الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زيا: الزِّيُّ: الهَيْئة مِنَ النَّاسِ، وَالْجَمْعُ أَزْياءٌ، وَقَدْ تَزَيَّا الرَّجلُ وزَيَّيْته تَزِيَّةً، وَجَعَلَهُ ابْنُ جِنِّي مِنْ زَوَى، وأَصله عِنْدَهُ تَزَوْيا فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِتَقَدُّمِهَا بِالسُّكُونِ وأُدغمت وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قبلها. والزَّيُّ والزَّايُ: حَرْفُ سكونٍ، وَهُوَ حَرْفٌ مَهْمُوسٌ يَكُونُ أَصلًا وَبَدَلًا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يخُطُّ لامَ أَلِفٍ مَوْصولِ،
…
والزَّيَّ والرَّا أَيَّمَا تَهْلِيلِ
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُول زَيْ بمَنْزِلة كَيْ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ زَاي فيجعَلُها بزِنَةِ وَاوٍ، فَهِيَ عَلَى هَذَا مِنْ زَوَى؛ قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: مِنْ قَالَ زَيْ وأَجْراها مُجْرى كَيْ فَإِنَّهُ لَوِ اشتقَّ مِنْهَا فَعَلْت كمَّلَها اسْمًا فَزَادَ عَلَى الْيَاءِ يَاءً أُخرى، كَمَا أَنه إِذَا سمَّى رجُلًا بكَيْ ثَقَّل الياءَ فَقَالَ هَذَا كَيٌّ، فَكَذَلِكَ تَقُولُ أَيضاً زَيٌّ، ثُمَّ تَقُولُ زَيَّيْت كَمَا تَقُولُ مِنْ حَيْت «2» حَيَّيْت؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَإِنْ قُلْتَ إِذَا كَانَتِ الياءُ مِنْ زَيْ فِي مَوْضِعِ الْعَيْنِ فَهلَّا زَعَمْت أَن الأَلف مِنْ زَايٍ ياءٌ لِوُجُودِكَ الْعَيْنَ مِنْ زَيْ يَاءً؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ ارْتِكَابَ هَذَا خطأٌ مِنْ قِبَل أَنك لَوْ ذَهَبْتَ إِلَى هَذَا لَحَكَمْتَ بأَنَّ زَيْ محذوفةٌ مِنْ زايٍ، وَالْحَذْفُ ضَرْبٌ مِنَ التَّصَرُّفِ، وَهَذِهِ الْحُرُوفُ جَوَامِدُ لَا تَصَرُّفَ فِي شيءٍ مِنْهَا، وأَيضاً فَلَوْ كَانَتِ الأَلف مِنْ زَايٍ هِيَ الْيَاءُ فِي زِيٍّ لَكَانَتْ مُنْقَلِبَةً، وَالِانْقِلَابُ فِي الْحُرُوفِ مفقود غير موجود.
فصل السين المهملة
سأي: سَأَيْت الثوبَ والجلدَ أَسْآهُ سَأْياً: مَدَدْته فانشقَّ، وسَأَوْته كَذَلِكَ. والسَّأْيُ: داءٌ فِي طَرَف خِلْفِ النَّاقَةِ. وسِئَةُ الْقَوْسِ وسُؤَتُها: طَرَفها الْمَعْطُوفُ المُعَرْقَب. وأَسْأَيْت القوسَ: جَعَلْت لَهَا سِئَة، وَجَمْعُ سِئَةٍ سِئات؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
قياسُ نَبْعٍ عاجَ مِن سِئَاتها
وَتَرْكُ الْهَمْزِ فِي سِئَةِ الْقَوْسِ أَعْلى، وَهُوَ الأَكثر. قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: لَمْ يَهْمِزْهَا إِلَّا رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ.
والسَّأْوُ: الوَطَن؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّنِي مِنْ هَوَى خَرْقاءَ مُطَّرَفٌ
…
دَامِي الأَظَلِّ، بَعِيدُ السَّأْوِ مَهْيُوم
والسَّأْوُ: الهِمَّة. يُقَالُ: فُلَانٌ بَعيد السَّأوِ أَي بَعِيدُ الهِمَّةِ، وأَنشد أَيضاً بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ. قَالَ: وَفَسَّرَهُ فَقَالَ يَعني هَمَّه الَّذِي تُنازِعُه نفسُه إِلَيْهِ، وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الشَّأْوِ، وَهُوَ الْغَايَةُ والسَّأْوُ بُعدُ الهَمِّ والنِّزاع، يُقَالُ: إنكَ لذُو سَأْوٍ بَعِيدٍ أَي لَبَعيد الهَمِّ. والسَّأْوُ: النِّيَّة والطِّيَّة. وسَأَوْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ سَأواً أَي أَفْسَدت. وَسَآهُ الأَمْرُ: كَساءَه، مَقْلُوبٌ عَنْ ساءَه؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ؛ وأَنشد لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ:
لَقَدْ لَقِيَت قُرَيْظَة مَا سَآها،
…
وحَلَّ بدارِها ذُلٌّ ذَليل
وأَكْرَهُ مسائِيَكَ، قَالَ: وَإِنَّمَا جُمِعَت المَساءَة ثُمَّ قُلِبت فكأَنه جَمْعُ مَسْآة مِثْلُ مَسْعاة. وَيُقَالُ: سَأَوته بمعنى سُؤْته.
سبي: السَّبْيُ والسِّباءُ: الأَسْر مَعْرُوفٌ. سَبَى العدوَّ وغيرَه سَبْياً وسِباءً إِذَا أَسَرَه، فَهُوَ سَبِيٌّ، وَكَذَلِكَ الأُنثى بِغَيْرِ هاءٍ مِنْ نِسْوة سَبايا. الْجَوْهَرِيُّ: السَّبِيَّة المرأَةُ تُسْبى. ابْنُ الأَعرابي: سَبَى غَيْرُ مَهْمُوزٍ إِذَا مَلَك، وسَبَى إِذَا تمَتَّع بِجَارِيَتِهِ شَبابَها كلَّه، وسَبَى إِذَا استَخْفَى، واسْتَبَاهُ كَسَباه.
(2). قوله [من حيت] هكذا في الأَصل.
والسَّبْيُ: المَسْبِيُّ، وَالْجَمْعُ سُبِيٌّ؛ قَالَ:
وأَفَأْنا السُّبِيَّ مِنْ كلِّ حَيّ،
…
وأَقَمْنا كَراكِراً وكُروشَا
والسِّبَاءُ والسَّبْيُ: الِاسْمُ. وتَسَابَى القومُ إِذَا سَبَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا. يُقَالُ: هؤُلاء سَبْيٌ كَثِيرٌ، وَقَدْ سَبَيْتهم سَبْياً وسِباءً، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ السَّبْيِ والسَّبِيَّة والسَّبايا، ف السَّبْيُ: النَّهْبُ وأَخْذُ الناسِ عَبيداً وَإِمَاءً، والسَّبِيَّة: المرأَة المَنْهوبة، فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: إنَّ الليلَ لَطويلٌ «1» وَلَا أُسْبَ لَهُ وَلَا أُسْبِيَ لَهُ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ الدُّعاءُ أَي أَنه كالسَّبيِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَيْسَ لَهُ هَمٌّ فأَكون كالسَّبيِ لَهُ، وجُزِمَ عَلَى مَذْهَبِ الدُّعَاءِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَا أُسْبَ لَهُ لَا أَكونُ سَبْياً لبَلائِه. وسَبَى الخَمْرَ يَسْبِيها سَبْياً وسِباءً واسْتَبَاها: حَمَلَها مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وجاءَ بِهَا مِنْ أَرض إِلَى أَرض، فَهِيَ سَبِيَّة؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:
فَمَا إنْ رَحيقٌ سَبَتْها التِّجارُ
…
مِنْ أَذْرِعاتٍ فَوادِي جَدَرْ
وأَما إِذَا اشْتَرَيْتَها لتَشْربَها فتقولُ: سَبَأْت بِالْهَمْزِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهَمْزِ؛ وأَما قَوْلُ أَبي ذُؤَيب:
فَمَا الرَّاحُ راحُ الشَّامِ جاءَت سَبِيَّة
وَمَا أَشبهه، فَإِنْ لَمْ تَهْمِزْ كَانَ الْمَعْنَى فِيهِ الجَلْبَ، وَإِنْ هَمَزْتَ كَانَ الْمَعْنَى فِيهِ الشِّراءَ. وسَبَيْت قلْبَه واسْتَبَيْته: فَتَنْته، والجاريةُ تَسْبِي قَلْبَ الفَتى وتَسْتَبِيهِ، والمرأَةُ تَسْبِي قلبَ الرجلِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: تَسَبَّى فُلَانٌ لِفُلَانٍ ففَعل بِهِ كَذَا يَعْنِي التَّحَبُّبَ والاستِمالةَ، والسَّبْيُ يَقَعُ عَلَى النِّسَاءِ خاصَّة، إمَّا لأَنَّهنَّ يَسْبِينَ الأَفْئدَةَ، وإمَّا لأَنَّهنَّ يُسْبَيْنَ فيُمْلَكْنَ وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ لِلرِّجَالِ. وَيُقَالُ: سَبَى طيبُهُ «2» إِذَا طابَ مِلْكُه وحَلَّ. وسَبَاه اللَّهُ يَسْبِيه سَبْياً: لَعَنَه وغَرَّبَه وأَبْعَدَه اللَّهُ كَمَا تَقُولُ لَعَنَهُ اللهُ. وَيُقَالُ: مَا لَه سَبَاهُ اللَّهُ أَي غَرَّبه، وسَبَاهُ إِذَا لَعَنَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فَقَالَتْ: سَبَاكَ اللهُ إنَّكَ فاضِحي
أَي أَبْعَدَك وغَرَّبك؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
يَفُضُّ الطَّلْحَ والشِّرْيانَ هَضّاً،
…
وعُودَ النَّبْعِ مُجْتَلَباً سَبِيَّا
وَمِنْهُ السَّبْيُ لأَنه يُغَرَّب عَنْ وَطَنِه، وَالْمَعْنَى متَقارِب لأَن اللَّعْن إبْعاد. شَمِرٌ: يُقَالُ سَلَّط اللهُ عَلَيكَ مَنْ يَسْبِيكَ وَيَكُونُ أَخَذَكَ اللَّهُ. وجَاءَ السيلُ بعُودٍ سَبِيٍّ إِذَا احْتَمَلَه مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، وَقِيلَ: جَاءَ بِهِ مِنْ مكانٍ غَرِيبٍ فكأَنه غَرِيب؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ يَرَاعًا:
سَبِيٌّ مِنْ يَرَاعَتِهِ نَفَاه
…
أَتِيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ ولُوبُ
ابْنُ الأَعرابي: السَّبَاءُ العُودُ الَّذِي تَحْمِلُه مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ، قَالَ: وَمِنْهُ السِّبَا، يُمَدُّ ويُقْصر. والسَّابِيَاءُ: الماءُ الكثيرُ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى رَأْسِ الوَلَدِ لأَن الشيءَ قَدْ يُسَمَّى بِمَا يَكُونُ مِنه. والسَّابِيَاءُ: ترابٌ رَقِيقٌ يُخْرِجُه اليَرْبُوع مِنْ جُحْرِه، يُشَبَّه بِسَابِيَاء الناقَةِ لرِقَّتِه؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدِ: هُوَ مِنْ جِحَرَتِهِ «3» . قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ
(1). قوله [إن الليل لطويل إلخ] عبارة الأَساس: ويقولون طال عليَّ الليل وَلَا أُسْبَ لَهُ وَلَا أُسْبِيَ له، دعاء لنفسه بأن لا يقاسي فيه من الشدة ما يكون بسببه مثل المسبي لليل
(2)
. قوله [سبى طيبه] هكذا في الأَصل.
(3)
. قوله [هو من جحرته] أي هو بعض جحرته، وسيأتي بيان المقام بعد
رُدّ ذَلِكَ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تِسْعَةُ أعْشِرَاءِ البَرَكة فِي التِّجَارَةِ وعشرٌ فِي السَّابِياءِ
، وَالْجَمْعُ السَّوَابِي؛ يُرِيدُ بِالْحَدِيثِ النّتاجَ فِي الْمَوَاشِي وكثْرَتَها. يُقَالُ: إِنَّ لِبَنِي فُلَانٍ سَابِيَاءَ أَي مَوَاشِيَ كَثِيرَةً، وَهِيَ فِي الأَصل الْجِلْدَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا الْوَلَدُ، وَقِيلَ: هِيَ المَشِيمة. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: قَالَ لِظَبْيانَ مَا مَالُكَ؟ قَالَ: عَطائي أَلْفان، قَالَ: اتّخِذْ مِنْ هَذا الحَرْث والسَّابِيَاءَ قبلَ أَن تَلِيَكِ غِلْمَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَا تَعُدُّ العَطاءَ معَهُم مَالًا
؛ يُرِيدُ الزِّراعة والنِّتاجَ. وَقَالَ الأَصمعي والأَحمر: السَّابِيَاءُ هُوَ الماءُ الَّذِي يَخْرُج عَلَى رَأْسِ الولَدِ إِذَا وُلِد، وَقِيلَ: السَّابِيَاءُ المَشِيمة الَّتِي تَخْرُج مَعَ الْوَلَدِ، وَقَالَ هُشَيم: مَعَنَى السَّابِيَاء فِي الْحَدِيثِ النِّتَاجُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَصل فِي السَّابِيَاء مَا قَالَ الأَصمعي، وَالْمَعْنَى يَرْجِعُ إِلَى مَا قَالَ هُشَيْم. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: إِنَّهُ قِيلَ لِلنِّتَاجِ السَّابِيَاءُ لِمَا يخرُج منَ الْمَاءِ عِنْدَ النِّتَاجِ عَلَى رَأْس الْمَوْلُودِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: إِذَا كَثُرَ نَسلُ الغَنَم سُمِّيَت السَّابِيَاءَ فيقعُ اسمُ السَّابِيَاءِ عَلَى الْمَالِ الْكَثِيرِ وَالْعَدَدِ الْكَثِيرِ؛ وأَنشد:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ بَنِي السَّابِياء،
…
إِذَا قارَعُوا نَهْنَهُوا الجُهَّلا؟
وَبَنُو فُلَانٍ تَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَابِيَاءُ مِنْ مَالِهِم. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ إِنَّهُ لَذُو سابِياءَ، وَهِيَ الإِبلُ وَكَثْرَةُ الْمَالِ وَالرِّجَالِ. وَقَالَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْبَيْتِ: إِنَّهُ وَصَفَهُمْ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ. والسَّبِيُّ: جِلْد الحَيّة الَّذِي تَسْلُخُه؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
يُجَرِّدُ سِرْبالًا عَلَيه، كأَنَّه
…
سَبِيُّ هِلالٍ لَمْ تُفَتّق بنَائِقُهْ
وَفِي رِوَايَةٍ: لَمْ تُقَطَّعْ شَرانِقُهْ، وأَراد بالشَّرانِقِ مَا انْسَلَخَ مِنْ جِلْدِهِ. والإِسْبَة «1». والإِسْبَاءَةُ: الطَّرِيقَةُ مِنَ الدَّمِ. والأَسابيُّ: الطُّرق مِنَ الدَّمِ. وأَسَابيُّ الدِّمَاءِ: طَرائِقُها؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فقامَ يَجُرُّ مِنْ عَجَلٍ، إلَيْنا
…
أَسَابِيَّ النُّعاسِ مَعَ الإِزارِ
وَقَالَ سَلامة بْنُ جَنْدَل يَذْكُرُ الْخَيْلَ:
والعادِياتِ أَسَابِيُّ الدِّماءِ بِهَا،
…
كأَنَّ أَعْناقَها أنْصابُ تَرْجيبِ
وَفِي رِوَايَةٍ: أَسابِيُّ الدِّياتِ؛ قَوْلُهُ: أَنصاب يُحْتَمَلُ أَن يُرِيدَ بِهِ جَمعَ النُّصُب الَّذِي كَانُوا يَعْبُدُونَهُ ويُرَجِّبُونَ لَهُ العَتائِرَ، وَيُحْتَمَلُ أَن يُرِيدَ بِهِ مَا نُصِبَ مِنَ العُود والنَّخْلة الرُّجَبِيَّة، وَقِيلَ: واحدتُها أُسْبِيَّة. والإِسْبَاءَة أَيضاً: خيطٌ مِنَ الشَّعر مُمْتَدٌّ. وأَسَابِيُّ الطَّرِيقِ: شَوْكُه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والسَّابِيَاءُ أَيضاً بيتُ اليَرْبُوع فِيمَا ذَكَرَهُ أَبو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ، قَالَ: وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنَ السَّابِيَاءِ الَّذِي يخرُج فِيهِ الْمَوْلُودُ، وَهُوَ جُلَيْدَة رَقِيقَةٌ لأَن الْيَرْبُوعَ لَا يُنْفِذُه بَلْ يُبْقِي مِنْهُ هَنَةً لَا تَنْفُذ، قَالَ: وَهَذَا مِمَّا غَلَّط الناسُ فِيهِ قَدِيماً أَبا الْعَبَّاسِ وعَلِمُوا مِنْ أَينَ أُتِيَ فِيهِ، وَهُوَ أَنَّ الفَرّاء ذَكَرَ بعدَ جِحَرَة اليَرْبوع السَّابِياءَ فِي كِتَابِ الْمَقْصُورِ وَالْمَمْدُودِ فظَنَّ أَن الْفَرَّاءَ جَعَل السَّابِيَاءَ مِنْهَا وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ؛ قَالَ: وأَيضاً فَلَيْسَ السَّابِيَاء الَّذِي يخرُج فِيهِ الْمَوْلُودُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ الغِرْس، وأَما السَّابِياءُ فَرِجْرِجَة فِيهَا مَاءٌ وَلَوْ كَانَ فِيهَا المولودُ لَغَرَّقَه الماءُ. وسَبَى الماءَ: حَفَر حَتَّى أَدركه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
(1). قوله [والإِسْبَة إلخ] هكذا في الأصل
حَتَّى اسْتفاضَ الماءُ يَسْبِيه السَّابْ
وسَبَأُ: حيٌّ مِنَ اليَمَن، يُجْعَل اسْمًا للحَيِّ فيُصرفُ، وَاسْمًا للقَبيلة فَلَا يُصْرف. وَقَالُوا للمُتَفَرِّقينَ: ذَهَبُوا أَيْدِي سَبَأَ وأَيادِي سَبَأَ أَي مُتَفَرِّقينَ، وَهُمَا اسْمَانِ جُعِلا اسْمًا وَاحِدًا مِثْلَ مَعديكرب، وَهُوَ مَصْرُوفٌ لأَنه لَا يقع إلا حالا، أَضَفْتَ أَو لَمْ تُضِفْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَشَاهِدُ الإِضافة قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
فَيَا لَكِ مِنْ دارٍ تَحَمَّلَ أَهْلُها
…
أيادِي سَبَا بَعْدِي، وطالَ اجْتِنابُها
قَالَ: وَقَوْلُهُ، وَهُوَ مَصْرُوفٌ لأَنه لَا يقع إلا حالا أَضفت أَو لَمْ تُضِفْ، كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ، لأَنه إِذَا لَمْ تُضِفْه فَهُوَ مُرَكَّبٌ، وَإِذَا كَانَ مُرَكباً لَمْ ينَوّن وَكَانَ مَبْنِيًّا عِنْدَ سِيبَوَيْهِ مِثْلَ شَغَرَ بَغَرَ وبَيْتَ بَيْتَ مِنَ الأَسماء الْمُرَكَّبَةِ الْمَبْنِيَّةِ مِثْلَ خَمْسةَ عَشَر، وليس بمَنْزِلَة مَعْدِيكَرِبَ لأَن هَذَا الصِّنْفَ مِنَ الْمُرَكَّبِ المُعْرَب، فَإِنْ جَعَلْتَهُ مثلَ مَعْدِيكَرِبَ وحَضْرَمَوْت فَهُوَ مُعْرَب إِلَّا أَنه غَيْرُ مَصْرُوفٍ لِلتَّرْكِيبِ وَالتَّعْرِيفِ، قَالَ: وَقَوْلُهُ أَيضاً فِي إِيجَابِ صَرْفِهِ إِنَّهُ حَالٌ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لأَن الاسْمَين جَمِيعًا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَلَيْسَ كَوْنُ الِاسْمِ الْمُرَكَّبِ إِذَا جُعِلَ حَالًا مِمَّا يُوجِبُ لَهُ الصَّرْفَ. الأَزهري: والسّبِيَّة اسمُ رَمْلَةٍ بالدَّهناء. والسَّبِيَّة: دُرَّة يُخْرِجُها الغَوَّاص مِنَ الْبَحْرِ؛ وَقَالَ مُزَاحِمٌ:
بَدَتْ حُسَّراً لَمْ تَحْتَجِبْ، أَو سَبِيَّة
…
مِنَ الْبَحْرِ، بَزَّ القُفْلَ عَنْهَا مُفِيدُها
ستي: سَدى الثَّوْبَ يَسْديه وسَتاه يَسْتِيه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
عَلَى عَلاةِ الأَمَةِ العَطُورِ
…
تُصْبِحُ بَعْدَ العَرَق المَعْصُورِ
«1» كَدْراءَ مثلَ كُدْرَةِ اليَعْفُورِ،
…
يَقُولُ قطْرَاها لقطْرٍ سِيري
ويدُها للرِّجْلِ مِنْهَا سُوري،
…
بِهَذِهِ اسْتي، وَبِهَذِي نِيري
وَيُقَالُ: مَا أَنت بلُحْمةٍ وَلَا سَداةٍ وَلَا سَتاةٍ؛ يُضْرَبُ لِمَنْ لَا يضُر وَلَا يَنْفَعُ. الأَصمعي: الأُسْديُّ والأُسْتِيُّ سَدَى الثَّوْبِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: أَسْتَى وأَسْدى ضدُّ أَلحَمَ. أَبو الْهَيْثَمِ: الأُسْتِيُّ الثَّوْبُ المُسَدَّى، وَقَالَ غَيْرُهُ: الأُسْتِيُّ الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّسَّاجون السَّتى وَهُوَ الَّذِي يُرْفع ثُمَّ تُدْخل الخيوطُ بَيْنَ الخيوطِ، وَذَلِكَ الأُسْتِيُّ والنِّيرُ؛ وَقَوْلُ الحطَيْئة:
مُسْتَهْلِكُ الوِرْدِ كالأُسْتِيِّ إِذْ جعلتْ
قَالَ: وَهَذَا مِثْلُ قولِ الرَّاعِي:
كَأَنَّهُ مُسْحَلٌ بالنِّيرِ مَنْشُورُ
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: أَسْتَيْتُ الثوبَ بسَتاهُ وأَسْدَيْتُه؛ وَقَالَ الحُطَيئة يَذْكُرُ طَرِيقًا:
مُسْتَهْلِكُ الوِرْدِ، كالأُسْتِيّ، قَدْ جَعلتْ
…
أَيدي المَطيِّ بِهِ عادِيَّةً رُكُبا
وَقَالَ الشَّمَّاخُ:
عَلَى أَن للْمَيْلاءِ أَطْلالَ دِمْنةٍ،
…
بأسْقُفَ تُسْتِيها الصَّبا وتُنِيرُها
وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: السَّتَى والأُسْتِيُّ خِلَافُ لُحْمةِ الثَّوْبِ كالسَّدى والأُسْديّ. وسَتَيْته: كسَديْتُه، أَلف كُلِّ ذَلِكَ ياءٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: السَّتى، قصرٌ، لُغَةٌ فِي سَدى الثَّوْبِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
رُبَّ خَلِيلٍ لِي مَليحٍ رِدْيَتُهْ،
…
عَلَيْهِ سِرْبالٌ شديدٌ صُفْرَتُهْ،
(1). قوله [العطور] هكذا في الأصل، ولعله العظور بالظاء المعجمة.
سَتاهُ قزٌّ وحريرٌ لُحْمتُهْ
أَبو زَيْدٍ: سَتاةُ الثوبِ وسَداةُ الثَّوْبِ بِمَعْنًى. أَبو عُبَيْدَةَ: اسْتاتَتِ الناقةُ اسْتِيتَاءً إذا اسْتَرْخَت من الضّبعة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ هَذَا الْفَصْلِ، وحقُّه أَن يُذْكر فِي فَصْلِ أَتى لأَن وَزْنَهُ اسْتَفْعَلت، والأَصل فِيهِ الْهَمْزُ فَتُرِكَ الْهَمْزُ، ويقوِّي أَنه مِنْ أَتى رِوَايَةُ مَنْ رَوَى الْهَمْزَ فِيهَا فَقَالَ اسْتأْتَت استِئتاءً، قَالَ: وَلَوْ كَانَ افتَعلَت مِنَ السَّتى لَقَالَ فِي فِعْلِهَا استَتَتِ الناقةُ وَفِي مَصْدَرِهَا اسْتِتاءً. وَالسَّتَى والسَّدى: الْبَلَحُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ سَتَى وسَدى لِلْبَعِيرِ إِذَا أَسرع، قَالَ: وَقَدْ مَضَى تَفْسِيرُ الاسْتِ فِي بَابِ الْهَاءِ وبيَّن عِلَلَها. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ ساتاهُ إِذَا لَعِبَ مَعَهُ الشّفَلّقَة، وتاساهُ إِذَا آذَاهُ واسْتَخَفّ به.
سجا: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى
؛ مَعْنَاهُ سَكَن وَدَامَ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِذَا أَظلم ورَكَد فِي طُوله كَمَا يُقَالُ بحرٌ ساجٍ وَلَيْلٌ ساجٍ إِذَا رَكَدَ وأَظلم، وَمَعْنَى رَكَدَ سَكَنَ. ابْنُ الأَعرابي: سَجا امْتَدَّ بظلامِهِ، وَمِنْهُ الْبَحْرُ السَّاجِي؛ قَالَ الأَعشى:
فَمَا ذَنْبُنا أَن جاشَ بحرُ ابْنُ عَمِّكُمْ،
…
وبحرُك ساجٍ لَا يُوَارِي الدَّعامِصا؟
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عليه السلام: وَلَا لَيْلٍ داجٍ وَلَا بحْر سَاجٍ
أَي سَاكِنٍ. الزَّجَّاجُ: سَجا سَكَنَ؛ وأَنشد لِلْحَارِثِيِّ:
يَا حبَّذا القمراءُ والليلُ السَّاجْ،
…
وطُرُقٌ مثلُ مُلاء النَّسَّاجْ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِآخَرَ:
أَلا اسْلَمي اليومَ، ذاتَ الطَّوْقِ والعاجِ،
…
والجِيدِ والنَّظَرِ المُسْتأْنِسِ السَّاجي
مَعْمَرٌ: وَاللَّيْلِ إِذا سَجى
إِذَا سَكن بالناسِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا لَبِسَ الناسَ إِذَا جاءَ. الأَصمعي: سُجُوّ اللَّيْلِ تَغْطِيَتُهُ لِلنَّهَارِ مِثْلَ مَا يُسَجَّى الرَّجُلُ بِالثَّوْبِ. وسَجا البحرُ وأَسْجَى إِذَا سكَنَ. وسَجا الليلُ وغيرُه يَسْجُو سُجُوّاً وسَجْواً: سكَن وَدَامَ. وليلةٌ ساجِيَةٌ إِذَا كَانَتْ ساكِنَة البرْدِ والرِّيحِ والسَّحاب غَيْرُ مُظْلِمَة. وسَجا البحرُ سَجْواً: سكَن تموُّجُه. وامرأَةٌ سَاجِيَةٌ: فاتِرَة الطَّرْفِ. اللَّيْثُ: عينٌ سَاجِيَةٌ: فاتِرَةُ النَّظَرِ، يَعْتَري الحُسْنَ فِي النِّسَاءِ «1». وامرأَةٌ سَجْوَاءُ الطّرْفِ وساجِيَةُ الطَّرْفِ: فاتِرة الطّرفِ ساكِنَته. وطرْفٌ ساجٍ أَي ساكِنٌ. وَنَاقَةٌ سَجْوَاءُ: ساكنِةٌ عِنْدَ الحَلْبِ؛ قَالَ:
فَمَا بَرِحَتْ سَجْوَاءَ حَتَّى كأَنما
…
تُغادِرُ، بالزِّيزاءِ، بُرْساً مُقَطَّعا
شَبَّهَ مَا تساقطَ مِنَ اللَّبَنِ عَنِ الإِناء بِهِ، وَقِيلَ ناقةٌ سَجْوَاءُ مطمئنَّة الوبَر. وَنَاقَةٌ سَجْوَاءُ إِذَا حُلِبَت سَكَنَت، وَكَذَلِكَ السَّجْواءُ فِي النَّظَرِ والطرْفِ. وشاةٌ سَجْوَاءُ: مُطَمْئِنَةُ الصُّوفِ. وسَجَّى الميتَ: غَطّاه. وسَجَّيْت الْمَيِّتَ تَسْجِيَةً إِذَا مدَدْت عَلَيْهِ ثَوْبًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا مَاتَ، عليه السلام، سُجِّيَ ببُرْدِ حِبَرَةٍ
أَي غُطِّيَ. والمتَسَجِّي: المتغطِّي مِنَ اللَّيْلِ السَّاجِي لأَنه يغطِّي بِظَلَامِهِ وَسُكُونِهِ. وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى وَالْخَضِرِ، عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: فرأَى رَجُلًا مُسَجّىً بِثَوْبٍ.
ابْنُ الأَعرابي: سَجا يَسْجُو سَجْواً وسَجَّى يُسَجِّي وأَسْجَى يُسْجِي كُلُّهُ: غطَّى شَيْئًا مَا. والتَّسْجِيَةُ: أَن يُسَجَّى الميتُ بِثَوْبٍ أَيْ يُغَطَّى بِهِ؛ وَأَنْشَدَ فِي صِفَةِ الرِّيحِ:
وَإِنْ سَجَت أَعْقَبَها صَباها
(1). قوله: يَعْتَرِي الْحُسْنَ فِي النِّسَاءِ؛ هكذا في الأَصل
أَي سَكَنَتْ. أَبو زَيْدٍ: أَتانا بِطَعَامٍ فَمَا سَاجَيْناه أَي مَا مَسِسْناه. وَيُقَالُ: هَلْ تُسَاجِي ضَيْعةً؟ أَي هَلْ تُعالِجُها؟ والسَّجِيَّة: الطَّبِيعَةُ والخُلقُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كانَ خُلُقُه سَجِيَّةً
أَي طَبِيعَةً مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ. ابْنُ بُزُرج: مَا كَانَتْ البِئرُ سَجْوَاء وَلَقَدْ أَسْجَتْ، وَكَذَلِكَ الناقةُ أَسْجَتْ فِي الغَزارة فِي اللَّبنِ، وَمَا كَانَتِ البئرُ عَضُوضاً وَلَقَدْ أَعَضَّتْ. وسَجَا: مَوْضِعٌ: أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
قَدْ لَحِقَتْ أُمُّ جَميلٍ بسَجَا،
…
خَوْدٌ تُرَوِّي بالخَلوقِ الدُّمْلُجا
وَقِيلَ: سَجَا، بِالسِّينِ وَالْجِيمِ، اسْمُ بئرٍ ذَكَرَهَا الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ شَحَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وسَجَا اسْمُ ماءَةٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
سَاقِي سَجا يَمِيدُ مَيْدَ المَخْمُورْ،
…
ليسَ عَلَيْهَا عاجزٌ بمَعْذُورْ،
ولا أَخو جَلادَةٍ بمَذْكُورْ «2» .
سحا: سَحَوْتُ الطِّينَ عَنْ وجْهِ الأَرض وسَحَيْته إِذَا جَرَفْته. وسَحَا الطِّينَ بالمِسْحاة عَنِ الأَرض يَسْحُوه ويَسْحِيه ويَسْحاه سَحْواً وسَحْياً: قَشَره، وأَنا أَسْحَاه وأَسْحُوه وأَسْحِيه، ثلاثُ لُغَاتٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبو زَيْدٍ أَسْحِيه. والمِسْحَاة الْآلَةُ الَّتِي يُسْحَى بِهَا. ومُتَّخِذ المَسَاحِي السَحَّاءُ، وحِرْفَتُه السِّحَايَةُ؛ وَاسْتَعَارَهُ رُؤْبَةُ لِحَوَافِرِ الحُمُر فَقَالَ:
سَوَّى مَسَاحِيهِنَّ تَقْطِيطَ الحُقَقْ
فسمَّى سَنابكَ الحُمُر مَساحِيَ لأَنها يُسْحَى بِهَا الأَرضُ. والمِسْحَاة: المِجْرَفة إِلَّا أَنها مِنْ حَدِيدٍ، وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ:
فَخَرَجُوا بمسَاحِيهِم
؛ المَسَاحِي جَمْعُ مِسْحَاة وَهِيَ المِجرفة مِنَ الْحَدِيدِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ لأَنه مِنَ السَّحْو الكَشْف والإِزالة. وسَحَى القِرْطاس والشَّحْمَ واسْتَحَى اللحمَ: قَشَرة؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وكلُّ مَا قُشِرَ عن شيء سِحايَةٌ. وسَحْوُ الشَّحمِ عَنِ الإِهاب: قَشْرُه، وَمَا قُشِرَ عَنْهُ سِحاءَة كسِحاءَةِ النَّواةِ وسِحاءَة الْقِرْطَاسِ. والسَّحا والسَّحاة والسِّحاءَةُ والسِّحاية: مَا انْقَشَر مِنَ الشَّيْءِ كسِحاءَةِ النَّواة وَالْقِرْطَاسِ. وسيلٌ ساحِيةٌ: يَقْشِرُ كلُّ شَيْءٍ ويجرُفه، الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرى اللِّحْيَانِيُّ حَكَى سَحَيْت الجَمْرَ جَرَفْته، وَالْمَعْرُوفَ سخَيْت بِالْخَاءِ. وَمَا فِي السَّمَاءِ سِحاءَةٌ مِنْ سَحَابٍ أَي قِشْرة عَلَى التَّشْبِيهِ أَي غَيمٌ رَقِيقٌ. وسِحايَة القِرْطاس وسِحَاءته، مَمْدُودٌ، وسَحاتُه: مَا أُخِذَ مِنْهُ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيُّ. وسَحا مِنَ القِرْطاس: أَخذ مِنْهُ شَيْئًا. وسَحَا القِرْطاسَ سَحْواً وسَحّاه: أَخذ مِنْهُ سِحاءَةً أَو شدَّة بِهَا. وسَحا الكتابَ وسَحَّاهُ وأَسْحَاه: شَدَّه بسِحاءة، يُقَالُ مِنْهُ سَحَوْته وسَحَيْته، وَاسْمُ تِلْكَ الْقِشْرَةِ سِحَايَة وسِحاءَةٌ وسَحَاةٌ. وسَحَّيْت الْكِتَابَ تَسْحِيَة: لشدِّه بِالسَّحَّاءَةِ، وَيُقَالُ بالسِّحاية. الْجَوْهَرِيُّ: وسِحاءُ الْكِتَابِ، مَكْسُورٌ مَمْدُودٌ، الْوَاحِدَةُ سِحاءَة، وَالْجَمْعُ أَسحِيةٌ. وسَحَوْت القِرطاسَ وسَحَيْته أَسْحاهُ إِذَا قَشَرْته. وأَسْحَى الرجلُ إِذَا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الأَسْحِيةُ. وَإِذَا شَدَدْت الكتابَ بسِحاءَةٍ قُلْتُ: سَحَّيته تَسْحِية، بِالتَّشْدِيدِ، وسَحَيْته أَيضاً، بِالتَّخْفِيفِ. وانْسَحَت اللِّيطة عَنِ السَّهم: زَالَتْ عَنْهُ. والأُسْحِيَّة: كلُّ قِشْرة تَكُونُ عَلَى مَضائِغِ اللَّحْمِ مِنَ الجِلْدِ. وسِحاءة أُمِّ الرأْس: الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الدِّمَاغُ. وسحاةُ كلِّ شَيْءٍ أَيضاً: قِشرُه، وَالْجَمْعُ سَحاً.
