المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الشين المعجمة - لسان العرب - جـ ١٤

[ابن منظور]

الفصل: ‌فصل الشين المعجمة

وَقِيلَ: فِي عددِ شَعْرِ رأْسِه، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ النِّعْمَةَ سَاوَتْ رأْسَه أَي كثُرَتْ عَلَيْهِ، ووقَعَ مِنَ النِّعمة فِي سِواءِ رأْسِه، بِكَسْرِ السِّينِ؛ عَنِ الْكِسَائِيِّ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: وَهُوَ الْقِيَاسُ كأَنَّ النِّعمة ساوَتْ رأْسَه مُساواةً وسِواءً. والسِّيُّ: الفَلاةُ. ابْنُ الأَعرابي: سَوَّى إِذَا اسْتَوَى، وسَوَّى إِذَا حَسُنَ. وَسِوَى: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ. والسِّيُّ: مَوْضِعٌ أَمْلَسُ بالبادِية. وسايةُ: وادٍ عَظِيمٌ بِهِ أَكثرُ مِنْ سَبْعِينَ نهْراً تَجْرِي تَنْزِلُه مُزَيْنَةُ وسُلَيْمٌ. وسايةُ أَيضاً: وَادِي أَمَجٍ وأَهل أَمَجٍ خُزاعَة؛ وقولُ أَبي ذؤَيب يَصِفُ الحمارَ والأُتُن:

فافْتَنَّهُنَّ مِنَ السَّوَاء وماؤهُ

بَثْرٌ، وعانَدَهُ طريقٌ مَهْيَعُ

قِيلَ: السَّوَاء هَاهُنَا موضعٌ بعَيْنِه، وَقِيلَ: السَّوَاءُ الأَكَمَة أَيَّةً كَانَتْ، وَقِيلَ: الحَرَّةُ، وَقِيلَ: رأْس الحَرَّةِ. وسُوَيَّةُ: امرأَةٌ؛ وَقَوْلُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ:

للهِ دَرُّ رافِعٍ أَنَّى اهْتَدَى،

فَوَّزَ مِنْ قُراقِرٍ إِلَى سُوَى

خِمْساً، إِذَا سارَ بِهِ الجِبْسُ بَكَى

عِنْدَ الصَّباحِ يَحْمَدُ القَومُ السُّرَى،

وتَنْجلي عَنهُم غَيَاباتُ الكَرَى

قُراقِرٌ وسُوىً: ماءَانِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ مُفَرَّغٍ.

فدَيْرُ سُوىً فسَاتِيدَ فَبُصْرَى

سيا: سِيَةُ القَوْسِ، طَرَفُ قابِها، وَقِيلَ: رأْسُها، وَقِيلَ: مَا اعْوَجَّ مِنْ رأْسِها، وَهُوَ بعدَ الطَّائِفِ، والنَّسَبُ إِلَيْهِ سِيَوِيٌّ. الأَصمعي: سِيةُ القَوْسِ مَا عُطِفَ مِنْ طَرَفَيْها، وَلَهَا سِيَتَان، وَفِي السِّيَة الكُظْرُ وَهُوَ الفَرْضُ الَّذِي فِيهِ الوَتَرُ، وَكَانَ رؤبة ابن الْعَجَّاجِ يَهْمِزُ سِئَةَ القَوْسِ وسائرُ العَرب لَا يهمِزونها، والجمعَ سِيَاتٌ، وَالْهَاءُ عوضٌ مِنَ الْوَاوِ المحذوفةِ كعِدَةٍ، وَفِي الْحَدِيثِ:

وَفِي يدِه قَوْسٌ آخِذٌ بِسِيَتِها

؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي سُفْيَانَ: فَانْثَنَتْ عَلَيَّ سِيَتَاها

، يَعْنِي سِيَتَيِ القَوْسِ. والسِّيةُ: عِرِّيسَةُ الأَسَد. والسَّايَةُ: الطَّرِيقُ؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ، وَحُكِيَ: ضَرَب عَلَيه سَايَتَه، وَهُوَ ثِقَله عَلَى مَا جاءَ فِي وَزْنِ آيةٍ. والسِّيُّ، غيرُ مهموزٍ بِكَسْرِ السِّينِ: أَرض فِي بِلَادِ العَرَب مَعْروف؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

بالسِّيِّ تَنُّومٌ وآءُ

‌فصل الشين المعجمة

شأي: الشَّأْوُ: الطَّلَقُ والشَّوْطُ. والشَّأْوُ: الغَايةُ والأَمَدُ، وَفِي الْحَدِيثِ:

فَطَلَبْتُه أرْفَعُ فَرَسِي شَأواً وأَسِيرُ شَأْواً

؛ الشّأْوُ: الشَّوْطُ والمَدَى؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: قَالَ لِخَالِدِ بْنِ صفوانَ صاحبِ ابنِ الزُّبَيْر وَقَدْ ذكَرَ سُنَّة العُمَرَيْن فَقَالَ تَرَكْتُمَا سُنَّتَهُما شَأْواً بَعيداً

، وَفِي رِوَايَةٍ: شَأْواً مُغَرَّباً ومُغَرِّباً، والمُغَرَّبُ والمُغَرِّبُ البَعِيدُ، وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ تَرَكْتُما خَالِدًا وابْنَ الزُّبَيْر. والشَّأْوُ: السَّبْقُ، شَأَوْتُ القَوْمَ شَأْواً: سَبَقْتُهم. وشَأَيْتُ القَوْمَ شَأْياً: سبَقْتُهم؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

فَكانَ تَنادِينَا وعَقْدَ عِذَارِه،

وقالَ صِحابي: قَدْ شأَوْنَكَ فاطْلُبِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْوَاوُ هاهنا بِمَعْنَى مَعْ أَي مَعَ عَقْدِ عِذَارِهِ، فأَغْنَتْ عَنِ الخَبَر عَلَى حدِّ قَوْلِهِمْ كُلُ

ص: 417

رجلٍ وضَيْعَتَه؛ وأَنشد أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ:

شَأَتْكَ المَنازِلُ بالأَبْرَقِ

دَوارِسَ كالوَحْيِ فِي المُهْرَقِ

أَي أَعْجَلَتْك مِنْ خَرابها إِذْ صارَتْ كالخَطِّ فِي الصَّحِيفَةِ. وشَآني الشيءُ شَأْواً: أَعْجَبَني، وَقِيلَ حزَنَنِي؛ قَالَ الحَرِثُ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ:

مَرَّ الحُمُولُ فَمَا شَأَوْنَكَ نَقْرَةً،

ولَقَدْ أَراكَ تُشاءُ بالأَظْعانِ

وَقِيلَ: شآنِي طَرَّبَنِي، وَقِيلَ: شاقَنِي؛ قَالَ سَاعِدَةُ:

حتَّى شَآها كَلِيلٌ، مَوْهِناً، عَمِلٌ؛

باتَتْ طِراباً، وباتَ اللَّيْل لَمْ يَنَمِ

شَآها أَي شاقَها وطَرَّبَها بِوَزْنِ شَعاها. الأَصمعي: شَآنِي الأَمْرُ مثلُ شَعاني، وَشَاءَنِي مِثْلُ شاعَنِي إِذَا حَزَنَك، وَقَدْ جَاءَ الحَرِثُ بنُ خالد في بَيْتِهِ بِاللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا. وشُؤْتُه أَشُوءُهُ أَي أَعْجَبْتُه. وَيُقَالُ: شُؤتُ بِهِ أَي أُعْجِبْتُ بِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: وشَآني الشيءُ شَأْياً حَزَنَني وشاقَني؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:

لَمْ أُغَمِّضْ لَهُ وشَأْيي بِهِ مَّا،

ذاكَ أَنِّي بصَوْبِهِ مَسْرورُ

وَيُقَالُ: عَدا الفَرَسُ شَأْواً أَو شَأْوَيْنِ أَي طَلَقاً أَو طَلَقَيْن. وشَآهُ يَشْآهُ شَأْواً إِذَا سَبَقَه. وَيُقَالُ: تَشَاءَى مَا بَيْنَهُمْ بِوَزْنِ تَشاعى أَي تَباعَدَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّة يَمْدَحُ بِلالَ بنَ أَبي بُرْدَة:

أَبوكَ تَلافى الدِّينَ والناسَ بَعْدَ ما

تَشاءَوْا، وبَيْتُ الدِّينِ مُنْقَطِعُ الكِسْرِ

فشَدَّ إصارَ الدِّينِ، أَيّامَ أَذْرُحٍ،

ورَدَّ حُرُوبًا قَدْ لَقِحْنَ إِلَى عُقْرِ

ابْنُ سِيدَهْ: وشَاءَنِي الشيءُ سبَقَني. وشَاءَني: حَزنَني، مقْلوبٌ مِنْ شَآنِي، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مقلوبٌ مِنْهُ أَنه لَا مصدَرَ لَهُ، لَمْ يَقُولُوا شاءَني شَوْءاً كَمَا قَالُوا شَآني شَأْواً، وأَما ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: هُمَا لُغَتَانِ، لأَنه لَمْ يَكُنْ نحوِيّاً فيَضْبِط مثلَ هذا؛ وقال الحَرِثُ بنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ فَجَاءَ بِهِمَا:

مَرَّ الحُمولُ فَمَا شَأَوْنَكَ نَقْرَةً،

ولَقَدْ أَراكَ تُشاءُ بالأَظْعانِ

تَحْتَ الخُدورِ، وَمَا لَهُنَّ بَشاشَةٌ،

أُصُلًا، خَوارِجَ مِنْ قَفا نَعْمانِ

يَقُولُ: مَرَّت الحُمول وَهِيَ الإِبل عَلَيْهَا النساءُ فَمَا هَيَّجْنَ شَوْقَك، وكنتَ قَبْلَ ذَلِكَ يهيجُ وجْدُك بهِنَّ إِذَا عايَنْتَ الحُمولَ، والأَظْعانُ: الهَوادِجُ وَفِيهَا النِّساءُ، والأُصُلُ: جَمْعُ أَصيلٍ، ونَعْمانُ: مَوْضِعٌ معروفٌ، وَالْبَشَاشَةُ: السُّرورُ والابْتِهاج؛ يُرِيدُ أَنه لَمْ يَبْتَهِجْ بهِنَّ إِذْ مَرَرن عَلَيْهِ لأَنه قَدْ فَارَقَ شبابَه وعَزَفَتْ نفْسُه عَنِ اللَّهْوِ فَلَمْ يَبْتَهِجْ لمُرورِهِنَّ بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَمَا شأَوْنَكَ نَقْرَةً أَي لَمْ يُحرِّكْنَ مِن قَلْبِكَ أَدْنى شيءٍ. وشُؤْتُ بالرَّجُلِ شَوْءاً: سُرِرْتُ. وشَاءَني الشيءُ يَشُوءُني ويَشِيئُنِي: شاقَني، مَقْلوبٌ مِنْ شَآنِي؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ؛ وأَنشد:

لَقَدْ شاءَنا القومُ السِّراعُ فأَوعَبوا

أَراد: شَآنَا، والدليلُ عَلَى أَنه مقلوبٌ أَنه لَا مَصْدَرَ لَهُ. وشاءاهُ عَلَى فاعَلَه أَي سَابَقَهُ. وشاءَه: مِثْلُ شآهُ عَلَى القلبِ أَي سَبَقَه. ورجلٌ شيِّئانٌ بوزنِ شَيِّعان: بعيدُ النظرِ، ويُنْعَتُ بِهِ الْفَرَسُ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مَقْلُوبًا مِنَ شَأَى الَّذِي هُوَ سَبَقَ لأَن نَظَرَهُ يَسْبِقُ نَظَر غَيْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونَ مِنَ مادَّةٍ عَلَى حِيالِها كَشَاءَنِي الَّذِي هُوَ سَرَّني؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

ص: 418

مُخْتَتِياً لِشَيِّئانٍ مِرْجَمِ

وشيءٌ مُتَشَاءٍ: مختلِفٌ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

لَعَمْري لَقَدْ أَبْقَتْ وقيعةُ راهِطٍ،

لِمَرْوانَ، صَدْعاً بَيِّناً مُتَشائِيا

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّره. واشْتَأَى: اسْتَمَع. أَبو عُبَيْدٍ: اشْتأَيْتُ اسْتَمَعْت؛ وأَنشد لِلشَّمَّاخِ:

وحُرَّتَيْنِ هِجانٍ لَيْسَ بَيْنَهُما،

إِذَا هُما اشْتأَتا لِلسَّمْعِ، تَهْميلُ «2»

. واشْتَأَى: اسْتَمَع، وَقَالَ المُفَضَّل: سَبَقَ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّأَى الفسادُ مثلُ الثَّأَى، قَالَ: والشَّأَى التَّفْريقُ. يُقَالُ: تَشاءَى القَوْمُ إِذَا تَفَرَّقوا. التَّهْذِيبِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَيضاً: وَمِنْ أَمثالهم شرٌّ مَا أَشاءَكَ إِلَى مُخَّةِ عُرْقوبٍ، وشَرٌّ مَا أَجاءَكَ أَي أَلجَأَكَ. وَقَدْ أُشِئْتُ إِلَى فُلانٍ وأُجِئْتُ إِلَيْهِ أَي أُلْجِئْتُ إِلَيْهِ. اللَّيْثُ: المَشِيئَة مصدرُ شاءَ يَشاءُ مَشيئَةً: وشَأْوُ الناقةِ: بَعْرُها، وَالسِّينُ أَعلى. اللَّيْثُ: شَأْوُ الناقةِ زِمامُها وشَأْوُها بَعْرُها؛ قَالَ الشَّمَّاخُ يَصِفُ عَيْراً وأَتانه:

إِذَا طَرَحا شَأْواً بأَرْضٍ، هَوى لَهُ

مُقَرَّضُ أَطْرافِ الذِّراعَيْنِ أَفْلَجُ

وَقَالَ الأَصمعي: أَصْلُ الشَّأْوِ زَبيلٌ مِنْ تُرابٍ يُخْرَجُ مِنَ البِئْر، وَيُقَالُ للزَّبيلِ المِشْآة، فَشَبَّه مَا يُلْقيهِ الحِمارُ والأَتانُ مِنْ رَوْثِهِما بِهِ؛ وَقَالَ الشَّمَّاخُ فِي الشأْوِ بِمَعْنَى الزِّمام:

مَا إِنْ يَزالُ لَهَا شَأْوٌ يُقَوِّمُها،

مُجَرّبٌ مثلُ طُوطِ العِرْقِ، مَجْدولُ

وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا تَرَكَ الشيءَ ونَأَى عَنْهُ: ترَكَه شَأْواً مُغَرَّباً [مُغَرِّباً]، وهَيْهاتَ ذَلِكَ شَأْوٌ مُغَرَّبٌ [مُغَرِّبٌ]؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

أَعَهْدَكَ مِنْ أُولى الشَّبيبَةِ تَطْلُبُ

عَلَى دُبُرٍ، هَيْهاتَ شَأْوٌ مُغَرِّبُ

وَقَالَ الْمَازِنِيُّ فِي قَوْلِهِ:

يُصْبِحْنَ، بَعْدَ الطَّلَقِ التَّجْريدِ،

شَوائِياً للسَّائِقِ الغِرِّيدِ

التَّجْرِيدُ: الْمُتَجَرِّدُ الْمَاضِي، والشَّوَائِي: الشَّوائِقُ، وقول الحرث بْنِ خَالِدٍ:

فِما شَأَوْنَكَ نَقْرَةً

أَي مَا شُقْنَكَ وَلَقَدْ نَراك وأَنتَ تَشْتاق إلَيْهِن فَقَدَ كَبِرْتَ وصِرْتَ لَا يَشُقْنَك إِذَا مَرَرْنَ. والشَّأْوُ: مَا أُخْرِجَ مِنْ تُرابِ البِئْرِ بمِثْل المِشْآةِ. وشَأَوْتُ البِئرَ شَأْواً: نَقَّيْتُها وأَخْرَجْت تُرابَها، واسمُ ذَلِكَ التُّرَابِ الشَّأْوُ أَيضاً. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: شَأَوْتُ البِئْرَ أَخْرَجْت مِنْهَا شَأْواً أَوْ شَأْوَيْن مِنْ تُرَابٍ. والمِشْآةُ: الشيءُ الَّذِي تُخْرِجهُ بِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: المِشْآةُ الزَّبيلُ يُخرَجُ بِهِ تُراب الْبِئْرِ، وَهُوَ عَلَى وَزْنِ المِشْعاةِ، والجَمْع المَشائي؛ قَالَ:

لَوْلَا الإِلَهُ مَا سَكنَّا خَضَّما،

وَلَا ظَلِلْنا بالمَشَائِي قُيَّما

وقُيَّمٌ: جَمْعُ قائمٍ مِثْلُ صُيَّمٍ، قَالَ: وَقِيَاسُهُ قُوَّم وصُوَّم. وشَأَوْتُ مِنَ الْبِئْرِ إِذَا نزَعْتَ مِنْهَا التُّراب. اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُ لَبَعيدُ الشَّأْوِ أَيِ الهِمَّة، والمعْرُوفُ السين.

