المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول: الأحاديث الواردة في النهي عن الكتابة - كتابة الحديث بين النهي والإذن

[أحمد بن محمد حميد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌الفصل الأول: في تعريف الكتابة وإطلاقاتها في الشرع

- ‌المبحث الأول: في تعريف الكتابة في اللغة والاصطلاح

- ‌أولاً: الكتابة في اللغة

- ‌ثانياً: تعريف الكتابة في الاصطلاح

- ‌المبحث الثاني: إطلاقات الكتابة في الشرع:

- ‌الفصل الثاني: الكتابة زمن البعثة النبوية

- ‌المبحث الأول: علاقة العرب زمن البعثة النبوية بالكتابة

- ‌المبحث الثاني: الكتبة في العهد النبوي والسبل التي وجهت إليها كتابتهم

- ‌الفصل الثالث: فضل الكتابة، وأثرها

- ‌المبحث الأول: فضل الكتابة

- ‌المبحث الثاني: أثر الكتابة في حفظ العلم وقيمته:

- ‌الفصل الرابع: كتابة السنة على ضوء الأحاديث

- ‌المبحث الأول: الأحاديث الواردة في النهي عن الكتابة

- ‌المبحث الثاني: الأحاديث المتضمنة إباحة الكتابة:

- ‌الفصل الخامس: فهم الأحاديث السابقة

- ‌المبحث الأول: العلماء وموقفهم من الكتابة للحديث على ضوء ما ورد

- ‌المبحث الثاني: فهم المخالفين لأحاديث النهي والإباحة:

- ‌الخاتمة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث الأول: الأحاديث الواردة في النهي عن الكتابة

‌الفصل الرابع: كتابة السنة على ضوء الأحاديث

‌المبحث الأول: الأحاديث الواردة في النهي عن الكتابة

وردت أحاديث عدة عن النبي صلى الله عليه وسلم تضمنت النهي عن كتابة حديثه، استدل بها من لم ير كتابة الحديث ونهى عنها، ولا شك أن تخريجها من مصادرها والحكم على أسانيدها بعد دراستها معين في بيان قيمة هذا القول وأثره. وسأعرض هذه الأحاديث في هذا المبحث بالتفصيل:

أولاً: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي - قال همام: أحسبه قال: متعمداً ـ فليتبوأ مقعده من النار".

أخرجه مسلم في الزهد باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم رقم (7510) عن هداب بن خالد واللفظ له.

والنسائي في فضائل القرآن من الكبرى باب كتابة القرآن 5/10 عن يزيد وعفان وفي لفظهما "عنى شيئاً غير القرآن ـ الحديث إلى قوله فليمحه" وأحمد 3/12 عن إسماعيل بن علية نحوه، وعن شعيب بن حرب ولفظه "لا تكتبوا عني شيئاً فمن كتب عني شيئاً فليمحه".

و3/21 عن يزيد، 39 عن أبي عبيد وأتم الحديث نحو مسلم، 55 عن عفان وتمامه "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، وحدثوا عني ولا تكذبوا عليّ" وتمامه مثل مسلم.

وأبو يعلى 2/97 عن أبي الوليد الطيالسي مثل لفظ عفان عند النسائي وصححه الحاكم من هذا الوجه على شرطهما 1/126، وأخرجه ابن حبان 1/265 عن كثير بن يحيى.

ص: 31

والخطيب في تقييد العلم /31 عن عمرو بن عاصم الكلابي نحو حديث عفان عند أحمد.

وابن عبد البر في جامع بيان العلم 1/268 عن موسى بن إسماعيل نحو حديث يزيد عند النسائي.

عشرتهم عن همام بن يحيى، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد رضي الله عنه به.

ونقل ابن حجر في الفتح 1/208 عن البخاري وغيره تصحيح وقفه.

وممن أعله بالوقف أبو داود كما في تحفة الأشراف 3/408 قال: وهو منكر، أخطأ فيه همام، هو من قول أبي سعيد، بعد أن عزاه المزي إلى أبي عوانة بقصة الكتابة.

وقال الخطيب في التقييد /30: ويقال إن المحفوظ رواية هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري من قوله غير مرفوع.

قلت: قد ورد عن غير همام مثله ونحوه عن السفيانين عن زيد بن أسلم.

أولاً عن سفيان الثوري نحوه.

أخرجه ابن عدي في الكامل 5/1771 عن محمد بن الحسين بن شهريار والخطيب في تقييد العلم /30 عن محمد بن الحسين القطان كلاهما عن النضر ابن طاهر عن عمرو بن النعمان عن الثوري عن زيد.

وهذا سند تالف النضر بن طاهر هذا يسرق الحديث كما في لسان الميزان 6/194.

ورواه يوسف بن أسباط عن الثوري عن خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم.

