المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

"‌ ‌أبواب الزُّهد " قال ابن القيم: "الفرق بين الزُّهد والورع، أنَّ الزُّهد: - قوت المغتذي على جامع الترمذي - جـ ٢

[الجلال السيوطي]

الفصل: "‌ ‌أبواب الزُّهد " قال ابن القيم: "الفرق بين الزُّهد والورع، أنَّ الزُّهد:

"‌

‌أبواب الزُّهد

"

قال ابن القيم: "الفرق بين الزُّهد والورع، أنَّ الزُّهد: ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع: ترك ما يخشى ضرره في الآخرة".

ص: 559

624 -

[2304]"نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من النَّاس: الصحة والفراغ".

قال ابن الخازن: "النعمة ما يتنعَّم به الإنسان ويستلذه، والغبن: أن يشتري بأضعاف الثمن، أو يبيع بدُون ثمن المثل، فمن صحَّ بدنه وتفرغ للأشغال العائقة، ولم يَسْعَ لإصلاح آخرته فهو كالمغبُون في البيع".

ص: 559

625 -

[2306]"بادِرُوا بالأعْمَالِ سَبْعًا"

قال الطيبي: "أي سابقوا وقوع الفتن، بالاشتغال بالأعمال الصالحة، واهتموا بها قبل نُزُولها".

"أو هَرمٍ مُفَنِّدٍ" قال في النِّهاية: "الفند في الأصل الكذب، وأفند تكلم بالفند. ثم قالوا: الشيء إذا هرم: قد أفند، لأنه يتكلَّم بالمحرَّف من الكلام عن سنن الصِّحه، وأفنده الكبر: إذا أوقعهُ في الفند".

"أو موتٍ مُجْهزٍ" بجيم وزاي آخره: أي سَريع.

يقال: أجهز على الجريح، يجهز، إذا أسرع قتله.

ص: 560

626 -

[2307]"أكْثروا ذكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ" بالذال المعجمة، أي

ص: 560

قاطعها.

"الموتَ" قال المُظهري: "بالجر عطف بيان، وبالرفع خبر مبتدأ

محذوف، وبالنصب على تقدير: أَعنِي"

ص: 561

627 -

[2308]"أفظع" بفاء وظاء معجمة وعين مهملة؛ أي أشد وأشْنع.

ص: 561

628 -

[2312]"أطَّتِ السَّمَاءُ" بفتح الهمزة والطاء المهملة المشددة، قال في النهاية: "الأطيط صوت الأقتاب، وأطيط الإبل؛

ص: 561

وهو من جوامع الكلم التي أعطيها صلى الله عليه وسلم".

قالى ابن عبد البر: " كلامه صلى الله عليه وسلم هذا من الكلام الجامع للمعاني الكثيرة الجليلة في الألفاظ القليلة، وهو مما لم يقله أحد قبله، إلَاّ أنه روي في صحف شيث: من عدَّ كلامَه مِنْ عَمَلِهِ، قلَّ كلامُهُ إلَاّ فيما يَعينه".

قال الفاكهاني: "هذا خاص بالكلام، وأما الحديث فهو أعمّ من الكلام؛ لأنَّ مما لا يعينه التوسع في الدنيا، وطلب المناصب والرئاسة، وحب المحمدة والثناء وغير ذلك".

ص: 563

630 -

[2322]"إِنَّ الدُّنيا ملْعُونَةٌ، مَلْعُونٌ مَا فِيْهَا إِلَاّ ذِكْرَ اللهِ وَمَا وَالَاهُ، وَعَالِمٌ، أَوْ مُتَعَلِّمٌ" هُمَا منْصُوبَانِ؛ لأنَّ الاستثناء من موجب، وكتب بلا ألف على طريقة كثير من المحدثين.

ص: 563

631 -

[2323]"فِي اليَمِّ" هو البحر، وقيل: إنه معرَّب.

ص: 564

632 -

[2325]"مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ".

قال الشيخ عزُّ الدِّين بن عبد السلام في أماليه: "معناه أنَّ ابن آدم لا يضيع له شيءٌ، ومَا لم ينتفع به في دنياه انتفع به في أُخراه، فالإنسان إذا كان له داران فحوَّل بعض ماله من إحدى داريه إلى الأخرى، لا يقال ذلك البعض المحوَّل نقصَ من ماله، وقد كان بعض السَّلف يقول إذا رأى السائلين: مرحبًا بمن جاء يُحَوِّل ما لَنَا من دُنيانا لأخرانا؛ فهذا معنى الحديث، وليس معناه أنَّ المال لا ينقص في الحس ولا أنَّ الله يخلف

ص: 564

عليه؛ لأنَّ ذلك معنى مستأنف" انتهى.