شبا: شَباةُ كُلِّ شيءٍ: حدُّ طَرَفِهِ، وَقِيلَ حَدُّهُ. وحَدُّ كلِّ شيءٍ شَباتهُ، والجمْعُ شَبَواتٌ وشَباً. وشَبا النَّعْلِ: جانِبا أَسَلَتِها. والشَّبا: البَرَدُ؛

(2). قوله [تهميل] هكذا في نسخة بيدنا غير معول عليها، وفي شرح القاموس: تسهيل

ص: 419

قَالَ الطرِمّاح:

ليلَة هاجَتْ جُمادِيَّة،

ذَاتُ صِرٍّ جِرْبياء البَشامْ

«1» . ورْدَة أَدْلَجَ صِنَّبْرُها،

تحتَ شَفَّانِ شَباً ذِي سِجامْ

ورَدة حَمْراء أَي السَّنة الشَّدِيدَةُ، والشَّبَا: البَرَدُ، وسِجام: مَطر. وَفِي حَدِيثِ

وائِل بنِ حُجْرٍ: أَنه كَتَبَ لأَقْيالِ شَبْوَةَ بِمَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا مِنْ مِلْكٍ

؛ شَبْوَةُ: اسمُ الناحِيةِ الَّتِي كَانُوا بِهَا مِنَ اليَمَن وحَضْرَمَوتَ، وَفِيهِ: فَمَا فَلُّوا لَهُ شَباةً؛ الشَّباةُ: طَرَفُ السَّيْفِ وحَدُّه، وجَمْعُها شَباً. والشَّباةُ: العَقْرَبُ حِينَ تَلِدُها أُمُّها، وَقِيلَ: هِيَ العَقربُ الصَّفْراءُ، وَجَمْعُهَا شَبَوات. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والنَّحْوِيُّون يَقُولُونَ شَبْوَةُ العَقْرَبُ، مَعْرِفَةٌ لَا تَنْصَرِفُ وَلَا تَدْخُلُهَا الأَلف وَاللَّامُ، وَقِيلَ: شَبْوَةُ هِيَ العَقْرَبُ مَا كانتْ، غيرُ مُجْراةٍ؛ قَالَ:

قدْ جَعَلتْ شَبْوَةُ تَزْبَئِرُّ،

تَكْسُو اسْتَها لحْماً وتَقْشَعِرُّ

وَيُرْوَى: وتَقْمَطِرُّ؛ يَقُولُ: إِذَا لدَغَتْ صَارَ اسْتُها فِي لَحْم الناسِ فَذَلِكَ اللحْم كِسوَةٌ لَهَا. ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: مِنْ أَسماءِ العَقْرَبِ الشَّوْشَبُ والفِرْضِخُ وتَمْرَة «2» ، لَا تَنْصَرفُ؛ قَالَ: وشَباةُ العَقْرب إبْرَتُها. والشَّبْوُ: الأَذى. وجاريةٌ شَبْوَةٌ: جَرِيئَةٌ كَثِيرَةُ الْحَرَكَةِ فاحشةٌ. وأَشْبى الرجلُ: وُلِدَ لهُ ولدٌ كَيِّسٌ ذَكِيٌّ؛ قَالَ ابْنُ هرْمَة:

هُمُو نبَتُوا فَرْعاً بكُلِّ شَرارَةٍ

حَرامٍ، فأَشْبَى فَرْعُها وأُرُومُها

ورجلٌ مُشْبىً إِذَا وُلِدَ لَهُ وَلدٌ ذكِيٌّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي مُشْبىً عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ، ورَدَّ ذَلِكَ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مُشْبٍ، قَالَ: وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالْمَعْلُومُ. الْيَزِيدِيُّ: المُشْبي الَّذِي يُولد لَهُ وَلدٌ ذكيٌّ، وَقَدْ أَشْبى؛ وأَنشد شمِر قَوْلُ ذِي الإِصْبَع العَدَواني:

وهُمْ إنْ وَلَدُوا أَشْبَوْا

بِسِرِّ الحسَبِ المَحْضِ

قَالَ: وأَشْبى إِذَا جاءَ بوَلدٍ مِثْلَ شَبا الحدِيد. ابْنُ الأَعرابي: رجلٌ مُشْبٍ وَلَد الكِرام. والمُشْبي: المُشْفِقُ، وَهُوَ المُشْبِلُ. وأَشْبَى فُلاناً وَلدُه أَي أَشْبَهُوه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لعِمْرانَ بنِ حَطَّانَ يصف رَجُلًا مِنَ الخوارِج وأَنَّ أُمَّه قَدْ أَنْجَبَتْ بولادَته:

قَدْ أَنْجَبَتْهُ وأَشْبَتْه وأَعْجَبَها،

لَوْ كَانَ يُعجِبُها الإِنجابُ والحَبَلُ

قَالَ أَبو عَمْرٍو: الإِشْباءُ الإِعْطاء؛ وأَنشد لِلْقُشَيْرِيِّ:

إنَّ الطرِمَّاحَ الَّذِي دَرْبَيْتِ

دَحاكِ، حَتَّى انْصَعْتِ قدْ أَمْنَيْتِ

فكُلَّ خَيْرٍ أَنْتِ قَدْ أَشْبَيْتِ،

تُوبي منَ الخِطْءِ فَقَدْ أَشْصَيْتِ

وَقَالَ ثَعْلَبٌ: أَشْبَى أَشْفَقَ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:

يُشْبي عليَّ والكَرِيمُ يُشْبِي

وامرأَة مُشْبِيَةٌ عَلَى ولدِها: كمُشْبِلة. والمُشْبَى: المُكْرَمُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والإِشْبَاءُ: الدفْعُ.

(1). قوله [البشام] هكذا في الأَصل المعتمد بيدنا هنا، وفي مادة ج م د من اللسان: النسام، وفي التهذيب في مادة ج م د: السنام

(2)

. قوله [وتمرة] هكذا في الأَصل والتهذيب

ص: 420

وأَشْبَيْتُ الرجلَ: رفعْتُه وأَكْرَمْتُه. وأَشْبَتِ الشَّجَرة: ارْتَفَعت. وَيُقَالُ: أَشْبَى زيدٌ عَمْرًا إِذَا أَلْقاه فِي بئرٍ أَو فِيمَا يَكْرَهُ؛ وأَنشد:

إعْلَوَّطا عمْراً ليُشْبِياهُ،

فِي كلِّ سُوءٍ، ويُدَرْبِياهُ

الْفَرَّاءُ: شَبا وجهُه إِذَا أَضاء بَعْدَ تَغَيُّرٍ. وأَشْبَى الرجلُ: «1» . طَالَ والتَفَّ مِنَ النَّعْمَة والغُضُوضَةِ. والشَّبَا: الطُّحْلُب، يَمَانِيَةٌ. وشَبْوَة: موضعٌ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:

أَلا ظَعَنَ الخَلِيطُ غَداةَ رِيعُوا

بشَبْوَةَ، والمَطِيُّ بِهَا خُضُوعُ

والشَّبَا: وادٍ مِنْ أَوْدية الْمَدِينَةِ فِيهِ عينٌ لِبَنِي جَعْفَرِ بْنِ إبراهيمَ مِنْ بَنِي جعفرِ بنِ أَبي طالبٍ، رضوانُ اللَّهِ عليهم.

شتا: ابْنُ السِّكِّيتِ: السَّنة عِنْدَ الْعَرَبِ اسمٌ لاثْنَي عشَر شَهْرًا؛ ثُمَّ قَسَّمُوا السَّنة فَجَعَلُوهَا نِصْفَيْنِ: سِتَّةَ أَشهر وستة أَشهر، فبدؤوا بأَوَّل السَّنَةِ أَول الشِّتَاءِ لأَنه ذكَرٌ وَالصَّيْفُ أُنثى، ثُمَّ جَعَلُوا الشِّتَاءَ نِصْفَيْنِ: فالشَّتَويُّ أَوَّله وَالرَّبِيعُ آخِرُهُ، فَصَارَ الشَّتْويُّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَالرَّبِيعُ ثَلَاثَةَ أَشهر، وَجَعَلُوا الصَّيْفَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ والقَيْظ ثَلَاثَةَ أَشهر، فَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا. غَيْرُهُ: الشِّتَاءُ مَعْرُوفٌ أَحد أَرباعِ السَّنَةِ، وَهِيَ الشَّتْوة، وَقِيلَ: الشِّتاءُ جَمْعُ شَتْوةٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وجمعُ الشِّتاء أَشْتِية. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّتاءُ اسمٌ مُفْرَدٌ لَا جمعٌ بِمَنْزِلَةِ الصَّيْفِ لأَنه أَحد الْفُصُولِ الأَربعة، ويدلُّك عَلَى ذَلِكَ قولُ أَهلِ اللُّغَةِ أَشْتَيْنَا دخَلْنا فِي الشِّتاء، وأَصَفْنا دخَلْنا فِي الصَّيْفِ، وأَما الشَّتْوةَ فَإِنَّمَا هِيَ مَصْدَرُ شَتَا بِالْمَكَانِ شَتْواً وشَتْوةً لِلْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، كَمَا تقولُ: صافَ بِالْمَكَانِ صَيْفاً وصَيْفةً وَاحِدَةً، وَالنِّسْبَةُ إِلَى الشتَاء شَتْويٌّ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَفِي الصِّحَاحِ: النِّسْبَةُ إِلَيْهَا شَتْويٌّ وشَتَويٌّ مِثْلُ خَرْفيٍّ وخَرَفِيٍّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونُوا نسَبوا إِلَى الشَّتْوَة ورَفضوا النَّسب إِلَى الشِّتاء، وَهُوَ المَشْتَى والمَشْتاةُ، وَقَدْ شَتا الشِّتاءُ يَشْتُو، ويومٌ شاتٍ مثلُ يومٍ صَائِفٍ، وغداةٌ شاتيةٌ كَذَلِكَ. وأَشْتَوْا: دَخلوا فِي الشِّتاء، فَإِنْ أَقامُوهُ فِي مَوْضِعٍ قِيلَ: شَتَوْا؛ قَالَ طَرَفة:

حيْثُما قاظُوا بنَجْدٍ، وشَتَوْا

عِنْدَ ذاتِ الطَّلْحِ مِنْ ثِنْيَي وُقُرْ

وتَشَتَّى المكانَ: أَقامَ بِهِ فِي الشَّتْوةِ. تَقُولُ الْعَرَبُ: مَنْ قاظَ الشَّرَفَ وتَرَبَّعَ الحَزْنَ وتَشَتَّى الصَّمّانَ فَقَدْ أَصابَ المَرْعى. وَيُقَالُ: شَتَوْنا الصَّمّانَ أَي أَقَمْنا بِهَا فِي الشِّتاء. وتَشَتَّيْنا الصَّمّان أَي رَعَيْناها فِي الشِّتاء. وَهَذِهِ مَشاتِينا ومَصايِفُنا ومَرابِعُنا أَي منَازِلُنا فِي الشِّتاء والصَّيْف والرَّبيعِ. وشَتَوْتُ بموضِع كَذَا وتَشَتَّيْتُ: أَقمتُ بِهِ الشِّتاءَ. وَهَذَا الَّذِي يُشَتِّيني أَي يَكْفِيني لِشِتائي؛ وَقَالَ يَصِفُ بَتّاً لَهُ:

مَنْ يَكُ ذَا بَتٍّ فَهَذَا بَتِّي،

مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّي،

تَخِذْتُه مِن نَعَجاتٍ سِتِ

وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: تَشَتَّيْنا مِنَ الشِّتاء كتَصيَّفْنا مِنَ الصَّيفِ. والمُشْتِي، بِتَخْفِيفِ التَّاءِ، مِنَ الإِبل: المُرْبِعُ، والفَصيلُ شَتْوِيٌّ وشَتَوِيٌّ وشَتِيٌّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَفِي الصِّحَاحِ: الشَّتِيُّ عَلَى فَعِيلٍ، والشَّتَوِيُّ مطَر الشِّتَاءِ، والشَّتِيُّ مطَرُ الشتاءِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: المَطَر الَّذِي يَقَعُ فِي الشِّتاء؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ توْلَبٍ

(1). قوله [وأَشْبَى الرجل] هكذا في الأَصل، وفي المحكم: وأَشْبَى الشجر

ص: 421

يَصِفُ رَوْضَةً:

عَزَبَتْ وباكَرَها الشَّتِيُّ بدِيمَةٍ

وَطْفاءَ، تَمْلَؤُها إِلَى أَصْبارِها

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والشَّتْوِيُّ منسوبٌ إِلَى الشَّتْوَةِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

كأَنَّ النَّدى الشَّتْوِيَّ يَرْفَضُّ ماؤُهُ

عَلَى أَشْنَبِ الأَنْيابِ، مُتَّسِقِ الثَّغْرِ

وعامَلَه مُشَاتَاةً: مِنَ الشِّتاءِ. غيرهُ: وعامَله مُشاتاةً وشِتاءً، وشِتاءً هاهنا منصوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ لَا عَلَى الظَّرْف. وشَتا القومُ يَشْتُون: أَجْدَبوا فِي الشِّتاءِ خاصَّة، قَالَ:

تَمَنَّى ابنُ كُوزٍ، والسَّفاهَةُ كاسْمِها،

ليَنْكِحَ فِينا، إنْ شَتَوْنا، لَيالِيا

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والعربُ تسمِّي القَحْطَ شِتاءً لأَنَّ المَجاعاتِ أَكثرُ مَا تُصِيبهُم فِي الشِّتاء البارِدِ؛ وَقَالَ الحُطَيْئة وَجَعَلَ الشتاءَ قَحْطاً:

إِذَا نَزَلَ الشِّتاءُ بدارِ قَوْمٍ،

تَجَنَّبَ جارَ بَيْتِهِمُ الشِّتاءُ

أَراد بالشتاءِ المَجاعَةَ. وَفِي حَدِيثِ

أُمِّ مَعْبَدٍ حينَ قَصَّتْ أَمْرَ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، مَارًّا بِهَا قَالَتْ: والناسُ مُرْمِلُون مُشْتُون

؛ المُشْتِي: الَّذِي أصابتْهُ المَجاعَة، والأَصلُ فِي المُشْتِي الداخلُ فِي الشِّتاء كالمُرْبِعِ والمُصْيِفِ الداخِل فِي الرَّبِيعِ والصيَّفِ، والعربُ تجعلُ الشِّتاءَ مَجاعةً لأَن الناسَ يلْتَزِمونَ فِيهِ البُيوتَ وَلَا يَخرُجون للانْتِجاعِ، وأَرادتْ أُمُّ مَعْبَدٍ أَن الناسَ كَانُوا فِي أَزْمةٍ وَمَجَاعَةٍ وقِلَّةِ لَبَنٍ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ مُسْنِتِينَ، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ قَبْلَ التَّاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَيُقَالُ: أَشْتَى القومُ فَهُمْ مُشْتُونَ إِذَا أَصابَتْهُم مَجاعةٌ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّتا المَوْضِعُ الخَشِنُ. والشَّثا، بِالثَّاءِ: صَدْرُ الْوَادِي. ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عمرو الشَّتْيَانُ جَمَاعَةُ الجَرادِ والخَيل والرُّكْبانِ؛ وأَنشد لِعَنْتَرَةَ الطَّائِيِّ:

وخَيْلٍ كشَتْيَانِ الجَرادِ، وزَعْتُها

بطَعْنٍ عَلَى اللَّبّاتِ ذِي نَفَحانِ

شثا: ابْنُ الأَعرابي: الشَّثا، بالثاء، صَدرُ الوادي.