(2). قوله [المخمور] هكذا في الأصل، وفي ياقوت: المحمور، وفسره بأنه الذي قد أصابه الحمر، بالتحريك، وهو داء يصيب الخيل من أكل الشعير. وقوله [بمعذور] هكذا في الأصل أيضاً، والذي في ياقوت بمذعور
وَفِي حَدِيثِ
أمِّ حَكِيمٍ: أَتَتْه بكَتِفٍ تَسْحَاها
أَي تَقْشِرُها وتكشِطُ عَنْهَا اللَّحم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَإِذَا عُرْضُ وَجهِه، عليه السلام، مُنْسَحٍ
أَي مُنْقَشِرٌ. وسَحى شعرَه واسْتَحَاه: حَلَقَه حَتَّى كأَنه قَشَرَه. واسْتَحَى اللحمَ: قَشَرَه، أُخِذَ مِنْ سِحاءة الْقِرْطَاسِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وسِحَاءَتَا اللِّسَانِ: ناحِيَتاه. ورجلٌ أُسْحُوان: جميلٌ طويلٌ. والأُسْحُوان، بِالضَّمِّ: الكثيرُ الأَكل. والسَّحَاءَة والسَّحَاءُ مِنَ الْفَرَسِ: عِرْقٌ فِي أَسفل لسانه. والسَّاحِيَة: المَطْرة الَّتِي تَقْشِر الأَرض وَهِيَ الْمَطَرَةُ الشَّدِيدَةُ الوَقْع؛ وأَنشد:
بساحِيَةٍ وأَتْبَعَها طِلالا
والسِّحَاء: نبتٌ تأْكله النَّحلُ فَيَطِيبُ عسلُها عَلَيْهِ، وَاحِدَتُهُ سِحَاءَة. وَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى عاملٍ لَهُ: أنِ ابْعثْ إِلَيَّ بعَسلٍ مِنْ عَسلِ النَّدْغِ والسِّحاء أَخضَر فِي الإِناء؛ النَّدْغُ والنِّدْغُ: بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: السَّعتر البَرِّي، وَقِيلَ: شَجَرَةٌ خَضْرَاءُ لَهَا ثَمَرَةٌ بيضاءُ. والسِّحَاء، بِالْمَدِّ وَالْكَسْرِ: شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ مِثْلَ الْكَفِّ لَهَا شَوْكٌ وَزَهْرَةٌ حَمْرَاءُ فِي بَيَاضٍ تُسمَّى زَهرتها البَهْرَمة، قَالَ: وَإِنَّمَا خصَّ هَذَيْنِ النَّبْتَيْنِ لأَن النحلَ إِذَا أَكلتهما طَابَ عسلُها وجادَ. والسَّحَاة، بِفَتْحِ السِّينِ وَبِالْقَصْرِ: شَجَرَةٌ شاكةٌ وَثَمَرَتُهَا بيضاءُ، وَهِيَ عُشبة مِنْ عُشب الرَّبِيعِ مَا دَامَتْ خَضْرَاءَ، فَإِذَا يَبِسَتْ فِي الْقَيْظِ فَهِيَ شَجَرَةٌ، وَقِيلَ: السِّحَاءُ والسَّحَاةُ نبتٌ يأْكله الضَّبُّ. وضبٌّ سَاحٍ حابِلٌ إِذَا رَعى السِّحاءَ والحُبْلَة. والسَّحَاة: الخُفّاشُ، وَهِيَ السَّحَا والسِّحَاء، إِذَا فُتِحَ قُصِرَ، وَإِذَا كُسِرَ مُدَّ. الْجَوْهَرِيُّ: السَّحَا الخُفّاشُ، الْوَاحِدَةُ سَحَاةٌ، مفتوحانِ مَقْصُورَانِ؛ عَنِ النَّضْرِ إبن شُمَيْلٍ. وسَحَوْت الجَمْر إِذَا جَرَفْته، وَالْمَعْرُوفُ سَخَوْت، بِالْخَاءِ. والسَّحَاة: النَّاحِيَةُ كالساحةِ؛ يُقَالُ: لَا أَرَيَنَّك بسَحْسَحي وسَحَاتي؛ وأَما قَوْلُ أَبي زُبَيْد:
كأَنَّ أَوْبَ مَسَاحِي القومِ، فَوْقَهُمُ،
…
طَيرٌ تَعِيفُ عَلَى جُونٍ مَزاحِيفِ
شبَّه رَجْع أَيدي القوم بالمَسَاحِي المُعْوَجَّة الَّتِي يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ كَنَنْد فِي حَفْرَ قبرِ عُثْمَانَ، رضي الله عنه، بِطَيْرٍ تَعِيف عَلَى جُونٍ مَزاحِيف؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِ أَبي زُبيد:
كأَنَّهُنَّ بأَيدي الْقَوْمِ فِي كَبَدٍ
سخا: السَّخَاوَة والسَّخَاءُ: الجُودُ. والسَّخِيُّ: الجَوَادُ، وَالْجَمْعُ أَسْخِيَاء وسُخَواءُ؛ الأَخيرة عَنِ اللحياني وابن الأَعرابي، وامرأَة سَخِيَّة مِنْ نِسْوة سَخِيّاتٍ وسَخَايا، وَقَدْ سَخَا يَسْخَى ويَسْخُو سَخَاءً. وسَخِيَ يَسْخَى سَخاً وسُخُوَّةً. وسَخُوَ الرجلُ يَسْخُو سَخاءً وسُخُوّاً وسَخاوَةً أَي صَارَ سَخِيّاً، وأَما اللِّحْيَانِيُّ فَقَالَ: سَخَا يَسْخُو سَخَاءً، مَمْدُودٌ، وسُخُوّاً، وسَخِيَ سَخَاءً، مَمْدُودٌ أَيضاً، وسُخُوَّةً. وسَخَّى نفْسَه عَنْهُ وبنَفْسِه: تَرَكَهُ. وسَخَّيْتُ نَفْسِي عَنْهُ: تَركته وَلَمْ تُنَازِعْنِي نَفْسِي إِلَيْهِ. وَفُلَانٌ يتَسَخَّى عَلَى أَصحابه أَي يتكَلّف السَّخاء، وَإِنَّهُ لسَخِيُّ النَّفْس عَنْهُ. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُ عَمْرُو بْنُ كُلْثوم:
مُشَعْشَعَةً، كأَنَّ الحُصَّ فِيهَا،
…
إِذَا مَا الماءُ خالَطَها سَخِينا
أَي جُدْنا بأَموالِنا. قَالَ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ سَخِينا، مِنَ السُّخُونةِ، نصبٌ عَلَى الْحَالِ، فَلَيْسَ بشيءٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ الْقِطَاعِ الصَّوَابُ مَا أَنكره الْجَوْهَرِيُّ مِنْ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: إِنَّ السَّخاء مأْخوذ مِنَ السَّخْو،
وَهُوَ الموضِعُ الَّذِي يُوَسَّعُ تَحْتَ القِدْرِ لِيَتَمَكَّنَ الوَقُودُ لأَنّ الصدرَ أَيضاً يتّسِعُ للعَطيَّة، قَالَ: قَالَ ذَلِكَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ. وسَخَوْت النارَ وسَخا النارَ يَسْخُوها ويَسْخَاها سَخْواً وسَخْياً: جعَلَ لَهَا مَذْهباً تَحْتَ القِدْر، وَذَلِكَ إِذَا أَوْقَدْتَ فاجتمعَ الجَمْرُ والرَّمادُ ففَرَّجْتَه. أَبو عَمْرٍو: سَخَوْت النارَ أَسْخُوها سَخْواً وسَخِيتها أَسْخَاها سَخْياً مِثَالُ لَبِثْتُ أَلْبَثُ لَبْثاً. الغَنَوي: سَخَى النارَ وصَخاها إِذَا فتَحَ عيْنَها. وسَخَا القِدْرَ سَخْواً وسَخَاها سَخْياً: جعلَ للنارِ تَحْتَهَا مَذْهَباً. وسَخى القِدْرَ سَخْياً: فرَّجَ الجَمرَ تَحْتَهَا، وسَخَاها سَخْواً أَيضاً: نَحَّى الجَمرَ مِنْ تَحْتِهَا. وَيُقَالُ: اسْخَ نارَكَ أَيِ اجعلْ لَهَا مَكَانًا تُوقد عَلَيْهِ؛ قَالَ:
ويُرْزِمُ أَن يَرَى المَعْجُونَ يُلْقى
…
بسَخْيِ النارِ، إرْزامَ الفَصيلِ
وَيُرْوَى:
بسَخْوِ النَّارِ، إرْزامَ الفَصيل
أَي بمَسْخى النارِ فوضَعَ المصدرَ مَوْضِعَ الِاسْمِ، ويُرْزِمُ أَي يُصَوِّتُ؛ يَصِفُ رجُلًا نَهِماً إِذَا رأَى الدَّقِيقَ المَعْجونَ يُلْقى عَلَى سَخْي النارِ أَي موضعِ إيقادِها يُرْزِمُ إرْزامَ الفَصيل. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي كِتَابِ الأَفعال سَخَوْت النارَ وسخَيْتها وسَخِيتها وأَسْخَيْتها بِمَعْنًى. والسَّخاةُ: بَقْلة رَبيعيَّة، وَالْجُمَعُ سَخاً؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّخَاءَةُ بَقلة ترْتَفِعُ عَلَى ساقٍ لَهَا كهيئةِ السُّنْبُلة، وَفِيهَا حَبٌّ كَحَبِّ اليَنْبُوت ولُبابُ حَبِّها دَوَاءٌ لِلْجُرُوحِ، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ لَهَا الصَّخاءَة أَيضاً، بِالصَّادِّ مَمْدُودٌ، وَجَمْعُ السَّخَاءَة سخاءٌ، وَهَمْزَةُ السَّخاءَةِ ياءٌ لأَنها لامٌ، وَاللَّامُ يَاءٌ أَكثر مِنْهَا وَاوًا. وسَخا يَسْخُو سَخْواً: سَكَنَ مِنْ حَرَكَتِهِ. والسَّخاويُّ: الأَرضُ اللَّيِّنة الترابِ مَعَ بُعدٍ، واحدتُه سَخاوِيَّةٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ الأَرض، وَالصَّوَابُ الأَرَضون. وَقِيلَ: سَخَاوِيُّها سَعَتُها؛ وَمَكَانٌ سَخاوِيٌّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: السَّخَاوِيُّ مِنَ الأَرض الواسِعة الْبَعِيدَةُ الأَطراف، والسَّخَاوِيُّ مَا بَعُد غَوْلُه؛ وأَنشد:
تَنْضُو المَطِيُّ، إِذَا جَفَّتْ ثَمِيلتُها،
…
فِي مهْمَهٍ ذِي سَخَاوِيٍّ وغيطانِ
والسَّخْوَاءُ: الأَرض السَّهْلة الْوَاسِعَةُ، وَالْجَمْعُ السَّخَاوِي والسَّخَاوَى مِثْلَ الصَّحاري والصَّحارى؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ:
أَتاني وعِيدٌ، والتَّنائِفُ بينَنا
…
سخاوِيُّها، والغائِطُ المُتَصوِّبُ
أَبو عَمْرٍو: السَّخَاوِيُّ مِنَ الأَرض الَّتِي لَا شَيْءَ فِيهَا، وَهِيَ سَخَاوِيَّة؛ وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
سَخَاوِيُّ يَطْفُو آلُها ثُمَّ يَرْسُبُ
والسَّخا، مقصورٌ: ظَلْعٌ يصيبُ البعيرَ أَو الفصيلَ بأَنْ يَثِب بالحِمْل الثَّقِيلِ فتَعترِضَ الريحُ بَيْنَ الجِلد والكَتِفِ. يُقَالُ: سَخِيَ البعيرُ، بِالْكَسْرِ، يَسْخى سَخاً، فَهُوَ سَخٍ، مَقْصُورٌ مِثْلَ عَمٍ؛ حكاه يعقوب.
سدا: السَّدْوُ: مَدُّ اليَدِ نحوَ الشَّيْءِ كَمَا تَسْدُو الإِبلُ فِي سيرِها بأَيديها وَكَمَا يَسدو الصِّبيانُ إِذَا لعِبُوا بالجَوْزِ فرَمَوْا بِهِ فِي الحَفيرة، والزَّدْوُ لُغَةٌ كَمَا قَالُوا للأَسْدِ أَزْدٌ، وللسَّرَّادِ زَرّادٌ. وسَدا يَدَيْهِ سَدْواً واسْتَدَى: مَدّ بِهِمَا؛ قَالَ:
سَدَى بيدَيه ثُمَّ أَجَّ بسَيره،
…
كأَجِّ الظَّلِيمِ مِنْ قَنِيصٍ وكالِب
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ناجٍ يُغَنِّيهنَّ بالإِبْعاطِ،
…
إِذَا استَدَى نَوَّهْنَ بالسِّياطِ
يَقُولُ: إِذَا سَدا هَذَا الْبَعِيرُ حَملَ سَدْوُه هَؤُلَاءِ القومَ عَلَى أَن يَضْرِبُوا إبلَهم فكأَنهنّ نوَّهْنَ بالسِّياطِ لَمَّا حمَلْنَهم عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الرِّوَايَةُ يُعَنِّيهنَّ «1» . وَقَوْلُهُ:
يَا رَبِّ سَلِّم سَدْوَهُنّ اللَّيلهْ،
…
وَلَيْلَةً أُخرى، وكلَّ ليلهْ
إِنَّمَا أَراد سَلِّمْهُنَّ وقَوّهِنَّ، لَكِنْ أَوْقعَ الفعلَ عَلَى السَّدْوِ لأَنّ السَّدْوَ إِذَا سَلِمَ فَقَدْ سَلِمَ السَّادي. الْجَوْهَرِيُّ: وسَدَت الناقةُ تَسْدُو، وَهُوَ تَذَرُّعُها فِي المَشيِ واتساعُ خَطْوِها، يُقَالُ: مَا أَحسن سَدْوَ رِجلَيها وأَتْوَ يَدَيْها قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ السّدْوُ السَّيرُ اللَّيِّن؛ قَالَ القُطامي:
وكلُّ ذَلِكَ مِنْهَا كلَّما رَفَقتْ،
…
مِنها المُكَرِّي، وَمِنْهَا اللَّيِّنُ السَّادِي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ وَهُوَ تَذَرُّعها فِي الْمَشْيِ واتساعُ خَطْوِهَا لَيْسَ فِيهِ طَعْنٌ لأَن السَّدْوَ اتساعُ خَطْوِ النَّاقَةِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ رِفْقٍ، أَلا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ مِنْهَا المُكَرِّي يريد البطيءَ منها، وَمِنْهَا السَّادِي الَّذِي فِيهِ اتساعُ خطْوٍ مَعَ لينٍ. وَنَاقَةٌ سَدُوٌّ: تَمُدُّ يَدَيْهَا فِي سَدْوِها وتَطْرَحُهما؛ قَالَ وأَنشد:
مائِرَةُ الرِّجْلِ سَدُوٌّ باليَدِ
ونوقٌ سَوَادٍ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي أَيديَ الإِبلِ السَّوَادِيَ لِسَدْوِها بِهَا ثُمَّ صَارَ ذَلِكَ اسْمًا لَهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنّا عَلَى حُقْبٍ خِفافٍ، إِذَا خَدَتْ
…
سَوادِيهِما بالواخِداتِ الرَّواحِلِ
أَراد إِذَا خَدَتْ أَيديها وأَرجُلُها. أَبو عَمْرٍو: السَّادِيُّ وَالزَّادِيُّ الحَسَن السَّير مِنَ الإِبل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يتْبَعنَ سَدْوَ رَسْلَةٍ تَبَدَّحُ «2»
. أَي تَمُدُّ ضَبْعَيْها. والسَّدْوُ: رُكُوبُ الرَّأْسِ فِي السَّيرِ يَكُونُ فِي الإِبلِ والخيلِ. وسَدْوُ الصِّبيانِ بالجَوْزِ واستِداؤُهُم: لعِبُهُمُ بِهِ. وسَدا الصَّبيُّ بِالْجَوْزَةِ: رَمَاهَا مِنْ علوٍ إِلَى سُفْلٍ. وسَدا سَدْوَ كَذَا: نَحا نحْوَه. وَفُلَانٌ يَسْدُو سَدْوَ كَذَا: يَنْحُو نَحْوَه. وَخَطَبَ الأَمير فَمَا زَالَ عَلَى سَدْوٍ واحدٍ أَي عَلَى نَحْوٍ واحدٍ مِنَ السَّجْع؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةُ بْنُ جَؤَيَّةَ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ سَحَابًا:
سادٍ تَجرّمَ فِي البَضِيعِ ثمانِياً،
…
يُلْوي بعَيْقاتِ الْبِحَارِ ويُجْنَب
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قِيلَ مَعْنَى سادٍ هُنا مُهْمَلٌ لَا يُرَدُّ عَنْ شُرْبٍ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الإِسْآدِ الَّذِي هُوَ سيرُ اللَّيْلِ كُلِّهِ، قَالَ: وَهَذَا لَا يَجُوزُ إِلَّا أَن يَكُونَ عَلَى الْقَلْبِ كأَنه سائدٌ أَي ذُو إسْآد، ثم قلب فقيل سادِئ ثُمَّ أَبدل الْهَمْزَ إَبْدَالًا صحيحا فقال سادِي، ثم أعلَّه كَمَا أُعِلَّ قاضٍ ورامٍ. وتَسَدَّى الشيءَ: رَكِبَه وعلاهُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
بسَرْوِ حِمْيَرَ أَبْوالُ البغالِ بِهِ،
…
أَنّى تَسَدّيْتِ وهْناً ذَلِكَ البِينا
والسَّدى الْمَعْرُوفُ: خِلَافُ لُحْمة الثَّوْبِ، وَقِيلَ: أَسفله، وَقِيلَ: مَا مُدَّ مِنْهُ، وَاحِدَتُهُ سَداةٌ. والأُسْدِيُّ: كالسَّدى سَدى الثَّوْبَ، وَقَدْ سدَّاه لِغَيْرِهِ وتسَدَّاه لنفسِه، وَهُمَا سَدَيانِ، وَالْجَمْعُ أسْدِيَةٌ؛ تَقُولُ مِنْهُ: أَسْدَيْتُ الثوبَ وأَسْتَيْته. وسَدى
(1). قوله [وَقَالَ ثَعْلَبٌ الرِّوَايَةُ يُعَنِّيهِنَّ] هكذا في الأصل هنا وتقدم لنا في مادة بعط في اللسان كالمحكم نسبة رواية الغين لثعلب
(2)
. قوله [سدو رسلة] تقدم في مادة بدح: شدو، بالشين المعجمة، والصواب ما هنا
الثوبَ يَسْدِيه وسَتاهُ يَسْتيه. وَيُقَالُ: مَا أَنت بلُحْمة وَلَا سَداةٍ وَلَا سَتاةٍ؛ يُضرَب مَثَلًا لِمَنْ لَا يَضُر وَلَا يَنْفَعُ؛ وأَنشد شِمْرٌ:
فَمَا تأْتُوا يكنْ حَسَنًا جَمِيلَا،
…
وَمَا تَسْدُوا لِمَكْرُمةٍ تُنيرُوا
يَقُولُ: إِذَا فَعَلْتُمْ أَمراً أَبْرَمْتُموه. الأَصمعي: الأُسْديُّ والأُسْتيُّ سَدى الثوب. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: أَسْدَيتُ الثَّوْبَ بسَداهُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا أَنا أَسْدَيْتُ السَّداةَ، فأَلْحِما،
…
ونِيرا فإنِّي سَوْفَ أَكْفِيكُما الدَّمَا
وَإِذَا نَسَج إنسانٌ كَلَامًا أَو أَمراً بَيْنَ قومٍ قِيلَ: سَدَّى بَيْنَهُمْ. والحائكُ يُسْدِي الثوبَ ويَتَسَدَّى لِنَفْسِهِ، وأَما التَّسْدِيَة فَهِيَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ مَا أَشبه هَذَا؛ قَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ السَّرَابَ:
كَفَلْكَةِ الطَّاوي أَدارَ الشّهْرَقا،
…
أَرسل غَزْلًا وتَسَدَّى خَشْتَقا
وأَسْدَى بَيْنَهُمْ حَدِيثًا: نَسَجَه، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. والسَّدى: الشهْدُ يُسَدِّيه النَّحْلُ، عَلَى الْمَثَلِ أَيضاً. والسَّدَى: نَدى اللَّيْلِ، وَهُوَ حياةُ الزَّرْعِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ وَجَعَلَهُ مَثَلًا لِلْجُودِ:
فأَنت النَّدى فِيمَا يَنُوبُك والسَّدَى،
…
إِذَا الخَوْدُ عَدَّتْ عُقْبَةَ القِدْر مالَهَا
وسَدِيَت الأَرضُ إِذَا كثُر نَداها، مِنَ السَّمَاءِ كَانَ أَو مِنَ الأَرض، فَهِيَ سَدِيَةٌ على فَعِلَة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ بَعْضِ أَهل اللُّغَةِ أَن رَجُلًا أَتى إِلَى الأَصمعي فَقَالَ لَهُ: زَعَمَ أَبو زَيْدٍ أَن النَّدى مَا كَانَ فِي الأَرض والسَّدى مَا سَقَطَ مِنَ السَّمَاءِ، فغضب الأَصمعي وقال: مايَصْنع بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
وَلَقَدْ أَتيتُ البيتَ يُخْشى أَهلُه،
…
بَعْدَ الهُدُوِّ، وبعد ما سَقَطَ النَّدى
أَفتَراه يسقُط مِنَ الأَرض إِلَى السَّمَاءِ؟ وسَدِيَت الليلةُ فَهِيَ سَدِيَةٌ إِذَا كَثُرَ نَداها؛ وأَنشد:
يَمْسُدُها القَفْرُ وليلٌ سَدي
والسَّدى: هُوَ النَّدى الْقَائِمُ، وقلَّما يُوصَفُ بِهِ النهارُ فيقال يومٌ سَدٍ، إنما يوصَف بِهِ الليلُ، وَقِيلَ: السَّدَى والنَّدى واحدٌ. ومكانٌ سَدٍ: كنَدٍ؛ وأَنشد الْمَازِنِيُّ لرؤبة:
ناجٍ يُعَنِّيهِنّ بالإِبعاطِ،
…
والماءُ نَضَّاحٌ مِنَ الآباطِ،
إِذَا اسْتَدَى نَوَّهْنَ بالسِّياطِ
قَالَ: الإِبْعاط والإِفراط واحدٌ، إِذَا استَدَى إِذَا عَرِقَ، وَهُوَ مِنَ السَّدَى وَهُوَ النَّدى، نَوَّهْنَ: كأَنهن يَدْعُون بِهِ ليُضْرَبْن، وَالْمَعْنَى أَنهن يكلَّفْنَ مِنْ أَصحابهن ذَلِكَ لأَن هَذَا الفرسَ يَسْبِقُهُنَّ فيَضْرب أَصحابُ الْخَيْلِ خَيْلَهم لِتَلْحَقَهُ. والسَّدَى: المعروفُ، وَقَدْ أَسْدَى إِلَيْهِ سَدىً وسَدَّاه عَلَيْهِ. أَبُو عَمْرٍو: أَزْدى إِذَا اصْطَنع مَعْرُوفًا، وأَسْدَى إِذَا أَصْلح بَيْنَ اثْنَيْنِ، وأَصدى إِذَا مَاتَ، وأَصْدى إناءَه إِذَا مَلأَه «3». وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ أَسْدَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فكافِئُوه
، أَسْدَى وأَوْلى وأَعْطَى بِمَعْنًى. يُقَالُ: أَسْدَيْت إِلَيْهِ مَعْرُوفًا أُسْدِيَ إسْداءً. شِمْرٌ: السَّدى والسَّداءُ، ممدودٌ، الْبَلَحُ بلُغة أَهل الْمَدِينَةِ، وَقِيلَ: السَّدَى الْبَلَحُ الأَخْضَر، وَقِيلَ: الْبَلَحُ الأَخضر بِشَمَارِيخِهِ، يُمَدُّ ويُقْصَر، يمانيةٌ، وَاحِدَتُهُ سَداةٌ وسَداءَةٌ. وبلحٌ سَدٍ مِثَالُ عَمٍ: مُسْتَرْخي الثَّفارِيق نَدٍ. وَقَدْ سَدِيَ البلحُ، بِالْكَسْرِ، وأَسدى، وَالْوَاحِدَةُ سَدِيةٌ
(3). قوله [وَأَصْدَى إِنَاءَهُ إِذَا ملأَه] هكذا في الأصل
والثُّفْروق قِمَعُ البُسْرَة. وكلُّ رطبٍ نَدٍ فَهُوَ سَدٍ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
مُكَمِّمٌ جبَّارُها والجَعْلُ،
…
يَنْحَتُّ منهنَّ السَّدى والحَصْلُ
وأَسْدَى النَّخْلُ إِذَا سَدي بُسْره. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ ابْنُ الأَعرابي المَدَّ فِي السَّداء البلحِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
وجارةٍ لِي لَا يُخافُ داؤُها،
…
عَظيمة جُمّتُها فَنَّاؤُها
يَعْجَلُ قَبْلَ بُسْرهِا سَداؤُها،
…
فجارةُ السَّوءِ لَهَا فِداؤُها
وَقِيلَ: إِنَّ الرِّوَايَةَ فَنْواؤُها، وَالْقِيَاسُ فَنَّاؤُها. وَيُقَالُ: طلبْت أَمْراً ف أَسْدَيْتُه أَي أَصَبْتُه، وَإِنْ لَمْ تَصُبْهُ قُلْتُ أعْمَسْته. والسُّدى والسَّدى: الْمُهْمَلُ، الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ فِيهِ سَوَاءٌ. يقال: إبلٌ سُدًى أَي مُهْمَلَةٌ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: سَدًى. وأَسْدَيْتُها: أَهْمَلْتها؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلَبِيدٍ:
فَلَمْ أُسْدِ مَا أَرْعَى، وتَبْلٌ رَدَدْتُه،
…
فأَنْجَحْتُ بَعْدَ اللَّهِ مِنْ خيرِ مَطْلَبِ
وَقَوْلُهُ عز وجل: أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً
؛ أَيْ يُترك مُهْمَلًا غَيْرَ مأْمور وَغَيْرَ مَنْهيّ، وَقَدْ أَسْدَاه. وأَسْدَيْتُ إبِلي إسْدَاء إِذَا أَهْمَلْتها، وَالِاسْمُ السُّدَى. وَيُقَالُ: تَسَدَّى فُلَانٌ الأَمرَ إِذَا عَلَاهُ وقَهَرَه، وتَسَدَّى فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا أَخذه مِنْ فَوْقِه. وتَسَدَّى الرَّجُلُ جاريِتَه إِذَا عَلَاهَا؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
أَنَّى تَسَدَّيتِ وهْناً ذَلِكَ البِينا
يَصِفُ جَارِيَةً طَرَقَهُ خَيَالَهَا مِنْ بُعْدٍ فَقَالَ لَهَا: كَيْفَ علَوْت بَعْدَ وهْنٍ مِنَ اللَّيْلِ ذَلِكَ البَلَد؟ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:
وَمَا ابنُ حِنَّاءَةَ بالرَّثّ الوانْ،
…
بوم تَسَدَّى الحَكَمُ بنُ مَرْوانْ «1»
. وتَسَدَّاه أَي عَلاه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمَّا دَنَوْتُ تَسَدَّيْتُها،
…
فَثَوْباً لَبِسْتُ وثَوْباً أَجُر
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَعْرُوفُ سُدًى، بِالضَّمِّ؛ قَالَ حُميد بْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ إِبِلَهُ:
فَجَاءَ بِهَا الوُرَّادُ يَسْعَوْنَ حَوْلَها
…
سُدًى، بيْنَ قَرْقارِ الهَدير وأعْجَما
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَتَب لِيَهُودِ تَيْماءَ أَنَّ لَهُمُ الذِّمَّة وَعَلَيْهِمِ الجِزْيةَ بِلا عَدَاء النهارُ مَدى والليلُ سُدَى
؛ السُّدى: التَّخْلِيَةُ، والمَدَى: الْغَايَةُ؛ أَراد أَنّ لَهُمْ ذَلِكَ أَبداً مَا دامَ الليلُ والنهارُ. والسَّادِي: السادِسُ فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا مَا عُدَّ أَربعةٌ فِسالٌ،
…
فَزَوْجُكِ خامسٌ وحَمُوكِ سادِي
أَراد السادسَ فأبدَل مِنَ السِّينِ يَاءً كَمَا فُسّرَ فِي سِتّ. وَالسَّادِيُّ: الَّذِي يَبِيتُ حَيْثُ أَمْسَى؛ وأَنشد:
باتَ عَلَى الخَلِّ وَمَا باتَتْ سُدَى
وَقَالَ:
ويَأْمَنُ سادِينَا ويَنْساحُ سَرْحُنا،
…
إِذَا أَزَلَ السادِي وَهيت المطَالع «2» .
سرا: السَّرْوُ: المُروءَةُ والشَّرَفُ. سَرُوَ يَسْرُو سَراوَةً وسَرْواً أَي صَارَ سَرِيّاً؛ الأَخيرة عن
(1). قوله [وما ابن حناءة إلخ] أورده في الأَساس بلفظ: وما أبو ضمرة
(2)
. قوله [وهيت المطالع] هكذا في الأصل
سيبويه واللحياني. الْجَوْهَرِيُّ: السَّروُ سَخاءٌ فِي مُرُوءَةٍ. وسَرَا يَسْرو سَرْواً وسَرِيَ، بِالْكَسْرِ، يَسْرَى سَرًى وسَرَاءً وسَرْواً إِذَا شَرُفَ، وَلَمْ يَحْكِ اللِّحْيَانِيُّ مَصْدَرَ سَرَا إِلَّا مَمْدُودًا. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ سَرَا يَسْرُو وسَرِيَ، بِالْكَسْرِ، يَسْرَى سَرْواً فِيهِمَا وسَرُوَ يَسْرُو سَرَاوةً أَيْ صارَ سَريّاً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فِي سَرَا ثَلَاثَ لُغَاتٍ فَعَلَ وفَعِلَ وفَعُلَ، وَكَذَلِكَ سَخِي وسَخا وسَخُوَ، وَمِنَ الصَّحِيحِ كَمَل وكَدَر وخَثَر، فِي كُلٍّ مِنْهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ. وَرَجُلٌ سَريٌّ مِنْ قوم أَسْرِياءَ وسُرَوَاءَ؛ كلاهما عن اللحياني. والسَّرَاةُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَلَيْسَ بِجَمْعٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَدَلِيلُ ذلك قولهم سَرَواتٌ؛ قال الشَّاعِرُ:
تَلْقَى السَّرِيَّ مِنَ الرِّجَالِ بِنفسه،
…
وابنُ السَّرِيِّ، إِذَا سَرَا، أَسْراهُما
أَي أَشْرَفُهما. وَقَوْلُهُمْ: قومٌ سَرَاةٌ جمعُ سَرِيٍّ، جَاءَ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ أَن يُجْمَع فَعِيلٌ عَلَى فَعَلَة، قَالَ: وَلَا يُعرَف غَيْرُهُ، وَالْقِيَاسُ سُرَاةٌ مِثْلَ قُضاةٍ ورُعاةٍ وعُراةٍ، وَقِيلَ: جَمعه سَرَاةٌ، بِالْفَتْحِ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، قَالَ: وَقَدْ تُضَمُّ السِّينُ، وَالِاسْمَ مِنْهُ السَّرْو. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه مَرَّ بالنَّخَع فَقَالَ أَرَى السَّرْوَ فِيكُمْ متَرَبّعاً
أَي أَرى الشَّرَف فِيكُمْ مُتَمَكِّناً. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَوْضُوعُ سَرَاةٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ اسمٌ مفردٌ لِلْجَمْعِ كنَفَرٍ وَلَيْسَ بِجَمْعٍ مكَسَّر، وَقَدْ جمِعَ فَعِيلٌ الْمُعْتَلُّ عَلَى فُعَلاءَ فِي لَفْظَتَيْن: وَهُمَا تَقيٌّ وتُقَواء، وسَريٌّ وسُرَوَاء وأَسْرِيَاء «1». قال: حكى ذلك السِّيرافي تَفْسِيرِ فَعِيلٍ مِنَ الصِّفَاتِ فِي بَابِ تَكْسِيرِ مَا كَانَ مِنَ الصِّفَاتِ عِدَّتَهُ أَربعةُ أَحرف. أَبو الْعَبَّاسِ: السَّرِيُّ الرَّفيع فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَمَعْنَى سَرُوَ الرجلُ يَسْرُو أَي ارْتَفَع يَرْتَفِع، فَهُوَ رَفِيعٌ، مأْخوذ مِنْ سَرَاةِ كلِّ شَيْءٍ مَا ارْتَفَع مِنْهُ وعَلا، وجمعُ السَّراةِ سَرَواتٌ. وتَسَرَّى أَي تَكَلَّف السَّرْوَ. وتَسَرَّى الجاريةَ أَيضاً: مِنَ السُّرّيَّة، وَقَالَ يَعْقُوبُ: أَصله تَسَرَّر مِنَ السُّرور، فأَبدلوا مِنْ إِحْدَى الرَّاءَاتِ يَاءً كَمَا قَالُوا تقضَّى مَنْ تَقَضّضَ. وَفِي الْحَدِيثِ حَدِيثُ
أُمّ زَرْعٍ: فَنَكَحْتُ بعدَهُ سَرِيّاً
أَي نَفِيساً شَريفاً، وَقِيلَ: سَخِياً ذَا مُرُوءَة؛ وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ:
أَتَوْا نارِي فَقُلْتُ: مَنُونَ؟ قَالُوا:
…
سَرَاةُ الجِنِّ، قلتُ: عِمُوا ظَلامَا
وَيُرْوَى: سُراةُ، وَقَدْ وَرَدَ هَذَا الْبَيْتُ بِمَعْنًى آخَرَ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي أَثناء هَذِهِ التَّرْجَمَةِ. ورجلٌ مَسْرَوَانٌ وامرأَة مَسْرَوانَةٌ: سَرِيّانِ؛ عَنْ أَبي العَمَيْثل الأَعرابي. وامرأَة سَريَّة مِنْ نِسْوة سَرِيَّات وسَرَايا. وسَرَاةُ المالِ: خِيارُه، الْوَاحِدُ سَرِيٌّ. يُقَالُ: بعيرٌ سَرِيٌّ وَنَاقَةٌ سَرِيَّة؛ وَقَالَ:
مِنْ سَرَاةِ الهِجانِ، صَلَّبَها العُضُّ
…
ورِعْيُ الحِمَى وطُولُ الحِيالِ
واسْتَرَيْتُ الشيءَ واسْتَرْتُهُ، الأَخيرةُ عَلَى القَلبِ: اخْترْته؛ قَالَ الأَعشى:
فَقَدَ أَطَّبِي الكاعِبَ المُسْتَراةَ
…
منْ خِدْرِها، وأُشِيعُ القِمارَا
وَفِي رِوَايَةٍ:
وَقَدْ أُخْرِجُ الكاعِبَ المُسْتَراةَ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: اسْتَرَيْته اخْتَرْته سَرِيّاً. وَمِنْهُ قَوْلُ سجَعَة الْعَرَبِ وذكَرَ ضروبَ الأَزْنادِ فَقَالَ: وَمَنِ اقْتدَح المَرْخَ والعَفارْ فَقَدِ اخْتارَ واسْتَارْ. وأَخَذْت سَرَاتَه أَي خِيارَه. واسْتَرَيْت الإِبلَ
(1). قوله [وأسرياء] هكذا في الأَصل
والغَنَمَ والناسَ: اخْتَرْتهم، وَهِيَ سَرِيُّ إبِلِهِ وسَراةُ مالِهِ. واسْتَرَى الموتُ بَنِي فُلَانٍ أَيِ اخْتارَ سَراتَهم. وتَسَرَّيْته: أَخَذْت أَسراه؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
لَقَدْ تَسَرَّيْت إِذَا الْهَمُّ وَلَجْ،
…
واجْتَمَع الهَمُّ هُموماً واعْتَلَجْ،
جُنادِفَ المِرْفَقِ مَبْنِيَّ الثَّبَجْ
والسَّرِيُّ: المُخْتار. والسُّرْوَة والسِّرْوَة؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: سَهْم صَغِيرٌ قَصِيرٌ، وَقِيلَ: سَهْمٌ عَرِيضُ النَّصْلِ طويلُهُ، وَقِيلَ: هُوَ المُدَوَّر المُدَمْلَك الَّذِي لَا عَرْض لَهُ، فأَما العَريضُ الطَّوِيلُ فَهُوَ المِعْبَلَة. والسِّرْية: نصلٌ صَغِيرٌ قَصير مُدَوَّر مُدَمْلَك لَا عَرْض لَهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ تَكُونَ هَذِهِ الْيَاءُ وَاوًا لأَنهم قَالُوا السِّرْوة فَقَلَبُوهَا يَاءً لِقُرْبِهَا مِنَ الْكَسْرَةِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: السِّرْوة والسُّرْوة أَدقُّ مَا يَكُونُ مِنْ نِصَالِ السِّهَامِ يَدْخُلُ فِي الدُّرُوعِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: السِّرْوة نصلٌ كأَنه مِخْيَط أَو مِسَلَّة، وَالْجَمْعُ السِّرَاء؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْقَزَّازُ وَالْجَمْعُ سِرىً وسُرىً؛ قَالَ النَّمِرُ:
وَقَدْ رَمَى بِسُراهُ اليومَ مُعْتَمِداً
…
فِي المَنْكِبَيْنِ، وَفِي الساقَيْن والرَّقَبَهْ
وَقَالَ آخَرُ:
كَيْفَ تَراهُنَّ بِذي أُراطِ،
…
وهُنَّ أَمثالُ السُّرَى المِراطِ؟
ابْنُ الأَعرابي: السُّرى نِصالٌ دِقاقٌ، وَيُقَالُ قِصارٌ يُرْمى بِهَا الهَدَفُ. وَقَالَ الأَسدي: السِّرْوَةُ تُدْعَى الدِّرْعِيَّة، وَذَلِكَ أَنها تَدْخُلُ فِي الدِّرْعِ ونصالُها مُنْسَلكَة كالمِخْيطِ؛ وَقَالَ ابْنُ أَبي الحُقَيقِ يَصِفُ الدُّرُوعَ:
تَنْفي السُّرى، وجِيادَ النَّبْل تَتْرُكُهُ
…
مِنْ بَيْن مُنْقَصِفٍ كَسْراً ومَفْلُولِ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي ذَرٍّ: كانَ إِذَا الْتاثَتْ راحِلَة أَحدِنا طَعَن بالسِّرْوةَ فِي ضَبْعِها
، يَعْنِي فِي ضَبْع النَّاقة؛ السِّرْية والسِّرْوة: وَهِيَ النِّصال الصِّغَارُ، والسُّرْوَة أَيضاً. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ الوَليدَ بنَ المُغيرة مَرَّ بِهِ فأَشار إِلَى قَدَمِه فأَصابَتْه سِرْوَةٌ فجَعَلَ يَضْرِبُ سَاقَهُ حتَّى ماتَ.
