المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌في رؤية الباري جل وعلا والملائكة والأنبياء عليهم السلام والصديقين والصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين - قواعد تفسير الأحلام = البدر المنير في علم التعبير

[ابن نعمة]

الفصل: ‌في رؤية الباري جل وعلا والملائكة والأنبياء عليهم السلام والصديقين والصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين

نذْكر الْأَبْوَاب إِلَى آخر الْكتاب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

[بَاب: 1] الْبَاب الأول

‌فِي رُؤْيَة الْبَارِي جلّ وَعلا وَالْمَلَائِكَة والأنبياء عليهم السلام وَالصديقين وَالصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ

[23]

رُؤْيَتهمْ فِي الصِّفَات الْحَسَنَة، أَو إقبالهم على الرَّائِي: دَلِيل على الْبشَارَة وَالْخَيْر وَالرَّحْمَة، ورؤيتهم فِي الصِّفَات النَّاقِصَة: دَال على النَّقْص فِي الرَّائِي. فَإِذا رأى أحد الْبَارِي عز وجل أَو أحد هَؤُلَاءِ - قد قربه، أَو

ص: 177

أجلسه مَوْضِعه، أَو كَلمه، أَو وعده بِخَير: فبشارة لَهُ بِرَفْع الْمنزلَة. فَإِن كَانَ يَلِيق بِهِ الْملك: ملك، أَو الْولَايَة: تولى، أَو الْقَضَاء أَو التدريس: حصل لَهُ ذَلِك، أَو حكم على أَرْبَاب صَنعته، أَو تقرب من الْمَمْلُوك، أَو الْولادَة، أَو الْقُضَاة، أَو الْعلمَاء، أَو الزهاد، أَو أَرْبَاب المناصب. وَرُبمَا نَالَ خيرا من الْحَاكِم عَلَيْهِ كَأحد أَبَوَيْهِ، أَو سَيّده، أَو أستاذه. وَإِن كَانَ كَافِرًا: أسلم. أَو مذنباً: تَابَ، أَو يقْصد أكبر مَوَاضِع عِبَادَته. وَإِن كَانَ مَرِيضا: مَاتَ. وَأما من رَآهُمْ فِي صفة نَاقِصَة، أَو تهددوه، أَو أَعرضُوا عَنهُ: تغير عَلَيْهِ كبيره. كالسلطان، وَالْحَاكِم، والعالم، وَالسَّيِّد، وَالْوَالِد، والعريف، وَنَحْوهم. وَرُبمَا تغير دينه. مَجِيء الباريء عز وجل إِلَى الْمَكَان الْمَخْصُوص، أَو تجليه عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي الصِّفَات الْحَسَنَة: دَال على نصر المظلومين، وهلاك الظَّالِمين، وَمَوْت المرضى، لِأَنَّهُ تَعَالَى حق. وَرُبمَا دلّ على خراب ذَلِك الْموضع. قَالَ المُصَنّف: - لما أَن اخْتصَّ الله بِأُمُور من جُمْلَتهَا الْعَرْش والكرسي واللوح والقلم وَالْمَلَائِكَة والأنبياء عليهم السلام وَدَلِيل ذَلِك أَنه لم يرد فِي الْأَخْبَار أَنه من عمل صَالحا أعطيناه كَذَا وَكَذَا ملكا من الْمَلَائِكَة بل اختصوا بِهِ سبحانه وتعالى وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاء مختصون بِهِ - فَصَارَ حكمهم حكمه سُبْحَانَهُ

