المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل الزاي زأي: ابْنُ الأَعرابي: زأَى إِذا تكَبَّر. زبي: الزُّبْيَةُ: الرابِيةُ الَّتِي - لسان العرب - جـ ١٤

[ابن منظور]

الفصل: ‌ ‌فصل الزاي زأي: ابْنُ الأَعرابي: زأَى إِذا تكَبَّر. زبي: الزُّبْيَةُ: الرابِيةُ الَّتِي

‌فصل الزاي

زأي: ابْنُ الأَعرابي: زأَى إِذا تكَبَّر.

زبي: الزُّبْيَةُ: الرابِيةُ الَّتِي لَا يَعْلُوهَا الْمَاءُ، وَفِي الْمَثَلِ: قَدْ بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى.

وكتبَ عثمانُ إِلى عَلِيٍّ، رضي الله عنه لَمَّا حُوصِر: أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بلغَ السَّيْلُ الزُّبَى وجاوَزَ الحِزامُ الطُّبْيَيْنِ، فإِذا أَتاك كِتابي هَذَا فأَقْبِلْ إِليَّ، عليَّ كنتَ أَمْ لِي

؛ يَضْرِبُ مَثَلًا للأَمر يتَفاقَمُ أَو يتَجاوَزُ الحدَّ حَتَّى لَا يُتَلافَى. والزُّبَى: جُمَعُ زُبْيَة وَهِيَ الرَّابِيَةُ لَا يَعْلُوهَا الْمَاءُ، قَالَ: وَهِيَ مِنَ الأَضداد، وَقِيلَ: إِنما أَراد الْحُفْرَةَ الَّتِي تُحْفَرُ للأَسد وَلَا تحفرُ إِلا فِي مَكَانٍ عالٍ مِنَ الأَرض لِئَلَّا يَبْلُغَهَا السَّيْلُ فتَنْطَمَّ. والزُّبْيةُ: حُفرة يتَزَبَى فِيهَا الرَّجُلُ لِلصَّيْدِ وتُحْتَفَرُ لِلذِّئْبِ فيُصْطاد فِيهَا. ابْنُ سِيدَهْ: الزُّبْيَة حُفْرة يَستتر فِيهَا الصَّائِدُ. والزُّبْية: حَفِيرة يُشْتَوىَ فِيهَا ويُخْتَبَزُ، وزَبَّى اللحمَ وَغَيْرَهُ: طَرَحه فِيهَا؛ قَالَ:

طارَ جَرادي بَعْدَ ما زَبَّيْتُه،

لَوْ كانَ رأْسي حَجراً رَمَيْتُه

والزُّبْيَة: بِئْرٌ أَو حُفْرة تُحْفَر للأَسد، وَقَدْ زَباها وتَزَبَّاها؛ قَالَ:

فكانَ، والأَمرَ الَّذِي قَد كِيدا،

كاللَّذْ تَزَبَّى زُبْيَةً فاصْطِيدا

وتَزَبَّى فِيهَا: كتَزَبَّاها؛ وَقَالَ عَلْقَمَةُ:

تَزَبَّى بِذِي الأَرْطى لَهَا، ووراءَها

رِجالٌ فَبدَّتْ نَبْلَهم وكَلِيبُ

وَيُرْوَى: وأَرادها رِجَالٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: سُمِّيَتْ زُبْيَةُ الأَسدِ زُبْية لِارْتِفَاعِهَا عَنِ المَسِيل، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنهم كَانُوا يحْفِرونها فِي مَوْضِعٍ عالٍ. وَيُقَالُ قَدْ تَزَبَّيْت زُبْيةً؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

يَا طَيِءَ السَّهْلِ والأَجْبالِ مَوْعِدُكم

كمُبْتَغى الصَّيدِ أَعْلى زُبْيَةِ الأَسَدِ

والزُّبْيَةُ أَيضاً: حُفْرة النَّمْلِ، والنملُ لَا تَفْعَلُ ذَلِكَ إِلا فِي مَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى عن مَزَابِي القُبُور

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ مَا يُنْدَبُ بِهِ الميتُ ويُناحُ عَلَيْهِ بِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: مَا زَبَاهُم إِلى هَذَا أَي مَا دَعاهم، وَقِيلَ: هِيَ جَمْعُ مِزْبَاةٍ مِنَ الزُّبْيةِ وَهِيَ الحُفْرة، قَالَ: كأَنه، وَاللَّهُ أَعلم، كَرِهَ أَن يُشَقَّ القَبرُ ضَرِيحًا كالزُّبْية وَلَا يُلْحَد، قَالَ: ويُعَضِّدُه قَوْلُهُ اللَّحْدُ لَنَا والشَّقُّ لِغَيْرِنَا، قَالَ: وَقَدْ صَحَّفَه بعضُهم فَقَالَ نَهى عَنْ مَراثي القُبور. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وجهَه: أَنه سُئِلَ عَنْ زُبْيةٍ أَصْبَحَ الناسُ يتدافَعُون فِيهَا فَهَوَى فِيهَا رَجُلٌ فتَعَلَّقَ بِآخَرَ، وَتَعَلَّقَ الثَّانِي بِثَالِثٍ والثالثُ برابع فوَقَعُوا أَربعَتُهم فِيهَا فخدَشَهم الأَسد فَمَاتُوا، فَقَالَ: عَلَى حافِرِها الدّيةُ: للأَول رُبْعُهَا، وَلِلثَّانِي ثَلَاثَةُ أَرباعها، وَلِلثَّالِثِ نِصْفُهَا، وَلِلرَّابِعِ جَمِيعُ الدِّيَةِ، فأُخْبِرَ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، فأَجاز قَضَاءَهُ

؛ الزُّبْيةُ: حُفَيْرَةٌ تُحْفَر للأَسَدِ والصَّيْدِ ويُغَطَّى رأْسُها بِمَا يَسْتُرُهَا لِيَقَع فِيهَا، قَالَ: وَقَدْ رُوِي الحُكم فِيهَا بِغَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ. والزَّابِيانِ: نَهَرانِ بِنَاحِيَةِ الفُرات، وَقِيلَ: فِي سافِلة الفُرات، وَيُسَمَّى مَا حَولَهما «2». مِنَ الأَنهار الزَّوَابِي: وَرُبَّمَا حَذَفُوا الْيَاءَ فَقَالُوا الزّابانِ والزَّابُ كَمَا قَالُوا فِي الْبَازِي بازٌ. والأُزْبِيُّ: السُّرْعةُ والنَّشاطُ فِي السَّيْرِ، عَلَى أُفْعول. وَاسْتُثْقِلَ التَّشْدِيدُ عَلَى الْوَاوِ، وَقِيلَ: الأُزْبِيُ

(2). قوله [ويسمى ما حولهما إلخ] عبارة التكملة: وربما سموهما مع ما حواليهما من الأنهار الزَّوَابِي

ص: 353

العَجَبُ مِنَ السَّيْرِ والنَّشاط؛ قَالَ مَنْظُورُ بْنُ حَبَّةَ:

بِشَمَجَى المَشْيِ عَجُولِ الوَثْبِ،

أَرْأَمْتُها الأَنْساعَ قَبْلَ السَّقْبِ،

حَتَّى أَتَى أُزْبِيُّها بالأَدْبِ

والأُزبِيُّ: ضَرْبٌ مِنْ سَيْرِ الإِبل. والأَزَابِيُّ: ضُروب مُخْتَلِفَةٌ مِنَ السَّير، وَاحِدُهَا أُزْبِيٌّ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ جِنِّي قَالَ: مَرَّ بِنَا فُلَانٌ وَلَهُ أَزَابِيُّ منكرة أَي عَدْوٌ شَدِيدٌ، وَهُوَ مُشْتَقٌ مِنَ الزُّبْية. والأُزْبِيُّ: الصَّوْت؛ قَالَ صَخْرُ الْغَيِّ:

كأَنَّ أُزْبِيَّها، إِذا رُدِمَتْ،

هَزْمُ بُغاةٍ فِي إِثْرِ مَا فَقَدُوا

وزَبَى الشّيءَ يَزْبِيهِ: ساقَه؛ قال:

تِلْكَ اسْتَفِدْها، وأَعْطِ الحُكْمَ والِيَهَا،

فَإِنَّها بَعْضُ مَا تَزْبِي لَكَ الرَّقِمُ

وَفِي حَدِيثِ

كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: جَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجل مُحاوَرةٌ قَالَ كَعْبٌ: فَقُلْتُ لَهُ كَلِمةً أُزْبِيهِ بِهَا

أَي أُزْعِجُه وأُقْلِقُه، مِنْ قَوْلِهِمْ أَزْبَيْتُ الشَّيءَ أُزْبِيه إِذا حَمَلْتَه، وَيُقَالُ فِيهِ زَبَيْتُه لأَن الشَّيءَ إِذا حُمِل أُزْعِجَ وأُزِيلَ عَنْ مَكَانِهِ. وزَبَى الشَّيءَ: حَمَلَهُ: قَالَ الْكُمَيْتُ:

أَهَمْدانُ مَهْلًا لَا تُصَبِّحْ بُيُوتَكُمْ،

بِجَهْلِكُمُ، أُمُّ الدُّهَيْمِ وَمَا تَزْبي

يُضرب الدُّهَيْمُ وَمَا تَزْبِي للدّاهِية إِذا عَظُمَت وتَفَاقَمَتْ. وزَبَيْتُ الشَّيءَ أَزْبِيه زَبْياً: حَمَلْتُه. وازْدَبَاهُ: كزَباه. وتَزَابَى عَنْهُ: تَكَبَّر؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ: وأَنشدني الْمُفَضَّلُ:

يَا إِبِلي مَا ذامُه فَتِيبَيْهْ

«1» . ماءٌ رواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَيْهْ،

هَذا بأَفْواهِك حتَّى تَأْبَيْهْ،

حَتَّى تُرُوحِي أُصُلًا تَزَابَيْهْ

تَزَابيَ العانةِ فَوْقَ الزَّازَيْهْ

قَالَ: تَزابَيْه تَرَفَّعي عَنْهُ تَكَبُّرًا أَي تكَبَّرِين عَنْهُ فَلَا تُريدينَه وَلَا تَعْرِضِينَ لَهُ لأَنكِ قَدْ سَمِنْتِ، وَقَوْلُهُ: فَوْقُ الزَّازَيْهْ المكانُ الْمُرْتَفِعُ، أَراد عَلَى الزَّيْزاءَةِ فغيَّره. والتَّزَابِي أَيضاً: مِشْيَةٌ فِيهَا تَمَدُّد وبُطْءٌ؛ قَالَ رؤْبة:

إِذَا تَزَابَى مِشيةً أَزائِبَا

أَراد بالأَزائِبِ الأَزَابِيَّ، وَهُوَ النَّشاطُ. وَيُقَالُ: أَزَبَتْه أَزْبَةٌ وأَزَمَتْه أَزْمة أَي سَنَة. وَيُقَالُ: لَقِيتُ مِنْهُ الأَزَابِيَّ؛ واحدُها أُزْبِيٌّ، وَهُوَ الشرُّ والأَمرُ الْعَظِيمُ.