وسَرَاةُ كُلِّ شيءٍ: أَعْلاه وظَهْرُه ووسَطه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِحُمَيْدٍ بْنِ ثَوْرٍ:
سَراةَ الضُّحى، مَا رِمْنَ حتَّى تَفَصَّدَتْ
…
جِباهُ العَذارى زَعْفَراناً وعَنْدَما
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
فَمَسَحَ سَراةَ البَعِير وذِفْراهُ.
وسَرَاةُ النهارِ وغيرهِ: ارْتِفاعُه، وَقِيلَ: وَسَطُه؛ قَالَ البُرَيق الْهُذَلِيُّ:
مُقِيماً عِندَ قَبْر أَبي سِباعٍ سَراةَ
…
الليلِ، عندَكَ، والنَّهارِ
فَجَعَلَ لِلَّيْلِ سَراةً، وَالْجَمْعُ سَرَوَات، وَلَا يكَسَّر. التهذيب: وسَرَاةُ النهارِ وقتُ ارتِفاعِ الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ. يُقَالُ: أَتَيْته سَرَاةَ الضُّحى وسَرَاةَ النَّهَارِ. وسَرَاةُ الطَّرِيقِ: مَتْنُه ومُعْظَمُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَيْسَ لِلنِّسَاءِ سَرَوَاتُ الطَّريق
، يَعْنِي ظُهورَ الطَّرِيقِ ومُعظَمَه ووَسَطَه ولكِنَّهنَّ يَمْشِينَ فِي الجَوانِبِ. وسَرَاة الْفَرَسِ: أَعلى مَتْنِه؛ وَقَوْلُهُ:
صَرِيفٌ ثمَّ تَكْلِيفُ الفَيافي،
…
كأَنَّ سَرَاةَ جِلَّتِها الشُّفُوفُ
أَراد: كأَنَّ سَرَوَاتِهِنَّ الشُّفوفُ فوضَعَ الواحدَ موضِعَ الجَمْع؛ أَلا تَرَاهُ قَالَ قَبْلَ هَذَا:
وقوفٌ فوقَ عِيسٍ قَدْ أُمِلَّتْ،
…
براهُنَّ الإِناخَةُ والوَجيفُ
وسَرا ثَوْبَه عَنْهُ سَرْواً وسَرَّاه: نَزَعه، التَّشْدِيدُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال:
حَتَّى إِذَا أَنْفُ العُجَيْرِ جَلَّى
…
بُرْقُعَه، وَلَمْ يُسَرِّ الجُلَّا
وسَرَى متاعَه يَسْرِي: أَلْقاه عَنْ ظَهْرِ دابَّته. وسَرَى عَنْهُ الثوبَ سَرْياً: كَشَفه، وَالْوَاوُ أَعلى، وَكَذَلِكَ سَرى الجُلَّ عَنْ ظَهْر الفَرَس؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
فَسَرَوْنا عَنْهُ الجلالَ، كَمَا سُلَّ
…
لِبَيْعِ اللَّطِيمَة الدَّخْدارُ
والسَّرِيُّ: النَّهْر؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، وَقِيلَ: الجَدْول، وَقِيلَ: النَّهْر الصَّغِيرُ كالجَدْول يَجْرِي إِلَى النَّخْل، وَالْجَمْعُ أَسْرِيَة وسُرْيانٌ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ مِثْلَ أَجْرِبة وجُرْبانٍ، قَالَ: وَلَمْ يُسْمع فِيهِ بأَسْرِياءَ. وَقَوْلُهُ عز وجل: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا
؛ رُوِيَ
عَنِ الْحَسَنِ أَنه كَانَ يَقُولُ: كَانَ وَاللَّهِ سَرِيّاً مِنَ الرِّجَالِ
، يَعْنِي عِيسَى، عليه السلام، فَقِيلَ لَهُ: أَنَّ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُسَمِّي النَّهْرَ سَرِيّاً، فَرَجَعَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: السَّرِيُّ الجَدْول
، وَهُوَ قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ. وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ قَوْلَ لَبِيَدٍ يَصِفُ نَخْلًا نَابِتًا عَلَى مَاءِ النَّهْرِ:
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفا وسَرِيُّهُ،
…
عُمٌّ نَواعِمُ، بَيْنَهُنَّ كُرومُ
وَفِي حَدِيثِ
مَالِكِ بْنِ أَنس: يَشتَرطُ صاحبُ الأَرضِ على المُساقي خَمَّ العَيْنِ وسَرْوَ الشِّرْبِ
؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: يُرِيدُ تَنْقِيةَ أَنْهارِ الشِّرْبِ وسَواقيه، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ سَرَوْت الشَّيْءَ إِذَا نَزَعْته، قَالَ: وسأَلت الْحِجَازِيِّينَ عَنْهُ فَقَالُوا: هِيَ تَنْقِية الشَّرَبات. والشَّرَبة: كالحَوْض فِي أَصل النَّخْلة مِنْهُ تَشْرب، قَالَ: وأَحسِبه مِنْ سَرَوْت الشَّيْءَ إِذَا نَزَعْته وكَشَفْت عَنْهُ، وخَمُّ العَيْنِ: كَسْحُها. والسَّراةُ: الظَّهْرُ؛ قَالَ:
شَوْقَبٌ شَرْحَبٌ كأَنَّ قَناةً
…
حَمَلَتْه، وَفِي السَّراةِ دُمُوجُ
وَالْجَمْعُ سَرَوات، وَلَا يُكَسَّر. وسُرِّيَ عَنْهُ: تَجلَّى هَمُّه. وانْسَرَى عَنْهُ الهَمُّ: انْكَشف، وسُرِّيَ عَنْهُ مِثْلُهُ. والسَّرْوُ: مَا ارْتَفع مِنَ الْوَادِي وانْحَدَر عَنْ غَلْظِ الجَبَل، وَقِيلَ: السَّرْوُ مِنَ الجَبَل مَا ارْتَفَع عَنْ مَوْضِعِ السَّيلْ وانْحَدَر عَنْ غَلْظ الجبَل. وَفِي الْحَدِيثِ:
سَرْوُ حِمْيَر، وَهُوَ النَّعْفُ والخَيْفُ
، وَقِيلَ: سَرْوُ حِمْيَر مَحَلَّتها. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: لئِنْ بَقِيت إِلَى قابِلٍ ليَأْتِيَنَّ الراعِيَ بِسَرْو حِمْيَر حَقُّه لَمْ يَعْرَقْ جَبِينهُ فِيهِ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
ليَأْتِيَنَّ الراعِيَ بسَرَوَات حمْيَرَ
، وَالْمَعْرُوفُ فِي وَاحِدَةِ سَرَواتٍ سَراة. وسَراة الطريقِ: ظَهْرهُ ومُعْظَمهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
رِياحِ بنِ الحرثِ: فصَعِدوا سَرْواً
أَي مُنْحَدراً مِنَ الجَبل. والسَّرْوُ: شَجَرٌ، وَاحِدَتُهُ سَرْوَة. والسَّرَاءُ: شَجَرٌ، وَاحِدَتُهُ سَرَاءة؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
رَآهَا فُؤَادي أُمَّ خِشْفٍ خَلا لَهَا،
…
بقُور الوِراقَيْن، السَّرَاءُ المُصَنَّفُ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ مِنَ كِبار الشَّجَرِ يَنْبُتُ فِي الْجِبَالِ، وَرُبَّمَا اتُّخِذَ مِنْهَا القِسِيُّ العَرَبيَّة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وتُتَّخذ القِسِيُّ مِنَ السَّراءِ، وَهُوَ مِنْ عُتْقِ الْعِيدَانِ وشَجَرِ الجِبال؛ قَالَ لَبِيدٌ:
تَشِينُ صِحاحَ البِيدِ كُلَّ عَشِيَّةٍ،
…
بعُودِ السَّراء، عِنْدَ بابٍ مُحَجَّب
يَقُولُ: إِنَّهُمْ حَضَرُوا بَابَ الْمَلِكِ وَهُمْ مُتنَكِّبو قسِيِّهِمْ فَتَفَاخَرُوا، فَكُلَّمَا ذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلٌ مأْثَرة خَطَّ لَهَا فِي الأَرض خَطًّا، فأَيّهم وُجِدَ أَكثر خُطوطاً كَانَ أَكْثَرَ مآثِرَ فَذَلِكَ شَيْنُهم صِحَاحَ البِيد. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: والسَّراءُ ضَرْب من شَجر القِسِيِّ، الْوَاحِدَةُ سَراءَةٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: السَّراءُ، بِالْفَتْحِ مَمْدُودٌ، شَجَرٌ تُتَّخذ مِنْهُ الْقِسِيُّ؛ قَالَ زُهَيْرٌ يصفُ وَحْشاً:
ثلاثٌ كأَقْواسِ السَّراء، وناشِطٌ
…
قَدِ انحَصَّ، مِنْ لَسِّ الغَمِير، جحافِلُهْ
والسَّرْوةُ: دودَةٌ تَقَعُ فِي النَّبَاتِ فتأْكلُه، وَالْجَمْعُ سَرْوٌ. وأَرضٌ مَسْرُوَّة: مِنَ السَّرْوةِ. والسِّرْوُ: الجَرادُ أَولَ مَا يَنْبُتُ حِينَ يخرُجُ مِنْ بَيْضِه. الْجَوْهَرِيُّ: والسِّرْوةُ الجَرادة أولَ مَا تكونُ وَهِيَ دُودَةٌ، وأَصله الْهَمْزُ، والسِّرْيَةُ لُغَةٌ فِيهَا. وأَرض مَسْرُوَّة ذاتُ سِرْوةٍ، وَقَدْ أَنكر عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ السِّرْوةَ فِي الجَرادة وَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ السِّرْأَةُ، بِالْهَمْزِ لَا غيرُ، مَنْ سَرَأَت الجرادةُ سَرْأً إِذَا بَاضَتْ. وَيُقَالُ: جَرادةٌ سَرُوٌّ، وَالْجُمَعُ سِرَاءٌ. وسَراةُ اليَمَنِ: مَعْرُوفَةٌ، وَالْجَمْعُ سَرَوَات؛ حَكَاهُ ابْنُ سِيدَهْ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ فَقَالَ: وبالسَّرَاة شَجَرُ جَوْزٍ لَا يُرَبَّى. والسُّرَى: سَيرُ الليلِ عامَّتهِ، وَقِيلَ: السُّرَى سيرُ الليلِ كلِّه، تُذَكِّرهُ الْعَرَبُ وتؤَنِّثهُ، قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفِ اللِّحْيَانِيُّ إِلَّا التأْنيث؛ وَقَوْلُ لَبِيدٌ:
قلتُ: هَجِّدْنا فَقَدْ طَالَ السُّرَى،
…
وقَدَرْنا إنْ خَنى الليلِ غَفَل
قَدْ يَكُونَ عَلَى لُغَةِ مَنْ ذكَّر، قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يُريد طالَتِ السُّرَى فحذَفَ عَلَامَةَ التأْنيث لأَنه لَيْسَ بِمُؤَنَّثٍ حَقِيقِيٍّ، وَقَدْ سَرَى سُرىً وسَرْيَةً وسُرْيَةً فَهُوَ سارٍ؛ قَالَ:
أَتَوْا نَارِي فقلْتُ: مَنُونَ؟ قَالُوا:
…
سُرَاةُ الجِنِّ، قلتُ: عِمُوا صَباحا
وسَرَيْت سُرىً ومَسْرىً وأَسْرَيْت بِمَعْنَى إِذَا سِرْت لَيْلًا، بالأَلف لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ، وجاءَ القرآنُ العزيزُ بِهِمَا جَمِيعًا. وَيُقَالُ: سَرَيْنا سَرْيةً وَاحِدَةً، وَالِاسْمُ السُّرْيةُ، بِالضَّمِّ، والسُّرَى وأَسْراهُ وأَسْرَى بِهِ. وَفِي الْمَثَلِ: ذَهَبُوا إسْراءَ قُنْفُذَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ القُنْفُذَ يَسْرِي ليلَه كلَّه لَا يَنَامُ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
حَيِّ النَّضِيرَةَ رَبَّةَ الخِدْرِ،
…
أَسْرَتْ إليكَ وَلَمْ تكُنْ تُسْري «2»
. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رأَيت بِخَطِّ الْوَزِيرِ ابْنِ الْمَغْرِبِيِّ: حَيِّ النصِيرة؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
أَسْرَتْ إليهِ مِنَ الجَوْزاءِ سارِيَةٌ
وَيُرْوَى: سَرَت؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:
فباتَ وأَسْرَى القومُ آخرَ ليْلِهِمْ،
…
وَمَا كَانَ وقَّافاً بغيرِ مُعَصَّرِ «3»
. وَفِي حَدِيثِ
جَابِرٍ قَالَ لَهُ: مَا السُّرَى يَا جابِرُ
؛ السُّرَى: السَّيرُ بِاللَّيْلِ، أَراد مَا أَوْجبَ مَجيئَك فِي هَذَا الْوَقْتِ. واسْتَرَى كأَسْرَى؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
وخَفُّوا فأَمّا الجامِلُ الجَوْنُ فاسْترَى
…
بلَيلٍ، وأَمّا الحَيُّ بعدُ، فأَصْبَحُوا
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي قولَ كُثَيِّرٍ:
أَرُوحُ وأَغْدُو مِنْ هَواكِ وأَسْتَرِي،
…
وَفِي النَّفْسِ مِمَّا قَدْ عَلِمْتِ عَلاقِمُ
(2). عجز البيت:
تُزجي الشمالُ عليه وابل البَرَد
(3)
. قوله
وَمَا كَانَ وَقَّافًا بِغَيْرٍ معصر
هكذا في الأَصل، وتقدم في مادة عصر: بدار معصر
وَقَدْ سَرَى بِهِ وأَسْرَى. والسَّرَّاءُ: الكثِيرُ السُّرى بالليلِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا
، وَفِيهِ أَيضاً: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ
، فنزَل الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ بِاللُّغَتَيْنِ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ عَنْ أَصحابه: سَرَيْت بالليل وأَسْرَيْت، فَجَاءَ بِاللُّغَتَيْنِ. وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ عز وجل: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ
، قَالَ: مَعْنَاهُ سَيَّرَ عَبْدَه. يُقَالُ: أَسْرَيْت وسَرَيْت إذا سِرْتَ ليلًا. وأَسْراهُ وأَسْرَى بِهِ: مثلُ أَخَذَ الخِطامَ وأَخَذَ بالخِطامِ، وَإِنَّمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا
، وَإِنْ كَانَ السُّرَى لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللَّيْلِ للتأْكيد، كَقَوْلِهِمْ: سِرْت أَمسِ نَهَارًا والبارِحةَ لَيْلًا. والسِّرايَةُ: سُرَى اللَّيْلِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، ويَقلّ فِي الْمَصَادِرِ أَن تَجِيءَ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ لأَنه مِنْ أَبنية الْجَمْعِ، يَدُلُّ عَلَى صِحَّةٍ ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يُؤَنِّثُ السُّرَى والهُدى، وَهُمْ بَنُو أَسد، توهُّماً أَنهما جمعُ سُرْيَةٍ وهُدْيَةٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ هَذَا أَي تأْنيث السُّرى قَوْلُ جرير:
هُمُ رَجَعُوها بعدَ ما طالتِ السُّرى
…
عَواناً، ورَدُّوا حُمْرةَ الكَيْنِ أَسْودا
وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ عز وجل: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ
؛ مَعْنَى يَسْرِ يَمْضِي، قَالَ: سَرى يَسْري إِذَا مَضى، قَالَ: وَحُذِفَتِ الْيَاءُ مِنْ يَسْرِي لأَنها رأْس آيَةٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ قَوْلُهُ: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ
، إِذَا يُسْرى فِيهِ كَمَا قَالُوا لَيْلٌ نائمٌ أَي يُنامُ فِيهِ. وَقَالَ: فَإِذَا عَزَم الأَمرُ أَي عُزِمَ عليه. والسارية من السحاب: التي تجيءُ لَيْلًا، وَفِي مَكَانٍ آخَرَ: السارِية السَّحَابَةِ الَّتِي تَسْري لَيْلًا، وَجَمْعُهَا السَّوَارِي؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
سَرَتْ عَلَيْهِ، مِنَ الجَوْزاءِ،
…
سارِيَةٌ تُزْجِي الشَّمالُ عَلَيْهِ جامِدَ البرَد
ابْنُ سِيدَهْ: والسَّارِيَة السَّحَابَةُ الَّتِي بَيْنَ الغادِيَة وَالرَّائِحَةِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّارِيَة المَطْرة الَّتِي تَكُونُ بِاللَّيْلِ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
رأَيتُكَ تَغْشَى السَّارِياتِ، وَلَمْ تَكُنْ
…
لتَرْكَبَ إلَّا ذَا الرّسُوم المُوقَّعا
قِيلَ: يعني ب السَّارِيَات الحُمُرَ لأَنها تَرْعى لَيْلًا وتَنَفَّسُ وَلَا تُقِرُّ بِاللَّيْلِ، وتَغْشى أَي تُرْكَبُ؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَعرابي؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه عَنَى بغِشْيانِها نِكاحَها، لأَن الْبَيْتَ لِلْفَرَزْدَقِ يَهْجُو جَرِيرًا وكأَنه يَعِيبُهُ بِذَلِكَ؛ وَاسْتَعَارَ بعضُهم السُّرى للدَّواهي والحُرُوبِ والهُمُومِ فَقَالَ فِي صِفَةِ الحرب أَنشده ثعلب للحرث بْنِ وَعْلَةَ:
ولكنَّها تَسْري، إِذَا نَامَ أَهلُها،
…
فتأْتي عَلَى مَا لَيْسَ يَخْطُر فِي الوَهْمِ
وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى، عليه السلام، وَالسَبْعِينَ مِنْ قَوْمِهِ: ثُمَّ تَبْرُزُونَ صَبيحَةَ سارِيةٍ
أَيْ صَبيحةَ ليلةٍ فِيهَا مَطَر. والسَّارِيَة: السَّحَابَةُ تُمْطِر لَيْلًا، فاعِلة مِنَ السُّرى سَيرِ الليلِ، وَهِيَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
تَنْفي الرِّيَاحُ القَذَى عَنْهُ، وأَفْرَطَه،
…
مِنْ صَوْبِ ساريةٍ، بيضٌ يَعالِيلُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ فِي الحَساء إِنَّهُ يَرْتُو فؤادَ الحَزِين ويَسْرُو عَنْ فُؤَادِ السَّقيم
؛ قَالَ الأَصمعي: يَرْتو بِمَعْنَى يَشُدُّه ويقوِّيه، وَأَمَّا يَسْرُو فَمَعْنَاهُ يكشِفُ عَنْ فؤادِه الأَلم ويُزيلُه، وَلِهَذَا قِيلَ سَرَوْت الثَّوْبَ وَغَيْرَهُ عَنِّي سَرْواً وسَرَيتُه وسَرَّيته إِذَا أَلقَيته عَنْكَ ونَضَوْتَه؛ قَالَ ابْنُ هَرِمَةَ:
سَرَى ثوْبَه عَنْكَ الصِّبا المُتَخايلُ،
…
ووَدَّعَ لِلْبَينِ الخَلِيطُ المُزايِلُ
أَي كشَف. وسَرَوْت عنيِ دِرْعِي، بِالْوَاوِ لَا غَيْرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَإِذَا مَطرَتْ يَعْنِي السَّحابةَ سُرِّي عَنْهُ
أَي كُشِف عَنْهُ الخَوْفُ، وَقَدْ تكرَّر ذِكْرُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الْحَدِيثِ، وخاصَّةً فِي ذِكْرِ نُزول الوَحْي عَلَيْهِ، وكلُّها بِمَعْنَى الكشْفِ والإِزالة. والسَّرِيَّةُ: مَا بَيْنَ خَمْسَةِ أَنفسٍ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الْخَيْلِ نَحْوُ أَربِعمائةٍ، ولامُها ياءٌ. والسَّرِيَّة: قِطْعَةٌ مِنَ الْجَيْشِ؛ يقال: خيرُ السَّريا أَرْبعُمائةِ رجلٍ. التَّهْذِيبِ: وأَما السَّرِيَّة مِنْ سَرايا الجيوشِ فَإِنَّهَا فَعِيلة بِمَعْنَى فاعِلَة، سُمِّيت سريَّةً لأَنها تَسْري لَيْلًا فِي خُفْيةٍ لئلَّا يَنْذَرَ بِهِمُ العدوُّ فيَحْذَروا أَو يَمْتَنِعُوا. يُقَالُ: سرَّى قائِدُ الجيشِ سَرِيَّةً إِلَى العدوِّ إِذَا جرَّدَها وَبَعَثَهَا إِلَيْهِمْ، وَهُوَ التَّسْرِيةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
يَردُّ مُتَسَرِّيهِم عَلَى قاعدِهم
؛ المُتَسَرِّي: الَّذِي يَخْرُجُ فِي السَّرِيَّة وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنَ الْجَيْشِ يبلُغ أَقصاها أَربعمائةٍ، وجمعُها السَّرايا، سُمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم يَكُونُونَ خُلاصة الْعَسْكَرِ وخِيارَهم مِنَ الشَّيْءِ السَّرِيِّ النَّفيس، وَقِيلَ: سُمُّوا بِذَلِكَ لأَنهم يُنَفَّذون سِرًّا وخُفْيةً، وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ لأَن لَامَ السِّر راءٌ وَهَذِهِ ياءٌ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَن الإِمامَ أَو أَمير الجيشِ يبعثُهم وَهُوَ خارجٌ إِلَى بِلَادِ العدوِّ، فَإِذَا غنِموا شَيْئًا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَيْشِ عامَّة لأَنهم رِدْءٌ لَهُمْ وفِئَةٌ، فأَما إِذَا بَعَثَهُمْ وَهُوَ مُقِيمٌ فَإِنَّ الْقَاعِدِينَ مَعَهُ لَا يُشارِكونهم فِي المغْنَم، وَإِنْ كَانَ جَعَلَ لَهُمْ نَفَلًا مِنَ الغنِيمة لَمْ يَشْرَكْهم غيرُهم فِي شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مَعًا. وَفِي حَدِيثِ
سعدٍ: لا يَسِيرُ ب السَّرِيَّة
أَي لَا يَخرُج بنفسهِ مَعَ السَّرِيَّة فِي الغَزْوِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَسير فِينَا بالسِّيرَةَ النَّفيسة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه قَالَ لأَصحابه يَوْمَ أُحُدٍ اليومَ تُسَرَّوْنَ
أَيْ يُقتل سَريُّكُمْ، فقُتِل حمزَةُ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا حَضَرَ بَنِي شيبانَ وكلَّم سَرَاتَهم وَمِنْهُمُ المُثَنَّى بنُ حارِثَة
أَي أشرافَهم. قَالَ: وَيُجْمَعُ السَّراةُ عَلَى سَرَوات؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
الأَنصار: افتَرَقَ ملَؤُهُم وقُتِلَت سَرَوَاتُهم
أَي أَشْرافُهم. وسَرَى عرقُ الشَّجَرة يَسْرِي فِي الأَرض سَرْياً: دَبَّ تَحْتَ الأَرض. والسَّارِيَةُ: الأُسْطُوانَة، وَقِيلَ: أُسْطُوانة مِنْ حِجارة أَو آجُرٍّ، وَجَمْعُهَا السَّوَارِي. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى أَن يُصَلَّى بَيْنَ السَّوَارِي
؛ يُرِيدُ إِذَا كَانَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لأَجل انْقِطَاعِ الصَّفِّ. أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ هُوَ يُسَرِّي العَرَق عَنْ نفْسِه إِذَا كَانَ يَنْضَحُه؛ وأَنشد:
يَنْضَحْنَ ماءَ البدنِ المُسَرَّى
وَيُقَالُ: فُلَانٌ يُسَارِي إبِلَ جارِه إِذَا طَرَقَها ليَحْتلِبَها دُونَ صاحِبِها؛ قَالَ أَبو وَجْزَةَ:
فَإِنِّي، لَا وأُمِّكَ، لَا أُسَارِي
…
لِقاحَ الجارِ، مَا سَمَر السَّمِيرُ
والسَّرَاةُ: جَبَلٌ بناحِية الطَّائِفِ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الطَّوْدُ الجَبل المُشْرف عَلَى عرَفَة يَنْقاد إلى صَنْعاءَ يقال لَهُ السَّرَاةُ، فأَوَّله سَرَاة ثَقيفٍ ثُمَّ سَراةُ فَهمٍ وعدْوانَ ثُمَّ الأَزْدِ ثُمَّ الحَرَّةِ آخِرُ ذَلِكَ. الْجَوْهَرِيُّ: وَإِسْرَائِيلُ اسمٌ، وَيُقَالُ: هُوَ مُضَافٍ إِلَى إِيلٍ، قَالَ الأَخفش: هُوَ يُهْمز وَلَا يُهْمَزُ، قَالَ: وَيُقَالُ فِي لغةٍ إِسْرَائِينَ، بِالنُّونِ، كَمَا قَالُوا جِبْرِينُ وَإِسْمَاعِينُ، وَاللَّهُ أَعلم.
سطا: السَّطْوُ: الْقَهْرُ بِالْبَطْشِ. والسَّطْوة: المرَّة الْوَاحِدَةُ، وَالْجَمْعُ السَّطَوات. وسَطا عَلَيْهِ وَبِهِ سَطْواً وسَطْوةً: صالَ، وسَطا الفحلُ كَذَلِكَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ يبْسُطون أَيديَهُم إِلَيْنَا؛ قَالَ
الْفَرَّاءُ: يَعْنِي أَهل مَكَّةَ كَانُوا إِذَا سَمِعُوا الرَّجُلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَتْلُو الْقُرْآنَ كَادُوا يَبْطِشُونَ بِهِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: فُلَانٌ يسْطُو عَلَى فُلَانٍ أَي يَتَطَاوَلُ عَلَيْهِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: سَطا عَلَيْهِ وأَسْطَى عَلَيْهِ؛ قَالَ أَوس:
ففاؤُوا وَلَوْ أَسْطَوْا عَلَى أُمِّ بعضِهم،
…
أَصاخَ فَلَمْ يَنْطِقْ، وَلَمْ يَتكلَّمِ
وأَميرٌ ذُو سَطْوةٍ، والسَّطْوةُ: شِدَّةُ البَطْش، وَإِنَّمَا سُمِّي الفرَس ساطِياً لأَنه يَسْطو عَلَى سائِر الْخَيْلِ وَيَقُومُ عَلَى رجليه ويسْطُو بِيَدَيْهِ، وَالْفَحْلُ يَسْطو عَلَى طَرُوقَته. وَيُقَالُ: اتَّقِ سَطْوَتَه أَي أَخْذَتَه. ابْنُ الأَعرابي: سَاطَى فلان وفلاناً إِذَا شدَّد عَلَيْهِ، وَطَاسَاهُ إِذَا رفَقَ بِهِ. أَبو سعيدٍ: سَطا الرَّجُلُ المرأَة وسَطَأَها إِذَا وطِئَها. وسَطا الماءُ: كثُر. وسَطا الرَّاعِي عَلَى النَّاقَةِ وَالْفَرَسِ سَطْواً وسُطُوّاً: أَدخل يدهَ فِي رَحِمِها فَاسْتَخْرَجَ ماءَ الْفَحْلِ مِنْهَا، وَذَلِكَ إِذَا نَزا عَلَيْهَا فحلٌ لئِيمٌ أَو كَانَ الماءُ فَاسِدًا لَا يُلْقَحُ عَنْهُ، وَإِذَا لَمْ يخرُج لَمْ تَلْقَح النَّاقَةُ. أَبو زَيْدٍ: السَّطْوُ أَن يُدْخِلَ الرجلُ اليدَ فِي الرَّحم فيستخرِجَ الْوَلَدَ، والمَسْطُ أَن يُدْخِل اليدَ فِي الرَّحِمِ فَيُسْتَخْرَجَ الوَثْرَ، وَهُوَ ماءُ الْفَحْلِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
إِنْ كنتَ مِنْ أَمرِك فِي مَسْماسِ،
…
فاسْطُ عَلَى أُمِّكَ سَطْوَ الْمَاسِيِّ
قَالَ اللَّيْثُ: وَقَدْ يُسْطَى عَلَى المرأَة إِذَا نشِبَ ولدُها فِي بَطْنِهَا ميِّتاً فيُسْتَخْرَج. وسَطا عَلَى الْحَامِلِ وساطَ، مقلوبٌ، إِذَا أَخرج ولدَها. أَبو عَمْرٍو: السَّاطِي الَّذِي يَغْتَلِم فيخرجُ مِنْ إبلٍ إِلَى إبلٍ؛ وَقَالَ زِيَادُ الطَّمَّاحي:
قامَ إِلَى عذْراءَ بالغُطاطِ،
…
يَمْشي بمثْلِ قائِمِ الفُسْطاطِ
بمُكْفَهِرِّ اللَّوْنِ ذِي حَطاطِ،
…
هامَتُه مثلُ الفَنِيقِ السَّاطِي
قَالَ الأَصمعي: السَّاطِي مِنَ الْخَيْلِ البعيدُ الشَّحْوَة، وَهِيَ الخَطوة. وسَطا الفرسُ أَيْ أَبْعَدَ الخَطْوَ. وفرسٌ ساطٍ: يَسْطُو عَلَى الْخَيْلِ. وسَطا عَلَى المَرأَة: أَخْرجَ الوَلدَ مَيِّتاً. ابْنُ شُمَيْلٍ: الأَيْدِي السَّواطِي الَّتِي تَتَناوَلُ الشَّيءَ؛ وأَنشد:
تَلَذُّ بأَخْذِها الأَيْدي السَّواطِي «1»
. وَحَكَى أَبو عُبيد السَّطْو فِي المرأَةِ قَالَ: وَفِي حَدِيثِ
الحَسَن، رحمه الله، لَا بأْسَ أَن يَسْطُوَ الرَّجُلُ عَلَى المرأَةِ إِذَا لَمْ تُوجَدِ امرأَةٌ تُعالِجُها وخِيفَ عَلَيها
، يَعْنِي إِذَا نَشِبَ وَلَدُها فِي بَطْنها ميِّتاً فلَهُ معَ عدَمِ القابلَة أَن يُدخِلَ يَدَه فِي فَرْجِهَا ويَسْتَخْرِج الوَلَدَ، وَذَلِكَ الفِعلُ السَّطْوُ، وأَصله القَهْرُ والبَطْشُ. وفرسٌ سَاطٍ: بعيدُ الشَّحْوة، وَقِيلَ: هُوَ الرَّافِعُ ذَنَبَه فِي عَدْوِه، وَهُوَ مَحْمود، وَقَدْ سَطَا يَسْطُو سَطْواً؛ وقال رؤْبة:
عَمّ اليَدَيْنِ بالجِرَاءِ سَاطِي «2»
. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
وأَقْدَر مُشْرِف الصَّهَواتِ سَاطٍ،
…
كُمَيْت لَا أَحَقّ وَلَا شَئِيتُ
وسَطَا سَطْواً: عاقَب، وَقِيلَ: سَطَا الفَرَسُ سَطْواً ركِبَ رأْسَه في السَّيْر.
سعا: ابْنُ سِيدَهْ: مَضَى سَعْوٌ مِنَ اللَّيْلِ وسِعْوٌ وسِعْواءُ وسُعْواءُ، مَمْدُودٌ، وسَعْوَةٌ وسِعْوَةٌ أَي قِطْعَةٌ. قَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: السِّعْواءُ مُذكَّر، وقال
(1). قوله [تلذ إلخ] هو عجز بيت وصدره كما في الأَساس:
ركود فِي الْإِنَاءِ لَهَا حُمَيَّا
(2)
. قوله [عم اليدين إلخ] هو هكذا في الأَصل، ولعله غمر
بَعْضُهُمْ: السِّعْوَاءُ فوقَ الساعَة مِنَ الليلِ، وَكَذَلِكَ السِّعْوَاءُ مِنَ النَّهَارِ. وَيُقَالُ: كُنَّا عندَه سِعْوَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ «1» . والنهارِ. ابْنُ الأَعرابي: السِّعْوة السَّاعَةُ مِنَ الليلِ، والأَسْعاءُ ساعاتُ اللَّيْلِ، والسَّعْو الشَّمَع فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ، والسَّعْوة الشَّمعة. وَيُقَالُ للمرأَة البَذِيَّة الجالِعة: سِعْوَةٌ وعِلْقَةٌ وسِلْقَةٌ.