ص: 178

وَتَعَالَى وَلم يرد أَن الله تَعَالَى يُعْطي الْعَرْش لأحد وَلَا الْكُرْسِيّ وَلَا اللَّوْح وَلَا الْقَلَم. وَإِذا كَانَ ذَلِك دلّ على أَنهم إِذا أبصروا فِي الْمَنَام جعلناهم أَعمال الرَّائِي مِمَّا هُوَ فِيهِ من الْحَال، وَمَا يصير إِلَيْهِ أمره من خبر الدَّاريْنِ. إِلَّا أَنهم فِي غَالب الْأَحْوَال لَيْسُوا ذَلِك المرئي حَقِيقَة بل ضرب الله تَعَالَى مثلا بذلك من الْخَيْر وَالشَّر، وَلذَلِك إِذا رأى أحد أَنه صَار وَاحِدًا مِنْهُم مَا نقُول لَهُ تصير وَاحِدًا مِنْهُم بل نُعْطِيه من المناصب على قدر مَا يَلِيق بِهِ، فَإِن كَانَ فِي صِفَات حَسَنَة نقُول لَهُ أَنْت متول فِيك خير على قدر ذَلِك الْحسن، وَإِن كَانَ فِي صِفَات ردية حذره من ذَلِك وَقل لَهُ: ارْجع عَن كَيْت وَكَيْت. إِذا عرفت ذَلِك. مِثَاله أَن يَقُول: رَأَيْت أنني على الْعَرْش أَو الْكُرْسِيّ وَقد أتلفت بعضه برجلي، تَقول لَهُ: تخون كبيرك، فَرُبمَا يكون بوطيء حرَام لِأَن الرجل مَحل الوطيء، وَإِن أتْلفه بِيَدِهِ فَتكون الْخِيَانَة بِالْأَخْذِ أَو بِالضَّرْبِ أَو بِمن دلّت عَلَيْهِ الْيَد، وَإِن تلفه بفمه كَانَ بِكَلَام أَو بِمَا يدل السان عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ سَائِر

ص: 179

الْأَعْضَاء. وَإِن كَانَ ذَلِك فِي اللَّوْح أَو الْقَلَم / رُبمَا كَانَت فِي كتبه، أَو عُلَمَاء يَهْتَدِي بهم، أَو كِتَابه، أَو الْأُمَنَاء الحافظين لأسرار من دلّ الْبَارِي عز وجل عَلَيْهِ من الكبراء، وَنَحْو ذَلِك. فَافْهَم وَقس عَلَيْهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَقد أنكر قوم رُؤْيَة الْبَارِي عز وجل فِي الْمَنَام وَقَالَ إِنَّمَا هِيَ وساوس وأخلاط لَا

ص: 180

حكم لذَلِك. وَهَذَا الْإِمْكَان لَيْسَ بِصَحِيح لأَنا جعلنَا ذَلِك أعمالاً للرائي، وَلَا

ص: 181

نكابر الرَّائِي فِيمَا يرَاهُ وَغلب على ظَنّه ذَلِك، بل نقُول رَبك عز وجل الْحَاكِم

ص: 182

عَلَيْك فَنَنْظُر فِيمَن يحكم فَنُعْطِيه من الْخَيْر وَالشَّر على قدر مَا يَلِيق بِهِ من شُهُود الرُّؤْيَا، وَكَذَلِكَ نقُول أَنه حق سُبْحَانَهُ، فَإِن كَانَ فِي صِفَات حَسَنَة كنت على حق. وَإِن كَانَ فِي صِفَات ردية، فَأَنت على بَاطِل. وَنَحْو

ص: 183

ذَلِك.

[24]

فصل: وَتعْتَبر الْمَلَائِكَة، والأنبياء عليم السَّلَام، بِمَا يَلِيق بهم. فَمن صَار جِبْرِيل، أَو جَاءَ إِلَيْهِ، أَو صَار فِي صفته: دلّ على مَجِيء رَسُول من عِنْد من دلّ الْبَارِي عز وجل عَلَيْهِ. كرسول من سُلْطَان، أَو حَاكم، أَو عَالم، أَو ولد، وَنَحْو ذَلِك. فَإِن كَانَ فِي صفة حَسَنَة: فَرَسُول بِخَير، وَإِلَّا فَلَا. وَإِن

ص: 184

صَاحبه: صَاحب إنْسَانا كَذَلِك. وَإِن صَار فِي صفته: رُبمَا ترسل لمن دلّ الْبَارِي عَلَيْهِ. قَالَ المُصَنّف: جِبْرِيل " جبر ": عبد، و " إيل " هُوَ الله تَعَالَى، بِلِسَان

ص: 185

السندي الأول وَقيل بِلِسَان آدم عليه السلام. وَلما كَانَ مُتَوَلِّي الْوَحْي من الله تَعَالَى وَرَسُوله إِلَى الْأَنْبِيَاء عليهم السلام دلّ على مَا ذكرنَا من أَحْكَامه. فقس عَلَيْهِ موقفا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

[25]