زجا: زَجَا الشَّيءُ يَزْجُو زَجْواً وزُجُوّاً وزَجاءً: تَيَسَّر واسْتقام. وزَجَا الخرَاجُ يَزْجُو زَجَاءً: هُوَ تيَسُّر جِبايتِه. والتَّزْجِيَةُ: دَفْعُ الشَّيْءِ كَمَا تُزَجِّي البَقَرةُ ولَدَها أَي تَسُوقُه؛ وأَنشد:

وصاحِبٍ ذِي غِمْرةٍ داجَيْتُهُ،

زَجَّيْتُه بالقَوْلِ وازْدَجَيْتُه

وَيُقَالُ: أَزْجَيْتُ الشيءَ إِزْجاءً أَي دافَعْت بِقَلِيلِهِ. ويقال: أَزْجَيْتُ أَيامي وزَجَّيْتُها أَي دافَعْتها بقُوتٍ قَلِيلٍ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ أَعرابيّاً مِنْ بَنِي فَزَارَةَ يَقُولُ أَنتم معاشِرَ الحاضِرَة قَبِلْتُم دُنْياكُم بِقُبْلانٍ «2» . وَنَحْنُ نُزَجِّيها زَجَاةً أَي نَتَبَلَّغ بِقَلِيلِ القُوت فنَجْتَزِئُ بِهِ. وَيُقَالُ: زَجَّيْت الشَّيءَ تَزْجِيةً إِذا دفَعته بِرِفْقٍ يُقَالُ: كَيْفَ تُزَجِّي الأَيَّامَ

(1). قوله [يا إبلي إلخ] هكذا ضبطت القوافي في التهذيب والتكملة والصحاح، ووقع لنا ضبطه في عدة مواضع من اللسان تبعاً للأَصل بخلاف ما هنا

(2)

. قوله [قبلتم دنياكم بقبلان] هكذا في الأَصل، وضبط في التهذيب بهذا الضبط

ص: 354

أَي كَيْفَ تُدافِعُها؟ وَرَجُلٌ مُزَجٍّ أَي مُزَلِّج. وتَزَجَّيت بِكَذَا: اكْتَفَيْتُ بِهِ؛ وَقَالَ:

تَزَجَّ مِنْ دُنْياكَ بالبَلاغِ

وزَجَّى الشيءَ وأَزجاه: ساقَه ودَفَعه. والرِّيحُ تُزجِي السَّحابَ أَي تَسُوقُه سَوْقاً رَفِيقًا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً

؛ وَقَالَ الأَعشى:

إِلى ذَوْدَة الوَهَّابِ أُزْجِي مَطِيَّتي،

أُرَجِّي عَطاءً فاضِلًا مِنْ نَوالِكا «1»

. وَقِيلَ: زَجَّاهُ وأَزْجَاهُ ساقَه سَوْقاً لَيِّناً؛ وَبِهِ فسَّر بعضُهم قولَ النَّابغة:

تُزْجِي الشَّمالُ عَلَيْهِ جامِدَ البَرَد

وأَزْجَيْتُ الإِبلَ: سُقْتها؛ قَالَ ابْنُ الرِّقاعِ:

تُزْجِي أَغَنَّ، كأَنَّ إِبْرةَ رَوْقِه

قَلَمٌ أَصابَ مِن الدَّواةِ مِدادَها

ورجُل مِزْجَاءٌ للمَطِيّ: كَثِيرُ الإِزجاءِ لَهَا يُزْجيها وَيُرْسِلُهَا؛ قَالَ:

وإِنِّي لَمِزْجاءُ المَطِيِّ عَلَى الوَجَى،

وإِنِّي لَتَرَّاكُ الفِراشِ المُمَهَّدِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ يَتخلَّف فِي السير ف يُزْجِي الضَّعيف

أَي يَسُوقُه لِيُلْحِقه بالرِّفاق. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: مَا زالَتْ تُزْجِينِي حَتَّى دخلتُ عَلَيْهِ

أَي تَسُوقُني وتَدْفَعُني. وَفِي حَدِيثِ

جَابِرٍ: أَعْيا ناضِحِي فجَعَلْت أُزْجيه

أَي أَسُوقُه. والزَّجَاءُ: النَّفاذُ فِي الأَمر. يُقَالُ: فُلَانٌ أَزْجَى بِهَذَا الأَمر مِنْ فُلَانٍ أَي أَشَدُّ نَفاذاً فِيهِ مِنْهُ. والمُزْجَى: القَلِيل. وبضاعةٌ مُزْجَاةٌ: قَلِيلَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ

؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: بِضاعةٌ مُزجَاةٌ فِيهَا إِغْماضٌ لَمْ يَتِمَّ صلاحُها، وَقِيلَ: يَسِيرَةٌ قَلِيلَةٌ؛ وأَنشد:

وَحَاجَةٍ غيرْ مُزْجَاةٍ مِنَ الحاجِ

وَرُوِيَ

عَنْ أَبي صَالِحٍ فِي قَوْلِهِ مُزْجَاةٍ قَالَ: كَانَتْ حَبَّةَ الخضراءِ والصَّنوْبَرِ

، وَقَالَ إِبراهيم النخعي: ما أُراها إِلَّا الْقَلِيلَةَ، وَقِيلَ: كَانَتْ مَتاعَ الأَعراب الصُّوفَ والسَّمْنَ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هِيَ دَرَاهِمُ سَوْء؛ وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هِيَ الناقِصةُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: قَلِيلٌ يَزْجُو خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ لَا يَزْجُو. وقوله: تَصَدَّقْ عَلَيْنا؛ أَي بفَضْلِ مَا بَيْنَ الجَيِّد والرَّدِيء. وَيُقَالُ: هَذَا أَمر قَدْ زَجَوْنا عَلَيْهِ نَزْجُو. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَزْجُو صلاةٌ لَا يُقْرأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ

، هُوَ مِنْ أَزْجَيتُ الشَّيءَ فَزَحا إِذا رَوَّجْته فَراجَ وتيسَّر، الْمَعْنَى لَا تُجزِئ وتصحُّ صلاةٌ إِلَّا بِالْفَاتِحَةِ. وضَحِكَ حَتَّى زَجَا أَي انقَطع ضَحِكُه. والمُزَجَّى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: الَّذِي لَيْسَ بِتامِّ الشَّرف وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الخِلال الْمَحْمُودَةِ؛ قَالَ:

فذاكَ الفَتى، كلُّ الفَتى، كانَ بَيْنه

وبينَ المُزَجَّى نَفْنَفٌ مُتَباعِدُ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الْحِكَايَةُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي والإِنشاد لِغَيْرِهِ، وَقِيلَ: إِنَّ المُزَجَّى هُنَا كَانَ ابْنَ عَمٍّ لأُهْبانَ هَذَا الْمَرْثِيِّ، وَقَدْ قِيلَ: إِنه المَسْبُوق إِلى الكَرَم عَلَى كُرْهٍ.

زخا: الزَّوَاخِي: مَوَاضِعُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَزَعَمَ قَوْمٌ أَن فِي شِعْرِ هُذَيْلٍ رُحَيّات وَفَسَّرُوهُ بأَنه مَوْضِعٌ، قَالَ: وَهَذَا تَصْحِيفٌ إِنما هُوَ زُخَيّات، بِالزَّايِ وَالْخَاءِ.

(1). قوله [إلى ذودة إلخ] هكذا في الأَصل، والذي في المحكم إلى هوذة

ص: 355

زدا: الزَّدْوُ: كالسَّدْوِ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: لُغَةٌ فِي السَّدْوِ، وَهُوَ مِنْ لَعِب الصِّبْيَانِ بِالْجَوْزِ. والمِزْدَاة: مَوْضِعُ ذَلِكَ وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ الزَّايُ يَسْدُونه فِي الحَفِيرة. وزَدا الصَّبِيُّ الجَوْزَ وبالجَوْزِ يَزْدُو زَدْواً أَي لَعِب ورَمَى بِهِ فِي الحَفِيرة، وَتِلْكَ الْحَفِيرَةُ هِيَ المِزْدَاةُ. يُقَالُ: أَبْعِدِ المَدَى وازْدُهْ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ يَعْقُوبُ الزَّدَى الزِّيَادَةُ مِنْ قَوْلِكَ أَزْدَى عَلَى كَذَا أَي زادَ عَلَيْهِ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:

لَهُ عَهْدُ وُدٍّ لَمْ يُكَدَّرْ، يَزِينُه

زَدَى قَوْلِ مَعْروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ

أَبو عُبَيْدٍ: الزَّدْو لُغَةً فِي السَّدْو، وَهُوَ مَدُّ اليَدِ نحوَ الشَّيْءِ كَمَا تَسْدُو الإِبلُ فِي سَيْرِها بأَيْدِيها.

زري: زَرَيْتُ عَلَيْهِ وزَرَى عَلَيْهِ، بِالْفَتْحِ، زَرْياً وزِرَايةً ومَزْرِيةً ومَزْراةً وزَرَياناً: عَابَهُ وعاتَبه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

يَا أَيُّها الزَّارِي عَلَى عُمَرٍ،

قَدْ قُلْتَ فِيهِ غَيْرَ مَا تَعْلَمْ

وتَزَرَّيْتُ عَلَيْهِ إِذَا عتَبْتَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وإِنِّي عَلَى لَيْلَى لَزارٍ، وإِنَّنِي

عَلَى ذاكَ، فِيمَا بَيْنَنَا، مُسْتَدِيمُها

أَي عاتِبٌ ساخِطٌ غَيْرُ راضٍ. وزَرَى عَلَيْهِ عَمَلَه إِذا عابَه وعَنَّفَه. قَالَ اللَّيْثُ: وإِذا أَدخل عَلَى أَخيه عَيْبًا فَقَدْ أَزْرَى بِهِ وَهُوَ مُزْرىً بِهِ. ابْنُ الأَعرابي: زَارَى فُلانٌ فُلَانًا إِذا عاتَبَه. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَزْرَى عَلَيْهِ قَلِيلَةٌ. وأَزْرَى بِهِ، بالأَلف، إِزْرَاءً: قَصَّرَ بِهِ وحَقَّرَه وهَوَّنه. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الزَّارِي عَلَى الإِنسان الَّذِي لَا يَعُدُّه شَيْئًا ويُنْكِر عَلَيْهِ فِعْلَه. والإِزْرَاء: التَّهاوُن بِالشَّيْءِ. يُقَالُ: أَزْرَيْت بِهِ إِذا قَصَّرْتَ بِهِ وتَهاوَنْتَ. وازْدَرَيْته أَي حَقَّرته. وَفِي الْحَدِيثِ:

فَهُوَ أَجْدَرُ أَن لَا تُزْدَرَى نِعْمةُ اللهِ عَلَيْكُم

؛ الازْدِرَاء: الاحْتِقارُ والانْتِقاصُ والعَيْبُ، وَهُوَ افْتِعالٌ مَنْ زَرَيْت عَلَيْهِ زِرَايةً إِذا عِبْتَه، قَالَ: وأَصل ازْدَرَيْتُ ازْتَرَيْتُ، وَهُوَ افْتَعَلْتُ مِنْهُ، فقُلِبت التَّاءُ دَالًا لأَجل الزَّايِ، وأَزْرَى بِعِلْمِي وزَرَى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ اللِّحْيَانِيِّ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنه قَصَّرَ بِهِ. وأَزْرَى بِهِ: أَدْخَلَ عليه أَمْراً يُريد أَن يُلَبِّسَ عَلَيْهِ. ورَجل مِزْراءٌ: يُزْرِي عَلَى النَّاسِ. وسِقاءٌ زَرِيٌّ: بَيْنَ الصَّغِيرِ والكبير.