والسَّعْيُ: عدْوٌ دُونَ الشَّدِّ، سَعَى يَسْعَى سَعْياً. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذَا أَتيتم الصَّلاةَ فَلَا تَأْتُوها وأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ وَلَكِنِ ائْتُوها وعَلَيكُمُ السَّكِينَة، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فأَتِمُّوا
؛ ف السَّعْيُ هُنَا العَدْوُ. سَعَى إِذَا عَدَا، وسَعَى إِذَا مَشَى، وسَعَى إِذَا عَمِلَ، وسَعَى إِذَا قَصَد، وَإِذَا كَانَ بِمَعْنَى المُضِيِّ عُدِّيَ بِإِلَى، وَإِذَا كَانَ بِمَعْنَى العَمَل عُدِّي بِاللَّامِ. والسَّعيُ: القَصْدُ، وَبِذَلِكَ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ
؛ وليسَ مِنَ السَّعْي الَّذِي هُوَ العَدْوُ،
وقرأَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ
، وَقَالَ: لَوْ كانَتْ مِنَ السَّعْي لَسَعَيْتُ حَتَّى يَسْقُط رِدَائِي. قَالَ الزَّجَّاجُ: السَّعْيُ والذَّهابُ بِمَعْنًى واحدٍ لأَنّك تقولُ لِلرَّجُلِ هُوَ يَسْعَى فِي الأَرض، وَلَيْسَ هَذَا باشْتِدادٍ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَصلُ السَّعْيِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ التصرُّف فِي كُلِّ عَمَلٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا مَا سَعى
؛ مَعْنَاهُ إلَّا مَا عَمِلَ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ
، فاقْصِدُوا. والسَّعْيُ: الكَسْبُ، وكلُّ عملٍ مِنْ خَيْرٍ أَو شَرٍّ سَعْي، والفعلُ كالفِعْلِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى
. وسَعَى لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ: عَمِلَ لَهُمْ وكَسَبَ. وأَسْعَى غيرهَ: جَعَلَه يَسْعَى؛ وَقَدْ رُوِيَ بيتُ أَبي خِراش:
أَبْلِغْ عَلِيّاً، أَطالَ اللهُ ذُلَّهُمُ
…
أَنَّ البُكَيْرَ الَّذِي أَسْعَوْا بِهِ هَمَلُ
أَسْعَوْا وأَشْعَوْا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ
؛ أَي أَدْرَك مَعَه العَمَل، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَطاقَ أَنْ يُعِينَه عَلَى عَمَله، قَالَ: وَكَانَ إسماعيلُ يومئذٍ ابْنَ ثَلَاثَ عشْرةَ سَنَةٍ؛ قال الزَّجَّاجُ: يُقَالُ إِنَّهُ قَدْ بَلَغ فِي ذَلِكَ الوقتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةٍ وَلَمْ يُسَمِّه. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، فِي ذَمّ الدُّنْيَا: مَنْ سَاعَاهَا فاتَتْهُ
أَي سابَقَها، وَهِيَ مُفاعَلَة مِنَ السَّعُيِ كأَنها تَسْعَى ذاهِبةً عَنْهُ وَهُوَ يَسْعَى مُجِدّاً فِي طَلَبِها فكلٌّ مِنْهُمَا يطلُبُ الغَلَبة فِي السَّعْي. والسَّعاةُ: التَّصَرُّفُ، ونَظير السَّعاةِ فِي الكلامِ النَّجاة مِنْ نجَا يَنْجُو، والفَلاةُ مَنْ فَلاهُ يَفْلُوه إِذَا قَطَعَه عَنِ الرَّضَاعِ، وعَصاهُ يَعْصُوه عَصاةً، والغَراةُ مِنْ قَوْلِكَ غَرِيتُ بِهِ أَي أُولِعْتُ بِهِ غَراةً، وفَعَلْت ذَلِكَ رَجاةَ كَذَا وَكَذَا، وتَرَكْت الأَمرَ خَشاةَ الإِثْمِ، وأَغْرَيْتُه إغْراءً وغَراةً، وأَذِيَ أَذىً وأَذَاةً، وَغَدِيتُ غُدْوَةً «2». وغَداةً؛ حَكَى الأَزهري ذَلِكَ كلَّه عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ. والسَّعْيُ يَكُونُ فِي الصلاحِ وَيَكُونُ فِي الْفَسَادِ؛ قَالَ اللَّهُ عز وجل: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً؛ نصبَ قَوْلَهُ فَسَادًا لأَنه مفعولٌ لَهُ أَراد يَسْعَوْن فِي الأَرضِ لِلْفَسَادِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي أَصحابَ الحَمالاتِ لِحَقْنِ الدِّماءِ وإطْفاءِ النَّائِرةِ سُعاةً لسَعْيِهِم فِي صَلاحِ ذاتِ البَيْنِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرٌ:
سَعَى ساعِيَا غَيظِ بنِ مُرَّةَ، بعد ما
…
تَبَزَّلَ مَا بَيْنَ العَشيرَةِ بالدَّمِ
(1). قوله [سعوات من الليل إلخ] هكذا في نسخ اللسان التي بأَيدينا، وفي بعض الأَصول سعواوات
(2)
. قوله [وغديت غدوة إلخ] هكذا في الأَصل
أَي سَعَيَا فِي الصلحِ وجمعِ مَا تَحَمَّلا مِنْ دِياتِ القَتْلى، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي مَآثِرَ أَهلِ الشَّرَف وَالْفَضْلِ مَساعِيَ، واحدتُها مَسْعاةٌ لسَعْيِهِم فِيهَا كأَنها مَكاسِبُهُم وأَعمالُهم الَّتِي أَعْنَوْا فِيهَا أَنفسَهم، والسَّعاةُ اسمٌ مِنْ ذَلِكَ. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: شَغَلَتْ سَعاتي جَدْوايَ؛ قَالَ أَبو عُبَيْد: يُضْرَب هَذَا مَثَلًا لِلرَّجُلِ تكونُ شِيمَتُه الكَرَم غَيْرَ أَنه مُعْدِمٌ، يَقُولُ: شَغَلَتْني أُمُوري عَنِ الناسِ والإِفْضالِ عَلَيْهِمْ. والمَسْعاةُ: المَكْرُمَة والمَعْلاةُ فِي أَنْواعِ المَجْدِ والجُودِ. سَاعاهُ فسَعاهُ يَسْعِيهِ أَيْ كَانَ أَسْعَى مِنْهُ. وَمِنْ أَمثالهم فِي هَذَا: بالساعِدِ تَبْطِشُ اليَدُ. وَقَالَ الأَزهري: كأَنه أَرادَ ب السَّعاةِ الكَسْبَ عَلَى نفسهِ والتَّصَرُّفَ فِي معاشهِ؛ وَمِنْهُ قولُهم: المَرْءُ يَسْعى لِغارَيْه أَي يَكْسِبُ لبَطْنِهِ وفَرْجِهِ. وَيُقَالُ لِعامِل الصَّدَقاتِ ساعٍ، وجَمْعُه سُعاةٌ. وسَعى المُصَدِّقُ يَسْعَى سِعايةً إِذَا عَمِلَ عَلَى الصَّدقاتِ وأَخذها مِنْ أَغْنِيائِها وَرَدَّهَا فِي فُقَرائِها. وسَعَى سِعايةً أَيضاً: مَشى لأَخْذِ الصَّدَقَةِ فقَبَضَها مِنَ المُصَدِّق. والسُّعاةُ: وُلاةُ الصَّدَقَةِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ العَدَّاء الكَلْبي:
سَعَى عِقالًا فلَمْ يَتْرُكْ لَنَا سَبَداً،
…
فكَيْفَ لَوْ قَدْ سَعَى عَمْروٌ عِقالَينِ؟
وَفِي حَدِيثِ
وَائِلِ بْنِ حُجْر: إنَّ وائِلًا يُسْتَسْعَى ويَتَرَفَّلُ عَلَى الأَقْوالِ
أَي يُسْتَعْمَلُ عَلَى الصَّدَقَاتِ ويَتَولَّى اسْتِخْراجَها مِنْ أَرْبابها، وَبِهِ سُمِّيَ عامِلُ الزكاةِ الساعِيَ. وَمِنْهُ قولهُ: ولَتُدْرَكَنَّ القِلاصُ فَلَا يُسْعَى عَلَيْهَا أَي تُتْرَكُ زكاتُها فَلَا يَكُونُ لَهَا ساعٍ. وسَعَى عَلَيْهَا: كعَمِل عَلَيْهَا. وَالسَّاعِي: الَّذِي يقومُ بأَمرِ أَصحابهِ عِنْدَ السُّلْطانِ، والجمعُ السُّعاةُ. قَالَ: وَيُقَالُ إِنَّهُ ليَقوم أَهلَه أَي يقومُ بأَمرِهِم. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَسْعَى عَلَى عِياله أَي يَتَصَرَّف لَهُمْ، كَمَا قَالَ الشاعرْ:
أَسْعَى عَلى جُلِّ بَنِي مالِكٍ،
…
كُلُّ امْرِئٍ فِي شَأْنهِ سَاعِي
وسَعَى بِهِ سِعايَةً إِلَى الوَالي: وَشَى. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّه قَالَ: السَّاعِي لغَيْرِ رِشْدَةٍ
؛ أَراد ب السَّاعِي الَّذِي يَسْعَى بِصَاحِبِهِ إِلَى سُلطانهِ فيَمْحَلُ بِهِ ليُؤْذِيَه أَي أَنَّه ليسَ ثابتَ النَّسَبِ مِنْ أَبيه الَّذِي يَنْتَمِي إِلَيْهِ وَلَا هُوَ وَلَدُ حَلالٍ. وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: السَّاعِي مُثَلِّثٌ
؛ تأْويلُه أَنه يُهْلِك ثلاثةَ نَفَرٍ بسِعايتهِ: أَحَدُهم المَسْعِيُّ بِهِ، وَالثَّانِي السُّلْطانُ الَّذِي سَعَى بصاحبهِ إِلَيْهِ حَتَّى أَهْلَكَه، وَالثَّالِثُ هُوَ السَّاعِي نفسهُ، سُمِّيَ مُثَلِّثاً لإِهْلاكهِ ثلاثَةَ نَفَرٍ، وَمِمَّا يُحَقّق ذَلِكَ الخبرُ الثَّابِتُ
عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ
، فالقَتَّاتُ والساعِي والماحِلُ واحدٌ. واسْتَسْعَى العبْدَ: كَلَّفَه مِنَ العَمَل مَا يُؤَدِّي بِهِ عَنْ نَفْسهِ إِذَا أُعْتِقَ بَعضهُ لِيعْتِقَ بِهِ مَا بَقِيَ، والسِّعايَةُ مَا كُلِّفَ مِنْ ذلِك. وسَعَى المُكاتَبُ فِي عِتْقِ رَقَبَتهِ سِعايَةً واسْتَسْعَيْت العَبْدَ فِي قِيمَته. وَفِي حَدِيثِ العِتْقِ:
إِذَا أُعْتِقَ بعضُ العَبْدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مالٌ اسْتُسْعِيَ غيرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ
؛ اسْتِسْعاءُ العَبْدِ إِذَا عَتَقَ بَعْضهُ ورَقَّ بعضهُ هُوَ أَنْ يَسْعَى فِي فَكاكِ مَا بَقي مِنْ رِقِّه فيَعْمَلَ ويكسِبَ ويَصْرِفَ ثَمَنه إِلَى مَوْلَاهُ، فسُمِّي تصرُّفه فِي كَسْبه سِعايِةً، وغيرَ مَشْقوق عَلَيْهِ أَي لَا يكلِّفهُ فَوْقَ طاقَتهِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ اسْتُسْعِيَ العبدُ لسَيّده أَي يَسْتَخْدِمُه مالِكُ باقِيه بقَدْرِ مَا فِيهِ مِنَ الرِّقِّ وَلَا يُحَمِّلُه مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. وَقَالَ الخطَّابي: قَوْلُهُ اسْتُسْعِيَ غيرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ لَا يُثْبِتُه أَكثر أَهل النَّقْل مُسْنَداً عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم،
وَيَزْعُمُونَ أَنه مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ. وسَعَتِ الأَمَة: بَغَتْ. وسَاعَى الأَمَةَ: طَلَبَها لِلْبِغَاء، وعَمّ ثعلبٌ بِهِ الأَمة وَالْحُرَّةَ؛ وأَنشد للأَعشى:
ومِثْلِكِ خَوْدٍ بادِنٍ قَدْ طَلَبْتُها،
…
وساعَيْتُ مَعْصِيّاً إِلَيْهَا وُشاتُها
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: المُساعاةُ مُساعاةُ الأَمَة إِذَا سَاعَى بِهَا مالِكُها فضَرَب عَلَيْهَا ضَريبَةً تُؤَدِّيها بالزِّنا، وَقِيلَ: لَا تَكُونُ المُساعاةُ إلَّا فِي الإِماء، وخُصِّصْنَ بالمُساعاةِ دونَ الحرائِر لأَنُهنَّ كنَّ يَسْعَيْنَ عَلَى مَواليهِنَّ فيَكْسِبْنَ لَهُمْ بضَرائِب كَانَتْ عليهِنَّ. ونقول: زَنى الرجلُ وعَهَرَ، فَهَذَا قَدْ يَكُونُ بالحُرَّةِ والأَمَة، وَلَا تَكُونُ المُساعاةُ إِلَّا فِي الإِماءِ خاصَّة. وَفِي الْحَدِيثِ:
إماءٌ ساعَيْنَ فِي الجاهِليَّةِ
؛ وأُتِيَ عُمَرُ بِرَجُلٍ سَاعَى أَمَةً.
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا مُساعاةَ فِي الإِسْلامِ، وَمَنْ سَاعَى فِي الجاهِلِيَّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتهِ
؛ المُساعاةُ: الزِّنا. يُقَالُ: ساعَت الأَمَةُ إِذَا فَجَرَت، وَسَاعَاهَا فُلَانٌ إِذَا فَجَرَ بِهَا، وَهُوَ مُفاعَلَةٌ مِنَ السَّعْيِ، كأَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْعى لصاحِبه فِي حُصُولِ غَرَضهِ، فأَبْطَلَ الإِسلامُ، شرَّفه اللَّهُ، ذلِك وَلَمْ يُلْحِقِ النَّسبَ بِهَا، وعَفا عَمَّا كَانَ مِنْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّنْ أُلحِقَ بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
عمرَ: أَنه أُتِيَ فِي نساءٍ أَو إماءٍ ساعَيْنَ فِي الجاهِلِيَّة فأَمَرَ بأَوْلادِهِنَّ أَنْ يُقَوَّموا عَلَى آبَائِهِمْ وَلَا يُسْتَرَقُّوا
؛ مَعْنَى التَّقْوِيمِ أَن تَكُونَ قيمَتُهم عَلَى الزانينَ لمِوالي الإِماء وَيَكُونُوا أَحراراً لاحِقي الأَنْسابِ بآبائِهِم الزُّناةِ؛ وكانَ عُمَرُ، رضي الله عنه، يُلْحِقُ أَولادَ الجاهِليَّة بِمَنِ ادَّعاهُمْ فِي الإِسْلامِ عَلَى شَرْطِ التَّقويم، وَإِذَا كَانَ الوَطْءُ والدَّعْوى جَمِيعًا فِي الإِسلام فدَعْواهُ باطِلَة والوَلَد مملوكٌ لأَنه عاهِرٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَهلُ الْعِلْمِ مِنَ الأَئِمَّة عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَلِهَذَا أَنكروا بأَجمَعِهم عَلَى مُعاوية فِي اسْتِلْحَاقِهِ زِيَادًا، وَكَانَ الوَطْءُ فِي الجاهِلية والدَّعْوى فِي الإِسلام. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَخبرني الأَصمعي أَنه سَمِعَ ابْنَ عَوْنٍ يَذكُر هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ:
إِنَّ المُساعاةَ لَا تكونُ فِي الحَرائِرِ إِنَّمَا تَكُونُ فِي الإِماء
؛ قَالَ الأَزهري: مِنْ هُنا أُخِذ اسْتِسْعاءُ العَبْدِ إِذَا عَتَقَ بَعْضُهُ ورَقَّ بَعْضُه، وَذَلِكَ أَنه يَسْعى فِي فَكاكِ مَا رَقَّ مِنْ رَقَبَتهِ فيعمَلُ فِيهِ ويَتَصَرَّف فِي كسْبهِ حَتَّى يَعْتِق، وَيُسَمَّى تَصَرُّفُهُ فِي كَسبه سعايَةً لأَنه يَعْمل فِيهِ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: اسْتُسْعِيَ العَبْدُ فِي رَقَبَتهِ وسُوعِيَ في غَلَّتهِ، ف المُسْتَسْعى الَّذِي يُعْتِقُه مالكُه عِنْدَ مَوْتهِ وليسَ لَهُ مالٌ غيرهُ فيَعْتِقُ ثُلُثُه ويُسْتَسْعى فِي ثُلُثَيْ رَقَبَتِهِ، والمُساعاة: أَنْ يُساعِيَه فِي حياتهِ فِي ضريبَتهِ. وَسَاعِي اليَهود والنَّصارى: هُوَ رئيسُهُم الَّذِي يَصْدرون عَنْ رَأْيِهِ وَلَا يَقْضونَ أَمْراً دونَه، وَهُوَ الَّذِي ذكَرَه حُذَيْفَةُ فِي الأَمانَةِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ يَهودِيّاً أَوْ نَصْرانِيّاً لَيَرُدّنَّهُ عَلَيَّ ساعيهِ، وَقِيلَ: أَراد ب السَّاعي الوالِيَ عَلَيْهِ مِنَ المُسْلِمينَ وَهُوَ العامِل، يَقُولُ يُنْصِفُني مِنْهُ. وَكُلُّ مَنْ وليَ أَمر قَوْمٍ فَهُوَ ساعٍ عَلَيْهِمْ، وأَكثر مَا يُقال فِي وُلاةِ الصَّدَقة. يُقَالُ سَعى علَيها أَي عَمِلَ عَليها. وسَعْيَا، مَقْصُورٌ: اسْمُ مَوْضع؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأُخْتِ عمروٍ ذِي الكَلْب تَرْثِيهِ مِنْ قَصِيدَةٍ أَوَّلُهَا:
كُلُّ امْرئٍ بِطُوَالِ العَيْشِ مَكْذوبُ،
…
وكلُّ مَنْ غالَبَ الأَيّامَ مَغْلوبُ
أَبْلِغْ بَني كاهِلٍ عَنّي مُغَلْغَلَةً،
…
والقَوْمُ مِنْ دونِهِم سَعْيَا ومَرْكُوبُ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: سَعْيَا مِنَ الشَّاذِّ عِنْدِي عَنْ قياسِ
نَظَائِرِهِ وَقِيَاسُهُ سَعْوى، وَذَلِكَ أَن فَعْلى إِذَا كَانَتِ اسْمًا مِمَّا لامُه ياءٌ فإنَّ ياءَهُ تُقلَب وَاوًا لِلْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْمِ وَالصِّفَةِ، وَذَلِكَ نَحْوَ الشَّرْوَى والبَقْوى والتَّقْوى، فسَعْيَا إِذًا شاذَّةٌ فِي خُروجِها عَنِ الأَصل كَمَا شَذَّت القُصْوى وحُزْوى. وَقَوْلُهُمْ: خُذِ الحُلْوى وأَعْطِهِ المُرّى، عَلَى أَنه قَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ سَعْيَا فَعْلَلًا مِنْ سَعَيْت إلَّا أَنَّه لَمْ يَصْرِفه لأَنه علَّقه عَلَى المَوْضِع عَلَماً مؤنَّثاً. وسَعْيَا: لغةٌ فِي شَعْيَا. وَهُوَ اسمُ نَبِيٍّ مِنْ أَنبِياء بَني إِسْرَائِيلَ.
سفا: السَّفَا: الخِفَّةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ الجَهْلُ. والسَّفَا، مَقصورٌ: خِفَّة شَعَر الناصِيَة، زَادَ الْجَوْهَرِيُّ: فِي الخَيْل، وَلَيْسَ بمَحْمود، وَقِيلَ: قِصَرُها وقِلَّتُها. يُقَالُ: ناصِيَةٌ فِيهَا سَفاً. وفرسٌ أَسْفى إِذَا كَانَ خَفيفَ الناصِيَة؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لِسَلَامَةَ بْنِ جَنْدَلٍ:
لَيْسَ بأَسْفى وَلَا أَقْنى وَلَا سَغِلٍ،
…
يُسْقى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبوبِ
والأُنْثى سَفْواء. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ السَّفاءُ، مَمْدُودٌ؛ وأَنشد:
قلائِصُ فِي أَلْبانِهِنّ سَفاءُ
أَي فِي عُقُولِهِنَّ خِفَّةٌ، اسْتَعَارَهُ لِلَّبَنٍ أَي فِيهِ خِفَّةٌ. ابْنُ الأَعرابي: سَفا إِذَا ضَعُفَ عَقْلُه، وسَفا إِذَا خَفَّ رُوحُه، وسَفا إِذَا تَعَبَّد وَتَوَاضَعَ لِلَّهِ، وسِفا إِذَا رَقَّ شَعْرهُ وجَلِحَ، لُغة طَيّءٍ. الْجَوْهَرِيُّ: الأَصمعي الأَسْفى مِنَ الْخَيْلِ الْقَلِيلُ الناصيَة، والأَسْفى مِنَ البغالِ السريعُ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ لشيءٍ أَسْفى لخِفَّةِ ناصِيتهِ إِلَّا لِلْفَرَسِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: الأَسْفَى مِنَ الْخَيْلِ الخفيفُ النَّاصِيَةِ، وَلَا يُقَالُ للأُنثى سَفْواءُ. والسَّفْواءُ فِي البغالِ: السَّرِيعَةُ، وَلَا يُقَالُ للذكرِ أَسْفَى. قَالَ: وَقَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ فِي حِكَايَتِهِ عَنِ الأَصمعي الأَسْفى مِنَ البغالِ السريعُ لَيْسَ بصحيحٍ؛ قَالَ: وَمِمَّا يَشْهَدُ بأَنه يُقَالُ لِلْفَرَسِ الْخَفِيفَةِ الناصيةِ سفواءُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
بَلْ ذَاتُ أكْروُمَةٍ تَكَنَّفها الأَحْجارُ،
…
مَشْهورةٌ مَواسِمُها
لَيْسَتْ بشامِيَّةِ النِّحاسِ، وَلَا
…
سَفْواءَ مَضْبُوحةٍ مَعاصِمُها
وبَغْلَةٌ سَفْواءُ: خفيفةٌ سريعةٌ مُقْتَدرة الخَلْقِ مُلَزَّزَة الظَّهْرِ، وَكَذَلِكَ الأَتانُ الوَحْشِيَّة؛ قَالَ دُكَينُ بنُ رَجاءٍ الفُقَيْمي فِي عُمَرَ بنِ هُبَيرة، وَكَانَ عَلَى بغلةٍ مُعْتَجِراً ببُرْدٍ رفيعٍ، فَقَالَ عَلَى الْبَدِيهَةِ:
جَاءَتْ بِهِ، مُعْتَجِراً ببُرْدِهِ،
…
سَفْواءُ تَرْدي بنَسِيجِ وَحْدِهِ
مُسْتَقْبِلًا حَدَّ الصَّبا بحَدِّهِ،
…
كالسَّيْفِ سُلَّ نَصْلُه مِنْ غِمْدِه
خَيْرَ أَميرٍ جاءَ مِنْ مَعَدِّه،
…
مِنْ قَبْلِه أَو رافِدٍ مِنْ بَعْدِه
فكلُّ قيسٍ قادِحٌ مِنْ زَنْدِه،
…
يَرْجُونَ رَفْعَ جَدِّهِم بجَدِّه
فإنْ ثَوَى ثوَى النَّدى فِي لَحْدِه،
…
واخْتَشَعَتْ أُمَّتُه لِفَقْدهِ
قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ سَفْواءُ فِي الْبَيْتِ: إِنَّهَا الْخَفِيفَةُ النَّاصِيَةِ، وَذَلِكَ مِمَّا تُمْدَح بِهِ الْبِغَالُ، وأَنكر هَذَا الأَصمعي وَقَالَ: سَفْواء هُنَا بِمَعْنَى سَرِيعَةٌ لَا غَيْرُ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ويُسْتَحَبُّ السَّفا فِي الْبِغَالِ وَيُكْرَهُ فِي الْخَيْلِ. والأَسْفى: الَّذِي تَنْزِعهُ شَعْرةٌ بيضاءُ كُمَيْتاً كَانَ أَو غيرَ ذَلِكَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي،
وخَصَّ مَرَّةً بِهِ السَّفا الَّذِي هُوَ بياضُ الشَّعَرِ الأَدْهم والأَشْقَرِ، والصِّفة كالصِّفة فِي الذَّكَرِ والأُنثى. وسَفا فِي مَشْيهِ وطَيَرانهِ يَسْفُو سُفُوّاً: أَسرَع. وسَفَت الريحُ التُّرابَ تَسْفِيه سَفْياً: ذَرَتْه، وَقِيلَ: حمَلَتْه فَهُوَ سَفِيٌّ، وتَسْفي الوَرَق اليبسَ سَفْياً. وتُرابٌ سافٍ: مَسْفِيٌّ، عَلَى النَّسَبِ أَو يَكُونُ فَاعِلًا فِي مَعْنَى مفعولٍ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: سَفَتِ الريحُ وأَسْفَتْ فَلَمْ يُعَدِّ وَاحِدًا مِنْهُمَا. والسافِياءُ: الريحُ الَّتِي تَحْمِلُ تُرَابًا كَثِيرًا عَلَى وَجْهِ الأَرض تَهْجُمُه عَلَى النَّاسِ؛ قَالَ أَبو دُواد:
ونُؤْي أَضَرَّ بِهِ السافِياء،
…
كدَرْسٍ مِنَ النُّونِ حينَ امَّحَى
قَالَ: والسَّفى هُوَ اسمُ كلِّ مَا سَفَتِ الريحُ مِنْ كلِّ مَا ذَكَرْتُ. وَيُقَالُ: السافِياءُ الترابُ يذهَبُ مَعَ الرِّيحِ، وَقِيلَ: السافِياءُ الغُبارُ فَقَطْ. أَبو عَمْرٍو: السَّفَى اسمُ الترابِ وإنْ لَمْ تَسْفِه الرِّيحُ، والسَّفاةُ أَخصُّ مِنْهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
فَلَا تَلْمِسِ الأَفْعى يَداكَ تُرِيدُها،
…
ودَعْها إِذَا مَا غَيَّبَتها سَفاتُها
وَفِي حَدِيثِ
كَعْبٍ: قَالَ لأَبي عُثْمَانَ النَّهْدي إِلَى جانِبِكم جبلٌ مُشْرِفٌ عَلَى البَصْرَة يُقالُ لَهُ سَنامٌ، قَالَ: نَعَم، قَالَ: فَهَلْ إِلَى جانِبِه ماءٌ كثيرُ السَّافِي؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَا يَرِدهُ الدَّجّالُ مِنْ مِياهِ العَرب
؛ السَّافِي: الريحُ الَّتِي تَسْفي الترابَ، وَقِيلَ للتُّراب الَّذِي تَسْفِيه الريحُ أَيضاً: سافٍ أَي مَسْفِيٌّ كماءٍ دافقٍ أَي مدفوقٍ، والماءُ السَّافِي الَّذِي ذكَرَه هُوَ سَفَوانُ، وَهُوَ عَلَى مَرْحَلة مِنْ بَابِ المِرْبَد بالبَصْرة. قَالَ غَيْرُهُ: سَفَوانُ، بِالتَّحْرِيكِ، مَوْضِعٌ قُرْبَ البَصْرة؛ قَالَ نافعُ بنُ لَقِيطٍ، وَقِيلَ هُوَ لمَنْظُورِ بنِ مَرْثَدٍ:
جَارِيَةٌ بسَفَوانَ دارُها،
…
تَمْشي الهُوَيْنا ساقِطاً خِمارُها،
قَدْ أَعْصَرتْ، أَو قَدْ دَنا إعْصارُها
والسَّفى: الترابُ، وخصَّ ابْنُ الأَعرابي بِهِ الترابَ. المُخْرَج مِنَ البئرِ أَو القَبْر؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِكُثَيِّرٍ:
وحالَ السَّفى بَيْنِي وبينَك والعِدا،
…
ورَهْنُ السَّفا غَمْرُ النَّقيبَةِ ماجِدُ
قَالَ: السَّفى هَنَا ترابُ الْقَبْرِ، والعِدَا الْحِجَارَةُ والصُّخور تُجْعَلُ عَلَى الْقَبْرِ؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ القَبْرَ وحُفَّاره:
وَقَدْ أَرْسَلوا فُرّاطَهُم، فتَأَثَّلوا
…
قَلِيباً سَفاهَا كالإِماءِ القَواعِدِ
قَوْلُهُ: سَفاها الهاءُ فِيهِ لِلْقَلِيبِ، أَراد أَيضاً ترابَ الْقَبْرِ شبَّهه بالإِماء القَواعِد، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَن الأَمة تَقْعُدُ مُسْتَوْفِزَةً لِلْعَمَلِ، وَالْحُرَّةُ تَقْعُدُ مطمئنَّة متربِّعة، وَقِيلَ: شبَّه التُّرَابَ فِي لِينِهِ بالإِماء الْقَوَاعِدِ، وهُنَّ اللَّواتي قعدنَ عَنِ الوَلَد فاجتَمَع عليهِنّ ذِلَّة الرِّق والقُعودِ فلِنَّ وذَلَلْن، واحدتُه سَفاةٌ. ابْنُ السِّكِّيت: السَّفى جمعُ سَفاةٍ، وَهِيَ ترابُ القُبورِ والبئرِ. والسَّفى: مَا سَفَتِ الريحُ عليكَ مِنَ التُّرَابِ، وفِعْلُ الرِّيحِ السَّفْيُ. والسَّوافي مِنَ الرِّياحِ: اللَّواتي يَسْفِين الترابَ. والسَّفى: السَّحاب. والسَّفى: شَوْكُ البُهْمَى والسُّنْبُلِ وكلِّ شَيْءٍ لَهُ شَوْك، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ أَطراف البُهْمَى، وَالْوَاحِدَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ سَفاة. وأَسْفَتِ البُهْمَى: سَقَط سَفاها. وسَفِيَ الرجلُ سَفىً: مِثْلُ سَفِهَ سَفَهاً وسَفاءً مثلُ سَفِهَ سَفاهاً؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
لَهَا مَنْطِقٌ لَا هِذْرِيانٌ طَمى بِهِ
…
سَفاءٌ، وَلَا بَادِي الجَفاءِ جَشيبُ
والسَّفِيُّ: كالسَّفيه. وأَسْفى الرجلُ إِذَا أَخَذَ السَّفى، وَهُوَ شَوْكُ البُهْمى، وأَسْفى إِذَا نَقَل السَّفى، وَهُوَ التُّرابُ، وأَسْفى إِذَا صارَ سَفِيّاً أَي سَفيهاً. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ للسَّفيه سَفِيٌّ بَيِّنُ السَّفاء، مَمْدُودٌ. وسافاهُ مُسَافَاةً وسِفاءً إِذَا سافَهَه؛ وَقَالَ:
إنْ كنتَ سافِيَّ أَخا تَميمِ،
…
فَجِيءْ بِعِلْجَيْنِ ذَوَيْ وَزيمِ
بِفارِسّيٍ وأَخٍ للرُّومِ،
…
كِلاهما كالجَمَلِ المَخْزومِ
وَيُرْوَى: المَحْجوم؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى:
إِنْ سَرَّكَ الرِّيُّ أَخا تَميمِ
والوَزيمُ: اكْتِنازُ اللَّحْم. وأَسْفى الزرعُ إِذَا خَشُنَ أَطْرافُ سُنْبُلهِ. والسَّفاءُ، بالمدِّ: الطَّيْشُ والخِفَّة. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: السَّفاءُ مِنَ السَّفى كالشَّقاء مِنَ الشَّقى؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَيا بُعْدَ ذَاكَ الوَصْلِ، إنْ لَمْ تُدانِهِ
…
قَلائِصُ، فِي آباطِهِنَّ سَفاءُ
وأَسْفاهُ الأَمْرُ: حَمَلَهُ عَلَى الطَّيْشِ والخِفَّةِ؛ وأَنشد لِعَمْرِو بْنِ قَميئة:
يَا رُبَّ من أَسْفاهُ أَحْلامُهُ،
…
إنْ قيلَ يَوماً: إنَّ عَمْراً سَكورْ
أَي أَطاشَه حلْمُه فغَرَّه وجَرّأَه. وأَسْفى الرجلُ بصاحِبهِ: أَساءَ إِلَيْهِ ولعلَّه مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ الطَّيْش والخِفَّة؛ قَالَ ذُو الرُّمة:
عَفَتْ، وعُهودُها مُتَقادِماتٌ،
…
وَقَدْ يُسْفِي بِك العَهْدُ القديمُ
كَذَا رَوَاهُ أَبو عَمْرٍو يُسْفي بِكَ، وغيرهُ يَروْيه يَبْقى لَكَ. والسَّفاءُ: انْقِطاعُ لَبَنِ الناقةِ؛ قَالَ:
وَمَا هِيَ إلَّا أَنْ تُقَرِّبَ وَصْلَها
…
قَلائِصُ، فِي أَلبانِهِنَّ سَفاءُ
وسِفْيانُ وسَفْيانُ وسُفْيانُ: اسمُ رَجُلٍ، يُكْسر ويفتح ويضم.
سقي: السَّقْيُ: مَعْرُوفٌ، وَالِاسْمُ السُّقْيا، بِالضَّمِّ، وسَقاهُ اللهُ الغيثَ وأَسْقاهُ؛ وَقَدْ جَمَعَهما لَبيدٌ فِي قَوْلِهِ:
سَقَى قَوْمي بَنِي مَجْدٍ، وأَسْقَى
…
نُمَيْراً والقبائِلَ مِنْ هِلالِ
وَيُقَالُ: سَقَيْته لشَفَتِه، وأَسْقَيْته لِماشيَتهِ وأَرْضِهِ، والاسْمُ السِّقْيُ، بِالْكَسْرِ، والجمعُ الأَسْقِيَةُ. قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ مُشْتارَ عَسَل:
فجاءَ بمَزْجٍ لَمْ يَرَ الناسُ مِثْلَهُ،
…
هُوَ الضَّحْكُ، إلَّا أَنه عَمَلُ النَّحْلِ
يَمانيةٍ أَجْبى لَهَا مَظَّ مائِدٍ،
…
وآلِ قُراسٍ صَوْبُ أَسْقِيَةٍ كُحْلِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا قَوْلُ الأَصمعي؛ وَيَرْوِيهِ أَبو عُبَيْدَةَ:
صوبُ أَرْمِيَةٍ كُحْلِ
وَهُمَا بِمَعْنًى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والمَزْجُ العَسَل والضَّحْكُ الثَّغْرُ، شبَّه العَسَل بِهِ فِي بياضهِ، ويمانِيةٍ يريدُ بِهِ العَسَلَ، والمَظُّ رمّانُ البَرِّ، والأَسْقِيةُ جَمْعُ سِقْيٍ وَهِيَ السَّحابة، وكُحْلٍ: سودٍ أَي سحائبَ سودٍ؛ يَقُولُ: أَجْبى نَبْتَ هَذَا الموضِعِ صَوْبُ هَذِهِ السَّحَائِبِ. ابْنُ سِيدَهْ: سَقاهُ سَقْياً وسَقَّاهُ وأَسْقَاه، وَقِيلَ: سَقاه بالشَّفَة وأَسْقَاهُ
دَلَّهُ عَلَى موضعِ الْمَاءِ. سيبويه: سَقَاهُ وأَسْقَاهُ جَعَل لَهُ مَاءً أَوْ سِقْياً فسَقاه ككسَاه، وأَسْقَى كأَلْبَس. أَبو الْحَسَنِ يذهَبُ إِلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ فَعَلْت وأَفْعَلْت، وأَنَّ أَفْعَلْت غيرُ مَنْقولَة مِنْ فَعَلْت لضَرْب مِنَ المَعاني كنَقْل أَدخلت. والسَّقْيُ: مصدرُ سَقَيْتُ سَقْياً، وَفِي الدُّعَاءِ:
سَقْياً لَهُ ورَعْياً وسَقَّاهُ ورَعّاه
: قَالَ لَهُ سَقْياً ورَعْياً. وسَقَّيْت فُلَانًا وأَسْقَيْته إِذَا قُلت لَهُ سَقاكَ اللهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمة:
وقَفْتُ، عَلَى رَبْعٍ لِمَيَّةَ، ناقَتي،
…
فَمَا زِلْتُ أُسْقي رَبْعَها وأُخاطِبُهْ
وأُسْقِيهِ حَتَّى كادَ، ممَّا أُبِثُّه،
…
تُكَلِّمُني أَحْجارُهُ ومَلاعِبُهْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالْمَعْرُوفُ فِي شِعْرِهِ:
فَمَا زِلْتُ أَبْكي عندهَ وأُخاطِبُهْ
والسِّقْيُ: مَا أَسْقاهُ إيّاهُ. والسِّقْيُ: الحَظّ مِنَ الشُّرْبِ. يُقَالُ: كَمْ سِقْيُ أَرْضِكَ أَي كَمْ حَظُّها مِنَ الشُّرْبِ؟ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ:
هُنالِكَ لَا أُبالي نَخْلَ سِقْيٍ،
…
وَلَا بَعْلٍ، وإنْ عَظُمَ الأَتاءُ
وَيُقَالُ: سَقْيٌ وسِقْيٌ، ف السَّقْيُ بِالْفَتْحِ الفعْل، والسِّقْيُ بِالْكَسْرِ الشِّرْب، وَقَدْ أَسْقاه عَلَى رَكِيَّته. وأَسْقَاهُ نَهْرًا: جَعَلَهُ لَهُ سِقْياً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَميم قَالَ لَهُ يَا أَمير المؤْمنين أَسْقِني شَبَكَةً عَلَى ظَهْرِ جَلّال
؛ الشَّبَكة: بِئارٌ مُجْتَمِعة، أَي أَجْعِلْها لِي سِقْياً وأَقْطِعْنيها تَكُونُ لِي خاصَّة. التَّهْذِيبِ: وأَسْقَيْتُ فُلَانًا رَكِيَّتي إِذَا جَعَلْتها لَهُ، وأَسْقَيْتُه جَدْولًا مِنْ نَهْري إِذَا جَعَلْت لَهُ مِنْهُ مَسْقىً وأَشْعَبْتَ لَهُ مِنْهُ. وسَقَّيْته الماءَ: شُدِّدَ لِلْكَثْرَةِ. وتَسَاقَى القَوْمُ: سَقى كلُّ واحدٍ صاحِبَه بِجِمام الإِناءِ الَّذِي يَسْقيان فِيهِ؛ قَالَ طَرَفة بْنُ الْعَبْدِ:
وتَسَاقَى القَوْمُ كأْساً مُرَّةً،
…
وَعَلَى الخَيْلِ دِماءٌ كالشَّقِرْ
وَقَوْلُ الْمُتَنَخِّلِ الْهُذَلِيِّ:
مُجَدَّلٌ يَتَسَقَّى جِلْدُهُ دَمَه،
…
كَمَا تَقَطَّر جِذعُ الدَّومَةِ القُطُلُ
أَي يتَشَرَّبه، وَيُرْوَى: يَتَكَسَّى مِنَ الكِسْوة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشَادِهِ مُجَدَّلًا لأَن قَبْلَهُ:
التَّارِكِ القِرْنِ مُصْفَرّاً أَنامِلُهُ،
…
كأَنَّهُ منْ عُقارٍ قَهْوَةٍ ثَمِلُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَعْجَلْتُهم أَنْ يَشْربوا سِقْيَهُم
؛ هُوَ بِالْكَسْرِ اسْمٌ للشّيْءِ المُسْتَقى. والمِسْقاة والمَسْقاة والسِّقاية: موضعُ السَّقْي. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَبلَغْتُ الرَّاتِعَ مَسْقَاتَهُ
؛ المَسْقَاةُ، بِالْفَتْحِ: مَوْضِعُ الشُّرْب، وَقِيلَ: هُوَ بِالْكَسْرِ آلةُ الشُّرْب، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير:«3» . أَراد أَنه جَمَعَ لَهُ بَيْنَ الأَكل والشُّرْبِ، ضَرَبَهَ مَثَلًا لرِفْقِه برَعِيَّتهِ، وَلِأَنَّ لَهُمْ فِي السِّيَاسَةِ كَمَنْ خَلَّى المالَ يَرْعى حَيْثُ شَاءَ ثُمَّ يُبلِغُه الوِرْد فِي رِفْقٍ، وَمَنْ كَسَرَ الْمِيمَ جَعَلَهَا كَالْآلَةِ الَّتِي هِيَ مِسْقَاةُ الدِّيكِ. والمَسْقَى: وقتُ السَّقْيِ. والمِسْقَاةُ: مَا يُتَّخذ للجِرار والكيزان تُعَلَّق عليه. والسَّاقِيَة مِنْ سَوَاقِي الزَّرع: نُهَيْر صغيرٌ. الأَصمعي: السَّقِيُّ والرَّمِيُّ، عَلَى فَعِيلٍ، سَحابَتان عَظِيمَتَا القَطْر شَدِيدتا الْوَقْعِ، وَالْجَمْعُ أَسْقِيَةٌ. والسِّقَايَةُ: الإِناءُ يُسْقى به. وقال ثعلب:
(3). قوله [قال ابن الأَثير إلخ] عبارة النهاية: يريد أنه رفق بِرَعِيَّتِهِ وَلِأَنَّ لَهُمْ فِي السِّيَاسَةِ كَمَنْ خَلَّى الْمَالَ إلخ
السِّقَايَةُ هُوَ الصَّاعُ والصُّواع بِعَيْنِهِ. والسِّقَايَةُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُتَّخذ فِيهِ الشَّراب فِي الْمَوَاسِمِ وَغَيْرِهَا. والسِّقَايَة فِي الْقُرْآنِ: الصُّواع الَّذِي كَانَ يَشْرَب فِيهِ الملِك، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ
، وَكَانَ إِنَاءً مِنْ فِضَّةٍ كَانُوا يَكيلون الطَّعَامَ بِهِ. وَيُقَالُ لِلْبَيْتِ الَّذِي يُتَّخذ مَجْمَعاً لِلْمَاءِ ويُسْقى مِنْهُ الناسُ: السِّقاية. وسِقاية الحاجِّ: سَقْيُهم الشَّرَابَ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ. أَنه باعَ سِقايةً مِنْ ذَهَبٍ بأَكثر من وزْنِها
؛ السِّقَايةُ: إناءٌ يُشرب فِيهِ. وسِقاية الْمَاءِ: مَعْرُوفَةٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ
؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً
؛ الْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ مَا كَانَ مِنْ بُطُونِ الأَنعام وَمِنَ السَّمَاءِ أَو نهَر يَجْري لِقَوْمٍ أَسْقَيْت، فَإِذَا سَقاكَ مَاءً لشَفَتِك قَالُوا سَقاهُ وَلَمْ يَقُولُوا أَسْقاهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً
، وَقَالَ: وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ
؛ وَرُبَّمَا قَالُوا لِما فِي بُطُونِ الأَنْعام ولِماءِ السَّمَاءِ سَقَى وأَسْقَى كَمَا قَالَ لَبِيدٌ:
سَقَى قَوْمِي بَني مَجْدٍ، وأَسْقَى
…
نُمَيْراً والقَبائِلَ مِنْ هِلالِ
وَقَالَ اللَّيْثُ: الإِسْقاءُ مِنْ قَوْلِكَ أَسْقَيْتُ فُلَانًا نهَراً أَو مَاءً إِذَا جَعَلْتَ لَهُ سِقْياً. وَفِي الْقُرْآنِ: وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً
؛ مِنْ سَقى ونُسْقِيَهُ
مِنْ أَسْقى، وَهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. أَبو زَيْدٍ: اللَّهُمَّ أَسْقِنا إسْقاءً إرْواءً. وَفِي الْحَدِيثِ:
كلُّ مأْثَرةٍ مِنْ مآثِر الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قدميَّ إِلَّا سِقايةَ الحاجِّ وسِدانةَ الْبَيْتِ
، هِيَ مَا كَانَتْ قُرَيْشُ تَسْقِيه الحُجَّاج مِنَ الزَّبيب المُنْبُوذِ فِي الْمَاءِ، وكانَ يَلِيهَا العباسُ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ والإِسلام. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه تَفَلَ فِي فمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ وَقَالَ: أَرجو أَن تَكُونَ سِقاءً
أَي لَا تعطَش. والسِّقاءُ: جلدُ السَّخْلة إذ أَجْذَعَ وَلَا يَكُونُ إلَّا لِلْمَاءِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
يَجُبْن بِنَا عَرْضَ الفَلاةِ وَمَا لَنَا
…
عليهنَّ، إلَّا وخْدَهُنَّ، سِقاءُ
الوَخْدُ: سَيْرٌ سهلٌ أَي لَا نَحْتَاجُ إِلَى سِقاءٍ لِلْمَاءِ لأَنهنّ يَرِدْنَ بِنَا الماءَ وقتَ حاجتِنا إِلَيْهِ وَقَبْلَ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ أَسْقِيَةٌ وأَسْقِيَات، وأَسَاقٍ جَمْعُ الْجَمْعِ. وأَسْقَاهُ سِقاءً: وهَبَه لَهُ. وأَسْقاهُ إِهَابًا: أَعطاه إيَّاه ليَدْبُغَه ويتَّخِذ مِنْهُ سِقاءً. وَقَالَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، لِلَّذِي اسْتَفْتاه فِي ظَبْيٍ رَمَاهُ فَقَتَلَهُ وَهُوَ مُحْرِم فَقَالَ: خُذْ شَاةً مِنَ الْغَنَمِ فتصدَّقْ بلحمِها وأَسْقِ إهابَها
أَي أَعْطِ إِهَابَهَا مَن يتخذهُ سِقاءً. ابْنُ السِّكِّيتِ: السِّقاءُ يَكُونُ للَّبن وَالْمَاءِ، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَسْقِيَةٌ وأَسْقِياتٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
ضُرُوعُها بالدَّوِّ أَسْقِيَاتُهُ
وَالْكَثِيرُ أَساقٍ، والوَطْبُ للبَنِ خاصَّة، والنِّحْيُ للسَّمن، والقِرْبَةُ للماءِ، والسِّقَاءُ ظَرْفُ الماءِ مِنَ الْجِلْدِ، ويُجمع عَلَى أَسْقِيةٍ، وَقِيلَ: السِّقاءُ القِرْبةُ لِلْمَاءِ واللَّبَن. ورجلٌ ساقٍ مِنْ قَوْمِ سُقَّاءٍ وسَقَّائِينَ «1» . والأُنثى سَقَّاءَة وسَقَّايَة، الهمْزُ عَلَى التَّذْكِيرِ والياءُ عَلَى التأْنيث: كشقاءٍ وشَقاوةٍ؛ وَفِي الْمَثَلِ:
اسقِ رَقاشِ إِنَّهَا سَقَّايهْ
وَيُرْوَى: سَقَّاءَهْ وسَقَّايَةٌ عَلَى التَّكْثِيرِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَهَذَا الْمَثَلُ يُضْرَبُ لِلْمُحْسِنِ أَي أَحْسِنوا إِلَيْهِ لإِحْسانهِ؛ عن أَبي عبيد.
