المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أبواب الدعوات - قوت المغتذي على جامع الترمذي - جـ ٢

[الجلال السيوطي]

الفصل: ‌ أبواب الدعوات

"‌

‌ أبوابُ الدَّعوات

"

ص: 827

910 -

[3370]"لَيْسَ شيء أكرم على الله من الدُّعاء"

قال الطيبي: " أكرم بالنصب خبر ليسَ.

ص: 827

911 -

[3371]"الدُّعاء مُخُّ العِبادَة"

قال في النِّهاية: " مُخُّ الشيء: خالصه، وإنما كان مُخَّها لأمرين: أحدهما: أنه امتثال أمرِ الله تعالى حيث قال: " ادعُونِي " فهو مَحْضُ العِبَادَة، وخالصُهَا.

والثاني: أنه إذا رأى نجاح الأمور من الله قطع أمله عن سواه ودعاه لحاجته وحدَهُ، وهذا هو أصل العبادة، ولأنَّ الغرض من العبادة الثوابُ عليها وهو المطلوب الدُّعاء".

ص: 827

وقال الحكيم في نوادر الأصول: " إنما صار مخًا [لها] لأنه تبرَّؤ من الحول والقوة واعتراف بأنَّ الأشياء كلها له وتسليم إليه ثم يسأله.

ص: 828

912 -

[3372]"الدُّعاء هُوَ العِبادة".

قال الطيبي: " أتى بضمير الفصل، والخبر المعرف باللام ليدل على القصد وأنَّ العبادة ليست عين الدُعاء.

"ثُمَّ قرَأَ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي} الآية".

قال البيضاوي: " لما حكم بأنَّ الدَّعاء هو العبادة الحقيقيَّة التي تستأهل أن تسمَّى عبادة من حيث إنه يدُل على أنَّ فاعله مقبل بوجهه إلى الله تعالى معرض عمَّن سِواه لا يرجُو ولا يخاف إلَاّ منه استدل عليه بالآية، فإنها تدُل على أنه أمر مأمُور به إذا أتى به المكلف قُبل منه لا محالة وترتب عليه المقصود، ترتب الجزاء على الشرط، والمسبَّب على السبب، وما كان كذلك كان أتم العبادات وأكملها".

ص: 828

913 -

[3373]"من لم يسْأَلِ الله يَغْضَبْ عليه".

قال الطيبي: "وذلك لأنَّ الله تعالى يحب أن يُسأل من فضله، فمن لم يسأله يبغضه، والمبغُوض مغضوب عليه لا محالة".

ص: 829

914 -

[3375]"أَتَشَبَّثُ بِهِ" أي أتعلق به.

"لا يَزَالُ لِسانكَ رَطْبًا من ذكْرِ اللهِ".

قال الطيبي: " رطوبة اللسان [عبارة] عن سهولة جريانه كما أن يبسه عبارة عن ضده، ثم إنَّ جريان اللِّسان حينئذٍ عبارة عن مُداومة الذكر قبل ذلك، فكأنه قيل داوم الذكر فهو من أسلوب قوله تعالى:{وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) } .

ص: 829

915 -

[3377] "أَلَا أُنبِّئكم بِخَيْرِ أعمَالِكمْ

الحديث".

قال الشيخ عز الدِّين بن عبد السلام في القواعد: " هذا الحديث يدل على أنَّ الثواب لا يترتب على قدر النصب في جميع العبادات بل قد يأجر الله تعالى على قليل الأعمال أكثر مما يأجر على كثيرها، فإذًا الثواب يترتب على تفاوت الرتب في الشرف ".

"وخَيْرٌ لكم مِنْ إنفاق الذَّهبِ".

قال الطيبي: " مجرور عُطف على "خير أعمالكم" من حيث المعنى؛ لأنَّ المعنى ألا أنبئكم بما هو خيرٌ لكم من بذل أموالكم ونفُوسكم ".

ص: 830

916 -

[3379]"آلله ما أجلسكم".

ص: 830

قال الطيبي: " هو بالنصب؛ أي أتقسمون بالله؟ فحذف الجار، وأوصل الفعل، ثم حذف الفعل ".

"خَرَج على حلقةٍ من أصحابه" بسكون اللام والجمع حِلق، بكسر أوله كبدرة، وبدار، وقِصعة، وقِصع قاله الأصمعي.

وقال غيره: الجمع حلق بالفتح، وهو جمع خارج عن القياس، قال ثعلب كلهم يجيزه على ضعفه.

وقال أبو عمر: الواحد حلَقَة بالتحريك والجمع حلق وَحَلقات.

وعن الشيباني: ليس في الكلام حلقه، إلَاّ قولك حلقة جمع حالق.

ص: 831

917 -

[3380]"كَانَ عَليْهِمْ تِرَةً" أي تبعه.

ص: 831

- 3380 "أفضل الذِّكر لا إله إلَاّ الله وأفضل الدُّعاء الحمد لله".

قال الطيبي: " قال بعض المحققين إنما جعل التهليل أفضل الذكر لأنَّ لها تأثيرًا في تطهير الباطن عن الأوصاف الذميمة التي هي معبودات في الظاهر.

قال الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} فيفيد نفي عموم الآلهة بقوله: " لا إله، ويثبت الواحد بقوله: " إلَاّ الله " ويعود الذكر من ظاهر لسانه إلى باطن قلبه فيتمكن فيه ويستولى على جوارحه، وجد حلاوة هذا من ذاق. وأطلق الدعاء على الحمد من باب المجاز ولعله جعل أفضل الدعاء من حيث أنه سؤال لطيف يدق مسلكه.

ومن ذلك قول أميَّة بن أبي الصَلت حين خرج إلى بعض الملوك يطلب نائله.

إذا أثنى عليك المرء يومًا

كفاه من تعرضه الثناء

ص: 832

وقال المظهري: " إنما كان التهليل أفضل الذكر؛ لأنه لا يصح الإيمان إلَاّ به، وإنما جعل "الحمد" أفضل الدُعاء؛ لأنَّ الدعاء عبارة عن ذكر الله، وأن [يطلب] منه حاجته، و"الحمد لله" يشملها؛ فإنَّ من حمد الله إنما يحمده على نعمته، والحمد على النعمة طلب مزيد.

قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} .

قال الطيبي: " ويمكن أن يكون قوله: " الحمد لله " منِ باب التلميح والإشارة إلى قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وأي دعاء أفضل، وأكمل، وأجمع من ذلك! ".

وفي نوادر الأصول للحكيم الترمذي من طريق الجارود قال: كان وكيع يقول: الحمد لله، شكر لا إله إلَاّ الله.

قال الحكيم: فيا لها من كلمة لوكيع لأنَّ لا إله إلَاّ الله أعظم النعم فإذا حمد الله عليها كان في كلمة الحمد قول لا إله إلَاّ الله متضمنة، مشتملة عليها الحمد لله ".

ص: 833

918 -

[3390]"وَأمْسَيْنَا، وأمسى المُلكُ لله والحمد لله" قال

ص: 833

المظهري: " عطف على "أمسينا وأمسى الملك لله " وأمسى إذا دخل في المساء، وأمسى [إذا صار، يعني] دخلنا في المساء، وصرنا نحن، وجميع الملك، وجميع الحمد لله ".

وقال الطيبي: " الظاهر أنه عطف على قوله: " الملك لله " ويدل عليه قوله بعد "له الملك وله الحمد [وقوله] :

"وَأمسى الملك لله" حال من "أمسينا" إذا قلنا أنه فعل تام، ومعطوف على "أمسينا" إذا قلنا أنه ناقص والخبر محذوف لدلالة الثاني عليه، أو خبر، والواو فيه كما في قول الحماسي:

فلما صرح الشر

فأمسى وهو غير ثان

قال أبو البقاء: "أمسى" هنا ناقصة، والجملة بعدها خبر لها.

فإن قلت: خبر كان مثل المبتدأ، وخبر المبتدأ لا يجوز أن تدخل عليه الواو؟ قيل: الواو إنما دخلت في خبر كان، لأنَّ اسم كان يشبه ْالفاعل، وخبرها يشبه الحال.

وقوله: " لا إله إلَاّ الله وحدَهُ لا شريك له " عطف على "الحمد لله" على تأويل، و"أمسى" الفردانية، والوحدانية مختصين بالله.

ص: 834

فإن قلت: ما معنى "أمسى الملك لله".

والملك له أبدًا، وكذلك الحمد؟ قلت: هو بيان حال القائل أي عرفنا أنَّ الملك، والحمد لله لا لغيره، فالتجأنا إليه واستغنينا به، وخصَّصناه بالعبادة، والثناء عليه والشكر له ".

"وأعوذ بِكَ من الكَسَلِ".

قال التوربشتي: " هو التثاقل عما لا ينبغي التثاقل عنه، ويكون ذلك لعدم انبعاث النَّفس للخير مع ظهور الاستطاعة ".

"وَسُوءِ الكِبرِ" قال في النِّهاية: " يُروى بسكون الباء وفتحها فالسُّكون، بمعنى البطر، والفتح بمعنى الهرم، والخرف ".

قال المظهري: " والفتح أصح ".

ص: 835

919 -

[3391]"اللَّهمَّ بكَ أصبَحْنَا" قال الطيبي: " الباء متعلقة بمحذوف، وهو خبر أصح " ولا بد من تقدير مُضاف، أصبحنا

ص: 835

ملتبسين نعمتك أي بحياطتك، وكلآتك، وبذكرك، واسمك "وبك نَحْيَا، وبكَ نَمُوتُ" قال النووي: "أي أنت تحييني، وأنت تميتني، وإليك المصير". قال في النهاية: " أي إليك المرجِع يقال: صرتُ إلى فلان، أصِير مصيرًا. وهو شاذٌّ والقياس مصارا مثل، معاش ".

" وَإِليك النُّشُورُ " يقال: نشر الميت، ينشر نشورًا، إذا عاش بعد الموت.

ص: 836

920 -

[3392]"ومليكَهُ".

قال الطيبي: "فعيلة، بمعنى فاعل للمبالغة، كالقدير، بمعنى القادر".

"وَمن شرِّ الشَّيطانِ وشِركِهِ"

قال في النِّهاية: " يُروى بكسر الشين، وسكون الراء؛ أي ما يدعُو إليه، ويُوسْوِسُ به من الإشراك بالله تعالى.

وبفتح الشين، والراء: أي حبائله ومصائده. واحدها شرَكة ".

قال الطيبي: "فالإضافة على الثاني محضة، وعلى الأول إضافة

ص: 836

المصدر إلى فاعله".

ص: 837

921 -

[3393]"أَلَا أَدُلُّكَ على سيِّدِ الاسْتِغْفارِ".

قال الطيبي: " السيد، مستعار من الرئيس المقدم الذي يصمد إليه في الحوائج، ويرجع إليه في الأمور كهذا الدعاء الذي هو جامع لمعاني التوبة كلها. [وقوله] .

"وَأنا عَبْدُكَ""يجوز أن تكون مؤكدة، وأن تكون مقررة؛ أي أنا عابد لك، وينصره عطفُ".

"وَأنا على عهدك ووعدك ما استطعت". قال البغوي في شرح السنة: " يريد أنا على ما عاهدتك عليه، وواعدتك من الإيمان بك، وإخلاص الطاعة لك. وقد يكون معناه: إنِّي مقيم على ما عاهدتك على أمرك ومتمسِّك ومتنجِّز وعدك في المثوبة، والأجر عليه، واشتراط الاستطاعة في ذلك معناه الاعتراف بالعجز، والقصور عن كنه

ص: 837

الواجب من حقه عز وجل ".

قال الطيبي: " ويجوز أن يُراد بالعهد، والوعد، ما في قوله تعالى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} .

"وأبوءُ لكَ" قال في النِّهاية: "أي ألتزم، وأرجع وأُقِرُّ".

ص: 838

922 -

[3394]"مُت على الفطرةِ" أي دين الإسلام.

"تقول: اللَّهمَّ أَسلمتُ نفْسِي إليك ووجَّهت وجهي إليك، وفوَّضت أمرِي إليك رغبةً ورهْبةً إليك، وألجأتُ ظهري إليك لا مَلْجأ، ولا منجى مِنكَ إلَاّ إليكَ".

قال القرطبي: "المراد بالنفس هنا الذات، وبالوجه القصد".

ص: 838

وقال الطيبي: " في هذا النظم عجائب وغرائب لا يعرفها إلَاّ المتقن من أهل البيان، فقوله: " أسلمتُ نفسي " إشارة إلى أنَّ جوارحه منقادَة لله تعالى في أوامره، ونواهيه.

وقوله: " وَجَّهْتُ، وجْهِي " إلى أنَّ ذاته، وحقيقته مخلصة له بريئة من النفاق.

وقوله: " وَفوَّضْتُ " إلى أنَّ أمُوره الخارجة، والداخلة مفوضة إليه، لا مدبر لها غيره.