فصل: مِيكَائِيل عليه السلام: دَال على خَازِن، أَو منفق، أَو متصرف، فِي بَيت مَال من ذل الْبَارِي عَلَيْهِ. فَمن أَتَاهُ فِي حَالَة جَيِّدَة: نَالَ خيرا مِمَّن ذكرنَا، وَإِلَّا فَلَا. وَمن صَار فِي صفته، أَو صَاحبه: تولى منصباً يَلِيق بِهِ، أَو صَاحب إنْسَانا كَذَلِك. قَالَ المُصَنّف: لما أَن كَانَ مِيكَائِيل مُتَوَلِّي الْمِيَاه ومراعاة النَّبَات الَّذِي هُوَ حَيَاة الْحَيَوَان وَيصرف إِلَى أَرض بِمَا يصلح لَهَا أشبه الخازن والمنفق والمتصرف فاعط لكل إِنْسَان مَا يَلِيق بِهِ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت كأنني مِيكَائِيل، قلت لَهُ: أَنْت رجل مغربل، قَالَ: نعم، لِأَن الْمَطَر ينزل من السحب كَمَا ينزل من الغربال. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت قطان تندف الْقطن، قَالَ: نعم، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُجهز السحب تجْرِي كالقطن المتطاير من الندف، وَصَوت قَوس الندف كالرعد. وَمثله قَالَ آخر، قلت: عزمت على أَنَّك تجهز الْجمال، قَالَ: صَحِيح، قَالَ الله تَعَالَى:(كَأَنَّهُ جمالات صفر)

ص: 186

يَعْنِي عَن السحب. وَمثله قَالَ أخر، قلت: أَنْت سقاء، وَمن تَحت يدك سقاؤون، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تزرع وتغرس وتسقي ذَلِك، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: عزمت على عمل ساقية، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ لي ملك مصر، قلت: عزمت على أَنَّك تمنع أَن يمشي أحد فِي الطرقات، قَالَ: صَحِيح، لِأَن الْمَطَر الَّذِي من تَحت يَد مِيكَائِيل يمْنَع الطرقات. وعَلى هَذَا فقس موقفا إِن شَاءَ الله.

[26]

فصل: عزرائيل عليه السلام: تدل رُؤْيَته على اجْتِمَاع الهموم، وتفريق الْجَمَاعَات، وَمَوْت المرضى، وخراب العامر، وعَلى الْخَوْف. قَالَ المُصَنّف: لما أم كَانَ عزرائيل مُتَوَلِّي الْمَوْت والموتى، وميتم الْأَوْلَاد، ومرمل النسوان، ومفرق الأحباب، أوجب ذَلِك خراب الديار، فَإِذا رَآهُ أحد فاعطه مَا يَلِيق بِهِ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت كأنني ملك الْمَوْت، قلت: أَنْت رجل جزار، قَالَ: صَحِيح، وَذَلِكَ لما يفني على يَدَيْهِ من الْحَيَوَان. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت سفاك الدِّمَاء وقاطع الطَّرِيق، فَتَابَ عَن ذَلِك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تفرق بَين الْأَصْحَاب فتب عَن ذَلِك. وَمثله قَالَ لي ملك مصر، قلت تخرب بلاداً كَثِيرَة، فَفتح بعد ذَلِك بلاداً وأخربها. وعَلى هَذَا فقس / موقفا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

[27]

وإسرافيل عليه السلام: بعكسه، يدل على عمَارَة الخراب، واجتماع المتفرق، وعافية الْمَرِيض. فَمن صَار وَاحِدًا مِنْهُم، أَو من بَقِيَّة الْمَلَائِكَة: حصل لَهُ من الْخَيْر

ص: 187

وَالشَّر، على قدر ذَلِك. فَافْهَم.