(1). قوله [مِنْ قَوْمِ سُقَّاء وسَقَّائِين] هكذا في الأَصل، وهي عبارة المحكم ونصه: وَرَجُلٌ سَاقٍ مِنْ قَوْمِ سُقًّى، أي بضم السين وتشديد القاف منوناً. وسُقَّاء، بضم السين وتشديد القاف. وسَقَّاء، بالفتح والتشديد، على التكثير من قوم سَقَّائِين
واسْتَقَى الرجلَ واسْتَسْقَاه: طَلب مِنْهُ السَّقْيَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَرَجَ يَسْتَسْقِي فَقَلَبَ رِداءَه
؛ وَتَكَرَّرَ ذِكْرُ الاسْتِسْقَاء فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ اسْتِفْعال مِنْ طَلب السُّقْيا أَي إنْزال الغَيْثِ عَلَى البلادِ والعِبادِ. يُقَالُ: اسْتَسْقَى وسَقَى اللهُ عبادَه الغَيْثَ وأَسْقَاهم، وَالِاسْمُ السُّقْيَا بِالضَّمِّ. واسْتَسْقَيْت فُلَانًا إِذَا طَلَبْتَ مِنْهُ أَن يَسقِيَك. واستَقَى مِنَ النهَر والبئرِ والرَّكِيَّة والدَّحْل اسْتِقَاءً: أَخذ مِنْ مَائِهَا. وأَسْقَيْت في القِرْبة وسَقَيْتُ فِيهَا أَيضاً؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَمَا شَنَّتا خَرْقاءَ واهِيتَا الكُلى
…
سَقَى فِيهِمَا ساقٍ، ولمَّا تَبَلّلا،
بأَضْيَعَ مِنْ عَيْنَيْكَ لِلدَّمْعِ، كُلَّمَا
…
تعرّفْتَ دَارًا، أَو توهَّمتَ منزِلا
وَهَذَا الشِّعْرُ أَنشده الْجَوْهَرِيُّ:
وَمَا شَنَّتا خَرْقاءَ واهٍ كُلاهُما،
…
سَقَى فِيهِمَا مستعجِلٌ لَمْ تَبلّلا
وَالصَّوَابُ مَا أَوْرَدْنَاهُ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: فَجَعَلُوا المُرّان أَرْشِيةَ المَوْت فاستَقَوْا بِهَا أَرواحَهُم، إِنَّمَا استعارَه وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ماءٌ وَلَا رِشاءٌ وَلَا استِقاءٌ. وتَسَقَّى الشيءُ: قَبِلَ السَّقْيَ، وَقِيلَ: ثَرِيَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ للمَرّار الفَقْعَسي:
هَنِيئًا لخُوطٍ مِنْ بَشامٍ تَرُفُّه،
…
إِلَى بَرَدٍ، شُهْدٌ بهنَّ مَشُوبُ
بِمَا قَدْ تَسَقَّى مِنْ سُلافٍ، وضَمَّهُ
…
بَنانٌ، كهُدَّابِ الدِّمَقْسِ، خَضيبُ
وزرعٌ سِقْيٌ، ونخلٌ سِقْيٌ: لِلَّذِي لَا يَعِيشُ بالأَعْذاءِ إِنَّمَا يُسقى، والسَّقْيُ الْمَصْدَرُ. وَزَرْعٌ سِقيٌ: يُسْقى بِالْمَاءِ، والمَسقَوِيُّ: كالسِّقْي؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ، كأَنه نسبَه إِلَى مَسْقىً كَمرْمىً، وَلَا يَكُونُ مَنْسُوبًا إِلَى مَسقيٍّ لأَنه لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لكانَ مَسْقيٌّ، وَقَدْ صَرَّحَ سِيبَوَيْهِ بِذَلِكَ. وَزَرْعٌ مَسْقَوِيٌّ إِذَا كَانَ يُسقى، ومَظْمَئِيٌّ إِذَا كَانَ عِذْياً، قَالَ ذَلِكَ أَبو عُبَيْدٍ وأَنكره أَبو سَعِيدٍ. الْجَوْهَرِيُّ: المَسْقَوِيُّ مِنَ الزَّرْعِ مَا يُسقى بالسَّيْح، والمَظْمَئيُّ مَا تَسقِيه السَّمَاءُ، وَهُوَ بِالْفَاءِ تَصْحِيفٌ. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاذٍ فِي الْخَرَاجِ: وَإِنْ كَانَ نَشْرُ أَرضٍ يُسلِمُ عَلَيْهَا صاحِبُها فإنهُ يُخْرِجُ مِنْهَا مَا أُعطي نَشْرُها رُبْعَ المَسْقَوِيِّ وَعُشْرَ المَظْمَئِيِ
، المَسْقَوِيُّ، بِالْفَتْحِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، مِنَ الزَّرْعِ: مَا يُسقى بالسَّيْح، والمَظْمَئيُّ: مَا تَسْقِيهِ السماءُ، وَهُمَا فِي الأَصل مَصْدَرَا أَسقى وأَظْمأَ أَو سَقى وظمِئَ مَنْسُوبًا إِلَيْهِمَا. والسَّقِيُّ: المَسْقِيُّ. والسَّقِيُّ: البَرْدِيُّ، وَاحِدَتُهُ سَقِيَّةٌ، وَهِيَ لَا يفوتُها الماءُ، وسمِّيَ بِذَلِكَ لنَباته فِي الْمَاءِ أَو قَرِيبًا مِنْهُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وكَشْح لطِيف كالجَديلِ مُخَصَّر،
…
وَسَاقٍ كأُنبُوب السَّقِيِّ المُذَلَّلِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد بالأُنبُوبِ أُنبُوبَ الْقَصَبِ النَّابِتِ بَيْنَ ظَهرانَيْ نَخْلٍ مَسْقِيٍّ، فكأَنه قَالَ كأُنبوب النَّخْلِ السَّقِيِّ أَي كَقَصَبِ النَّخْلِ، أَضافه إِلَيْهِ لأَنه نبَت بَيْنَ ظَهْرانَيه، وَقِيلَ: السَّقِيُّ البرْديٌّ الناعمُ، وأَصله العُنْقَرُ يشبَّه بِهِ ساقُ الْجَارِيَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
عَلَى خَبَندى قصبٍ مَمْكورِ،
…
كعُنْقُران الحائِر المسْكُورِ
وَالْوَاحِدَةُ سَقِيَّةٌ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَجْلان النَّهدي:
جَدِيدَةُ سِرْبالِ الشَّبابِ، كأَنها
…
سَقِيَّةُ بَردِيٍّ نَمَتْها غُيولُها
والسَّقِيُّ أَيضاً: النَّخْلُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ إِمَامَ قَوْمِهِ فمرَّ فَتًى بناضِحِه يريدُ سَقِيّاً
، وَفِي رِوَايَةٍ:
يريد سَقِيَّة
؛ السَّقِيُّ والسَّقِيَّةُ: النَّخْلُ الَّذِي يُسقى بالسَّواني أَي الدَّوَالِي. والسَّقْيُ والسِّقْيُ: ماءٌ يَقَعُ فِي الْبَطْنِ، وأَنكر بَعْضُهُمُ الْكَسْرَ. وَقَدْ سَقَى بطنُه واسْتَسْقَى وأَسْقَاه اللَّهُ. والسِّقْيُ: ماءٌ أَصفر يَقَعُ فِي الْبَطْنِ. يُقَالُ: سَقَى بطنُه يَسْقِي سَقْياً. أَبو زَيْدٍ: استَسْقَى بطنُه اسْتِسْقَاءً أَيِ اجْتَمَعَ فِيهِ ماءٌ أَصفر، وَالِاسْمُ السِّقْيُ، بِالْكَسْرِ. وَقَالَ شَمِرٌ: السَّقْيُ الْمَصْدَرُ، والسِّقْيُ الِاسْمُ، وَهُوَ السَّلى كَمَا قَالُوا رَعْيٌ ورِعْيٌ. وَفِي حَدِيثِ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: أَنه سُقِيَ بطنُه ثَلَاثِينَ سَنَةً.
يُقَالُ: سُقِيَ بطنُه وسَقَى بطنُه واسْتَسْقَى بطنُه أَي حَصَلَ فِيهِ الْمَاءِ الأَصفر. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: السِّقْيُ الماءُ الَّذِي يَكُونُ فِي المَشِيمَة يَخْرُجُ عَلَى رأْس الْوَلَدِ. والسِّقْيُ: جِلْدَةٌ فِيهَا ماءٌ أَصفر تنشَقُّ عَنْ رأْس الْوَلَدِ عِنْدَ خُرُوجِهِ. التَّهْذِيبِ: والسِّقْيُ مَا يَكُونُ فِي نفافيخَ بِيضٍ فِي شَحْمِ الْبَطْنِ. وسَقَى العِرْقُ: أَمَدَّ فَلَمْ يَنْقَطِعْ. وأَسْقَى الرجلَ إسْقَاءً: اغتابَه؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وَلَا عِلم لِي مَا نَوْطةٌ مُسْتَكِنَّةٌ،
…
وَلَا أَيُّ مَنْ فارَقْتُ أَسْقَى سِقَائِيَا
قَالَ شَمِرٌ: لَا أَعرف قَوْلَ أَبي عُبَيْدٍ أَسْقَى سِقائياً بِمَعْنَى اغتَبْتُه؛ قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ مَعْنَاهُ لَا أَدري مَنْ أَوعى فِيَّ الدَّاءَ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ سَقَى زيدٌ عَمْرًا وأَسْقَاهُ إِذَا اغْتَابَهُ غَيْبةً خَبِيثَةً. الْجَوْهَرِيُّ: أَسْقَيْته إِذَا عِبْته واغتبْته. وسُقِيَ قلبُه عداوةً: أُشْرِب. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا كرِّر عَلَيْهِ مَا يكرهُه مراراً: سُقِّيَ قلبُه بالعدواة تَسْقِيَةً. وسَقَى الثوبَ وسَقَّاهُ: أَشربه صِبغاً. وَيُقَالُ لِلثَّوْبِ إِذَا صَبَغْتَهُ: سَقَيته مَنّاً مِنْ عُصْفُرٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ. واسْتَقَى الرجلُ واسْتَسْقَى: تَقَيَّأَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وكنتَ مِنْ دَائِكٍ ذَا أَقْلاسِ،
…
فاسْتَسْقِيَنْ بِثَمَرِ القَسْقاسِ
والمُسَاقَاة فِي النَّخِيلِ وَالْكُرُومِ عَلَى الثُّلُثِ والرُّبُع وَمَا أَشبهه. يُقَالُ: سَاقَى فلانٌ فُلَانًا نخلَه أَوْ كرْمَه إِذَا دَفَعَهُ إِلَيْهِ وَاسْتَعْمَلَهُ فِيهِ عَلَى أَن يَعْمُرَه ويَسقِيَه ويقومَ بِمَصْلَحَتِهِ مِنَ الإِبارِ وَغَيْرِهِ، فَمَا أَخرج اللَّهُ مِنْهُ فَلِلْعَامِلِ سهمٌ مِنْ كَذَا وَكَذَا سَهْماً مِمَّا تُغِلُّه، وَالْبَاقِي لمالِكِ النَّخْلِ، وأَهل الْعِرَاقِ يُسَمُّونَها المُعاملة. وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ:
وَهُوَ قائلٌ السُّقْيا
؛ السُّقْيَا: منزلٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، قِيلَ هِيَ عَلَى يَوْمَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنه كَانَ يَسْتَعذِبُ الماءَ مِنْ بُيُوتِ السُّقْيَا.
سكا: ابْنُ الأَعرابي: سَاكَاهُ إِذَا ضيَّق عَلَيْهِ فِي الْمُطَالَبَةِ، وسَكَا إِذَا صغُر جسمه.
سلا: سَلاهُ وسَلا عَنْهُ وسَلِيَه سَلْواً وسُلُوّاً وسُلِيّاً وسِلِيّاً وسُلْوَاناً: نَسِيَه، وأَسْلاهُ عَنْهُ وسَلَّاه فتَسَلَّى؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
عَلَى أَن الْفَتَى الخُثَمِيَّ سَلَّى،
…
بنَصْل السيفِ، غَيْبة مَنْ يَغِيب
أَراد عَنْ غَيْبة مَنْ يَغِيب فَحَذَفَ وأَوْصل، وَهِيَ السَّلْوة. الأَصمعي: سَلَوْتُ عَنْهُ فأَنا أَسْلُو سُلُوّاً وسَلِيتُ عَنْهُ أَسْلَى سُلِيّاً بِمَعْنَى سَلَوْت؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
مسْلم لَا أَنْساك مَا حَييتُ،
…
لَوْ أَشرَبُ السُّلْوان مَا سَلِيتُ،
مَا بِي غِنىً عَنْكَ وَإِنْ غَنِيتُ
الْجَوْهَرِيُّ: وسَلَّاني مِنْ همِّي تَسْلِيَةً وأَسْلاني أَي كشَفَه عَنِّي. وانْسَلَى عَنِّي الهَمُّ وتَسَلَّى بِمَعْنًى أَي انكشَف. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: مَعْنَى سَلَوْت إِذَا نَسِيَ
ذكْره وذَهِلَ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: سَلِيتُ فُلَانًا أَي أَبْغَضْته وتركْته. وَحَكَى مُحَمَّدُ بْنُ حَيَّانَ قَالَ: حضرْت الأَصمعي ونُصَيْرُ بنُ أَبي نُصَيرٍ يَعْرِض عَلَيْهِ بالرَّيِّ فأَجرى هَذَا الْبَيْتَ فِيمَا عَرَضَ عَلَيْهِ فَقَالَ لنُصَير: مَا السُّلْوَانُ؟ فَقَالَ: يُقَالُ إِنَّهُ خَرَزةٌ تُسْحَق ويُشرَب ماؤُها فيورِث شارِبَه سَلْوةً، فَقَالَ: اسكُتْ لَا يَسخَرْ مِنْكَ هَؤُلَاءِ، إِنَّمَا السُّلْوَانُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ سَلَوْت أَسْلُو سُلْوَاناً، فَقَالَ: لَوْ أَشْرب السُلْوان أَي السُّلُوَّ شُرْباً مَا سَلَوْتُ. وَيُقَالُ: أَسْلاني عَنْكَ كَذَا وَكَذَا وسَلَّانِي. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ مَا سَلِيتُ أَن أَقولَ ذَلِكَ أَي لَمْ أَنْسَ وَلَكِنْ ترَكْتهُ عَمْداً، وَلَا يُقَالُ سَلِيتُ أَن أَقوله إلَّا فِي مَعْنَى مَا سَلِيت أَن أَقوله. ابْنُ الأَعرابي: السُّلْوَانَة خَرزَةٌ للبُغْضِ بَعْدَ المَحبَّة. ابْنُ سِيدَهْ: والسَّلْوَة والسُّلْوَانة، بِالضَّمِّ، كِلَاهُمَا خَرَزة شَفَّافَة إِذَا دَفَنْتها فِي الرَّمْلِ ثُمَّ بَحَثْت عَنْهَا رأَيْتها سَوْدَاءَ يُسْقاها الإِنسانُ فتُسْلِيه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السُّلْوَانَةُ والسُّلْوَانُ خَرَزة شفَّافة إِذَا دفَنْتها فِي الرَّمْلِ ثُمَّ بَحَثْت عَنْهَا تُؤَخِّذُ بِهَا النِّساءُ الرجالَ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو السَّعْدي: السُّلْوَانة خَرَزة تُسْحَق ويُشْرَبُ ماؤُها فيَسْلُو شارِبُ ذَلِكَ الماءِ عَنْ حُبِّ مَنِ ابْتُلِيَ بحُبِّه. والسُّلْوَانُ: مَا يُشْرَبُ فيُسَلِّي. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السُّلْوَانُ والسُّلْوَانَةُ شيءٌ يُسْقاهُ العاشِقُ ليَسْلُوَ عَنِ المرأَة. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ أَن يُؤْخَذَ مِنْ ترابِ قَبرِ مَيِّتٍ فيُذَرَّ عَلَى الْمَاءِ فيُسْقاهُ العاشِقُ ليَسْلوَ عَنِ المرأَة فيَموتَ حُبُّه؛ وأَنشد:
يَا لَيتَ أَنَّ لِقَلْبي مَنْ يُعَلِّلُه،
…
أَو ساقِياً فسَقاني عنكِ سُلْوَانا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: السُّلْوانة بِالْهَاءِ حصاةٌ يُسْقَى عَلَيْهَا العاشِقُ الماءَ فيَسْلُو؛ وأَنشد:
شَرِبْتُ عَلَى سُلْوَانةٍ ماءَ مُزْنَةٍ،
…
فَلَا وَجَدِيدِ العَيْشِ، يَا مَيُّ، مَا أَسْلُو
الْجَوْهَرِيُّ: السُّلْوَانَة، بِالضَّمِّ، خَرَزَةٌ كَانُوا يَقُولُونَ إِذَا صُبَّ عَلَيْهَا ماءُ المطَرِ فشَرِبه العاشِقُ سَلا، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَاءِ السُّلْوَانُ. قَالَ الأَصمعي: يَقُولُ الرجلُ لِصَاحِبِهِ سَقَيْتَنِي سَلْوَةً وسُلْواناً أَيْ طَيَّبْتَ نَفْسِي عَنْكَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
جعَلْتُ لعَرّافِ اليَمامةِ حُكْمَهُ،
…
وعَرّافِ نجْدٍ إنْ هُما شَفَياني
فَمَا ترَكا مِنْ رُقْيَةٍ يَعْلَمانِها
…
وَلَا سَلْوَةٍ إِلَّا بِهَا سَقَياني
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: السُّلْوَان دواءٌ يُسْقاهُ الحزِينُ فيَسْلو والأَطِبَّاءُ يُسَمُّونه المُفَرِّحَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى
؛ السَّلْوَى: طائِرٌ، وَقِيلَ: طائرٌ أَبيضُ مثلُ السُّمانَى، واحدتُه سَلْوَاةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَمَا انْتَفَضَ السَّلْوَاةُ مِنْ بَلَلِ القَطْرِ
قَالَ الأَخفش: لَمْ أَسمعْ لَهُ بواحدٍ؛ قَالَ: وَهُوَ شَبيه أَن يكونَ واحِدهُ سَلْوى مِثْلَ جَماعتهِ، كَمَا قَالُوا دِفْلَى للواحِدِ والجماعةِ. وَفِي التَّهْذِيبِ: السَّلْوَى طائرٌ، وَهُوَ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ الْعَسَلُ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ المَنُّ التَّرَنْجَبِينُ والسَّلْوى السُّمَانَى، قَالَ: والسَّلْوَى عِنْدَ الْعَرَبِ العَسل؛ وأَنشد:
لوْ أُطْعِمُوا المَنَّ والسَّلْوى مَكانَهمُ،
…
مَا أَبْصَرَ الناسُ طُعْماً فيهِمُ نَجَعا
وَيُقَالُ: هُوَ فِي سَلْوَة مِنَ العَيْش أَي فِي رَخاءٍ وغَفْلة؛ قَالَ الرَّاعِي:
أَخْو سَلْوَة مَسَّى بِهِ الليلُ أَمْلَحُ
ابْنُ السِّكِّيتِ: السُّلْوة والسَّلْوة رَخاءُ الْعَيْشِ. ابْنُ سِيدَهْ: والسَّلْوى العَسل؛ قَالَ خَالِدُ بْنُ زُهَيْرٍ:
وقاسَمَها باللهِ جَهْداً لأَنْتُمُ
…
أَلَذُّ مِنَ السَّلْوى، إِذَا مَا نَشُورُها
أَي نأْخُذُها مِنْ خَلِيَّتِها، يَعْنِي العسلَ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَخْطأَ خَالِدٌ إِنَّمَا السَّلْوَى طائرٌ. قَالَ الْفَارِسِيُّ: السَّلوى كُلُّ مَا سَلّاكَ، وَقِيلَ لِلْعَسَلِ سَلْوَى لأَنه يُسْلِيك بحلاوتهِ وتأَتِّيه عَنْ غَيْرِهِ مما تَلْحَقُك فيه مَؤُونَة الطَّبْخ وغيرهِ مِنْ أَنواع الصِّناعة، يَرُدُّ بِذَلِكَ عَلَى أَبي إِسْحَاقَ. وبنُو مُسْلِيَة: حيٌّ مِنْ بَلْحرِثِ بْنِ كَعْبٍ بَطْنٌ. والسُّلِيُّ والسُّلَيُّ: وَادٍ؛ قَالَ الأَعشى:
وكأَنما تَبِعَ الصِّوارَ بشَخْصِها
…
عَجْزاءُ، تَرْزُقُ بالسُّلِيِّ عِيالَها
وَيُرْوَى: بالسُّلَيِّ، وَكِتَابُهُ بالأَلف «2». والسَّلَى: الْجِلْدَةُ الرَّقِيقَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الوَلد، يَكُونُ ذَلِكَ لِلنَّاسِ وَالْخَيْلِ والإِبلِ، وَالْجَمْعُ أَسْلاءٌ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: السَّلَى لِفافَةُ الوَلد مِنَ الدَّوابِّ والإِبل، وَهُوَ مِنَ النَّاسِ المَشِيمةُ. وسَلَيْتُ النَّاقَةَ أَي أَخذْت سَلاها. ابْنُ السِّكِّيتِ: السَّلَى سَلى الشاةِ، يُكْتبُ بِالْيَاءِ، وَإِذَا وصَفْت قُلْتَ شاةٌ سَلْيَاء. وسَلِيَتِ الشاةُ: تدَلَّى ذَلِكَ مِنْهَا، وَهِيَ إِنْ نُزِعتْ عَنْ وجهِ الفصِيل ساعةَ يُولَد، وَإِلَّا قتَلتْه، وَكَذَلِكَ إذا انقَطَع السَّلى فِي البَطْنِ، فَإِذَا خرجَ السَّلى سَلِمت النَّاقَةُ وسَلِمَ الوَلد، وَإِنِ انْقطعَ فِي بطنِها هَلَكتْ وهَلَك الوَلد. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن المُشْرِكين جاؤُوا بسَلَى جَزُورٍ قطَرَحُوه عَلَى النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يُصلِّي
؛ قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: السَّلَى الجِلدُ الرقيقُ الَّذِي يَخرُجُ فِيهِ الوَلد مِنْ بطْنِ أُمِّه مَلْفوفاً فِيهِ، وَقِيلَ: هُوَ فِي الْمَاشِيَةِ السَّلَى، وَفِي الناسِ المَشِيمة، والأَوَّل أَشْبَه لأَنّ المَشِيمة تخرُج بَعْدَ الوَلد وَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ فِيهَا حِينَ يَخْرُجُ. وَفِي المَثل: وقَع القومُ فِي سَلَى جَمَلٍ، وَوَقَعَ فِي سَلَى جَمَلٍ أَي فِي أَمرٍ لَا مَخْرَج لَهُ لأَن الجَمل لَا سَلى لَهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ للناقةِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ: أَعَزُّ مِنَ الأَبْلَقِ العَقوقِ، وبَيْضِ الأَنُوق؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لجَحْل بْنِ نَضْلَةَ:«3» .