شجا: الشَّجْوُ: الهَمُّ والحُزْنُ، وَقَدْ شَجاني يَشْجُوني شَجْواً إِذَا حَزَنَه، وأَشْجَاني، وَقِيلَ: شَجَانِي طَرَّبَني وهَيَّجَني. التَّهْذِيبُ: شَجَانِي تَذَكُّرُ إلفِي أَي طَرَّبَني وهَيَّجَني. وشَجَاهُ الغِناءُ إِذَا هَيَّجَ أَحزانَه وشَوَّقَه. اللَّيْثُ: شَجَاهُ الهَمُّ، وَفِي لُغَةٍ أَشْجَاهُ؛ وأَنشد:

إنِّي أَتاني خَبَرٌ فأَشْجانْ،

أَنَّ الغُواةَ قَتَلُوا ابنَ عَفّانْ

وَيُقَالُ: بَكَى شَجْوَه، ودَعَت الحَمامةُ شَجْوَها. وأَشْجاني: حَزَنَني وأَغْضَبني. وأَشْجَيْتُ الرجُلَ: أوْقَعْتهُ فِي حَزَنٍ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ تصِفُ أَباها، رضي الله عنهما، قَالَتْ: شَجِيُّ النشِيجِ

؛ الشَّجْوُ: الحُزْنُ، والنَّشِيجُ: الصَّوتُ الَّذِي يترَدَّدُ فِي الحَلْقِ. وأَشْجاهُ: حَزَنَه. الْجَوْهَرِيُّ: أَشْجاهُ يُشْجِيهِ إشْجاءً إِذَا أَغَصَّه «1» ، تَقُولُ مِنْهُمَا جَمِيعًا: شَجِيَ، بِالْكَسْرِ. وأَشْجَاكَ قِرْنُك: قَهَركَ وغَلَبَك حَتَّى شَجِيتَ بِهِ شَجاً؛ وَمِثْلُهُ أَشْجَانِي العُودُ فِي الحَلْقِ حَتَّى شَجِيتُ بِهِ شَجاً، وأَشْجَاهُ العَظْمُ إِذَا اعْتَرَض فِي حَلْقهِ. والشَّجَا: مَا اعْتَرَض فِي حَلْقِ الإِنسانِ والدابَّةِ مِنْ عَظْمٍ أَو عُودٍ أَو

(1). قوله [أغصه] هكذا في الأَصل، وفي المحكم: أغضبه

ص: 422

غَيْرِهِمَا؛ وأَنشد:

ويَرَاني كالشَّجا فِي حَلْقِهِ،

عَسِراً مَخْرَجُه مَا يُنْتَزَعْ

وَقَدْ شَجِيَ بِهِ، بِالْكَسْرِ، يَشْجى شَجاً؛ قال المُسَيَّب بْنُ زَيْدِ مَناةَ:

لَا تُنْكِرُوا القَتْلَ، وَقَدْ سُبِينا،

فِي حَلْقِكم عَظْمٌ، وَقَدْ شَجِينا

أَراد فِي حُلُوقِكم؛ وَقَوْلُ عديِّ بْنِ الرِّقَاعِ:

فَإِذَا تَجَلْجَلَ فِي الفُؤادِ خَيالُها،

شَرِقَ الجُفُونُ بعَبْرَةٍ تَشْجاها

يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد تَشْجَى بِهَا فحذَفَ وعَدَّى، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ عَدَّى تَشْجَى نفْسَها دونَ واسِطةٍ، والأَوَّل أَعْرَف. وأَشْجَيْتُ فُلَانًا عنِّي: إِمَّا غريمٌ، وَإِمَّا رجُلٌ سأَلك فأَعْطَيتَه شَيْئًا أَرْضَيْتَه بِهِ فذَهب فَقَدْ أَشْجَيْتَه. وَيُقَالُ للغَرِيمِ: شَجِيَ عنِّي يَشْجَى أَيْ ذَهَب. وأَشْجَاه الشيءُ: أَغصَّه. ورجلٌ شَجٍ أَي حَزِينٌ، وامرأَةٌ شَجِيَةٌ، عَلَى فَعِلَةٍ، ورجلٌ شجٍ. وَفِي مثَلٍ لِلْعَرَبِ: ويلٌ للشَّجِي مِنَ الخَلِي، وَقَدْ تُشدد ياءُ الشَّجي فِيمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والأَول أَعرف. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الْمُبَرِّدُ ياءُ الخَليِّ مشددةٌ وياءُ الشَّجي مُخَفَّفَةٌ، قَالَ: وَقَدْ شدِّد فِي الشِّعْرِ؛ وأَنشد:

نامَ الخَلِيُّون عَنْ ليلِ الشَّجِيِّينا،

شَأْنُ السُّلاةِ سِوى شأْنِ المُحِبِّينا

قَالَ: فَإِنْ جعَلْت الشَّجيَّ فَعِيلًا مِنْ شَجاهُ الحُزنُ فَهُوَ مَشْجُوٌّ وشَجِيٌّ، بِالتَّشْدِيدِ لَا غَيْرُ، قَالَ: وَالنِّسْبَةُ إِلَى شَجٍ شَجَوِيٌّ، بِفَتْحِ الْجِيمِ كَمَا فُتِحت مِيمُ نَمِرٍ، فَانْقَلَبَتِ الْيَاءُ أَلفاً ثُمَّ قلبتَها وَاوًا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو جَعْفَرٍ أَحمد بْنُ عُبَيْدٍ الْمَعْرُوفُ بأَبي عَصيدَة الصَّوَابُ ويلُ الشَّجِيِّ من الخَليِّ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وأَما الشَّجِي، بِالتَّخْفِيفِ، فَهُوَ الَّذِي أَصابَه الشَّجا وَهُوَ الغَصَصُ، وأَما الحزينُ فَهُوَ الشَّجِيُّ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ المثلُ ويلُ الشَّجِي بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ لَكَانَ ينْبغي أَنْ يُقَالَ مِنَ المُسِيغِ، لأَن الإِساغَة ضدُّ الشَّجا كَمَا أَن الفَرح ضدُّ الحُزنِ، قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ ويلُ الشَّجي من الخَلي، وَهُوَ غَلَطٌ مِمَّنْ رَوَاهُ، وَصَوَابُهُ الشَّجيّ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ أَبي الأَسود الدؤَلي:

ويلُ الشَّجيِّ مِنَ الخَليِّ، فَإِنَّهُ

نَصِبُ الفُؤاد لشَجْوهِ مَغْمُومُ

قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي دُوَادٍ:

مَن لعَينٍ بدَمْعِها مَوْلِيَّهْ،

ولنَفْسٍ مِمَّا عَنَاهَا شَجِيَّهْ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ وَجَبَ أَن يُنْظَر توْجِيهُه مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، قَالَ: وَوَجْهُهُ أَن يَكُونَ المفعولَ مِنْ شَجَوْتُه أَشْجُوه، فَهُوَ مَشْجُوٌّ وشَجيٌّ، كَمَا تَقُولُ جرَحْته فَهُوَ مَجْروحٌ وجريحٌ، وأَما شَجٍ، بِالتَّخْفِيفِ، فَهُوَ اسمُ الْفَاعِلِ مِنْ شَجِيَ يَشْجى، فَهُوَ شَجٍ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: الشَّجِي الْمَشْغُولُ والخَلي الفارِغُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّجِي، مَقْصُورٌ، والخَليُّ مَمْدُودٌ؛ التَّهْذِيبُ: هُوَ الَّذِي شَجِيَ بعَظْمٍ غَصَّ بِهِ حلْقه. يُقَالُ: شَجِيَ يَشْجَى شَجاً فَهُوَ شَجٍ كَمَا تَرَى، وَكَذَلِكَ الَّذِي شَجِيَ بالهمِّ فَلَمْ يَجِدْ مَخْرَجًا مِنْهُ وَالَّذِي شَجِيَ بقِرْنهِ فَلَمْ يُقاوِمْه، وكلُّ ذَلِكَ مَقْصُورٌ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا هُوَ الْكَلَامُ الْفَصِيحُ فَإِنْ تجامَلَ إنسانٌ ومدَّ الشَّجِيَّ فَلَهُ مخارجُ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ تُسَوِّغُ لَهُ مذْهَبَه، وَهُوَ أَن تجعلَ الشَّجِيَّ بِمَعْنَى المَشْجُوِّ فَعِيلًا مِنْ شَجَاه يَشْجُوه،

ص: 423

وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَن الْعَرَبَ تمدُّ فَعِلًا بياءٍ فَتَقُولُ فُلَانٌ قَمِنٌ لِكَذَا وقَمِين لِكَذَا، وسَمِجٌ وسَمِيجٌ، وَفُلَانٌ كرٍ وكرِيٌّ لِلنَّائِمِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

مَتَّى تَبِتْ ببَطْنِ وادٍ أَو تَقِلْ،

تترُكْ بِهِ مثلَ الكَرِيِّ المُنجَدِلْ

وَقَالَ الْمُتَنَخِّلُ:

وَمَا إِنْ صوتُ نائحَةٍ شَجِيُ

فشدَّ الياءَ، وَالْكَلَامُ صوتٌ شَجٍ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَن الْعَرَبَ توازِنُ اللَّفْظَ بِاللَّفْظِ ازْدِواجاً، كَقَوْلِهِمْ إِنِّي لَآتِيُهُ بالغَدايا والعَشايا، وَإِنَّمَا تُجْمَع الغَداةُ غَدَواتٍ فَقَالُوا غَدايا لازْدِواجهِ بالعَشايا، وَيُقَالُ لَهُ مَا ساءَه وناءَهُ، والأَصل أَناءَه، وَكَذَلِكَ وازَنُوا الشَّجِيَّ بالخَليِّ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ ويلٌ للشَّجِيّ مِنَ الخَليّ وَيْلٌ لِلْمَهْمُومِ مِنَ الفارِغِ، قَالَ: وشَجِيَ إِذَا غصَّ. أَبو الْعَبَّاسِ فِي الْفَصِيحِ عَنِ الأَصمعي: ويلٌ للشَّجِيّ مِنَ الخَليِّ، بِتَثْقِيلِ الْيَاءِ فِيهِمَا؛ وأَنشد:

ويلُ الشَّجِيّ مِنَ الخَليّ، فَإِنَّهُ

نَصِبُ الفُؤاد، بحُزْنهِ مَهْمومُ

والشَّجْوُ: الْحَاجَةُ. ومَفازَةٌ شَجْوَاءُ: صعبَةُ المَسْلَكِ مَهْمَةٌ. أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: جَمَّشَ فَتًى مِنَ الْعَرَبِ حَضَرِيَّةً فتَشَاجَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: واللهِ مَا لكِ مُلأَةُ الحُسْنِ وَلَا عَمودهُ وَلَا بُرْنُسهُ فَمَا هَذَا الامتِناعُ؟ قَالَ: مُلأَتُه بياضهُ، وعَمودهُ طُولُه، وبُرْنُسهُ شَعَرَهُ، تشاجَت أَي تَمنَّعَت وتحازَنَت، فقالت: وا حَزَنا حينَ يَتَعَرَّضُ جِلْفٌ لِمثلي قَالَ عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ: قُلْتُ لِابْنِ دَبُوقاءَ أَيُّ شيءٍ أَولُ التَّشَاجِي؟ قَالَ: التَّباهُرُ والقَرْمَطة فِي الْمَشْيِ. قَالَ: وَتُوصَفُ مِشْية المرأَة بمِشْية القَطاةِ لتَقارُب الخَطْوة؛ قال:

يَتَمَشَّيْنَ كما تَمْشي

قَطاً، أَو بَقَرات

والشَّجَوْجَى: الطويلُ الظَّهْرِ القصيرُ الرِّجْلِ، وَقِيلَ: هُوَ المُفْرِطُ الطولِ الضَّخْمُ العِظامِ، وَقِيلَ: هُوَ الطويلُ التامُّ، وَقِيلَ: هُوَ الطويلُ الرِّجْلَينِ مثلُ الخَجَوْجى، وَفِي الْمُحْكَمِ: يُمَدُّ ويُقْصَر. وفَرَسٌ شَجَوْجىً ضَخْمٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

وَكُلُّ شَجَوْجىً قُصَّ أَسفلُ ذَيْلِهِ،

فشَمَّرَ عَنْ نَهْدٍ مَراكِلُه عَبْل

وريحٌ شَجَوْجىً وشَجَوْجاةٌ: دائمةُ الهُبوب. والشَّجَوْجَى: العَقْعَق، والأُنثى شَجَوْجَاةٌ. وَفِي حَدِيثِ

الْحَجَّاجِ: أَن رُفْقَةً ماتَتْ ب الشَّجِي

؛ هُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْيَاءِ مَنزِلٌ فِي طَرِيقِ مَكَّةُ، شَرَّفها اللَّهُ تَعَالَى.

شحا: شَحا فاهُ يَشْحُوه ويَشْحَاه شَحْواً: فتَحه. وشَحا فُوهُ يَشْحُو: انفَتَحَ، يَتعدَّى وَلَا يتَعدَّى. ابْنُ الأَعرابي: شَحا فاهُ وشَحا فُوهُ وأَشْحَى فاهُ وشَحَّى فُوه، وَلَا يُقَالُ أَشْحى فُوهُ. وَيُقَالُ: شَحا فاهُ يَشْحاهُ شَحْياً فتَحه، وَهُوَ بِالْوَاوِ أَعرف. واللجامُ يَشْحَى فمَ الْفَرَسِ شَحْياً؛ وأَنشد:

كأَن فَاهَا، واللِّجامُ شاحِيهْ،

جَنْبا غَبِيطٍ سَلِسٍ نَواحِيهْ

وَجَاءَتِ الخيلُ شَوَاحِيَ وشَاحِيَاتٍ: فاتِحاتٍ أَفواهَها. وشَحا الرجلُ يَشْحُو شَحْواً: باعَد مَا بينَ خُطاهُ. والشَّحْوةُ: الخَطْوةُ. وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذَا كَانَ واسِعَ الذَّرْعِ: إِنَّهُ لرَغِيب الشَّحْوةِ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عليه السلام، ذكرَ فِتْنةً فَقَالَ لعمّارٍ: واللهِ لتَشْحُوَنَّ فِيهَا شَحْواً لَا يُدْرِكُك الرجلُ السريعُ

؛ الشَّحْوُ: سَعَةُ الخَطْوِ، يُرِيدُ

ص: 424

بِذَلِكَ تَسْعى فِيهَا وتتَقَدَّم؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

كَعْبٍ يَصِفُ فِتْنَةً قَالَ: ويَكونُ فِيهَا فَتىً مِنْ قُرَيْشٍ يَشْحُو فِيهَا شَحْواً كَثيراً

أَي يُمْعِنُ فِيهَا ويتَوسَّعُ. وَيُقَالُ: ناقةٌ شَحْوى أَي واسِعَةُ الخَطْو؛ وَمِنْهُ:

أَنه كَانَ لِلنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَرَسٌ يُقَالُ لَهَا الشَّحَاءُ

كَذَا رُوي بالمدِّ وفُسِّرَ بالواسِعِ الخَطْوَة. وفرسٌ رَغِيبُ الشَّحْوَةِ كثيرُ الأَخْذِ مِنَ الأَرض بخَطْوِه وفرسٌ بعيدُ الشَّحْوةِ أَي بعِيدُ الخَطْو. وجاءَنا شَاحِياً أَي فِي غَيْرِ حَاجَةٍ، وشَاحِياً خاطِياً مِنَ الخَطْوة. وبئْرٌ واسِعة الشَّحْوَة وضَيِّقَتُها أَي الفَمِ. وتَشَحَّى الرجلُ فِي السَّوْمِ: اسْتامَ بسِلْعَته وتَباعَدَ عَنِ الحقِّ. أَبو سَعِيدٍ: تَشَحَّى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ إِذَا بَسَط لسانَهُ فِيهِ، وأَصله التَّوَسُّع فِي كلِّ شيءٍ. وشَحَاةُ: ماءٌ، وَكَذَلِكَ شَحا؛ قَالَ:

سَاقِي شَحا يميلُ مَيْلَ السَّكْرانْ

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّمَا هُوَ وَشْحى، فَاحْتَاجَ الشَّاعِرُ فغَيَّره. الأَزهري: الْفَرَّاءُ شَحا ماءَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، يُكْتَب بِالْيَاءِ وَإِنْ شئتَ بالأَلف، لأَنه يُقَالُ شَحَوْت وشحَيْت وَلَا تُجْرِيها، تَقُولُ هَذِهِ شَحى، فَاعْلَمْ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سَجا، بِالسِّينِ وَالْجِيمِ، اسْمُ بئرٍ، قَالَ: وماءَةٌ أُخرى يُقَالُ لَهَا وَشْحى، بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَسْكِينِ الشِّينِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحى قَلِيباً سُكَّا

وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَحى اسْمُ بئرٍ؛ وأَنشد:

سَاقِي شَحى يَميل مَيْلَ المَخْمُورْ

قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ الْفَرَّاءِ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ سُميت شَحى لأَنها كفَمٍ مَشْحُوٍّ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَما ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: هِيَ سَجا بِالسِّينِ وَالْجِيمِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَوْلُ الْفَرَّاءِ غَلَطٌ. وأَشْحى: اسْمُ مَوْضِعٌ؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوس:

قعْرِيَّة أَكَلَتْ أَشْحَى، ومَدْفَعُه

أَكْنافُ أَشْحى، ولم تُعْقَلْ بأَقْيادِ «2» .

شخا: ابْنُ الأَعرابي: الخَشا الزَّرْعُ الأَسْودُ مِنَ البَرْد، قَالَ: والشَّخا السَّبَخةُ، وَاللَّهُ أَعلم.