ص: 565

633 -

[2328]"لَا تَتَّخِذوا الضَّيْعَةَ"، قَال في النِّهاية:

"هي مَا يَكُونُ منه المَعاش، كالصنعة والتجارة، والزراعة، وغير ذلك".

ص: 565

634 -

[2332]"لَا تقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمانُ، فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ" الحديث.

قال في النِّهاية: "أراد: يطيب الزمان حتى لا يُستطال، وأيام السُّرُورِ والعافية قصِيرة، وقيل: يَقَعُ كناية عن قصر الأعمار وقلة البركة".

ص: 565

"كالضَّرمَة بالنَّارِ" بفتح الضاد المعجمة.

قال في النِّهاية: "الضَّرْمَةُ؛ بالتَّحريكِ: النَّارُ".

وفي القاموس: "ضرمت النَّار اشتعلت".

ص: 566

635 -

[2341]"وَجلف الخبز".

قال في النِّهاية: "الجِلْفُ: الخُبزُ وَحده لا أُدْمَ مَعهُ، وقيل:

الخبز الغليظُ اليابِسُ، ويُروى بفتح اللام -جمع جِلْفَة- وَهِيَ الكِسْرَةُ مِنَ الخُبْز.

ص: 566

636 -

[2344]"لَوْ أَنَّكُمْ كنْتُمْ تَوكَّلونَ علَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرُزِقْتمْ كَمَا يُرزَقُ الطيْرُ: تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا" أي:

ص: 566

تغدُو بكرة وهي جِيَاع، وتروح عشاء وهي ممتلئة البطون. وَالخِمَاص؛ بِكَسْرِ الخَاء المعجَمة وآخرهُ صاد مُهملة جمع خميص: وهو الضامر البطنِ.

والبِطَان؛ بِكسر الموحدة، جمع بطين: وهو العظيم البطن.

قال البيهقي في شعب الإيمان: "ليس في هذا الحديث دلالة على القُعود عن الكسْبِ، بل فيه ما يدُل على طلب الرزق؛ لأنَّ الطير إذَا غدت فإنما تغْدُوا لطلب الرزق، وإنما أراد -والله أعلم- لو توكلوا على الله في ذهابهم، ومجيئهم وتصرُّفهم، ورأوا أنَّ الخير بيده ومن عنده، لم ينصرفوا إلَاّ سالمين غانمين كالطير تغدُوا خِمَاصًا وترُوحُ بطَانًا، لكنهم يعتمدون على قوتهم وجلدهم، ويغشون ويكذبون ولا ينصحون، وهذا خلاف التوكل".

ص: 567

637 -

[2346]"آمِنًا في سِربِه" قال: [في] النِّهاية: "بكسر السين: أي في نفسه.

قال: ويروى بالفتح، وهو المسلك والطَّريق".

ص: 567

638 -

[2347]"خَفِيْفُ الحَاذِ" بحاء مُهملة وآخره ذال معجمة خفيفة، قال في النِّهاية:"الحاذُ، والحال واحد، وأصل الحاذ: طريقة المتن؛ وهو ما يقع عليه اللَّبْدُ من ظَهرِ الفرس: أي خفيف الظَّهر من العِيَال".

"وَكَانَ غامِضًا فِي النَّاسِ" بإعجام الغين والضاد معًا؛ أي:

مغمورًا غير مشهور، وفي بعض النُّسخ بإهمال الصَّاد، فهو فاعل بمعنى مفعول، أي مغمُوصًا، بمعنى محتقرًا مزدرى، وضبطه الحكيم في نوادره بالوجهين.

ص: 568

639 -

[2350]"تِجْفَافًا".

ص: 568

قال في النِّهاية: "التجفاف: ما جُلِّلَ به الفرس من سلاح وآلة

تقيه الجراح، والتاء فيه زائدة والجمع تجافيف".

ص: 569

640 -

[2351] "فُقَراء المهاجرين يدخلون الجنَّة قبل أغنيائهم

بخمسمائة عامٍ".

روى أبو محمَّد الحسن بن محمَّد بن الحسن الخلَاّل في كتابه "فضل الفقير والفقراء": من حديث القاضي بدر بن الهيثم: "حدثنا سليمان بن الربيع، حدَّثنا الحارث بن إدريس، عن خارجة بن

ص: 569

مصعب، عن زيد بن أسلم عن أنس بن مالك قال: "بعث الفقراء

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

" الحديث، وفيه: "يدخل الفقراء الجنَّة قبل

الأغنياء بنصف يوم، وهو خمسمائة عام".