لمَّا رأَتْ ماءَ السَّلَى مَشْروُبَها،
…
والفَرْثَ يُعْصَرُ فِي الإِناءِ، أَرَنَّتِ
قَالَ: وَمِثْلُ هَذَا الشِّعْرِ فِي الْعَرُوضِ قَوْلُ ابْنِ الخَرِعِ:
يَا قُرَّةَ بنَ هُبَيْرةَ بْنِ قُشَيِّرٍ،
…
يَا سَيِّدَ السَّلَماتِ، إنكَ تَظْلمُ
وسَلِيَتِ الشاةُ سَلىً، فَهِيَ سَلْيَاءُ: انقطعَ سَلاها. وسَلاها سَلْياً: نزَعَ سَلاها. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: سَلَيْت النَّاقَةَ مَدَدْتُ سَلاها بَعْدَ الرَّحم. وفي التهذيب: سَلَيْت الناقة أَخذْت سَلاها وأَخْرَجْته. الْجَوْهَرِيُّ: وسَلَّيْت النَّاقَةَ أُسَلِّيها تَسْلِية إِذَا نزَعْت سَلاها فَهِيَ سَلْيَاءُ؛ وَقَوْلُهُ:
الآكِل الأَسْلاءِ، لَا
…
يَحْفِلُ ضَوْءَ القَمَرِ
لَيْسَ بالسَّلَى الَّذِي تَقَدَّمَ ذكرهُ وَإِنَّمَا كَنَى بِهِ عَنِ الأَفعال الْخَسِيسَةِ لخِسَّة السَّلَى، وَقَوْلُهُ: لَا يَحْفِلُ ضَوءَ القمرِ أَي لَا يُبالي الشُّهَرَ لأَن الْقَمَرَ يَفْضَح المُكْتَتَم. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: لَا يَدْخُلَنّ رجلٌ عَلَى مُغِيبَةٍ يقولُ مَا سَلَيْتُمُ العامَ وَمَا نَتَجْتُمُ الْعَامَ
أَي مَا أَخَذْتُم منْ سَلَى ماشِيَتِكم
(2). قوله [وكتابه بالأَلف] هكذا في الأَصل
(3)
. قوله [ابن نضلة] هكذا في الأَصل، وفي القاموس: وجحل بن حنظلة شاعر
وَمَا وُلِدَ لَكُمْ؟ وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ أَصله مَا سَلأْتُمْ، بِالْهَمْزِ، مِنَ السِّلاءِ وَهُوَ السَّمْنُ، فَتُرِكَ الْهَمْزُ فَصَارَتْ أَلِفاً ثُمَّ قُلبت الأَلفُ يَاءً. وَيُقَالُ للأَمْرِ إِذَا فاتَ: قدِ انْقَطَعَ السَّلَى؛ يُضْرب مَثَلًا للأَمْر يَفُوتُ وينقطِع. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ انْقَطَعَ السَّلَى فِي الْبَطْنِ إِذَا ذَهَبَت الْحِيلَةُ، كَمَا يُقَالُ: بَلَغَ السِّكِّينُ العظمَ. وَيُقَالُ: هُوَ فِي سَلْوَةٍ مِنَ الْعَيْشِ أَي فِي رَغَد؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَمْرٍو: وَتَكُونُ لَكُمْ سَلْوَةٌ مِنَ الْعَيْشِ
أَي نَعْمة وَرَفَاهِيَةٌ ورَغَد يُسَلّيكم عَنِ الهَمِّ. والسُّلَيُّ: وادٍ بِالْقُرْبِ مِنَ النِّباجِ فِيهِ طَلْحٌ لِبَنِي عَبْسٍ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ فِي بَابِ الْمَرَاثِي مِنَ الْحَمَاسَةِ:
لعَمْرُك مَا خَشِيتُ عَلَى أُبَيٍّ
…
مَصارِعَ بَيْنَ قَوٍّ فالسُّلَيِ
وَلَكِنِّي خَشِيتُ عَلَى أُبَيٍّ
…
جَرِيرَةَ رُمْحِه فِي كلِّ حيِ
سما: السُّمُوُّ: الارْتِفاعُ والعُلُوُّ، تقول منه: سَمَوْتُ وسَمَيْتُ مِثْلَ عَلَوْت وعَلَيْت وسَلَوْت وسَلَيْت؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. وسَمَا الشيءُ يَسْمُو سُمُوّاً، فَهُوَ سامٍ: ارْتَفَع. وسَمَا بِهِ وأَسْماهُ: أَعلاهُ. وَيُقَالُ للحَسيب وَلِلشَّرِيفِ: قَدْ سَما. وَإِذَا رَفَعْتَ بَصَرك إِلَى الشَّيْءِ قُلْتَ: سَما إِلَيْهِ بَصَرِي، وَإِذَا رُفِعَ لَكَ شيءٌ مِنْ بعيدٍ فاسْتَبَنْتَه قُلْتُ: سَما لِي شيءٌ. وسَما لِي شخصُ فُلَانٍ: ارْتَفَع حَتَّى اسْتَثْبَتّه. وسَمَا بصرُه: عَلَا. وَتَقُولُ: رَدَدْت مِنْ سَامِي طَرْفه إِذَا قَصَّرْتَ إِلَيْهِ نفسَه وأَزَلْت نَخْوته. وَيُقَالُ: ذَهَبَ صيتُه فِي النَّاسِ وسُمَاهُ أَيْ صَوْتُهُ فِي الْخَيْرِ لَا فِي الشَّرِّ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
إِلَى جِذْمِ مالٍ قَدْ نَهَكْنا سَوامَه،
…
وأَخْلاقُنا فِيهِ سَوامٍ طَوامِحُ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: سَوامٍ تَسْمُو إِلَى كَرائِمِها فتَنْحَرُها للأَضيْاف. وساماهُ: عَالَاهُ. وَفُلَانٌ لَا يُسامَى وَقَدْ عَلَا مَنْ ساماهُ. وتَسامَوْا أَي تَبارَوْا. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ مَعْبَدٍ: وَإِنْ صَمَتَ سَما وعلاهُ البَهاءُ
أَي ارْتَفَع وَعَلَا عَلَى جُلَسائه. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ زِمْلٍ: رَجُل طُوال إِذَا تَكَلَّمَ يَسْمُو
أَي يَعْلُو برأْسِه وَيَدَيْهِ إِذَا تكلمَ. وَفُلَانٌ يَسْمُو إِلَى المَعالِي إِذَا تَطاوَلَ إليها. وفي حديث
عَائِشَةَ الَّذِي رُوِيَ فِي أَهلِ الإِفْكِ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي نِساءِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، امرأَةٌ تُسَامِيها غيرُ زَيْنَبَ فَعَصَمها اللَّهُ تَعَالَى
، وَمَعْنَى تُسَامِيها أَي تُبارِيها وتُفاخِرُها. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: المُسَامَاةُ المُفاخَرَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
قَالَتْ زينبُ يَا رسولَ اللَّهِ أَحْمِي سَمْعي وبَصَري وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسامِينِي مِنْهُنَّ
أَي تُعاليني وتفاخِرُني، وَهِيَ مُفاعَلة مِنَ السُّمُوّ أَي تُطاوِلُنِي فِي الحُظْوة عِنْدَهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَهلِ أُحُدٍ: أَنهم خرَجُوا بسيُوفِهم يَتَسَامَوْنَ كأَنهمُ الفُحول
أي يَتبارَوْنَ ويَتفاخَرُون، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ يَتداعَوْن بأَسمائهم؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
باتَ ابنُ أَدْماءَ يُساوِي الأَنْدَرا،
…
سامَى طَعامَ الحَيِّ حينَ نَوَّرا
فَسَّرَهُ فَقَالَ: سامَى ارتَفع وصَعِد؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه أَراد كلَّما سَما الزرعُ بِالنَّبَاتِ سَمَا هُوَ إِلَيْهِ حَتَّى أَدرَك فحَصده وسرَقه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
فارْفَعْ يَدَيْك ثُم سامِ الحَنْجَرا
فَسَّرَهُ فَقَالَ: سامِ الحَنْجَر ارْفَعْ يدَيْك إِلَى حَلْقهِ. وسماءُ كلِّ شَيْءٍ: أَعلاهُ، مذكَّر. والسَّماءُ: سقفُ
كلِّ شَيْءٍ وكلِّ بيتٍ. والسمواتُ السبعُ سمَاءٌ، والسمواتُ السبْع: أَطباقُ الأَرَضِينَ، وتُجْمَع سَماءً وسَمَواتٍ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: السَّمَاءُ فِي اللُّغَةِ يُقَالُ لِكُلِّ مَا ارتَفع وعَلا قَدْ سَما يَسْمُو. وكلُّ سقفٍ فَهُوَ سَماءٌ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِلسَّحَابِ السماءُ لأَنها عاليةٌ، والسَّمَاءُ: كلُّ ما عَلاكَ فأَظَلَّكَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لسَقْفِ الْبَيْتِ سَمَاءٌ. والسَّمَاءُ الَّتِي تُظِلُّ الأَرضَ أُنثى عِنْدَ الْعَرَبِ لأَنها جمعُ سَماءةٍ، وَسَبَقَ الجمعُ الوُحْدانَ فِيهَا. والسماءةُ: أَصلُها سَماوةٌ، وَإِذَا ذُكِّرَت السماءُ عَنَوْا بِهِ السقفَ. وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ
؛ وَلَمْ يَقُلْ مُنْفَطِرة. الْجَوْهَرِيُّ: السماءُ تذكَّر وتؤنَّث أَيضاً؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي التَّذْكِيرِ:
فلَوْ رفَعَ السَّمَاءُ إِلَيْهِ قَوْماً،
…
لَحِقْنا بالسَّمَاءِ مَعَ السَّحابِ
وَقَالَ آخَرُ:
وقالَتْ سَماءُ البَيْتِ فَوْقَك مُخْلقٌ،
…
ولَمَّا تَيَسَّرَ اجْتِلاءُ الرَّكائب «1»
. وَالْجَمْعُ أَسْمِيَةٌ وسُمِيٌّ وسَموَاتٌ وسَمَاءٌ؛ وقولُ أُمَيَّةَ بنِ أَبي الصَّلْتِ:
لَهُ مَا رأَتْ عَيْنُ البَصِير، وفَوْقَه
…
سَماءُ الإِلَهِ فَوْقَ سَبْعِ سَمائِيا «2»
. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَمعَه عَلَى فَعائل كَمَا تُجْمَعُ سَحابة عَلَى سَحَائِبَ، ثُمَّ ردَّه إِلَى الأَصل وَلَمْ يُنَوِّنْ كَمَا يُنَوَّنُ جوارٍ، ثُمَّ نصَبَ الْيَاءَ الأَخيرةَ لأَنه جَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ الَّذِي لَا يَنْصَرف كَمَا تَقُولُ مَرَرْتُ بصحائفَ، وَقَدْ بَسَطَ ابْنُ سِيدَهِ القولَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ: قَالَ أَبو عَلِيٍّ جَاءَ هَذَا خَارِجًا عَنِ الأَصل الَّذِي عَلَيْهِ الِاسْتِعْمَالُ مِنْ ثَلَاثَةُ أَوجه: أَحدها أَن يَكُونَ جمَعَ سَمَاءً عَلَى فَعَائِلَ، حَيْثُ كَانَ وَاحِدًا مؤَنَّثاً فكأَنَّ الشاعرَ شَبَّهه بشِمالٍ وشَمائل وعَجُوز وعَجائز وَنَحْوَ هَذِهِ الآحادِ المؤنَّثة الَّتِي كُسّرت عَلَى فَعائل، حَيْثُ كَانَ وَاحِدًا مُؤَنَّثًا، والجمعُ المستعملُ فِيهِ فُعولٌ دُونَ فَعائل كَمَا قَالُوا عَناقٌ وعُنوقٌ، فجمْعُه عَلَى فُعول إِذَا كَانَ عَلَى مِثالِ عَناقٍ فِي التأْنيثِ هُوَ الْمُسْتَعْمَلُ، فَجَاءَ بِهِ هَذَا الشَّاعِرُ فِي سَمَائِيَا عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَالْآخَرُ أَنه قَالَ سَمائي، وَكَانَ الْقِيَاسُ الَّذِي غَلَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِعْمَالُ سَمايا فَجَاءَ بِهِ هَذَا الشَّاعِرُ لَمَّا اضطرَّ عَلَى الْقِيَاسِ الْمَتْرُوكِ، فَقَالَ سَمائي عَلَى وَزْنِ سَحائبَ، فوقعَت فِي الطرَف ياءٌ مكسورٌ مَا قَبْلَهَا فَلَزِمَ أَن تُقلَب أَلفاً إذ قُلِبَت فِيمَا لَيْسَ فِيهِ حرفُ اعتِلالٍ فِي هَذَا الْجَمْعِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ مَداري وَحُرُوفُ الِاعْتِلَالِ فِي سَمائي أَكثر مِنْهَا فِي مَداري، فَإِذَا قُلِبت فِي مَداري وَجَبَ أَن تَلْزَمَ هَذَا الضرب فيقال سماءَا «3» .... الْهَمْزَةُ بَيْنَ أَلفين وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنَ الأَلف، فَتَجْتَمِعُ حُرُوفٌ مُتَشَابِهَةٌ يُسْتَثقَلُ اجتماعُهُنَّ كَمَا كُره اجتماعُ الْمِثْلَيْنِ والمُتقاربَي المَخارج فأُدْغِما، فأُبدِل مِنَ الْهَمْزَةِ ياءٌ فَصَارَ سَمايا، وَهَذَا الإِبدال إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْهَمْزَةِ إِذَا كَانَتِ معترِضَة فِي الْجَمْعِ مِثْلَ جَمْعِ سَماءٍ ومَطِيَّةٍ ورَكِيَّةٍ، فَكَانَ جَمْعَ سَماءٍ إِذَا جُمع مكسَّراً عَلَى فَعَائِلَ أَن يَكُونَ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ نَحْوِ مَطايا ورَكايا، لَكِنَّ هَذَا الْقَائِلَ جَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لامُهُ صَحِيحٌ، وَثَبَتَتْ قبلَه فِي الْجَمْعِ الْهَمْزَةُ فَقَالَ سَماءٍ كَمَا قَالَ جوارٍ، فَهَذَا وجهٌ آخرُ مِنَ الإِخراج عَنِ الأَصل المستعمَل والردِّ إِلَى القِياس المَتروكِ الاستعمالِ، ثُمَّ حرَّك الياءَ بِالْفَتْحِ فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ كَمَا تُحَرَّكُ مِنْ جَوارٍ ومَوالٍ فَصَارَ مِثْلَ مَواليَ؛ وَقَوْلُهُ:
(1). عجز البيت مختلّ الوزن
(2)
. قوله [سبع سمائيا] قال الصاغاني، الرواية: فوق ست سمائيا والسابعة هي التي فوق الست
(3)
. بياض بأصله
أَبِيتُ عَلَى مَعاريَ واضِحاتٍ
فَهَذَا أَيضاً وَجْهٌ ثَالِثٌ مِنَ الإِخراج عَنِ الأَصل الْمُسْتَعْمَلِ، وَإِنَّمَا لَمْ يأْتِ بِالْجَمْعِ فِي وَجْهِهِ، أَعني أَن يقولَ فَوْقَ سَبْعِ سَمايا لأَنه كَانَ يَصِيرُ إِلَى الضَّرْبِ الثَّالِثِ مِنَ الطَّوِيلِ، وَإِنَّمَا مَبْنى هَذَا الشِّعرِ عَلَى الضَّرْبِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ مَفاعِلن، لَا عَلَى الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ فَعُولُنْ. وَقَوْلُهُ عز وجل: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ*
؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: لفظُه لفظُ الْوَاحِدُ ومعناهُ مَعنى الْجَمْعِ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ
، فَيَجِبُ أَن تَكُونَ السَّماءُ جَمْعًا كَالسَّمَوَاتِ كأَن الواحدَ سَماءَةٌ وسَماوَة، وَزَعَمَ الأَخفش أَن السماءَ جائزٌ أَن يَكُونَ وَاحِدًا كَمَا تقولُ كثُر الدينارُ وَالدِّرْهَمُ بأَيْدي النَّاسِ. وَالسَّمَاءُ: السَّحابُ. والسماءُ: المطرُ، مذكَّر. يُقَالُ: مَا زِلنا نَطأُ السماءَ حَتَّى أَتَيْناكُم أَي الْمَطَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤنِّثُه وَإِنْ كَانَ بمَعنى الْمَطَرِ كَمَا تذكَّر السماءُ وَإِنْ كَانَتْ مؤَنَّثة، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ
؛ قَالَ مُعَوِّدُ الحُكماءِ معاويةُ بنُ مالِكٍ:
إِذَا سَقَط السماءُ بأَرضِ قوْمٍ
…
رعَيْناه، وَإِنْ كَانُوا غِضابا «1»
. وسُمِّيَ مُعَوِّدَ الحُكَماء لِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:
أُعَوِّدُ مِثْلَها الحُكَماءَ بعْدي،
…
إِذَا مَا الحقُّ فِي الحدَثانِ نَابَا
وَيُجْمَعُ عَلَى أَسْمِيَة، وسُمِيّ عَلَى فُعُولٍ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
تَلُفُّه الأَرْواحُ والسُّمِيُّ
…
فِي دِفْءِ أَرْطاةٍ، لَهَا حَنيُ
وَهَذَا الرَّجَزُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ:
تلُفُّه الرِّياحُ والسُّمِيُ
وَالصَّوَابُ مَا أَوردناه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للطرمَّاح:
ومَحاهُ تَهْطالُ أَسمِيَةٍ،
…
كلَّ يومٍ وليلةٍ تَرِدُهْ
ويُسَمَّى العشبُ أَيضاً سَماءً لأَنه يَكُونُ عَنِ السَّمَاء الَّذِي هُوَ الْمَطَرُ، كَمَا سَمَّوا النَّبَاتَ نَدًى لأَنه يَكُونُ عَنِ النَّدى الَّذِي هُوَ الْمَطَرُ، ويسمَّى الشحمُ نَدًى لأَنه يَكُونُ عَنِ النَّبَاتِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَمَّا رأَى أَن السماءَ سَماؤُهم،
…
أَتى خُطَّةً كَانَ الخُضُوع نَكيرها
أَي رأَى أَن العُشبَ عُشبُهم فَخَضَعَ لَهُمْ لِيَرْعَى إبِلَه فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
صَلَّى بِنَا إثْرَ سَماءٍ مِنَ اللَّيْلِ
أَي إثْر مطرٍ، وسُمِّيَ الْمَطَرُ سَماءً لأَنه يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَالُوا: هاجَتْ بِهِمْ سَماء جَوْد، فأَنَّثوه لتعَلُّقِه بِالسَّمَاءِ الَّتِي تُظِلُّ الأَرض. والسَّمَاءُ أَيضاً: المطَرة الْجَدِيدَةُ «2» . يُقَالُ: أَصابتهم سَماءٌ وسُمِيٌّ كثيرةٌ وثلاثُ سُمِيّ، وَقَالَ: الْجَمْعُ الكثيرُ سُمِيٌّ. والسماءُ: ظَهْرُ الفَرس لعُلُوِّه؛ وَقَالَ طُفَيْل الغَنَوي:
وأَحْمَر كالدِّيباجِ، أَما سَماؤُه
…
فرَيَّا، وأَما أَرْضُه فمُحُول
وسَمَاءُ النَّعْلِ: أَعلاها الَّتِي تَقَعُ عَلَيْهَا الْقَدَمُ. وسَمَاوَةُ البيتِ: سَقْفُه؛ وَقَالَ عَلْقَمَةُ:
سَمَاوَتُه مِنْ أَتْحَمِيٍّ مُعَصَّب
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشَادِهِ بِكَمَالِهِ:
سَمَاوتُه أَسمالُ بُرْدٍ مُحَبَّرٍ،
…
وصَهْوَتُه مِنْ أَتْحَمِيٍّ مُعَصَّب
قَالَ: وَالْبَيْتُ لِطُفَيْلٍ. وسَمَاءُ الْبَيْتِ: رُواقُه، وَهِيَ
(1). وفي رواية: إذا نَزَلَ السماءُ .. إلخ
(2)
. قوله [الجديدة] هكذا في الأصل، وفي القاموس: الجيدة
الشُّقة الَّتِي دونَ العُليا، أُنثى وَقَدْ تذكَّر. وسَماوَتُه: كسمائِه. وسَماوةُ كلِّ شيءٍ: شخْصُه وطلْعتُه، وَالْجَمْعُ مِنْ كلِّ ذَلِكَ سَماءٌ وسَماوٌ، وَحَكَى الأَخيرة الكسائيُّ غيرَ مُعْتَلَّة؛ وأَنشد ذُو الرُّمَّةِ:
وأَقسَمَ سَيَّارٌ مَعَ الرَّكْبِ لَمْ يَدَعْ
…
تَراوُحُ حافاتِ السَّمَاوِ لَهُ صَدْرا
هَكَذَا أَنشده بِتَصْحِيحِ الْوَاوِ. واسْتَمَاهُ: نَظَرَ إِلَى سَماوَتِه. وسَماوَةُ الهِلالِ: شَخْصه إِذَا ارْتَفَع عَنِ الأُفُق شَيْئًا؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ:
ناجٍ طَواهُ الأَيْنُ هَمّاً وجَفا
…
طَيَّ اللَّيَالِي زُلَفاً فزُلَفا،
سَماوةَ الهلالِ حَتَّى احقَوْقَفا
والصائدُ يَسْمُو الوحشَ ويَسْتَمِيها: يَتَعَيَّن شخوصَها ويطلُبُها. والسُّمَاةُ: الصَّيادُونَ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ مِثْلَ الرُّماةِ، وَقِيلَ: صَيَّادُو النهارِ خاصَّة؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
وجَدَّاء لَا يُرْجى بِهَا ذُو قرابةٍ
…
لعَطْفٍ، وَلَا يَخْشى السُّماةَ رَبيبُها
والسُّماةُ: جمعُ سامٍ. والسَّامي: هُوَ الَّذِي يلبَسُ جَوْرَبَيْ شعَرٍ ويعدُو خلْف الصيدِ نِصْفَ النهارِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَتَتْ سِدْرَةً منْ سِدْرِ حِرْمِلَ فابْتَنَتْ
…
بِه بَيْتَها، فَلا تُحَاذِرُ سامِيَا «1»
. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والسُّماةُ الصَّيَّادُون المُتَجَوْرِبُونَ، واحِدُهُم سَامٍ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
ولَيسَ بهَا ريحٌ ولكِنْ ودِيقَةٌ،
…
قليلٌ بهَا السَّامِي يُهِلُّ ويَنْقع «2»
. والاسْتِمَاءُ أَيضاً: أَن يَتَجَوْرَبَ الصائِدُ لصَيْدِ الظِّباء، وَذَلِكَ فِي الحَرّ. واسْتَمَاهُ: اسْتَعارَ مِنْهُ جَوْرَباً لِذَلِكَ. واسْمُ الجَوْرَبِ: المِسْماةُ، وَهُوَ يَلْبَسُه الصيَّادُ لِيَقِيَهُ حرَّ الرَّمْضاءِ إِذَا أَراد أَن يَتَرَبَّصَ الظباءَ نصفَ النَّهَارِ. وَقَدْ سَمَوْا واسْتَمَوْا إِذَا خَرَجُوا للصَّيْدِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: اسْتَمَانَا أَصادنَا. اسْتَمَى: تَصَيَّد؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
عَوَى ثمَّ نَادَى هَلْ أَحَصْتُمْ قِلاصَنَا،
…
وُسِمْنَ عَلَى الأَفْخاذِ بالأَمْسِ أَرْبَعَا
غُلامٌ أَضَلَّتْه النُّبُوحُ، فَلَمْ يَجِدْ
…
لَهُ بَيْنَ خَبْتٍ والهَباءَةِ أَجْمَعَا
أُناساً سِوانا، فاسْتَمَانَا فَلَا تَرَى
…
أَخا دَلَجٍ أَهْدَى بلَيْلٍ وأَسْمَعا
أَي يطْلُب الصيَّادُ الظِّبَاءَ «3» . فِي غيرانِهنَّ عندَ مَطْلَعِ سُهَيْلٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، يَعْنِي بالغِيرانِ الكُنُسَ. وَإِذَا خَرَجَ القومُ للصيدِ فِي قِفارِ الأَرضِ وصَحارِيها قُلْتُ: سَمَوْا وهُم السُّماةُ أَي الصَّيادون. أَبو عبيد: خَرَجَ فلانٌ يَسْتَمِي الوَحْشَ أَي يَطْلُبها. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وغلَّط ثَعْلَبٌ مَنْ يَقُولُ خَرَجَ فلانٌ يَسْتَمي إِذَا خَرَجَ لِلصَّيْدِ، قَالَ: وَإِنَّمَا يَسْتَمِي مِنَ المِسْمَاةِ، وَهُوَ الجَوْرَب مِنَ الصُّوف يَلْبَسُه الصَّائِدُ ويخرُج إِلَى الظِّبَاءِ نصْفَ النَّهار فتخرُج مِنْ أَكْنِسَتِهَا ويَلُدُّها حَتَّى تَقِفَ فيأْخذَها. والقُرُومُ السَّوَامِي: الفُحول الرافعة رؤُوسها. وسَمَا الْفَحْلُ سَماوةً: تَطاولَ عَلَى شُوَّلِهِ وسطَا، وسَماوَتُه شَخصه؛ وأَنشد:
(1). قوله [حرمل] هو هكذا بهذا الضبط في الأَصل، ولعله حومل أو جومل
(2)
. قوله [قليل إلخ] تقدم في مادة هلل بلفظ يظل
(3)
. قوله [أَيْ يَطْلُبُ الصَّيَّادُ الظِّبَاءَ إلخ] هكذا في الأَصل بعد الأَبيات ويظهر أنه ليس تفسيراً لاستمانا الذي في البيت. وعبارة القاموس مع شرحه: واسْتَمَى الصياد الظباء إذا طلبها من غيرانها عِنْدَ مَطْلَعِ سُهَيْلٍ: عَنِ ابْنُ الأَعرابي
كأَنَّ عَلَى أَشْباتِهَا، حِينَ آنَسَتْ
…
سَمَاوَتُهُ، قِيًّا مِنَ الطَّيْرِ وُقَّعَا «1»
. وإنَّ أَمامي مَا أُسامِي إِذَا خِفْتَ مِنْ أَمَامِكَ أَمراً مَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّ مَعْنَاهُ لَا أُطِيقُ مُسامَاتَه وَلَا مُطاوَلَته. والسَّماوَةُ: ماءٌ بالبَادِية. وأَسْمَى الرجلُ إِذَا أَتَى السَّماوة أَو أَخذ ناحِيَتَها، وَكَانَتْ أُمُّ النعمانِ سُمِّيَتْ بِهَا فَكَانَ اسْمُها ماءَ السَّمَاوَةِ فسمَّتْها العَرَبُ ماءَ السَّماءِ. وَفِي حَدِيثِ
هاجَرَ: تلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَني ماءِ السَّماء؛ قَالَ: يُرِيدُ العَرَب لأَنَّهُمْ يَعِيشُونَ بماءِ المَطَرِ ويَتْبَعُون مَساقِطَ المَطَرِ.
والسَّماوَةُ: موضِع بالبادِية ناحِيةَ العواصِمِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَانَتْ أُمُّ النُّعْمانِ تُسَمَّى مَاءَ السَّماء. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: ماءُ السَّماءِ أُمُّ بَني مَاءِ السماءِ لَمْ يَكُنِ اسْمُهَا غَيْرَ ذَلِكَ. والبَكْرَةُ مِنَ الإِبل تُسْتَمَى بَعْدَ أَربع عشرةَ لَيْلَةً أَو بَعْدَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ أَي تُخْتَبرُ أَلاقِحٌ هِيَ أَم لَا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وأَنكر ذَلِكَ ثَعْلَبٌ وَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ تُسْتَمْنَى مِنَ المُنْية، وَهِيَ العدَّة الَّتِي تَعْرِفُ بِانْتِهَائِهَا أَلاقح هِيَ أَم لَا. وَاسْمُ الشيءِ وسَمُه وسِمُه وسُمُه وسَماهُ: علامَتُه. التَّهْذِيبِ: والإِسم أَلفُه أَلفُ وصلٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّك إِذَا صَغَّرْت الإِسمَ قُلْتَ سُمَيٌّ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هذا اسمٌ مَوْصُولٌ وَهَذَا أُسْمٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَى قَوْلِنَا اسمٌ هُوَ مُشْتَق مِنَ السُّموِّ وَهُوَ الرِّفْعَة، قَالَ: والأَصل فِيهِ سِمْوٌ مثلُ قِنْوٍ وأَقْناءٍ. الْجَوْهَرِيُّ: والاسمُ مُشْتَقٌّ مِنْ سَموْتُ لأَنه تَنْويهٌ ورِفْعَةٌ، وتقديرُه إفْعٌ، وَالذَّاهِبُ مِنْهُ الْوَاوُ لأَنَّ جمعَه أَسْمَاءٌ وَتَصْغِيرَهُ سُمَيٌّ، واخْتُلف فِي تَقْدِيرِ أَصله فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِعْلٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فُعْلٌ، وأَسْمَاءٌ يكونُ جَمْعاً لِهَذَا الوَزْن، وَهُوَ مثلُ جِذْعٍ وأَجْذاع وقُفْل وأَقْفال، وَهَذَا لَا يُدْرَي صِيغتهُ إلَّا بالسمعِ، وَفِيهِ أَربعُ لُغاتٍ: اسْمٌ واسْمٌ، بالضم، وسِمٌ وسُمٌ؛ ويُنْشَد:
واللهُ أَسْماكَ سُماً مُبارَكَا،
…
آثَرَكَ اللهُ بِهِ إيثارَكا
وَقَالَ آخَرُ:
وعامُنا أَعْجَبَنا مُقَدَّمُهْ،
…
يُدْعَى أَبا السَّمْحِ وقِرْضابٌ سِمُه [سُمُه]،
مُبْتَرِكاً لكلِّ عَظْمٍ يَلْحُمُهْ
سُمُه وسِمُه، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ جَمِيعًا، وأَلِفُه أَلفُ وصْلٍ، وَرُبَّمَا جَعَلَها الشَّاعِرُ أَلِفَ قَطْعٍ لِلضَّرُورَةِ كَقَوْلِ الأَحْوص:
وَمَا أَنا بالمَخْسُوسِ في جِذْمِ مالِكٍ،
…
ولا مَنْ تَسَمَّى ثُمَّ يَلْتَزِمُ الإِسْما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَنشد أَبو زَيْدٍ لِرَجُلٍ مِنْ كَلْب:
أَرْسَلَ فِيهَا بازِلًا يُقَرِّمُهْ،
…
وهْوَ بِهَا يَنْحُو طَريقاً يَعْلَمُهْ،
باسْمِ الَّذِي في كل سُورةٍ سِمُهْ
وَإِذَا نَسَبْت إِلَى الِاسْمِ قُلْتَ سِمَوِيّ وسُمَوِيّ، وإنْ شِئْتَ اسْمِيٌّ، تَرَكْته عَلَى حَالِهِ، وجَمعُ الأَسْماءِ أَسامٍ، وقال أَبو الْعَبَّاسِ: الاسْمُ رَسْمٌ وسِمَة تُوضَعُ عَلَى الشَّيْءِ تُعرف بِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والاسمُ اللفظُ الموضوعُ عَلَى الجوهَرِ أَو العَرَض لتَفْصِل بِهِ بعضَه مِنْ بعضٍ كقولِك مُبْتَدِئاً اسمُ هَذَا كَذَا، وَإِنْ شئتَ قُلْتَ اسْمُ هَذَا كَذَا، وَكَذَلِكَ سِمُه وسُمُه. قَالَ اللحياني: اسْمُه فلان،
(1). قوله [كأن على أشباتها إلخ] هو هكذا في الأَصل
كلامُ الْعَرَبِ. وحُكِيَ عَنْ بَنِي عَمْرو بْنِ تَميمٍ: اسْمه فُلَانٌ، بِالضَّمِّ، وَقَالَ: الضمُّ فِي قُضاعة كثيرٌ، وأَما سِمٌ فَعَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ اسمٌ، بِالْكَسْرِ، فطرحَ الأَلف وأَلقى حَرَكَتها عَلَى السِّينِ أَيضاً؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ عَنْ بَنِي قُضاعة:
باسْمِ الَّذِي فِي كلِّ سورةٍ سُمُهْ
بِالضَّمِّ، وأُنْشِد عَنْ غَيْرِ قُضاعة سِمُهْ، بِالْكَسْرِ. قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: إِنَّمَا جُعِلَ الاسمُ تَنْوِيهاً بالدَّلالةِ عَلَى الْمَعْنَى لأَنَّ الْمَعْنَى تَحْتَ الاسْمِ. التَّهْذِيبُ: وَمَنْ قَالَ إنَّ اسْماً مأْخوذٌ مِنْ وَسَمْت فَهُوَ غَلَطٌ، لأَنه لَوْ كَانَ اسمٌ مِنْ سِمْتُهُ لَكَانَ تصغيرُهُ وسَيْماً مثلَ تَصْغير عِدَةٍ وَصِلَةٍ وَمَا أَشبههما، وَالْجَمْعُ أَسْماءٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ علَّمَ آدمَ أَسْماءَ جميعِ الْمَخْلُوقَاتِ بِجَمِيعِ اللُّغَاتِ العربيةِ وَالْفَارِسِيَّةِ والسُّرْيانِيَّة والعِبْرانيَّة والروميَّة وغيرِ ذَلِكَ مِنْ سائرِ اللُّغَاتِ، فَكَانَ آدمُ، عَلَى نبيِّنا محمدٍ وَعَلَيْهِ أَفضل الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، وولدُه يتكَلَّمون بِهَا، ثُمَّ إنَّ ولدَه تفرَّقوا فِي الدُّنْيَا وعَلِقَ كلٌّ مِنْهُمْ بِلُغَةٍ مِنْ تِلْكَ اللُّغَاتِ، ثُمَّ ضَلَّت عَنْهُ مَا سِواها لبُعْدِ عَهْدِهم بِهَا، وَجَمْعُ الأَسْمَاءِ أَساميُّ وأَسَامٍ؛ قَالَ:
وَلَنَا أَسَامٍ مَا تَلِيقُ بغَيْرِنا،
…
ومَشاهِدٌ تَهْتَلُّ حِينَ تَرانا
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ فِي جمعِ الِاسْمِ أَسْمَاوَاتٌ، وَحَكَى لَهُ الْكِسَائِيُّ عَنْ بعضهم: سأَلتُك ب أَسماواتِ اللَّهِ، وَحَكَى الْفَرَّاءُ: أُعِيذُكَ ب أَسماواتِ اللَّهِ، وأَشْبَه ذَلِكَ أَن تكونَ أَسماواتٌ جَمْعَ أَسماءٍ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ. وَفِي حَدِيثِ
شُريح: أَقتَضِي ما لي مُسَمّىً
أَي بَاسِمِي، وَقَدْ سَمَّيْته فلاناً وأَسْمَيته إِيَّاهُ، وأَسْمَيته وسَمَّيته بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: سَمَّيت فُلَانًا زَيْدًا وسَمَّيْته بزيدٍ بِمَعْنًى، وأَسْمَيته مثلُه فتسَمَّى بِهِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: الأَصل الْبَاءُ لأَنه كَقَوْلِكِ عرَّفْته بِهَذِهِ الْعَلَامَةِ وأَوضحته بِهَا؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ سَمَّيته فُلَانًا وَهُوَ الْكَلَامُ، وَقَالَ: يُقَالُ أَسْمَيته فُلَانًا؛ وأَنشد:
واللهُ أَسْماكَ سُماً مُبارَكا
وَحَكَى ثَعْلَبٌ: سَمَّوْته، لَمْ يَحْكِها غيرُه. وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ الاسمِ: أَهُو المُسَمَّى أَو غيرُ المُسمى؟ فَقَالَ: قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ الاسمُ هُوَ المُسَمَّى، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الِاسْمُ غَيْرُ المُسَمَّى، فَقِيلَ لَهُ: فَمَا قولُك؟ قَالَ: لَيْسَ لِي فِيهِ قَوْلٌ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: السُّمَا، مَقْصُورٌ، سُمَا الرجلِ: بُعْدُ ذهابِ اسْمِه؛ وأَنشد:
فدَعْ عنكَ ذِكْرَ اللَّهْوِ، واعْمِدْ بمِدْحةٍ
…
لِخَيْرِ مَعَدٍّ كُلِّها حيْثُما انْتَمَى
لأْعْظَمِها قَدْراً، وأَكْرَمِها أَباً،
…
وأَحْسَنِها، وجْهاً، وأَعْلَنِها سُمَا
يَعْنِي الصِّيتَ؛ قَالَ وَيُرْوَى:
لأَوْضَحِها وجْهاً، وأَكْرَمِها أَباً،
…
وأَسْمَحِها كَفّاً، وأَبعَدِها سُمَا
قَالَ: والأَول أَصح؛ وَقَالَ آخَرُ:
أَنا الحُبابُ الَّذِي يَكْفي سُمِي نَسَبي،
…
إِذَا القَمِيصُ تَعدَّى وَسْمَه النَّسَبُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمَّا نزَلَتْ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ*
، قَالَ: اجْعَلُوها فِي رُكوعِكم
، قَالَ: الاسمُ هَاهُنَا صلةٌ وزيادةٌ بِدَلِيلِ أَنه كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ سبحانَ رَبيَ الْعَظِيمِ فحُذف الاسمُ، قَالَ: وَعَلَى هَذَا قَوْلُ مَنْ زَعم أَن الاسمَ هُوَ المُسَمَّى، وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ غيرُه لَمْ يَجْعَلْه صِلةً. وسَمِيُّكَ: المُسمَّى باسْمِك، تَقُولُ هُوَ سَمِيُّ فُلَانٍ إِذَا وافَق اسمُه اسمَه كَمَا تَقُولُ هُوَ
كَنِيُّه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا
؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يُسَمَّ قبلَه أَحدٌ بيَحْيى، وَقِيلَ: مَعْنَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا
أَي نَظِيراً ومِثلًا، وَقِيلَ: سُمِّيَ بيَحْيى لأَنه حَيِيَ بالعِلْمِ والحكْمة. وَقَوْلُهُ عز وجل: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا
؛ أَي نَظِيراً يستَحِقُّ مثلَ اسمِه، وَيُقَالُ مُسامِياً يُسامِيه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَيُقَالُ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ مِثْلًا؛ وَجَاءَ أَيضاً: لَمْ يُسَمَّ بالرَّحْمنِ إِلَّا اللهُ، وتأْويلُه، وَاللَّهُ أَعلم، هلْ تعلمُ سَمِيّاً يستَحِق أَن يُقَالَ لَهُ خالِقٌ وقادِرٌ وعالِمٌ لِما كَانَ وَيَكُونُ، فَكَذَلِكَ لَيْسَ إِلَّا مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ، عز وجل؛ قَالَ:
وكمْ مِنْ سَمِيٍّ ليسَ مِثْلَ سَمِيِّهِ
…
مِنَ الدَّهرِ، إِلَّا اعْتادَ عَيْنيَّ واشِلُ
وَقَوْلُهُ، عليه الصلاة والسلام: سَمُّوا وسَمِّتوا ودَنُّوا
أَي كُلَّما أَكَلْتُم بينَ لُقْمَتين فسَمُّوا اللَّهَ، عز وجل. وَقَدْ تَسَمَّى بِهِ، وتَسَمَّى بِبَنِي فُلَانٍ: والاهُمُ النَّسَبَ. وَالسَّمَاءُ: فرَسُ صَخْرٍ أَخي الْخَنْسَاءِ؛ وسُمْيٌ: اسْمُ بَلَدٍ؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:
تَرَكْنا ضُبْعَ سُمْيَ إِذَا اسْتباءَتْ،
…
كأَنَّ عَجِيجَهُنَّ عَجِيجُ نِيبِ
وَيُرْوَى إِذَا اسسات «1» : وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: لَا أَعرفُ فِي الْكَلَامِ س م ي غَيْرَ هَذِهِ، قَالَ: عَلَى أَنه قَدْ يَجُوزُ أَن يكونَ مِنْ سَمَوْت ثُمَّ لَحِقه التَّغْييرُ للعَلَمِية كَحَيْوَةَ. وماسَى فلانٌ فُلَانًا إِذَا سَخِرَ مِنْهُ، وَسَامَاهُ إِذَا فاخَرَه، وَاللَّهُ أَعلم.
سنا: سَنَت النارُ تَسْنُو سَناءً: عَلا ضَوْءُها. والسَّنا، مقصورٌ: ضوءُ النارِ والبرْقِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: السَّنا، مقصورٌ، حَدُّ مُنْتَهى ضوْءِ البرْقِ. وَقَدْ أَسْنَى البرْقُ إِذَا دَخلَ سَناهُ عليكَ بيتَك أَو وقَع عَلَى الأَرض أَو طَارَ فِي السَّحابِ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: سَنا البرْق ضَوْءُه مِنْ غَيْرِ أَن ترَى البرْقَ أَو تَرَى مَخرَجَه فِي موْضِعه، فَإِنَّمَا يَكُونُ السَّنا بِاللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ وَرُبَّمَا كَانَ فِي غَيْرِ سَحابٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ: السَّنَاءُ مِنَ الْمَجْدِ وَالشَّرَفِ، مَمْدُودٌ. والسَّنا: سَنَا البرقِ، وَهُوَ ضوْءُه، يُكْتَبُ بالأَلف وَيُثَنَّى سَنَوَان وَلَمْ يَعرفِ الأَصمعي لَهُ فِعْلًا. والسَّنَا، بِالْقَصْرِ: الضَّوْءُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ
؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ:
أَلم ترَ أَنِّي وابنَ أَسْوَدَ، لَيْلَةً،
…
لَنَسْري إِلَى نارَينِ يَعْلُو سَنَاهُما
وسَنَا البرْقُ: أَضاءَ؛ قَالَ تميمُ بنُ مُقبل:
لِجَوْنِ شَآمِ كُلَّمَا قُلْتُ قَدْ وَنَى
…
سَنَا، والقَواري الخُضْرُ فِي الدَّجْنِ جُنَّحُ
وأَسْنَى النارَ: رَفَعَ سَناها. واسْتَنَاها: نَظَر إِلَى سَناها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومُسْتَنْبَحٍ، يَعْوي الصَّدى لِعُوائِه،
…
تنَوَّرَ نَارِي فاسْتَنَاها وأَوْمَضا
أَوْمَضَ: نظَرَ إِلَى وَمِيضِها. وسَنَا البرْقُ: سطَع. وسَنَا إِلَى مَعالي الأُمُورِ سَناءً: ارْتَفَعَ. وسَنُوَ فِي حَسَبه سَناءً، فَهُوَ سَنِيٌّ: ارْتَفَعَ. وَيُقَالُ: إِنَّ فُلَانًا لسَنِيُّ الحَسَب، وَقَدْ سَنُوَ يَسْنُو سَنَاءً، مَمْدُودٌ. والسَّنَاءُ مِنَ الرِّفْعة، مَمْدُودٌ. والسَّنِيُّ: الرَّفيعُ. وأَسْناهُ أَي رَفَعه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
وهُمْ قومٌ كِرامُ الحَيِّ طُرًّا،
…
لَهُمْ حَوْلٌ إِذَا ذُكِرَ السَّنَاءُ
وَفِي الْحَدِيثِ:
بَشِّرْ أُمَّتي بالسَّناء
أَي بِارْتِفَاعِ الْمَنْزِلَةِ وَالْقَدْرِ عِنْدَ اللَّهِ. وَقَدْ سَنِيَ يَسْنَى سَناءً أَي ارتفَع،
(1). قوله [اسسات] هي هكذا بهذه الصورة في الأصل
وأَما قِرَاءَةُ
مَنْ قرأَ: يكادُ سَناءُ بَرْقِه
، مَمْدُودٌ، فَلَيْسَ السَّناءُ مَمْدُودًا لُغَةً فِي السَّنا الْمَقْصُورِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا عَنَى بِهِ ارتفاعَ الْبَرْقِ ولُمُوعَه صُعُداً كَمَا قَالُوا بَرْق رافِع. وسَنَّاه أَي فتَحه وسَهَّله؛ وَقَالَ:
وأَعْلَم عِلْماً، لَيْسَ بِالظَّنِّ، أَنه
…
إِذَا اللهُ سَنَّى عَقْدَ شيءٍ تيَسَّرا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا البيت أَنشده أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ فِي أَماليه:
فَلَا تَيْأَسا واسْتَغْوِرَا اللهَ، إِنَّهُ
…
إِذَا اللهُ سَنَّى عَقْدَ شيءٍ تيَسَّرا
مَعْنَى قَوْلِهِ: استَغْوِرَا اللهَ اطْلُبَا مِنْهُ الغِيرةَ، وَهِيَ المِيرةُ؛ وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ أَنه أَنشد:
إِذَا اللهُ سَنَّى عَقْدَ شيءٍ تيَسَّرا
يُقَالُ: سَنَّيْتُ الشيءَ إِذَا فَتَحْتَهُ وسهَّلْته. وتَسَنَّى لِي كَذَا أَي تيَسَّر وتأَتَّى. وتَسَنَّى الشيءَ: عَلَاهُ؛ قال ابن أَحمر:
تربى لَهَا وهْوَ مَسْرُورٌ لغَفْلَتِها
…
طَوراً، وَطَوْرًا تَسَنَّاه فتَعْتَكِرُ «1»
. وتَسَنَّى البعيرُ الناقةَ إِذَا تسَدَّاها وقاعَ عَلَيْهَا لِيَضْرِبَهَا. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ تَسَنَّى أَي تغَيَّر. قَالَ أَبو عَمْرٍو: لَمْ يتَسَنَّ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ*؛ أَي متغير، فأَبدل مِنْ إِحْدَى النُّونَاتِ يَاءً مِثْلَ تقَضَّى مِنْ تقَضَّضَ. والمُسَنَّاةُ: العَرِمُ. وسَنا سُنُوّاً وسِنَايَةً وسِنَاوَةً: سَقى. والسَّانِيَةُ: الغرْبُ وأَداته. والسَّانِيَة: النَّاضِحَةُ، وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي يُسْتَقى عَلَيْهَا. وَفِي الْمَثَلِ: سَيْرُ السَّوَانِي سَفَرٌ لَا ينقطِع. اللَّيْثُ: السَّانِيَة، وَجَمْعُهَا السَّوَانِي، مَا يُسقى عَلَيْهِ الزَّرْعُ وَالْحَيَوَانُ مِنْ بَعِيرٍ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ سَنَتِ السَّانِيَةُ تَسْنُو سُنُوّاً إِذَا اسْتَقت وسِنايةً وسِناوةً. وسَنَتِ الناقةُ تَسْنُو إِذَا سَقَتِ الأَرض، وَالسَّحَابَةُ تَسْنُو الأَرضَ، والقومُ يَسْنُون لأَنفسهم إِذَا اسْتَقَوْا، ويَسْتَنُون إِذَا سَنَوْا لأَنفسهم؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بأَيِّ غَرْبٍ إذْ غَرفْنا نَسْتَنِي
وسَنِيَتِ الدابةُ وغيرُها تَسْنَى إِذَا سُقِي عَلَيْهَا الْمَاءُ. أَبو زَيْدٍ: سَنَتِ السماءُ تَسْنُو سُنُوّاً إِذَا مطَرَت. وسَنَوْتُ الدَّلْوَ سِنَاوَةً إِذَا جَرَرْتَها مِنَ الْبِئْرِ. أَبو عُبَيْدٍ: السَّانِي المُسْتَقي، وَقَدْ سَنَا يَسْنُو، وجمْعُ السَّانِي سُنَاةٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
كأَنَّ دُمُوعَه غَرْبا سُنَاةٍ،
…
يُحِيلونَ السِّجالَ عَلَى السِّجال
جعلَ السُّنَاةَ الرجالَ الَّذِينَ يَسْقُون بالسَّواني ويُقْبِلون بِالْغُرُوبِ فيُحِيلونها أَي يَدْفُقُون مَاءَهَا. وَيُقَالُ: هَذِهِ رَكِيَّة مَسْنَوِيَّة إِذَا كَانَتْ بَعِيدَةَ الرِّشاء لَا يُسْتَقى مِنْهَا إِلَّا بِالسَّانِيَةِ مِنَ الإِبل، والسَّانِيَة تَقَعُ عَلَى الجَمل وَالنَّاقَةِ بِالْهَاءِ، وَالسَّانِي، بِغَيْرِ هاءٍ، يَقَعُ عَلَى الجَمل وَالْبَقَرِ والرَّجُلِ، وَرُبَّمَا جَعَلُوا السَّانِيَة مَصْدَرًا عَلَى فَاعِلَةٍ بِمَعْنَى الاسْتِقاء؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
يَا مَرْحباهُ بحِمارٍ ناهِيَهْ،
…
إِذَا دَنا قَرَّبْتُه للسَّانِيَهْ
الْفَرَّاءُ: يُقَالُ سَنَاها الغيثُ يَسْنُوها فَهِيَ مَسْنُوَّةٌ ومَسْنِيَّةٌ، يَعْنِي سَقَاهَا، قَلَبُوا الواوَ يَاءً كَمَا قَلَبُوهَا فِي قِنْية. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
مَا سُقِيَ بالسَّوَانِي فَفِيهِ نِصْفُ العُشْر
؛ السَّوَانِي: جَمْعُ سَانِيَةٍ وَهِيَ النَّاقَةُ الَّتِي يُسْتقى عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
البعيرِ الَّذِي شَكَا إِلَيْهِ فَقَالَ أَهلُه: إِنَّا كُنَّا نَسْنُو عَلَيْهِ
أَي نستَقي؛ وَمِنْهُ حديث
(1). قوله [تربى إلخ] هو هكذا في الأصل بدون نقط ولا شكل
فَاطِمَةَ، رضي الله عنها: لَقَدْ سَنَوْتُ حَتَّى اشتكَيْتُ صَدْرِي.
