المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الجهاد (1) وشرائط وجوب الجهاد سبع خصال: 1 - الإسلام 2 - - التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب

[مصطفى ديب البغا]

الفصل: ‌ ‌كتاب الجهاد (1) وشرائط وجوب الجهاد سبع خصال: 1 - الإسلام 2 -

‌كتاب الجهاد

(1)

وشرائط وجوب الجهاد سبع خصال:

1 -

الإسلام

2 -

والبلوغ

3 -

والعقل

4 -

والحرية

5 -

والذكورية

6 -

والصحة

7 -

والطاقة على القتال (2).

(1) الجهاد من فرائض الإسلام وشعائره العظمى، دل على مشروعيته: من كتاب الله تعالى آيات كثيرة، منها: قوله تعالى: " كتبِ عَلَيْكمْ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكمْ وَعَسىَ أنْ تكْرَهُوا شَيئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسىَ أنْ تحبوا شَيْئاً وَهُوَ شَر لَكمْ والله يَعْلم أنتمْ لَا تَعْلَمونَ "/ البقرة: 216/.

ومن السنة: جهاده المتواصل صلى الله عليه وسلم منذ أْذنَ له فيه، إلى أن لقي الله عز وجل. مع بيانه أحكامه وأهدافه الله، كقوله:(أُمِرْتُ أَن أقَاتلَ النَاسَ حَتى يقولُوا لَا إلَهَ إلَا اللهُ). البخاري (2786) ومسلم (21).

وقد ورد في فضل الجهاد والحث عليه، والتنفير من القعود عنه، والتحذير من تعطيله، ما لا يحصى من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية.

(2)

أي القدرة على القتال بالبدن والمال دون مشقة شديدة، فخرج نحو الأعمى والأعرج وفاقد النفقة. والأصل في هذه الشروط: قوله تعالى: " يا أيهَا الذين آمَنوا قاتلُوا الَّذينَ يَلُونَكمْ مِنَ الكفارِ" / التوبة: 123/. فقد خَوطب بالأمر بَالقتال المؤمنون وهم المسلمون فلا يتوجه على غيرهم. والجهاد أيضاً من أعظم العبادات وغير المسلم ليس

ص: 226

ومن أسر من الكفار فعلى ضربين:

1 -

ضرب يكون رقيقا بنفس السبي (1) وهم الصبيان والنساء

2 -

وضرب لا يرق بنفس السبي وهم الرجال البالغون

والإمام مخير فيهم بين أربعة أشياء

1 -

القتل

2 -

والاسترقاق

3 -

والمن

4 -

والفدية بالمال أو بالرجال (2)

يفعل من ذلك ما فيه المصلحة (3).

أهلا للعبادة، وهو أيضاً لإعلاء كلمة الله عز وجل، والكافر لا يسعى إلى ذلك.

وقوله تعالى: "لَيْسَ عَلى الضُّعفاء ولَا عَلى المَرْضىَ وَلَا عَلى الَذينَ لَا يجدُونَ مَا يُنْفقونَ حَرَج َ" / التوبة 91 /.

[الضعفاءَ: الصبيان والمَجانين. حرج: إثم وذنب إذا لم يخوجوا إلى الجهادَ ونفي الإثم والذنب بعدم الخروج دليل على الوجوب] روى البخاري (2521) ومسلم (1868) واللفظ له، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: عَرَضني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومَ أحُد في القتال. وأنا ابنُ أربًعَ عشْرَةَ سنة، فلما يجُزْني، وعرضني، يوم الخَنْدَق، وأنا ابنُ خمسَ عشرةَ سَنَة. فأجازَني. أي فأذن لي بالخروج وَالاشتراك في القتال.

وروى البخاري (1762) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نَغْزو ونجاهِدُ مَعَكُمْ؟. قال:(لكُن أحْسَن الجِهاد وَأجْمَلُهُ الحَج حج مَبرُورُ). أي مقبول.

(1)

هو الأسر والأخذ من صفوف الأعداء أثناء القتال أو مطاردة العدو.

(2)

بأن يأخذ منهم مالاً مقابل إطلاقهم، أو يستبدل أسرانا بأسراهم.