شدا: الشَّدْوُ: كلُّ شيءٍ قليلٍ مِنْ كثيرٍ. شَدا مِنَ العِلْمِ والغِناءِ وَغَيْرِهِمَا شَيْئًا شَدْواً: أَحْسَنَ مِنْهُ طَرَفاً، وشَدا بِصَوْتِهِ شَدْواً: مَدَّه بغِناءٍ أَو غَيْرِهِ. وشدَوْتُ الإِبِل شَدْواً: سُقْتُها. ابْنُ الأَعرابي: الشَّادِي المُغَنِّي، والشَّادِي الَّذِي تعَلَّم شَيْئًا مِنَ العِلْم والأَدَبِ والغِناءِ ونحوِ ذَلِكَ أَي أَخَذ طَرَفاً مِنْهُ، كأَنه سَاقَهُ وجَمَعَه. وشَدَوْتُ إِذَا أَنْشَدْتَ بَيْتًا أَو بَيْتَيْنِ تمُدُّ بِهِمَا صوتَك كالغِناءِ. وَيُقَالُ للمغنِّي الشَّادِي. وَقَدْ شَدا شِعْراً أَو غِناءً إِذَا غَنَّى أَو ترَنَّم بِهِ. وَيُقَالُ: شَدَوْتُ مِنْهُ بعضَ الْمَعْرِفَةِ إِذَا لَمْ تَعْرِفْهُ مَعْرِفَةً جيِّدة؛ قَالَ الأَخطل:

فهُنَّ يَشْدُونَ مِنِّي بعضَ مَعْرِفةٍ،

وهُنَّ بالوَصْلِ لَا بُخْلٌ وَلَا جُودُ

عَهِدْنَه شَابًّا حَسَناً ثُمَّ رأَيْنَه بَعْدَ كِبَرهِ فأَنكَرْنَ مَعْرِفَتَهُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَصل هَذَا مِنَ الشَّدا وَهُوَ البقيَّة؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

فَلَوْ كانَ فِي ليْلى شَداً منْ خُصُومَةٍ

أَي بَقيَّةٌ؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: الشَّدَا حَدُّ كلِّ شيءٍ يكتَبُ بالأَلف، قَالَ: والشَّدا مِنَ الأَذى؛ وأَنشد:

فَلَوْ كَانَ فِي لَيْلى شَداً مِنْ خُصومَةٍ،

لَلَوَّيْتُ أَعْناقَ المَطِيِّ المَلاوِيا

(2). قوله [قعرية إلخ] هكذا في الأَصل والمحكم

ص: 425

وَقَالَ: المَلاوي جمعُ مَلْوىً، قَالَ: وَهُوَ مَصْدَرٌ، أَنشده الْفَرَّاءُ شَذا، بالذالِ، وأَنشده غَيْرُهُ بِالدَّالِ، وأَكثر النَّاسِ عَلَى أَنه بِالدَّالِ، وَهُوَ الحَدُّ، وأَورده ابْنُ بَرِّيٍّ بِالدَّالِ شَاهِدًا عَلَى قَوْلِهِ الشَّدا طَرَفٌ مِنَ الشيءِ، قَالَ: وَمِنْهُ قولُ المجْنُون، وَقَالَ ابْنُ خالَوَيْه: الشَّدا البقيةُ، وأَنشد هَذَا الْبَيْتَ. ابْنُ الأَعرابي: شَدا إِذَا قَوِيَ فِي بَدَنهِ، وشَدا إِذَا أَبْقى بَقِيَّةً، وَشَدَا تعلَّم شَيْئًا مِنْ خصومةٍ أَو عِلْمٍ. وَيُقَالُ لِلْمَرِيضِ إِذَا أَشْفى عَلَى الموتِ: لَمْ يَبق مِنْهُ إلَّا شَداً؛ قَالَ مُصْبِحُ بْنُ منظورٍ الأَسَدي:

وَلَوْ أَنَّ لَيْلى أَرْسَلَتْ، بشفاعةٍ،

مِنَ الودِّ شَيْئًا، لَمْ نَجِدْ مَا نَزِيدُها

وَمَا تَسْتَزيد الْآنَ منْ حَجْمِ أَعْظُمٍ،

ونَفْسٍ شَداً لمْ يَبْقَ إلَّا شَدِيدُها

وشدَوْتُ الرجلَ فُلَانًا: شَبَّهْته إيِّاه. والشَّدا: بَقِيَّةُ الشيءِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

وارْتَحَلَ الشيبُ شَداً كالفَلِ

والشَّدا أَيضاً: الشيءُ القلِيلُ، والمْعْنَيان مُقْتَرِبان. وشَدَوَانُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:

فَلَيْتَ لَنَا، مِنْ ماءِ زَمْزَم، شَرْبةً

مُبَرَّدَةً باتَتْ عَلَى شَدَوَانِ

شذا: شَذا كلِّ شيءٍ: حَدُّه. والشَّذاةُ: الحِدَّةُ، وَجَمْعُهَا شَذَواتٌ وشَذاً. التَّهْذِيبُ فِي تَرْجَمَةِ شَدا بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ: قَالَ أَبو بَكْرٍ الشَّدا حَدُّ كلِّ شَيْءٍ، يُكْتَبُ بالأَلف. قَالَ: والشَّذا مِنَ الأَذى؛ وأَنشد:

فلوْ كَانَ فِي ليْلى شَذاً مِنْ خُصومَةٍ،

للوَّيْتُ أَعْناقَ المطِيِّ المَلاويا

وأَنشده الْفَرَّاءُ شَداً، بِالدَّالِ، وأَنشده غَيْرُهُ شَذاً، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وأَكثر النَّاسِ عَلَى الدَّالِ، وَهُوَ الحدُّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَوس:

أَقولُ فأَمَّا المُنْكَراتِ فأَتَّقي،

وأَمَّا الشَّذا، عَنِّي، المُلِمَّ فأَشْذِبُ

وَقَالَ أَسماء بْنُ خَارِجَةَ:

يَا ضَلَّ سَعْيُكَ مَا صَنَعْتَ بِمَا

جَمَّعْتَ مِنْ شُبّ إِلَى دُبّ؟

فاعْمِدْ إِلَى أَهْلِ الوَقِير، فَما

يَخْشى شَذَاك مُقَرْقَمُ الإِزْبِ

وضَرِمَ شَذَاهُ: اشتَدَّ جُوعُه، يُقَالُ ذَلِكَ للجائِعِ؛ قَالَ الطرِمَّاح:

يَظَلُّ غُرابُها ضَرِماً شَذَاهُ،

شَجٍ لخُصومَة الذِّئْبِ الشَّنُونِ

والشَّذا، مقصورٌ: الأَذى والشرُّ. والشَّذَاةُ: ذُبابٌ، وَقِيلَ: ذبابٌ أَزْرقُ عظيمٌ يَقَعُ عَلَى الدَّوَابِّ فيُؤْذِيها، والجَمع شَذاً، مَقْصُورٌ، وَقِيلَ: هُوَ ذُبابٌ يَعَضُّ الإِبلَ، وَقِيلَ: الشَّذا ذُبابُ الكلْب، وَقِيلَ: كُلُّ ذُبابٍ شَذاً؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِيَزِيدَ بْنِ الْحَكَمِ يَصِفُ قَدَاحًا:

يَقِيهَا الشَّذا بالنَّجوِ طَوراً، وَتَارَةً

يُقَلِّبها فِي كفِّه ويَذوقُ

يَقُولُ: لَا يَتْرُكُ الذُّبَابَ يسقُطُ عَلَيْهَا؛ وَقَالَ آخَرُ:

عَرْكَ الجِمالِ جُنُوبَهنَّ مِنَ الشَّذا

قَالَ: وَقَدْ يَقَعُ هَذَا الذُّبابُ عَلَى الْبَعِيرِ، الْوَاحِدَةُ شَذَاةٌ. وأَشْذَى الرجلُ: آذَى، وَمِنْهُ قِيلَ لِلرَّجُلِ: آذيْتَ وأَشْذيْتَ. ابْنُ الأَعرابي: شَذا إِذَا آذَى، وشَذا إِذَا تطيَّبَ بالشَّذْوِ وَهُوَ المِسْكُ، وَيُقَالُ:

ص: 426

هُوَ رَائِحَةُ الْمِسْكِ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عليه السلام: أَوْصَيْتُهم بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ كفِّ الأَذى وَصَرْفِ الشَّذَا

؛ هُوَ بِالْقَصْرِ الشَّرُّ والأَذى. وَكُلُّ شيءٍ يُؤْذي فَهُوَ شَذاً؛ وأَنشد:

حَكَّ الجِمال جُنوبَهنَّ من الشَّذَا

وَيُقَالُ: إِنِّي لأَخشى شَذَاة فُلَانٍ أَي شَرَّه. وَقَالَ اللَّيْثُ: شَذَاتهُ شدَّتهُ وجَرْأَته. والشَّذَاةُ: بَقِيَّةُ القوَّة والشِّدَّة؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

فاطِمَ رُدِّي لِي شَذاً مِنْ نَفْسي،

وَمَا صَريمُ الأَمر مثلُ اللَّبْسِ

والشَّذا: كِسَر الْعُودِ الصِّغَارِ، مِنْهُ. والشَّذَا: كِسَر الْعُودِ الَّذِي يُتَطيَّب بِهِ. والشَّذَا: شِدَّةُ ذكاءِ الرِّيحِ الطَّيِّبة، وَقِيلَ: شِدَّة ذكاءِ الرِّيحِ؛ قَالَ ابْنُ الإِطْنابة:

إِذَا مَا مَشَتْ نَادَى بِمَا فِي ثِيابها

ذكيُّ الشَّذا، والمَنْدَليُّ المُطَيَّرُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ البيتُ للعُجَير السَّلولي، وَيُرْوَى: إِذَا اتَّكأَتْ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ ولَّاد الشَّذا المِسك فِي بَيْتِ العُجَير. والشَّذا: المِسْك؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي، وَهُوَ الشَّذْوُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

إِنَّ لَكَ الفَضلَ عَلَى صُحْبَتي،

والمِسكُ قَدْ يَسْتَصحِبُ الرَّامِكا

حَتَّى يظلَّ الشَّذْوُ، مِنْ لوْنهِ،

أَسْودَ مَضْنوناً بِهِ حالِكا

وَقَالَ الأَصمعي: الشَّذا مِنَ الطِّيبِ يكتَبُ بالأَلف؛ وأَنشد:

ذكيُّ الشَّذا والمندليُّ المطيَّرُ

قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو بْنُ الْعَلَاءِ الشَّذْوُ لونُ المِسك؛ وأَنشد:

حَتَّى يظلَّ الشَّذْوُ مِنْ لونهِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والشِّذْيُ، بِكَسْرِ الشِّينِ، لونُ الْمِسْكِ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو وَعِيسَى بْنِ عُمَرَ؛ وأَنشد:

حَتَّى يظلَّ الشِّذْيُ مِنْ لوْنهِ

قَالَ: وَذَكَرَهُ ابْنُ ولَّادٍ بِفَتْحِ الشِّينِ وغُلِّط فِيهِ، وَصَحَّحَ ابْنُ حَمْزَةَ كَسْرَ الشِّينِ. والشَّذَا: الْجَرَبُ. والشَّذَاةُ: القطْعة مِنَ الملحِ، وَالْجَمْعُ شَذاً. والشَّذَا: شجرٌ ينبُت بالسَّراةِ يُتَّخذ مِنْهُ المَساوِيك وَلَهُ صمغٌ. والشَّذا: ضربٌ مِنَ السُّفن؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، الْوَاحِدَةُ شَذَاةٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا مَعْرُوفٌ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشَّذَاةُ ضرْبٌ مِنَ السُّفُن، والجمع شَذَواتٌ.

شري: شَرى الشيءَ يَشْرِيه شِرىً وشِرَاءً واشْتَرَاه سَواءٌ، وشَرَاهُ واشْتَرَاهُ: باعَه. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ

، وَقَالَ تَعَالَى: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ

؛ أَي بَاعُوهُ. وَقَوْلُهُ عز وجل: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى *؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: لَيْسَ هُنَا شِراءٌ وَلَا بيعٌ وَلَكِنْ رغَبتُهم فِيهِ بتَمَسُّكِهم بِهِ كرَغْبة المُشْتري بِمَالِهِ مَا يَرغَبُ فِيهِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِكُلِّ مَنْ تَرك شَيْئًا وتمسَّكَ بِغَيْرِهِ قَدِ اشْتراهُ. الْجَوْهَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ*

؛ أَصلُه اشْتَرَيُوا فاسْتُثقِلت الضَّمَّةُ عَلَى الْيَاءِ فَحُذِفَتْ، فَاجْتَمَعَ سَاكِنَانِ الْيَاءُ وَالْوَاوُ، فَحُذِفَتِ الْيَاءُ وحُرِّكت الْوَاوُ بحركتِها لَمَّا اسْتَقبَلها سَاكِنٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ فِي تَعْلِيلِهِ أَن الْيَاءَ لَمَّا تَحَرَّكَتْ فِي اشْتَرَيُوا وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلفاً ثُمَّ حذِفت لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، قَالَ: ويجمَع الشِّرَى عَلَى أَشْرِيَةٍ، وَهُوَ شَاذٌّ، لأَن فِعَلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى أَفعِلَة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَشْرِيَةٌ جمعاً للممدود كَمَا قَالُوا أَقْفِية فِي جَمْعِ قَفاً لأَن مِنْهُمْ مَنْ

ص: 427

يمُدُّه. وشاراهُ مُشاراةً وشِراءً: بايَعه، وَقِيلَ: شَارَاهُ مِنَ الشِّراءِ وَالْبَيْعِ جَمِيعًا وَعَلَى هَذَا وجَّه بَعْضُهُمْ مَدَّ الشِّراءِ. أَبو زَيْدٍ: شَرَيْتُ بعْتُ، وشَرَيتُ أَي اشْتَرَيْتُ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: بئْسَما باعُوا بِهِ أَنفسَهم، وَلِلْعَرَبِ فِي شَرَوْا واشْتَرَوْا مَذْهبان: فالأَكثر مِنْهُمَا أَن يَكُونَ شَرَوا باعُوا، واشْتَرَوا ابْتاعوا، وَرُبَّمَا جعلُوهما بمَعنى بَاعُوا. الْجَوْهَرِيُّ: الشِّرَاءُ يمَدُّ ويُقْصَر. شَرَيْتُ الشيءَ أَشْرِيه شِرَاءً إِذَا بعْتَه وَإِذَا اشْتَرَيْتَه أَيضاً، وَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الشِّرَاء بِالْمَدِّ قَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: لَا تَغْتَرَّ بالحُرَّة عامَ هِدائِها وَلَا بالأَمَةِ عامَ شِرائِها؛ قَالَ: وشاهِدُ شَرَيتُ بِمَعْنَى بعتُ قَوْلُ يَزِيدَ بْنِ مُفَرِّغ:

شَرَيْتُ بُرْداً، وَلَوْلَا مَا تكَنَّفَني

مِنَ الحَوادِث، مَا فارَقْتُه أَبدا

وَقَالَ أَيضاً:

وشَرَيْتُ بُرْداً لَيتَني،

مِنْ بَعدِ بُرْدٍ، كنتُ هامَهْ

وَفِي حَدِيثِ

الزُّبَيْرِ قَالَ لابْنهِ عَبْدِ اللَّهِ: واللهِ لَا أَشْرِي عَملي بشيءٍ وللدُّنيا أَهوَنُ عَلَيَّ مِنْ منحةٍ ساحَّةٍ

؛ لَا أَشْرِي أَي لَا أَبيعُ. وشَرْوى الشَّيْءِ: مثلُه، واوُه مُبْدَلةٌ مِنَ الْيَاءِ لأَن الشيءَ إِنَّمَا يُشْرى بمثلهِ وَلَكِنَّهَا قُلِبَت يَاءً كَمَا قُلِبت فِي تَقْوَى وَنَحْوِهَا. أَبو سَعِيدٍ: يُقَالُ هَذَا شَرْوَاه وشَرِيُّه أَي مِثْلُه؛ وأَنشد:

وتَرَى هالِكاً يَقُول: أَلا تبصر

فِي مالِكٍ لِهَذَا شَرِيَّا؟

وَكَانَ شُرَيْحٌ يُضَمِّنُ القَصَّارَ شَرْوَاهُ أَي مِثْلَ الثَّوبِ الَّذِي أَخَذه وأَهْلَكَه؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: ادْفَعُوا شَرْوَاها مِنَ الْغَنَمِ

أَي مِثْلَها. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه، فِي الصَّدَقَةِ: فَلَا يأْخذ إلَّا تِلْكَ السِّنَّ مِن شَرْوَى إبلِه أَو قيمةَ عَدْلٍ

أَي مِنْ مِثْلِ إبلهِ. وَفِي حَدِيثِ

شُرَيْحٍ: قَضَى فِي رجلٍ نَزَع فِي قَوْسِ رجلٍ فكسَرها فَقَالَ لَهُ شَرْوَاها.