وَفِي حَدِيثِ
الْعَزْلِ: إنَّ لِي جَارِيَةً هِيَ خادِمُنا وسانِيَتُنا فِي النَّخْلِ
، كأَنها كَانَتْ تَسْقِي لَهُمْ نخْلَهُم عِوَضَ الْبَعِيرِ. والمَسْنَوِيَّةُ: البئرُ الَّتِي يُسْنى مِنْهَا، واسْتَنَى لنفسِه، وَالسَّحَابُ يَسْنُو الْمَطَرَ، وسَنَتِ السحابةُ بِالْمَطَرِ تَسْنُو وتَسْنِي. وأَرضٌ مَسْنُوَّةٌ ومَسْنِيَّةٌ: مَسْقِيَّة، وَلَمْ يَعْرِفْ سِيبَوَيْهِ سَنيْتُها، وأَما مَسْنِيَّةٌ عِنْدَهُ فَعَلَى يَسْنوها، وَإِنَّمَا قَلَبُوا الواوَ يَاءً لخِفَّتِها وقُرْبِها مِنَ الطَّرَف، وشُبِّهَت بمَسْنِيٍّ كَمَا جَعَلُوا عَظاءةً بِمَنْزِلَةِ عَظاءٍ. وسَانَاه: رَاضَاهُ. أَبو عَمْرٍو: سَانَيْتُ الرجلَ راضيْتُه وَدَارَيْتُهُ وأَحسنت مُعَاشَرَتَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
وسَانَيْتُ مِنْ ذِي بَهْجةٍ ورَقَيْتُه،
…
عَلَيْهِ السُّموطُ عائصٍ، مُتَعصِّب
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ عابسٍ مُتعصِّب. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ مُتعصب بِالتَّاجِ، وَقِيلَ: يُعَصَّب برأْسِه أَمرُ الرَّعِيَّةِ، قَالَ: وَالَّذِي رَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي الأَلفاظ فِي بَابِ المُساهَلة مُتغَضِّب، قَالَ: وَكَذَلِكَ أَنشده أَبو عُبَيْدٍ فِي بَابِ المُداراةِ. والمُسَانَاةُ: الملاينةُ فِي المُطالَبة. والمُسَانَاةُ: المُصانَعَة، وَهِيَ المُداراة، وَكَذَلِكَ المُصاداة والمُداجاةُ. الْفَرَّاءُ: يقال: أَخذتُه ب سِنَايَته وصِنايَتِه أَي أَخذه كلَّه. والسَّنَةُ إِذَا قُلْته بِالْهَاءِ وجعَلْت نقصانَه الْوَاوَ، فَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، تَقُولُ: أَسْنَى القومُ يُسْنُونَ إسْنَاءً إِذَا لَبِثوا فِي موضعٍ سنَةً، وأَسْنَتُوا إِذَا أَصابتهم الجُدوبةُ، تُقلب الواوُ تَاءً لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا؛ وَقَالَ الْمَازِنِيُّ: هَذَا شاذٌّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: التاءُ فِي أَسْنَتُوا بدلٌ مِنَ الْيَاءِ الَّتِي كَانَتْ فِي الأَصل وَاوًا ليكونَ الفِعْلُ رُباعِيّاً، والسَّنَةُ مِنَ الزَّمَن مِنَ الْوَاوِ وَمِنَ الْهَاءِ، وَتَصْرِيفُهَا مَذْكُورٌ فِي حَرْفِ الْهَاءِ، وَالْجَمْعُ سَنَواتٌ وسِنُونَ وسَنَهاتٌ، وسِنُونَ مَذْكُورٌ فِي الْهَاءِ، وتعليلُ جمعِها بِالْوَاوِ والنونِ هُنَاكَ. وأَصابتهم السَّنَةُ: يَعْنُونَ بِهِ السَّنَة المُجْدِبة، وَعَلَى هَذَا قَالُوا أَسْنَتُوا فأَبدَلوا التاءَ مِنَ الياءِ الَّتِي أَصلُها الواوُ، وَلَا يُستعمل ذَلِكَ إِلَّا فِي الجَدْبِ وضِدِّ الخِصْب. وأَرضٌ سَنَةٌ: مُجْدِبةٌ، عَلَى التَّشْبِيهِ بالسَّنَةِ مِنَ الزَّمَانِ، وجمعُها سِنُونَ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَرضٌ سِنُونَ، كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جزءٍ مِنْهَا أَرضاً سَنَةً ثُمَّ جمعُوه عَلَى هَذَا. وأَسْنَى القومُ: أَتَى عَلَيْهِمُ العامُ. وساناهُ مُسَانَاةً وسِنَاءً: استأْجَرَه السَّنَة، وعامَلَه مُسَانَاةً، واستأْجره مُسَانَاةً كَقَوْلِهِ مُسانَهَةً. التَّهْذِيبُ: المُسَانَاةُ المُسانَهةُ، وَهُوَ الأَجَلُ إِلَى سَنَةٍ. وأَصابتهم السَّنَة السَّنْواءُ: الشديدةُ. وأَرضٌ سَنْهاءُ وسَنواءُ إِذَا أَصابتها السَّنَةُ. والسَّنا: نبتٌ يُتَداوى بِهِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والسَّنا والسَّناءُ نبتٌ يُكتَحَلُ بِهِ، يمدُّ وَيُقْصَرُ، وَاحِدَتُهُ سَنَاةٌ وسَنَاءَةٌ؛ الأَخيرة قِياسٌ لَا سَماع؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ الْجَعْدِيِّ:
كأَنَّ تَبَسُّمَها مَوْهِناً
…
سَنا المِسْكِ، حينَ تُحِسُّ النُّعامى
قَالَ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ السَّنا هَاهُنَا هَذَا النَّباتَ كأَنه خَالَطَ الْمِسْكَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ السَّنا الَّذِي هُوَ الضَّوْءُ لأَنَّ الفَوْحَ انْتِشارٌ أَيضاً، وَهَذَا كَمَا قَالُوا سَطَعَت رائِحتُه أَي فاحَت، وَيُرْوَى كأَنَّ تَنَسُّمَها، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: السَّنا شُجَيْرَةٌ مِنَ الأَغْلاث تُخْلَط بالحِنَّاء فتكونُ شِباباً لَهُ وتُقَوِّي لَوْنَه وتُسَوِّدُه، وَلَهُ حِمْلٌ أَبيضُ إِذَا يَبِس فحركَتْه الريحُ سَمِعْتَ لَهُ زَجَلًا؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
صَوْتُ السَّنَا هَبَّتْ بِهِ عُلْوِيَّةٌ،
…
هَزَّتْ أَعالِيَهُ بِسَهْبٍ مُقْفِرِ
وتَثْنِيَتُه سَنَيانِ، وَيُقَالُ سَنَوانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَلَيْكُمْ ب السَّنَا والسَّنُّوتِ
، وَهُوَ مَقْصُورٌ، هُوَ هَذَا النَّبْتُ، وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ بِالْمَدِّ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: السَّنُّوتُ العَسل، والسَّنُّوت الكمُّون، والسَّنُّوتُ الشِّبِثُّ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهُوَ السَّنُّوت، بِفَتْحِ السِّينِ. وَفِي الْحَدِيثِ
عَنْ أُمِّ خالدٍ بنتِ خَالِدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أُتِيَ بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصة سَوْداء فَقَالَ: ائْتُوني بأُمِّ خالدٍ، قَالَتْ: فأُتِيَ بِي رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، مَحْمُولَةً وأَنا صغيرَةٌ فأَخَذَ الخَمِيصَةَ بِيَدِهِ ثُمَّ أَلْبَسَنِيها، ثُمَّ قَالَ أَبْلي وأَخْلِقِي، ثُمَّ نَظَر إِلَى عَلمٍ فِيهَا أَصْفَرَ وأَخْضَرَ فَجَعَلَ يَقُولُ يَا أمَّ خالدٍ سَنَا سَنَا
؛ قِيلَ: سَنَا بالحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ، وَهِيَ لغةٌ، وتُخَفَّفُ نونُها وتشددُ، وَفِي رِوَايَةٍ:
سَنَهْ سَنَهْ
، وَفِي رِوَايَةٍ أُخرى:
سَناهْ سَناهْ
، مخفَّفاً ومشدَّداً فِيهِمَا؛ وَقَوْلُ العجاج يصف شبابه بعد ما كَبِرَ وأَصْباهُ النِّساءُ:
وقَدْ يُسامِي جِنَّهُنَّ جِنِّي
…
فِي غَيْطَلاتٍ مِنْ دُجى الدُّجُنِ
بمَنطقٍ لوْ أَنَّني أُسَنِّي
…
حَيَّاتِ هَضْبٍ جِئْن، أَوْ لوَ أنِّي
أَرْقِي بِهِ الأَرْوِي دَنَوْنَ منِّي،
…
مُلاوَةٌ مُلِّيتُها، كأَنِّي
ضارِبُ صَنْجَيْ نَشْوَةٍ، مُغَنِّي
…
شَرْبٍ بِبَيْسانَ مِنَ الأُرْدُنِّ،
بَيْنَ خَوابي قَرْقَفٍ ودَنِ
قَوْلُهُ: لَوْ أَنَّني أُسَنِّي أَي أَستَخْرج الحيَّات فأَرْقِيها وأَرفُقُ بِهَا حَتَّى تَخْرُجَ إليَّ؛ يُقَالُ: سَنَّيْتُ وسَانَيْتُ. وسَنَيْتُ البابَ وسَنَوْته إِذَا فَتَحْتَهُ. والمُسَنَّاة: ضَفيرةٌ تُبْنى لِلسَّيْلِ لترُدَّ الْمَاءَ، سُمّيت مُسَنَّاةً لأَن فِيهَا مفاتحَ لِلْمَاءِ بِقَدْرِ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِمَّا لَا يَغْلِب، مأْخوذٌ مِنْ قَوْلِكَ سَنَّيْت الشيءَ والأَمر إِذَا فَتَحْت وَجْهَهُ. ابْنُ الأَعرابي: تَسَنَّى الرجلُ إِذَا تسَهَّل فِي أُموره؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَدْ تَسَنَّيْتُ لَهُ كلَّ التَّسَنِّي
وَكَذَلِكَ تَسَنَّيْتُ فُلَانًا إِذَا تَرَضَّيْته.
سها: السَّهْوُ والسَّهْوةُ: نِسْيانُ الشَّيْءِ وَالْغَفْلَةُ عَنْهُ وذَهابُ الْقَلْبِ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، سَهَا يَسْهُو سَهْواً وسُهُوّاً، فَهُوَ سَاهٍ وسَهْوَانُ، وإنَّهُ لسَاهٍ بَيِّنُ السَّهْوِ والسُّهُوِّ. وَفِي الْمَثَلِ: إِنَّ المُوَصَّيْنَ بَنُو سَهْوَانَ؛ قَالَ زِرُّ بنُ أَوْفى الفُقَيْمي يَصِفُ إبِلًا:
لَمْ يَثْنِها عَنْ هَمِّها قَيْدانِ،
…
وَلَا المُوَصَّوْنِ مِنَ الرُّعْيانِ،
إنَّ المُوَصَّيْنَ بَنُو سَهْوانِ
أَي أَنَّ الَّذِينَ يُوصَّوْنَ بَنُو مَنْ يَسْهُو عَنِ الْحَاجَةِ فأَنت لَا تُوصَّى لأَنك لَا تَسْهُو، وَذَلِكَ إِذَا وَصَّيْت ثِقةً عِنْدَ الْحَاجَةِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَعْنَاهُ أَنك لَا تَحْتَاجُ إِلَى أَن تُوَصِّيَ إِلَّا مَنْ كَانَ غافِلًا ساهِياً. والسَّهْوُ فِي الصَّلَاةِ: الْغَفْلَةُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا، سَهَا الرجلُ فِي صلاتِه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، سَهَا فِي الصَّلَاةِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: السَّهْوُ فِي الشَّيْءِ تَرْكُه عَنْ غَيْرِ عِلْمٍ، والسَّهْوُ عَنْهُ تَرْكُه مَعَ العِلْم، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ
. أَبو عَمْرٍو: سَاهَاهُ غافَلَه، وهاساهُ إِذَا سَخِرَ مِنْهُ. ومَشْيٌ سَهْوٌ: ليِّنٌ. والسَّهْوَة مِنَ الإِبل: اللَّيِّنة السَّيْر الوَطِيئة؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
تُهَوِّنُ بُعْدَ الأَرضِ عَنِّي فَريدةٌ،
…
كِنازُ البَضِيعِ، سَهْوةُ المَشْيِ، بازِلُ
وَهِيَ اللَّيِّنة السَّيْرِ لَا تُتْعِبُ راكِبها كأَنها تُسَاهِيهِ، وعَدَّى الشَّاعِرُ تُهَوِّنُ بِعَنِّي لأَنَّ فِيهِ معْنى تخَفِّفُ وتُسَكِّنُ. وجمَلٌ سهْوٌ بيِّن السَّهَاوَةِ: وطِيءٌ. وَيُقَالُ: بعيرٌ ساهٍ راهٍ، وجِمالٌ سَواهٍ رَواهٍ لَواهٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
آتِيكَ بِهِ غَداً سهْواً رَهْواً
أَي ليِّناً ساكِناً. وَفِي الْحَدِيثِ:
وإنَّ عَمَلَ أَهلِ النارِ سَهْلةٌ بسَهوةٍ
؛ السَّهْوةُ الأَرضُ اللَّيِّنة التُّرْبة، شَبَّه الْمَعْصِيَةَ فِي سُهولتِها عَلَى مُرْتَكِبِها بالأَرض السَّهْلةِ الَّتِي لَا حُزُونة فِيهَا، وَقِيلَ: كلُّ ليِّنٍ سَهْوٌ، والأُنثى سَهْوَةٌ. والسَّهْو: السُّكونُ واللِّينُ، وَالْجَمْعُ سِهاءٌ مثلُ دَلْوٍ ودِلاءٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَناوَحَتِ الرِّياحُ لِفَقْد عَمروٍ،
…
وكانتْ قَبْلَ مَهْلَكِه سِهاءَا
أَي سَاكِنَةً ليِّنة. الأَزهري: والأَساهِيُّ والأَساهيج ضُروبٌ مُخْتَلِفَةٌ مِنْ سَيْرِ الإِبل، وبَغْلةٌ سَهْوَةُ السَّيْرِ، وَكَذَلِكَ الناقةُ، وَلَا يُقَالُ لِلْبَغْلِ سَهْوٌ. وَرُوِيَ
عَنْ سلْمان أَنه قَالَ: يُوشِكُ أَن يَكْثُرَ أَهلُها، يَعْنِي الْكُوفَةَ، فتَمْلأَ مَا بَيْنَ النَّهْرين حَتَّى يغْدُوَ الرجلُ عَلَى البَغْلةِ السَّهْوَة فَلَا يُدْرِكَ أَقْصاها
؛ السَّهْوَة: الليِّنة السَّيْرِ لَا تُتْعِبُ راكِبَها. وَيُقَالُ: افعلْ ذَلِكَ سَهْواً رَهْواً أَي عَفواً بِلا تقَاض. والسَّهْوُ: السَّهْلُ مِنَ النَّاسِ والأُمور والحوائجِ. وماءٌ سَهْوٌ: سَهْلٌ، يَعْنِي سَهْلًا فِي الحَلْقِ. وقَوْسٌ سَهْوَةٌ: مُواتِيَةٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
قَلِيلُ نِصاب المالِ إلَّا سِهامَهُ،
…
وإلَّا زَجُوماً سَهْوَةً فِي الأَصابِع
التَّهْذِيبَ: المُعَرَّسُ الَّذِي عُمِلَ لَهُ عَرْسٌ، وَهُوَ الحائِطُ يُجْعَل بَيْنَ حائِطَي الْبَيْتِ لَا يُبلَغ بِهِ أَقصاهُ، ثُمَّ يُجْعَل الْجَائِزُ مِنْ طرَف العَرْسِ الدَّاخِلِ إِلَى أَقصى الْبَيْتِ، ويُسَقَّفُ الْبَيْتُ كلُّه، فَمَا كَانَ بَيْنَ الحائطَين فَهُوَ السَّهْوَة، وَمَا كَانَ تَحْتَ الْجَائِزِ فَهُوَ المُخْدَع؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: السَّهْوَةُ حائطٌ صغيرٌ يُبنى بَيْنَ حائطَي الْبَيْتِ ويُجعَلُ السقفُ عَلَى الْجَمِيعِ، فَمَا كَانَ وسَط الْبَيْتِ فَهُوَ سَهْوَةٌ، وَمَا كَانَ داخِلَه فَهُوَ المُخْدَع، وَقِيلَ: هِيَ صُفَّة بَيْنَ بَيْتَيْنِ أَو مُخْدَع بَيْنَ بَيْتَيْنِ تَسْتَترُ بِهَا سُقاةُ الإِبل مِنَ الحرِّ، وَقِيلَ: هِيَ كالصُّفَّة بَيْنَ يَدَي الْبَيْتِ، وَقِيلَ: هِيَ شَبيهٌ بالرَّفِّ والطاقِ يُوضَعُ فِيهِ الشيءُ، وَقِيلَ: هِيَ بَيْتٌ صغيرٌ منحَدِرٌ فِي الأَرض سَمْكُه مرتَفِعٌ فِي السَّمَاءِ شبيهٌ بالخِزانة الصَّغِيرَةِ يَكُونُ فِيهَا المَتاعُ، وَذَكَرَ أَبو عُبَيْدٍ أَنه سمِعَه مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ أَهل الْيَمَنِ، وَقِيلَ: هِيَ أَربعةُ أَعوادٍ أَو ثلاثةٌ يعارَضُ بعضُها عَلَى بعضٍ، ثُمَّ يوضعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الأَمتعة. والسَّهْوَة: الكُنْدُوجُ. والسَّهْوَة: الرَّوْشَنُ. والسَّهْوَة: الكَوَّةُ بَيْنَ الداريْن. ابْنُ الأَعرابي: السَّهْوة الجَحَلةُ أَو مِثْلُ الحجلةِ. والسَّهْوَةُ: بيتٌ عَلَى الماءِ يستَظِلُّون بِهِ تَنْصِبه الأَعراب. أَبو لَيْلَى: السَّهْوَة سُتْرَةٌ تَكُونُ قدَّامَ فِناء البيتِ، رُبَّمَا أَحاطت بِالْبَيْتِ شِبهَ سورٍ حوْلَ الْبَيْتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَفِي الْبَيْتِ سَهْوَةٌ عَلَيْهَا سِترٌ
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ شبيهٌ بالرَّفِّ أَو الطاقِ يُوضَعُ فِيهِ الشيءُ. والسَّهْوَة: الصخرةُ، طائِيَّةٌ، لَا يُسَمُّونَ بِذَلِكَ غَيْرَ الصَّخْرَةِ، وَخَصَّصَهُ فِي التَّهْذِيبِ فَقَالَ: الصَّخْرَةُ الَّتِي يَقُومُ عَلَيْهَا السَّاقِي، وَجَمْعُ ذَلِكَ كلِّه سِهَاءٌ. والمُسَاهَاة: حُسْن المُخالقة والعِشرة؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
حُلْو المُسَاهَاة وَإِنْ عَادَى أَمَرّ
وحُلْو المُسَاهَاة أَي المُياسَرة والمُساهَلةِ. والمُسَاهَاةُ فِي العِشْرة: تَرْكُ الاستِقصاءِ. والسَّهْوَاءُ: سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ وصَدْرٌ مِنْهُ. وحَمَلتِ المرأَةُ سَهْواً إِذَا حَبِلَت عَلَى حَيْضٍ. وَعَلَيْهِ مِنَ الْمَالِ مَا لَا يُسْهَى وَمَا لَا يُنهى أَي مَا لَا تُبلغ غايَتُه، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَي لَا يُعَدُّ كَثْرة، وَقِيلَ: مَعْنَى لَا يُسْهى لَا يُحْزَرُ، وذهبَت تميمُ فَمَا تُسْهَى وَلَا تُنْهى أَي لَا تُذْكَر. والسُّها: كُوَيكِبٌ صَغِيرٌ خَفِيُّ الضَّوء فِي بَنَاتِ نَعْش الْكُبْرَى، وَالنَّاسُ يَمْتَحِنون بِهِ أَبصارَهم، يُقَالُ: إِنَّهُ الَّذِي يُسَمَّى أَسْلَم مَعَ الكوكبِ الأَوسط مِنْ بَنَاتِ نعْشٍ؛ وَفِي الْمَثَلِ:
أُرِيها السُّها وتُرِيني الْقَمَرَ
وأَرْطاةُ بْنُ سُهَيَّة: مِنْ فُرْسانِهم وَشُعَرَائِهِمْ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا نحمِلُه عَلَى الْيَاءِ لِعَدَمِ س هـ ي. والأَسَاهِيُّ: الأَلوانُ، لَا وَاحِدَ لَهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذَا الْقَوْمُ قَالُوا: لَا عَرامَةَ عِنْدَهَا،
…
فسارُوا لقُوا مِنْهَا أَسَاهِيَّ عُرَّما
سوا: سَوَاءُ الشَّيْءِ مثلُه، والجمعُ أَسْوَاءٌ؛ أَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
تَرى القومَ أَسْوَاءً، إِذَا جَلَسوا مَعًا،
…
وَفِي القومِ زَيْفٌ مثلُ زَيْفِ الدراهمِ
وأَنشد ابنُ بَرِّيٍّ لرافِع بْنِ هُرَيْمٍ:
هَلَّا كوَصْلِ ابْنِ عَمَّارٍ تُواصِلُني،
…
لَيْسَ الرِّجالُ، وَإِنْ سُوُّوا، بأَسْواءٍ
وَقَالَ آخَرُ:
الناسُ أَسْواءٌ وشتَّى فِي الشِّيَمْ
وَقَالَ جِرانُ العَوْدِ فِي صِفَةِ النِّسَاءِ:
ولسنَ بأَسْوَاءٍ، فمنهنَّ روْضةٌ
…
تَهِيجُ الرِّياحُ غيرَها لَا تُصَوِّحُ
وَفِي تَرْجَمَةِ عددَ: هَذَا عِدُّه وعديدُه وسِيُّه أَي مِثْلُهُ. وسِوَى الشيءِ: نفسُه؛ وَقَالَ الأَعشى:
تَجانَفُ عَنْ خلِّ اليمامةِ ناقَتي،
…
وَمَا عَدَلتْ مِنْ أَهلها بِسِوائِكا «2»
. ولِسِوائِكا، يريدُ بِكَ نفسِك؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
أَرَدّاً، وَقَدْ كَانَ المَزارُ سِواهُما
…
عَلَى دُبُرٍ مِنْ صادِرٍ قَدْ تَبَدَّدا «3»
. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ وَقَدْ كَانَ المزادُ سِواهُما أَي وَقَعَ المَزادُ عَلَى المزادِ وَعَلَى سِواهِما أَخطَأَهُما، يَصِفُ مَزادَتَيْنِ إِذَا تَنَحَّى المزارُ عَنْهُمَا اسْتَرْخَتَا، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِمَا لَرَفَعَهُمَا وَقَلَّ اضْطِرَابُهُمَا قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وسِوى، بِالْقَصْرِ، يَكُونُ بِمَعْنَيَيْنِ: يَكُونُ بِمَعْنَى نَفْسِ الشَّيْءِ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى غيرٍ. ابْنُ سِيدَهْ: وسَواسِيَةٌ وسَواسٍ وسَواسِوَةٌ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ، كلُّها أَسماءُ جمعٍ، قَالَ: وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ أَما قَوْلُهُمْ سَواسِوَة فَالْقَوْلُ فِيهِ عِنْدِي أَنه مِنْ بَابِ ذَلاذِلَ، وَهُوَ جمعُ سَوَاءٍ مِنْ غَيْرِ لفظِه، قَالَ: وَقَدْ قَالُوا سَواسِيَةٌ، قَالَ: فَالْيَاءُ فِي سَواسِيَة مُنْقلبة عَنِ الْوَاوِ، ونظيرُه مِنَ الْيَاءِ صَياصٍ جَمْعُ صِيصَةٍ، وَإِنَّمَا صَحَّت الواوُ فِيمَنْ قَالَ سَواسِوَة لأَنها لَامُ أَصل وأَن الْيَاءَ فِيمَنْ قَالَ سَواسِيَةٌ مُنْقلِبة عَنْهَا، وَقَدْ يَكُونُ السَّواءُ جَمْعًا. وَحَكَى ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ رُذالِ الناسِ فِي الأَلفاظ: قَالَ أَبو عَمْرٍو يُقَالُ هُمْ سَواسِيَة إِذَا استَوَوْا فِي اللُّؤْم والخِسَّةِ والشَّر؛ وأَنشد:
(2). قوله [تجانف عن خل إلخ] سيأتي في هذه المادة إنشاده بلفظ:
تَجَانَفُ عَنْ جَوِّ الْيَمَامَةِ ناقتي
(3)
. قوله [أردّاً إلى قوله وقل اضطرابهما] هكذا هذه العبارة بحروفها في الأصل، ووضع عليه بالهامش علامة وقفة
وَكَيْفَ تُرَجِّيها، وَقَدْ حَالَ دُونَها
…
سَواسِيَةٌ لَا يغْفِرُونَ لَهَا ذَنْبا؟
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
سُودٌ سَوَاسِيَةٌ، كأَن أُنُوفَهُمْ
…
بَعْرٌ يُنَظِّمُه الوليدُ بمَلْعَبِ
وأَنشد أَيضاً لِذِي الرُّمَّةِ:
لَوْلَا بَنُو ذُهْلٍ لقَرَّبْتُ منكُم،
…
إِلَى السَّوطِ، أَشْياخاً سَواسِيَةً مُرْدا
يقول لضربتكم وحلقت رؤُوسَكم ولِحاكم. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ هُمْ سَواسِيَةٌ وسَواسٍ وسُؤَاسِيَةٌ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ:
سَوَاسٍ، كأَسْنانِ الحِمارِ فَمَا تَرى،
…
لِذي شَيبَةٍ مِنْهُمْ على ناشِيءٍ، فَضْلا
وَقَالَ آخَرُ:
سَبَيْنا مِنْكُمُ سَبْعينَ خَوْداً
…
سَوَاسٍ، لَمْ يُفَضَّ لَهَا خِتامُ
التَّهْذِيبُ: وَمِنْ أَمثالِهم سَوَاسِيَة كأَسْنان الحِمارِ؛ وَقَالَ آخَرُ:
شَبابُهُمُ وشِيبُهُمُ سَواءٌ،
…
سَواسِيَةٌ كأَسْنانِ الحِمارِ
قَالَ: وَهَذَا مِثْلُ قولِهم فِي الْحَدِيثِ
لَا يزالُ الناسُ بخَيْرٍ مَا تَبايَنوا
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مَا تَفاضَلوا، فَإِذَا تَسَاوَوْا هَلكوا
، وأَصل هَذَا أَن الخَيْرَ فِي النادِرِ مِنَ الناسِ، فَإِذَا اسْتَوَى النَّاسُ فِي الشَّرِّ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ ذُو خَيْرٍ كَانُوا مِنَ الهَلْكى؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَعْنَاهُ أَنهم إِنَّمَا يَتَسَاوَوْن إِذَا رَضُوا بالنَّقْصِ وَتَرَكُوا التَّنافُس فِي طَلب الْفَضَائِلِ ودَرْكِ المَعالي، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ خَاصًّا فِي الجَهْل، وَذَلِكَ أَن الناسَ لَا يَتساوَوْنَ فِي العِلْمِ وَإِنَّمَا يَتساوَوْن إِذَا كَانُوا جُهّالًا، وَقِيلَ: أَراد ب التَّساوي التحزُّبَ والتفرُّقَ وأَن لَا يَجْتَمِعُوا فِي إمامٍ ويَدَّعِيَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمْ الحَقَّ لِنَفْسِه فَيَنْفَرِدَ برأْيِه. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ هُمْ سَوَاسِيَة يَسْتَوون فِي الشرِّ، قَالَ: وَلَا أَقول فِي الخيرِ، وَلَيْسَ لَهُ واحدٌ. وَحُكِيَ عَنْ أَبي القَمْقامِ سَواسِيَة، أَراد سَواء ثُمَّ قَالَ سِيَة؛ ورُوِي عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنِ العلاءِ أَنه قَالَ: مَا أَشدَّ مَا هَجَا القائلُ وَهُوَ الْفَرَزْدَقُ:
سَواسِيَةٌ كأَسْنانِ الحِمارِ
وَذَلِكَ أَن أَسنانَ الحمارِ مُسْتوية؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وأَمْثَلُ أَخْلاقِ إمْرِئِ القَيْسِ أَنَّها
…
صِلابٌ، عَلَى عَضِّ الهَوانِ، جُلودُها
لَهُمْ مجْلِسٌ صُهْبُ السِّبالِ أَذِلَّةٌ،
…
سَوَاسِيَةٌ أَحْرارُها وعَبِيدُها
وَيُقَالُ: أَلآمٌ سَوَاسِيَة وأَرْآدٌ سَوَاسِيَة. وَيُقَالُ: هُوَ لِئْمُه ورِئْدُهُ أَي مِثْلُه، والجمعُ أَلآمٌ وأَرْآدٌ. وَقَوْلُهُ عز وجل: سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ
؛ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ يعلَم مَا غابَ وَمَا شَهِدَ، والظاهرَ
فِي الطُّرُقاتِ، والمُسْتَخْفِيَ في الظُّلُماتِ، والجاهِرَ فِي نُطْقِه، والمُضْمِرَ فِي نفْسِه، عَلِمَ اللَّهِ بِهِمْ جَمِيعًا سَوَاءٌ. وسواءٌ تطلُبُ اثْنَيْنَ، تَقُولُ: سَواءٌ زيدٌ وعمْروٌ فِي مَعْنَى ذَوا سَواءٍ زيدٌ وعمروٌ، لأَن سَوَاءً مصدرٌ فَلَا يَجُوزُ أَن يُرْفع مَا بعْدها إلَّا عَلَى الحَذْفِ، تقولُ عَدْلٌ زيدٌ وعمروٌ، وَالْمَعْنَى ذَوا عَدْلٍ زيدٌ وعمروٌ، لأَن الْمَصَادِرَ لَيْسَتْ كأَسْماء الفاعلينَ وَإِنَّمَا يَرْفَعُ الأَسْماءَ أَوصافُها؛ فأَما إِذَا رَفَعَتْهَا الْمَصَادِرُ فَهِيَ عَلَى الْحَذْفِ كَمَا قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
تَرْتَعُ مَا غَفَلَتْ، حَتَّى إِذَا ادَّكَرَتْ،
…
فإنَّما هِيَ إقْبالٌ وإدْبارُ
أَي ذاتُ إقْبالٍ وإدْبار؛ هَذَا قَوْلُ الزَّجَّاجِ، فأَمّا سِيبَوَيْهِ فجَعلها الإِقبالَة والإِدبارَة عَلَى سَعةِ الْكَلَامِ. وتَساوَتِ الأُمورُ واسْتَوَتْ وسَاوَيْتُ بَيْنَهُمَا أَي سَوَّيْتُ. واسْتَوَى الشَّيْئَانِ وتَسَاوَيَا: تَماثَلا. وسَوَّيْتُه بِهِ وسَاوَيْتُ بَيْنَهُمَا وسَوَّيْتُ وسَاوَيْتُ الشيءَ وسَاوَيْتُ بِهِ وأَسْوَيْتُه بِهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ لِلْقَنَانِيِّ أَبي الحَجْناء:
فإنَّ الَّذِي يُسْويكَ، يَوْماً، بوِاحِدٍ
…
مِنَ الناسِ، أَعْمى القَلْبِ أَعْمى بَصائرهْ
اللَّيْثُ: الاسْتِوَاءُ فِعْلٌ لازِمٌ مِنْ قَوْلِكَ سَوَّيْتُه فاسْتَوى. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الْعَرَبُ تَقُولُ اسْتَوَى الشيءُ مَعَ كَذَا وَكَذَا وَبِكَذَا إِلَّا قولَهم للغلامِ إِذَا تَمَّ شَبابُه قَدِ اسْتَوَى. قَالَ: وَيُقَالُ اسْتَوَى الماءُ والخَشَبةَ أَي مَعِ الخَشَبةِ، الواوُ بِمَعْنَى مَعْ هَاهُنَا. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ فِي الْبَيْعِ لَا يُسَاوِي أَي لَا يَكُونُ هَذَا مَعَ هَذَا الثَّمَنِ سيَّيْنِ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ لَا يُساوي الثوبُ وغيرُه كَذَا وَكَذَا، ولَمْ يعْرفْ يَسْوَى؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: يَسْوَى نَادِرَةٌ، وَلَا يُقَالُ مِنْهُ سَوِيَ وَلَا سَوى، كَمَا أَنَّ نَكْراءَ جاءَت نَادِرَةً وَلَا يُقَالُ لِذَكَرِها أَنْكَرُ، وَيَقُولُونَ نَكِرَ وَلَا يَقُولُونَ يَنْكَرُ؛ قَالَ الأَزهري: وقولُ الْفَرَّاءِ صحيحٌ، وَقَوْلُهُمْ لَا يَسْوَى أَحسِبُه لغةَ أَهلِ الْحِجَازِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ: وأَما لَا يُسْوى فَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ صَحِيحٍ. وَهَذَا لَا يُساوِي هَذَا أَي لَا يعادِلُه. وَيُقَالُ: سَاوَيْتُ هَذَا بذاكَ إِذَا رَفَعْته حَتَّى بلَغ قَدْره ومَبْلَغه. وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: حَتَّى إِذا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ
؛ أَي سَوَّى بَيْنَهُمَا حِينَ رفَع السَّدَّ بينَهُما. وَيُقَالُ: سَاوَى الشيءُ الشيءَ إِذَا عادَلَه. وساوَيْتُ بينَ الشَّيْئَيْنِ إِذَا عَدَّلْتَ بينِهما وسَوَّيْت. وَيُقَالُ: فلانٌ وَفُلَانٌ سَوَاءٌ أَي مُتَساويان، وقَوْمٌ سَوَاءٌ لأَنه مَصْدَرٌ لَا يثَنى وَلَا يُجْمَعُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَيْسُوا سَواءً
؛ أَي لَيْسوا مُسْتَوينَ. الْجَوْهَرِيُّ: وَهُمَا فِي هَذَا الأَمرِ سَوَاءٌ، وَإِنْ شئتَ سَوَاءَانِ، وَهُمْ سَوَاءٌ لِلْجَمْعِ، وَهُمْ أَسْوَاءٌ، وَهُمْ سَواسِيَةٌ أَي أَشباهٌ مثلُ يمانِيةٍ عَلَى غيرِ قياسٍ؛ قَالَ الأَخفش: وَوَزْنُهُ فَعَلْفِلَةُ «4» ، ذهَب عَنْهَا الحَرْفُ الثَّالِثُ وأَصله الياءُ، قَالَ: فأَمَّا سَوَاسِيَة فإنَّ سَوَاءً فَعالٌ وسِيَةٌ يَجُوزُ أَن يَكُونَ فِعَةً أَو فِعْلَةً «5» ، إِلَّا أَنَّ فِعَةً أَقيس لأَن أَكثر مَا يُلْقونَ موضِعَ اللَّامِ، وانْقَلَبَتِ الواوُ فِي سِيَة يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا لأَن أَصله سِوْيَة، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سَواسِيَةٌ جمعٌ لِوَاحِدٍ لَمْ يُنْطَقْ بِهِ، وَهُوَ سَوْساةٌ، قَالَ: وَوَزْنُهُ فَعْلَلةٌ مِثْلُ مَوْماةٍ، وأَصلهُ سَوْسَوَة فَسَوَاسِيَةٌ عَلَى هَذَا فَعالِلَةٌ كلمةٌ وَاحِدَةٌ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ سَواسِوَة لُغَةً فِي سَواسِيَة، قَالَ: وَقَوْلُ الأَخفش لَيْسَ بشيءٍ؛ قَالَ: وشاهِدُ تَثْنية سواءٍ قولُ قَيْسِ ابن مُعاذ:
أَيا رَبِّ، إنْ لَمْ تَقْسِمِ الحُبَّ بَيْننا
…
سَواءَيْنِ، فاجْعَلْني عَلَى حُبِّها جَلْدا
وَقَالَ آخَرُ:
تَعالَيْ نُسَمِّطْ حُبَّ دعْدٍ ونَغْتَدي
…
سَوَاءَيْنِ، والمَرْعى بأُمِّ دَرِينِ
وَيُقَالُ للأَرض الْمُجْدِبَةِ: أُمُّ دَرِينٍ. وإذا قلتَ
(4). قوله [فعلفلة] وهكذا في الأصل ونسخة قديمة من الصحاح وشرح القاموس، وفي نسخة من الصحاح المطبوع: فعافلة
(5)
. قوله [وَسِيَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فعة أو فعلة] هكذا في الأصل ونسخة الصحاح الخط وشرح القاموس أيضاً، وفي نسخة الصحاح المطبوعة: فعة أو فلة
سَوَاءٌ علَيَّ احْتَجْتَ أَن تُتَرْجِم عَنْهُ بشَيْئَيْن، تَقُولُ: سَوَاءٌ سأَلْتَني أَو سَكَتَّ عنِّي، وسَوَاءٌ أَحَرَمْتَني أَم أَعْطَيْتَني؛ وَإِذَا لحِقَ الرجلُ قِرْنَه فِي عِلْم أَو شَجاعَةٍ قِيلَ: سَاوَاهُ. وَقَالَ ابْنُ بزُرْج: يُقَالُ لئنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ وأَنا سِوَاكَ ليَأتِيَنَّكَ مِنِّي مَا تَكْرَهُ؛ يُرِيدُ وأَنا بأَرْضٍ سِوى أَرْضِكَ. وَيُقَالُ: رجلٌ سَواءُ البَطْنِ إِذَا كَانَ بَطْنُه مُسْتَوِياً مَعَ الصَّدْرِ، ورجلٌ سَوَاءُ القَدَمِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَخْمَصٌ، ف سواءٌ فِي هَذَا المَعنى بمعْنى المُسْتَوِي. وَفِي