وقوله: " ألجأتُ ظَهرِي إليكَ " بعد قوله: " وفوَّضتُ أمري " أي أنه بعد تفويض أموره التي مفتقر إليها وبها معاشه وعليها مدار أمره يلجأ إليه مما يضره ويؤذيه من الأسباب الداخلة، والخارجة.

ثم قوله: "رغبةً، ورهبةً" منصوبان على المفعول [له] على طريقة اللف، والنشر؛ أي:" فوَّضت أمري إليك " رغبةً، و"ألجأت ظهري" من المكاره والشدائد إليك، رهبةً منك؛ لأنه لا ملجأ، ولا منجى مِنْكَ إلَاّ إليْكَ".

وقوله: " رغبةً، ورهبَةً إليكَ " من باب قوله: متقلدًا سيفًا ورمحًا و" ملجأ " مهموز، و" منجا " مقصُور، هُمَز للازدواج " انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر: " قد رواه أحمد، والنسائي بلفظ: " رهبةً منك، ورغبةً إليك ". وزاد النسائي في أوله:" بسمِ اللهِ ".

قال البراءُ، فقُلتُ:" ورسُولك الذي أرْسلتَ فطعَن بِيدِهِ في صدري " لفظ النسائي: "فوضع يده في صدري ثم قال: ونبيِّك الذي

ص: 839

أرسلتَ" في رواية، فقال: "قل ونبيِّك".

قال في فتح الباري: " أولى ما قيل في الحكمة في رده صلى الله عليه وسلم، على من قال: " الرسُول " بدل "النبي" أنَّ ألفاظ الأذكار توقيفية، ولها خصائص، وأسرار لا يدخلها القياس، فيجب المحافظة على اللَّفظ الذي وردت به وهذا اختيار المازري.

قال: فيقتصر فيه على اللَّفظ الوارد بحُروفه، وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف، ولعله أوحى إليه بهذه الكلمات فيتعيَّن أداؤها بحروفها ".

ورواه منصور بن المعتمر، عن سعد بن عبيدة عن البراء".

قال الحافظ بن حجر: كذا قال الأكثر وخالفهم إبراهيم بن طهمان فقال: عن منصور عن الحكم عن سعد بن عبيدة زاد في الإسناد الحكم، أخرجه النسائي، وقد سأل ابن أبي حاتم عنه أباه فقال:

هذا خطأ ليس فيه الحكم فهو من المزيد في متَّصل الأسانيد".

ص: 840

923 -

[3396]"وَآوَانَا" قال النووي: " قيل: معناه هنا رحمنا، وقوله: " فكمْ ممَّن لا كافي له ولا مُؤوِي " أي لا رَحم له ولا عاطف عليه ".

وقال المظهري: " الكافي، والمؤوي هو الله تعالى، يكفي بعض الخلق شر بعض، ويهيِّى لهم المأوى، والمسكن ".

ص: 841

924 -

[2399]"يتوسد يمينه" أي يجعلها تحت رأسه.

ص: 841

925 -

[3401]"فلينفضه بصنفة إزاره" بفتح الصَّاد المهملة،

ص: 841

وكسر النون طرفه مما يلي طُرَّته.

"فإنه لا يدري ما خلفه عليه". قال في النِّهاية: " لعلَّ هامَّةً دبَّت فصارت فيه بعده، وخِلاف الشيء: بعده ".

ص: 842

926 -

[3402]"نَفثَ فيهِمَا".

قال في النِّهاية: " النَّفث بالفم شبيه بالنَّفْخ وهو أقلُّ من التَّفْل؛ لأنَّ التَّفْل لا يكون إلَاّ ومعه شيءٌ من الرِّيق ".

ص: 842

927 -

[3407]"يَهُبَّ" أيْ يستيقظ.

ص: 842

928 -

[3408]"مَجلَ يديْهَا" قال في النِّهاية: "يقال: مَجَلَت يدُه، تمْجُل، مَجْلاً، ومجِلت إذا ثَخُنَ جِلْدُهَا وتعجَّر، وظهر منها ما يُشْبِه البَثْر من العمل بالأشياى الصُّلبة الخَشِنَة".

ص: 843

929 -

[3410]"خَلَّتَانِ" أي خصلتان.

ص: 843

"لا يُحْصِيهِمَا" أي لا يحافظ عليهما.

ص: 844

930 -

[3412]"مُعَقِّبَاتٌ لا يَخيبُ قَائِلهُنَّ".

قال في النِّهاية: " سُمِّيَتْ مُعَقَّبات لأنها عاودتْ مرَّة بعد مرَّة، أو لأنها تقال عقِب الصَّلَاةِ، والمُعَقِّب من كل شيءٍ: ما جاءَ عَقِبَ مَا قَبْلَهُ ".

ص: 844

931 -

[3414]"من تَعَارَّ" قال في النِّهاية: " أي استيقظ، ولا يكُون إلَاّ يقظةً مع كلامٍ.

وقيل: تمطَّى وأنَّ ".

ص: 845

932 -

[3416]"فأسْمَعُهُ الهَوِيَّ من اللَّيلِ" قال في النِّهاية:

"الهَوِي بالفتح: الحينُ الطَّويل من الزَّمانِ، وقيل: هو مُخْتَصٌّ باللَّيلِ".

-3417 "الحَمْد للهِ الَّذِي أَحْيَا نَفْسِي بَعْدَ مَا أَمَاتَهَا".

ص: 845

قال في النِّهاية: " سمَّى النَّوم موتًا، لأنه يزول معه العقل والحركةُ، تمثيلاً، وتشبيهًا لا تحقيقًا. وقيل: الموت في كلام العرب يطلق على [السكون] ".

ص: 846

934 -

[3419]"وتَلُمَّ بِهَا شَعْثِي" أي تجمع بها ما تفرق من

ص: 846

أمري.

"كما تجير بين البحور" أي تفصل بينهما وتمنع أحدها من الاختلاط بالآخر والبغي عليه.

"وَمن دعوة الثُّبُور". قال في النِّهاية: " هو الهلاك ".

"اللَّهمَّ ذَا الحَبْلِ الشَّدِيدِ" قال في النِّهاية: " هكذَا يرويه المحدِّثُون بالباء الموحدة، والمراد به القرآن، أو الدِّين أو السَّببُ. ومنه قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} . وصفَه بالشِّدَّة لأنها من صفات الحِبال، والشِّدة في الدِّين، الثَّبات والاستقامة. وقال الأزهري: "الصَّواب الحيْل بالياء [المثناه] التحتية، وهو القوَّة، يقال: حَوْل وَحَيْل، بمعنى ".

"سِلمًا" أي صلحًا.

"سبحانَ الَّذِي تَعَطَّفَ بالعِزِّ". قال في النِّهاية: " أي تردَّى بالعِزِّ العِطاف والمِعْطَفُ: " الرَّداءُ، وقد تعطَّفَ به، وتعطَّفَهُ، وسمَّى عِطافًا لوُقُوعِهِ على عطفي الرَّجل، وهما ناحِيَتَا عُنُقه، والتَّعطُف في حقِّ الله مجازٌ يُرادُ بهِ الاتِّصاف، كأنَّ العِزَّ شَمِلَهُ شُمُول الرِّداء".

"وقال به" أي أحبه، واختصَّه لنفسه، كما يقال: فلان يقول بفلان، أي: بمحبته، واختصاصه، وقيل: معناه حكم به، فإنَّ القول

ص: 847

يستعمل في معنى الحكم. وقال الأزهري: معناه: غلب به".

ص: 848

935 -

[3426]"من قال، يعْنِي إِذا خرجَ مِنْ بَيتِهِ: بسم الله توكَّلتُ على الله، لا حول ولا قُوَّةَ إِلَاّ باللهِ".

"يقال له كفيت ووقيت، وتنحى عنه الشيطان".

قال الطيبي: " فيه، لف، ونشر، فإنَّ العبد إذا استعان بالله، وباسمه المبارك فإنَّ الله يهديه، ويرشدُهُ، ويعينه في الأمُور الدينيَّة، والدنيوية وإذا توكل على الله، وفوَّض أمره إليه كفاه فيكون هو حسبه {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ، ومن قال: " لا حول ولا قوَّة إِلَاّ بالله " وقاه الله شرَّ الشيطان، ولا يسلط عليه.

ص: 848

936 -

[3428] "مَن دخل السُّوق فقَالَ:

الحديث".

ص: 848

قال الطيبي: " إنما خصَّ السوق بالذِّكر؛ لأنه مكان الاشتغال عن الله وعن ذكره بالتجارة، والبيع، والشراء، فمن ذكر الله تعالى فيه دخل في زمرة من قيل في حقه: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} ".

ص: 849

937 -

[3431]"إلَاّ عُوفِي من ذلك البلاء كائنًا ما كان".

قال الطيبي: " هو حال من الفاعل هذا [هو الوجه] " وذهب المظهري: إلى أنه حال من المفعول.

ص: 849

938 -

[3433]"فكثُر فيهِ لغَطُهُ".

ص: 849

قال التُورَبشتِي: "اللَّغط -بالتحريك-[الصَّوت] وأراد به الهزا من القول، وما لا طائل تحته من الكلام، فأحل ذلك محل الصَّوت العرِّي عن المعنى".

ص: 850

339 -

[3438]"اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ".

ص: 850

قال التُوربشتي: " الصَّاحب هو الملازم وأراد بذلك مصاحبة الله إيَّاه بالعناية، والحفظ، والاستئناس بذكره، والدفاع لما ينوبه من النوائب ".

"والخَليفةُ في الأَهْلِ" ينوب الخليفة هو الذي عن المستخلف، يعني: أنت الذي أرجوه وأعتمد عليه في سفري، وغيبتي عن أهلي، بأن يكُون معيني وحافظي، وأن تلم شعثهم، وتداوي سقمهم، وتحفظ عليهم دينهم، وأمانتهم ".

"اللَّهمَّ اصْحَبْنَا بِصحْبته، وأقْلِبْنَا بِذِمَّة". قال في النِّهاية:

"أي: احفظنا بحفظِك في سفَرِنَا وَأَرْجعْنَا بأَمَانِكَ، وعهدِك إِلَى بلدنا".

"أَزْوِ" أي أطو.

"من وَعْثَاءِ السَّفَرِ" أي شدَّته ومشقته، وأصله من الوعث وهو الرَّمل.

والمشي فيه يشتد على صاحبه، ويشق عليه ووقع في رواية المستدرك:"من وعثا السفر" قال أبو زرعة: وكان أبو هريرة رجلاً عربيًا،

ص: 851

لو أراد أن يقول "وعثاء السفر" لقال.

"وكآبَةِ المنقلَبِ" الكآبة: تغير النفس بالإنكاد من شِدَّة الغم، والحزن؛ المعنى أن يرجع من سفره بأمرٍ يحزنه إما إصابة في سفره، وإما قدم عليه، مثل أن يعُود غير مقضي الحاجة، أو أصابت ماله آفة، أو يقدم على أهله فيجدهم مرضى أو قد فقد بعضهم.

ص: 852

940 -

[3439]"ومَن الحَوْر بعْد الكَوْر".

قال في النِّهاية: "أي من النُّقصان بعد الزِّيادة، وقيل من فساد أمورنا بعد صلاحها. وقيل من الرُّجُوع عن الجماعة بعد أن كان منهم، وأصله من نَقْضِ العِمَامَة بعد لفِّها". ويروى: " الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْنِ ".

قال الزمخشري في الفائق: " أي الرجوع بعد الحُصول على حالة جميلة يريد التراجع بعد الاقبال ".

ص: 852

941 -

[3440]" آيِبونَ، عابِدُون، لرَبِّنَا حَامِدُونَ ".

ص: 852

قال الطيبي: "يجُوز أن يتعلق "لربنا" بقوله: " عابدُون "؛ لأنَّ عمل اسم الفاعل ضعيف فيقوي، أو بـ "حامدون" ليفيد التخصيص أي نحمد ربنا لا نحمده غيره، قال: وهذا أولى؛ لأنه كالخاتمة للدعاء ".

ص: 853

942 -

[3441]"أوضَعَ رَاحِلَتَهُ" أي حملها على سُرعة السَّير.

ص: 853

943 -

[3445]"على كُلِّ شَرفٍ" أي مكان مرتفع.

ص: 853

944 -

[3456]"غيرُ مُودَّعٍ" قال في النِّهاية: " أي غير متروك الطَّاعة، وقيل: هو من الوداع وإليه يرجع ".

"ولا مُسْتغنًى عنْه رَبُّنا". قال في النِّهاية: " بالنصب على النداء، والرفع على الابتداء، المؤخر؛ أي ربنا غير مودع، ويجوز أن يكون الضمير للحمد؛ أي ولا يستغنى عن الحمد ".

ص: 854

945 -

[3462]"وأنَّها قِيعَانٌ" جمع قاع وهو المستوى من الأرض.

ص: 854

"وأَنَّ غِراسها سُبْحَان اللهِ والحَمْدُ للهِ ولا إله إلَاّ الله، والله أَكْبَرُ".