ص: 188

قَالَ المُصَنّف: لما كَانَ إسْرَافيل عكس عزرائيل، من كَونه يحيى الْمَوْتَى، وَيجمع المفرق، وَيصْلح الأجساد، أعْطى مَا ذكرنَا. وعَلى الْوَاسِطَة الجيدة بَين يَدي من دلّ الْبَارِي عَلَيْهِ وَبَين الْعباد، بِشَرْط أَن يكون فِي صفة حَسَنَة، فَإِذا رَآهُ أحد فأعطه مَا يَلِيق بِهِ. كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت إسْرَافيل، قلت: أَنْت تنفخ فِي الْحَلَاوَة الَّتِي بالقالب، فَتخرج مِنْهَا صور

ص: 189

مُخْتَلفَة، قَالَ: صَحِيح. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت مشبب، قَالَ: نعم، لكَون إسْرَافيل ينْفخ فِي الصُّور. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت طَبِيب، لِأَن النفخة تصلح الْأَبدَان بعد تلافها. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تنبش الْقُبُور، قَالَ: صَحِيح. وَمثله قَالَ لي ملك مصر، قلت لَهُ: السَّاعَة تجمع الْخلق لحادث عَظِيم، وَتخرج أَيْضا جمَاعَة من السجون، فَجرى ذَلِك، لِأَن إسْرَافيل ينْفخ فَيجمع النَّاس، وَيخرج من الْقُبُور. وعَلى هَذَا فقس موقفا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

[28]

فصل: كل نَبِي اعْتبر مَا جرى لَهُ، وَأعْطِ حكمه للرائي. فَمن

ص: 190

صَار آدم، أَو فِي صفته، أَو صَاحبه: انتصر عَلَيْهِ عدوه، وأزاله من منصبه، وَرُبمَا خرج من مَكَان إِلَى آخر، ويرزق أَوْلَادًا، وَيحصل لَهُ نكد من جهتهم. فَإِن أبصره نَاقص الْحَال: رُبمَا نقص حَال كَبِيرَة الْحَاكِم عَلَيْهِ، أَو تَغَيَّرت

ص: 191

مكاسبه، أَو صَنعته. وَإِن كَانَ فِي حَال حسن: عَاد خَيره عَلَيْهِ، أَو على من ذكرنَا. قَالَ المُصَنّف: من صَار آدم تولى منصباً مِمَّا يَلِيق بِهِ، فَرُبمَا يكون هُوَ أول من تولاه. وَأعْطِ كل إِنْسَان مَا يَلِيق بِهِ. كَمَا قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت آدم، قلت: تُسَافِر إِلَى الْهِنْد. وَمثله قَالَ آخر، قلت: يَقع فِي حَقك نكد لأجل ثَمَرَة أَو زرع، فَكَانَ كَذَلِك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تفارق زَوجتك أَو جاريتك، لكَون آدم فَارق حوى. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تُؤْخَذ ثِيَابك، لِأَن آدم أخرج من الْجنَّة. وَمثله قَالَ لي ملك مصر، قلت: تعمر بلاداً جدداً، وَذَلِكَ لِأَن آدم لما أَرَادَ أَن يحجّ كلما وطيء مَكَانا صَار بَلَدا. وَمثله قَالَ آخر، قلت: فِي فُؤَادك ألم، قَالَ: نعم، لِأَن آدم تألم من الْجُوع والعطش. وَمثله قَالَ آخر، قلت: مَا لَك نسب مَعْرُوف، لِأَن آدم كَانَ من تُرَاب مُخْتَلف. وَالله أعلم.

[29]

فصل: من صَار إِدْرِيس عليه السلام، أَو فِي صفته: كثر علمه، أَو تقرب من الأكابر، ونال الْمنَازل الْعَالِيَة. وَمن صَاحبه: صَاحب إنْسَانا كَذَلِك. وَإِن رَآهُ نَاقص الْحَال: عَاد نَقصه إِلَى الرَّائِي. قَالَ المُصَنّف: إِدْرِيس كَانَ ينْسب إِلَى علم الرمل، ودعى أَن يُخَفف الله تَعَالَى عَن حَامِل الشَّمْس، وَصعد إِلَى السَّمَاء، وَمَات ثمَّ عَاشَ، فأعط لرائي ذَلِك مَا يَلِيق بِهِ. كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت إِدْرِيس، قلت: تمرض،

