المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الصوم وشرائط وجوب الصيام (1) أربعة أشياء: 1 - الإسلام 2 - - التذهيب في أدلة متن الغاية والتقريب

[مصطفى ديب البغا]

الفصل: ‌ ‌كتاب الصوم وشرائط وجوب الصيام (1) أربعة أشياء: 1 - الإسلام 2 -

‌كتاب الصوم

وشرائط وجوب الصيام (1) أربعة أشياء:

1 -

الإسلام

2 -

والبلوغ

3 -

والعقل (2)

4 -

والقدرة على الصوم (3).

(1) الأصل في فرضية الصوم مطلقاً قولة تعالى: " يَا أيها الّذينَ أمنُوا كتِب عَلَيكُم الصِيَامُ كمَا كتُبَ على الذين منِْ قَبلِكُم لَعلكم تَتقونَ " / البقرة: 183 /. [كتب: فر ض].

وبخصوص رمضان قوله تعالى: "شهر رَمَضَانَ الَّذِي أنْزِلَ فِيهِ الْقرْآن هُدًى للنَّاسِ وَبينات مِن الْهدى وَالفرْقَانِ فَمَنْ شهِد مِنكُمْ الشهرَ فَليصمْهُ " / البقرة: 185 /.

وأحاديث، منها: قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي، الذي سأله: أخبزني ماذا فَرَضَ علي الله من الصوم؟ فقال: (صِيَام رمَضَانَ).

رواه البخاري (1792) ومسلم (11).

(2)

لحديث: (رفع القلم عن ثلاثة .. ) انظر حا 2 ص 42.

(3)

لقوله تعالى: " وَعلى الّذينَ ِيطيقونَهًُ فديَة " / البقرة: 184/.

وقوىء "يطوقونَه " أي يُكلَّفُونَهُ فلا يطيقونه.

روى البخاري (4235) عن عطاء: سمع ابن عباس يقرأ: " وعلى الَّذِين يطوقَونَهُ فِدْية طعًام مسْكِين "، قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأةُ الكبيرةُ، لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمَانِ مكانَ كل يوم مسكيناً.

ص: 102

وفرائض الصوم أربعة أشياء:

1 -

النية (1)

2 -

والإمساك عن الأكل والشرب

3 -

والجماع (2)

4 -

وتعمد القيء (3).

والذي يفطر به الصائم عشرة أشياء:

1 -

ما وصل عمدا إلى الجوف أو الرأس

2 -

والحقنة في أحد السبيلين

3 -

والقيء عمداً

4 -

والوطء عمدا في الفرج

5 -

والإنزال عن مباشرة (4)

6 -

والحيض

7 -

والنفاس

8 -

والجنون

9 -

والردة (5).

(1) قبل الفجر، لكل يوم، لقوله صلى الله عليه وسلم:(مَنْ لَمْ يُبَيت الصَيامَ قَبْلَ الْفجْرِ فَلا صِيَامَ لَهُ). رواه الدارقطني وغيره، وقال: رواته ثقات. بيهقى (4/ 202). دارقطني (2/ 172).

(2)

لقوله تعالى: " وَكلُوا وَاشربُوا حَتَّى يتَبَيَّنَ لكُمُ الْخَيطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِن الفجرِ ثُم أتِمَّوا الصِّيَامَ إلى اللَيْلِ ولا تُبَاشِرُوهُن وأنْتُمْ عَاكِفُونَ في المَسَاجِدِ "/ البقرة:187/.

[الخيط الأبيض: ضوء النهار. الخيط الأسود: ظلمة الليل. الفجر: ضوء يطلع معترضاً في الأفق، ينتهي بطلوعه الليل ويبدأ النهار. تباشروهن: تجامعوهن. عاكفون: وأنتم في حال اعتكاف].

(3)

روى أبو داود (2380) والترمذي (720) وغيرهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ ذَرعَهُ قَيْىءٌ وَهُوَ صَائِمٌ فَليْسَ عليه قَضَاءٌ، وإن استَقَاءَ فَليَقض). [ذرعه: غلبه].

(4)

أي إنزالُ الْمَنِى بسبب لمس أو تقبيل ونحو ذلك.

(5)

لخروج من قامت به هذه الأمور عن أهلية العبادة.

ص: 103

ويستحب في الصوم ثلاثة أشياء:

1 -

تعجيل الفطر (1)

2 -

وتأخير السحور (2)

3 -

وترك الهجر من الكلام (3).

(1) روى البخاري (1856) ومسلم (1098) عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزَالُ الناسُ بِخَيرٍ ما عجَّلُوا الفطْرَ).

والأفضل أنَ يفطر على تمرات أو قليل من ماء، تم يصلي المغرب، ثم يتناول الطعام إن أراده. روى ابن حبان بإسناد صحيح: أنَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا كان صائماً، لم يُصل حتى يُؤْتَى بِرُطبٍ أو ماء، فَيأكُل أو يشربَ، وإذا كان في الشتاءِ، لم يُصَل حتى نَأتِيَهُ بتَمْر أًو ماء.