قال الطيبي: " في هذا إشكال؛ لأنَّ ظاهره يدل على أنَّ أرض الجنة خالية عن الأشجار، والقُصُور، وقوله تعالى:{أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) } يدل على أنها غير خالية، لأنها إنما سُمِّيت جنة لأشجارها المتكاثفة، المظلة بالتفاف أغصانها وتركيب الجنة دائر على معنى الستر، وأنها مخلوقة معدة للمتَّقين.

قال: والجوابُ: أنها كانت قيعانًا، ثم إنَّ الله تعالى أوجد بفضله، وسعة رحمته، فيها أشجارًا وقصُورًا على حسب أعمال العاملين، لكل عامل ما يختص بحسب عمله، ثم إنَّ الله لما يسره لما خلق له من العمل لينال به ذلك الثواب، جعله كالفارس لتلك الأشجار على سبيل المجاز إطلاقًا للسبب على المسبب ".

ص: 855

946 -

[3467]"كلمتَانِ خَفِيْفَتَانِ علَى اللِّسانِ ثَقِيلَتَانِ في الميزان".

قال الطيبي: " الخفة، مستعارة من السُهُولة، شبه سُهُولة جريان الكلمتين على اللِّسان بما يخفف على الحامل من بعض الأمتعة، فلا يتعبه كالشيء الثقيل، فذكر المشبه به وأراد المشبه، وأما الثقل فعلى

ص: 855

الحقيقة عند علماء أهل السنة؛ إذ الأعمال تتجسَّم حينئذٍ".

ص: 856

347 -

[3468]"وإنْ كَانَتْ أكثر من زَبَدِ البَحْرِ".

قال الطيبي: " هذا وأمثاله، نحو: " ما طلعت عليه الشمس كنايات عبر بها عن الكثرة عرفًا ".

ص: 856

948 -

[3474]" من قال في دُبُر صلاةِ الفَجْرِ، وهُوَ ثاني رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّم، لا إِلهَ إلَاّ الله وحده لا شريكَ لَة، لَهُ المُلكُ، ولهُ الحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كلِّ شيءٍ قَدِيرٌ عشْرَ مَرَّاتٍ "،

ص: 856

949 -

[3475]"لقد سأل الله باسمه الأعظم".

قال المظهري: "قيل الاسم الأعظم هنا بمعنى العظيم، وليس أفعل التفضيل؛ لأنَّ جميع أسمائه عظيم، وليس بعضها أعظم من بعض.

وقيل: بل هو للتفضيل؛ لأنَّ كل اسم فيه أكثر تعظيمًا لله فهو أعظم من الرَّحيم، والله أعظم من الرَّب، فإنه لا شريك له في تسميته به لا بالإضافة، ولا بدونها. وأما الرَّب فيضاف إلى المخلوقات، كما يقال: رب الدار".

"الذي إذَا دُعِي به أجاب، وإذا سئِلَ به أعطى".

قال الطيبي: " فإن قلت ما الفرق بين الجملة الأولى، والثانية؟

قلتُ: الأولى أبْلغ؛ فإنَّ إجابة الدعاء تدل على شرف الداعي

ص: 857

ووجاهته عند المجيب فيتضمَّن أيضًا قضاء حاجته بخلاف السؤال".

ص: 858

950 -

[3479]"ادْعُوا الله وَأَنْتُمْ مُوْقِنُونَ بِالإجَابِة".

قال التوربشتي: " فيه وجهان:

أحدهما أن يقال: كونوا أوان الدعاء على حالة تستحقون فيها الإجابة، وذلك بإتيان المعروف، واجتناب المنكر، وغير ذلك من مراعاة أركان الدعاء، وآدابه، حتى تكون الإجابة على قلبه أغلب من الرد.

والثاني: ادعُوهُ معتقدين لوقوع الإجابة، لأنَّ الداعي إذا لم يكن متحققًا [في الرجاء] لم يكن رجاؤه صادقًا، وإذا لم يكن رجاؤه صادقًا لم يكُن الدُعاء خالصًا، والداعي مخلصًا، فإنَّ الرجاء هو الباعث على الطلب، ولا يتحقق الفرع إلَاّ بتحقق الأصل ".

ص: 858

951 -

[3484]"وَضَلَعِ الدَّيْنِ" بالتحريك، قال في الغريبين:

ص: 858

"يعني ثقله حتى يميل بصاحبه عن الاستواء، والاعتدال، والضلع الاعوجاج".

"وغلبة الرِّجالِ".

قال التوربشتي: "كأنه يريد به هيجان النفس من شدَّة الشبق، وإضافته إلى المفعول أي يغلبهم ذلك إلى هذا المعنى بسبق فهمي، ولم أجد في تفسيره نقلاً".

وقال الطيبي: " أي قهرهم للدائن وغلبتهم عليه بالتقاضي، وليس له ما يقضي دينه فإضافته إلى الفاعل ".

ص: 859

952 -

[3492]"ومن شرِّ مَنِييِّ".

ص: 859

قال المظهري: " أي من شر غلبة منيي حتى لا أقع في الزنا، والنظر إلى المحارم ".

ص: 860

953 -

[3497]"لِيَعزِم المسألَةَ" أي يجزمها، ويقطعها.

ص: 860

954 -

[3499]["أيّ الدعاء أسمع، قال: جوف اللَّيل الآخر"] .

ص: 860

955 -

[3502]"اللَّهمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ".

ص: 860

قال البيضاوي: " أي اجعل لنا قسمًا ونصيبًا قال، وقوله: " ومن اليقين ما تهوِّن علينا مُصيبات الدنيا" أيْ ارزقنا يقينًا بك، وبأن لا مرد لقضائك، وقدرك وأن لا يصيبنا إلَاّ ما كتبه علينا، وأنَّ ما قدرته لا يخلو عن حكمة، ومصلحة، واستجلاب مثوبة تهون به مُصيبات الدنيا.

"وَمَتِّعْنَا بِأَسمَاعِنَا، وَأَبْصَارِنَا، وَقُوَّتِنَا، مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا".

قال: الضمير في "اجعله" للمصدر كما في قولك: زيدٌ أظنه منطلق، أي اجعل الجعل. و"الوارث" هو المفعول الأول، و"منَّا" في موضع المفعول الثاني، على معنى واجعل الوراث من نسلِنَا، لا كلالة عنَّا، كما قال تعالى، حكاية عن دعوة زكريا:{فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ} وقيل: الضمير للتمتع الذي دل عليه، ومتِّعنا، ومعناه: اجعل تمتعنا بها باقيًا عنَّا مورُوثًا لمن بعدنا، أو محفوظًا لنا إلى يوم الحاجة.

وهو المفعول الأول، "والوارث" مفعول ثان، و"منَّا" صلة له.

وقيل: الضمير لما سبق من الأسماع، والأبصار، والقوة، وإفراده، وتذكيره على تأويل المذكور، كما في قول رؤبة:

فيها خطوط من سواد وبلق

كأنه في الجلد توليع البهق

والمعني بوراثتها لزومها له عند موته لزوم الوارث له.

ص: 861

"واجعل ثَأرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا" أي: مقصورًا عليه، ولا تجعلنا ممن تعدَّى في طلب ثأره فأخذ به غير الجاني، كما كان معهودًا في الجاهلية، أو اجعل إدراك ثأرنا على من ظلمنا فندرك منه ثأرنا.

"ولا تجعل مُصيبتنا في ديننا"

قال المظهري: "أي لا تصيبنا بما ينقص ديننا من أكل الحرام أو اعتقاد سوء، أو فترة في العبادة".

"وَلَا تَجعلِ الدُّنيا أكبرَ هَمِّنَا"

قال الطيبي: " فيه أنَّ قليلاً من الهمِّ مما لا بد منه من أمر المعاش مرخص، بل مستحب ".

"ولا تُسلِّطْ علينا من لا يَرْحَمُنَا".

قال الطيبي: "أي لا تجعلنا مغلوبين للظلمة، والكفار".

ويحتمل أن يراد لا تجعل الظالمين علينا حاكمين فإنَّ الظالم لا يرحم الرعية".

ويحمل: "من لا يرحمنا" على ملائكة العذاب في القُبُور وفي النَّارِ.

ص: 862

956 -

[3507]"إِنَّ لله تسعة، وتسعين اسمًا، مائة غير واحد"

ص: 862

قال الرافعي في أماليه: " إنما قال مائة غير واحد لئلا يتوهم أنه على التقريب، وفيه فائدة رفع الاشتباه، فقد يشبه في الخط تسعة وتسعين، بسَبْعَة وسبعين ".

"من أحصاها دخل الجنة".

ص: 863

قال الخطابي: الإحصاء في هذا يحتمل وجوهًا:

أحدها: أن يعدَّها حتى يستوفيها؛ يريد أنه لا يقتصِر على بعضها لكن يدعُو الله بها كلهَا ويثني عليه بجميعها فيسْتَوْجب الموعُود عليها من الثواب.

الثاني: المراد بالإحصاء، الإطاقة، كقوله تعالى:{عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} حديث: "استقيمُوا، ولن تحصُوا" أي تبلغوا كنه الاستقامة، والمعنى من أطاق القيام بحق هذه الأسماء، والعمل بمقتضاها، وهو أن يعتبر معانيها، فيلزم نفسه بواجبها، فإذا قال: الرزَّاق، وثق بالرزق، وكذا سائر الأسماء.

الثالث: المراد الإحاطة بمعانيها من قول العرب: فلان ذو حصَافة؛ أي: [ذُو] عقل، ومعر فة. انتهى.

قال ابن الجوزي في غريب الحديث: "فيه خمسة أقوال:

أحدها: من استوفاها حفظها.

والثاني: من أطاق العمل بمقتضاها، مثل: أن يعلم أنه سميع، فيكف لسانه عن القبيح، وأنه حكيم، فيُسلِّم لحكمته.

والثالث: من عقل معانيها.

ص: 866

والرابع: من أحصاها علمًا وإيمانًا، قاله الأزهري.

والخامس: أن يكون المعنى من قرأ القرآن حتى يختمه لأنها فيه، زاد في النهاية.

وقيل: من استخرجها من كتاب الله، وأحاديث رسوله، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يعدَّها لهم، إلَاّ ما جاء في روايةٍ عن أبي هريرة وتكلَّموا فيها، وقيل: أراد من أخطر ببَاله عند ذكرها معناهَا، [وتفكَّر] في مَدْلُولَهَا مُعَظِّمًا لمُسَمَّاها، ومُقَدِّسًا ومعتبرًا بمعانيها، ومُتَدَبِّرًا، راغبًا فيها وراهبًا".

وقال القرطبي: " المرجو من كرم الله تعالى أنَّ من حصل له إحصاء هذه الأسماء على إحدى هذه المراتب مع صحة النية أنه يدخل الجنة، وقال النووي: " معنى أحصاها حفظها هكذا فسَّره البخاري، والأكثرون، ويؤيِّده أنه ورد في رواية في الصحيح:"من حفظها دخل الجنة".

قال الطيبي: " أراد بالحفظ القراءة بظهر القلب، وقد اختلف في هذا العدد هل المراد به حصر الأسماء في هذه العِدَّة، أو أنها أكثر من ذلك ولكن اختصَّت هذه بأنَّ من أحصاها دخل الجنَّة.

ص: 867

فذهب الجمهور إلى الثاني، ونقل النووي اتفاق العلماء [عليه] قال: فالمراد الإخبار عن دخول الجنة [بإحصائها] لا الإخبار

ص: 871

بحصر الأسماء، وأما الحكمة في القصر على العدد المخصوص، فذكر الفخر الرازي عن الأكثر أنه تعبد لا يعقل معناه، كما قيل في عدد الصلوات، وغيرها.

وقال أبو خلف محمَّد بن عبد الملك الطبري: "إنما خصَّ هذا العدد إشارة إلى أنَّ الأسماء لا تؤخذ قياسًا وقيل: الحكمة فيه أنَّ معاني الأسماء ولو كانت كثيرة جدًا موجودة في التسعة والتسعين المذكورة، وقيل: الحكمة فيه أنَّها في القرآن، كما في بعض طرقه، وقال قوم: الأسماء الحسنى مائة على عدد درجات الجنَّة استأثر الله منها بواحد وهو الاسم الأعظم، فلم يطلع عليه أحدًا فكأنه قيل: مائة، لكن واحد منها عند الله.

وقال بعضهم: ليس الاسم الذي يكمل المائة مخفيًا بل هو الجلالة، وبه جزم السهيلي فقال: الأسماء الحسنى مائة على عدد درجات الجنة الذي يكمل المائة الله، ويؤيِّده قوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} فالتسعة والتسعون لله فهي زائدة عليه وبه يكمل المائة" انتهى.