(3)

قال تعالى: "فَإذَا لقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فًضرْبَ الرقابِ حَتَى إذَا أثخنتموهُمْ فَشُدُوا الْوَثَاقَ فَإمَّا مَنّا بَعْدُ وَإمَا فِدَاء ً حَتى تَضعً الْحَرْبُ أوْزارَهَا " / محمد: 4/.

[أْثخنتموهم: أثقلتموهم بالقتل والجراح. فشدوا الوثاق: فأسروهم

ص: 227

ومن أسلم قبل الأسر أحرز ماله ودمه وصغار أولاده (1).

وشدوا رباطهم حتى لا يفلتوا منكم. مناً:، تمنون منا. والمن هو الإنعام والمراد إطلاقهم من غير فدية. تضع الحرب أوزارها: حتى تنتهي الحرب بوضع المقاتلين أسلحتهم وكفهم عن القتال، وأصل الوزر ما يحمله الإنسان فأطلق على السلاح لأنه يحمل].

وروى البخاري (3804) ومسلم (1766) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: حَارَبَتْ النضِيرُ وَقُرَيْظَةُ، فأجْلى بني النضِيرِ وَأقَر قُرَيْظة وَمَن عَليْهِمْ، حَتَّى حارَبَتْ قريظةُ فقتلَ رجالَهم، وَقَسمَ نِساءهم وأولادهم وأموالهم بَيْنَ المُسْلِمِينَ.

وقد حكم بقتلهم سعد بن معاذ رضي الله عنه بتحكيم منه صلى الله عليه وسلم، بعد أن نزلوا على حكمه.

انظر البخاري (2878) ومسلم (1768).

واسترقْ صلى الله عليه وسلم أسرى هوازن، ثم تشفع فيهم لدى المسلمين بعد أن قسموا بينهم، عندما جاء وفد هوازن مسلمين، وطلبوا منه صلى الله عليه وسلم أن يرد إليهم سبيهم وأموالهم، فَمنوا عليهم. البخاري (2963).

وروى مسلم (1755) أن سرية من المسلمين أتوا بأسارى فيهم امرأة من بني فَزَارة، فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مَكَّةَ، ففدى بها ناساً من المسلمين، كانوا أسِرُوا بمكة. وروى أيضاً مسلم (1763) أنّه صلى الله عليه وسلم أخذ الفِدَاءَ مِنْ أسرى غزوة بَدْر.

(1)

أحرز: حفظ وحمى، وذلك لما رواه البخاري (25) ومسلم (22) عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أمِرْتُ أنْ أقًاتِلَ الناسَ حَتَى يَشهَدُوا أن لَا إلَهَ إلا اللهَ وَأن محمَدا رَسُولُ الله، وَيُقِيمُوا الصَلاةَ وَيُؤتُوا الزكَاةَ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عصمُوا مِنَي دِمَاءَهُم وَأموالَهمْ. إلابِحَق الإسْلَامِ. وَحِسَابُهُمْ عَلى اللهِ).

ص: 228

ويحكم للصبي بالإسلام عند وجود ثلاثة أسباب (1):

1 -

أن يسلم أحد أبويه

2 -

أو يسبيه مسلم منفردا عن أبويه

3 -

أو يوجد لقيطا في دار الإسلام (2).

"فصل" ومن قتل قتيلا أعطى سلبه (3) وتقسم الغنيمة (4) بعد ذلك على خمسة أخماس فيعطى أربعة أخماسها لمن شهد الوقعة (5) ويعطى للفارس ثلاثة

[عصموا: حفظوا ووقَوْا، وألحق صغار الأولاد بما ذكر لأن الولد تبع لأبويه في الإسلام. بحق الإسلام: أي إذا فعلوا ما يستوجب عقوبة مالية أو بدنية في الإسلام، فإنهم يؤاخذون بذلك قصاصاً. حسابهم على الله: أي فيما يتعلق بسرائرهم وما يضمرون].

(1)

أي عند وجود أحد أسباب ثلاثة.

(2)

تغليباً لجانب الإسلام وترجيحاً لمصحلة الصغير وما هو أنفع له، فإن الإسلام صفة كمال وشرف وعلو. قال عليه الصلاة والسلام:(الإسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى). رواه الدارقطني في سننه (كتاب النكاح). ورواه البخاري تعليقاً في الجنائز، باب: إذا أسلم الصي .. (العيني: 8/ 169).