ص: 32

أخرجه ابن عدي أيضاً 3/925 حدثنا إبراهيم بن إسحاق بن عمر حدثنا عبد الله بن حبيق عن يوسف به.

وهذا الإسناد أمثل من الإسناد السابق، يوسف صدوق وثقة أحمد وابن معين والعجلي، إلا أنه دفن كتبه ثم كان يحدث من حفظه فيخطئ، ولذا تكلم فيه من تكلم من العلماء، وانظر سؤالات أبي داود أحمد بن حنبل رقم (330) والكامل 7/2614، ولسان الميزان 6/388.

وبان بهذه الرواية أن الثوري لا يرويه عن زيد بن أسلم، بل بينهما خارجة بن مصعب وهو متروك، كما في ترجمته في تهذيب الكمال 8/6.

ثانياً: عن سفيان بن عيينة ولفظه "استأذنا النبي صلى الله عليه وسلم في الكتابة فلم يأذن لنا".

أخرجه الترمذي في العلم باب في كراهية كتابة العلم رقم (2665) عن سفيان بن وكيع.

والدارمي في المقدمة باب من لم ير كتابة الحديث 1/119 عن أبي معمر كلاهما عن ابن عيينة عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد به.

وخالفهما لوين واختلف عليه فيه.

فرواه محمد بن إبراهيم بن يحيى الحزوري في جزئه عن لوين رقم (55) ومحمد بن هارون بن حميد عند ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ رقم (603) كلاهما عن ابن عيينة عن زيد عن أبيه عن عطاء عن أبي سعيد بنحوه.

ورواه إسماعيل بن عبد الله وعلي بن إسحق الأنماطي وعبد الله بن صالح البخاري عند الخطيب في تقييد العلم كلهم عن لوين عن ابن عيينة عن ابن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء عن أبي سعيد وتابعهم عن لوين القاسم بن

ص: 33

محمد بن عباد عند ابن عدي في الكامل 4/1583. وقال عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم عن أبيه والرواية الثانية أصح إذ لا مدخل لأسلم العمري وهو تابعي كبير قديم، وهذا ما رواه إبراهيم بن بشار عند الطحاوي في معاني الآثار 4/318، وحسين بن حسن بن حرب المروزي عند الرامهرمزي في المحدث الفاصل /379، ومحمد بن خلاد عند ابن عدي في الكامل 1/35 كلهم عن سفيان عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء عن أبي سعيد.

فعاد الحديث إلى رواية سفيان عن عبد الرحمن بن زيد، وقد اضطرب فيه فجعله من مسند أبي هريرة أخرجه أحمد 3/12 عن إسحاق بن عيسى ولفظه كنا قعوداً نكتب ما نسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فخرج علينا، فقال: ما هذا تكتبون، فقلنا: ما نسمع منك، فقال:"أكتاب مع كتاب الله" فقلنا ما نسمع؟ فقال "أكتاب غير كتاب الله؟ امحضوا كتاب الله وأخلصوه"، قال: فجمعنا ما كتبنا في صعيد واحد، ثم أحرقناه بالنار، قلنا: أي رسول الله نتحدث عنك؟ فذكر نحوا من حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم.

والبزار كما في زوائده رقم (98) عن يعقوب بن حميد مختصراً. والخطيب في تقييد العلم /33 عن عبد الله بن عمرو، وسهل، ويعقوب بن محمد كلهم عن عبد الرحمن به.

قال البزار: رواه همام عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد، وعبد الرحمن بن زيد، فقد أجمع أهل العلم بالنقل على تضعيف أخباره، وليس هو بحجة فيما ينفرد به.

ص: 34

فبهذا يصح إطلاق أن همام بن يحيى قد تفرد به عن زيد بن أسلم. وهمام: ثقة إلا أنه يحدث من حفظه، فيقع منه الغلط ولا يرجع إلى كتابه، ثم أصبح بآخره يرجع إليه ويعترف بخطئه فيما مضى، ومنه أخذ ابن حجر أن حديثه بآخره أصح ممن سمع منه قديماً، كما في تهذيب التهذيب 11/60.

فلعل تضعيف من ضعف الحديث وأعله بالوقف من هذا الجانب. إضافة إلى أن المروي عن أبي سعيد رضي الله عنه من غير هذا الطريق يؤيد الوقف عليه، ومنها:

عن أبي نضرة عنه وله طرق متعددة:

أ- رواه الجريري عن أبي نضرة ولفظه: قلت لأبي سعيد ألا تكتبنا فإنا لا نحفظ، فقال:"لا إنا لن نكتبكم ولم نجعله قرآناً، ولكن احفظوا عنا كما حفظنا نحن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".

أخرجه الدارمي في الموضع السابق 1/122 عن يزيد بن هارون واللفظ له.