صِفَة النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: أَنه كَانَ سَوَاءَ البَطْنِ والصَّدْرِ
؛ أَرادَ الواصِفُ أَنّ بَطْنَه كَانَ غَيْرَ مُسْتَفِيضٍ فَهُوَ مُساوٍ لصَدْرِه، وأَنَّ صَدْرَه عَرِيضٌ فَهُوَ مُسَاوٍ لبَطْنِهِ، وَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ لَا ينْبُو أَحَدُهُما عَنِ الآخرِ. وسَواءُ الشَّيءِ: وسَطُه لاسْتِواءِ المسافةِ إلَيْه مِنَ الأَطْرافِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ
؛ أَي نَعْدِلُكُمْ فنَجْعَلُكمْ سَواءً فِي العِبادة. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والسِّيُّ المِثْلُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَصله سِوْيٌ؛ وَقَالَ:
حَدِيدُ النَّابِ لَيْسَ لكُمْ بِسِيٍ
وسَوَّيْتُ الشيءَ فاسْتَوَى، وهُما عَلَى سَوِيَّةٍ مِنْ هَذَا الأَمر أَيْ عَلَى سَواء. وقَسَمْت الشيءَ بينَهُما بالسَّوِيَّة. وسِيَّانِ بِمَعْنَى سَواءٍ. يُقَالُ: هُما سِيَّانِ، وهُمْ أَسْوَاءٌ؛ قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ هُمْ سِيٌّ كَمَا يُقَالُ هُمْ سَواءٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وهُمُ سِيٌّ، إِذَا مَا نُسِبُوا،
…
فِي سَناء المَجْدِ مِنْ عَبْدِ مَنافْ
والسِّيَّان: المِثْلان. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُمَا سَواءَانِ وسِيَّان مِثْلان، والواحِدُ سِيٌّ؛ قَالَ الحُطَيْئَة:
فإيَّاكُمْ وحَيَّةَ بَطْنِ وادٍ
…
هَمُوزَ النَّابِ، ليْسَ لَكُمْ بِسِيِ
يُرِيدُ تَعظِيمه. وَفِي حَدِيثِ
جُبَيْر بنِ مُطْعِمٍ: قَالَ لَهُ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم: إنَّما بنُو هاشِمٍ وَبَنُو المُطّلِبِ سِيٌّ واحِدٌ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بنُ مَعِين أَي مِثْلٌ وسَواءٌ، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ
شَيءٌ وَاحِدٌ
، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ. وَقَوْلُهُمْ: لَا سِيَّما كَلِمَةٌ يُسْتَثْنى بِهَا وَهُوَ سِيٌّ ضُمَّ إليْه مَا، والإِسمُ الَّذِي بَعْدَ مَا لَكَ فِيهِ وَجْهَانِ: إنْ شِئْتَ جَعَلْتَ مَا بِمَنْزِلَةِ الَّذِي وأَضْمَرْت ابْتِداءً ورَفَعْتَ الإِسمَ الَّذِي تَذْكُرُه بخَبرِ الإِبْتداء، تَقُولُ: جاءَني القَومُ وَلَا سيِّما أَخُوكَ أَي وَلَا سِيَّ الَّذِي هُوَ أَخُوك، وَإِنْ شِئْتَ جَرَرْتَ مَا بعْدَه عَلَى أَن تَجْعَل مَا زائِدةً وتجُرَّ الإِسم بِسيٍّ لأَنَّ مَعْنَى سِيٍّ مَعْنَى مِثْلٍ؛ ويُنشدُ قولُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
أَلا رُبَّ يومٍ لكَ مِنْهُنَّ صالِحٍ،
…
وَلَا سِيَّما يومٍ [يومٌ] بِدَارةِ جُلْجُلِ
مَجْرُورًا وَمَرْفُوعًا، فَمَنْ رَوَاهُ وَلَا سيَّمَا يومٍ أَراد وَمَا مِثْلُ يومٍ وما صِلةٌ، وَمَنْ رَوَاهُ يومٌ أَراد وَلَا سِيَّ الَّذِي هُوَ يَوْمٌ. أَبو زَيْدٍ عَنِ الْعَرَبِ: إنَّ فُلَانًا عالمٌ وَلَا سِيَّما أَخوه، قال: وما صلَةٌ ونصبُ سِيَّما بِلا الجَحْدِ وما زَائِدَةٌ، كأَنك قُلْتَ وَلَا سِيَّ يَوْمٍ، وَتَقُولُ: اضْرِبْنَ القومَ وَلَا سِيَّما أَخيك أَي وَلَا مثْلَ ضَرْبةِ أَخيك، وَإِنْ قُلْتَ وَلَا سِيَّما أَخوك أَي وَلَا مِثْلَ الَّذِي هُوَ أَخوك، تَجْعَلُ مَا بِمَعْنَى الَّذِي وَتُضْمِرُ هُوَ وَتَجْعَلُهُ ابْتِدَاءً وأَخوك خَبَرُهُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَوْلُهُمْ لَا سِيَّما زيدٍ أَي لَا مثْلَ زَيْدٍ وما لَغْوٌ، وَقَالَ: لَا سِيَّما زيدٌ كَقَوْلِكَ دَعْ مَا زَيْدٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَثَلًا مَا بَعُوضَةً. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا هُوَ
لكَ بسِيٍّ أَي بِنَظِيرٍ، وَمَا هُمْ لَكَ بأَسْواءٍ، وَكَذَلِكَ الْمُؤَنَّثُ مَا هيَ لكَ بِسِيٍّ، قَالَ: يَقُولُونَ لَا سِيَّ لِمَا فُلانٌ [فُلانٍ] وَلَا سِيَّكَ مَا فُلانٌ وَلَا سِيَّ لِمَنْ فَعَل ذَلِكَ وَلَا سِيَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ وَمَا هُنَّ لَكَ بأَسْواءٍ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وَكَانَ سِيَّيْن أَن لَا يَسْرَحُوا نَعَماً،
…
أَو يَسْرَحُوه بِهَا واغْبَرَّتِ السُّوحُ
مَعْنَاهُ أَن لَا يَسْرَحُوا نعَمَاً وأَن يَسْرَحُوه بِهَا، لأَن سَواءً وسِيَّانِ لَا يُسْتَعْمَلَانِ إِلَّا بِالْوَاوِ فَوَضَعَ أَبو ذُؤَيْبٍ أَو هَاهُنَا مَوْضِعَ الْوَاوِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
فسِيَّان حَرْبٌ أَو تَبُوءَ بِمِثْلِهِ،
…
وَقَدْ يَقْبَلُ الضَّيمَ الذَّليلُ المسَيَّرُ «1»
. أَي فَسِيَّانِ حربٌ وبَواؤكم بِمِثْلِهِ، وَإِنَّمَا حَمَلَ أَبا ذُؤَيْبٍ عَلَى أَن قَالَ أَو يَسْرَحوه بِهَا كراهيةُ الخَبْن فِي مُسْتَفْعِلِنْ، وَلَوْ قَالَ ويَسْرَحُوه لَكَانَ الْجُزْءُ مَخْبُونًا. قَالَ الأَخفش: قَوْلُهُمْ إِنَّ فُلَانًا كَرِيمٌ وَلَا سِيّما إِنْ أَتيته قَاعِدًا، فَإِنَّ مَا هَاهُنَا زَائِدَةٌ لَا تَكُونُ مِنَ الأَصل، وَحُذِفَ هُنَا الإِضمار وَصَارَ مَا عِوَضًا مِنْهَا كأَنه قَالَ وَلَا مِثْله إِنْ أَتيته قَاعِدًا. ابْنُ سِيدَهْ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ سَواءٍ والعَدَمُ وسُوىً [سِوىً] والعَدَمُ أَي وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَواءٌ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: سَواء هُوَ والعَدَمُ. وَقَالُوا: هَذَا دِرْهَمٌ سَواءً وسَوَاءٌ، النَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ كأَنك قُلْتَ اسْتِوَاءً، وَالرَّفْعُ عَلَى الصِّفَةِ كَأَنَّكَ قُلْتَ مُسْتَوٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ
، قَالَ:
وَقَدْ قُرِئَ سَواءٍ
عَلَى الصِّفَةِ. والسَّوِيَّةُ والسَّوَاءُ: العَدْل والنَّصَفة؛ قَالَ تَعَالَى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ
؛ أَي عَدْلٍ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
أَرُوني خُطَّةً لَا عَيْبَ فِيهَا،
…
يُسَوِّي بَيْننا فِيها السَّواءُ
وَقَالَ تَعَالَى: فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ
؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ الضَّبّي:
أَتَسْأَلُني السَّوِيَّة وسْطَ زَيْدٍ؟
…
أَلا إنَّ السَّوِيَّةَ أَنْ تُضامُوا
وسَواءُ الشيءِ وسِوَاهُ وسُوَاهُ؛ الأَخيرتان عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: وَسَطُهُ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فِي سَواءِ الْجَحِيمِ
؛ وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
يَا ويْحَ أَصحابِ النَّبيِّ ورَهْطِهِ،
…
بعَدَ المُغَيَّبِ فِي سَواءِ المُلْحَدِ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي بكرٍ والنسَّابةِ: أَمْكَنْتَ مِن سَواء الثُّغْرَة
أَي وَسَطِ ثُغْرَةِ النَّحْرِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ مَسْعُودٍ: يُوضَعُ الصِّراطُ عَلَى سَواءِ جَهَنَّمَ.
وَفِي حَدِيثِ
قُسٍّ: فَإِذَا أَنا بهَضْبةٍ فِي تَسْوَائِها
أَي فِي الْمَوْضِعِ المُستوي مِنْهَا، وَالتَّاءُ زَائِدَةٌ للتَّفْعال. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه: كَانَ يَقُولُ حَبَّذا أَرضُ الْكُوفَةِ أَرضٌ سَواءٌ سَهْلة
أَي مُستوية. يُقَالُ: مَكَانٌ سَواءٌ أَي مُتَوسِّطٌ بَيْنَ المكانَين، وَإِنْ كسَرْت السينَ فَهِيَ الأَرض الَّتِي تُرابُها كالرَّملِ. وسَواءُ الشَّيْءِ: غيرُه؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ للأَعشى:
تَجانَفُ عَنْ جَوِّ اليَمامةِ نَاقَتِي،
…
وما عَدَلَتْ عن أَهلِها لسَوَائِكا
وَفِي الْحَدِيثِ:
سأَلْتُ رَبي أَن لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتي عَدُوّاً مِن سَواءِ أَنفسِهم فيسْتَبِيحَ بيْضتَهم
أَي مِنْ غَيْرِ أَهل دِينِهِمْ؛ سَواءٌ، بِالْفَتْحِ والمدِّ: مِثْلُ سِوَى بالقصرِ والكسرِ كالقِلا والقَلاء، وسُوىً [سِوىً] فِي مَعْنَى غَيْرٍ. أَبو عبيد: سُوى [سِوى] الشيءِ غيرُه كَقَوْلِكَ رأَيتُ سُواكَ [سِواكَ]، وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ سِوىً وسَواءٌ ظرفان،
(1). قوله [أو تبوء إلخ] هكذا في الأصل، وانظر هل الرواية تبوء بالإفراد أو تبوءوا بالجمع ليوافق التفسير بعده
وَإِنَّمَا اسْتُعْمِلَ سَواءٌ اسْمًا فِي الشِّعْرِ كَقَوْلِهِ:
وَلَا يَنْطِقُ الفحشاءَ مَنْ كَانَ منهمُ،
…
إِذَا جَلَسُوا مِنَّا وَلَا مِنْ سَوائِنا
وَكَقَوْلِ الأَعشى:
وَمَا عَدَلَتْ عَنْ أَهلِها لِسَوَائِكا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سواءٌ الْمَمْدُودَةٌ الَّتِي بِمَعْنَى غيرٍ هِيَ ظرْفُ مَكَانٍ بِمَعْنَى بَدَلٍ؛ كَقَوْلِ الْجَعْدِيِّ:
لَوَى اللهُ علْمَ الغيبِ عَمَّنْ سَوَاءَهُ،
…
ويَعْلَمُ مِنْهُ مَا مَضَى وتأَخَّرا
وَقَالَ يَزِيدُ بنُ الحَكَم:
همُ البُحورُ وتَلْقى مَنْ سَوَاءَهُم،
…
مِمَّنْ يُسَوَّدُ، أثْماداً وأَوْشالا
قَالَ: وسِوَى مِنَ الظُّرُوفِ الَّتِي لَيْسَتْ بمُتَمَكِّنةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
سَقاكِ اللهُ يَا سَلْمى سَقاكِ،
…
ودارَكِ باللِّوَى دارَ الأَرَاكِ
أَمَا والرَّاقِصات بكلِّ فَجٍّ،
…
ومَنْ صَلَّى بنَعْمانِ الأَراكِ
لَقَدْ أَضْمَرْتُ حُبَّكِ فِي فُؤَادِي،
…
وَمَا أَضْمَرْتُ حُبًّا مِن سِواكِ
أَطَعْتِ الآمِرِيك بقَطْع حَبْلِي،
…
مُرِيهِمْ فِي أَحِبَّتهم بذاكِ،
فإنْ هُمْ طاوَعُوكِ فطاوِعِيهم،
…
وإنْ عاصَوْكِ فاعْصِي مَنْ عَصاكِ
ابْنُ السِّكِّيتِ: سَواءٌ، مَمْدُودٌ، بِمَعْنَى وسَط. وَحَكَى الأَصمعي عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَر: انْقَطَع سَوَائِي أَي وَسَطي، قَالَ: وسِوىً وسُوىً بِمَعْنَى غيرٍ كَقَوْلِكَ سَواءٌ. قَالَ الأَخفش: سِوىً وسُوىً إِذَا كَانَ بِمَعْنَى غيرٍ أَو بِمَعْنَى العدلِ يَكُونُ فِيهِ ثلاثُ لغاتٍ: إِنْ ضمَمْتَ السِّينَ أَو كسَرْت قَصرْتَ فِيهِمَا جَمِيعًا، وإنْ فتحتَ مَددْتَ، تَقُولُ مَكَانٌ سِوىً وسُوىً وسَواءٌ أَي عَدْلٌ ووَسَطٌ فِيمَا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ؛ قَالَ مُوسَى بْنُ جَابِرٍ:
وجَدْنا أَبانا كَانَ حَلَّ ببَلْدَةٍ
…
سِوىً بَيْنَ قَيْسٍ، قَيْسِ عَيْلانَ، والفِزْرِ
وَتَقُولُ: مَرَرْتُ برجُلٍ سِواكَ وسُواكَ وسَوائِكَ أَي غَيْرِكَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَلَمْ يأْت سواءٌ مكسورَ السِّينِ مَمْدُودًا إِلَّا فِي قَوْلِهِمْ: هُوَ فِي سِوَاء رأْسِه وسِيِّ رأْسِه إِذَا كَانَ فِي نَعْمة وخِصْبٍ، قَالَ: فَيَكُونُ سِواءٌ عَلَى هَذَا مصدَر ساوَى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وسِيٌّ بِمَعْنَى سَواءٍ، قَالَ: وَقَوْلُهُمْ فلانٌ فِي سِيِّ رأسِه وَفِي سَوَاء رأْسِه كلُّه مِنْ هَذَا الْفَصْلِ، وَذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي فَصْلٍ سَيا وفسَّره فَقَالَ: قَالَ الْفَرَّاءُ يُقَالُ هُوَ فِي سِيِّ رأْسه وَفِي سَواء رأْسه إِذَا كَانَ فِي النَّعمة. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَقَدْ يفسرُ سِيّ رأْسه عَدَدَ شَعرَه مِنَ الْخَيْرِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنه خاضِبٌ، بالسِّيِّ مَرْتَعُه،
…
أَبو ثَلاثينَ أَمْسَى وَهُوَ مُنْقَلِبُ «2»
. وَمَكَانٌ سِوىً وسُوىً: مُعْلَمٌ. وَقَوْلُهُ عز وجل: مَكَانًا سِوىً، وسُوىً
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وأَكثر كَلَامِ الْعَرَبِ بِالْفَتْحِ إِذَا كَانَ فِي مَعْنَى نَصَفٍ وعَدْلٍ فتَحوه ومَدُّوه، والكسْرُ والضمُّ معَ القَصْر عَرَبيّانِ، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا. قَالَ اللَّيْثُ: تصغيرُ سَواءٍ الممدودِ سُوَيٌّ. وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ: مَكاناً سُوىً
ويُقْرَأُ بِالضَّمِّ، وَمَعْنَاهُ مَنْصَفاً أَي مَكَانًا يَكُونُ للنَّصَفِ فِيمَا بينَنا وَبَيْنَكَ، وَقَدْ جَاءَ فِي اللُّغَةِ سَواءٌ بهذا المعنى،
(2). قوله [كأنه خاضب إلخ] قال الصاغاني الرواية: أذاك أم خاضب إلخ. يعني أذاك الثور الذي وصفته يشبه ناقتي في سرعتها أم ظليم هذه صفته
تَقُولُ هَذَا مَكَانٌ سَواءٌ أَي مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ، وَلَكِنْ لَمْ يُقْرَأْ إِلَّا بالقَصْر سِوىً وسُوىً. وَلَا يُساوِي الثوبُ وغيرُه شَيْئًا وَلَا يُقَالُ يَسْوَى، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا قَوْلِ أَبي عُبَيْدٍ، قَالَ: وَقَدْ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ. واستَوى الشيءُ: اعْتَدَلَ، وَالِاسْمُ السَّوَاءُ، يُقَالُ: سَوَاءٌ عَليَّ قمتَ أَو قعدتَ. واسْتَوَى الرجلُ: بَلَغَ أَشُدَّه، وَقِيلَ: بَلَغَ أَربعين سَنَةً. وَقَوْلُهُ عز وجل: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ
؛ كَمَا تَقُولُ: قَدْ بلغَ الأَميرُ مِنْ بَلَدِ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى بَلَدِ كَذَا، مَعْنَاهُ قَصَد بالاسْتِواء إِلَيْهِ، وَقِيلَ: اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ صَعِدَ أَمره إِلَيْهَا، وَفَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: أَقْبَلَ إِلَيْهَا، وَقِيلَ: اسْتَوْلى. الْجَوْهَرِيُّ: اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ أَي قَصَدَ، واسْتَوى أَي اسْتَوْلى وظَهَر؛ وَقَالَ:
قَدِ اسْتَوى بِشْرٌ عَلَى العِرَاق،
…
مِنْ غَيرِ سَيْفٍ ودَمٍ مُهْراق
الْفَرَّاءُ: الاسْتِوَاء فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما أَن يَسْتَوِي الرجلُ وَيَنْتَهِيَ شبابُه وقوَّته، أَو يَسْتَوِي عَنِ اعْوِجَاجٍ، فَهَذَانَ وَجْهَانِ، وَوَجْهٌ ثَالِثُ أَن تَقُولَ: كَانَ فُلَانٌ مُقْبِلًا عَلَى فُلَانَةٍ ثُمَّ استَوَى عليَّ وإليَّ يُشاتِمُني، عَلَى مَعْنَى أَقبل إليَّ وعلىَّ، فَهَذَا قَوْلِهِ عز وجل: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ*
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ صعِدَ، وَهَذَا كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ: كَانَ قَائِمًا فاسْتَوَى قَاعِدًا، وَكَانَ قَاعِدًا فاسْتَوَى قَائِمًا، قَالَ: وكلٌّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ جَائِزٌ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ أَي صعِد أَمره إِلَى السَّمَاءِ. وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى فِي قَوْلِهِ عز وجل: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى
؛ قَالَ الاسْتِوَاءُ الإِقبال عَلَى الشَّيْءِ، وَقَالَ الأَخفش: اسْتَوَى أَي عَلَا، تَقُولُ: استَوَيْتُ فَوْقَ الدَّابَّةِ وَعَلَى ظَهْرِ الْبَيْتِ أَي علَوْتُه. واسْتَوَى عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ أَي استَقَرَّ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ*
؛ عمَدَ وَقَصَدَ إِلَى السَّمَاءِ، كَمَا تَقُولُ: فَرغ الأَميرُ مِنْ بَلَدِ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى بَلَدِ كَذَا وَكَذَا، مَعْنَاهُ قَصَدَ بِالِاسْتِوَاءِ إِلَيْهِ. قَالَ دَاوُدُ بنُ عَلِيٍّ الأَصبهاني: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ الأَعرابي فأَتاه رجلٌ فَقَالَ: مَا مَعْنَى قَوْلَ اللَّهِ عز وجل الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى
؟ فَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ، فَقَالَ: يَا أَبا عبدِ اللَّهِ إِنَّمَا مَعْنَاهُ استَوْلى، فَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَا يُدْرِيك؟ الْعَرَبُ لَا تَقُولُ استَوْلى عَلَى الشَّيْءِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مُضادٌّ فأَيهما غَلَب فَقَدِ اسْتَوْلى؛ أَما سَمِعْتَ قَوْلَ النَّابِغَةِ:
إلَّا لمِثْلِكَ، أَو مَن أَنت سابِقُه
…
سبْقَ الجوادِ، إِذَا اسْتَوْلى عَلَى الأَمَدِ
وَسُئِلَ مَالِكُ بْنُ أَنس: اسْتَوَى كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَقَالَ: الكيفُ غَيْرُ معقولٍ، والاستِواءُ غَيْرُ مَجْهول، والإِيمانُ بِهِ واجبٌ، والسؤالُ عَنْهُ بِدْعةٌ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى
؛ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى اسْتَوَى هَاهُنَا بَلَغَ الأَربعين. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَكَلَامُ الْعَرَبِ أَن المجتمِعَ من الرجالِ والمُسْتَوِي الَّذِي تَمَّ شَبابُه، وَذَلِكَ إِذَا تمَّتْ ثَمَانٌ وعشرونَ سَنَةً فَيَكُونُ مجتمِعاً ومُسْتَوِياً إِلَى أَن يَتِمَّ لَهُ ثلاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، ثُمَّ يَدْخُلُ فِي حدِّ الكهولةِ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ بلوغُ الأَربعين غايةَ الاستِواء وكمالِ الْعَقْلِ. ومكانٌ سَوِيٌّ وسِيٌّ: مُسْتَوٍ. وأَرضٌ سِيٌّ: مسْتَوِية؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
رَهاء بَساط الأَرضِ سِيّ مَخُوفة
والسِّيُّ: الْمَكَانُ المُسْتَوِي؛ وَقَالَ آخَرُ:
بأَرض وَدْعانَ بِساطٌ سِيٌ
أَي سَواءٌ مستقيمٌ. وسَوَّى الشيءَ وأَسْوَاهُ: جعلَه سَوِيّاً. وَهَذَا الْمَكَانُ أَسْوَى هَذِهِ الأَمكنةِ أَي أَشدُّها اسْتِواءً، حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. وأَرض سَواءٌ: مُسْتَويةٌ. ودارٌ سَواءٌ: مُسْتَويةُ المَرافِق. وثوبٌ سَواءٌ: مسْتَوٍ عرضُه وطولُه وطبقاتُه، وَلَا يُقَالُ جملٌ سَوَاءٌ وَلَا حمارٌ سَوَاءٌ وَلَا رجلٌ سَوَاءٌ. واسْتَوَتْ بِهِ الأَرضُ وتَسَوَّتْ وسُوِّيَتْ عَلَيْهِ، كلُّه: هَلك فِيهَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: مَعْنَاهُ يَصيرُون كَالتُّرَابِ، وَقِيلَ: لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ
أَي تَسْتَوي بِهِمْ؛ وَقَوْلُهُ:
طَالَ عَلَى رَسْم مَهْدَدٍ أَبَدُهْ،
…
وعَفا واسْتَوَى بِهِ بَلَدُهْ «1»
. فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: اسْتَوَى بِهِ بلدُه صَارَ كلُّه حَدَباً، وَهَذَا الْبَيْتُ مختلِفُ الوزنِ فالمِصراعُ الأَول مِنَ الْمُنْسَرِحِ «2». وَالثَّانِي مِنَ الْخَفِيفِ. ورجلٌ سَوِيُّ الخَلْق والأُنثى سَوِيَّةٌ أَي مُسْتَوٍ. وَقَدِ اسْتَوَى إِذَا كَانَ خَلْقُه وولدُه سَوَاءٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا لَفْظُ أَبي عُبَيْدٍ، قَالَ: وَالصَّوَابُ كَانَ خَلْقُه وخَلْق وَلَدِهِ أَو كَانَ هُوَ وولدُه. الْفَرَّاءُ: أَسْوَى الرجلُ إِذَا كَانَ خَلْق ولدِه سَوِيّاً وخَلْقُه أَيضاً، واسْتَوَى مِنِ اعوِجاجٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بَشَراً سَوِيًّا
، وَقَالَ: ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: لَمَّا قَالَ زَكَرِيَّا لِرَبِّهِ اجْعَلْ لِي آيَةً أَي علامَةً أَعلم بِهَا وقوعَ مَا بُشِّرْتُ بِهِ قَالَ: آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا
؛ أَي تُمْنَع الكلامَ وأَنت سَوِيٌّ لَا أَخرسُ فتعلَم بِذَلِكَ أَن اللَّهَ قَدْ وهبَ لَكَ الوَلدَ، قال: وسَوِيّاً منصوبٌ عَلَى الحالِ، قَالَ: وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا
؛ يَعْنِي جبريلَ تمثَّل لمرْيمَ وَهِيَ فِي غُرْفةٍ مُغْلَقٍ بابُها عَلَيْهَا محجوبةٌ عَنِ الخَلْقِ فتمثَّل لَهَا فِي صُورَةِ خَلْقِ بَشَرٍ سَويّ، فَقَالَتْ لَهُ: إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: السَّوِيُّ فَعيلٌ فِي مَعْنَى مُفْتَعلٍ أَي مُسْتَوٍ، قَالَ: والمُستَوِي التامُّ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الَّذِي قَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي شبابِه وتمامِ خَلْقِه وعقلِه. واسْتَوَى الرَّجُلُ إِذَا انْتَهَى شَبابه، قَالَ: وَلَا يُقَالُ فِي شيءٍ مِنَ الأَشياء اسْتَوَى بنفسِه حَتَّى يُضَمَّ إِلَى غيرِه فَيُقَالَ: اسْتَوَى فلانٌ وفلانٌ، إلَّا فِي مَعْنَى بلوغِ الرَّجُلِ النهايةَ فَيُقَالُ: اسْتَوَى، قَالَ: وَاجْتَمَعَ مثلُه. وَيُقَالُ: هُمَا عَلَى سَوِيَّةٍ مِنَ الأَمر أَي عَلَى سَواءٍ أَي استِواءٍ. والسَّوِيَّة: قتَبٌ عجميٌّ لِلْبَعِيرِ، وَالْجَمْعُ السَّوَايَا. الْفَرَّاءُ: السَّايَةُ فَعْلةٌ مِنَ التَّسْوِيَةِ. وقولُ الناسِ: ضَرَبَ لِي سَايَةً أَي هيّأَ لِي كَلِمَةً سَوَّاها عليَّ ليَخْدَعَني. وَيُقَالُ: كيف أَمْسَيْتُم؟ فيقولون: مُسْؤُونَ، بِالْهَمْزِ، صَالِحُونَ، وَقِيلَ لِقَوْمٍ: كَيْفَ أَصبحتم؟ قَالُوا: مُسْوِينَ صَالِحِينَ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ كَيْفَ أَصبحتم فيقولون: مُسْؤُون صَالِحُونَ أَي أَن أَولادَنا وَمَوَاشِيَنَا سويَّةٌ صَالِحَةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ أَسْوَى نَسِيَ «3» ، وأَسْوَى صلِعَ، وأَسْوَى بِمَعْنَى أَساءَ، وأَسْوَى اسْتَقَامَ. وَيُقَالُ: أَسْوَى الْقَوْمُ فِي السَّقْي، وأَسْوَى الرجلُ أَحدث، وأَسْوَى خَزِيَ، وأَسْوَى فِي المرأَة أَوعب، وأَسْوَى حَرْفًا مِنَ الْقُرْآنِ أَو آيةً أَسْقطَ.
(1). قوله [مهدد] هو هكذا في الأصل وشرح القاموس
(2)
. قوله [فَالْمِصْرَاعُ الأَول مِنَ الْمُنْسَرِحِ] أي بحسب ظاهره، وإلا فهو من الخفيف المخزوم بالزاي بحرفين أول المصراع وهما طا وحينئذ فلا يكون مختلفاً
(3)
. قوله [أسوى نسي إلى قوله أَسْوَى الْقَوْمُ فِي السَّقْيِ] هذه العبارة هكذا في الأصل
وَرُوِيَ
عَنْ أَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَميّ أَنه قَالَ: مَا رأَيت أَحداً أَقرأَ مِنْ عَلِيٍّ، صلَّيْنا خَلْفَه فأَسْوَى بَرْزخاً ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فقرأَه، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ انْتَهَى إِلَيْهِ
، قَالَ الْكِسَائِيُّ: أَسْوَى بِمَعْنَى أَسْقَط وأَغفَل. يُقَالُ: أَسْوَيْتُ الشيءَ إِذَا تركتَه وأَغفَلْتَه؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: كَذَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ، وأَنا أُرى أَن أَصل هَذَا الْحَرْفِ مَهْمُوزٍ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أُرى قَوْلَ أَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي عَلِيٍّ، رضي الله عنه،
أَسْوَى بَرْزَخًا
بِمَعْنَى أَسقَط، أَصلُه مِنْ قَوْلِهِمْ أَسْوَى إِذَا أَحدث وأَصلُه مِنَ السَّوْأَةِ، وَهِيَ الدُّبُر، فتُرِكَ الهمزُ فِي الْفِعْلِ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: رحمَ اللَّهُ الكسائيَّ فَإِنَّهُ ذكَرَ أَنَّ أَسْوَى بِمَعْنَى أَسْقَطَ وَلَمْ يَذْكُر لِذَلِكَ أَصلًا وَلَا تَعْليلًا، وَلَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لأَبي منصورٍ، سامَحَه اللَّهُ، أَن يَقْتدِي بالكِسائي وَلَا يذكُرَ لِهَذِهِ اللَّفْظَة أَصلًا وَلَا اشتِقاقاً، وَلَيْسَ ذَلِكَ بأَوَّل هَفَواتِه وَقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بنُطْقه، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةٍ ع م ر مَا يُقاربُ هَذَا، وَقَدْ أَجادَ ابنُ الأَثير الْعِبَارَةَ أَيضاً فِي هَذَا فَقَالَ: الإِسْوَاءُ فِي القراءَةِ والحسابِ كالإِشْواءِ فِي الرَّمْيِ أَي أَسْقَطَ وأَغْفَل، والبَرْزَخُ مَا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ؛ قَالَ الْهَرَوِيُّ: وَيَجُوزُ أَشْوَى، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، بِمَعْنَى أَسقط، وَالرِّوَايَةُ بِالسِّينِ. وأَسْوَى إِذَا بَرِصَ، وأَسْوَى إِذَا عُوفيَ بَعْدَ عِلةٍ. وَيُقَالُ: نَزَلْنا فِي كَلإٍ سِيٍّ، وأَنْبط مَاءً سِيّاً أَي كَثِيرًا وَاسِعًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ
؛ قَالَ أَي نَجْعَلَها مُسْتَوِيةً كخُفِّ الْبَعِيرِ وَنَحْوِهِ وَنَرْفَعَ مَنَافِعَهُ بالأَصابع «1» . وسَواءُ الجَبَلِ: ذرْوَتُه، وسَواءُ النهارِ: مُنْتَصَفُه، وليلةُ السَّواء: لَيلةُ أَربعَ عَشْرَة، وَقَالَ الأَصمعي: ليلةُ السَّوَاءِ، ممدودٌ، ليلةُ ثلاثَ عشْرةَ وَفِيهَا يَسْتَوِي الْقَمَرُ، وَهُمْ فِي هَذَا الأَمر عَلَى سَوِيّةٍ أَي اسْتِواءٍ. والسَّوِيَّةُ: كِساء يُحْشَى بثُمامٍ أَو لِيفٍ أَو نحوِه ثُمَّ يُجعلُ عَلَى ظهْرِ البعيرِ، وَهُوَ مِن مَراكبِ الإِماء وأَهلِ الحاجةِ، وَقِيلَ: السَّوِيَّةُ كِساءٌ يُحَوَّى حَوْلَ سَنام البعيرِ ثُمَّ يُرْكَبُ. الْجَوْهَرِيُّ: السَّوِيَّةُ كِساءٌ مَحْشُوٌّ بثُمامٍ ونحوِه كالبَرْذَعة؛ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَنَمة الضَّبيّ، والصَّحيحُ أَنه لِسَلَامِ بْنِ عَوِيَّةَ الضَّبيّ:
فازْجُرْ حِمارَكَ لَا تُنْزَعْ سَوِيَّتُهُ،
…
إِذًا يُرَدُّ وقَيْدُ العَيْرِ مَكْرُوبُ
قَالَ: والجَمع سَوايَا، وَكَذَلِكَ الَّذِي يُجْعَل عَلَى ظَهْرِ الإِبِل إِلَّا أَنه كالحَلْقَةِ لأَجل السَّنَامِ، ويُسَمَّى الحَوِيَّةَ. وسِوَى الشَّيءِ: قَصْدُه: وقَصَدْتُ سِوَى فُلانٍ أَي قَصَدْتُ قَصْدُه؛ وَقَالَ:
ولأَصْرِفَنَّ، سِوَى حُذَيْفَة، مِدْحَتي،
…
لِفَتى العَشِيِّ وفارِسِ الأَحْزابِ
وَقَالُوا: عَقْلُكَ سِواكَ أَي عَزَبَ عنكَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لِلْحَطِيئَةِ:
لَنْ يَعْدَمُوا رَابِحًا مِنْ إرْثِ مَجْدِهِم،
…
وَلَا يَبِيتُ سِوَاهُم حِلْمُهُم عَزَبَا
وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ*
؛ فإنَّ سَلَمَة رُوِيَ عَنِ الفراءِ أَنه قَالَ سَواءَ السَّبِيلِ*
قَصْدُ السَّبيلِ، وَقَدْ يكونُ سَواءٌ عَلَى مذهبِ غيرٍ كَقَوْلِكَ أَتَيْتُ سَواءَكَ، فَتَمُدُّ. ووقَع فلانٌ فِي سِيِّ رأْسِه وسَوَاءِ رأْسِه أَي هُوَ مَغْمُورٌ في النِّعْمَةِ،
(1). قوله [ونرفع منافعه بالأَصابع] عبارة الخطيب: وقال ابن عباس وأكثر المفسرين عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ أي نجعل أصابع يديه ورجليه شيئاً واحداً كخف البعير فلا يمكنه أن يعمل بها شيئاً ولكنا فرقنا أصابعه حتى يعمل بها ما شاء