الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أ) شجاعته البطولية الفذَّة في معركة بدر
، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:((لقد رأيتُنا يوم بدرٍ ونحن نلوذُ برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدوّ، وكان من أشد الناس يومئذٍ بأساً)) (1). وقال رضي الله عنه: ((كُنَّا إذا حَميَ البأسُ ولقي القومُ القومَ اتقينا برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلا يكون أحدنا أدنى إلى القوم منه)) (2).
(ب) في معركة أحد قاتل قتالاً بطوليّاً لم يُقاتله أحد
(3).
(ج) في معركة حنين: قال البراء: كُنّا إذا احمر البأس نتقي به
، وإن الشجاع منا للذي يُحاذي به يعني النبي صلى الله عليه وسلم (4).
وهكذا أصحابه رضي الله عنهم ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان، فينبغي للمجاهدين أن يقتدوا بنبيهم صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (5).
المسلك السابع: الدعاء وكثرة الذكر:
من أعظم وأقوى عوامل النصر الاستغاثة باللَّه وكثرة ذكره؛ لأنه القويّ القادر على هزيمة أعدائه ونصر أوليائه، قال تعالى: {وَإِذَا
(1) أخرجه الإمام أحمد في المسند، 1/ 86.
(2)
أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الإمام الذهبي، 2/ 143.
(3)
انظر: زاد المعاد، 3/ 199.
(4)
مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين، 3/ 1401، (رقم 1776).
(5)
سورة الأحزاب، الآية:21.
سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (1). {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (2)، {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} (3). وقد أمر اللَّه بالذكر والدعاء عند لقاء العدو، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (4). لأنه سبحانه النصير، فنعم المولى ونعم النصير. وقال تعالى:{وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (5). ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه في معاركه ويستغيث به، فينصره ويمدّه بجنوده، ومن ذلك أنه نظر صلى الله عليه وسلم يوم بدر إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل صلى الله عليه وسلم القبلة ورفع يديه واستغاث باللَّه، وما زال يطلب المدد من اللَّه وحده مادّاً يديه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: ((يا نبي اللَّه كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما
(1) سورة البقرة، الآية:186.
(2)
سورة غافر، الآية:60.
(3)
سورة الأنفال، الآية:9.
(4)
سورة الأنفال، الآية:45.
(5)
سورة آل عمران، الآية:126.
وعدك))، فأنزل اللَّه عز وجل:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ} (1) فأمدَّه اللَّه بالملائكة. وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يدعو اللَّه في جميع معاركه، ومن ذلك قوله:((اللَّهم منزل الكتاب، سريع الحساب [مُجْريَ السَّحاب] [هازمَ الأحزاب] اهزم الأحزاب. اللَّهم اهزمهم وزلزلهم، وانصرنا عليهم)) (2). وكان يقول عند لقاء العدو: ((اللَّهم أنت عَضُدي، وأنت نصيري، بك أحول، وبك أصُول، وبك أقاتل)) (3). وكان إذا خاف قوماً قال: ((اللَّهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم)) (4). وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ((حسبنا اللَّه ونعم الوكيل. قالها إبراهيم حين أُلقيَ في النار، وقالها محمد حين قال له الناس: {إن الناس قد جمعوا لكم})) (5). وهكذا ينبغي أن يكون المجاهدون في سبيل اللَّه - تعالى - لأن الدعاء يدفع اللَّه به من البلاء ما اللَّه به عليم.
(1) سورة الأنفال، الآية:9.
(2)
مسلم، كتاب، الجهاد والسير، باب استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو، 3/ 1363، (رقم 1742).
(3)
أبو داود، كتاب الجهاد، باب ما يدعى عند اللقاء، 3/ 42، (رقم 2632)، والترمذي، كتاب الدعوات، باب في الدعاء إذا غزا، 5/ 572، (رقم 3584)، وانظر: صحيح أبي داود، 2/ 499.
(4)
أبو داود، كتاب الوتر، باب ما يقول الرجل إذا خاف قوماً، 2/ 89، (رقم 1537)، وأحمد، 4/ 414، وانظر: صحيح أبي داود، 1/ 286.
(5)
البخاري مع الفتح، كتاب التفسير، سورة آل عمران، باب {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ} ، 8/ 229، (رقم 4563).