وأبو خيثمة في العلم /131 نحوه عن ابن علية ولم يقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والرامهرمزي /379 عن غسان بن مضر.

وابن عبد البر في جامع بيان العلم 1/273 عن عبد الأعلى والخطيب في تقييد العلم /37، 38 عن شعبة ولفظه: اسمعوا كما كنا نستمع، وعن القاسم بن الفضل نحو لفظ إسماعيل بن علية ستتهم عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه وهذا سند صحيح.

ب- كهمس بن الحسن عنه ولفظه: قال: قلنا لأبي سعيد لو اكتتبنا الحديث، قال "لا نكتبكم خذوا عنا كما أخذنا عن نبينا صلى الله عليه وسلم" أخرجه

ص: 35

ابن أبي شيبة في المصنف 9/52 عن أبي أسامة والخطيب في تقييد العلم عن روح بن عبادة كلاهما عن كهمس عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنهم به. وهذا سند صحيح.

ج- المستمر بن الريان عن أبي نضرة قال: قلنا لأبي سعيد ألا نكتب ما نسمع منك؟ قال: "تريدون أن تجعلوها مصاحف احفظوا كما حفظنا".

أخرجه ابن سعد في الطبقات 5/253 عن مسلم بن إبراهيم والخطيب في تقييد العلم /36، 37 عن عثمان بن عمر ويحيى بن السكن وزاد كما حفظنا عن نبيكم صلى الله عليه وسلم ثلاثتهم عن المستمر عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنهم به. وهذا إسناد صحيح.

ورواه أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد قال: "ما كنا نكتب غير التشهد والقرآن".

أخرجه أبو داود في العلم باب كتاب العلم 3/319 عن ابن شهاب وابن أبي شيبة 1/293 عن ابن علية والطحاوي في معاني الآثار 1/264.

ثلاثتهم عن أبي المتوكل عن أبي سعيد به.

ولا يقال إن قوله كما حفظنا نحن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونحوه ما ورد في الطرق السابقة، له حكم المرفوع حيث عزا هذا الفعل إلى زمنه صلى الله عليه وسلم فالجواب: إن هذا إخبار عن الكيفية التي تلقى بها أبو سعيد رضي الله عنه الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ينفي هذا أن غيره تلقى الحديث مكتوباً عن النبي صلى الله عليه وسلم بدليل ما سيأتي من أحاديث في المبحث الثاني.

وفي الفصل الأخير مزيد كلام عن حديث أبي سعيد رضي الله عنه.

ص: 36

ثانياً: عن زيد بن ثابت رضي الله عنه

أنه دخل على معاوية رضي الله عنه، فسأله عن حديث فأمر إنساناً يكتبه، فقال له زيد "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا ألا نكتب شيئاً من حديثه" فمحاه.

أخرجه أبو داود في الموضع السابق رقم (3647) . عن أبي أحمد الزبيري.

والخطيب في تقييد العلم /35 عن سليمان بن بلال نحوه كلاهما عن كثير عن المطلب عن زيد به.

وهذا إسناد ضعيف لأنه منقطع: المطلب بن عبد الله بن حنطب لم يسمع إلا من أنس وسهل بن سعد وسلمة بن الأكوع رضي الله عنهم، ولم يسمع من زيد كما في جامع التحصيل /281.

ثالثاً: عن معاذ رضي الله عنه

قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نكتب شيئاً من الحديث، فقال:"ما هذا يا معاذ؟ " قلنا: سمعناه منك يا رسول الله، قال:"يكفيكم هذا القرآن مما سواه"، فما كتبنا شيئاً بعد. أخرجه إسحاق كما في المطالب العالية 12/610 أخبرنا عطاء بن مسلم الحلبي عن عمرو بن قيس الملائي عن إبراهيم النخعي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه. قال ابن حجر: منقطع.

يعني بين إبراهيم النخعي ومعاذ.

وفيه سبب آخر: عطاء بن مسلم هو الخفاف ضعيف من قبل حفظه كما في ترجمته في تهذيب الكمال 20/104.

ص: 37

رابعاً: عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم

رضي الله عنهم قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوباً رأسه، فرقى درجات المنبر، فقال " ما هذه الكتب التي بلغني أنكم تكتبونها، أكتاب مع كتاب الله؟ يوشك أن يغضب الله لكتابه، فيسرى عليه ليلاً، فلا يترك في ورقه ولا قلب منه حرفاً إلا ذهب إليه".

أخرجه الطبراني في الأوسط 7/287 حدثنا محمد بن عبد الله بن رستة حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا عيسى بن ميمون عن محمد بن كعب عن ابن عباس وعن زيد بن أسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما به.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/155 وفيه عيسى بن ميمون الواسطي وهو متروك.

ص: 38