وَفِي حَدِيثِ

النَّخَعِيِّ فِي الرجلِ يبيعُ الرجلَ وَيَشْتَرِطُ الخَلاصَ قَالَ: لَهُ الشَّرْوَى

أَي المِثْلُ. وَفِي حَدِيثِ

أُمِّ زرعٍ قَالَ: فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيّاً رَكِبَ شَرِيّاً وأَخذَ خَطِّيّاً وأَراحَ عليَّ نَعَماً ثَريّاً

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَرادت بقولِها رَكِبَ شَرِيّاً أَي فَرَسًا يَسْتَشْرِي فِي سيرهِ أَي يَلِجُّ ويَمْضِي ويَجِدُّ فِيهِ بِلَا فُتورٍ وَلَا انكسارٍ، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا لَجَّ فِي الأَمر: قَدْ شَريَ فِيهِ واسْتَشْرى؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ جادُّ الجَرْي. يُقَالُ: شَرِيَ الرجلُ فِي غَضَبِهِ واسْتَشْرَى وأَجَدَّ أَي جَدَّ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: رَكِبَ شَرِيّاً أَيْ فرَساً خِياراً فَائِقًا. وشَرَى المالِ وشَرَاتُه: خيارهُ. والشَّرَى بِمَنْزِلَةِ الشَّوَى: وَهُمَا رُذالُ الْمَالِ، فَهُوَ حَرْفٌ مِنَ الأَضداد. وأَشْرَاءُ الحَرَمِ: نواحِيه، والواحِد شَرىً، مَقْصُورٌ. وشَرَى الفُراتِ: ناحيتهُ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:

لُعِنَ الكَواعِبُ بَعْدَ يومَ وصَلْتَني

بِشَرَى الفُراتِ، وبَعْدَ يَوْمِ الجَوْسَقِ

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ الْمُسَيَّبِ: قَالَ لرجلٍ انْزِلْ أَشْرَاءَ الحَرَمِ

أَي نواحيَه وجَوانِبَه، الواحدُ شَرىً. وشَرِيَ زِمامُ الناقةِ: اضطَربَ. وَيُقَالُ لزِمامِ النَّاقَةِ إِذَا تتابَعَتْ حَرَكَاتُهُ لِتَحْرِيكِهَا رأْسَها فِي عَدْوِها: قَدْ شَرِيَ زمامُها يَشْرَى شَرىً إِذَا كثُر اضطرابهُ. وشَرِيَ الشرُّ بَيْنَهُمْ شَرىً: اسْتَطارَ. وشَرِيَ

ص: 428

الْبَرْقُ، بِالْكَسْرِ، شَرىً: لَمَع وتتابَع لمَعانُه، وَقِيلَ: اسْتَطارَ وتَفَرَّق فِي وَجْهِ الغَيْمِ؛ قَالَ:

أَصاحِ تَرَى البَرْقَ لَمْ يغْتَمِضْ،

يَمُوتُ فُواقاً، ويَشْرَى فُواقَا

وَكَذَلِكَ اسْتَشْرَى؛ وَمِنْهُ يُقَالُ للرجلِ إِذَا تمَادَى فِي غَيِّهِ وفسادِه: شَرِيَ يَشْرَى شَرىً. واسْتَشْرَى فُلانٌ فِي الشَّرِّ إِذَا لَجَّ فِيهِ. والمُشاراةُ: المُلاجَّةُ، يُقَالُ: هُوَ يُشَارِي فُلَانًا أَيْ يُلاجُّه. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ فِي صِفَةِ أَبيها، رضي الله عنهما: ثمَّ اسْتَشْرَى فِي دِينه

أَيْ لَجَّ وتَمادَى وجَدَّ وقَوِيَ واهْتَمَّ بِهِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ شَرِيَ البرقُ واسْتَشْرَى إِذَا تتابَع لمَعانهُ. وَيُقَالُ: شَرِيَتْ عينُه بالدَّمْعِ إِذَا لَجَّت وتابَعَت الهَمَلان. وشَرِيَ فلانٌ غَضَباً، وشَرِيَ الرَّجُلُ شَرىً واسْتَشْرَى: غَضِبَ ولَجَّ فِي الأَمْرِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِابْنِ أَحمر:

باتَتْ عَلَيه ليلةٌ عَرْشِيَّةٌ

شَرِيَت، وباتَ عَلى نَقاً مُتَهَدِّمِ

شَرِيَتْ: لَجَّتْ، وعَرْشِيَّةٌ: مَنْسُوبَةٌ إِلَى عَرْشِ السِّماكِ، ومُتَهَدِّم: مُتهافِت لَا يَتماسك. والشُّراة: الخَوارِجُ، سُمُّوا بِذَلِكَ لأَنَّهم غَضِبُوا ولَجُّوا، وأَمّا هُمْ فَقَالُوا نَحْنُ الشُّراةُ لِقَوْلِهِ عز وجل: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ

، أَي يَبِيعُها ويبذُلُها فِي الْجِهَادِ وثَمَنُها الْجَنَّةُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ

؛ وَلِذَلِكَ قَالَ قَطَرِيُّ بْنُ الفُجاءَة وَهُوَ خارجيٌّ:

رأَتْ فِئةً باعُوا الإِلهَ نفوسَهُم

بِجَنَّاتِ عَدْنٍ، عِندَهُ، ونَعِيمِ

التَّهْذِيبِ: الشُّرَاةُ الخَوارِجُ، سَمَّوْا أَنفسهم شُرَاةً لأَنهم أَرَادُوا أَنَّهُمْ باعُوا أَنفسهم لِلَّهِ، وَقِيلَ: سُموا بِذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ إنَّا شَرَيْنا أَنفسنا فِي طاعةِ اللَّهِ أَي بِعْنَاهَا بِالْجَنَّةِ حِينَ فارَقْنا الأَئِمَّةَ الجائِرة، وَالْوَاحِدُ شارٍ، وَيُقَالُ مِنْهُ: تَشَرَّى الرجلُ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: أنه جَمَعَ بَنِيهِ حِينَ أَشْرَى أَهلُ المدينةِ مَعَ ابنِ الزُّبَيْر وخَلَعُوا بَيْعَةَ يزيدَ

أَي صَارُوا كالشُّراةِ فِي فِعْلِهم، وهُم الخَوارجُ، وخُروجِهم عَنْ طاعةِ الإِمامِ؛ قَالَ: وَإِنَّمَا لزمَهم هَذَا اللقَبُ لأَنهم زَعَمُوا أَنهم شَرَوْا دُنْياهم بالآخرَة أَي باعُوها. وشَرَى نفسَه شِرىً إِذَا باعَها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فلَئِنْ فَرَرْتُ مِن المَنِيَّةِ والشِّرَى

والشِّرَى: يَكُونُ بَيْعًا واشْتِراءً. والشارِي: المُشْتَرِي. وَالشَّارِي: البائِعُ. ابْنُ الأَعرابي: الشِّرَاءُ، ممدودٌ ويُقْصَر فَيُقَالُ الشَّرَا، قَالَ: أَهلُ نجدٍ يقصُرونه وأَهل تهامَة يَمُدُّونه، قَالَ: وشَرَيْت بِنَفْسِي لِلْقَوْمِ إِذَا تَقَدَّمْتُ بَيْنَ أَيديهم إِلَى عَدُوِّهم فقاتَلْتَهم أَو إِلَى السُّلْطَانِ فَتَكَلَّمْت عَنْهُمْ. وَقَدْ شَرَى بِنَفْسِهِ إِذَا جَعَل نَفْسَهُ جُنَّةً لَهُمْ. شَمِرٌ: أَشْرَيْتُ الرجلَ والشَّيءَ واشْتَرَيْتُه أَي اخْتَرْتُه. وَرُوِيَ بَيْتُ الأَعشى: شَرَاة الهِجانِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: شَرَاةُ أَرضٌ والنِسبة إِلَيْهَا شَرَوِيّ، قَالَ أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ السُّلَمِيَّ يَقُولُ أَشْرَيْتُ بَيْنَ القومِ وأَغْرَيْتُ وأَشْرَيْتهُ بِهِ فَشَرِيَ مثلُ أَغْرَيْتهُ بِهِ فغَرِيَ. وشَرِيَ الفَرَسُ فِي سَيْره واسْتَشْرَى أَي لَجَّ، فَهُوَ فَرَسٌ شَرِيٌّ، عَلَى فَعِيلٍ. ابْنُ سِيدَهْ: وفَرَسٌ شَرِيٌّ يَسْتَشْرِي فِي جَرْيِهِ أَي يَلِجُّ. وشَارَاهُ مُشَارَاةً: لاجَّهُ. وَفِي حَدِيثِ

السَّائِبِ: كَانَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، شَريكي فَكَانَ خَيْرَ شَريكٍ لَا يُشارِي وَلَا يُمارِي وَلَا يُدارِي

؛ المُشَارَاةُ: المُلاجَّةُ،

ص: 429

وَقِيلَ: لَا يُشَارِي مِنَ الشَّرِّ أَي لَا يُشارِرُ، فَقَلَبَ إِحْدَى الراءَيْن يَاءً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَول الْوَجْهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:

لَا تُشارِ أَخاك

فِي إِحْدَى الروايتينِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي قَوْلِهِ لَا يُشَارِي: لَا يَستَشْري مِنَ الشَّرِّ، وَلَا يُمارِي: لَا يُدافِعُ عَنِ الحقِّ وَلَا يُرَدِّدُ الكلامَ؛ قَالَ:

وَإِنِّي لأَسْتَبْقِي ابنَ عَمِّي، وأَتَّقي

مُشَاراتَه كَيْ مَا يَرِيعَ ويَعْقِلا

قَالَ ثَعْلَبٌ: سأَلت ابْنَ الأَعرابي عَنْ قَوْلِهِ

لَا يُشَارِي وَلَا يُمارِي وَلَا يُدارِي

، قَالَ: لَا يُشَارِي مِنَ الشَّرِّ، قَالَ: وَلَا يُماري لَا يُخَاصِمُ فِي شيءٍ لَيْسَتْ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ، وَلَا يُداري أَي لَا يَدْفَعُ ذَا الحَقِّ عَنْ حَقِّه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

إِذَا أُوقِدَتْ نارٌ لَوى جِلْدَ أَنْفِه،

إِلَى النارِ، يَسْتَشْرِي ذَرى كلِّ حاطِبِ

ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْ يَسْتَشْرِي إِلَّا أَن يَكُونَ يَلِجُّ فِي تأَمُّله. وَيُقَالُ: لَحاه اللَّهُ وشَراهُ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: شَراهُ اللَّهُ وأَوْرَمَه وعَظاهُ وأَرْغَمَه. والشَّرَى: شيءٌ يخرُجُ عَلَى الجَسَد أَحمَرُ كهيئةِ الدَّرَاهِمِ، وَقِيلَ: هُوَ شِبْهُ البَثْر يَخْرُجُ فِي الْجَسَدِ. وَقَدْ شَرِيَ شَرىً، فَهُوَ شَرٍ عَلَى فَعِلٍ، وشَرِيَ جلْدُه شَرىً، قَالَ: والشَّرى خُراج صِغَارٌ لَهَا لَذْعٌ شَدِيدٌ. وتَشَرَّى القومُ: تَفَرَّقوا. واستَشْرَتْ بَيْنَهُمُ الأُمورُ: عظُمت وتفاقَمَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

حَتَّى شَرِيَ أَمرُهما

أَي عظُم «3» . وتَفاقَمَ ولَجُّوا فِيهِ. وفَعَلَ بِهِ مَا شَرَاهُ أَي ساءَه. وإبِلٌ شَرَاةٌ كسَراةٍ أَي خِيارٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

يَذُبُّ القَضايا عَنْ شَرَاةٍ كأَنَّها

جَماهيرُ تَحْتَ المُدْجِناتِ الهَواضِبِ

والشَّرَى: النَّاحِيَةُ، وخَصَّ بعضُهم بِهِ نَاحِيَةَ النَّهْرِ، وَقَدْ يُمَدُّ، والقَصر أَعْلى، وَالْجَمْعُ أَشْرَاءٌ. وأَشْرَاه ناحيةَ كَذَا: أَمالَهُ؛ قَالَ:

اللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّا فِي تَلَفُّتِنا،

يومَ الفِراقِ، إِلَى أَحْبابِنا صورُ

وأَنَّني حَوْثُما يُشْرِي الهَوى بَصَري،

مِنْ حيثُ مَا سَلَكوا، أَثْني فأَنْظورُ «4»

. يُرِيدُ أَنظُرُ فأَشْبَع ضَمَّة الظَّاءِ فنشَأَت عَنْهَا وَاوٌ. والشَّرى: الطريقُ، مقصورٌ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. والشَّرْيُ، بِالتَّسْكِينِ: الحَنْظَلُ، وَقِيلَ: شجرُ الْحَنْظَلِ؛ وَقِيلَ: ورقُه، وَاحِدَتُهُ شَرْيَةٌ؛ قَالَ رؤْبة:

فِي الزَّرْبِ لَوْ يَمْضُغُ شَرْياً مَا بَصَقْ

وَيُقَالُ: فِي فُلَانٍ طَعْمانِ أَرْيٌ وشَرْيٌ، قَالَ: والشَّرْيُ شَجَرُ الْحَنْظَلِ؛ قَالَ الأَعلم الْهُذَلِيُّ:

عَلَى حَتِّ البُرايةِ زَمْخَرِيِّ السَّواعِدِ،

ظَلَّ فِي شَرْيٍ طِوالِ

وَفِي حَدِيثِ

أَنس فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ، قَالَ: هُوَ الشَّرْيان

؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الشَّرْيانُ والشَّرْيُ الْحَنْظَلُ، قَالَ: ونحوهُما الرَّهْوانُ والرَّهْوُ للمطمئِنِّ مِنَ الأَرض، الْوَاحِدَةُ شَرْيَةٌ. وَفِي حَدِيثِ

لَقيط: أَشْرَفْتُ عَلَيْهَا وَهِيَ شَرْيَة وَاحِدَةٌ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ، أَراد أَنَّ الأَرض اخْضَرَّتْ بالنَّبات فكأَنها حَنْظَلَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَ: وَالرِّوَايَةُ

شَرْبَة

، بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. وقال أَبو حنيفة:

(3). قوله [حَتَّى شَرِيَ أَمْرُهُمَا أَيْ عظم إلخ] عبارة النهاية: ومنه حديث المبعث

فشَرِيَ الأَمر بينه وبين الكفار حين سب الهتم

أَيْ عَظُمَ وَتَفَاقَمَ وَلَجُّوا فيه، والحديث الآخر

حتى شَرِيَ أمرهما

وحديث أم زرع إلخ

(4)

. قوله حوثما: لغة في حيثما

ص: 430

يُقَالُ لمِثْلِ مَا كَانَ مِنْ شَجَرِ القِثَّاءِ والبِطِّيخِ شَرْيٌ، كَمَا يُقَالُ لشَجَرِ الْحَنْظَلِ، وَقَدْ أَشْرَتِ الشجرةُ واسْتَشْرَتْ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّرْيَة النَّخْلَةُ الَّتِي تنبُت مِنَ النَّواةِ. وتَزَوَّجَ فِي شَرِيَّةِ نِساءٍ أَي فِي نِساءٍ يَلِدْنَ الإِناثَ. والشَّرْيانُ والشِّرْيانُ، بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِهَا: شجرٌ مِنْ عِضاه الْجِبَالِ يُعْمَلُ مِنْهُ القِسِيُّ، وَاحِدَتُهُ شِرْيَانَةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: نَبات الشِّرْيانِ نباتُ السِّدْر يَسْنو كَمَا يَسْنو السِّدْر ويَتَّسِعُ، وَلَهُ أَيضاً نَبِقَةٌ صَفْراءُ حُلْوَةٌ، قَالَ: وَقَالَ أَبو زيادٍ تُصْنَعُ القياسُ مِنَ الشِّرْيانِ، قَالَ: وقَوْسُ الشِّرْيانِ جَيِّدَةٌ إِلَّا أَنها سَوداءُ مُشْرَبَةٌ حُمْرةً، وَهُوَ مِنْ عُتْقِ العيدانِ وَزَعَمُوا أَن عُودَهُ لَا يَكادُ يَعْوَجُّ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِذِي الرُّمَّةِ:

وَفِي الشِّمالِ مِنَ الشِّرْيانِ مُطْعَمَةٌ

كَبْداءُ، فِي عودِها عَطْفٌ وتَقْويمُ

وَقَالَ الْآخَرُ:

سَياحِفَ فِي الشِّرْيانِ يَأْمُلُ نَفْعَها

صِحابي، وَأَوْلَى حَدَّها مَنْ تَعَرَّما

الْمُبَرِّدُ: النَّبْعُ والشَّوْحَطُ والشِّرْيانُ شجرةٌ واحدةٌ، ولكِنَّها تَخْتَلِف أَسْماؤُها وتَكْرُم بِمَنابِتِها، فَمَا كَانَ مِنْهَا فِي قُلَّة جبَلٍ فَهُوَ النَّبْعُ، وَمَا كَانَ فِي سَفْحِهِ فَهُوَ الشِّرْيان، وَمَا كَانَ فِي الحَضيضِ فهُو الشَّوْحَطُ. والشِّرْيَانَاتُ: عروقٌ دقاقٌ فِي جَسَدِ الإِنسان وغَيره. والشَّرْيَانُ والشِّرْيَانُ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: وَاحِدُ الشَّرَايِين، وَهِيَ العُروقُ النَّابضَة ومَنْبِتُها مِنَ القَلْبِ. ابْنُ الأَعرابي: الشِّرْيَان الشَّقُّ، وَهُوَ الثَّتُّ، وَجَمْعُهُ ثُتُوتٌ وَهُوَ الشَّقُّ فِي الصَّخْرة. وأَشْرَى حوضَه: مَلأَه وأَشْرَى جِفانَه إِذَا مَلأَها، وَقِيلَ: مَلأَها للضِّيفانِ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:

نَكُبُّ العِشارَ لأَذْقانِها،

ونُشْرِي الجِفانَ ونَقْري النَّزيلا

والشَّرَى: موضعٌ تُنْسب إِلَيْهِ الأُسْدُ، يُقَالُ للشُّجْعانِ: مَا هُمْ إِلَّا أُسودُ الشَّرى؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: شَرى مَوْضِعٌ بِعَيْنهِ تأْوي إِلَيْهِ الأُسْدُ، وَقِيلَ: هُوَ شَرى الفُراتِ وناحِيَتُه، وَبِهِ غِياضٌ وآجامٌ ومَأْسَدَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أُسودُ شَرىً لاقتْ أُسودَ خفِيَّةٍ

. والشَّرى: طريقٌ فِي سَلْمى كَثِيرُ الأُسْدِ. والشَّرَاةُ: موضِع. وشِرْيَانُ: وادٍ؛ قَالَتْ أُخت عَمْرٍو ذِي الْكَلْبِ:

بأَنَّ ذَا الكَلْبِ عَمْرًا خيرَهم حسَباً،

ببَطْنِ شِرْيَانَ، يَعْويِ عِنْده الذِّيبُ

وشَرَاءٌ، وشَرَاءِ كَحذامِ: موضعٌ؛ قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ:

تأَبَّدَ مِنْ أَطْلالِ جَمْرَةَ مَأْسَلُ،

فَقَدْ أَقْفَرَت مِنْهَا شَرَاءٌ فيَذْبُلُ «1»

. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الشَّرَاةِ؛ هُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ جَبَلٌ شامخٌ من دون عُسْفانَ، وصُقْعٌ بِالشَّامِ قَرِيبٌ مِنْ دِمَشْق، كَانَ يَسْكُنُهُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وأَولاده إِلَى أَن أَتتهم الخلافة. ابن سيدة: وشَرَاوَةُ موضعٌ قَرِيبٌ مِنْ تِرْيَمَ دونَ مَدْين؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:

تَرامى بِنا مِنْهَا، بحَزْنِ شَرَاوَةٍ

مفَوِّزَةٍ، أَيْدٍ إلَيْك وأَرْجُلُ

وشَرَوْرَى: اسْمُ جَبَلٍ فِي الْبَادِيَةِ، وَهُوَ فَعَوْعَل، وفي

(1). قوله [أطلال جمرة] هو بالجيم في المحكم

ص: 431

الْمُحْكَمِ: شَرَوْرَى جَبَلٌ، قَالَ: كَذَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ، وَكَانَ قِيَاسُهُ أَن يَقُولَ هَضْبة أَو أَرض لأَنه لَمْ يُنَوِّنْهُ أَحد مِنَ الْعَرَبِ، وَلَوْ كَانَ اسْمَ جَبَلٍ لَنَوَّنَهُ لأَنه لَا شَيْءَ يَمْنَعُهُ مِنَ الصَّرْفِ.