ص: 872

وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة، قال الحافظ ابن حجر، رواه عن أبي هريرة أيضًا همَّام بن منبه عند مسلم، ومحمَّد بن سِيرين عنده، وأبو سلمة بن عبد الرَّحمن عند أحمد، وابن ماجه، وعطاء بن يسار وسعيد المقبري وسعيد بن المسيب وعبد الله بن شقيق، ومحمَّد بن جبير بن مطعم، والحسن البصري، أخرجها أبو نعيم،

ص: 873

وعراك بن مالك عند البزار وغيره، وذكر ابن عطية في تفسيره أنه تواتر عن أبي هريرة، فقال: لم يتواتر الحديث من أصله وإن خرج في الصحيح، ولكنه تواتر عن أبي هريرة:{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} .

قال الطيبي: هو مبتدأ، "الله" خبره، "لا إله إلَاّ هو" صفته، و"الرَّحمن" إلى آخره خبر بعد خبر، والجملة مُستأنفة، إما لبيان كمية تلك الأعداد أنها ما هي في قوله:"إنَّ لله تسعةً وتسْعِيْنَ اسمًا" وذكر الضمير نظر إلى الخبر، وإما بيان لكيفيَّة الإحصاء في قوله:"من أحصَاهَا دَخَلَ الجنَّةَ" وأنه كيف يحصى فالضمير راجع إلى المسمى الدال عليه قوله: " الله " كأنه لما قيل: "إنَّ لله تسعةً وتسعِيْنَ اسمًا" سئل وما تلك الأسماء، فأُجِيبَ: هو الله [ولما قيل من أحصاها دخل الجتة سئل كيف يحصيها فأجيب هو الله] فعلى هذا يكون الضمير ضمير الشأن، والله مبتدأ، وقوله:"الَّذِي لا إلهَ إلَاّ هوَ" خبر، والجملة خبر الأول، ويجوز أن يكون الرَّحمن خبره والموصُول مع الصلة صفة الله:

ص: 874

" {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} " اسمان بنيا للمبالغة من الرَّحمة، وهي في اللغة رقة قلب وانعطاف يقتضي التفضل، والإحسان على من رق له، وأسماء الله تعالى وصفاته إنما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المباديء التي تكون انفعالات، فرحمة الله للعباد إما إرادة الإنعام عليهم ودفع [ضرِ] الضرر عنهم فتكون الإسمان من صفات الذات، أو نفس الإنعام، والدفع فيعودان إلى صفات الأفعال،

ص: 875

والرَّحمن أبلغ من الرَّحيم لزيادة بنائه.

"الملك" معناهُ ذو الملك، وهو إذا كان عبارة عن

ص: 876

القدرة على التصرف كان من صفات الذات، كالقادر، وإذا كان عبارة عن التصرف في الأشياء بالخلق والإبداع والإماتة، والإحياء، كان من أسماء الأفعال كالخلق، وعن بعض المحققين "الملك" هو الغني مطلقًا في ذاته وفي صفاته عن كل ما سواهُ، ويحتاج إليه كل ما سواه.

"القُدُّوسُ" فعول من القدس، وهو الطهارة، والنزاهة ومعناهُ المنزه عن سمات النقص، وموجبات الحدوث بل المبرَّأ أن يدركه حس، أو يتصوره خيال، أو يسبق إليه وهم، أو يحيط به عقل وهو من أسماء التنزيه.

ص: 877

"السَّلام" مصدر نعت به، والمعنى ذو السلام من كل آفة،

ص: 878

ونقيصة، أي الذي سَلم ذاته عن الحُدُوث والعيب، وصفاته عن النقص، وأفعاله عن الشرِّ المحض، فإن ما تراه من الشرور فهي مقضيَّة لا لأنها كذلك بل لما يتضمَّنه من الخير الغالب الذي يؤدي تركه إلى شر عظيم، فالمقتضي، والمفعول بالذات هو خير، والشر داخل تحت القضاء، وعلى هذا يكون من أسماء التنزيه.

والفرق بينه وبين القدوس، أنَّ القدوس يدل على براءة الشيء من نقص تقتضيه ذاته وتقُوم به فإنَّ القدس، طهارة الشيء في نفسه ولذلك جاء الفعل منهُ على فعُل بالضم، و"السلام" يدل على نزاهته عن نقص يعتريه لعروض آفه، أو صدور فعْل، ويقرب منه ما قيل:" القدُّوس " فيما لم يزل وَالسلام فيما لا يزال، وقيل: معناه: مالك تسليم العباد، من المخاوف، والمهالك، فيرجع إلى القدرة، فيكون من صِفات الذات، وقيل ذُو السلام على المؤمنين في الجنان كما قال تعالى:{سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58) } فيكون مرجعه إلى الكلام القديم.

ص: 879

"المؤمن" هو في الأصل الذي يجعل غيره آمنًا، ويقال:

ص: 882

للمصدق من حيث أنه جعل الصِّدق أمنًا من التكذيب، والمخالفة، وإطلاقه على الله تعالى باعتبار كل واحدٍ من المعنيين صحيح فإنه تعالى المصدق بأنَّ صدق رسله، بقوله: الصِّدق فيكون [مرجعه] إلى الكلام أو بخلق المعجزات، وإظهارها عليهم فيكون من أسماء الأفعال، وقيل: معناه الذي آمن البريَّة بخلق أسباب الأمان، وسد أبواب المخاوف، وإفادة آلاتٍ يدفع بها المضار فيكون أيضًا من أسماء الأفعال، وقيل: معناه؛ أنه يؤمن عباده الأبرار يوم العرض من الفزع

ص: 883

الأكبر إما بقول مثل: {أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) } ، أو بخلق الأمن، والطمأنينة فيرجع إلى الكلام، أو الخلق.

"المُهَيْمِنُ" الرقيب المبالغ في المراقبة والحفظ.

من قولهم: هيمن الطائر إذا نشر جناحه على فرخه صيانة له هكذا قاله الخليل.

فإن قيل: كيف يجعله مُرادفًا "للرقيب" والمستفاد من أحد المترادفين غير المستفاد من الآخر فلا يكون في إحصاء المباني فائدة لأنَّ

ص: 884

فضيلة هذه الأسامي لما تحتها من المعاني فإذا دلَّ عليه بلفظ لم يكن للدلالة عليه بلفظ آخر مزيد فضل.

قلتُ لا أجعله مُرادفًا إذ في "المهيمن" من المبالغة باعتبار الاشتقاق، والزنة ما ليس في الرقيب فهما كالغافر والغفور، والرَّحمن والرَّحيم، ومعناه الشاهد؛ أي العالم الذي لا يعزب عنه مثقال ذرَّة فيرجع إلى العلم والذي يشهد على كل نفس بما كسبت فيرجع إلى القول، وقيل: أصْلُهُ مُؤتمن فقلبت الهمزة هاء كما قلبت في هرقت، وهناك، ومعناه الأمين الصَّادق وعده.

وقيل: هو القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم، وآجالهم، فيرجع إلى القدرة.

قال الغزالي: " المهيمن " اسم لمن استجمع ثلاث خصال، العلم بحال الشيء، والقدرة التَّامة على مراعاة مصالحه، والقيام عليها، وهو كالشرح، والتفصيل للقول الأول، فإنَّ المراقبة، والمبالغة في الحفظ إنما تتم بهذه الثلاثة، وإن صحَّ وصفهُ لهذا كان من الأسماء المركبة من صِفات المعنى، والفِعل.

"العزيز" الغالب من قولهم عزَّ إذا غلب، ومرجعه إلى القدرة

ص: 885

المتعالية عن المعارضة فمعناه مركب من وصف حقيقي، ونعت تنزيهي، وقيل: القوي الشديد، مق قولهم عزَّ يعزُّ إذا قوى واشتدَّ وقيل: عديم المثل فيكون من أسماء التنزيه وقيل: هو الذي تتعذر الإحاطة بوصفه، ويعسُر الوُصول إليه.

"الجبَّارُ" بناء مبالغة من الجبر وهو في الأصل إصلاح الشيء بضرب من القهر، ثم يطلق تاره في الإصلاح المجرَّد، وتارةً في القهر

ص: 887

المجرَّد ثم تجوَّز عنه لمجرد العُلو؛ لأنَّ القهر سبب عنه، وكذلك قيل: الجبار هو المصلح لأمور العباد، والمتكفل بمصالحهم فهو إذنْ من أسماء الأفعال، وقيل: معناه حامل العباد على ما يشاء لا انفكاك لهم عمَّا شاء مِن الأخلاق والأعمال والأرزاق، والآجال فمرجعه أيضًا إلى الفعل وقيل: معناه المتعالي عن أن يناله كيد الكائدين ويؤثر فيه قصد القاصدين فيكون مرجعه إلى التقديس، والتنزيه.

ص: 889

"المُتَكبِّر" وهو الذي يرى غيره بالإضافة إلى ذاته، نظر المالك إلى عبده وهو على الإطلاق لا يتصوَّر إلَاّ لله تعالى، فإنه المتفرد

ص: 890

بالعظمة، والكبرياء بالنسبة إلى كل شيء من كل وجه، ولذلك لا يطلق على غيره إلَاّ في معرض الذم.

فإن قيل هذا اللَّفظ من باب التفعل ووضعه للتكلف في إظهار ما لا يكون فينبغي أن لا يطلق على الله تعالى.

قلتُ: لما تضمَّن التكلف بالفعل مبالغة فيه أطلق اللَّفظ، وأريد به مبالغة، ونظير ذلك فيه شائع في كلامهم مع أنَّ التفعل جاء لغير التكلف كثيرًا كالتعمُّم، والتقمُّص.

" {الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} " قيل: أنها أسماء مترادفة وهو

ص: 891

وهم، فإنَّ الخالق من الخلق وأصْلُهُ التقدير المستقيم، ويستعمل بمعنى الإبداع، وهو إيجاد الشيء من غير أصله، لقوله تعالى:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} وبمعنى التكوين، كقوله تعالى:{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} ، وقوله:{وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} . " والباري ".

ص: 893

من البراء، وأصله خلوص الشيء من غيره إمَّا على سبيل التقصِّي منه، وعليه قولهم: برىء فلان من مرضِه، والمديُون من دينه، واستبرأت الجارية رحمها، وإما على سبيل الإنشاء، ومنه: برأ الله النسمة وهو الباريء لها، وقيل: البارى هو الذي خلق الخلق بريئًا من التفاوت، والتنافر المخلين بالنظام الكامل، وهو أيضًا مأخوذ من معنى التقصِّي.

"والمصور" مبدع صُوَر المخترعات، ومزيِّنها

ص: 894

ومرقبها فإنَّ الله سُبحانه خالق كل شيء، بمعنى أنه مقدِّره، ومُوجده من أصله، ومن غير أصل، وباريه بحسب ما اقتضته حكمته، وسبقت به كلمته من غير تفاوُت، واختلال، ومُصَوره بصُورة يترتب عليها خواصه،

ص: 895

ويتم بها كماله، وثلاثتها من أسماء الأفعال، اللَّهمَّ إلَاّ إذا فسِّر الخالق بالمقدِّر فيكون من صفات المعاني لأنَّ مرجع التقدير إلى الإرادة وإن فسِّر الخالق بالمقدر فوجه الترتيب ظاهر لأنه يكون التقدير أولاً، ثم الإحداث على الوجه المقدر ثانيًا، ثم التسوية، والتصوير ثالثًا.

وإن فسر بالموجد، فالإسمان الآخران كالتفصيل له فإنَّ الخالق هو الموجد بتقدير، [واختيار] سواء كان الموجد مادَّة، أو صُورة، ذاتًا، أو صِفة.

"الغفَّار" "في الأصل بمعنى الستَّار، من الغفر، بمعنى ستر الشيء بما يصونه، ومنه المِغْفَرُ، ومعناهُ أنه يستر القبائح، والذنوب بإسبال الستر عليها في الدنيا، وترك المؤاخذة بالعفو عنها في العقبى، ويصون العبد من أوزارها، وهو من [أسماء] الأفعال، وقد جاء التوقيف

ص: 896

في التنزيل بالغفار، والغفور. والغافر. والفرق بينها، أنَّ الغافر يدُل على اتصافه بالمغفرة مُطلقًا، والغفَّار، والغَفُور يدلَاّن عليه مع المبالغة، والغفار أبلغ لما فيه من زيادة الثناء، ولعلَّ المبالغة في الغفور، باعتبار الكيفية، وفي الغفار باعتبار الكميَّة وهو قياس المشدد للمبالغة في النعوت، والأفعال، وقال بعض الصَّالحين: أنه غافر لأنه يزيل معصيتك من ديوانك، وغفور لأنه ينسِي الملائكة أفعالك، وغفار لأنه ينسيكَ ذنبك حتى كأنك لم تفعله، وقال آخر: أنه غافر لمن له علم اليقين، وغفُور لمن له عين اليقين، وغفار لمن له حق اليقين ".