(3)

وهو ما يكون مع المقتول من سلاح وعتاد ولباس ومال.

روى البخاري (2973) ومسلم (1851) عن أبي قتّادة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(مَن قَتَلَ قَتِيلا لَهُ عَلَيْهِ بَينَة فَلَهُ سلَبهُ).

[بينة: علامة أو شهود يشهدون له بقتله].

(4)

الغنيمة: ما أخذ من أموال الكفار عنوة والحرب قائمة، ولو عند المطاردة.

(5)

روى البيهقي (9/ 62) أن رجُلا سأل النبي صلي الله عليه وسلم قال: ما تقول في الغنيمة؟ قال: (للهِ خُمُسُهَا، وَأربَعَةُ أخْمَاس لِلجيش).

ص: 229

أسهم وللراجل سهم (1)

ولا يسهم إلا لمن استكملت فيه خمس شرائط:

1 -

الإسلام

2 -

والبلوغ

3 -

والعقل

4 -

والحرية

5 -

والذكورية

فإن اختل شرط من ذلك رضخ له ولم يسهم له (2).

ويقسم له الخمس على خمسة أسهم

1 -

سهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف بعده للمصالح

2 -

وسهم لذوي القربى وهم بنو هاشم وبنو المطلب

3 -

وسهم لليتامى

4 -

وسهم للمساكين

5 -

وسهم لأبناء السبيل (3).

(1) روي البخاري (2708) عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم جَعَلَ لِلفرَسِ سهمينِْ وَلِصَاحِبِهِ سَهْماً.

وفي روايةَ عنه أيضاً. عند البخاري (3988) ومسلم (1762) قال: قَسم ًرسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ خيبرَ: للفرس سَهْمَيْنِ، وَللراجِل سَهماً.

[الراجل: المقاتل على رجليه].

(2)

لأنة ليس من أهل الجهاد المفروض عليهم حضوره بل يعطيه أمير الجيش أو الإمام شيئاً من الغنيمة قبل قسمتها، ويجتهد في قدره حسب ما قدم من نقفع، على أن لا يبلغ سهم الراجل. وهذا المراد من قوله: رضخ له، من الرضخ، وهو في اللغة: العطاء القليل.

(3)

قال تعالى: "وَاعْلَملوا أنمَا غَنمتُمْ منْ شَيْء فأن للهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسول وَلِذِي القربى واليتَامى وَالمَسَاكًين وِابْن السَّبِيلِ "/ الأنفال َ: 41/.

[لله خمسه يحكم فيه كيف يشاء. للرسول: قسمته وتوزيعه، وله فيه نصيب وهو خمسه. اليتامى: جمع يتيم، وهو كل صغير لا أب له،

ص: 230

"فصل" ويقسم مال الفيء (1) على خمس فرق (2): يصرف خمسة على من يصرف عليهم خمس الغنيمة (3)،

فإذا بلغ لم يبق يتيما، لقوله صلى الله عليه وسلم:(لايُتْمَ بَعْدَ احتلام) أبو داود (2873) ابن السبيل: المسافر الذي فقد النفقة وهو بعيد عنً ماله].

وروى البخاري (2971) عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسرل الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسولَ الله، أعطيتَ بني المطلب وتركتَنَا، ونحن وهم منك بمَنْزِلَة وَاحِدَة؟ فقالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنَّمَا بَنُو المطلِبِ وً بنُو هَاشِم شيء وَاحِدٌ).

[بمنزلة واحدة: من حيث القرابة، لأن الجميع بنو عبد مناف. شيء واحد: لأصهم ناصروه قبل إسلامهم وبعده]. وانظر: حاشية 3 التالية.

(1)

وهو ما أخذ من الكفارمن غير قتال، أو بعد انتهاء الحرب بالكلية.

(2)

أقسام.

(3)

قال تعالى: "ماَ أفَاءَ الله عَلى رَسُوله مِنْ أهلِ الْقُرَى فَللهِ وَلِلرسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَاليتامىَ وَالمَساكَينِ وَابنِ السَبِيلِ " / الحشر:7 /.

وهذه الآية مطلقة لم يذكر فيها التخميس. فحملت على أية الغنيمة المقيدة بالتخميس.