شسا: التَّهْذِيبُ فِي الْمُعْتَلِّ: ابْنُ الأَعرابي الشَّسَا البُسْرُ اليابس.

ششا: ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الشَّشَا الشِّيصُ.

شصا: الْفَرَّاءُ: الشُّصُوُّ مِنَ العَيْن مِثْلُ الشُّخُوصِ. يُقَالُ: شَصَا بصَرهُ، فَهُوَ يَشْصُو شُصُوّاً. وشَصَتْ عينُه شُصُوّاً: شَخَصَت حَتَّى كأَنه ينظرُ إِلَيْكَ وَإِلَى آخَرَ؛ قَالَ:

يَا رُبَّ مُهْرٍ شَاصِ،

ورَبْرَبٍ خِماصِ،

يَنْظُرْنَ مِن خَصاصِ،

بأَعْيُنٍ شَواصِ،

كفِلَقِ الرَّصاصِ

وشَصا بصَرُه يَشْصُو شُصُوّاً: شَخَص. وأَشْصَاه صاحِبُه: رفَعَه. وشَصَا الإِنسانُ وغيرُه شُصُوّاً: قُطِعَت قَوائِمُه فارْتَفعتْ مَفاصِلُه، قَالَ: والشَّاصِي الَّذِي إِذَا قُطِعتْ قوائمهُ ارْتَفعتْ مفاصِلُه أَبداً. اللِّحْيَانِيُّ: شَصَا الميِّتُ يَشْصُو شُصُوّاً انْتَفخَ وارْتَفعت يداهُ ورِجْلاه، فَهُوَ شاصٍ، وَكَذَلِكَ القرْبة إِذَا مُلِئتْ مَاءً، والزِّقُّ إِذَا مُلِئَ خَمْراً ونحوَها مِنَ السَّيّال فارْتفَعتْ قوائِمهُ وشالَتْ؛ قَالَ:

وطَعْنٍ كفَم الزِّقِّ

شَصا، والزِّقُّ مَلآنُ

وَيُقَالُ للزِّقاقِ المَمْلوءَةِ الشائِلةِ القَوائِمِ والقِرَبِ إِذَا كَانَتْ مَمْلوءَةً أَو نُفِخَ فِيهَا فارْتَفعتْ قوائِمُها: شاصِيَةٌ، وَالْجَمْعُ شَواصٍ وشاصِياتٌ؛ أَنشد أَبو عَمْرٍو:

يَا رَبَّنا لَا تُخْفِضَنَّ عاصِيَهْ

سَريعةَ المَشْي، طَيُورَ الناصِيَةْ

«1» . تَخافُها أَهلُ البُيوتِ القاصِيَهْ،

تُسامرُ القوْمَ وتُضْحي شاصِيَهْ

مِثْلَ الهَجينِ الأَحْمَرِ الجُراصِيَهْ،

والإِثْرُ والصَّرْبُ مَعًا كالآصِيَهْ

وَقَالَ الأَخطل يَصِفُ زُقَاقَ خَمْرٍ:

أَناخُوا، فَجَرُّوا شاصِياتٍ كأَنها

رِجالٌ مِنَ السُّودانِ لَمْ يتَسَرْبَلُوا

قَالَ: وَكَذَلِكَ القِرَب والزِّقاقُ إِذَا كَانَتْ مَمْلوءَةً أَوْ نُفِخَ فِيهَا فارتفعتْ قوائِمُها وشالَتْ. وكلُّ مَا ارْتَفعَ فَقَدْ شَصَا. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ لِلْمَيِّتِ إِذَا انْتَفَخَ فَارْتَفَعَتْ يداهُ ورجلاهُ: قَدْ شَصَى يَشْصِي «2» . شُصِيّاً، فَهُوَ شَاصٍ؛ حَكَاهُ عَنِ الْكِسَائِيِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالْمَعْرُوفُ يَشْصُو. الْمُحْكَمُ: شَصا برِجْلِه شُصِيّاً رفَعها. الأَزهري: وَيُقَالُ للشَّاصِي شاظٍ، بِالظَّاءِ، وَقَدْ شَظَى يَشْظي شُظِيّاً. اللِّحْيَانِيُّ: شَطَى وشَظَى مثلُ ذَلِكَ «3» . وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: إِذَا ارْجَحَنَّ شاصِياً فارْفَعْ يَدا مَعْنَاهُ إِذَا أَلْقَى الرجُلُ لكَ نفْسَه وغَلَبْتَه فرَفَعَ رِجْلَيْهِ فاكْفُفْ يَدَك عَنْهُ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ إذا

(1). قوله [لا تخفضن] هكذا في الأَصل، وتقدم لنا في مادة أصي: لا تبقينّ

(2)

. قوله [قد شصى يشصي إلخ] ضبط في المحكم والتهذيب والصحاح من باب رمى، وفي القاموس شَصِيَ كرضي، قال شارحه: وقد ضبط الفعل مثل رمى يرمي عَلَى مَا هُوَ فِي النسخ وصحح عليه فقول المصنف كرضي محل تأْمل

(3)

. قوله [اللِّحْيَانِيُّ شَطَى وَشَظَى مِثْلُ ذلك] ضبطهما في القاموس كرضي، وكتب عليهما شارحه بأنهما من حد رمى

ص: 432

سقَطَ ورفعَ رِجْليه فاكْفُفْ عَنْهُ. اللَّيْثُ: شَصَت السَّحابةُ تَشْصُو إِذَا ارْتفعت فِي نُشُوئِها، وشَصا السَّحَابُ. ابْنُ الأَعرابي: الشَّصْوُ السِّواكُ، والشَّصْوُ الشِّدَّةُ. والشَّاصِلَّى مِثْلُ الباقِلَّى «1» . نبتٌ إِذَا شَدَّدْت قَصَرْت، وَإِذَا خفَّفْتَ مددْتَ، وَيُقَالُ له بالفارسية وكْرَاوَنْد.

شطي: شَطَى: أَرضٌ، وَقِيلَ: شَطَى اسمُ قَرْيةٍ بناحيةِ مِصْرَ تُنسَبُ إِلَيْهَا الثيابُ الشَّطَوِيَّة، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

تَجَلَّل بالشَّطِيِّ والحِبَراتِ

يُرِيدُ الشَّطَويَّ. غَيْرُهُ: الشَّطَوِيَّة ضرْبٌ مِنْ ثِيَابِ الكَتان تُصْنعُ فِي شَطَى، وَفِي التَّهْذِيبِ: يُعْمَلُ بأَرض يُقَالُ لَهَا الشَّطَاةُ؛ قَالَ: وأَلف شَطَى ياءٌ لِكَوْنِهَا لَامًا، واللامُ يَاءٌ أَكثرُ مِنْهَا وَاوًا. وَفِي النَّوَادِرِ: مَا شَطَّيْنا هَذَا الطَّعَامَ أَي مَا رَزَأْنا مِنْهُ شَيْئًا. وَقَدْ شَطَّيْنا الجَزُورَ أَي سَلَخْناه وفَرَّقْنا لَحْمَه.

شظي: شَظَى الميِّتُ يَشْظِي شَظْياً، وَفِي التَّهْذِيبِ شُظِيّاً: انْتَفَخَ فارْتفَعتْ يَداهُ ورجْلاهُ كشَصا؛ حَكَاهُ اللِّحْيَانِيُّ. الأَصمعي: شَظَى السِّقاءُ يَشْظِي شُظِيّاً مثلُ شَصى، وذلك إِذَا مُلِئَ فارْتفَعتْ قَوائِمُه. والشَّظَاةُ: عُظَيْمٌ لازقٌ بالوَظيفِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: بالرُّكْبةِ، وجمعُها شَظىً، وَقِيلَ: الشَّظَى عَصَبٌ صغارٌ فِي الوَظِيفِ، وَقِيلَ: الشَّظَى عُظَيْمٌ لازقٌ بالذِّراعِ، فَإِذَا زَالَ قِيلَ شَظِيَتْ عَصَبُ الدَّابَّةِ. أَبو عُبَيْدَةَ: في رؤُوسِ المِرْفَقْينِ إبْرَةٌ، وَهِيَ شَظِيَّةٌ لاصِقَةٌ بالذِّراعِ ليستْ مِنْهَا؛ قَالَ: والشَّظَى عظمٌ لاصِقٌ بالرُّكْبةِ، فَإِذَا شَخَصَ قِيلَ شَظِيَ الفرَسُ، وتَحَرُّكُ الشَّظَى كانتِشارِ العَصَب غيرَ أَنَّ الفرَسَ لانتِشارِ العَصَبِ أَشدُّ احْتِمالًا مِنْهُ لتَحَرُّكِ الشَّظَى، وَكَذَلِكَ قَالَ الأَصمعي. ابْنُ الأَعرابي: الشَّظَى عَصَبةٌ دقِيقةٌ بَيْنَ عَصَبَتي الوَظيف، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ عُظَيْمٌ دقِيقٌ إذا زَالَ عَنْ موضعِهِ شَظِيَ الفَرسُ. وشَظِيَ الفرَسُ شَظىً، فَهُوَ شَظٍ: فُلِقَ شَظاهُ. والشَّظَى: انْشِقاقُ العَصَبِ؛ قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:

وَلَمْ أَشْهَدِ الخَيْلَ المُغِيرَةَ بالضُّحى

عَلَى هَيْكَلٍ نَهْدِ الجُزَارَةِ جَوَّالِ

سَلِيمِ الشَّظَى، عَبْلِ الشَّوى، شَنِجِ النَّسا،

لَهُ حَجباتٌ مُشْرِفاتٌ عَلَى الفالِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ للأَغلبَ العِجلي:

لَيْسَ بِذِي واهِنَةٍ وَلَا شَظَى

الأَصمعي: الشَّظَى عُظَيْمُ مُلزَقٌ بالذِّراعِ، فَإِذَا تحَرَّكَ مِنْ موضعِهِ قِيلَ قَدْ شَظِيَ الفرَسُ، بِالْكَسْرِ، وَقَدْ تَشَظَّى وشَظَّاهُ هُوَ. والشَّظِيَّة: عَظْمُ الساقِ، وكلُّ فِلْقَةٍ مِنْ شيءٍ شَظِيَّةٌ. والشَّظِيَّة: شِقّة مِنْ خَشبٍ أَو قَصَبٍ أَو قِضّةٍ أَو عَظْمٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمَّا أَرادَ أَن يَخْلُق لإِبْلِيسَ نَسْلًا وزَوْجةً، أَلقى عَلَيْهِ الغَضَبَ فطارَتْ مِنْهُ شَظِيّةٌ مِنْ نارٍ فخَلقَ مِنْهَا امرأَتَه

؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

ابْنِ عباسٍ: فطارَتْ مِنْهُ شَظِيّةٌ ووَقعَتْ مِنْهُ أُخرى مِنْ شِدَّةِ الغَضَب.

والشَّظِيَّة: القوسُ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشّظِيَّةُ القَوسُ لأَنَّ خشبَها شَظِيَتْ أَي فُلِقَتْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنَ قوله:

(1). قوله [والشَّاصِلَّى مثل الباقلى] هكذا في الأَصل والصحاح، وفي القاموس: والشَّاصِلَّى بضم الصاد وفتح اللام المشددة

ص: 433

مَهاها السِّنانُ اليَعْمَليُّ فأَشْرَفَتْ

سَناسِنُ مِنْهَا، والشَّظِيُّ لُزُوقُ

قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ زَعَمَ أَن الشَّظِيَّ جَمْعُ شَظىً، قَالَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ لأَن فَعَلًا لَيْسَ مِمَّا يُكسَّر عَلَى فَعِيلٍ إلَّا أَن يَكُونَ اسْمًا لِلْجَمْعِ فَيَكُونَ مِنْ بَابِ كلِيبٍ وعَبيدٍ، وأَيضاً فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ الشَّظِيُّ جَمْعَ شَظىً والشَّظى لَا مَحَالَةَ جَمْعُ شَظاةٍ، فَإِنَّمَا الشَّظيُّ جمعُ جمعٍ وَلَيْسَ بِجَمْعٍ، وَقَدْ بيَّنَّا أَنه لَيْسَ كلُّ جَمْعٍ يُجمعُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالَّذِي عِنْدِي أَن الشَّظِيَّ جَمْعُ شَظِيَّةٍ الَّتِي هِيَ عظمُ الساقِ كَمَا أَن رَكِيّاً جَمْعُ رَكِيَّةٍ. وتَشَظَّى الشيءُ: تفَرَّقَ وتشَقَّق وتَطايَر شَظَايا؛ قَالَ:

يَا مَنْ رأَى لِي بُنَيَّ اللَّذَيْن هُمَا

كالدُّرَّتَيْن تَشَظَّى عَنْهُمَا الصَّدَفُ

وشَظَّاهُ هُوَ، وتَشَظَّى القومُ: تفَرَّقوا، قَالَ:

فصَدّه، عَنْ لعْلَعٍ وبارِقِ،

ضرْبٌ يُشَظِّيهمْ عَلَى الخَنادقِ

أَي يفرِّقُهم ويَشُقُّ جمعَهم. وشَظَّيْتُ القومَ تَشْظِيَةً أَي فرَّقتُهم فتشَظَّوْا أَي تفرَّقُوا. وشَظِيَ القومُ إِذَا تفَرَّقُوا. والشَّظَى مِنَ النَّاسِ: المَوالي والتِّباعُ. وشَظَى القومِ: خلافُ صمِيمِهِمْ، وَهُمُ الأَتْباعُ والدُّخلاءُ عَلَيْهِمْ بالحِلْف؛ وقال هَوْبَرٌ الْحَارِثِيُّ:

أَلا هَلْ أَتى التَّيْمَ بنَ عبدِ مَناءَةٍ،

عَلَى الشَّنْءِ فِيمَا بَيْنَنَا، ابنِ تمِيمِ

بمَصْرَعِنا النُّعمانَ، يومَ تأَلَّبَتْ

عَلَيْنَا تميمٌ مِنْ شَظىً وصَميمِ

تَزَوَّد منَّا بَيْنَ أُذْنَيهِ طَعنةً،

دَعَتْه إِلَى هَابِي الترابِ عَقيمِ

قَوْلُهُ: بمَصْرعِنا النُّعمانَ فِي مَوْضِعِ الْفَاعِلِ بأَتى فِي الْبَيْتِ قبلَه، والباءُ زائدةٌ؛ وَمِثْلُهُ قولُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

أَلا هَلْ أَتاها، والحوادثُ جَمَّةٌ،

بأَن إمرأَ القيسِ بنَ تَملِكَ بَيْقَرا؟

قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:

أَلمْ يأْتيكَ، والأَنباءُ تَنْمي،

بِمَا لاقتْ لَبُونُ بَنِي زيادِ؟

والشَّظَى: جبلٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

أَلمْ ترَ عُصْمَ رُؤوس الشَّظَى،

إِذَا جاءَ قانِصُها تجْلبُ؟

وَهُوَ الشَّظاءُ أَيضاً، ممدودٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ

كمُدِلَّةٍ عَجْزاءَ تَلْحَمُ ناهِضاً،

فِي الوَكْرِ، مَوْقِعُها الشَّظاءُ الأَرْفعُ

وأَما الْحَدِيثُ

الَّذِي جَاءَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: تعَجَّبَ رَبُّك مِنْ راعٍ فِي شَظِيَّة يؤذِّنُ ويقيمُ الصَّلَاةَ يخافُ مِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لعَبدي وأَدخلتهُ الجنة

؛ ف الشَّظِيَّةُ: فِنْديرةٌ مِنْ فَناديرِ الجبالِ، وهي قطعةٌ من رؤُوسها؛ عَنِ الأَزهري، قَالَ: وَهِيَ الشِّنْظِيةُ أَيضاً، وَقِيلَ: الشَّظِيَّةُ قِطعَةٌ مرتفعةٌ فِي رأْس الْجَبَلِ. والشَّظِيَّةُ: الفِلْقةُ مِنَ الْعَصَا ونحوِها، وَالْجَمْعُ الشَّظَايا، وَهُوَ مِنَ التَّشَظِّي التَّشَعُّبِ والتَّشَقُّقِ؛ ومنه الحديث:

ف انْشَظَت رَباعيةُ رسوِل اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم

، أَي انْكَسَرَتْ. التَّهْذِيبِ: شَوَاظِي الْجِبَالِ وشَنَاظِيها هِيَ الكِسَر مِنْ رؤوس الْجِبَالِ كأَنها شُرَفُ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: كأَنها شَظِيَّةٌ انشَظَتْ ولم تَنْقَسِمْ أَيِ انْكَسَرَتْ

ص: 434

وَلَمْ تنْفرِجْ. والشَّظِيَّة مِنَ الْجَبَلِ: قِطْعةٌ قُطِعَت مِنْهُ مِثْلُ الدَّارِ وَمِثْلُ الْبَيْتِ، وجمعُها شَظَايا، وأَصغر مِنْهَا وأَكبر كَمَا تَكُونُ. النَّضْرُ: الشَّظَى الدَّبْرَةُ عَلَى إثرِ الدِّبْرةِ فِي المزْرَعة حَتَّى تبلُغَ أَقْصاها، الواحِدُ شَظىً بدِبارِها، والجماعةُ الأَشْظِيةُ، قَالَ: والشَّظَى رُبَّمَا كَانَتْ عشْر دَبَراتٍ، يُرْوى ذَلِكَ عَنِ الشافعي.