ص: 192

وبالحمام تتعافى، لكَون إِدْرِيس عبر النَّار وَخرج. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تسكن فِي بُسْتَان، قَالَ: نعم، لكَون إِدْرِيس سكن الْجنَّة، وَمثله قَالَ آخر، قلت: تعرف شَيْئا من النجامة. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تعاشر أَرْبَاب النيرَان، لكَونه صَاحب حَامِل الشَّمْس. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تعبر أمكان غَرِيبَة، لكَونه طلع السَّمَوَات. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تشفع لصديق لم وَيسمع مِنْك، لكَون إِدْرِيس دعى لصَاحب الشَّمْس. وَمثله قَالَ آخر: رَأَيْت أنني قتلت إِدْرِيس، قلت: تَتَكَلَّم فِي عرض رجل / صَالح أَو عَالم، أَو تؤذيه. وَمثله قَالَ آخر، غير أَنه قَالَ: كَانَ فِي صفة دونه، قلت: تنتصر على رجل يعرف النجامة أَو الْكِتَابَة، وَيكون الْحق مَعَك. فقس على هَذَا موقفا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

[30]

فصل: من صَار من الأصحاء نوحًا عليه السلام، أَو صَاحبه: طَال عمره، وَربح فِي الْخشب، وَالشَّجر، وَمَا يعْمل مِنْهُ، وَنَجَا هُوَ وَأهل بَيته، أَو رَعيته من الشدائد، وانتصر على أعدائه، أَو صَاحب إنْسَانا كَذَلِك. وَرُبمَا دلّ على موت الْمَرِيض. قَالَ المُصَنّف: أعْط لرائي نوح مَا يَلِيق بِهِ. كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت كأنني صرت نوحًا، قلت: أَنْت نجار، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تبيع الْحَيَوَان أَو الطُّيُور، قَالَ: نعم، لكَون نوح جمع النَّاس فِي السَّفِينَة

ص: 193

وَالْحَيَوَان. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت حَاكم على مركب. وَمثله قَالَ آخر، قلت: مَاتَ لَك ولد، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: حصل لَك نكد من نجار، قَالَ: نعم، قلت: وَرُبمَا كَانَ أحدب، قَالَ: صَحِيح، وَذَلِكَ لِأَن نوحًا مر عَلَيْهِ نجار أحدب أعرج فَضَربهُ بعصاه. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تعرف تخبز فِي التَّنور، قَالَ: نعم، وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تعاشر أَرْبَاب النوح واللطم والملاهي، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت نوحًا، قلت: لَك دكان تبيع فِيهَا الْحُبُوب، قَالَ: نعم، لِأَن نوحًا جمع الْحُبُوب فِي السَّفِينَة. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تلعب بالحمام، لِأَن الْحَمَامَة أرسلها نوح. وَمثله قَالَ آخر، قلت: يطول عمرك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تضحك النَّاس، لِأَن قومه كَانُوا يَضْحَكُونَ مِنْهُ. وَمثله قَالَ آخر، قلت: يعِيش لَك ثَلَاثَة أَوْلَاد ذُكُور. وَنَحْو ذَلِك فقس عَلَيْهِ، وَالله أعلم.

[31]

فصل: من صَار فِي صفة إِبْرَاهِيم عليه السلام، أَو صَاحبه: دلّ على الْبلَاء من الْأَعْدَاء، لَكِن ينصر عَلَيْهِم. وَرُبمَا يَلِي ولَايَة، أَو إِمَامَة، وَيكون عادلاً فِي ذَلِك. أَو يصاحب إنْسَانا كَذَلِك. وَرُبمَا

أَو ولى على النَّاس من لَهُم فِيهِ نفع، ويرزق أَوْلَادًا بعد الْإِيَاس مِنْهُم، وَرُبمَا قدمت عَلَيْهِ رسل الأكابر بالبشارة.

ص: 194

قَالَ المُصَنّف: اعْتبر رُؤْيَة إِبْرَاهِيم. كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني الْخَلِيل قلت: كنت، لكَون الْخَلِيل وَالْقَمَر وَالشَّمْس. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تُسَافِر، لكَون الْخَلِيل انْتقل من

ص: 195

إقليم إِلَى إقليم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تكْثر أغنامك ومواشيك، لِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ كثير الأغنام. وَمثله قَالَ آخر، قلت: ترزق ذُرِّيَّة لَهُم المناصب. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تخَالف والديك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تَأْخُذ امْرَأَة على زَوجتك، وَرُبمَا تكون جَارِيَة، فَجرى ذَلِك كُله. وَللَّه الْحَمد.