زعا: ابْنُ الأَعرابي: زَعا إِذا عَدَل، وسعَى إِذا هَرَبَ، وقَعا إِذا ذَلَّ، وفَعا إِذا فَتَّتَ شَيْئًا، وتعى إِذا عدا.

زغا: الزَّغَاوَةُ: جِنْسٌ مِنَ السُّودان، والنّسْبةُ إِليهم زَغَاوِيٌّ، ابْنُ الأَعرابي: الزُّغَى رَائِحَةُ الحَبَشيّ. والزُّغَى: القَصْد «1» . ابْنُ سِيدَهْ: زُغَاوَةُ قَبِيلَةٌ مِنَ السُّودَانِ؛ حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:

أَحَمُّ زُغَاوِي النِّجارِ، كأَنَّما

يُلاثُ بِلِيتَيْه نُحاسٌ وحِمْحِمُ

زفي: الزَّفَيَانُ: شِدَّةُ هُبوب الريحِ، والرِّيحُ تَزْفِي الغُبارَ والسَّحابَ وكلَّ شَيْءٍ إِذا رفَعَتْه وطَرَدَتْه عَلَى وَجْهِ الأَرض كَمَا تَزْفِي الأَمْواجُ السَّفِينةَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

يَزْفِيهِ، والمُفَزَّعُ المَزْفِيُّ،

مِنَ الجَنُوبِ سَنَنٌ رَمْلِيُ

وزَفَتِ الرِّيحُ السَّحابَ والتُّرابَ ونَحْوَهما زَفْياً

(1). قوله [والزُّغَى القصد] كذا بالأصل هنا، والذي في التهذيب: والغزى بتقديم الغين مضمومة، والذي فيما بأيدينا من مادة غزو: الغزو القصد

ص: 356

وزَفَيَاناً: طَرَدَتْه واسْتَخَفَّتْه. والزَّفَيَانُ: الخِفّةُ، وَبِهِ سُمِّي الرَّجُلُ وَجَعَلَهُ سِيبَوَيْهِ صِفَةً؛ وَقَوْلُهُ:

كالحِدإِ الزَّافِي أَمامَ الرَّعْدِ

إِنما هُوَ الْخَفِيفُ السَّرِيعُ. وزَفَتِ القَوْسُ زَفَياناً: صوَّتت. وزَفَاه السَّرابُ يَزْفِيه: رَفَعَه كزَهاهُ. يُقَالُ: زَفَى السَّرابُ الآلَ يَزْفِيه وزَهاهُ وحَزاه إِذا رَفَعَه؛ وأَنشد

وتَحْتَ رَحْلِي زَفَيانٌ مَيْلَعُ

وناقةٌ زَفيانٌ: سَرِيعةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرُ:

يَا لَيْتَ شِعْري، والمُنَى لَا تَنْفَعُ،

هَلْ أَغْدُوَنْ يَوْماً، وأَمْري مُجْمَعُ،

وَتَحْتَ رَحْلَيْ زَفَيان مَيْلَعُ؟

وَقَوْسٌ زَفَيانٌ: سَرِيعةُ الإِرسال للسَّهم. وزَفَى الظَّلِيمُ زَفْياً إِذا نَشر جَنَاحَيْهِ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الزَّفَيانُ يَكُونُ مِيزَانُهُ فَعَيالٌ فيُصْرَفُ فِي حالَيْهِ مِن زَفَنَ إِذا نَزا، قَالَ: وإِذا أَخذته مِنَ الزَّفْيِ، وَهُوَ تَحْرِيكُ الرِّيحِ لِلْقَصَبِ وَالتُّرَابِ، فَاصْرِفْهُ فِي النَّكِرَةِ وَامْنَعْهُ الصَّرْفَ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَهُوَ فَعَلانُ حِينَئِذٍ. ابْنُ الأَعرابي: أَزْفَى إِذا نقَل شَيْئًا مِنْ مَكَانٍ إِلى مَكَانٍ، وَمِنْهُ أَزْفَيْتُ العَرُوسَ إِذا نَقَلْتَها مِنْ بَيْتِ أَبَوَيْها إِلي بيتِ زَوْجِها. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: هُوَ يَزْفِي بِنَفْسِه أَي يَجُود بِهَا. وزَفَيَانُ: اسْمُ شاعر أَو لَقَبُه.

زقا: الزَّقْوُ وزقي

الزَّقْيُ: مَصْدَرُ زَقا الدِّيكُ والطائرُ والمُكَّاء والصَّدَى والهامةُ ونحوُها يَزْقُو وزقي

يَزْقِي زَقْواً وزُقاء وزُقُوّاً وزقي

زَقْياً وزُقِيّاً وزِقِيّاً صاحَ، وَكَذَلِكَ الصبيُّ إِذا اشتدَّ بُكاؤه وَقَدْ أَزْقاه هُوَ، وكلُّ صائحٍ زاقٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

فهْوَ يَزْقُو مِثْلَ مَا يَزْقُو الضُّوَعْ

وَقَدْ تَعَدَّوْا ذَلِكَ إِلى مَا لَا يُحِسُّ فَقَالُوا: زَقَتِ البَكرةُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

وعَلَقٌ يَزْقُو زُقاء الهامَهْ

العَلَقُ: الحَبْلُ المُعَلَّق بِالْبَكَرَةِ، وَقِيلَ: الحَبْل الَّذِي فِي أَعلاها، قَالَ: لَمَّا كَانَتِ الهامةُ مُعَلَّقَةً فِي الحَبْل جُعِل الزُّقاء لَهَا، وإِنما الزُّقاء فِي الْحَقِيقَةِ لِلْبَكَرَةِ؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال يَصِفُ رَاهِبَةً:

تَضْربُ بالنَّاقُوسِ وَسْطَ الدَّيْر،

قَبْلَ الدّجاجِ وزُقاء الطَّيْر

أَراد: قَبْلَ صُراخ الدَّجَاجِ وزُقاء الطَّيْرِ لِيَصِحَّ لَهُ عَطْفُ العَرَض عَلَى العَرَض، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلَانٌ أَثقل مِنَ الزَّوَاقِي، وَهِيَ الدِّيَكةُ تَزْقُو وَقْتَ السَّحَر فَتُفَرِّق بَيْنَ المُتحابِّين، لأَنهم كَانُوا يَسْمُرون فإِذا صَاحَتِ الدِّيَكة تفرَّقوا. وَفِي حَدِيثِ

هِشَامٍ: أَنْتَ أَثْقَلُ مِنَ الزَّواقِي

؛ هِيَ الدِّيَكةُ، وَاحِدُهَا زاقٍ، يُرِيدُ أَنها إِذا زَقَت سَحَراً تَفَرَّقَ السُّمَّار والأَحبابُ، وَيُرْوَى:

أَثْقَلُ مِنَ الزَّاوُوق

، وإِذا قَالُوا أَثْقَلُ مِنَ الزَّاوُوق فَهُوَ الزِّئْبَقُ. وأَزْقَى الشيءَ: جَعَلَهُ يَزْقُو؛ قَالَ:

فإِن تَكُ هامةٌ بَهراةَ تَزْقُو،

فَقَدَ أَزْقَيْت بالمَرْوَيْنِ هاما

وزقي

الزَّقْيَةُ: الصَّيْحةُ. وَرُوِيَ

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه كَانَ يَقْرَأُ: إِن كانت إِلَّا زقي

زَقْيَةً وَاحِدَةً

، فِي مَوْضِعٍ صيحةً. ويقال: زقي

أَزْقَيْت هامةَ فُلَانٍ أَي قَتَلْتُهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

فإِن تكُ هامةٌ بَهراةَ تَزْقُو

وَيُقَالُ: زَقَوْتَ يَا ديكُ وزقي

زَقَيْتَ.

ص: 357

وزقي

زَقْيَةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

يَقُولُوا قَدْ رَأَيْنا خيرَ طِرْفٍ

زقي بزَقْيَةَ، لَا يُهَدُّ وَلَا يَخِيبُ

زكا: الزَّكاء، مَمْدُودُ: النَّماء والرَّيْعُ، زَكَا يَزْكو زَكاء وزُكُوّاً. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: المالُ تنقُصه النَّفقة والعِلم يَزْكُو عَلَى الإِنْفاقِ

، فَاسْتَعَارَ لَهُ الزَّكاء وإِن لَمْ يَكُ ذَا جِرْمٍ، وَقَدْ زَكَّاه اللهُ وأَزْكَاه. والزَّكاء: مَا أَخرجه اللَّهُ مِنَ الثَّمَرِ. وأَرضٌ زَكِيَّةٌ: طيِّبةٌ سَمِينَةٌ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. زَكَا، والزَّرع يَزْكو زَكاء، مَمْدُودٌ، أَي نَمَا. وأَزْكَاه اللَّهُ، وكلُّ شَيْءٍ يَزْدَادُ ويَنْمي فَهُوَ يَزْكُو زَكَاء وَتَقُولُ: هَذَا الأَمر لَا يَزْكُو بِفُلَانٍ زَكاء أَي لَا يَلِيقُ بِهِ؛ وأَنشد:

والمالُ يَزْكو بِكَ مُسْتَكْبراً،

يَخْتال قَدْ أَشرق للناظرِ «2»

. ابْنُ الأَنْباري فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً

؛ مَعْنَاهُ وَفَعَلْنَا ذَلِكَ رحمةً لأَبويه وتَزْكِيةً لَهُ؛ قَالَ الأَزهري: أَقام الِاسْمَ مُقامَ الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ. والزَّكَاةُ: الصلاحُ. وَرَجُلٌ تقيٌّ زَكِيٌّ أَي زاكٍ مِنْ قَوْمٍ أَتْقياء أَزْكِياء، وَقَدْ زَكا زَكاء وزُكُوّاً وزَكِيَ وتَزَكَّى، وزَكَّاه الله، وزَكَّى نفسَه تَزْكِيةً: مدَحها. وَفِي حَدِيثِ

زينبَ: كَانَ اسمُها بَرَّةَ فغَّيره وَقَالَ تُزَكِّي نفسَها.