قال الحارث: قال سفيان: تفسيره: أنَّ في الجنَّةِ ثماني أبواب، ما بين الباب إلى الباب خمسمائة عام لكل باب أهل، فينسى الغَنِيُّ بابه فيجيء إلى باب غيره، فيقول البواب؛ ارجع إلى بابك، فيرجع إلى بابه وهو خمسمائة عام".

ص: 570

641 -

[2362]"كَان لا يَّدخر شيئًا لِغَدٍ" قال البيهقي في شعب الإيمان: "قال أبو سهل محمَّد بن سُليمان في إملائه على هذا

ص: 570

الحديث؛ فإن قال قائل: كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يرجع إلى ملبس ومفرش، وكان

يعد للجميع ما يعده، وكان له الدرع والسَّيف والقوس، والفرس والبغل والحمار، وكان يُنْبَذُ له بالعشي فيشربه بالغداة وينبذ له بالغداة فيشربه بالعشي، وكان يَحْبِسُ لنسائه قوت سنة مما أفاء الله تعالى عليه، وكل هذا ادخار، فكيف يسلم على هذه [الأخبار] هذا الخبر المأثور؟ قال الأستاذ أبو سهل: الرواية صحيحة، وعلى حكم الدراية مستقيمة، والتنافي عن هذه الرواية منصرف، ووجه ذلك أنه كان يتعامل فيما بينه وبين مولاه على حسن الظن والانتظار دون الحبس والادخار، وكان لا يحتجز لنفسه ليومه من أمسِهِ.

فأما ثيابه فإنما يعدَها لدينه لا على بقاء عليها لِغَد، وكذا آلات الحرب كان يحبسها لنَصْرِ الأولياء وكبت الأعداء على حكم الاستعمال مما تصدق به في حياته.

ولهذا قال: "إنَّا لا نورث، ما تركنا صدقة".

ْوأما ما كان ينبذ له فإنما نساؤه كنَّ ينبذن له ما صار في ملكهن، ويَدهِن تمليكًا وتمويلاً منه لهن، وقد صحَّ أنه لم يكن يدخر شيئًا لغد، فإن احتبس عنده شيئًا فلا على نية الغد. ولكن

وتصرفه في نائبة من نوائب الدين، وقيل: لا يَدَّخِر مُلكًا بل يدَّخِرُ تَمْلِيكًا.

وقيل: لم يكن يدخره على أمل البقاء إلى غد" انتهى.

ص: 571

وقال الحافظ ابن حجر في أجوبته: "قد حسنه [الترمذي] وكأنه حسنه لأنَّ له شاهدًا من حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه ابن ماجه، وصححه الحاكم.

قلتُ: وله شاهد آخر من حديث عبادة بن الصامت، أخرجه الطبراني والبيهقي في سننه.

وقال القاضي تاج الدِّين السبكي في التوشيح: "سمعت الشَّيخ الإمام الوالد يقول: لم يكن رسُول الله صلى الله عليه وسلم فقيرًا من المال قط، ولا كانت حاله حال فقير، كان أغنى النَّاس بالله، قد كفي دنياه في نفسه وعِيَاله، وكان في قوله: "اللَّهم أحيني مسكينًا" أنَّ المراد به استكانة القلب، لَا المسكنة التي هي نَوْع من الفقر، وكان يشدد النكير

ص: 573

على من كان يعتقد خلاف ذلك".

وقال البيهقي في سُننه: "الذي يدُل عليه حاله صلى الله عليه وسلم عند وفاته، أنه لم يسأل المسكنة التي يرجع معناها إلى القلة، فقد مات مكفيا بما أفاء الله عليه، وإنما سأل المسكنة التي يَرجع معناها إلى الإخبات والتواضع، وكأنه صلى الله عليه وسلم سَأل الله تعالى أن لا يجعله من الجبارين المتكبرين، وأن لا يحشره في زمرة الأغنياء المترفين".

قال القتبي: "المسكنة: حرف مأخوذ من السكون، يقال: تمسكن، أي تخشع وتواضع".

ص: 574

643 -

[2364]"نُثَرِّيهِ" بالمثلثة، أي نَبُلُّهُ بالماء.

ص: 574

644 -

[2365]"والحُبْلَةَ" بضم الحاء وسُكون الباء الموحدة

ص: 574

ثمر السمر، وقيل: ثمر القضاه.

"يُعَزِّرُونِي فِي الدِّيْنِ" قال في النِّهاية: " [أي] توقفني عليه،

وقيل: توبخني على التقصير فيه".