[32]

فصل: من صَار فِي صفة يَعْقُوب عليه السلام، أَو صَاحبه: نَالَ هموماً، وَفَارق أحبته وَيرجع يجْتَمع بهم، ويتنكد من أَوْلَاده أَو أَقَاربه.

ص: 196

وَرُبمَا ينزل ببصره آفَة، أَو فِي رَأسه. لَكِن رُبمَا عوفي بعد ذَلِك. قَالَ المُصَنّف: اعْتبر يَعْقُوب. كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت أنني صر يَعْقُوب، قلت: هربت، قَالَ: نعم، لِأَن يَعْقُوب كَانَ هرب من أَخِيه الْعيص. وَمثله قَالَ آخر، قلت: ترمد وتخشى على بَصرك، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت غَابَ لَك ولد، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تزوجت أَو تسريت بأختين، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: طلبت امْرَأَة وغدروا بك، قَالَ: نعم، لِأَن يَعْقُوب طلب من خَاله الْبِنْت الصُّغْرَى على أحل من الرَّعْي، فَلَمَّا فرغ قَالَ: مَا نزوج الصُّغْرَى والكبرى حَاضِرَة، / فزاده أَََجَلًا آخر، وَأخذ الْأُخْتَيْنِ. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت صياد، قَالَ: نعم، لِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ يصطاد فَافْهَم ذَلِك.

[33]

وَأما من صَار فِي صفة يُوسُف عليه السلام: خشِي عَلَيْهِ الْأسر، أَو السجْن ثمَّ يخلص. وَإِن كَانَ يَلِيق بِهِ الْملك: ملك، أَو يتَوَلَّى ولَايَة تلِيق بِهِ. وَيُفَارق أَهله وأقاربه، لنكد يَقع بَينهم، ثمَّ يجْتَمع بهم. ويتهم بِامْرَأَة وَيكون مِنْهَا برياً. وَرُبمَا رزق معرفَة علم المنامات، أَو التواريخ. فَإِن حصل لَهُ الْملك، وَقع فِي أَيَّامه غلاء عَظِيم.

ص: 197

قَالَ المُصَنّف: قَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت أنني صرت يُوسُف، قلت: اتهمت بِسَرِقَة، قَالَ: نعم، لِأَنَّهُ عليه السلام اتهمه إخْوَته بِالسَّرقَةِ فِي حِكَايَة جرت لَهُ مَعَ جدته لما طلب يَعْقُوب أَخذه مِنْهَا يطول ذكرهَا. وَمثله قَالَ آخر، قلت: سيرت دَوَاء أَو كحلاً لمريض، قَالَ: نعم، لِأَنَّهُ بعث قَمِيصه ليتعافى أَبوهُ. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تَدعِي معرفَة كَلَام الْجِنّ أَو الشعبثة، لِأَن يُوسُف نقر على الْكَيْل وَقَالَ: أَخْبرنِي أَنكُمْ تعلمُوا كَيْت وَكَيْت. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت ضَامِن الْكَيْل، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تحضر على قطع أيد أَو أرجل، لِأَنَّهُ حضر قطع النسْوَة أَيْدِيهنَّ. وَمثله قَالَ آخر، قلت: يتَكَلَّم فِي عرضك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: يعْتَذر إِلَيْك أعداؤك وتصفح عَنْهُم، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تقع فِي خُصُومَة وتقطع ثِيَابك عَلَيْك. وَمثله قَالَ آخر، قلت: يُقَال عَنْك أَنَّك مت أَو قتلت وَلَا يكون ذَلِك صَحِيح. فَافْهَم ذَلِك موفقاً.

[34]

فصل: من صَار فِي صفة دَاوُد، أَو سُلَيْمَان عليهما السلام: ملك، أَو تولى ولَايَة تلِيق بِهِ، وَحصل لَهُ نكد من جِهَة امْرَأَة، ويرزق الْعلم وَالْعِبَادَة، وينتصر على أعدائه بعد ظفرهم بِهِ، وتذلل لَهُ الْأُمُور الصعاب. وَمن

