المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسلك الرابع: الصدفة العمياء لا تملك حياة: - كيفية دعوة الملحدين إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تمهيد: إنزال الناس منازلهم:

- ‌المبحث الأول: مفهوم الإلحاد

- ‌الإلحاد في الأصل هو:

- ‌واللحد:

- ‌والمراد بالملحدين

- ‌المبحث الثاني: الأدلة الفطرية

- ‌المبحث الثالث: البراهين والأدلة العقلية

- ‌المسلك الأول: التقسيم العقلي الحكيم:

- ‌المسلك الثاني: العدم لا يخلق شيئاً:

- ‌المسلك الثالث: الطبيعة الصماء لا تملك قدرة، وفاقد الشيء لا يعطيه

- ‌المسلك الرابع: الصدفة العمياء لا تملك حياة:

- ‌المسلك الخامس: المناظرات العقلية الحكيمة:

- ‌المسلك السادس: مبدأ السببية:

- ‌المسلك السابع: التفكر في المصنوع يدل على بعض صفات الصانع:

- ‌المبحث الرابع: الأدلة الحسية المشاهدة

- ‌النوع الأول: إجابة اللَّه - تعالى - للدعوات في جميع الأوقات

- ‌النوع الثاني: معجزات الأنبياء الحسية، وهي آيات يُشاهدها الناس

- ‌وهذه الآيات المحسوسة تدل دلالة قاطعة على وجود اللَّه - تعالى

- ‌المبحث الخامس: الأدلة الشرعية

- ‌(أ) خبر اللَّه الصادق

- ‌(ب) دلالة القرآن بضرب الأمثال

- ‌يستلزم ذلك أنه المستحق للعبادة وحده دون ما سواه على ذكر طريقين

- ‌الطريق الأول: توجيه اللَّه - تعالى - الأنظار والقلوب إلى ما في هذا الكون من مخلوقات عجيبة تبهر العقول

- ‌الطريق الثاني: معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

الفصل: ‌المسلك الرابع: الصدفة العمياء لا تملك حياة:

وهذه الخصائص لا يمكن أن تكون إلا للَّه الكامل من كل الوجوه، وبذلك يسقط – بحمد اللَّه تعالى – قول الماديين؛ لأن المادة لا تتصف بشيء من ذلك (1).

‌المسلك الرابع: الصدفة العمياء لا تملك حياة:

يعتقد الملحدون بالصدفة (2)، وهي أن جميع الأشياء والمخلوقات تم تكوينها على ما هي عليه بطريق الصدفة، والمقابلة، وليس ذلك بطريق القصد والإرادة والتدبير.

ومن حكمة القول مع هؤلاء أن يُقال لهم: من أين حصل لهذا العالم هذا النظام العجيب، والترتيب الحكيم الذي حارت فيه العقول؟ كيف ينسب ذلك إلى الاتفاق والمصادفة ومجرد البخت؟ وكيف اجتمعت تلك الأجزاء على اختلاف أشكالها، وتبايُن مواردها وقواعدها، وكيف حُفظت وبَقيت على تآلفها، وكيف تجددت المرة بعد المرة؟!

إن مثل من يقول أو يعتقد أن هذا النظام والإبداع والإتقان وُجِدَ بطريق الصدفة لا غير، كمثل من وضع حروف الهجاء: أ، ب،

(1) انظر: موقف الإسلام من نظرية ماركس، لأحمد العوايشة، ص125، 182، 187، ومذكرة في العقيدة الإسلامية للدكتور ناصر بن عقيل الطريفي، ص9.

(2)

الصدفة في اللغة: يقال: مصادفة: لقيه ووجده من غير موعد ولا توقع. انظر: المعجم الوسيط، مادة: صدف، 2/ 510.

ص: 19

ت

، في صندوق ثم جعل يحركه طمعاً منه أن تتألف هذه الحروف من تلقاء نفسها، فيتركب منها قصيدة بليغة، أو كتاب دقيق في الهندسة، أليس ذلك من السّفه المبين ونقص العقل؟! فإنه لو داوم على تحريك هذا الصندوق السنين والدهور لم يحصل إلا على حروف.

ومثله كمن يقول: إن رجلاً أعمى غرزت له إبرة في لوحة، وأُعطي ألف إبرة، وقيل له: ارم هذه الإبر واحدة بعد الثانية، لتدخل الإبرة الأولى في ثُقب الإبرة المغروسة في اللوحة، وتدخل الإبرة الثانية في ثقب الأولى، والثالثة في ثقب الثانية، وهكذا بطريق الصدفة، حتى دخلت كل الإبر في بعضها بطريق الصدفة، فهل عاقل يصدق بهذه العملية والتي قبلها؟ لا يمكن أن يُصدّق عاقل بهذا، لأنه من قبيل المستحيل الذي لا تقبله العقول ولا تُقرّه، فكيف يُصدّق عاقل أن الكون كله بما فيه من إبداع وتنظيم في كل ذرة من ذراته وُجِدَ بطريق الصدفة؟

إن مخلوقاً يُصدّق بهذه التخيلات لمجنون قطعاً، لا تصلح نسبته إلى العُقلاء، ولا يُذكر في عدادهم أبداً {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} (1).

وهذا فيه دلالة عقلية قاطعة على أن اللَّه هو الخالق لكل شيء، وأن

(1) سورة إبراهيم، الآية:10.

ص: 20