ص: 575

645 -

[2368]"مِنَ الخَصَاصَةِ".

قال في النِّهاية: "أي: الجوع والضعف، وأصلها الفقر والحاجة إلى الشيء".

"حتى تقولَ الأعْرَاب: هَؤلاءِ مَجَانِينُ، أَو مَجَانُونُ".

قال في النِّهاية: "المجانين، جمع تكسير لمجنون، وأما مجانون

ص: 575

فشاذ، كما شذَّ شياطون في شياطين".

ص: 576

646 -

[2369]"بِقِربَةٍ يَزْعَبُهَا" بزاي وعين مهملة وباء مُوحدة؛ أي: يتدافع بها ويحمله لثقلها، وقيل: زعب بحمله إذا استقام.

ص: 576

647 -

[2371]"وَرَفَعنَا عنْ بُطُونِنَا عن حَجَرٍ حَجَرٍ" الحكمة في ذلك أنه يخف ببرد الحجَر حرارة الجوع.

ص: 577

648 -

[2372]"من الدَّقَلِ" بفتح الدال المهملة والقاف: هو رديءُ التمر ويابسه.

ص: 577

649 -

[2378]"مُوسى بن ورِدان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المَرءُ على دِيْنِ خَلِيْلِهِ فلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ"".

"هذا حديث غريب"، هذا أحد الأحاديث التي انتقدها الحافظ سراج الدِّين [القزويني في المصابيح وزعم أنه موضوع.

وقال الحافظ صَلاح الدِّين] العَلائي: نسبَة هذا الحديث إلى

ص: 577

كونه مَوضوعًا جهلٌ قبيحٌ، بل هو حَسنٌ كما ذكره الترمذي، فإنَّ موسى ابن وردان وثَّقه العجلي وأبو داود، وقال فيه أحمد بن حنبل: لا أعلم إلَاّ خيرًا. وقال أبو حاتم والدارقطني: لا بأس به، ولم يتكلم فيه أحد، وزهير بن محمَّد هو المروزي، وثقه أحمد وابن معين، وتكلم فيه غيرهما، واحتج به الشيخان في الصحيحين، وذلك يدفع ما تكلم به فيه، فتفرده يكون حسنًا غريبًا ولا ينتهي إلى الضعف، فضلاً عن الوضع" انتهى.

ص: 578

650 -

[2380]"مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا من بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابن آدَمَ أُكُلَاتٌ" بضم الهمزة والكاف جمع "أُكلة" بالضم: وهي اللقمة.

ص: 578

"يُقِمْنَ صُلْبَهُ" فإنْ كان لا محَالَةَ، فثلُثٌ لِطعامه، وثُلث لشرابه، وثُلث لِنفْسِهِ".

قال ابن القيم في الهدي: "الأمراض نوعان: أمراض حادثة تكون عن زيادة مادة أفرطت في البدن حتى أضرت بأفعاله الطبيعيَّة وهي الأمراض الأكثرية؛ وسببها إدخال الطعام على البدن قبل هضم الأول، والزيادة في القدر الذي يحتاج إليه البدن، وتناول الأغذية القليلة النفع البطيئة الهضم، والإكثار من الأغذية المختلفة التراكيب المتنوعة.

وإذا ملأ الآدمي بطنه من هذه الأغذية واعتاد ذلك، أورثته أمراضًا متنوعة.

فإذا توسط في الغذاء وتناول منه قدر الحاجة -وكان معتدلاً في كميته وكيفيته- كان انتفاع البدن به أكثر من انتفاعه بالغذاء الكثير.

ومراتب الغذاء ثلاثة: أحدها: مرتبة الحاجة.

ْوالثانية: مرتبة الكفاية.

والثالثة: مرتبة الفَضْلَة.

فأخبر النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه يكفيه لقيمات يقمن صلبه، فلا تسْقط قُوَّته ولا يَضعُفُ معها، فإن تجاوزها فليأكل في ثلث بطنه، ويدع الثلث الآخر للماء، والثلث للنفس؛ وهذا من أنفع ما للبدن والقلب، فإنَّ البطن إذا امتلأ من الطعام ضاق عن الشراب، فإذا ورد عليه الشراب ضاق عن النفس وعرض له الكرب والتعب بحمله، بمنزلة حامِلِ الحِمْلِ الثقيل؛

ص: 579

والشبع المفرط يُضعف القُوى والبدن، وإنما يَقْوى البدن بحسب ما يقبل من الغذاء لا بحسب كثرته، ولما كان في الإنسان جزء أرضيّ وجزء مائي، وجزء هوائي، قسم النَّبي صلى الله عليه وسلم طعامه وشرابه ونفسه إلى الأجزاء الثلاثة، فإن قيل: فأين الحظ الناري؟ قيل: هذه مسألة خلاف.