ص: 198

صَاحبهمْ: صَاحب من دلوا عَلَيْهِ. قَالَ المُصَنّف: اعْتبر دَاوُد وَسليمَان بِمَا يَلِيق للرائي. كَمَا قَالَ إِنْسَان: رَأَيْت كأنني دَاوُد، قلت: أَنْت حداد، قَالَ: نعم. ومثلاه قَالَ آخر، قلت: أَنْت تعْمل الْعدَد. وَمثله قَالَت امْرَأَة: أنني صرت دَاوُد فتعجبت من ذَلِك، قلت لَهَا: أَنْت امْرَأَة تعملين النقش للنِّسَاء، قَالَت: صَحِيح، وَذَلِكَ لِأَن دَاوُد يعْمل الزرد الَّذِي هُوَ شبه النقش. وَمثله قَالَ آخر، قلت: يجْرِي لَك نكد لأجل امْرَأَة، وَمثله قَالَ آخر، قلت: تضرب بالمنجنيق أَو بالمقلاع، قَالَ: صَحِيح، وَذَلِكَ لِأَن دَاوُد كَانَ يَرْمِي بالمقلاع. وَأما سُلَيْمَان؛ فَقَالَ لي إِنْسَان: رَأَيْت كأنني سُلَيْمَان، قلت: أَنْت لَك مركب، قَالَ: نعم، لِأَن سُلَيْمَان كَانَ يسير فِي الْهَوَاء. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تحكم على عمالين، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تعرف بلغات كَثِيرَة، لِأَن سُلَيْمَان كَانَ يعرف بلغات الْحَيَوَانَات. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تلعب بالطيور، قَالَ: نعم، لِأَن سُلَيْمَان كَانَ يُرْسل الطُّيُور. وَمثله قَالَ آخر، قلت: تتَزَوَّج بِامْرَأَة جميلَة. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تجمع الجان وتعمل شعبثة، قَالَ: نعم. فَافْهَم ذَلِك.

[35]

فصل: مُوسَى عليه السلام: من صَاحبه، أَو صَار فِي صفته،

ص: 199

أَو ملك عَصَاهُ، أَو لبس بعض ثِيَابه: إرتفع قدره، وانتصر على أعدائه، وَرُبمَا اتهمَ بتهمة، وَأخرج من بَلَده لأجل التُّهْمَة. وَإِن كَانَ الرَّائِي ملكا: طلب بِلَاد عدوه، وَقَاتلهمْ فِيهَا، وافتتحها، وَأخذ سبيهَا. وَإِن كَانَ مُتَوَلِّيًا: قهر أَرْبَاب صَنعته، ويعاشر الْعلمَاء والزهاد، وَرُبمَا إجتمع بِمن دلّ الْبَارِي عز وجل عَلَيْهِ، لكَون مُوسَى كلم الله تَعَالَى، وَرُبمَا كَانَ فِي فَمه أَو رَأسه عيب. قَالَ المُصَنّف /: من صَار فِي صفة مُوسَى؛ كَمَا قَالَ إِنْسَان ذَلِك، قلت: هربت لأجل تُهْمَة، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تلعب بالزجاج على يَديك، قَالَ: نعم، لِأَن مُوسَى كَانَت تضيء يَده كَالشَّمْسِ فِي بعض الْأَوْقَات. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تلعب بالحيات، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت سَاحر ومشعبث. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت تعْمل السيمياء. وَمثله قَالَ آخر، قلت: كَأَن مَعَك كتب من جليل الْقدر أَو أَلْوَاح تَكَسَّرَتْ، أَو عدم ذَلِك، قَالَ: صَحِيح. وَمثله قَالَ آخر، قلت: أَنْت راعي، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: سلمت تغرق مرّة، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت: هربت من حَيَّة، قَالَ: نعم. وَمثله قَالَ آخر، قلت:

ص: 200

تربيت فِي بَيت جليل الْقدر وَكَانَت امْرَأَة عنْدك تحسن إِلَيْك، قَالَ: صَحِيح. وَرُبمَا مرض رائي مُوسَى بالحرارة، لِأَنَّهُ لما وَضعته أمه طلبه الذَّبَّاحُونَ ليقتلوه فألقته أمه فِي التَّنور وَكَانَ موقوداً نَارا وَلم تشعر بِهِ حِين رمته من الْخَوْف فَلَمَّا لم يره الذَّبَّاحُونَ انصرفوا فَسمِعت أمه بكاءه فِي التَّنور فَقَالَت: وَا ولداه، وَنظرت فِي التَّنور فَإِذا هُوَ سَالم، يشرب من إِحْدَى أصبعيه لَبَنًا وَالْأُخْرَى عسلاً، فسبحان الله الَّذِي يقدر على كل شَيْء.