وقال صلى الله عليه وسلم: (مَالي ممَا أفَاءَ اللهُ إلا الخمس، وَالخُمُسُ مَردُودٌ فِيكُمْ) رواه البيهقيَ نهاية: 3/ 272).

أي يصرف في مصالحكم، وذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، والمراد بالخمس خمس الخمس كما علمت. انظِر: حاشية 3 ص 228.

ص: 231

ويعطى أربعة أخماسه للمقاتلة (1) وفي مصالح المسلمين (2).

(1) وهم الجند المنقطعون لرصد العدو وحماية الثغور، والمتأهبون دائماً للجهاد.

(2)

لأنها كانت تعطى له صلى الله عليه وسلم في حياته، وكان يصرفها فيما ذكر.

روى البخاري (2748) ومسلم (1757) عن عمر رضي الله عنه قال: كانتْ أمْوالُ بَني النضِير، ممَا أفَاءَ اللهُ عَلى رسُوله صلى الله عليه وسلم مِمَّا لَم يُوجِفِ المُسْلمُوَنَ علَيْه بخيْل وَلاً رِكَاب، فكانتْ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً، وكانَ يُنْفِقُ عَلِى أهْلِهِ نفَقَة سنتِهِ، ثم يَجْعل مَا بَقيَ في السلاحِ وَالْكُرَاع ِ، عُدة في سبيل الله.

[يوجف: من الإيجاف وهو الإسراع في السير، والركاب الإبل، والمعنى: لم يبذلوا فيها سعيا لا بالخيل ولا بالإبل. الكراع: الخيل التي تعد للجهاد. عدة: استعداداً للجهاد]

ومن جملة المصارف النفقة على أسر من يموت من المجاهدين الذين سبق ذكرهم، ويسمون المرتزقة، ولو في غير قتال، أو العلماء ونحوهم، ممن تحتاج الأمة إلى أعمالهم، فيعطى ورثتهم الذين كانت تلزمهم نفقتهم في حياتهم ما يسد حاجتهم. قال في النهاية: ومن مات من المرتزقة دفع إلى من كان تلزمه نفقته من أربعة أخماس الفيء كفايته، لا ما كان يأخذه هو، فتطعى الزوجة وإن تعددت، والبنات حتى ينكحن أو يستغنين بكسب أو غيره،

والذكور حتى يستقلوا بالكسب أو المقدرة على الغزو، لئلَاّ يشتغل الناس بالكسب عن الجهاد إذا علموا ضياع عيِالهم بعدهم، ومن بلغ من الأبناء عاجزاً فكمن لم يبلغ.

وقال: ويعطى لأولاد العالم من أموال المصالح إلى أن يستقلوا وللزوجة حتى تنكح، ترغيبا في العلم. (3/ 74).

ص: 232

"فصل" وشرائط وجوب الجزية خمس خصال (1):

1 -

البلوغ

2 -

والعقل

3 -

والحرية

4 -

والذكورية (2)

5 -

وأن يكون من أهل الكتاب (3).

(1) صفات، والجزية: اسم للمال الذي يلتزم أداءه غير المسلمين بعقد مخصوص، مقابل حمايتهم وحقن دمائهم وإسكاننا لهم في ديارنا، وسميت جزية لأنها أجزأت عن القتل، أي أغنت وكفت عنه.

والأصل في مشروعيتها: قوله تعالى: " قَاتِلُوا الذينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْم الآخِرِ وَلَا يُحَرمونَ مَا حَرّم اللهُ رَسُولُهُ وَلَا يَدِينونَ دِينَ الحًق مِنَ الَّذِينَ أتُوا الْكِتَابَ حَتى يُعْطُوا الْجِزْيَة عَن يَد وَهُم صَاغِرُونَ " / التوبة: 29/.

[يدينون: يعتقدون. دين الحق: القائم على التوحيد وهو الإسلام.

أوتوا الكتاب: أعطوا كتباً سماوية من قبل، وهم اليهود والنصارى. عن يد: طائعين غير ممتنعين. صاغرون: عليهم علائم الذل والقهر، وقال الشافعي رحمه الله تعالى: الصغار هو جريان أحكام المسلمين عليهم].