فمن النَّاس من قال: ليس في البدن جزء ناري، وعليه طائفة من الأطبَّاء وغيرهم، ومنهمِ من أثبته" انتهى.

ص: 580

651 -

[2382]"نَشَغَ" بنون وشين وغين معجمتين، قال في

ص: 580

النِّهاية: "النشيغ في الأصل: الشهيق حتى يكاد يبلغ به الفشي، وإنما يفعل الإنسان ذلك تشوقًا إلى شيءٍ فائت وأسَفًا عليه".

"بل أَردَتْ أَنْ يُقَال: فُلانٌ قَارِيءٌ، فقد قيل ذاك" سُئل الشَّيخ تقي الدِّين بن الصَّلاح عن معنى هذا الحديث، وهل هو محمُول على أنه لم يكن له حسنة غير العلم، أو على أنَّ له حسنات غيره، فاحبطت نيته في العِلم حسناته، وهذا خلاف قوله تعالى:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} ؟ فأجاب: كان بمثابة لو أخلص في عمله، لنَجَّاه عمله من العذاب الذي وُجِد مُقْتَضِيه، فلما لم يخلص نزل به مُوجِب المقتضى لعذابه.

أو هذا فيمن ترجحت سيئات ريَائه بالعِلم على حسناته، فلم تدفع عنه حسناتُه عذاب ذنب الرياء، فعذب والله أعلم".

ص: 581

652 -

[2384]"الرَّجل يَعْمَل العَمل فَيُسِرُّهُ، فإِذَا اطُّلِعَ علَيْهِ أَعْجَبه"

ص: 581

قال في النِّهاية: "أي: نرميه يريد به الخيبة، وأن لا يعطوا عليه شيئًا، ومنهم من يخبر به على ظاهره، فيرمي فيها [التراب] .

ص: 583

655 -

[2404]"يَخْتَلُونَ الدُّنْيَا بِالدِّيْنِ".

قال في النِّهاية: "أي: يطلبون الدنيا بعمل الآخرة.

يقال: ختله يختلهُ، إذا خدعه ورَاوغه، وختل الذئب الصيد إذا تخفي له".

ص: 583

656 -

[2405]"أتيحنهم فِتْنَةً" يقال: أتاح الله لفلان كذا، أي

ص: 583

قدره له وأنزله به.

ص: 584

657 -

[2406]"أَمْلِكْ عَليْكَ لِسَانَكَ" أي لا تُجِره إلَاّ بما يكون لك لا عليك.

ص: 584

658 -

[2407]"فَإِنَّ الأعْضَاءَ كُلَّهَا تكَفِّرُ اللِّسَانَ".

قال في النِّهاية: "أي تذل وتخضع.

والتكفير: هو أن يَنْحَنِيَ الإنْسَانُ وَيُطَاطِىءَ رَأسه قريبًا من الرُّكُوعِ كما يفعَلُ من يُريدُ تعظيم صَاحِبِه".

ص: 584

659 -

[2413]"مُتَبذلة" التبذل ترك التزين والتهيؤ بالهيئة

ص: 584

الحسنة الجميلة.

قال في النِّهاية: "يُرْوى متبذلة ومبتذلة، وهما بمعنى"

ص: 585

660 -

[2415]"تَرجُمَانٌ" بفتح التاء وضم الجيم.

ص: 585

"ثُمَّ يَنْظُرَ أَيْمَن مِنْهُ" بالنَّصب على الظرف؛ أي: عن يمينه.

"ثُمَّ يَنْظُرَ أَشْأَمَ مِنْهُ" أي: عن شماله.

ص: 586

2261 -

[2420]"لِلْشَاةِ الجَلْحَاءِ" هي التي لا قرن لها.

ص: 586

662 -

[2421]"فتَصْهُرُهُمْ الشَّمْسُ" أي: تذيبهم.

ويحتمل أن يكون معناه: تَقْرُب منهم، وتَدْنُو.

ص: 586

663 -

[2423]"غُرْلاً" بغين مضمُومَة وراء ساكنة ولام: أي:

ص: 586

غير مختونين، جمع أغرل.

ص: 587

664 -

[2426]"مَنْ نوقِشَ الحِسَابَ" أي من استُقْصِيَ في مُحاسبته وَحُوقق.

ص: 587

665 -

[2427]"كَأنَّهُ بَذجٌ" بفتح الموحدة والذال المعجمة

ص: 587

وجيم؛ وهو ولد الضأن، وجمعه بِذْجَانٌ.