"القهَّار" هو الذي لا موجود إلَاّ وهو مقهور تحت قدرته مسخر لقضائه عاجز في قبضته، ومرجعُه إلى القدرة فيكون من [صفات]

ص: 897

المعنى، وقيل هوَ الذي أذلَّ الجبابرة، وقصم ظهورهم بالإهلاك ونحوه فهو إذَنْ من أسماء الأفعال.

"الوهَّاب" كثير النَعم دائم العطاء، وهو من أسماء الأفعال.

ص: 898

" الرزَّاق " خالق الأرزاق والأسباب الذي يتمتع بها.

"الفتَّاح" الحاكم بين الخلائق من الفتح، بمعنى الحكم،

ص: 899

ومرجعه إما إلى القول القديم، أو الأفعال المنصفة للمظلومين، من الظلمة، وقيل: هو الذي يفتح خزائن الرَّحمة على أصناف البريَّة قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} ، وقيل: معناه مبدع الفتح، والنصرة، وقيل هُو الذي فتح على النفوس باب توفيقه، وعلى الأسرار باب تحقيقه.

"العليم" بناء للمبالغة من العِلم، وهو من صِفات الذات.

ص: 900

"القابض الباسط" "مضيق الرزق على من أراد، وموسعه لمن

ص: 901

يشاء وقيل هو الذي يقبض الأرواح عن الأشباح عند الممات، وينشر الأرواح في الأجساد عند الحياة، وقيل: قبض القلوب، وبسْطها تارة بالضلال، والهدى وأخرى بالخشية، والرجاء، وهما من صِفات الأفعال، وإنما يحسُن إطلاقها معًا ليدُل على كمال القدرة، والحكمة".

"الخافض الرافع" هو الذي يخفض القسط، ويرفعه أو يخفض

ص: 902

الكفار بالخِزي، والصَّغار، ويرفع المؤمنين بالنصر، والإعزار، أو يخفض أعداءه بالإبعاد، ويرفع أولياءه بالتقريب، والإسعاد أو يخفض أهل الشقاء بالطبع، والإضلال ويرفع ذوي السَّعادة بالتوفيق، والإرشاد وهما من صِفات الأفعال".

"المُعِزُّ، المُذل" الإعزاز جعل الشيء ذا كمال يصير بسببه مرغوبًا فيه، قليل المثال والإذلال جعله ذا نقيصة بسببها، يرغب عنه

ص: 904

ويسْقط عن درجات الاعتبار.

"السميع البصير""هما من أوصاف الذات، والسمع؛ إدراك المسْمُوعات حال حدوثَهَا، والبَصر إدراك المبصرات حال وجُودها، وقيل أنهما في حقه تعالى صِفتان تنكشف بهما المسْمُوعَات، والمبصرات انكشافًا تامًّا، ولا يلزم من افتقار هذين النوعين مِن الإدراك فينا إلى آلة افتقارهما إليه بالنسبة إلى الله تعالى لأنَّ صفاته تعالى مخالفة لِصفات المخلُوقين بالذات وإن كانت تشاركها فإنما تشاركها بالعوارض، وفي بعض اللوازم ألا ترى أنَّ صفاتنا عارضة، معرضة للآفة، والنقصان وصفاته تعالى مقدسة عن ذلك".

"الحكم" "الحاكم الذي لا مردَّ لقضائه، ولا معقِّب لحكمه،

ص: 905

ومرجعُه إلى القول الفاصل بين الحق، والباطل، والبر، والفاجر، والمبين لكل نفس جزاء ما عملت من خير أو شر، وإما إلى الفِعل الدال على ذلك كنصْب الدلائل، والأمارات الدالة عليه".

"العدل" معناه البالغ في العدل، وهو الذي لا يفعل إلَاّ ما له فعله، مصدر به للمبالغة، وهو من صفات الأفعال".

"اللطيف" قيل: معناه الملطف، أي المحسن، الموصل

ص: 906

للمنافع برفع كالجميل؛ فإنه بمعنى المجمل فيكون من أسماء الأفعال، وقيل: معناه العليم بخفيات الأمُور، ودقائقها، وما لطف منها.

وقيل: هو في الأصل ضد الكثيف، ومن خواصه أن لا يحسَّ به فإطلاقه على الله تعالى باعتبار أنه متعال عن أن يحسَّ به فيكون من الصِّفات التنزيهيَّة، وعليه قوله:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} ، ثم قال:{وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) } .

العليم ببواطن الأشياء من الخبرة، وهو العِلم بالخفايا الباطنة، وقيل: هو المتمكن من الأخبار عمَّا عمله ".

"الحليم" الذي لا يستفزه غضب ولا يحمله غيظ على استعجال

ص: 907

العُقُوبة، والمسارعة إلى الانتقام وحاصله راجع إلى التنزيه عن

ص: 908

العجلة".

"العظيم" هو البالغ أقصى مراتب العظمة، وهو الذي لا يتصوَّره عقل ولا يحيط بكنهه بصيرة، وحاصلهُ يرجع إلى التنزيه، والتعالي عن إحاطة العُقُول بكنه ذاته".

"الغفُور" كثير المغفرة.

ص: 909

"الشكُور" هو الذي [يعطي الثواب] الجزيل على العمل القليل فيرجع إلى الفعل، وقيل: هو المثني على العُبَّاد، والمطيعين، فيرجع إلى القول وقيل: المُجازي عباده على شكرهم فيكون الاسم من قبيل الازدواج كما سمَّى جزاء السيِّئة، سيِّئة".

"العليُّ" معناه البالغ في علوِّ الرتبة إلى حيث لا رتبة إلَاّ وهي

ص: 910

منحطة عنه، وهو من الأسماء الإضافية.

"الكبير" معناه العالي الرتبة إما باعتبار أنه أكمل الموجُودات،

ص: 911

وأشرفها من حيث أنه أزلي، غني على الإطلاق، وما سِواه حادث بالذات نازل في حضيض الحاجة، والافتقار، وإما باعتبار أنه كبير عن مُشاهدة الحواس، وإدراك العقول، وعلى الوجهين فهو من أسماء التنزيه.

"الحفيظ" الحفظ صون الشيء عن الزوال، والاختلال إما في

ص: 912

الذِّهن، وبإزائه النسيان، وإما في الخارج، وبإزائه التضييع، والحفيظ؛ يصح إطلاقه على الله تعالى بكل واحد من الاعتبارين فإنَّ الأشياء كلها محفُوظة في علمه تعالى لا يمكن زوالها عنه بسهو أو نسيانٍ، فإنه تعالى يحفظ الموجودات، من الزوال، والاختلال ما شاء، ويصُون المتضادات بعضها عن بعض، ويحفظ على العباد أعمالهم، ويحصى عليهم أقوالهم، وأفعالهم".

"المُقِيتُ" "خالق الأقوات البدنِية والروحانية وموصلها إلى

ص: 913

الأشباح، والأرواح فهو من صِفات الأفعال، وقيل: هو المقتدر بلغة قريش وقيل: الشاهد والمُطَّلع على الشيء فهو على الوجهين من صفات الذات".

"الحسيب" "الكافي في الأمور من أحسبني، إذا كفاني، فعيل،

ص: 914

بمعنى مفعل كأليم، وقيل: المحاسب يحاسب الخلائق يوم القيامة، فعيل بمعنى مفاعل كالجليس، والنديم، فمن جمعه بالمعنى الأول إلى الفعل، وبالمعنى الثاني إليه، أن جعل المحاسبة عبارة عن المكافأة وإني القول إن أريد بها السُؤال والمعاتبة، وتعداد ما عملوا من الحسنات، والسيئات، وقيل الشريف، والحسب الشرف".

"الجليل" "المنعُوت بنعوت الجلال، وهي من الصفات

ص: 915

التنزيهيَّة، كالقدوس".

"والغني" قال الإمام الرازي: الفرق بينه وبين الكبير، والعظيم؛ أنَّ الكبير اسم الكامل في الذات، والجليل؛ اسم الكامل في الصفات.

"والعظيم"؛ اسم الكامل فيهما

"الكريم" المفضل الذي يعطى من غير مسألة ولا وسيله،

ص: 916

وقيل: المتجاوز لا يستقصي في العقاب، وقيل: المقدس عن النقائص، والعُيُوب من قولهم كرائم الأموال، لنفائسها.

"الرقيب".

ص: 917

الحفيظ" الذي يراقب الأشياء ويلاحظها، فلا يعزب عنه مثقال ذرَّة.

"المُجيب" هو الذي يجيب دعوة الدَّاعي إذا دعاه ويسعف

ص: 918

السائل إذا ما التمسه واستدعاه.

"الواسع" "فسِّر بالعالم، المحيط علمه بجميع المعلومات

ص: 919

كليها، وجزئيها موجودها، ومعدومها، وبالجواد؛ الذي عمَّت نعمته، وشملت رحمته كل بر وفاجر ومؤمن، وكافر".

"وبالغني" التام الغني المتمكن مما يشاء.

وعن بعض العارفين، الواسع الذي لا نهاية لبرهانه، ولا غاية لسُلطانه، ولا حد لإحسانه.

"الحكيم" "ذو الحكمة وهو عبارة عن كمال العِلم، وإحسان العمل والإتقان فيه.

وقد يستعمل بمعنى العليم، والمحكم، وقيل هو مبالغة الحاكم فعلى الأوَّل مركب من صفتين:

أحدهما: من صفات الذات والأخرى من صِفات الأفعال، وعلى الثاني يرجع إلى القول.

"الودُود" "مبالغة الواد، ومعناه الذي يحب الخير لجميع

ص: 920

الخلائق، ويحسن إليهم في الأحوال كلها، وقيل: المحب لأوليائه وحاصِلهُ يرجع إلى إرادة مخصُوصَة".

"المجيد" "مبالغة الماجد من المَجْدِ، وهو سعة الكرم.

ص: 921

قال القشيري: "قيل هو بمعنى العظيم الرفيع القدر، فهو فعِيل بمعنى مفعل، وقيل: معناه الجزيل العطاء فهو فعيل بمعنى فاعل وكل وصف من أوصافه يحتمل معنيين فمن أثنى عليه بذلك الوصف فقد أتى بالمعنيين، وكل من قال له مجيد فقد وصفه بأنه عظيم رفيع القدر، وأنه مُحسن جزيل البِر".

"الباعث" هو الذي يبعث من في القُبُور، وقيل: باعث الرُسل

ص: 922

إلى الأمم، وقيل: باعث الهمم إلى الترقي في ساحات التوحيد، وهو من صفات الأفعال.

"الشَّهيد" "من الشهود، وهو الحضور، ومعناه العليم بظاهر الأشياء، وما يمكن مشاهدتها، كما أنَّ الخبير؛ هو العليم بباطن الأشياء،

ص: 923

وما لا يمكن الإحساس بها وقيل: مبالغة الشاهد، والمعنى أنه تعالى يشهد على الخلق يوم القيامة، وهو على الوجهين من صِفات المعاني لأنَّ مرجعه إما إلى العلم، أو إلى الكلام.

"الحق"" الثابت، وهو من صفات الذات، وقيل معناه المحق؛ أي: المظهر للحق أو الموجد للشيء حسب [ما] تقتضيه الحكمة فيكُون من صفات الأفعال ".

"الوكيل" "القائم بأمور العباد، وبتحصيل ما يحتاجُون إليه،

ص: 924

وقيل: الموكول إليه تدبير البريَّة"

"القَوي المتين" القوة، القدرة التامَّة البالغة إلى الكمال،

ص: 925

والمتانة؛ شدة الشيء، واستحكامه، ومرجعها إلى الوصف بكمال القدرة وشدتها.

"الولي" المحب الناصر، وقيل متولي أمر الخلائق.

"الحميد" المحمُود المستحق للثناء فإنه [الموصوف

ص: 926

بكل] كمال والمولي لكل نوال.

"المحصِي" العالم الذي يحصي المعلومات ويحيط بها إحاطة العاد ما يعده، وقيل: القادر الذي لا يشذ عنه شيء من المقدُورات.

"المُبدي المُعيد" المُبدي المظهر للشيء من العَدم إلى الوُجود، وهو بمعنى الخالق المنشي، والإعادة خلق الشيء بعدما عدم.

"المُحيي المميت"

ص: 927

الأحياء خلق الحياة في الجسم، والإماتة إزالتها عنه.

"الحي" ذو الحياة وهي صفة حقيقيَّة قائمة بذاته لأجلها صحَّ لذاته أن يعلم، ويقدر.

"القيُّوم" القائم بنفسه، المقيم لغيره.

ص: 928

"الواجد الماجد" الذي يجد كل ما يطلبُه، ويريده، ولا يعوزه شيء من ذلك، وقيل: الغني؛ مأخوذ من الوجد، "الماجد"؛ بمعنى المجيد إلَاّ أنَّ في المجيد مبالغة ليست في الماجد.

"الواحد" هو الذي لا ينقسم بوجه، ولا مشابهة بينه وبين غيره

ص: 929

بوجه، ووقع فِي سُنَن ابن ماجه زيادة الأحد، ولم يقع في رواية المصنف وقد ذكرت الفرق بين الواحد والأحد في التعليق الذي على سُنَنِ ابن ماجه.