وزَكَّى الرَّجُلُ نفسَه إِذا وَصَفَهَا وأَثنى عَلَيْهَا. والزَّكَاةُ: زَكاةُ الْمَالِ مَعْرُوفَةٌ، وَهُوَ تَطْهِيرُهُ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ زَكَّى يُزَكِّي تَزْكِيةً إِذا أَدّى عَنْ مَالِهِ زَكاته غَيْرُهُ: الزَّكاة مَا أَخرجته من مالك لتهطره بِهِ، وَقَدْ زَكَّى المالَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَتُزَكِّيهِمْ بِها

؛ قَالُوا: تُطهِّرُهم بِهَا. قَالَ أَبو عَلِيٍّ: الزَّكَاةُ صفوةُ الشَّيْءِ. وزَكَّاه إِذا أَخذ زَكاتَه. وتَزَكَّى أَي تصدَّق. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ

؛ قَالَ بعضُهم: الَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ مُؤْتُون، وَقَالَ آخَرُونَ: الَّذِينَ هُمْ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ فاعِلُون، وقال تَعَالَى: خَيْراً مِنْهُ زَكاةً

؛ أَي خَيْرًا مِنْهُ عَمَلًا صَالِحًا، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: زَكاةً

صَلَاحًا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عز وجل: وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً

؛ قَالَ: صَلَاحًا. أَبو زَيْدٍ النَّحْوِيُّ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ

؛ وَقُرِئَ مَا زَكَّى مِنْكُمْ، فَمَنْ قرأَ مَا زَكى

فَمَعْنَاهُ مَا صَلَحَ مِنْكُمْ، وَمَنْ قرأَ مَا زَكَّى فَمَعْنَاهُ مَا أَصلح، وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ

أَي يُصلح، وَقِيلَ لِمَا يُخْرَج مِنَ الْمَالِ لِلْمَسَاكِينِ مِنْ حُقُوقِهِمْ زَكاةٌ لأَنه تطهيرٌ لِلْمَالِ وتَثْميرٌ وإِصْلاحٌ وَنَمَاءٌ، كُلُّ ذَلِكَ قِيلَ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الزَّكاةِ والتَّزْكِيةِ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: وأَصل الزَّكَاةِ فِي اللُّغَةِ الطَّهَارَةُ والنَّماء والبَركةُ والمَدْح وَكُلُّهُ قَدِ اسْتُعْمِلَ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ، وَوَزْنُهَا فَعَلةٌ كالصَّدَقة، فَلَمَّا تحرَّكت الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا انْقَلَبَتْ أَلفاً، وَهِيَ مِنَ الأَسماء الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ المُخْرَج وَالْفِعْلِ، فَيُطْلَقُ عَلَى الْعَيْنِ وَهِيَ الطَّائِفَةُ مِنَ الْمَالِ المُزَكَّى بِهَا، وَعَلَى المَعنى وَهِيَ التَّزْكِيَة؛ قَالَ: وَمِنَ الْجَهْلِ بِهَذَا الْبَيَانِ أَتى مَنْ ظَلَمَ نفسَه بِالطَّعْنِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ

؛ ذَاهِبًا إِلى الْعَيْنِ، وإِنما الْمُرَادُ الْمَعْنَى الذي هو التَّزْكِيةُ، ف الزَّكاة طُهرةٌ للأَموال وزَكاةُ الفِطْرِ طهرةٌ للأَبدان. وَفِي حَدِيثِ

الْبَاقِرِ أَنه قَالَ: زَكاةُ الأَرض يُبْسُها

، يُرِيدُ طَهارَتَها مِنَ النَّجَاسَةِ كَالْبَوْلِ وأَشباهه بأَن يَجِفَّ وَيَذْهَبَ أَثرُه. والزَّكا، مَقْصُورٌ: الشَّفْعُ مِنَ العدد. الجوهري:

(2). قوله [أشرق] كذا في الأصل بالقاف، وفي التهذيب بالفاء

ص: 358

وزَكاً الشَّفْعُ. يُقَالُ: خَسًا أَو زَكاً، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلْفَرْدِ خَساً وَلِلزَّوْجَيْنِ اثْنَيْنِ زَكاً، وَقِيلَ لَهُمَا زَكاً لأَن اثْنَيْنِ أَزْكَى مِنْ وَاحِدٍ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

عَنْ قبْضِ مَنْ لَاقَى أَخاسٍ أَمْ زَكا

ابْنُ السِّكِّيتِ: الأَخاسي جَمْعُ خَساً، وَهُوَ الْفَرْدُ. اللِّحْيَانِيُّ: زَكِيَ الرَّجُلُ يَزْكَى وزَكا يَزْكو زُكوّاً وزَكاءً، وَقَدْ زَكَوْتَ وزَكِيتَ أَي صِرْتَ زَاكِيًا. ابْنُ الأَنباري: الزَّكاءُ الزِّيادة مِنْ قَوْلِكَ زَكا يَزْكو زَكَاءً، وَهَذَا مَمْدُودٌ، وَزَكًا، مقصورٌ: الزَّوْجَانِ، وَيَجُوزُ خَساً وَزَكًا بالإِجْراء، وَمَنْ لَمْ يُجْرِهما جَعَلَهُمَا بِمَنْزِلَةِ مَثْنى وثُلاثَ ورُباعَ، وَمَنْ أَجراهما جَعَلَهُمَا نَكِرَتَيْنِ. وَقَالَ أَحمد بْنُ عُبَيْدٍ: خَسا وزَكا لَا ينوَّنان وَلَا تَدَخُلُهُمَا الأَلف وَاللَّامُ لأَنهما عَلَى مَذْهَبِ فَعَل مِثْلُ وَهَى وعَفا؛ وأَنشد لِلْكُمَيْتِ:

لَادَى خَسا أَو زَكا مِنْ سِنِيك

إِلَى أَربعٍ فَيَقُولُ انْتِظَارَا «1»

. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُكْتَبُ خَسا بالأَلف لأَنه مِنْ خَسأَ، مَهْمُوزٌ، وَزَكَا يُكْتَبُ بالأَلف لأَنه مِنْ يَزْكُو، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلزَّوْجِ زَكاً وَلِلْفَرْدِ خَساً فَتُلْحِقُهُ بِبَابِ فَتًى، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ زَكا وخَسا فَيُلْحِقُهُ بِبَابِ زُفَرَ. وَيُقَالُ: هُوَ يُخَسِّي ويُزَكِّي إِذَا قَبَضَ عَلَى شَيْءٍ فِي كَفِّهِ وَقَالَ أَزَكا أَم خَسا، وَهُوَ مَهْمُوزٌ. الأَصمعي: رَجُلٌ زُكأَةٌ أَي مُوسِرٌ. اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُ لمَلِيءٌ زُكأَةٌ أَي حَاضِرُ النَّقْد عاجِله. وَيُقَالُ: قَدْ زَكأَه إِذَا عجَّل نَقْدَهُ. وَفِي حَدِيثِ

مُعَاوِيَةَ أَنه قدِم الْمَدِينَةَ بِمَالٍ فَسَأَلَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقِيلَ إِنَّهُ بِمَكَّةَ فأَزْكى المالَ وَمَضَى، فلحِق الْحَسَنَ فَقَالَ: قدِمْتُ بِمَالٍ فَلَمَّا بَلَغَنِي شُخُوصُك أَزْكَيْتُه، وَهَا هُوَ ذَا

؛ قَالَ: كأَنه يُرِيدُ أَوْعَيْتُه. وزَكا الرجلُ يَزْكو زُكوّاً: تَنَعَّم وَكَانَ فِي خِصْب. وزَكِيَ يَزْكى: عَطِشَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَثبته في الواو لعدم ز ك ي وَوُجُودِ ز ك و؛ قَالَهُ ثَعْلَبٌ؛ وأَنشد:

كصاحِبِ الخَمْرِ يَزْكى كُلَّما نَفِدَتْ

عَنْهُ، وإنْ ذاقَ شِرْباً هَشَّ لِلعَلَلِ

زنا: الزِّنا يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، زَنَى الرجلُ يَزْني زِنىً، مقصور، وزناءً مَمْدُودٌ، وَكَذَلِكَ المرأَة. وَزَانَى مُزاناةً وزَنَّى: كَزَنى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:

إمَّا نِكاحاً وإِمَّا أُزَنّ

يُرِيدُ: أُزَنِّي، وَحَكَى ذَلِكَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ لِلشِّعْرِ. وَزَانَى مُزاناةً وزِناء، بِالْمَدِّ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَكَذَلِكَ المرأَة أَيضاً؛ وأَنشد:

أَما الزِّنَاءُ فإنِّي لستُ قارِبَه،

والمالُ بَيْني وبَيْنَ الخَمْرِ نصْفانِ

والمرأَة تُزانِي مُزاناةً وزِناء أَي تُباغِي. قَالَ اللحياني: الزِّنى، مقصور، لُغَةِ أَهل الْحِجَازِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى

، بِالْقَصْرِ، وَالنِّسْبَةُ إِلَى الْمَقْصُورِ زِنَوِيٌّ، وَالزِّنَاءُ مَمْدُودٌ لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ، وَفِي الصِّحَاحِ: الْمَدُّ لأَهل نَجْدٍ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

أَبا حاضِرٍ، مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِناؤُه،

ومَنْ يَشْرَبِ الخُرْطُوم يُصْبِحْ مُسَكَّرا

وَمِثْلُهُ لِلْجَعْدِيِّ:

كَانَتْ فَرِيضة مَا تقولُ، كَمَا

كانَ الزِّناء فَريضةَ الرَّجْم

وَالنِّسْبَةُ إِلَى الْمَمْدُودِ زِنائِيٌّ. وزَنَّاهُ تزْنِيةً: نسبه

(1). قوله [لادى] وضع له في الأصل علامة وقفة ولم نجده في غيره، والرسم قابل أن يكون لأدّى، من التأدية فاللام مفتوحة، ولأَن يكون أدنى من الدنوّ فاللام مكسورة