ص: 588

666 -

[2428]"وَتَرَكْتُكَ تَرْأَسُ" يقال: رأس القوم، يرأسهم رياسة، إذا صار رئيسهم ومُقَدَّمَهم.

"وَتَربَعُ" أي: تأخذ ربع الغنيمة، يقال: رَبَعت القَوم أَرْبَعُهُم:

إِذَا أَخَذْتُ رُبْع أَمْوَالِهِم، يريد جعلتك رئيسًا مطاعًا؛ لأنَّ الملِك كان يأخذ الرُّبع من الغنيمة في الجاهلية دون أصحابه.

ص: 588

667 -

[2434]"فَنهس مِنْهَا نَهْسَةً" النَّهس بالسين المهملة:

ص: 588

أخذ اللحم بأطراف أَسنانه.

"وَيَنْفُذُهُمْ البَصَر".

قال في النِّهاية: " قال أبو حاتم: أصحاب الحديث يروونه بالذال المعجمة، وإنما هو بالمهملة: أي يبلغ أولهم وآخرهم حتى يراهم كلَّهم ويستوعبهم، من نفذ الشيء وأنْفَدْته.

قيل: المراد به ينفدهم بصر الرَّحمن حتى يأتي عليهم كُلِّهم، وقيل: أراد ينفدهم بصر النَّاظر؛ لاستواء الصعيد، وحمل الحديث على بَصر المبصِر أولى من حمله على بصر الرَّحمن، لأنَّ الله يجمع النَّاس

ص: 589

يوم القيامة في أرض يشهد جميع الخلائق فيها محاسبة العبد الواحد على انفراده، ويرون ما يصير إليه".

ص: 590

668 -

[2436]"شفاعتِي لأِهْلِ الكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي".

قال النووي في الأذكار: "روى النّحاس عن أبي بكر محمَّد بن أبي يحيى قال: وكان من الفقهاء الأدباء العلماء.

قال: لا تقل اللَّهم ارزقنا شفاعة النَّبي صلى الله عليه وسلم، فإنما يشفع لمن استوجب النَّار.

وقال النووي: هذا خطأ فاحش، وجهالة بيِّنة ولولا خوف الاغترار بهذا اللَّفظ، وكونه قد ذُكر في كتب مصنِفه لما تجاسرت على حكايته، فكم من حديث في الصحيح جاء في ترغيب المؤمنين الكاملين بوعدهم شفاعة النَّبي صلى الله عليه وسلم. [فإنَّما يشفع لمن استوجب النَّار] . "من

ص: 590

قال مثل ما يقولُ المؤذن حلت له شفاعتي" وغير ذلك.

ولقد أحسنَ الإمام الحافظ الفقيه أبو الفضل عياض رحمه الله في قوله: قد عرف بالنقل المستفيض سُؤال السلف الصَّالح رضي الله عنهم شفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم، ورغبتهم فيها، قال: وعلى هذا لا يلتفت إلى كراهة من كره ذلك -لكونها لا تكون إلَاّ للمذنبين- لأنه ثبت في الأحاديث في صحيح مسلم وغيره إثبات الشفاعة لأقوام في دخولهم الجنَّة بغير حساب، ولقوم في زيادة درجاتهم في الجنَّة. قال: ثم كل عاقل -يعترف بالتقصير فيحتاج إلى العفو- مشفقٌ من كونه من الهالكين.

ومنهم: "من يشفع للعُصبَةِ" هم الجماعة من النَّاس إلى العشرة إلى الأربعين ولا واحد لها من لفظها.

ص: 591

669 -

[2444]"إِلى عمَّانَ البَلْقَاءِ" قال في النِّهاية: "هي بفتح

ص: 591

العين وتشديد الميم: مدينة قديمه بالشَّام من أرض البلقاء، فأمَّا بالضم والتخفيف فهو سُقْع عند البحرين".

"السدد" جمع سدة وهي كالظلة على الباب، لتقي الباب من المطر، وقيل: هي البَاب نفسه، وقيل: هي الساحة بين يديه.

ص: 592

670 -

[2445]"لَم يَظْمأ آخِرَ مَا عَلَيهِ" قال أبو البقاء: "هو منصوب على الظرف، والتقدير لم يظمأ أبدًا، وقد جاء في حديث آخر بهذا اللَّفظ، والمعنى لم يظمأ ذلك الشَّارب إلى آخر مدة بقائه، ومعلومٌ

ص: 592

أنه يبقى أبدًا، فيكون معناه أنه لم يظمأ أبدًا".