(2)

روى أحمد في مسنده: أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تَزَالُ أمتي بِخَيْرٍ مَا عجَّلوا الإفطارَ وَأخَّرُوا السُّحُور). (5/ 147).

وروى ابن حبان: (إن تَأخِيرَ السحور ِمن سُنَنِ المرْسَلِينَ).

ويكون التأخير بحيث ينتهى من الطعام والشراب قبيل طلوع الفجر بقليل. ورى البخاري (556) عن ابن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحرا، فلما فرغا من سحُورهما، قام نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فصلى. قلنا لأنس: كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قَدْر مَا يَقْرَأ الرجُلُ خمسَينَ آيَةً.

(3)

أي الكلام الفاحش والباطل، كالشتم والغيبة ونحو ذلك.

روى البخاري (1804) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَمْ يَدع قولَ الزورِ والعَمَلَ بِهِ، فَلَيسَ للهِ حَاجَة في أن يدع طَعامَهُ وشَرَابَهُ) أي لا يترتب على إمساكه ثواب وإن سقط الواجب به، والزور: الباطل.

ص: 104

ويحرم صيام خمسة أيام:

1 -

2 - العيدان (1)

3 -

4 - 5 - وأيام التشريق الثلاثة (2)

ويكره صوم يوم الشك إلا أن يوافق عادة له (3).

(1) روى مسلم (1138) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين: يوم الأضحى، ويومِ الفِطرِ.

ورواه البخاري (1890) عن أبي سعيد رضي الله عنه.

(2)

روى مسلم (1142) عن كعب بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه، وأوسَ بن الحدَثانِ، أيام التشريق، فنادى:(أنهُ لا يَدْخلُ الجَنةَ إلا مُؤْمِن، وأياّمُ مِنى أيَامُ أكْل وَشُرْب).

وروى أبو داود (2418) عن عمرو بن العاص رضى الله عنه قال: فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَأمُرُنا بإفطارها، وينْهانا عن صِيَامِها. قال مالك: وهي أيام التشرِيقَِ.

(3)

وهو يوم الثلاثين من شعبان، الذي يشك فيه الناس: هل هو من شعبان أو من رمضان؟ والمعتمد في المذهب تحريمه، ولا يصح، لما رواه أبو داود (2334) والترمذي (686) وصححه، عن عمار بن ياسر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَذي يَشُك فِيهِ الناسُ فَقدْ عصَى أبَا الْقاسم صلى الله عليه وسلم.

ويحمل قول المصنف (يكره) على كراهة التحريم، فيوافق المعتمد. ويحرم أيضا الصوم في النصف الثاني من شعبان، لما رواه أبو داود (2337) وصححه الترمذي (738) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا انتصَفَ شَعبانُ فَلا تَصُومُوا) وعند ابن ماجه (1651): (إذا كانَ النصف منْ شَعْبَانَ فَلا صَومَ حتى يجِيءَ رَمضَان) ..

وتنتفي حرمة صوم يوم الشك والنصف الثاني من شعبان، إذا وافق عادة

ص: 105

ومن وطئ في نهار رمضان عامدا في الفرج فعليه القضاء والكفارة وهي: عتق رقبة مؤمنة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد (1).

له، أو وصل صيامه بما قبل النصف الثاني من شعبان.

روى البخاري (1815) ومسلم (1082) واللفظ له، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لا تقدموا رَمضَانَ بِصَوْمِ يَوْم وَلا يوْمَيْنِ، إلا رَجُلُ كَانَ يَصُومُ صوماً فلْيَصُفهُ).

(1)

روى البخاري (1834) ومسلم (1111) وغيرهما، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسولَ الله، هلكتُ. قال: مالك؟ قال: وَقَعتُ على امرأتي وأنا صائم - في رواية: في رمضان - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَجدُ رقبَةً تَعْتِقُها؟ قال: لا. قال: فَهَلْ تَسْتَطِيع أنْ تَصُومَ شَهرَينَِ مُتَتَابِعيْنِ؟ قال: لا. فقال: فهَلْ تَجدُ إطعَامَ سِتَينَ مِسكِيناً؟ قال: لا. قال: فمكث الله صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك، أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بعرًق فيه تمرٌ، والعرق المِكْتَلُ، قال: أيْنَ السائلُ؟ فقال: أنا. قال: خُذ هَذا فتَصَدقْ بِهِ. فقال الرجل: أعلى أَفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابَتَيْها، يريد الحرتين، أهل بيت أفقر من أهل بيتي. فضحك النبى صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه: ثم قال: أطعمْهُ أهْلكَ).

[وقعت على امرأتي: جامعتها. رقبة: إنساناً مملوكاً. تعتقها: تحررها من الرق والعبودية. المكتل: وعاء ينسج من ورق النخل. الحرتين:

ص: 106

ومن مات وعليه صيام من رمضان أطعم عنه لكل يوم مد (1)

مثنى حرة، وهي أرض ذات حجارة سوداء. بدت أنيابه: ظهرت، وهو كناية عن شدة ضحكه].