ص: 359

إِلَى الزِّنا وَقَالَ لَهُ يَا زَانِي. وَفِي الْحَدِيثِ: ذِكر قُسْطَنْطِينيَّةَ الزَّانِيَةِ، يُرِيدُ الزَّانِيَ أَهلُها كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً؛ أَي ظَالِمَةَ الأَهْل. وَقَدْ زَانَى المرأَة مُزاناةً وَزِنَاءً. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قِيلَ لابنةِ الخُسِّ مَا أَزْناكِ؟ قَالَتْ: قُرْبُ الوِسادِ وطُولُ السِّوادِ؛ فكأَنَّ قَوْلَهُ مَا أَزْناكِ مَا حَمَلَكِ عَلَى الزِّنا، قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ هَذَا إِلَّا فِي حَدِيثِ ابنةِ الخُسِّ. وَهُوَ ابنُ زَنْيةٍ وزِنْيةٍ، وَالْفَتْحُ أَعلى، أَي ابْنُ زِناً، وَهُوَ نقِيضُ قَوْلِكَ لِرِشدةٍ ورَشْدة. قَالَ الْفَرَّاءُ فِي كِتَابِ الْمَصَادِرِ: هُوَ لِغَيَّةٍ ولِزَنْيةٍ وَهُوَ لغَيْر رَشْدةٍ، كلُّه بِالْفَتْحِ. قَالَ: وَقَالَ الْكِسَائِيُّ ويجوز رَشْدة [رِشْدة] وزَنْية [زِنْية]، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، فأَما غَيَّة فَهُوَ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه وَفَدَ عَلَيْهِ مَالِكُ بْنُ ثَعْلَبَةَ فَقَالَ مَنْ أَنتم؟ فَقَالُوا: نحن بنو الزَّنْية [الزِّنْية] فَقَالَ: بَلْ أَنتم بَنُو الرِّشْدةِ.

والزنْية، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: آخِرُ وَلدِ الرَّجُلِ والمرأَة كالعجْزة، وبنو مَلِكٍ يُسَمَّوْنَ بَني الزَّنْية والزِّنْية لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم،

بَلْ أَنتم بَنُو الرِّشْدةِ

نَفْياً لَهُمْ عَمَّا يُوهِمُهُ لَفْظُ الزنْية مِنَ الزِّنا، والرَّشْدةُ أَفصح اللُّغَتَيْنِ. وَيُقَالُ لِلْوَلَدِ إِذَا كَانَ مِنْ زِناً: هُوَ لِزَنْية. وَقَدْ زَنَّاه. مِنَ التَّزْنِية أَي قَذَفَه. وَفِي الْمَثَلِ:

لَا حِصْنُها حِصْنٌ وَلَا الزِّنا زِنا

قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُضْرَبُ مَثَلًا لِلَّذِي يكُفُّ عَنِ الخَيْر ثُمَّ يُفَرِّط فِيهِ وَلَا يَدومُ عَلَى طَرِيقَةٍ. وتسمَّى القِرْدة زنَّاءةً، والزَّناءُ: القصيرُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

وتُولِجُ فِي الظِّلِّ الزَّناءِ رؤُوسها،

وتَحْسِبُها هِيماً، وهُنَّ صَحائحُ

وأَصل الزَّناء الضيقُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:

لَا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم وَهُوَ زَناءٌ

أَي مُدافِعٌ للِبَوْل؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الأَخطل:

وَإِذَا بَصُرْتَ إِلَى زَناءٍ قَعْرُها

غَبْراءَ مُظْلِمَةٍ مِنَ الأَحْفارِ

وزَنا الموضعُ يَزْنُو: ضَاقَ، لُغَةٌ فِي يَزْنأُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، لَا يُحِبُّ مِنَ الدُّنْيا إِلَّا أَزْنَأَها

أَي أَضيقها. ووِعاءٌ زَنِيٌّ: ضيِّق؛ كَذَا رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِغَيْرِ هَمْزٍ. والزَّنْءُ: الزُّنُوُّ فِي الجَبَل. وزَنَّى عَلَيْهِ: ضَيَّق؛ قال:

لاهُمَّ، إنَّ الحَرِثَ بنَ جَبَلَهْ.

زَنَّى عَلَى أَبِيهِ ثُمَّ قَتَلَهْ

قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن هَمْزَةَ الزَّنَاءِ ياءٌ. وبَنُو زِنْيَة: حَيٌّ.

زها: الزَّهْوُ: الكِبْرُ والتِّيهُ والفَخْرُ والعَظَمَةُ؛ قَالَ أَبو المُثَلَّمِ الْهُذَلِيُّ:

مَتى مَا أَشَأْ غَيْر زَهْوِ المُلُوكِ،

أَجْعَلْكَ رَهْطاً عَلَى حُيَّضِ

وَرَجُلٌ مَزْهُوٌّ بِنَفْسِهِ أَي مُعْجَبٌ. وبفُلان زَهْوٌ أَي كِبْرٌ؛ وَلَا يُقَالُ زَها. وزُهِيَ فُلانٌ فَهُوَ مَزْهُوٌّ إِذَا أُعْجِبَ بِنَفْسِهِ وتَكَبَّر. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ زُهِيَ عَلَى لَفْظِ مَا لَمْ يُسَمَّ فاعلُه، جَزَمَ بِهِ أَبو زَيْدٍ وأَحمد بْنُ يَحْيَى، وَحَكَى ابْنُ السِّكِّيتِ: زُهِيتُ وزَهَوْتُ. وَلِلْعَرَبِ أَحرف لَا يَتَكَلَّمُونَ بِهَا إِلَّا عَلَى سَبِيلِ المَفْعول بِهِ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ مِثْلَ زُهِيَ الرجُلُ وعُنِيَ بالأَمْر ونُتِجَتِ الشاةُ وَالنَّاقَةُ وأَشباهها، فَإِذَا أَمَرْت بِهِ قُلْتَ: لِتُزْهَ يَا رجلُ، وَكَذَلِكَ الأَمْر مِنْ كُلِّ فِعْل لَمْ يُسمّ فَاعِلُهُ لأَنك إِذَا

ص: 360

أَمَرْتَ مِنْهُ فَإِنَّمَا تأْمر فِي التَّحْصِيلِ غَيْرَ الَّذِي تُخاطِبه أَن يُوقِع بِهِ، وأَمْرُ الغائبِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللَّامِ كَقَوْلِكَ ليَقُمْ زَيد، قَالَ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى حَكَاهَا ابْنُ دُرَيْدٍ زَها يَزْهُو زَهْواً أَي تَكَبَّر، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا أَزْهاهُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ زُهِيَ لأَن مَا لَمْ يُسم فَاعِلُهُ لَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ. قَالَ الأَحمر النَّحْوِيُّ يَهْجُو العُتْبِيَّ والفَيْضَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ:

لَنَا صاحِبٌ مُولَعٌ بالخِلافْ،

كثيرُ الخَطاء قليلُ الصَّوابْ

أَلَجُّ لَجَاجًا مِنَ الخُنْفُساءْ،

وأَزْهى، إِذَا مَا مَشى، منْ غُرابْ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قُلْتُ لأَعرابي مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مَا مَعْنَى زُهِيَ الرجلُ؟ قَالَ: أُعجِبَ بنفسِه، فَقُلْتُ: أَتقول زَهى إِذَا افْتَخَر؟ قَالَ: أَمّا نَحْنُ فَلَا نَتَكَلَّمُ بِهِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنبة: زَها فُلَانٌ إِذَا أُعجب بِنَفْسِهِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: زَهاه الكِبْر وَلَا يُقَالُ زَها الرَّجل وَلَا أَزْهيتُه ولكنْ زَهَوْتُه. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنِ اتَّخَذَ الخَيْلَ زُهاءً ونِواءً عَلَى أَهْل الإِسْلام فَهِيَ عَلَيْهِ وِزْرٌ

؛ الزُّهاء، بِالْمَدِّ، والزَّهْوُ الكِبْرُ والفَخْر. يُقَالُ: زُهِيَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مَزْهُوٌّ، هَكَذَا يتكلَّم بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمَفْعُولِ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظر إِلَى الْعَامِلِ المَزْهُوِّ

؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَائِشَةَ، رضي الله عنها: إن جَارِيَتِي تُزْهَى أَن تَلْبَسَه فِي الْبَيْتِ

أَي تَتَرَفَّعُ عَنْهُ وَلَا تَرْضاه، تَعْنِي درْعاً كَانَ لَهَا؛ وأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

جَزَى اللهُ البَراقِعَ مِنْ ثِيابٍ،

عَنِ الفِتْيانِ، شَرّاً مَا بَقِينا

يُوارِينَ الحِسانَ فَلَا نَراهُم،

ويَزْهَيْنَ القِباحَ فيَزْدَهِينا

فَإِنَّمَا حُكْمه ويَزْهُونَ القِباحَ لأَنه قَدْ حُكِيَ زَهَوْتُه، فَلَا مَعْنَى ليَزْهَيْنَ لأَنه لَمْ يَجِئْ زَهَيْته، وَهَكَذَا أَنشده ثَعْلَبٌ ويَزْهُون. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ وَهِمَ ابْنُ الأَعرابي فِي الرِّوَايَةِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يَكُونَ زَهَيْتُه لُغَةً فِي زَهَوْتُه، قَالَ: وَلَمْ تُرْوَ لَنَا عَنْ أَحد. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: هِيَ أَزْهَى مِن غُرابٍ، وَفِي الْمَثَلِ المعروفِ: زَهْوَ الغُرابِ، بِالنَّصْبِ، أَي زُهِيتَ زَهْوَ الغرابِ: وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي النَّوَادِرِ: زُهِيَ الرَّجُلُ وَمَا أَزْهاهُ فوضَعُوا التَّعَجُّبَ عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ، قَالَ: وَهَذَا شاذٌّ إِنَّمَا يَقع التَّعَجُّبُ مِنْ صِيغَةِ فِعْلِ الْفَاعِلِ، قَالَ: وَلَهَا نَظَائِرُ قَدْ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ وَقَالَ: رجُلٌ إنْزَهْوٌ وامرأَة إنْزَهْوَةٌ وَقَوْمٌ إنْزَهْوُون ذَوو زَهْوٍ، ذَهَبُوا إِلَى أَن الأَلف وَالنُّونَ زَائِدَتَانِ كَزِيَادَتِهِمَا فِي إنْقَحْلٍ، وَذَلِكَ إِذَا كَانُوا ذَوِي كِبْر. والزَّهْو: الكَذِب والباطلُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