وذكر البطليوسي مثله، وقال: والحقيقة تقديره: لم يظمأ آخر ما عليه أن يبقى، والعرب تستعمل الآخر، يريد به معنى الأبد، كقول الشَّاعر:

أَمَا لَكَ عَمْرٌ إنَّما أَنت حيَّة

إذا هي لم تُقتل تعش آخر الدَّهر

ص: 593

671 -

[2446]"عُكَّاشة" بضم أوله، وتشديد الكاف وتخفيفها أيضًا.

ص: 593

672 -

[2446]"تخيَّلَ، واخْتَال" هما تفعل وافتعل، من الخيلاء وهو الكبر والعجب.

ص: 594

673 -

[2450]"مَنْ خَافَ أَدْلَجَ" يقال: أدلج بالتخفيف: إذا سار أول اللَّيل، وأدَّلَج " [بالتشديد] إذا سار من آخره.

ص: 594

674 -

[2453]"شِرَّةٌ" بكسر الشِّين وتشديد الراء: النشاط والرغبة.

ص: 594

"الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ" أي: أذلها واستعبدها، وقيل: حاسبها.

ص: 595

675 -

[2460]"يَكتشرونَ" الكشر بالشين المعجمة

ص: 595

ظهور الأسنَان للضحك.

ص: 596

676 -

[2461]"على رَمل حَصِيرٍ" بفتح الراء والميم: هو السَّعف المنسُوج.

ص: 596

677 -

[2468]"قِرَامُ سِتْرٍ" بِكَسْرِ القاف وراء: الستر الرقيق، وقيل: الصفيق من صوف ذي ألوان، والإضافة فيه، كقولك: ثوب قميص، وقيل: القرام: الستر الرقيق وراء الستر الغليظ، ولذلك أضافه.

ص: 596

"سَمَلُ قَطِيْفَةٍ" السَّمَلُ: الخَلَقُ مِن الثِّيَاب.

ص: 597

678 -

[2471]"إِنْ كُنَّا" هي المخففة من الثقيلة.

"آل محمَّدٍ" بالنَّصب على الاختصاص.

- 2473 "إهابًا معْطونًا" هو النتن المُتمزق من الشعر يقال: عطِنَ الجلد فهو عطنٌ ومعطون، إذا مزقت شعره وأنتن في

ص: 597

الدباغ.

"فجَوَّبْتُ وَسطهُ" بالجيم وتشديد الواو، أي: قطعته.

"وهو يَسْقي بِبَكرةٍ" بسكون الكاف.

ص: 598

679 -

[2476]"مَرقوعة بِفَرْوٍ".

ص: 598

680 -

[2477]"ولا يأوُون" أي لا يلتفتُون، ولا يعطون.

ص: 598

681 -

[2485]"انْجَفل النَّاسُ إليه" أي: ذهبوا مسرعين نحوه.

ص: 599

682 -

[2487]"وَأَشْرَكُونَا في المَهْنَإِ" أي: الأمر الهنيء؛ قال

ص: 599

في القاموس: "الهَنِيءُ، والمَهْنَأُ؛ مما أتاك الله بلا مشقة"

ص: 600

683 -

[2489]"في مَهْنَةِ أَهلِهِ" بفتح الميم وسكون الهاء، وهي الخدمة.

قال الأصمعي: "ولا يقال بالكسر".

وقال الزمخشري: "الكسر خطأ عند الأثبات".

ص: 600

684 -

[2492]"أمثال الذرِّ" هو النمل الأحمر الصغير، الواحد ذرَّة، وسئل ثعلب عنها، فقال: إنَّ مائة نملة وزن حبَّة.

ص: 600

"تَعْلوهُمْ نَارُ الأَنْيارِ". قال أبو البقاء في إعراب الحديث: "كذا وقع في هذه الرواية، ويريد بذلك جمع نار، والأشبه أنه حمل الأنيار على النيران حيث شاركها في الجمع، كما قال بعضهم في جمع ريح: أرياح، لما رآهم قالوا: رياح.

ص: 601

685 -

[2498]"دوِّيَّة" بالتشديد نسبة إلى الدوّ؛ وهي الصحراء التي لا نبات بها.

ص: 601

686 -

[2506] "حدثنا سَلمة بن شبيب، حدثنا أميه بن القاسم، ثنا حفص بن غياث عن برد بن

ص: 601

سنان عن مكحول عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول

الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُظهرِ الشَّمَاتَةَ لأِخِيْكَ، فيرحَمَهُ اللهُ ويَبْتَلِيْكَ"".

"هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، ومكحول قد سمع من واثلة".