"الصَّمدُ" السيد الذي يصمد إليه في الحوايج، وقيل: المنزه عن الآفات، وقيل: الذي لا يطعم، وقيل: الباقي الذي لا يزول.

ص: 930

"القادر، المقتدر" معناهما ذو القدرة إلَاّ أنَّ المقتدر أبلغ لزيادة البناء.

"المقدم، المؤخر" "هو الذي يقدم الأشياء بعضها على بعض

ص: 931

إما بالوجود كتقديم الأسباب على مسبِّباتها، أو بالشرف والقربة كتقديم الأنبياء المرسلين والصَّالحين من عباده على من عداهم، أو بالمكان كتقديم الأجسام العلوية على السفلية، والصاعدات منها على الهابطات، أو بالزمان، كتقديم الأطوار والقرون بعضها على بعض".

"الأوَّل""السابق على الأشياء كلها فإنه موجدها، ومعيدها".

"الآخر" الباقي وحده بعد أن يفنى الخلق كله.

"الظَّاهر" الجلي وجوده بآياته الباهرة.

ص: 932

"الباطن" المحتجب كنه ذاته عن نظر الخلق بحجب كبريائه.

" الوالي " الذي تولَّى الأمور، وملك الجمهُور.

"المُتَعال" البالغ في العلا والمرتفع عن النقائص.

"البر" المحسِن.

ص: 933

"التواب" القابل توبة عباده، وقيل: الذي يُيَسِّر للمُذنبِين أسباب التَّوبة ويوفقهم لها.

"المنتقم" المعاقب للعُصاة.

"العَفُوُّ" الذي يمحو السيِّئات ويتجاوز عن المعاصي وهو أبلغ

ص: 934

من الغفور؛ لأنَّ الغفران، ينبئ عن الستر، والعفو؛ ينبىء عن المحو.

"الرَّؤوف" ذو الرَّأفة، وهي شِدَّة الرَّحمة فهو أبلغ من الرَّحيم بمرتبة، ومن الرَّاحِم بمرتبتين وقيل: الفرق بين الرأفة والرَّحمة أنَّ الرأفة إحسان مبدؤه شفقة المحسِن، والرَّحمة؛ إحسان مبدؤه فاقة المحسِن إليه.

"مالك الملك"

هو الذي تنفذ مشيئته في مُلكه، تجري الأمور فيه

ص: 935

على ما يشاء لا مردَّ لقضائه ولا معقب لحكمه".

"ذُو الجلال، والإكرام" هو الذي لا شرف ولا كمال إلَاّ وهو لهُ،

ص: 936

ولا كرامة، ولا مكرمة إلَاّ وهي منه".

"المقسِط" العادل، الذي ينتصف للمظلومين ويدرأ بأس الظلمة عن المستضعفين.

"الجامع" المؤلف بين شتَّات الحقائق المختلفة.

"الغني والمغني" الذي يستغني عن كلِّ شيء لا يحتاج إليه في

ص: 937

ذاته، ولا في شيء من صِفاته.

"المُغني" الذي وفر على كل شيء ما يحتاج إليه حسب ما اقتضته حكمته، وسبقت به كلمته، فأغناه من فضله.

"المانع" الذي يدفع أسباب الهلاك والنقصان في الأبدان، والأديان.

"الضَّار، النَّافع" هما كوصف واحد، وهو الوصف بالقدرة التامَّة الشاملة فهو الذي يصدر عنه النفع، والضر، ولا خير، ولا شر، ولا نفع، ولا ضر إلَاّ وهو صادر عنه منسوب إليه.

"النور" هو الظاهر بنفسه المظهر لغيره.

ص: 938

"الهادي" هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.

"البديع" المبدع، وهو الذي أتى بما لم يسبق إليه.

ص: 939

وقيل: هو الذي لم يعهد له مثل في ذاته ولا نظير في صفاته، ومرجعه بالمعنى الأول إلى صِفات الأفعال، وبالمعنى الثاني إلى صفات التنزيه.

"الباقي" الدائم الوجود الذي لا يقبل الفناء.

"الوارث" الباقي بعد فناء الموجودات، فترجع إليه الأملاك بعد فناء الملاك، وهذا بالنظر العامي، وأما بالنظر الحقيقي فهو المالك على الإطلاق من أزل الأزال إلى أبد الآباد لم يتبدَّل ملكه ولا يزال كما قيل.

"الوارث" الذي يرث بلا توريث أحد.

ص: 940

"الباقي" الذي ليس لملكه أمد.

"الرَّشيد""الذي تساق تدابيره إلى غاياتها على سنن السداد من غير استشاره، وإرشاد، وقيل: هو المرشد فعيل بمعنى مفعل، كالأليم، والوجيع".

"الصَّبُور" الذي لا يعجَل في مؤاخذة العُصَاة ومعاقبة المذنبين.

وقيل: هو الذي لا تحمله العجلة على المنازعة إلى الفعل قبل أوانه، وهو أعم من الأوَّل.

والفرق بينه، وبين الحليم، أنَّ الصَّبُور يشعر بأنه يعاقب

ص: 941

بالآخرة، بخلاف الحليم".

"هذا حديث غريب حدثنا به غير واحد عن صفوان ابن صالح، ولا نعرفه إلَاّ من حديث صفوان بن صالح".

قال الحافظ ابن حجر: لم ينفرد به صفوان، فقد أخرجه البيهقي من طريق موسى بن أيوب النصيبي وهو ثقة عن الوليد أيضًا، [وقد روى] هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم ولا نعْلَم في كبير شيء من الروايات ذكر الأسماء إلَاّ في هذا الحديث، وقد روي آدم بن أبي إيَّاس هذا الحديثما بإسناد غير هذا عن أبي هريرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم وذكر فيه الأسماء، وليس له إسناد صحيح".

قال الحافظ ابن حجر: وقع سَرد الأسماء في رواية زُهير بن محمَّد عن موسى بن عقبة عند ابن ماجه، وهذان الطريقان

ص: 942

يرجعان إلى رواية الأعرج وفيهما اختلاف شديد في سرد الأسماء وزيادة، ونقص، ووقع سَرد الأسماء أيضًا في طريق ثالثة أخرجها الحاكم في المستدرك وجعفر الفريابي في الذكر من طريق عبد العزيز بن الحصَين عن أيوب عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة، واختلف العلماء في سَردِ الأسماء هل هو مرفُوع، أو مدرج في الخبر من بعض الرُواة، فمشى كثير منهم على الأول، وذهب آخرون إلى أنَّ التعيين مدرج لخلو أكثر الروايات عنه، ونقله عبد العزيز النخشبي عن كثير من العُلماء.

قال الحاكم -بعد تخريج الحديث من طريق صفوان بن صالح عن الوليد بن مسلم-: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه بسياق الأسماء، والعِلة فيه عندهما تفرد الوليد بن مسلم، قال: ولا

ص: 943

أعلم خلافًا عند أهل الحديث، أنَّ الوليد أوثق وأحفظ، وأجل، وأعلم من بشر بن شعيب وعلي بن عياش، وغيرهما من أصحابِ شعيب.

قال الحافظ ابن حجر: يشير إلى أنَّ بشرًا وعليًّا وأبا اليمان رووه عن شعيب بدون سياق الأسماء، فرواية أبي اليمان عند البخاري، ورواية علي عند النسائي، ورواية بشر عند البيهقي، قال: وليست العِلة عند الشيخين تفرد الوليد فقط بل الاختلاف عليه، والاضطراب، وتدليسه واحتمال الإدراج.

قال البيهقي: يحتمل أن يكون التعيين وقع من بعض الرواة في الطريقين معًا، ولهذا وقع الاختلاط الشديد ولهذا الاحتمال ترك ْالشيخان تخريج التعيين ".

ص: 944

957 -

[3510]"إذا مَرَرْتُمْ بِرياضِ الجنَّةِ فَارْتَعُوا". قال في

ص: 944

النهاية: " أراد برياض [الجنة] ، ذِكرَ الله وشبَّه الخوض فيه بالرَّتع في الخِصْب ".

"حِلَقُ الذِّكْرِ" قال في النهاية: " بكسر الحاء وفتح اللام: جمع حلقة مثل قَصْعَة وقِصَع، وَهي جماعة من الناس. يستديرون كحَلْقة الباب وَغيره.

قال الجوهري: " جمع الحَلقة حَلَق، بفتح الحاء على غير قياس " وعن أبي عمران الواحد حَلَقه بالتحريك، والجمع حَلَق بالفتح ".

ص: 945

958 -

[3511]"فليقل إِنَّا لله وإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ". قال الرافعي في تاريخ قزوين: " كلمة إنَّا لله إقرار بأنه المالك يفعَل في ملكه ما يشاء.

وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ إقرار [إليه] بالفناء، والبعث، وقيل: معناه نرجع

ص: 945

إليه ليكشف عنا مَا أصَابنا".

"فأجُرْني فيهَا" بالقصر وضم الجيم قال الرافعي: " يقال: آجره الله، يأجره، أي أثابه، والأجر، الثواب. وذكر بعضهم أنه يقال آجره بالمد أيضًا بهذا المعنى، وأن الأصمعي أنكره، [فإن] جوّز، فيجوز، أجرني، بالمد، وَأما من الأول فتسكن الهمزة، وتضم الجيم ".

ص: 946

959 -

[3516]"اللهم خِرْ لِي واخْتَرْ لِي" أي اختر لي أصلح الأمرين، واجعل لي الخيرة فيه.

ص: 946

960 -

[3517]"الوضوء شطر الإيمان". قال النووي: " أصل الشطر النصف، قيل معناه أن الأجر في الوضوء ينتهي إلى نصف أجر الإيمان، وقيل المراد بالإيمان الصلاة، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ

ص: 946

لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} والطهارة شرط في صحتها فصارت كالشطر، وليس بلازم في الشطر أن يكون نصفًا حقيقيًا".

"وسبحان الله، والحمد لله تملآن، أو تملأ". ضبط بالمثناة من فوق، فالأول: ظاهر، وَالثاني: فيها ضمير الجملة.

"ما بين السموات والأرض". أي لو قدر ثوابهما جسْما لملأ ذلك.

"والصَّلاة نورٌ". أي تمنع من المعَاصي وتنهي عن الفحشاء، والمنكر، وتهدي للصَواب كالنور، وقيل: أراد بالنور الأمر الذي يهتدي به صاحبه يوم القيامَة.

"والصدقة برهان". أي دليل على إيمان فاعلها.

"وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ". أي الصبر على طاعة الله، وعلى اجتناب معَاصِيه وعلى النائبات، والمكاره. لا يزال صَاحبه مستضيئًا مهتديًا مستمرًا على الصواب.

"والْقرآنُ حُجَّةٌ لَكَ أوْ عَليْكَ". معناه أنه ينتفع به إن تلاه وَعمل به وإلا فهو وبال عليْه.

"كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسهُ فَمُعْتقُهَا، أَوْ موبِقُهَا". معناه كل إنسان يَسْعى بنفسِه فمنهُم من يبيعهَا من الله بطاعته فيعتقهَا، ومنهم يبيعهَا من الشيطان والهوَى فيهلكهَا، قال الطيبي: "كل الناس يغدو مجمل

ص: 947

والفاء في قوله: فبائع؛ تفصيلية، وفي قوله: فمعتقهَا سببيّة".

وقال الأشرفي: "بائع نفسه خبر، أي هو يشتري نفسه، بدليل قوله: فمعتقهَا، وَالإعتاق إنما يكون من المشتري، وَهو محذوف المبتدأ فإنه يحذف كثيرًا بعْد إلغاء الجزائيّة،

وقوله: "فمعتقها" خبر بعْد الخبر، وَيجوز أن يكون بدل بعض من قولهِ فبائع نفسه".

ص: 948

961 -

[3519]"التَّسْبيحُ نِصفُ الْمِيزانِ، والحَمْد لله يَمْلَؤُهُ"

قال الطيبي فيه وجهان: "أحدهما أن يراد التسوية بين التسبيح والتحميد بأن كل وَاحد منهما يأخذ نصف الميزان، فيملآن الميزان معًا، وذلك لأن الأذكار التي هي أم العبادات البدنية، والغرض الأصْلي من شرعهَا ينحصر في نوعين: أحدهما: التنزيه، وَالآخر التمجيد. والتسبيح يستوعب القسم الأول، والتحميد [يتضمّن] القسْم الثاني.

ص: 948

وَثانيهما أن المراد بيَان تفضِيل الحمد على التسبيح، وَأن ثوابه ضِعف ثواب التسْبيح لأن التسْبيح نصف الميزان والحمد لله وحده تملآن لأن الحمد المطلق إنما يستحقه من كان يتبرأ عن النقائص منعُوتًا بنعوت الجلال، وَصِفات الإكرام فيكون الحمد شاملاً للأمرين، وَأعلى القسمين حتى تخلص إليه، أي تصِل ".