وَلَا تَقُولَنَّ زَهْواً مَا تُخَبِّرُني،

لَمْ يَتْرُكِ الشَّيْبُ لِي زَهْواً، وَلَا العَوَرُ «1»

. الزَّهْو: الكِبْرُ. والزَّهْوُ: الظُّلْمُ. والزَّهْو: الاسْتِخْفافُ: وزَها فُلَانًا كلامُك زَهْواً وازْدهاه فازْدَهَى: اسْتَخَفَّه فَخَفَّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ لَا يُزْدَهَى بخَديعَة. وازْدَهَيْت فُلَانًا أَي تَهاوَنْت بِهِ. وازْدَهَى فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا اسْتَخَفَّه. وَقَالَ الْيَزِيدِيُّ: ازْدَهاهُ وازْدَفاهُ إِذَا اسْتَخَفَّه. وزَهاهُ وازْدَهاهُ: اسْتَخَفَّه وَتَهَاوَنَ بِهِ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:

فَلَمَّا تَواقَفْنا وسَلَّمْتُ أَقْبَلَتْ

وجُوهٌ، زَهاها الحُسْنُ أَنْ تَتَقَنَّعا

(1). قوله [ولا العور] أنشده في الصحاح: ولا الكبر، وقال في التكملة، والرواية: ولا العور

ص: 361

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَيُرْوَى:

وَلَمَّا تَنَازَعْنا الحَديثَ وأَشْرَقَت

قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الأَخطل:

يَا قاتَلَ اللهُ وصْلَ الغانِيات، إِذَا

أَيْقَنَّ أَنَّك مِمَّنْ قَدْ زَها الكِبَرُ

وازْدَهاهُ الطَّرَب والوَعيدُ: اسْتَخَفَّه. وَرَجُلٌ مُزْدَهىً: أَخَذَتْه خِفَّةٌ مِنَ الزَّهْوِ أَو غَيْرِهِ. وازْدَهاهُ عَلَى الأَمْرِ: أَجْبَرَه. وزَها السَّرابُ الشيءَ يَزْهاهُ: رَفَعَه، بالأَلف لَا غَيْرَ. وَالسَّرَابُ يَزْهى القُور والحُمُول: كأَنه يَرْفَعُها؛ وزَهَت الأَمْواجُ السَّفِينَةَ كَذَلِكَ. وزَهَت الريحُ أَي هَبَّت؛ قَالَ عُبَيْدٌ:

ولَنِعْم أَيْسارُ الجَزورِ إِذَا زَهَتْ

رِيحُ الشِّتَا، وتَأَلَّفَ الجِيرانُ

وزَهَت الريحُ النباتَ تَزْهاهُ: هَزَّتْه غِبَّ النَّدَى؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

فأَرْسَلَها رَهْواً رِعالًا، كأَنَّها

جَرادٌ زَهَتْه رِيحُ نَجْدٍ فأَتْهَمَا

قَالَ: رَهْواً هُنَا أَي سِرَاعاً، والرَّهْوُ مِنَ الأَضداد. وزَهَتْه: ساقَتْه. والريحُ تَزْهَى النباتَ إِذَا هَزَّتْه بَعْدَ غِبِّ المَطَر؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

فِي أُقْحُوانٍ بَلَّهُ طَلُّ الضُّحَى،

ثُمَّ زَهَتْهُ ريحُ غَيمٍ فَازْدَهَى

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ورُبَّما قَالُوا زَهَت الريحُ الشَّجَر تَزْهاه إِذَا هَزَّتْه. والزَّهْوُ: النَّبات الناضرُ والمَنْظَرُ الحَسَن. يُقَالُ: زُهِيَ الشيءُ لِعَيْنِكَ. والزَّهْوُ: نَوْرُ النَّبْتِ وزَهْرُهُ وإشْراقُه يَكُونُ للْعَرَضِ والجَوْهَرِ. وزَها النَّبْتُ يَزْهَى زَهْواً وزُهُوّاً وزَهَاءً حَسُنَ. والزَّهْوُ: البُسْرُ المُلَوَّنُ، يُقَالُ: إِذَا ظَهَرت الحُمْرة وَالصُّفْرَةُ فِي النَّخْل فَقَدْ ظَهَرَ فِيهِ الزَّهْوُ. والزَّهْوُ والزُّهْوُ: البُسْرُ إِذَا ظَهَرَت فِيهِ الحُمْرة، وَقِيلَ: إِذَا لَوَّنَ، وَاحِدَتُهُ زَهْوة؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: زُهْوٌ، وَهِيَ لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ بالضَّمِّ جمعُ زَهْوٍ، كَقَوْلِكَ فَرَسٌ وَرْدٌ وأَفراس وُرْدٌ، فأُجْرِيَ الِاسْمُ فِي التَّكْسير مُجْرَى الصِّفَةِ. وأَزْهَى النَّخْلُ وزَهَا زُهُوّاً: تلوَّن بِحُمْرَةٍ وصُفْرةٍ. وَرَوَى

أَنس بْنِ مَالِكٍ أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَنِ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَزْهو، قِيلَ لأَنس: وَمَا زَهْوُه؟ قَالَ: أَن يَحْمَرَّ أَو يَصْفَرَّ

، وَفِي رِوَايَةِ

ابْنِ عُمَرَ: نهَى عَنْ بَيْع النَّخْلِ حَتَّى يُزْهِيَ.

ابْنُ الأَعرابي: زَها النبتُ يَزْهُو إِذَا نَبَت ثَمَرُه، وأَزْهَى يُزْهِي إِذَا احْمَرَّ أَو اصْفَرَّ، وَقِيلَ: هُمَا بِمَعْنَى الِاحْمِرَارِ وَالِاصْفِرَارِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَر يَزْهو وَمِنْهُمْ مَن أَنكر يُزْهِي. وزَهَا النَّبْتُ: طالَ واكْتَهَلَ؛ وأَنشد:

أَرَى الحُبَّ يَزْهَى لِي سَلامَةَ، كالَّذِي

زَهَى الطلُّ نَوْراً واجَهَتْه المَشارِقُ

يُرِيدُ: يزيدُها حُسْنًا فِي عَيْني. أَبو الْخَطَّابِ قَالَ: لَا يُقَالُ لِلنَّخْلِ إلَّا يُزْهَى، وَهُوَ أَن يَحْمَرَّ أَو يَصْفَرَّ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ يَزْهُو، والإِزْهَاءُ أَنْ يَحْمَرَّ أَو يَصْفَرَّ. وَقَالَ الأَصمعي: إِذَا ظَهَرت فِيهِ الحُمْرة قِيلَ أَزْهَى. ابْنُ بُزُرج: قَالُوا زُها الدُّنْيا زِينَتُها وإيناقُها، قَالَ: وَمِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى قَوْلُهُمْ ورَهَجُها. وَقَالَ: مَا لِرَأْيِكَ بُذْمٌ وَلَا فَرِيق «2» . أَي صَرِيمَة. وَقَالُوا: طَعامٌ طيِّبُ الخَلْف أَي طَيّب آخِرِ الطَّعْمِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنَبَةَ: زُهِيَ لَنَا حَمْل النَّخْلِ فنَحْسِبُه

(2). قوله [ولا فريق] هكذا في الأصل

ص: 362

أَكثَرَ مِمَّا هُوَ. الأَصمعي: إِذَا ظَهَرتْ فِي النَّخْل الحُمْرة قِيلَ أَزْهَى يُزْهِي: ابْنُ الأَعرابي: زَهَا البُسْر وأَزْهَى وزَهَّى وشَقَّحَ وأَشْقَحَ وأَفْضَحَ لَا غَيْرُ. أَبو زَيْدٍ: زَكا الزَّرْعُ وَزَها إِذَا نَما. خَالِدُ ابْنُ جَنَبَةَ: الزَّهْوُ مِنَ البُسْرِ حِينَ يَصْفَرُّ ويحمرُّ وَيَحِلُّ جَرْمُه، قَالَ: وجَرْمه للشِّرَاء والبَيْع، قَالَ: وأَحْسَنُ مَا يَكُونُ النخلُ إِذْ ذَاكَ؛ الأَزهري: جَرْمه خَرْصُه لِلْبَيْعِ. وزَها بِالسَّيْفِ: لمَعَ بِهِ. وزَهَا السراجَ: أَضاءَه. وزَهَا هُوَ نفسُه. وزُهاءُ الشيءِ وزِهَاؤُه: قَدْرُه، يُقَالُ: هُمْ زُهَاءُ مائِةٍ وزِهاءُ مِائةٍ أَي قَدْرُهَا. وهُم قومٌ ذَوُو زُهاءٍ أَي ذَوُو عَدَدٍ كَثِيرٍ؛ وأَنشد:

تَقَلَّدْتَ إبْريقاً، وعَلَّقْتَ جَعْبة

لِتُهْلِكَ حَيّاً ذَا زُهاءٍ وجَامِلِ

الإِبريق: السَّيْفُ، وَيُقَالُ قَوْسٌ فِيهَا تَلَامِيعُ. وزُهاءُ الشَّيْءِ: شخصُه. وزَهَوْت فُلَانًا بِكَذَا أَزْهاهُ أَي حَزَرْته. وزَهَوْته بِالْخَشَبَةِ: ضربتُه بِهَا. وَكَمْ زُهَاؤُهم أَي قدرُهم وحزْرُهم؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ؛

كأَنما زُهَاؤُهم لِمَنْ جَهَرْ

وقولُهم: زُهَاءُ مائَة أَي قَدْرُ مائةٍ. وَفِي حَدِيثٍ:

قِيلَ لَهُ كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: زُهَاءَ ثلَاثمائة

أَي قَدْرَ ثَلَاثِمِائَةٍ، مِنْ زَهَوْت القومَ إِذَا حَزَرْتَهم. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذَا سَمِعتم بناسٍ يأْتون مِنْ قِبَلِ المَشرق أُولِي زُهاءٍ يَعجَبُ النَّاسُ مِنْ زيِّهِمْ فَقَدْ أَظَلَّت الساعةُ

؛ قَوْلُهُ أُولي زُهَاءٍ أُولي عددٍ كثيرٍ. وزَهَوْتُ الشيءَ إِذَا خَرَصْتَه وعلِمتَ مَا زُهاؤُه. والزُّهَاءُ: الشخصُ، وَاحِدُهُ كجمعِه. وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِ الرُّوّاد: مَداحي سَيْل وزُهَاءُ لَيْلٍ، يَصِفُ نَبَاتًا أَي شخصُه كَشَخْصِ اللَّيْلِ فِي سوادِه وكَثْرِته؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