وروى البخاري (2988) ومسلم (2961) عن عمرو بنِ عَوْف الأنصارِيّ رضي الله عنه: أن رسولَ اللهِ صلي الله عليه وسلم بعث أبا عُبًيدَةَ بن الجَرَاحِ إلى الْبَحْرَيْنِ، يَأتي بجِزيَتِهَا.

(2)

والأصل في هذه الشروط الأربعة الآية السابقة، فقد دلت على أن الجزية تؤخذ من المكلفين أهل القتال، فخرج النساء لأنهن لسن من أهل القتال، وكذلك العبيد. وخرج الصبيان والمجانين لأنهم غير مكلفين.

وروى البيهقي (9/ 195) أن عمر رضي الله عنه كَتبَ إلى عمَّالِهِ أنْ لا يَضْرِبوا الجِزْيَةَ عَلى النَسَاءِ وَالصبْيانِ. وانظر حاشية 1.

(3)

للآية السابقة.

ص: 233

أو ممن له شبهة كتاب (1)

وأقل الجزية دينار في كل حول (2)

ويؤخذ من المتوسط ديناران ومن الموسر أربعة دنانير (3)

ويجوز أن يشترط عليهم الضيافة فضلا عن مقدار الجزية (4)

ويتضمن عقد الجزية أربعة أشياء:

1 -

أن يؤدوا الجزية

2 -

وأن تجري عليهم أحكام الإسلام (5)

3 -

وأن لا يذكروا دين

(1) كالجوس وهم عبدة النار. روى البخاري (2987): أن عمر رضي الله عنه لم يكَن ليأخذَ الجِزْيَةَ. منِ المجوس، حتى شهد عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها مِنْ مجوس هجر.

(2)

لأنه صلى الله عليه وسلم لما وجه معاذاً رضي الله عنه إلى اليمن: أمره أن يأخذ من كل حالم ديناراً أو عدله من المعافر. انظر ص 94 حاشية 1.

(3)

اقتداءَ بعمر رضي الله عنه، فقد وضعها على الغني ثمانية وأربعينَ درْهَماً، وعلى المَُستوسط أربعة وعشرين درهماً، على الفقيرِ اثني عَشرَ درَهماً. رواه البيهقيَ (9/ 196). وكان صرف الدينار باثني عشر درهماً.

ويساوي الآن فصف ليرة انكليزية ذهبية تقريباً.

(4)

روى البيهقي (9/ 195) أنه صلى الله عليه وسلم صالح أهل أيلة على ثلاثمائة دينار - وكانوا ثلاثمائة رجل - وعلى ضيافة من مَر بهم من المسلمين.

(5)

فيما يعتقدون تحريمه كالزنا مثلا، فقد ثبت عند البخاري (6433) ومسلم (1699): أنه صلى الله عليه وسلم رجم يهودياً ويهودية زنيا.

وأما ما لا يعتقدون تحريمه فلا تجري عليهم فيه أحكَامنا، إلا إن ترافعرا إلى قاضي المسلمين، فإنه يحكم بينهم بشرعنا.

ص: 234

الإسلام إلا بخير (1)

4 -

وأن لا يفعلوا ما فيه ضرر على المسلمين (2)

ويعرفون بلبس الغيار وشد الزنار ويمنعون من ركوب الخيل (3).

(1) فلو تعرضوا للقرَآن، أو ذكروا الرسول صلى الله عليه وسلم بما لا يليق به، أو طعنوا في شرع الله عز وجل عزروا، وإن كان شرط انتقاض العهد بذلك نقض.

(2)

كإيوائهم جاسوساً أو يدلوا أهل الحرب على خلل في المسلمين فينتقض العهد بمثل هذا. أو يظهروا خمرا أو خنزيرا، أو يعلنوا شرَكاً ونحوه فيمنعون من كل ذلك.

(3)

الغيار: أن يخيط بموضع من ثوبه لا يعتاد الخياطة عليه بلون يخالفه.

والزنار: خيط غليظ يشده الرجال في أوساطهم فوق الثياب.

والغرض: أن يتميزوا عن المسلمين بلباس ونحوه ليعرفوا ويعاملوا بما يليق بهم، وأن لا بظهروا بمظهر التعالي والعزة أمام المسلمين، وقد ضرب الله تعالى عليهم الذلة والمسكنة والصغار. ونعوذ بالله تعالى من انقلاب الأحوال.

ص: 235