"وَالصَّوْمُ نِصْفُ الصّبْرِ، والطُّهُورُ نِصْفِ الإيمانِ". قالَ في النهاية: " لأن الإيمان يطهر نجاسَة الباطن، وَالطهور يطهر نجاسة الظاهر ".

ص: 949

962 -

[3520]"وَلَكَ رَبِّ تُرَاثي". قال في النهايهَ: "هو ما يُخَلِّفه الرّجُل لوَرَثتِه، والتاء فيه بدَل من الواو" قلت: كأنه يريد أنه لا يورث، وأن ما يخلفه صَدقة لله.

ص: 949

963 -

[3522]"إلاّ وَقَلْبُه يَيْنَ أُصْبُعينِ من أصَابِع الله تعَالى".

قال في النهاية: "الأصابع: جمع أصبع، وَهي الجَارحةُ. وذلك من صفات الأجسَام، تعالى الله عن ذلك وتقدّس. وَإطلاقُهَا عليه مجازٌ، كإطلاق اليدِ، وَاليمينِ، والعَينِ والسّمع، وَهو جاري مَجْرى التمثيل، والكِنايَة عن سُرْعَة تَقَلَّب القُلُوب، وإن ذلك أمرٌ معقُود بمشيئةِ الله تعالى، وتخصِيصُ ذكر الأصابع كِنايَةٌ عن إجراء القُدْرَة، والبَطْشِ؛ لأن ذلك باليَدِ، وَالأصَابعُ أجزاؤُهَا".

ص: 950

964 -

[3523]"وَرَبَّ الشَّياطينِ وَمَا أضَلَّتْ". كان الأصل،

ص: 950

وما أضلوا لكن رُوعي أظلت، وأقلت، للازدواج.

ص: 951

965 -

[3524]"إذا كَرَبهُ أمْر"ٌ. أي أصابه كرب بسَببه.

ص: 951

966 -

[3524]"ألِظُّوا بِيَاذا الْجَلالِ وَالإكْرَامِ". أي الزمُوه، وَاثبتوا عليه، وأكثروا من قوله، والتلفظ به في دعائكم.

ص: 951

967 -

[3529]"وأَنْ أقْتَرِفَ". أي أكسب.

ص: 951

968 -

[3534] "حدثنا قتيبة، حدثنا الليث عن الجلاح أبي كثير، عن أبي عبد الرحمن الحلبي، عن عمارة بن شبيب

ص: 951

السبَائي، قال: قالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: من قالَ: لا إله إلاّ الله وَحْدهُ لَا شَرِيكَ لهُ لهُ الْمُلْكُ، وَلهُ الْحمدُ يُحييْ، وَيُميتُ، وَهو على كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ إثْرِ الْمَغْرِبِ بَعثَ الله لهُ مَسْلَحةً يَحْفَظُونهُ من الشِّيَاطينِ حتى يصبحَ وكتب له بهَا عشر حسَنات موجبَات، ومحى عنه عشر سيئات موبقات، وَكَانتْ لهُ تعدلُ عَشْرِ رِقَابٍ مُؤمِناتٍ".

"هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ليث بن سَعد وَلا نعرف لعمارة بن شبيب سَماعا من النبي صلى الله عليه وسلم".

قلت: أخرجه ابن أبي الدنيَا في كتاب "الدعاء" بزيادَة في سَنده، ومتنه، قال: أخبرت عن أبي عبيد الله ابن أخي ابن وَهب، أخبرنا ابن

ص: 952

وهب، أخبرني عمرو بن الحارث عن الجلاح، أن أبا عبد الرحمن المغافري حدثه عن عمار السبائي أن رجلاً من الأنصَار حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" من قالَ بعد المَغْرِبِ، أو الصبح لَا إلهَ إلاّ الله وَحْدهُ لا شَرِيكَ لهُ، لهُ المُلْكُ، وَلَهُ الْحمدُ، يُحْيي، وَيُميتُ، وهو على كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ، بَعَثَ الله لهُ مَسْلَحةً يَحرسُونهُ حتى يَصْبِح، أو من حين يُصْبِح حتى يُمسي، وكتب الله له بهَا عَشْرَ حَسنات موجبَات، ومحي عَنْهُ عَشَر سَيئاتٍ موجبَات".

قال الحافظ ابن حجر في الإصَابَة: " عمارة بن شبيب السبَائي؛ بفتح المهملة، وَالموحدة وَهمزة مكسُورَة مقصُورَة، مختلف في صحبته وَقيل: عمار، قال ابن السكن له صحبة، وقال ابن يونس: حديثه معلول، وَبين البخاري علته في تاريخه، وذكره في الصحَابَة، وقال ابن حبان: من قال أن له صحبَة فقد وَهم، قَال أبو عمر مَات سنة خمسين، وقال ابن أبي حاتم، قلت لأبي: له صحبَة، قال: مَا أدري، كتبناه على الظن في الوحدان، وصحف ابن فتحون اسم أبيه، فقال: عمارة بن

ص: 953

حبيب، وصحفه أبو علي البكري، فقال: عمَارة بن ثُبَيْت، بمثلثه ثم موحدة مصغر، وَآخره مثناة، وَهو تصحِيف أيضًا، والصواب شبيب بالمعجمة، انتهى".

"بَعثَ الله لهُ مَسْلَحةً". هم القوم الذين يحفظون الثغور من العدو، سمّوا مَسْلحة، لأنهم يكونون ذوي سلاح.

ص: 954

969 -

[3536]"بِصَوْتٍ جَهُوريٍّ". أي شديد عال والواو زائدة، وهو منسوب إلى جَهور بصوته.

ص: 954

"هَاؤُمُ".

"جِلْفٍ". هو الأحمق.

ص: 955

970 -

[3537]"ما لم يُغَرْغِر". أي ما لم تبلغ روحه حلقومه، فيكون منزلة الشيء الذي يتغرغر به المريض.

ص: 955

971 -

[3540]"بِقُرابِ الأرْضِ". قال في النهاية: " أي بما يُقارِب مَلأَهَا، وهو مصدر: قارب، يُقارِب ".

ص: 955

972 -

[3543]"إنَّ رَحْمتي تَغْلِبُ غَضَبي". قال في النهاية:

ص: 955

"هو إشارَة إلى سعَة الرحمة، وشمولها الخلق، كما يقال: غلب على فلان الكرم؛ أي هو أكثر خصَاله، وإلا فرحمة الله، وغضبه صفتان راجعتان إلى إرادته الثواب، والعقاب، وصفاته لا توصف بقلبة إحداهما الأخرى، وإنما هو على سبيل المجَاز للمبالغة".

ص: 956

973 -

[3545]"رَغِمَ أنفُ رَجُلٍ". أي ذل، وعجز.

ص: 956

974 -

[3548]"إنَّ الدّعاءَ يَنْفعُ مِمَّا نَزلَ، ومِمَّا لم يَنْزلْ". قال التوربشتي: "أما نفعه فصَبره عليه، وتحمله لهُ، ورضاه به حتى لا يكون هريرة.

ص: 956

في نزوله متمنيا خلاف مَا كان، وَأما نفعه مما لم ينزل فهو أن يصرفه عنه، أو يمدّهُ قبل النزول بتأييد من عنده حتى يَخف معَه أعبَاء ذلك إذا نزل به".

ص: 957

97 -

[3549]"عَلَيْكُمْ بِقِيامِ اللّيْلِ فَإنَّهُ دَأْبُ الصّالِحينَ". قال في النهاية: " الدَأْبُ: العادةُ والشَّأنُ، وقد يُحرَّك، وأصله من دَأب فِي العَملِ إذا جَدَّ وتَعِب، إلَاّ أنّ العَرب حَوَّلَت مَعْنَاهُ إلى العَادَةِ، والشأنِ ".

"قَبْلَكُمْ". قال الطيبي: " أي هي عبَادة قديمَة واظب عليَها الأنبيَاء، والأولياء [السابقون] ".

"وَمَنْهاةٌ عن الإثْمِ". قال في النهاية: "أي حالةٌ عَن الإثم، وهي

ص: 957

مَكانٌ مُخْتصٌّ بذلك. وهي مغفلة من النَّهي، وَالميم زائدة".

"ومَطْرَدَةُ لِلدَّاءِ عن الْجَسدِ". قال في النهاية: "أي أنها حالةٌ من شَأْنها إبعَادُ الدَّاء، أو مكانٌ مختص به ويعرف، وَهوَ مَفْعَلة من الطَّرد"[وَقال الموفق عبد اللطيف البغدادي] .

" ومُكفَرةٌ لِلسَّيئَاتِ " قال البيضاوي: " أي خصلة تكفر سيّئاتكم ".

ص: 958

978 -

[3551]"وَامُكُر لي، وَلا تَمْكر عَليَّ"؛ قال في النهاية: "مَكْرُ الله إيقاِعُ بَلائه بأعدَائه دون أوليائه. وَقيل: هو اسْتِدْرَاج العبد بالطاعَاتِ، فيَتَوَهَّم أنها مقبُولةٌ، وَهيَ مردودةٌ. والمعنى ألْحِقْ مَكرَك بأعدائي لا بي. وأصلُ المَكْرُ: الخِدَاعُ".

"مخْبِتًا". قال في النهاية: "أي خاشعًا مُطيعًا، والإخْبَاتُ:

ص: 958

الخُشوع، والتَّواضُع، وقد أخْبتَ لله يُخْبِتُ".

"أوَّاهًا". قال في النهاية: "الأوّاه: المتأوّه المُتَضرّع. وقيل هو الكثير البكاء. وقيل الكثير الدُعاء".

"مُنِيبًا". قال في النهاية: " الإنابة: الرجوع إلى الله تعَالى بالتَّوبَة، يقال: أناب، يُنيب، إنَابَةً فهو منيب إذا أقبل ورجع ".

"وَاغْسلْ حَوْبَتي". أي إثمي.

"وَثبِّتْ حُجَّتي". قال في النهاية: "أي قَوْلي، وتصديقي في الدُّنيا وعنْد جواب الملَكَيْن في القَبْر".

"وَاسْلُلْ سَخِيمةَ صَدْرِي". قال في النهاية: " هي الحقد في النفس ".

ص: 959

979 -

[3553]"عِدْلَ أرْبعِ رِقابٍ من وَلَدِ إسْماعِيلَ". قال الطيبي: "من ولد" صفة رقاب، المعنى حصَل له من الثواب مثل مَا لو اشترى من أولاد إسْمعِيل وأعتقهُم، وإنما خصْهُ لأنه أشرَف الناس".

وفي النهايَة: "العِدْل بالكسر وبالفتح. وهما بمعنى المِثْل. وَقيْل:

ص: 959

بالفتح مَا عدَلَه من جنْسِه، وبالكسْر مَا ليسَ من جنْسِه. وَقيل بالعَكس".

ص: 960

980 -

[3556]" [إن الله حيي كريم، يسْتحي إذا رفع الرجل إليه يَديه] أن يردهما صِفرا ". أي خاليين.

ص: 960

981 -

[3557]"أحد، أحد". قال في النهاية: "أي أشار بإصبع وَاحدة لأن الذي تدعُو إليه وَاحد، وِهو الله تعَالى".

ص: 960

982 -

[3559]"مَا أصَرَّ من اسْتَغْمْر". قال في النهاية: " أصرَّ على الشيء، يُصِرُّ، إصْرَارًا إذا لزِمه، ودَاوَم عليه وثبت عليه. وَأكثر مَا يُسْتَعْمَل في الشرِّ والذنوب، يعني من أَتْبَع الذنب بالاستغفارِ فليس

ص: 960

بمُصِرٍّ عليه، وإن تكرر منه".

"ولو فعَله في اليَوْمِ سَبْعينَ مَرَّةً". قال البيهقي في شعب الإيمان: قال الشيخ أبو بكر محمد بن علي الشاشي: المراد بالسبعين هنا الكثرة، لا عدد السبعين بعينه.

"كَانَ في كَنْفِ اللهِ": أي في ظل رَحمته.

ص: 961

983 -

[3563]"لَو كَانَ عَليْكَ مِثْلُ جَبلِ صِيرٍ". وفي نسْخة صبرٍ وصوب الأول، قال في النهاية:" هذه الكلمة جاءت في حَدِيثين لِيَعلى، ومعَاذ: أمَّا عليّ فهو [صير] ، وهو جبل لِطَيء، وَأما معَاذ، فصبِيرٍ، وَهو اسم جَبَل باليَمَن كذا كذا فرق بينهما بعضهم ".

ص: 961

984 -

[3565]"لا يُغَادرُ". أي لا يترك.

ص: 961

985 -

[3567]"مِن أرْذَلِ العُمرِ". أي آخره في حال الكبر، والعجز، وَالخوف.