دُهْماً كأَن الليلَ فِي زُهائِها

زُهاؤُها: شُخوصُها يَصِفُ نَخْلًا يَعْنِي أَن اجْتِمَاعَهَا يُري شُخوصَها سُودًا كَاللَّيْلِ. وزَهَتِ الإِبلُ تَزْهو زَهْواً: شربَت الماءَ ثُمَّ سَارَتْ بَعْدَ الوِرْد لَيْلَةً أَو أَكثر وَلَمْ تَرْعَ حَوْلَ الْمَاءِ، وزَهَوْتُها أَنا زَهْواً، يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى. وزَهَتْ زَهْواً: مرَّت فِي طَلَبِ المَرْعى بَعْدَ أَن شرِبت وَلَمْ تَرْعَ حَوْلَ الْمَاءِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

وأَنتِ استعرتِ الظَّبيَ جِيدًا ومُقْلَةً،

مِنَ المُؤلِفات الزَّهْوَ، غيرِ الأَوارِك

وزَهَا المُرَوِّحُ المِرْوَحة وزَهَّاها إِذَا حَرَّكها؛ وَقَالَ مزاحمٌ يَصِفُ ذَنَبَ الْبَعِيرِ:

كمِرْوَحَةِ الدَّارِيّ ظَلَّ يَكُرُّها،

بكَفِّ المُزَهِّي سَكْرَةَ الرِّيحِ عُودُها

ف المُزَهِّي: المُحَرِّك؛ يَقُولُ: هَذِهِ الْمِرْوَحَةُ بكفِّ المُزَهِّي المحرِّك لسُكونِ الرِّيحِ. والزَّاهِيَةُ مِنَ الإِبل: الَّتِي لَا تَرْعى الحَمْض. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الإِبلُ إبلانِ: إبلٌ زَاهِيَة زالَّة الأَحْناك لَا تقرَب العِضاهَ وَهِيَ الزَّوَاهِي، وإبلٌ عاضِهةٌ تَرْعى العِضاهَ وَهِيَ أَحْمَدُها وَخَيْرُهَا، وأَما الزَّاهِيَة الزَّالَّةُ الأَحْناك فَهِيَ صَاحِبَةُ الحَمْضِ وَلَا يُشْبِعها دُون الحَمْضِ شَيْءٌ. وزَهَتِ الشاةُ تَزْهُو زُهاءً وزُهُوّاً: أَضْرَعت ودَنا وِلادُها. وأَزْهَى النخلُ وزَها: طالَ، وزَهَا النَّبْتُ: غَلا وَعَلَا، وزَهَا الْغُلَامُ: شَبَّ؛ هَذِهِ الثَّلَاثُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.

زوي: الزَّيُّ: مَصْدَرُ زَوى الشيءَ يَزْوِيه زَيّاً وزُوِيّاً فانْزَوَى، نَحَّاه فتَنَحَّى. وزَوَاهُ: قَبَضَهُ. وزَوَيْت الشيءَ: جَمَعْتُهُ وقبضته. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى زَوَى لِيَ الأَرضَ فأُريتُ مشارقَها ومغاربَها

؛ زُوِيَتْ لِيَ الأَرض: جُمِعَت؛ وَمِنْهُ دُعاءُ السَّفَرِ:

ص: 363

وازْوِ لَنا الْبَعِيدَ

أَي اجْمَعْه واطْوِه. وزَوى مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ فانْزَوى: جمَعه فَاجْتَمَعَ وَقَبَضَهُ؛ قَالَ الأَعشى:

يَزيدُ، يغُضُّ الطَّرْفَ عِنْدِي، كأَنما

زَوى بَيْنَ عَيْنَيْهِ عليَّ المَحاجِمُ

«1» . فَلَا يَنْبَسِطْ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْكَ مَا انْزَوَى،

وَلَا تَلْقَني إلَّا وأَنفُك راغِمُ

وانْزَوى الْقَوْمُ بعضُهم إِلَى بَعْضٍ إِذَا تدانوْا وتضامُّوا. والزَّاوِيَة: وَاحِدَةُ الزَّوَايا. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: كَانَ لَهُ أَرْضٌ زَوَتْها أَرضٌ أُخرى

أَي قرُبت مِنْهَا فضيَّقتْها، وَقِيلَ: أَحاطت بِهَا. وانْزَوَت الجِلدة فِي النَّارِ: تَقَبَّضَت واجتمعَت. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّ المسجدِ ل يَنْزَوِي مِنَ النُّخامة كَمَا تَنْزَوي الْجِلْدَةُ فِي النَّارِ

أَي ينضمُّ ويتقبَّضُ، وَقِيلَ: أَراد أَهْلَ الْمَسْجِدِ وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَعطاني رَيحانَتَيْن وزَوَى عَنِّي وَاحِدَةً.

وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:

وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي

أَي صرفتَه عَنِّي وقبضْتَه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ إِنَّ الإِيمان بدأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بدأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ إِذَا فَسَدَ الناسُ وَالَّذِي نَفْسُ أَبي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ لَيُزْوَأَنَّ الإِيمانُ بَيْنَ هَذَيْنِ المَسْجِدَيْن كَمَا تأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا

قَالَ شَمِرٌ: لَمْ أَسمعْ زَوَأت بالهمز، والصواب ل يُزْوَيَنَّ أَي ليُجْمعنَّ وليُضَمَّنَّ، مِنْ زَوَيت الشَّيْءَ إِذَا جَمَعْتَهُ، وَكَذَلِكَ ليَأْرِزَنَّ أَي ليَنْضَمَّنَّ. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: كلُّ شَيْءٍ تَامٍّ فَهُوَ مربَّع كَالْبَيْتِ والأَرض وَالدَّارِ وَالْبِسَاطِ لَهُ حُدُودٌ أَربع، فَإِذَا نقصَت مِنْهَا ناحيةٌ فَهُوَ أَزْوَرُ مُزَوّىً، قَالَ: وأَما الزَّوْءُ، بِالْهَمْزِ، فَإِنَّ الأَصمعي يَقُولُ زَوْءُ المَنِيّة مَا يَحْدُثُ مِنْ هَلَاكِ الْمَنِيَّةِ، والزَّوْءُ: الهَلاك. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: زَوُّ المِنيَّة أَحْداثُها؛ هَكَذَا عبَّر بِالْوَاحِدِ عَنِ الْجَمْعِ؛ قَالَ:

مِنِ ابْنِ مامَةَ كَعْبٍ ثُمَّ عَيَّ بِهِ

زَوُّ المِنيَّة، إلا حَرَّة [حِرَّة] وقَدى

وَهَذَا الْبَيْتُ أَوْرَدَهُ الأَزهري والجوهري مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الأَعرابي الزوُّ الْقَدَرُ، يُقَالُ: قُضِي عَلَيْنَا وقُدِّرَ وحُمَّ وزُيَّ وزِيَّ؛ وَصُورَةُ إِيرَادِهِ:

وَلَا ابنُ مامَةَ كَعْب حِينَ عَيَّ بِهِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَولًا.

مِنِ ابنِ مامَةَ كعبٍ ثُمَّ عيَّ بِهِ

. قَالَ: وَالْبَيْتُ لِمَامَة الإِيادي أَبي كَعْبٍ، كَذَا ذَكَرَهُ السِّيرَافِيُّ، وَقَبْلَهُ:

مَا كَانَ مِنْ سُوقَةٍ أَسْقَى عَلَى ظَمإٍ

خَمْراً بماءٍ، إِذَا ناجُودُها بَرَدا

وَقَوْلُهُ: وَقِدًى مِثْلُ جَمَزَى أَي تتوقَّد؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ أَيضاً للأَسود بْنِ يَعْفُر:

فَيَا لَهَفَ نَفْسِي عَلَى مالِكٍ

وَهَلْ يَنْفَعُ اللهفُ زَوَّ القَدَرْ؟

وأَنشد أَيضاً لمُتَمِّم بْنِ نُوَيْرة:

أَفبعدَ مَنْ ولدتْ بُسَيْبَة أَشْتَكي

زَوَّ المَنِيَّة، أَو أُرى أَتَوَجَّع؟ «2»

. وَيُرْوَى: زَوَّ الْحَوَادِثِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِغَيْرِ هَمْزٍ، وَهَمَزَهُ الأَصمعي. وزَوَاهُم الدَّهرُ أَي ذَهَبَ بِهِمْ؛ قَالَ بِشْرٌ:

فَقَدْ كَانَتْ لَنَا، ولهُنَّ حَتَّى

زَوَتْها الحربُ، أَيامٌ قِصارُ

قَالَ: زَوَتها رَدَّتها. وَقَدْ زَوَوْهم أَي رَدُّوهم. وزَوَى اللهُ عَنِّي الشرَّ أَي صَرَفه. وزَوَيْت الشَّيْءَ

(1). قوله [عندي] في الصحاح: دوني

(2)

. قوله [بسيبة] هكذا في الأصل

ص: 364

عَنْ فُلَانٍ أَي نحَّيته. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، كَانَ إِذَا أَراد سَفَرًا أَمال براحِلَتِه ومدَّ إصْبَعَه وَقَالَ اللَّهُمَّ أَنتَ الصاحبُ فِي السَّفَرِ والخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ، اللَّهُمَّ اصْحَبْنا بنُصْحٍ واقْلِبْنا بذِمَّة، اللَّهُمَّ زَوِّ لَنا الأَرضَ وهَوِّنْ عَلَيْنَا السفَرَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعوذُ بكَ مِنْ وَعْثاء السَّفَر وكَآبةِ المُنْقَلَبِ.

