة من صنعتك وتضربك دَابَّة بحافرها فِي رَأسك، فَجرى ذَلِك، وَذَلِكَ لِأَن النِّعَال والحوافر يشبهوا الْأَهِلّة. فَافْهَم ذَلِك.

[46]

فصل: وَأما النُّجُوم فَكل وَاحِد مِنْهُم دَال على مَا دلّ الشَّمْس وَالْقَمَر عَلَيْهِ ويدلوا على الْعلمَاء لكَوْنهم يتهدى بهم فِي الْبر وَالْبَحْر، وَرُبمَا دلوا على قطاع الطَّرِيق والخوارج، لكَوْنهم لَا يظهرون إِلَّا بِاللَّيْلِ. فَمن رأى أَن النُّجُوم جَاءَت إِلَيْهِ، أَو إِلَى دَاره، أَو اجْتمعت عِنْده، أَو كَأَنَّهُ يرعاها، أَو يتحكم فِيهَا، وَلم تؤذه؛ فَإِن كَانَ يصلح للْملك: ملك، وَإِلَّا تولى ولَايَة تلِيق بِهِ، وَرُبمَا تزوج وَجَاء الكبراء إِلَى عِنْده، أَو يرْزق ذُرِّيَّة، أَو أقَارِب، أَو أَصْحَاب، أَو أَمْوَال، أَو عبَادَة، أَو تلاميذ. وَيكون ذَلِك على قدر كثرتها وقلتها. أَو دَرَاهِم، أَو دَنَانِير. وَنَحْو ذَلِك. قَالَ المُصَنّف: وَافقه فِي النُّجُوم. قَالَ رجل: رَأَيْت كأنني صرت

ص: 217

صائغاً وَأَنا آخذ النُّجُوم وأعبر بِهن فِي بَيت النَّار، قلت: أَنْت رجل خباز وَأَنت تقطع من الأرغفة وتخبأه فتب إِلَى الله، فَقَالَ: مَا بقيت أَعُود. فَافْهَم ذَلِك. وَلما رأى يُوسُف عليه السلام الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم لَهُ ساجدين فسره لَهُ وَالِده عليه السلام بِمَا فسره. وقسنا عَليّ الْأَقَارِب والمعارف وَالْأَمْوَال والفوائد والعلوم والتقرب من الأكابر وعلو الْمنَازل، لِأَنَّهُ قَالَ فِي تَمام تَفْسِيره:{وَكَذَلِكَ يجتبيك رَبك ويعلمك من تَأْوِيل الْأَحَادِيث وَيتم نعْمَته عَلَيْك وعلىءال يَعْقُوب} إِلَى آخر الْآيَة. وَمن ذَلِك؛ رأى إِنْسَان كَأَنَّهُ سقط من الثريا نجم، فَقلت لَهُ: أَنْتُم سبع أخوة ذُكُور، قَالَ نعم، قلت: يَمُوت وَاحِد مِنْكُم، فَمَاتَ. وَمثله رأى آخر، قلت: أَنْت خَادِم لَا أخوة وَلَا أَوْلَاد لَك، لَكِن عنْدك سَبْعمِائة دِرْهَم أَو سبع آلَاف يروح سبع ذَلِك، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر أخذت من الثريا نجماً وخبأته، قلت لَهُ: سرقت لؤلؤة من كلانبذ أَو من حلقه، فَكَانَ ذَلِك. وَرَأى آخر أَنه حمل الثريا على عود فَسقط مِنْهَا نجم أتلف شعره، فَقلت: حملت شمعة لَهَا شعب أحرق عمامتك بعض تِلْكَ الشّعب، قَالَ: نعم. وَقَالَ آخر رأى أَنه يسْجد لبنات نعش، قلت: أَنْت تحب امْرَأَة غسالة للموتى أَو بنت غاسلة، قَالَ: نعم، قلت وَهِي تعبر دور الأكابر، قَالَ: صَحِيح، وَذَلِكَ لِأَن بَنَات نعش قريبات من قطب الْفلك. وَقَالَ آخر:

ص: 218

رَأَيْت أنني ملكت القطب وَبَنَات نعش، قلت: يصير لَك طاحون أَو معصرة بِحجر، فَجرى ذَلِك. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني أدور مَعَ بَنَات نعش وَقد عضني نجم مِنْهُنَّ، قلت: أَنْت فِي مَكَان فِيهِ جمَاعَة يرقصون فَحصل لَك نكد من أحدهم، فَقَالَ: نعم. وَقَالَ آخر: رَأَيْت أنني صرت من بَنَات نعش، قلت لَهُ: قد قرب أَجلك، فَمَاتَ بعد أَرْبَعَة أَيَّام. وَقَالَ آخر: رَأَيْت كأنني آكل بَنَات نعش، قلت: تَرث جَمِيع أولادك وأقاربك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت حمال نعش الْمَوْتَى ورزقك مِنْهُ، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تبيع النعش وتأكل ثمنه. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تبيع دَوَاب طاحونك أَو معصرتك وتأكل ثمن ذَلِك. وعَلى هَذَا فقس موفقاً إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وقائع ملاح فِي النُّجُوم: رأى إِنْسَان كَأَنَّهُ وضع على عَيْنَيْهِ كوكبين وَهُوَ ينظر، قلت: يطلع على عَيْنَيْك بَيَاض، فَوَقع ذَلِك، وَدَلِيله أَن الْبيَاض فِي الْعين يُسمى كوكباً فِي اللُّغَة. وَرَأى آخر كَأَنَّهُ يَأْخُذ الْكَوَاكِب فِي يَده يَرْمِي بهم فِي الْعُلُوّ ثمَّ يتلقاهم بِيَدِهِ. وَتارَة بفهمه وَتارَة / يَأْكُل بَعضهم، قلت: أَنْت تلعب بقناني الزّجاج الَّتِي هِيَ شبه الأكر، قَالَ: نعم، قلت لَهُ: فَرَأَيْت كَأَنَّك تلعب فِي ليل لَو نهر، قَالَ: كَأَنَّهُ فِي ليل، قلت: تحصل لَك فَائِدَة وَربح من ذَلِك، لِأَن الْكَوَاكِب فعلهَا وضوؤها بِاللَّيْلِ بِخِلَاف النَّهَار. وَرَأى بعض الأكابر كَأَن على ذِرَاعَيْهِ كوكبين تَحت الثِّيَاب وَقد أكلتهما الحرباة، فَقلت لَهُ: على يَديك جَوْهَر مربوط، قَالَ: نعم، قلت: يُؤْخَذ مِنْك فِي حَرْب، فَجرى ذَلِك. وَرَأى آخر كَأَنَّهُ جَالس فِي وسط الهقعة، قلت لَهُ: تجْلِس تبيع بميزان، وَكَانَ

ص: 219

صَنعته تَاجِرًا فَمَا مضى قَلِيل حَتَّى صَار عطاراً، لِأَن الْعَامَّة يسمونها مَوَازِين. وَرَأى آخر كَأَن بَين يَدَيْهِ طبق نُجُوم وَهُوَ يَأْكُل مِنْهُنَّ فَظهر لَهُ من نجم حَيَّة فضربته، قلت: يعْمل لَك سم فِي بيض مقلي، فَعمل لَهُ ذَلِك، وَدَلِيله أَن الْبيض المقلي يُسمى نجوماً. وَرَأى آخر أَنه قَائِم بَين النُّجُوم فَاحْتَرَقَ ثَوْبه، قلت لَهُ: ضَاعَ لَك ثوب وَأَنت تتفرج فِي نَبَات وزهر، قَالَ: نعم، وَدَلِيله أَن النَّبَات يُسمى نجماً، والزهر يشبه النُّجُوم أَيْضا. وَرَأى آخر كَأَنَّهُ جَالس على رَأس الْمنَازل فِي السَّمَاء، قلت: تتولى على طَرِيق، فَإِن كنت كَأَنَّك فِي ليل أفدت وَإِلَّا فَلَا. وَرَأى آخر كَأَنَّهُ يَدُور فِي الْقلب على جوهره، قلت: لَك مَحْبُوب وَقد رَاح عَنْك وَأَنت كل وَقت تذكره فِي قَلْبك، قَالَ: صَحِيح.

[47]

فصل: فَأَما إِن آذت الرَّائِي أَو أحرقته أَو ضيقت عَلَيْهِ: حصل لَهُ نكد مِمَّن ذكرنَا أَو من غلْمَان الأكابر، وَإِن كَانَ مُسَافِرًا أَو يطْلب سفرا: قطعت عَلَيْهِ الطَّرِيق أَو يتْرك بمكانه أَمر ردي من آفَة وَغَيرهَا. فَأَما إِن صَار جِسْمه نجوماً: كثرت عَلَيْهِ دُيُونه ومطالبات أَو يتَكَلَّم النَّاس فِي عرضه أَو يطلع فِي جِسْمه دماميل أَو جدري أَو طلوعات أَو مرض ردي.

[48]

فصل: فَإِن رأى كَأَنَّهُ صَار من النُّجُوم: عَاشر من دلوا عَلَيْهِ. إِمَّا يعاشر الْمُلُوك أَو الْوُلَاة أَو الْعلمَاء أَو الأكابر أَو غلْمَان أُولَئِكَ أَو يعاشر قطاع الطَّرِيق أَو أَرْبَاب الحرس وَنَحْو ذَلِك على قدر مَا يَلِيق بِهِ. وَأما سُقُوطهَا أَو ضرابها بَعْضهَا فِي بعض أَو طُلُوعهَا وَالشَّمْس طالعة: دَال على الحروب والفتن وَالْمَوْت. قَالَ الشَّاعِر: -

ص: 220

تبدوا كواكبه وَالشَّمْس طالعة لَا النُّور نور وَلَا الظلام ظلام.

[49]

فصل: وَأما من رأى كَأَنَّهُ يَأْكُل النُّجُوم وطعمها فِي فهمه طيب: حصلت لَهُ فَوَائِد مِمَّن ذكرنَا وَرُبمَا صَار منجماً أَو حارساً. والكبار من النُّجُوم: أشرف النَّاس، وَالصغَار: عوامهم، والمذكر: ذُكُور، والمؤنث: إناث كالزهرة والشعرى وَبَنَات نعش والثريا والهقعة والهنعة ونحوهن.

[50]

فصل: وَرُبمَا دلّ عُطَارِد على الرجل المعطاء وَرُبمَا كَانَ يعرف الْكِتَابَة، والمريخ على الْأُمَرَاء والكبراء وسفاكين الدِّمَاء، وَالْمُشْتَرِي على

ص: 221