ص: 962

986 -

[3570] "حدثثا أحمد بن الحسَن، حدثثا سُليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا الوليد بن مُسْلم، حدثنا ابن جريج عن عطاء بن أبي رَباح، وعكرمة مولى ابن عباس، عن ابن

ص: 962

عباس، قال: بَيْنما نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إذْ جَاءهُ عَليُّ بن أبي طَالِبٍ، فقال: أنت بأبي، وأُمِّي لقد تَفلَّتَ هذا القُرْآن من صَدْري".

ص: 963

الحديث، هذا الحديث أورده ابن الجوزي في الموضُوعات".

ص: 964

987 -

[3571]"سَلوا الله من فَضْلِه فَإنَّ الله يُحبُّ أنْ يُسألَ، وَأفْضلُ العِبَادَةِ انْتظارُ الفَرَجِ". قال المظهري: " يعني إذا نزل بأحد بَلاء فترك الشكايَة، وَصبر، وَانتظر الفرج فذلك أفضل العبَادات، لأن الصّبر في البلاء انقيَاد لقضاء الله وإنما استتبع انتظار الفرج.

قوله: " يحب أن يسأل " لأن المراد بقوله: سلوا الله من فضله ادعُوا الله لإذهاب البلاء، والحزن، وانتظروا الفرج، ولا تستعجلوا في طلب إجابة الدُعاء ".

ص: 964

988 -

[3573]"إذًا نُكْثر، قال: الله أكْثرُ". قال الطيبي: "أي

ص: 964

أكثر إجابَة مِن دعائكم، المعنى إن إجابة الله في بابهَا أكثر، وأبلغ من دعائكم في بابه وهو قريب من قولهم: العسل أحلى من الخل، والصيف أحر من الشتاء، وإنما قال أكثر بالثاء المثلثة مشاكلة لقول: نكثر".

ص: 965

989 -

[3577]"أستَغْفِرُ الله العظيم الّذِي لا إلهَ إلا هو الحيُّ القَيُّومُ". قال الطيبي: " يجوز في الحي القيوم النصب، صفة الله تعالى أو مدحًا، وَالرفع بدلاً من الضّمير، أو خبر مبتدأ محذوف على المدح ".

"من الزَّحف". هو الجيش الدهم الذي يرى لكثرته كأنه يزحف، أي يدب، دبيبًا.

ص: 965

990 -

[3579]"أقْرَب مَا يكُون الرَّب من العَبْدِ في جَوْفِ الليْلِ الآخرِ". قال الطيبي: " الآخر: صفة لجوف الليل، على أن ينصف الليل ويجعل لكل نصف جوف، والقرب يحصُل في جوف النصْف

ص: 965

الثاني، فابتداؤه يكون من الثلث الآخر، وَهو وقت القيام للتهجّد. قال:

وقوله: " في جوف الليل " يحتمل أن حالاً من الرب؛ أي قائلاً في جوف الليل: " من يدعوني فأستجيب [له] " سَدت مسَدّ الخبر، أو من العَبْد أي قائما في جوف الليل داعيًا، مستغفرًا على نحو قولك ضربني زيدًا قائمًا، ويحتمل أن يكون خبرًا الأقرب.

فإن قلت مَا الفرق بين قوله في هذا الحديث: " أقْرَبُ مَا يكُوُن الرَّب من العَبْدِ " وفي الحديث الآخر: "أقرب مَا يكون العبد من ربه وَهو سَاجد". قلت: " رحمة الله سابقة، فقرب رَحمة الله من المحسنين سَابق على إحسَانهم، [فإذا سجدُوا] قربوا من ربهم بإحسَانهم، كما قال تعَالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19) } وَفيه أن توفيق الله، وَلطفه، وإحسَانه سَابق على عمل العَبْد، وسبَب له، وَلولاه لم يصْدر من العَبْد خير قط. وَفي قوله: " فإن اسْتَطَعْتَ " إشارة إلى تعظيم شأن الذكر، وتفخيمه، وفوز من يستعد به، وَمن ثمّ قالَ: " أنْ تكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ الله " أي تنخرط في زمرة الذاكرين الله، ويكُون لك مسَاهمة فيهم وَهو أبلغ مما لو قيل: إن استطعت أن تكون ذاكرًا".

ص: 966

"عن أمه حُمَيْضَةَ". بضم الحاء المهملة، وفتح الميم، وَالضاد المعجمة بينهما تحتِية ساكنة.

"عنْ جدتها يُسَيْرة". بمثناة تحتية مصغر.

ص: 967

991 -

[3583]"عَليْكُنَّ بالتَّسْبيح، والتَّهْليل وَالتّقْديسِ". قال الحكيم، في نوادره: "التهليَل هو التوحيد والتقديس، التنزيه، وَهو التطهير، قالَ: والفرق بينه وبين التسْبيح، أن التسْبيح للأسْماء،

والتقديس للآلاء وكلاهُما يؤدّيان إلى الطهر".

ص: 967

992 -

[3585]"خيْرٌ الدُّعَاءِ، دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ". قال الطيبي: "الإضافة فيه أن يكون بمعنى اللام أي دعاءً خصّ بذلك اليوم، وَقوله:

ص: 967

"وَخَيْرُ مَا قُلْتَ" بمعنى خير مَا دعوت، بيَان له، فالدعاء له؛ قوله "لا إلهَ إلا الله

" إلى آخره. فإن قيل هُوَ ذكرٌ ليس بدعاء، أجيب بوجهين: أحدهما: أنه على سَبيل التعريض تجنبًا من التصْريح مُراعاة للأدب، وقد قيل لسُفيان هذا الثناء، فأين الدعاء فأنشد قول أمية بن أبي الصلت:

إذا أثنى عليك المرء يومًا

كفاه من تعرضه الثناء

والثاني: الاشتغال بخدمة المولى، والإعراض عن الطلب اعتماد على كرمه فإنه لا يضيع أجر المحسنين، والفرق بين الوجهَين أن الذاكر في الأولى وإن لم يصَرّح بالطلب فهو طالب بما هو أبلغ من التصْريح بخلاف الثاني انتهى".

وروى البيهقي في "شعب الإيمان" من طريق يعقُوب بن سُفيان قالَ: حدثنا الحسين بن الحسَن المروزي قال: سألت سُفيان بن عيينة عن تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أكثر دعائي، ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة لا إله إلا الله وَحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وَهو على كل شيء قدير" وإنما هو ذكر ليس [فيه] دعاء، قال سُفيان: تعرف حديث منصور عن مَالك بن الحارث: يقول الله تبارك وتعالى: "من

ص: 968

شغله ذكري عن مسئلتي أعطيته أفضل مَا أعطي السائلين" قلت: نعَم، قال: ذاك تفسير هذا، ثم قال: أتدري ما قال أمية بن أبي الصلت حين أتى ابن جدعان يطلب نائله، ومعروفه؟ قلت: لا، قال: لما أتاه قال:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني

ثناؤك إن شيمتك الحياء

إذا أثنى عليك المرء يومًا

كفاه من تعرضه الثناء

قال سُفيان: هذا مخلوق حين ينسَب إلى الجود قيل يكفيك من تعرضه الثناء عليك حتى تأتي على حاجتنا فكيف بالخالق ".

ص: 969

993 -

[3586]"أسْألُكَ من صَالِحِ مَا تُؤتي النَّاسَ من المَالِ، وَالأهْلِ، وَالوَلدِ". قال الطيبي: " منْ -الأولى- زائدة على مذهب الأخفش، (ويجُوز أن تكون بمعنى البعض) ومِنْ -الثانية-: بيان مَا.

وَقوله: "غَيْرِ الضَّالِّ " مجرور بدل من كل وَاحد من المال، والأهل،

ص: 969

وَالولد، على سَبيل المبدل، والضال هنا يحتمل أن يكون للنسْبَة أي غير ذي ضلال".

ص: 970

994 -

[3591]"من مُنْكراتِ الأخْلاقِ، وَالأعْمالِ والأهواءَ".

قال الطيبي: " الإضافة في القرينتين الأوليين إضافة الصفة إلى الموصوف، والثالثة: بمعنى، لأن الأهواء كلها منكرة ".

ص: 970

995 -

[3596]"المستهترون في ذكر الله". قال في النهاية:

"يعني الذين أولعُوا به".

ص: 970

996 -

[3600]"فُضْلاً". قال في النهاية: "أي زائدة عن

ص: 970

الملائكة المُرَتَّبين مع الخلائق، ويُروى بسُكون الضاد وضمّهَا، قال بعضهم: والسكون أكثر وأصْوَب، وهما مَصْدر بمعنى الفَضْلة، والزيادة".

"هَلُمُّوا". أي تعالوا، فيحفّون بهم، أي يطوفون بهم ويدُورُون حولهُم.

"هُمُ القَوْمُ لا يَشْقَى لَهُمْ جَلِيسٌ". قال الطيبي: "بمعنى أن مجالستهم مؤثرة في الجليس، فإذا لم يكن للجليس نصيب مما أصابهم كان محرومًا فيشقى، فإذًا لا يستقيم وصفًا لقوم بهذه الصفة، ولو قيل هم قوْم يسعد بهم جليسهم لم يكن بهذه الحيثية".

ص: 971

997 -

[3602]"لِكُلِّ نبيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتجابةٌ". أي في حق أمته،

ص: 971

فكل من الأنبياء نالهَا في الدنيَا بإهلاك قومه.

"وَإنِّي اخْتَبَأتُ دَعْوَتِي". أي ادخرتها، وجعلتهَا خبيئة.

"وَهِي نَائِلةٌ". أي واصلة.

"من مَاتَ". في محل النصب على أنه مفعُول نائلة.

"لا يُشْرِكُ بِالله ". نصب على الحال من فاعل مَات.

ص: 972

998 -

[3603]"أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي". قال البيضاوي:

ص: 972

"يصح إجراء الظن على ظاهِره؛ أي أعامله على حسب ظنه، وأفعل به مَا يتوقعه مني، والمراد الحث على تغليب الرجاء على الخوف وحسن الظن بالله، ويجوز أن يفسّر بالعِلم والمعنى أنا عند يقينه بي وعلمه بأن مصيره إليّ، وحسابه عليّ، وأن ما قضيت له من خير وشرّ فلا مَرد له، "لا مُعطي لما منعت، ولا مَانع لما أعطيت". أي إذا تمكن العبد في مقام التوحيد ورسخ في الإيمان والوثوق بالله تعَالى قرب منه وَرفع دونه الحجاب بحيث إذا دعاه أجاب، وإذا سأله استجاب.

"وَأنا معَهُ حِينَ يَذْكُرني". أي بالتوفيق، والمعُونة أو أسمع ما يقول.

"فإن ذَكَرني في نَفْسِهِ". أي سرًّا أو خفية إخلاصًا، [وتجنبًا] للرياء.

"ذكَرتُه في نفسِي". أي أُسِرُّ بثوابه على منوال عَمله، وأتولى بنفسِي إثابته لا أَكله إلى أحَد من خلقي.

"وَإنْ ذَكَرني في مَلأٍ ذَكَرتهُ في مَلأٍ خَيْرٍ منْه". أي ملأ من الملائكة المقربين، وأرواح المرسلين، والمراد منه مجازاة العبد بأحسَن مما فعَلهُ وأفضل مما جاء به" انتهى كلام البيضاوي، قال الطيبي:

ص: 973

"وإنما قيده بقوله، وَأروَاح المرسلين لئلا يسْتدل بهذا الحديث على أن الملائكة أفضل من البشر، على أن المراد من الملأ الملائكة فحسب".

قال: وقوله: "ذَكَرتهُ في نَفْسِي" جاء على سَبيل المشاكلة.

"وَإن اقْتَرَبَ مني شبرًا اقْتَرَبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا" إلى آخره. قال النووي: " هذا من أحاديث الصفات ويستحيل إرادَة ظاهِره، ومعناه: من تقرب إلىّ بطاعتي تقربت إليه برحمتي، وَإن زاد، زدته ".

ص: 974

999 -

[3604]"لذعته حُمةٌ". قال في النهاية: " هي بالتخفيف: السَمُّ، وَقد تشَدّد، وأنكره الأزهري، ويُطْلَق على إِبْرة العَقْرب للمُجاورَة لأنّ السمَّ منهَا يَخْرج، وأصلُها حَموٌ وحُمَيٌ بوزن صُرَدْ. والهاء فيهَا عوض من الواو المحذوفة والياء ".

ص: 974

1000 -

[3604]"اللَّهُمَّ مَتِّعني بِسمعي، وَبَصري، وَاجْعَلْهما الوارث مِنِّي". ذكر أن المراد بالسمع، والبصر هنا، أبو بكر، وَعمر

ص: 974

لقوله في الحديث الآتي، هذان السمع، والبصَر.

ص: 975

1001 -

[3604]"حتى يْسألَ شِسْعَ نَعْلهِ". هو أحد سيور النعل، وَهو الذي يدخل بين الإصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي هو صَدر النعل المشدود في الزمَام، والزمَام السير الذي يدخل فيه الشسع".

ص: 975