هذا أحد الأحاديث التي انتقدها الحافظ سراج الدِّين القزويني على المصابيح، وزعم أنه موضوع. وقال الحافظ صلاح الدِّين العلائي:

"هذا الحديث ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وقال: تفرد به عمر بن إسماعيل بن مجالد وهو متروك، عن حفص بن غياث وعُمر بن إسماعيل كما ذكر اتَّفقوا على ضعفه ووهائه، لكن لم ينفرد به،

ص: 602

فقد رواه الترمذي من طريق أميه بن القاسم عن حفص قال: شيخنا المزي في الأطراف: "كذا وقع في جميع الروايات، أميَّة بن القاسم وهو خطأ، وصوابه القاسم بن أميَّة الحذَّاء العبدِي، رواه عنه محمَّد بن غالب ابن حرب [بن] تمام فقال: حدثنا القاسم بن أميَّة الحذاء بالبصرة، فذكره، وقد ذكرهُ عبد الرَّحمن بن أبي حاتم في كتابه وقال: سئل أبي عنه، فقال: ليس به بأس صدوق وسُئل أبو زرعة عنه، فقال: كان صدُوقًا".

قال العلائي: "فَبَرِىءَ عمر بن إسماعيل بن مجالد من عهدته، وبقي الحديث حسنًا كما قال الترمذي، لكنه غريب لتفرد القاسم بن أميَّة به.

قال: "والعجب أنَّ شيخنا المزي ذكر هذا في الأطراف، ولم يذكر في التهذيب سوى أميَّة بن القاسم في حرف الألف، ولم يزد على أن قال: روى عن حفص بن غياث، روى عنه سلمة بن شبيب، روى له الترمذي ولم يذكر [في حرف] القاف، القاسم بن أميَّة، لأنه لم يجىء في كتاب الترمذي هكذا، ولم ينبه عليه في حرف الألف كما فعل

ص: 603

في الأطراف" انتهى.

ص: 604

687 -

[2514]"عَافَسْنَا الأزْوَاج" المعافسة، المعالجة، والممارسة، والملاعبة، [والضَّيعة: المعاش] .

"ولكن يا حَنْظَلَةُ سَاعةٌ وَسَاعَة"ٌ قال أبو البقاء: "يجوز النَّصب على معنى تذْكُر ساعةً، وتلهُو ساعةً، والرفع على تقدير: لنا ساعةٌ، ولله ساعةٌ".

وقال الحكيم في نوادره: "أي: ساعة للذكر، وساعة للنفس".

ص: 604

688 -

[2516]"احفظِ الله يحفظك".

ص: 604

قال الفاكهاني: "معناه؛ احفظ أمر الله واتقه، فلا يراك حيث نهاك، واحفظ حدود الله ومراسمه التي أوجبها عليك، فلا تُضيع منها شيئًا، فإذا فعلت ذلك حفظك الله في نفسك ودينك ودنياك. وهذا من أحسنِ العبارات عن هذا المعنى وأبلغها وأجزلها، وهو من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم".

"احفظ الله تَجِدْة تجَاهَكَ". قال الفاكهاني: "معنا تجده معَك بالحفظ والإحاطة والتأييد حيث ما كنت، وهو من أبلغ المجاز وأحسنه، إذ الجهة في حقه تعالى محال، وخصَّ اتجاه دون غيره من الجهات الست؛ لأنَّ الإنسان مُسافر إلى الآخرة، والمسافر إنما يطْلبُ تُجَاهه لا غير، وكان المعنى: تجده حيث ما توجهت.

"رُفعَتِ الأَقْلامُ، وَجَفتِ الصُّحُفُ". قال الفاكهاني: "معناه أنَّ ذلك أمر ثابت لا يبدل، ولا ينسخ، ولا يغير عمَّا هو عليه".

ص: 605

689 -

[2517]"اعقلها وتوكَّلْ" قال ابن الخازن: قال أهل

ص: 605

التأويل: أراد طمأنينة النفس في حالة الشدة والرخاء.

ص: 606

690 -

[2518]"دَعْ مَا يَريبك إلى ما لا يريبك" قال في النِّهاية:

"يروى بفتح [الياء] وضمها؛ أي دع ما تشك فيه إلى ما لا تشك فيه".

ص: 606

691 -

[2519]"لا يعْدَلُ بالرِّعَةِ" هو الورع، يقال: ورِعَ يَرِعُ وَرِعَةً؛ مثل وثق ثقة.

ص: 606

692 -

[2520]"وَأمن النَّاسِ بَوَائِقهُ" أي: غوائله وشروره، وأحدها بائقة وهي الداهية.

ص: 607