[36]

فصل: أَيُّوب عليه السلام: تدل رُؤْيَته، أَو لبس ثِيَابه على الْبلَاء، وفراق الْأَحِبَّة، وَكَثْرَة الْمَرَض، ثمَّ يَزُول ذَلِك جَمِيعه. وَيكون ممدوحاً عِنْد الأكابر. قَالَ المُصَنّف: وتدل رُؤْيَة أَيُّوب على أَنه يكون كَرِيمًا، وَرُبمَا جرت آفَة على دوابه أَو يَمُوت لَهُ أَوْلَاد ثمَّ يعوض عَلَيْهِ ذَلِك، وَيَقَع بَينه وَبَين زَوجته نكد ثمَّ يصطلحان وَالظَّاهِر أَنه يكون ظَالِما عَلَيْهَا، وَإِن كَانَ قد ترك عبَادَة أَو دينا أَو خيرا كَانَ يَفْعَله عَاد إِلَيْهِ لِأَنَّهُ عليه السلام كَانَ أواباً، وآب إِذا رَجَعَ وَتَابَ. فَافْهَم ذَلِك موفقاً إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

[37]

فصل: من صَار عِيسَى عليه السلام، أَو لبس بعض ثِيَابه، أَو اتّصف بِصفة من صِفَاته: إِن كَانَ مُتَوَلِّيًا أَو مخاصماً: انتصر. وَإِن كَانَ صَاحب صَنْعَة: قهر فِي صَنعته أَرْبَابهَا، خُصُوصا إِن كَانَ طَبِيبا، وَيكون

ص: 201

كثير الْأَسْفَار، لكَونه إِنَّمَا سمي الْمَسِيح لمسحه الأَرْض بِكَثْرَة سَفَره. وَمن عِنْده حَامِل: يدل على الْوَلَد الذّكر. وَرُبمَا يكون إسمه أَحْمد، ويتهم تُهْمَة يكون مِنْهَا بَرِيئًا. وَإِن كَانَ الرَّائِي عابداً: كَانَ مجاب الدعْوَة. قَالَ المُصَنّف: وَرُبمَا كَانَ رائي عِيسَى رَبِّي يَتِيما أَو مَاتَ إِحْدَى أَبَوَيْهِ، وَكَذَلِكَ من صَار فِي صفة أمه مَرْيَم. وَإِن كَانَ رائيها امْرَأَة وَقع فِي عرضهَا كَلَام، وَرُبمَا حملت حملا مشكوكاً فِيهِ. وَإِن كَانَ ظَاهر رائي ذَلِك جيدا كَانَ الْكَلَام بَاطِلا، وعاشر أَرْبَاب الْخَيْر، وَلَا زم أَمَاكِن الْخَيْر وَالْعِبَادَة، لكَونهَا تربت فِي معبد الناصرة.

[38]

فصل: من صَار فِي صفة أشرف الْمُرْسلين مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم أَو صَاحبه

ص: 202

أَو لبس بعض ثِيَابه: إرتفع ذكره، وتشرف بِهِ أَهله ومعارفه، وَيكون صَالحا فِي دينه ودنياه، وَأما إِن أعرض عَنهُ أَو شَتمه أَو تغير عَنهُ. حصل للرائي نكد، وَرُبمَا كَانَ على أَمر مَكْرُوه.

ص: 203

[39]

وَكَذَلِكَ الحكم لسَائِر الْأَنْبِيَاء عليهم السلام، وللصديقين،

ص: 204

وَالصَّحَابَة، وَالتَّابِعِينَ، رضوَان الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ. من صَاحب وَاحِدًا

ص: 205

مِنْهُم، أَو صَار فِي صفته، أَو لبس بعض ملبوسه، فأعطه من أَحْكَامه مَا جرى لذَلِك، على قدر مَا يَلِيق بِهِ من الْخَيْر وَالشَّر. وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ.

ص: 206

صفحة فارغة

ص: 207

قَالَ المُصَنّف: رُؤْيَة سيد الْمُرْسلين عليه السلام ورؤية سَائِر الْأَنْبِيَاء

ص: 208