ابْنُ الأَعرابي: زَوَى إِذَا عَدَلَ كَقَوْلِكَ زَوَى عَنْهُ كَذَا أَي عَدَلَه وصَرَفَه عَنْهُ، وزَوَى إِذَا قَبَض، وزَوَى جمَع، ومصدَرُه كلُّه الزَّيُّ. وَقَالَ: الزُّوِيُّ العدولُ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ، والزَّيُّ فِي حالِ التَّنْحيَة وَفِي حَالِ القَبْض. وَرُوِيَ

عَنْ عُمَرَ، رضي الله عنه، أَنه قَالَ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: عَجِبْت لِمَا زَوَى اللهُ عنكَ مِنَ الدُّنْيَا

؛ قَالَ الْحَرْبِيُّ: مَعْنَاهُ لِمَا نُحِّيَ عنكَ وبُوعِدَ مِنْكَ، وَفِي حَدِيثِ

أُمّ مَعْبَدٍ:

فَيَا لِقُصَيٍّ، مَا زَوَى اللهُ عنكُم؟

الْمَعْنَى: أَيُّ شيءٍ نَحَّى اللهُ عَنْكُمْ مِنَ الْخَيْرِ والفَضْل، وَكَذَلِكَ

قَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم: أَعطاني رَبِّي اثْنَتَيْنِ وزَوَى عنِّي وَاحِدَةً

أَي نَحَّاها وَلَمْ يُجِبْني إِلَيْهَا. وزَوَى عَنْهُ سِرَّهُ: طَوَاهُ. وزَاوِيَة الْبَيْتِ: رُكْنُه، وَالْجَمْعُ الزَّوَايا، وتَزَوَّى صَارَ فِيهَا. وَتَقُولُ: زَوَى فُلَانٌ المالَ عَنْ وارِثِه زَيّاً. والزَّوُّ: القَرِينانِ مِنَ السُّفُنِ وغيرِها. وَجَاءَ زَوًّا إِذَا جَاءَ هُوَ وصاحِبُه، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ مفرَدٍ تَوٌّ وَلِكُلِّ زوجٍ زَوٌّ. وأَزْوَى الرجلُ إِذَا جَاءَ وَمَعَهُ آخَرُ. وزَوْزَيْته وزَوْزَيْت بِهِ إِذَا طَرَدْته. اللَّيْثُ: الزَّوْزاةُ شِبْهُ الطَّرْدِ والشَّلِّ، تَقُولُ: زَوْزَى بِهِ. أَبو عُبْيَدٍ: الزَّوْزاةُ مصدرُ قَوْلِكَ زَوْزَى الرجلُ يُزَوْزِي زَوْزاةً، وَهُوَ أَن ينصِب ظهْرَه ويُسْرع ويُقارِبَ الخَطْوَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ رُؤْبَةَ:

ناجٍ وَقَدْ زَوْزَى بِنَا زِيزاءَه

وَقَالَ آخَرُ:

مُزَوْزِياً لَمّا رَآهَا زَوْزَتِ

يَعْنِي نَعَامَةً ورَأْلَها، يَقُولُ: إِذَا رَآهَا أَسْرَعَتْ أَسْرَع مَعَهَا. وزَوْزَى: نصَبَ ظَهْرَه وقارَب خَطْوَه فِي سُرْعة. واسْتَوْزَى كزَوْزَى؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

ذَعَرْتُ بِهِ العَيْرَ مُسْتَوْزِياً،

شَكِيرُ جَحافِلِه قَدْ كَتِنْ

وَقَوْلُ ابْنِ كَثْوة أَنشده ابْنُ جِنِّي:

وَلَّى نَعامُ بَني صَفْوانَ زَوْزَأَةً،

لمَّا رأَى أَسداً فِي الغابِ قَدْ وَثَبا

إِنَّمَا أَراد زَوْزاةً، فأَبدل الهمزةَ مِنَ الأَلف اضْطِرَارًا. وَرَجُلٌ زُوازٍ وزُوازِيَة وزَوَنْزَى: قصيرٌ غَليظٌ؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: غَلِيظٌ إِلَى القِصَر مَا هُوَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

وبَعْلُها زَوَنَّكٌ زَوَنْزَى

وَقَالَ آخَرُ:

إِذَا الزَّوَنْزَى منهُم ذُو البُرْدَيْن

رَماهُ سَوَّارُ الكَرَى فِي العَيْنَين

والزَّوَنْزَى: الَّذِي يَرى لنفْسِه مَا لَا يَراهُ غيرُه لَهُ. وَقَالَ: رجلٌ زَوَنْزَى ذُو أُبَّهَةٍ وكِبْرٍ، وَحَكَى ابْنُ جِنِّي: زَوَزَّى، وَقَالَ: هُوَ فَعَلَّل مِنْ مُضاعَفِ الْوَاوِ. أَبو تُرَابٍ: زَوَّرْتُ الكلامَ وزَوّيْتُه أَي هَيَّأْتُه فِي نَفْسِي. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: كنْتُ زَوَّيْتُ فِي نفْسي كَلَامًا

أَي جَمَعت وَالرِّوَايَةُ زَوَّرْتُ، بِالرَّاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. والزَّاوِيَة: مَوْضِعٌ بِالْبَصْرَةِ.

ص: 365

والزَّايُ: حَرْفُ هِجَاءٍ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَنْبَغِي أَن تَكُونَ مُنْقَلِبَةً عَنْ وَاوٍ ولامُه ياءٌ، فَهُوَ مِنْ لَفْظِ زَوَيْت إِلَّا أَن عَيْنَهُ اعتلَّت وَسَلِمَتْ لَامُهُ، وَلَحِقَ بِبَابِ غايٍ وطايٍ ورايٍ وثايٍ وآيٍ فِي الشُّذُوذِ، لِاعْتِلَالِ عَيْنِهِ وَصِحَّةِ لَامِهِ، واعتلالُها أَنها مَتَى أُعربت فَقِيلَ هَذِهِ زايٌ حسَنة، وكتَبْت زَايًا صَغِيرَةً أَو نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ مُلْحَقَةٌ فِي الإِعلال بِبَابِ رايٍ وَغَايٍ، لأَنه مَا دَامَ حرفَ هجاءٍ فأَلِفه غَيْرُ مُنْقلبة، قَالَ: وَلِهَذَا كَانَ عِنْدِي قولُهم فِي التَّهجِّي زَايٌ أَحْسَن مِنْ غايٍ وطايٍ لأَنه مَا دَامَ حَرْفًا فَهُوَ غيرُ مُتصرّف، وأَلِفُه غيرُ مَقْضِيّ عَلَيْهَا بِانْقِلَابٍ، وغايٌ وبابُه يتَصرف بالانْقلاب، وإعلالُ العينِ وتصحيحُ اللامِ جارٍ عَلَيْهِ مَعْروفٌ فِيهِ، وَلَوِ اشْتَقَقْت مِنْهَا فعَّلْت لقُلْت زَوَّيْت، قَالَ: وَهَذَا مَذْهَبُ أَبي عَلِيٍّ، وَمَنْ أَمالَها قَالَ زَيَّيْت زَايًا، فَإِنْ كسَّرْتها عَلَى أَفْعالٍ قلتَ أَزْوَاءٌ، وَعَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ أَزْيَاء، إِنْ صَحَّت إمالتُها، وَإِنْ كسَّرتَها عَلَى أَفْعُلٍ قُلْتَ أَزْوٍ وأَزْيٍ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: الزَّايُ وَالزَّاءُ لُغَتَانِ، وأَلفها تَرْجِعُ فِي التَّصْرِيفِ إِلَى الْيَاءِ وَتَصْغِيرُهَا زُيَيَّةٌ. وَيُقَالُ: زَوَّيْت زَايًا فِي لُغَةِ مَنْ يَقُولُ الزَّايَ، وَمَنْ قَالَ الزَّاءَ قَالَ زَيَّيْت كَمَا يُقَالُ يَيَّيْت يَاءً، ونظير زَوَّيْت كَوَّفْت كافاً. الْجَوْهَرِيُّ: الزَّايُ حرفٌ يُمَدُّ ويُقْصَرُ وَلَا يُكْتَبُ إِلَّا بياءٍ بَعْدَ الأَلف؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ يُقْصَرُ أَي يُقَالُ زَيْ مِثْلُ كَيْ، ويُمَدُّ فيقال زَاي بالأَلف، وَتَقُولُ: هِيَ زايٌ فزَيِّها.

وَقَالَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل: نُنْشِزُها، قَالَ: هِيَ زَايٌ فزَيِّها

أَي اقْرَأْها بِالزَّايِ. والزِّيُّ: اللِّباسُ والهَيْئَة، وأَصله زِوْيٌ، تَقُولُ مِنْهُ: زَيَّيْته، وَالْقِيَاسُ زَوَّيْتُه. وَيُقَالُ: الزِّيُّ الشارَةُ والهَيْئَةُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

مَا أَنا بالبَصْرة بالبَصْرِيِّ،

وَلَا شبِيه زِيُّهُم بِزِيِّي

وَقُرِئَ قَوْلُهُ تَعَالَى: هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وزِيّاً

؛ بِالزَّايِ وَالرَّاءِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: مَنْ قَرأ وزِيّاً فالزِّيُّ الْهَيْئَةُ والمَنْظر، وَالْعَرَبُ تَقُولُ قَدْ زَيَّيْتُ الجاريةَ أَي زَيَّنتُها وهَيَّأْتها. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ تَزَيَّا فُلَانٌ بزِيّ حَسَنٍ، وَقَدْ زَيَّيْته تَزِيَّةً. قَالَ ابْنُ بُزُرْج: قَالُوا مِنَ الزِّيِّ ازْدَيَيْت، افْتَعَلْت، وتَفَعَّلْت تَزَيَّيْت، وفَعِلْت زَيِيت مثلُ رَضِيت، قَالَ: وَالْعَرَبُ لَا تَقُولُ فِيهَا فَعِلْت إِلَّا شاذَّةً؛ قَالَ حَكِيمٌ الدِّيلي:

فلَمّا رَآنِي زَوَى وَجْهَهُ،

وقَرَّبَ مِنْ حاجِبٍ حاجِبا

فَلَا بَرِحَ الزِّيُّ منْ وجْهِه،

وَلَا زالَ رائِدُه جادِبا

الأُمَويّ: قِدْرٌ زُوَازِيَةٌ وَهِيَ الَّتِي تَضُمُّ الجَزُورَ. الأَصمعي: يُقَالُ قِدْرٌ زُوَزِيَةٌ وزُوَازِيَةٌ مِثَالُ عُلَبِطَةٍ وعُلابِطَةٍ للعَظِيمة الَّتِي تضُمُّ الجَزُور. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي ذَكَرَهُ أَبو عُبَيْدٍ والقَزّازُ زُؤَزِئَةٌ، بهمزَتَين. الْجَوْهَرِيُّ: وزَوٌّ اسمُ جَبل بِالْعِرَاقِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ بِالْعِرَاقِ جَبَلٌ يُسَمَّى زَوّاً، وَإِنَّمَا هُوَ سَمِعَ فِي شِعْرِ الْبُحْتُرِيِّ قَوْلَه يَمْدَحُ المُعْتَزَّ بِاللَّهِ حِينَ جَمَعَ مَرْكَبَيْنِ وشَحَنَهُما بالحَطَبِ وأَوْقَد فِيهِمَا نَاراً، ويُسمَّى ذَلِكَ بِالْعِرَاقِ زَوّاً فِي عِيدِ الفُرْسِ يُسَمَّى الصِّدْقَ «1». فَقَالَ: وَلَا جَبَلًا كالزَّوِّ.

(1). قوله [الصدق] هكذا في الأَصل، وفي القاموس في سذق: السذق، محركة، ليلة الوقود، معرّب سذه

ص: 366