ولا يجوز للفقير، الذي قدر على الإطعام، صرف ذلك إلى عياله، وكذلك غيرها من الكفارات، وما ذكر فيَ الحديث خصوصية لذلك الرجل.

(1)

من غالب قوت أهل البلد، كالحنطة مثلاً، والمد يساوي إناءاً مكعباً طول حرفه، 2 و 9 سم، ويزن ما يسعه 600 غراماً تقريباً. ويخرج هذا من التركة كالديون، فإن لم يكن له مال جاز الإخراج عنه، وتبرأ ذمته.

روى الترمذي (817) وصحح وقفه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: من مات وعليه صِيامُ شهر فَلْيُطْعِمْ عنه مكانَ كل يوم مِسكِيناً.

وروى أبو داود (2401) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا مرض الرجل في رمضان، ثم مات ولم يَصم، أطْعمَ عنه.

والأولى من الإطعام أن يصوم عنه قريبه، أو من يأذن له الميت أو وارثه بالصوم، لما رواه البخاري (1851) ومسلم (1147) عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صامَ عَنْهُ وَليُهُ).

وروى البخَاري (1852) ومسلم (1148) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ قال:(نَعَمْ، فَدَينُ اللهِ أحَق أن يُقْضىَ).

وهذا فين أفطر لعذر وتمكن من القضاء بأن زال عذره من مرض ونحوه قبل الموت بوقت يسع القضاء ولم يصم - وكذلك من أفطر لغير عذر مطلقاً. أما من أفطر لعذر ولم يتمكن من القضاء - بأن مات قبل زوال العذر، أو بعده بوقت لا يسع القضاء - فلَا قضاء عنه ولا فدية. ولا إثم عليه.

ص: 107

والشيخ: إن عجز عن الصوم يفطر ويطعم عن كل يوم مدا (1).

والحامل والمرضع: إن خافتا على أنفسهما أفطرتا وعليهما القضاء (2) وإن خافتا على أولادهما أفطرتا وعليهما القضاء والكفارة (3)، عن كل يوم مد وهو رطل وثلث بالعراقي (4).

والمريض والمسافر سفرا طويلا يفطران ويقضيان (5).

(1) انظر حاشية 3 ص 100 وحاشية 1 ص 105.

(2)

روى الترمذي (715) وأبو داود (2408) وغيرهما، عن أنس

ابن مالك الكعبي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إن اللهَ تَعَالى وضعً عَنْ المُسَافِر الصوْمَ وَشَطرَ الصَلاةِ، وعن الحَامِلَ أو المُرْضِعَ الصومَ).

[وضع: خفف بتقصير الصلاة، ورخص في الفطر مع القضاء. شطر: نصف الصلاة الرباعية].

(3)

روى أبو داود (2318) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " وَعَلى الَذِ ينَ يُطيقُونَهُ فِدْيَة طعًامُ مِسكِين " قال: كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأةَ الكبيرة، وهما يطيقان الصيام، أن يفطرا ويطعما كل يوم مسكيناً، والحُبْلى والمرضع إذا خافتا - يعني على أولادهما - أفطرتا وأطعمتا.

(4)

انظر تقديره الآن: حاشية 1، ص 105.

(5)

لقوله تعالى: " ومَنْ كانَ مَرِيضاً أو علىَ سفَرَ فعِدةٌ من أيام أخر" / البقرة: 185/.

ومعناها والله أعلم: من كان - خلال رمضان - مريضا مرضا لا يستطيع معه الصوم، أو كان مسافراً، فليفطر إن شاء، وليصم من غير رمضان، بعد زوال العذر، بعدد الأيام التي أفطرها فيه.

ص: 108

"فصل" والاعتكاف سنة مستحبة (1)، وله شرطان:

1 -

النية

2 -

واللبث في المسجد.

ولا يخرج من الاعتكاف المنذور إلا لحاجة الإنسان (2) أو عذر: من حيض أو مرض، لا يمكن المقام معه.

ويبطل بالوطء (3).

(1) روى البخاري (1922) ومسلم (1172) عن عائشة رضي الله

عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده.

وروى البخاري (1936) من حديث طويل عنها: أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف في آخر العشر من شوال.

[اعتكف: أقام في المكان ولزمه، الاعتكاف مصدر، واللبث بمعناه]

(2)

روى البخاري (1925) ومسلم (297) عن عائشة رضي الله عنها قالت: وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل على رأسه، وهو في المسجد، فأرَجَلهُ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً.

[فأرجله: فأسرح شعره].

(3)

لقوله تعالى: "ولاْ تُباشِرُوهُن وأنتمْ عَاكفُونَ في المسَاجِدِ " / البقرة: 187/. أي لا تجامعوا أزواجكم في حال اعتكافكم.

ص: 109