شعا: أَشْعى القومُ الغارةَ إشْعاءً: أَشْعَلُوها. وغارةٌ شَعْوَاءُ: فاشِيةٌ مُتَفَرِّقَةٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

ماوِيَّ يَا رُبَّتَما غارةٍ

شَعْوَاءَ كاللَّذْعة بالمِيسَمِ

وَقَالَ ابْنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ:

كَيْفَ نَوْمِي عَلَى الْفِرَاشِ، وَلَمَّا

تَشْمَلِ الشامَ غارةٌ شَعْواءُ

تُذْهِلُ الشَّيخَ عَنْ بَنِيهِ، وتُبْدي،

عَنْ خِدامِ، العَقِيلةُ العَذْراءُ

الْعَقِيلَةُ: فَاعِلَةٌ لتُبْدي، وَحَذَفَ التَّنْوِينَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ لِلضَّرُورَةِ «1» . وشعِيَت الغارةُ تَشْعَى شَعاً إِذَا انتَشَرت، فَهِيَ شَعْواءُ، كَمَا يُقَالُ عَشِيَتِ المرأَة تَعْشى عَشاً فَهِيَ عَشْواء. وَالشَّاعِي: البعيدُ. والشَّعْوُ: انتِفاشُ الشَّعَر. والشُّعَى: خُصَلُ الشَعَر المُشْعانِّ. والشَّعْوَانَة: الجُمَّة مِنَ الشَّعَر المُشعانِّ. وَشَجَرَةٌ شَعْواءُ: مُنْتَشِرة الأَغصانِ. وأَشْعى بِهِ: اهْتَمَّ؛ قَالَ أَبو خِرَاشٍ:

أَبْلِغْ علِيّاً، أَذَلَّ اللَّهُ سَعْيَهُمُ

أَنَّ البُكَيْرَ الَّذِي أَشْعَوْا بِهِ هَمَلُ

قَالَ ابْنُ جِنِّي: هُوَ مِنْ قولِهم غارةٌ شَعْواءُ، ورُوِي: أَسْعَوْا بِهِ، بِالسِّينِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. الأَصمعي: جَاءَتِ الخيلُ شَوَاعِيَ وشَوائِعَ أَي مُتَفَرِّقَةً؛ وأَنشد للأَجْدع بْنِ مَالِكٍ:

وكأَن صَرْعَيْها كِعابُ مُقامِرٍ

ضُرِبَتْ عَلَى شُزُنٍ، فهنَّ شَواعي

أَراد: شَوائِعَ، فقلَبه؛ الشَّزَن: النَّاحِيَةُ والجانبُ الْمُرْتَفِعُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ وكأَن صَرْعاها، قَالَ: والمشهورُ فِي شِعْرِه عَقْراها، يَصِفُ خَيْلًا عُقِرت وصُرِعَت، يَقُولُ: عَقْرى هَذِهِ الخَيْلِ يَقَعُ بعضُها عَلَى جنْبه وبَعْضُها عَلَى ظَهْره كَمَا يقعُ كعبُ المُقامر مَرَّة عَلَى ظهْره ومرَّة عَلَى جنْبهِ، فَهِيَ ككِعاب المُقامِر بَعْضُها عَلَى ظهْرٍ وبعضُها عَلَى جنْبٍ وبعضُها عَلَى حرْفٍ. والشَّعْواءُ: اسمُ نَاقَةِ العَجَّاج؛ قَالَ:

لَمْ تَرْهَبِ الشَّعْوَاءُ أَن تُناصا

شغا: الشَّغا: اخْتِلافُ الأَسْنانِ، وَقِيلَ: اخْتِلَافُ نِبْتَة الأَسْنان بالطُّول والقِصَر والدُّخُول والخُروج. وشَغَتْ سِنُّه شُغُوّاً وشَغِيَتْ شَغىً ورجلٌ أَشْغَى وامرأَة شَغْوَاءُ وشَغْيَاءُ مُعاقَبَةٌ، حجازيَّة، وَالْجَمْعُ شُغْوٌ. والسِّنُّ الشَّاغِيَةُ: هِيَ الزائِدَةُ عَلَى الأَسنان، وَهِيَ المُخالفة لنِبْتَة غَيْرِهَا مِنَ الأَسْنان، وَقَدْ شَغِيَ يَشْغى شَغاً، مقصورٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشَّغا اختِلاف نِبْتَة الأَسْنانِ وليسَ الزِّيَادَة كَمَا ذكرَه الْجَوْهَرِيُّ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَر: أَنَّ رَجُلًا مِنْ تَمِيمٍ شَكا إِلَيْهِ الْحَاجَةَ فَمارَهُ فَقَالَ: بعدَ حَوْلٍ لأُلِمَّنَّ بعُمَر، وَكَانَ شاغِيَ السِّنِّ فَقَالَ: مَا أُرى عُمَر إلَّا سيَعرفُني، فعالَجَها حَتَّى قلعَها

؛ الشَّاغِيةُ مِنَ الأَسنان: الَّتِي تخالِفُ نِبْتَتُها نِبْتَة أَخَواتِها، وَقِيلَ: هُوَ خُرُوجُ الثَّنيَّتَيْن، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي تَقَعُ أَسنانُه العُليا تحتَ رؤوس السُّفْلى، قال ابن

(1). يريد حذف التنوين من خدام

ص: 435

الأَثير: والأَوَّل أَصحّ، وَيُرْوَى: شاغِنَ، بِالنُّونِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ. وَفِي حَدِيثِ

عُثْمَانَ: جِيء إِلَيْهِ بعامِر بْنِ قيْسٍ «1» . فرأَى شَيْخًا أَشْغى

؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

كَعْبٍ: تكونُ فتْنَةٌ ينهَضُ فِيهَا رجلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَشْغَى

، وَفِي رِوَايَةٍ:

لَهُ سِنٌّ شاغِيةٌ.

والشَّغْواءُ: العُقابُ، قِيلَ لَهَا ذَلِكَ لفَضْلٍ فِي مِنْقَارِهَا الأَعلى عَلَى الأَسفل، وَقِيلَ: سُمِّيت بِذَلِكَ لتَعَقُّفٍ فِي مِنْقارها؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

شَغْوَاءُ تُوطِنُ بَيْنَ الشِّيقِ والنِّيق

وَقَالَ أَبو كَاهِلٍ اليشكُري يُشَبِّهُ ناقَتَه بالعُقاب:

كأَنَّ رِجْلي عَلَى شَغْوَاءَ حادِرَةٍ

ظَمْياءَ، قَدْ بُلَّ مِنْ طَلّ خَوافِيها

سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْعِطَافِ مِنْقَارِهَا الأَعلى. والتَّشْغِيَةُ: تَقطِيرُ البَوْل، والاسمُ الشَّغَى. الأَزهري: الشَّغْيَة أَن يقْطُر البَوْلُ قَلِيلًا قَلِيلًا. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: أَنَّه ضرَبَ امرأَةً حَتَّى أَشَاغَتْ ببَوْلها

، هَكَذَا يُرْوَى وَإِنَّمَا هُوَ أَشْغَتْ. والإِشْغَاءُ: أَن يقْطُر البَوْلُ قَلِيلًا قَلِيلًا. وأَشْغَى فلانٌ رأْيَه إِذَا فرَّقَه؛ وَقَالَ:

أَبْلِغْ عَلِيّاً، أَطال اللهُ ذُلَّهُمُ

أَنَّ البُكَيْرَ الَّذِي أَشْغَوْا بِهِ هَمَلُ

وبُكَيْرٌ: اسْمُ رَجُلٍ قَتلُوه، هَمَلٌ: غير صحيح.

شفي: الشِّفَاء: دواءٌ معروفٌ، وَهُوَ مَا يُبرئُ مِنَ السَّقَم، والجمعُ أَشْفِيَةٌ، وأَشَافٍ جمعُ الجْمع، وَالْفِعْلُ شَفاه اللَّهُ مِنْ مَرَضهِ شِفاءً، ممدودٌ. واسْتَشْفَى فلانٌ: طلبَ الشِّفاء. وأَشْفَيْتُ فُلَانًا إِذَا وهَبتَ لَهُ شِفاءً مِنَ الدَّوَاءِ. وَيُقَالُ: شِفَاءُ العِيِّ السؤَالُ. أَبو عَمْرٍو: أَشْفَى زَيْدٌ عَمْرًا إِذَا وَصَفَ لَهُ دَوَاءً يَكُونُ شِفاؤه فِيهِ، وأَشْفَى إِذَا أَعْطى شَيْئًا مَا؛ وأَنشد:

وَلَا تُشْفِي أَباها، لوْ أَتاها

فَقِيرًا فِي مبَاءَتِها صِماما

وأَشْفَيْتُك الشيءَ أَي أَعطيْتُكَه تَستَشْفي بِهِ. وشَفَاه بِلِسَانِهِ: أَبْرأَهُ. وشَفَاهُ وأَشْفَاهُ: طَلَبَ لَهُ الشِّفاءَ. وأَشْفِنِي عَسَلًا: اجْعَلْه لِي شِفاءً. وَيُقَالُ: أَشْفَاهُ اللهُ عسَلًا إِذَا جَعَلَهُ لَهُ شِفاءً؛ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدَةَ. واسْتَشْفَى: طَلَبَ الشِّفاءَ، واسْتَشْفَى: نَالَ الشِّفاء. والشَّفَى: حرْفُ الشيءِ وحَدُّه، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ

؛ وَالِاثْنَانِ شَفَوان. وشَفَى كلِّ شَيْءٍ: حَرْفُه؛ قَالَ تَعَالَى: وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ

؛ قَالَ الأَخفش: لمَّا لَمْ تَجُزْ فِيهِ الإِمالةُ عُرِفَ أَنه مِنَ الْوَاوِ لأَنَّ الإِمالة مِنَ الْيَاءِ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عليه السلام: نازلٌ بِ شَفا «2» . جُرُفٍ هارٍ

أَي جانِبه، وَالْجَمْعُ أَشْفَاءٌ؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ قَوْسًا شَبَّه عِطْفَها بعِطْفِ الْهِلَالِ:

كأَنَّها فِي كَفِّه تَحْتَ الرَّوْقْ

«3» . وفْقُ هِلالٍ بينَ ليْلٍ وأُفُقْ،

أَمسى شَفىً أَو خَطُّهُ يومَ المَحَقْ

الشَّفَى: حَرْفُ كلِّ شَيْءٍ، أَراد أَنَّ قوْسَه كأَنَّها خَطُّ هلالٍ يَوْمَ المَحَق. وأَشْفَى عَلَى الشَّيْءِ: أَشرفَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَيُقَالُ: أَشْفَى عَلَى الْهَلَاكِ إِذَا أَشرفَ عليه. وفي الحديث:

ف أَشْفَوْا عَلَى المرْج

أَي أَشرَفُوا، وأَشْفَوْا عَلَى الموتِ. وأَشَافَ عَلَى الشَّيْءِ وأَشْفَى أَي أَشرَفَ عليه. وشفو

شَفَت الشمس شفو

تَشْفُو: قارَبَت الغُروب،

(1). قوله [بعامر بن قيس] في بعض نسخ التهذيب: بِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ

(2)

. في النهاية: بشفى بدل بشفا

(3)

. قوله [تحت الروق إلخ] هكذا في الأَصل

ص: 436

وَالْكَلِمَةُ واوِيَّة ويائيَّة. وَشَفَى الهلالُ: طَلعَ، وشَفَى الشخصُ: ظَهَرَ؛ هَاتَانِ عَنِ الْجَوْهَرِيِّ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّفَى مقصورٌ بقيَّةُ الهلالِ وبقيةُ الْبَصَرِ وَبَقِيَّةُ النَّهَارِ وَمَا أَشبهه؛ وَقَالَ الْعَجَّاجُ:

ومَرْبَإٍ عالٍ لِمَنْ تَشَرَّفا،

أَشْرَفْتُه بِلَا شَفَى أَو بِشَفَى

قَوْلُهُ بِلَا شَفَى أَي وَقَدْ غابَتِ الشمسُ، أَو ب شَفَى أَيْ أَو قدْ بَقِيَتْ مِنْهَا بقِيَّةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَبي النَّجْمِ:

كالشِّعْرَيَيْن لاحَتا بعْدَ الشَّفَى

شبَّه عَيْنَيْ أَسَدٍ فِي حُمْرَتِهِما بالشِّعْرَيَيْن بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لأَنَّهما تَحْمَرَّان فِي أَوَّل الليلِ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ عِنْدَ موتهِ وَلِلْقَمَرِ عِنْدَ امِّحاقِه وَلِلشَّمْسِ عِنْدَ غُرُوبِهَا مَا بَقِيَ مِنْهُ إِلَّا شَفىً أَي قليلٌ. وَفِي الْحَدِيثِ

عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ مَا كَانَتِ المُتْعة إلَّا رَحْمةً رَحِمَ اللهُ بِهَا أُمَّة محمدٍ، صلى الله عليه وسلم، فَلَوْلَا نَهْيُه عَنْهَا مَا احْتَاجَ إِلَى الزِّنا أَحَدٌ إلَّا شَفىً

أَي إلَّا قليلٌ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ: وَاللَّهِ لكَأَنِّي أَسمَعُ قَوْلَهُ إلَّا شَفىً؛ عَطَاءٌ القائلُ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا الْحَدِيثُ يدلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلِمَ أَنَّ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عَنِ المُتْعة فَرَجَعَ إِلَى تَحْرِيمِها بعد ما كَانَ بَاحَ بإحْلالِها، وَقَوْلُهُ: إلَّا شَفىً أَي إلَّا خَطِيئةً مِنَ النَّاسِ قَلِيلَةً لَا يَجدونَ شَيْئًا يَسْتَحِلُّون بِهِ الفُروج، مِنْ قَوْلِهِمْ غابتِ الشمسُ إِلَّا شَفىً أَي قَلِيلًا مِنْ ضَوْئِها عِنْدَ غُرُوبِهَا. قَالَ الأَزهري: قَوْلُهُ إِلَّا شَفىً أَي إِلَّا أَنْ يُشْفيَ، يَعْنِي يُشْرِفَ عَلَى الزِّنا وَلَا يُواقِعَه، فأَقام الاسمَ وَهُوَ الشَّفَى مُقامَ المصدرِ الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ الإِشفاءُ عَلَى الشَّيْءَ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ زِمْلٍ: ف أَشْفَوْا عَلَى المَرْجِ

أَي أَشرَفُوا عليه ولا يَكادُ يقالُ أَشْفَى إِلَّا فِي الشَّرِّ. وَمِنْهُ حَدِيثُ

سَعدٍ: مَرِضْتُ مَرَضاً أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ.

وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: لَا تَنْظُروا إِلَى صَلَاةِ أَحدٍ وَلَا إِلَى صِيامِه وَلَكِنِ انْظُرُوا إِلَى وَرَعه إِذَا أَشْفَى

أَي إِذَا أَشرَف عَلَى الدُّنيا وأَقبَلَتْ عَلَيْهِ، وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:

إِذَا اؤْتُمِنَ أَدَّى وَإِذَا أَشْفَى وَرِع

أَي إِذَا أَشرف عَلَى شيءٍ توَرَّعَ عَنْهُ، وَقِيلَ: أَراد المَعْصِية والخِيانة. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رجُلًا أَصابَ مِنْ مَغْنَمٍ ذَهَباً فأَتى بِهِ النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، يدْعُو لَهُ فِيهِ فَقَالَ: مَا شَفَّى فلانٌ أَفضلُ مِمَّا شَفَّيْتَ تَعَلَّمَ خَمسَ آياتٍ

؛ أَراد: مَا ازْدادَ ورَبِحَ بتَعلُّمِه الْآيَاتِ الخمسَ أَفضلُ مِمَّا اسْتَزَدْتَ ورَبِحْتَ مِنْ هَذَا الذَّهَبِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَعَلَّهُ مِنْ بَابِ الإِبْدالِ فإنَّ الشَّفَّ الزيادةُ والرِّبْحُ، فكأَنّ أَصلَه شَفّفَ فأُبْدِلت إِحْدَى الفاءَات يَاءً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: دَسَّاها، فِي دَسَّسَها، وتقَضَّى الْبَازِي فِي تقَضَّضَ، وَمَا بقِيَ مِنَ الشَّمْسِ والقَمَرِ إِلَّا شَفىً أَي قليلٌ. وشَفَتِ الشمسُ تَشْفِي وشَفِيَتْ شَفىً: غَرَبَتْ، وَفِي التَّهْذِيبِ: غابَتْ إِلَّا قَلِيلًا، وأَتيتهُ بشَفىً مِنْ ضَوْءِ الشمسِ؛ وأَنشد:

وَمَا نِيلُ مِصْرٍ قُبَيْلَ الشَّفَى،

إِذَا نفَحَتْ رِيحُه النافِحَهْ

أَي قُبَيْلَ غروبِ الشَّمْسِ. وَلَمَّا أَمرَ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، حَسّانَ بهِجاءِ كُفارِ قُرَيْشٍ ففَعَلَ قَالَ: شَفَى واشْتَفَى؛ أَراد أَنه شَفَى المْؤمنين واشْتَفَى بنفْسهِ أَي اخْتَصَّ بالشِّفاءِ، وَهُوَ مِنَ الشِّفاءِ البُرْءِ مِنَ الْمَرَضِ، يُقَالُ: شَفاهُ اللَّهُ يَشْفِيه، واشْتَفَى افتَعَل مِنْهُ، فنقَله مِنْ شِفاءِ الأَجسامِ إِلَى شِفاء القُلُوبِ والنُّفُوس. واشْتَفَيْتُ بِكَذَا وتَشَفَّيْتُ

ص: 437

مِنْ غَيْظي. وَفِي حَدِيثِ الملْدُوغِ:

فشَفَوْا لَهُ بكلِّ شيءٍ

أَي عالَجُوهُ بكلِّ مَا يُشْتَفَى بِهِ، فوَضَعَ الشِّفاءَ مَوْضِعَ العِلاجِ والمُداواة. والإِشْفَى: المِثْقَب؛ حَكَى ثَعْلَبٌ عَنِ الْعَرَبِ: إنْ لاطَمْتَه لاطَمْتَ الإِشْفَى، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه إِنَّمَا ذهَب إِلَى حِدَّتهِ لأَن الإِنسانَ لَوْ لاطَمَ الإِشْفَى لَكَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَا لَهُ. والإِشْفَى: الَّذِي للأَساكِفة، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الإِشْفَى مَا كَانَ للأَساقي والمَزاود والقِرَبِ وأَشباهِها، وَهُوَ مَقْصُورٌ، والمِخْصَفُ للنِّعالِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

فحاصَ مَا بينَ الشِّراكِ والقَدَمْ،

وَخْزَة إشْفَى فِي عُطُوفٍ مِنْ أَدَمْ

وَقَوْلُهُ أَنشده الْفَارِسِيُّ:

مِئبَرةُ العُرْقُوبِ إشْفَى المِرْفَقِ

عَنَى أَنَّ مِرْفَقَها حديدٌ كالإِشْفَى، وَإِنْ كَانَ الجَوْهَر يَقْتَضِي وَصْفًا مَا فَإِنَّ العَرَب رُبما أَقامتْ ذَلِكَ الجَوْهَر مُقامَ تِلْكَ الصِّفةِ.

يقولُ عَلِيٍّ، رضي الله عنه: وَيَا طَغامَ الأَحلامِ

، لأَنَّ الطَّغامةَ ضعيفةٌ فكأَنه قَالَ: يَا ضِعافَ الأَحلام؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَلِفُ الإِشْفَى ياءٌ لوجُود ش ف ي وَعَدَمُ ش ف ومع أَنها لامٌ. التَّهْذِيبُ: الإِشْفَى السِّرادُ الَّذِي يُخْرَزُ بِهِ، وَجَمْعُهُ الأَشَافِي. ابْنُ الأَعرابي: أَشْفَى إِذَا سَارَ فِي شَفَى الْقَمَرِ، وَهُوَ آخرُ اللَّيْلِ، وأَشْفَى إِذَا أَشرف عَلَى وصِيَّةٍ أَو وَديعةٍ. وشُفَيَّة: اسْمُ رَكِيّة مَعْرُوفَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ ذَكَرَ شُفَيّة، وَهِيَ بِضَمِّ الشِّينِ مُصَغَّرَةٌ: بِئْرٌ قَدِيمَةٌ بِمَكَّةَ حَفَرَتْهَا بَنُو أَسد. التَّهْذِيبِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: الليث شفو

الشَّفَةُ نُقْصانُها واوٌ، تَقُولُ شفو

شَفَةٌ وثلاثُ شفو

شَفَواتٍ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ نُقْصانُها هاءٌ وتُجْمَعُ عَلَى شِفاهٍ، والمُشافهة مُفاعَلة مِنْهُ. الْخَلِيلُ: الباءُ والميمُ شفو

شَفَوِيّتانِ، نسَبهُما إِلَى الشَّفَة، قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ أَخْبَرَني فلانٌ خَبَراً اشْتَفَيْتُ بِهِ أَي انتَفَعْتُ بصحَّته وصدْقِه. وَيَقُولُ القائلُ مِنْهُمْ: تشَفَّيْتُ مِنْ فلانٍ إِذَا أَنْكَى فِي عَدُوِّه نِكايةً تَسُرُّه.

شقا: الشَّقاءُ والشَّقَاوَةُ، بِالْفَتْحِ: ضدُّ السَّعَادَةِ، يُمَدُّ ويُقْصَرُ، شَقِيَ يَشَقَى شَقاً وشَقاءً وشَقَاوةً وشَقْوةً وشِقْوَةً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا

؛ وَهِيَ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ وأَهل الْمَدِينَةِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَهِيَ كثيرةٌ فِي الْكَلَامِ،

وقرأَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَقاوَتُنا

؛ وأَنشد أَبو ثَرْوَانَ:

كُلِّفَ مِنْ عَنائهِ وشِقْوَتِهْ

بِنتَ ثَمَانِيَ عَشْرَةٍ مِنْ حِجَّتِهْ

وقرأَ قَتَادَةُ: شِقاوتُنا

، بِالْكَسْرِ، وَهِيَ لُغَةٌ، قَالَ: وَإِنَّمَا جَاءَ بِالْوَاوِ لأَنه بُنِي عَلَى التأْنيث فِي أَوَّلِ أَحواله، وَكَذَلِكَ النهايةُ فَلَمْ تَكُنِ الْيَاءُ وَالْوَاوُ حَرْفَيْ إِعْرَابٍ، وَلَوْ بُنِيَ عَلَى التَّذْكِيرِ لَكَانَ مَهْمُوزًا كَقَوْلِهِمْ عَظاءةٌ وعَباءَةٌ وصَلاءَة، وَهَذَا أُعِلَّ قبلَ دُخولِ الْهَاءِ، تَقُولُ: شَقِيَ الرجلُ، انْقَلَبَتِ الواوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قبلَها، ويَشْقَى انقَلبتْ فِي الْمُضَارِعِ أَلِفاً لِفَتْحَةِ مَا قبلَها، ثُمَّ تقولُ يَشْقَيانِ فيكونانِ كَالْمَاضِي. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا

؛ أَراد: كنتُ مُسْتَجابَ الدَّعْوة، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد مَنْ دَعاكَ مخلِصاً فَقَدْ وَحَّدَكَ وعَبَدَك فَلَمْ أَكنْ بعِبادَتِكَ شَقِيّاً؛ هَذَا قولُ الزَّجَّاجِ. وشَاقَاهُ ف شَقَاهُ: كَانَ أَشَدَّ شَقَاءً مِنْهُ. وَيُقَالُ: شَاقَانِي فُلَانٌ فشَقَوْته أَشْقُوه أَي غَلَبْته فِيهِ. وأَشْقَاه

ص: 438

اللهُ، فَهُوَ شَقِيٌّ بيِّنُ الشِّقْوَة، بِالْكَسْرِ، وفتحُه لُغَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

الشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بطْنِ أُمِّه

، وَقَدْ تكَرَّرَ ذِكْرُ الشَّقِيِّ والشَّقَاءِ والأَشقِياء فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ ضِدُّ السَّعِيد والسُّعداءِ والسَّعادةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَدَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ خِلْقَته أَن يَكُونَ شَقِيّاً فَهُوَ الشَّقِيُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ، لَا مَنْ عَرَض لَهُ الشَّقاء بعدَ ذَلِكَ، وَهُوَ إِشارة إِلى شَقاءِ الْآخِرَةِ لَا الدُّنْيَا. وشَاقَيْت فلاناً مُشَاقَاةً إِذا عاشَرْتَه وعاشَرَك. والشَّقَاءُ: الشِّدةُ والعُسْرةُ. وشَاقَيْته أَي صابَرْته؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:

إِذا يُشاقي الصَّابِراتِ لَمْ يَرِثْ،

يكادُ مِنْ ضَعْف القُوى لَا يَنْبَعِثْ

يَعْنِي جَمَلًا يصابرُ الجِمالَ مَشْياً. وَيُقَالُ: شَاقَيْتُ ذَلِكَ الأَمر بِمَعْنَى عانيْتُه. والمُشَاقَاةُ: المُعالَجة فِي الحرْب وَغَيْرِهَا. والمُشَاقَاةُ: المُعاناةُ: والمُمارسَةُ. والشَّاقي: حَيْدٌ مِنَ الجَبل طويلٌ لَا يُسْتَطاع ارْتِقاؤُه، والجمْعُ شُقْيَانٌ. وشَقَا نابُ البَعِيرِ يَشْقَى شَقْياً: طَلع وظَهَر كشَقَأَ.

شكا: شَكَا الرجلُ أَمْرَه يَشْكُو شَكْواً، عَلَى فَعْلًا، وشَكْوى عَلَى فَعْلى، وشَكاةً وشَكاوَةً وشِكَايَةً عَلَى حَدّ القَلْب كعَلايةٍ، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ عَلمٌ فَهُوَ أَقْبَلُ للتَّغْيير؛ السِّيرَافِيُّ: إِنما قُلِبت واوُه يَاءً لأَن أَكثر مصادِرِ فِعالَةٍ مِنَ المُعْتَلّ إِنما هُوَ مِنْ قِسْمِ الياءِ نَحْوُ الجِراية والوِلايَة والوِصايَة، فحُمِلت الشِّكايَةُ عَلَيْهِ لِقلَّة ذَلِكَ فِي الْوَاوِ. وتَشَكَّى واشْتَكَى: كشَكا. وتَشَاكَى القومُ: شَكا بعضُهُم إِلى بَعْضٍ. وشَكَوْتُ فُلَانًا أَشْكوه شَكْوى وشِكايَةً وشَكِيَّةً وشَكاةً إِذَا أَخْبَرْتَ عَنْهُ بسُوءِ فِعْلِه بِكَ، فَهُوَ مَشْكُوٌّ ومَشْكِيٌّ والاسْم الشَّكْوَى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّكَايَة والشَّكِيَّة إِظْهارُ مَا يَصِفُك بِهِ غيرُك مِنَ المَكْرُوهِ، والاشْتِكَاءُ إِظْهارُ مَا بِكَ مِنْ مَكْروهٍ أَو مَرَضٍ ونحوِه. وأَشْكَيْتُ فُلَانًا إِذا فَعَلْتَ بِهِ فِعْلًا أَحْوَجه إِلى أَن يَشْكُوك، وأَشْكَيْتُه أَيضاً إِذا أَعْتَبْته مِنْ شَكْواهُ ونَزَعْتَ عَنْ شَكاته وأَزْلْتَه عمَّا يَشْكُوه، وَهُوَ مِنَ الأَضْداد. وَفِي الْحَدِيثِ:

شَكَوْنا إِلى رَسُولِ اللَّهِ؛ صلى الله عليه وسلم، حَرَّ الرَّمْضاءِ فَلَمْ يُشْكِنا

أَي شَكَوْا إِليْه حرَّ الشَّمْسِ وَمَا يُصِيبُ أَقْدامَهُم مِنْهُ إِذا خَرجوا إِلى صَلاةِ الظُّهْرِ، وسأَلوه تأْخِيرَها قَلِيلًا فَلَمْ يُشْكِهِمْ أَي لَمْ يُجِبْهُم إِلى ذَلِكَ وَلَمْ يُزِلْ شَكْواهم. وَيُقَالُ: أَشْكَيْت الرجُلَ إِذا أَزَلْت شَكْواه وإِذا حمَلْته عَلَى الشَّكْوى؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا الْحَدِيثُ يُذْكَرُ فِي مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ لأَجْلِ قَوْلِ أَبي إِسْحَاقَ أَحد رُواته: قِيلَ لَهُ فِي تَعْجيلِها فَقَالَ نعَم، والفُقَهاء يَذْكرونه فِي السُّجودِ، فإِنَّهم كَانُوا يَضَعون أَطْرافَ ثِيابهم تَحْتَ جباهِهِم فِي السُّجُودِ مِنْ شِدَّة الْحَرِّ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ، وأَنَّهم لمَّا شَكَوْا إِلَيْهِ مَا يَجِدُونَهُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَفْسَحْ لَهُمْ أَن يَسْجُدوا عَلَى طَرَف ثِيابِهِمْ. واشْتَكَيْته: مثلُ شَكَوْته. وَفِي حَدِيثِ

ضَبَّةَ بنِ مِحْصَنٍ قَالَ: شَاكَيْتُ أَبا مُوسى فِي بَعْض مَا يُشَاكِي الرجلُ أَميرَه

؛ هُوَ فاعَلْت مِنَ الشَّكْوَى، وَهُوَ أَن تُخْبر عَنْ مَكْرُوهٍ أَصابَك. والشَّكْوُ والشَّكْوى والشَّكَاةُ والشَّكَاءُ كُلُّه: المَرَض. قَالَ أَبو الْمُجِيبِ لِابْنِ عمِّه: مَا شَكَاتُك يا ابن حَكيمٍ؟ قَالَ لَهُ: انتِهاءُ المُدّةِ وانْقضاءُ العِدَّةِ. اللَّيْثُ: الشَّكْوُ الاشْتِكاءُ، تَقُولُ: شَكَا يَشْكُو شَكاةً، يُسْتَعْمَل فِي المَوْجِدَةِ والمرَض. وَيُقَالُ: هُوَ شاكٍ مَرِيضٌ. اللَّيْثُ: الشَّكْوُ المرَضُ نفسُه؛ وأَنشد:

ص: 439

أَخي إِنْ تَشَكَّى مِنْ أَذىً كنتُ طِبَّهُ،

وإِن كَانَ ذاكَ الشَّكْوُ بِي فأَخِي طِبِّي

واشْتَكى عُضواً مِنْ أَعضائه وتَشَكَّى بِمَعْنًى. وَفِي حَدِيثِ

عَمْرِو بْنِ حُرَيْث: دَخَلَ عَلَى الْحَسَنِ فِي شَكْوٍ لَهُ

؛ هُوَ المرضُ، وَقَدْ شَكا المرضَ شَكْواً وشَكَاةً وشَكْوى وتَشَكَّى واشْتَكى. قَالَ بَعْضُهُمْ: الشَّاكِي والشَّكِيُّ الَّذِي يمْرَضُ أَقلَّ المرَض وأَهْوَنه. والشَّكِي: الَّذِي يَشْتَكي. والشَّكِيُّ: المشكُوُّ. وأَشْكَى الرجلَ: أَتى إِليه مَا يَشْكو فِيهِ بِهِ. وأَشْكَاهُ: نزَع لَهُ مِنْ شِكايتِه وأَعْتَبَه: قَالَ الرَّاجِزُ يصفُ إِبلًا قَدْ أَتْعَبها السَّيْرُ، فَهِيَ تَلْوي أَعناقها تَارَةً وتَمُدُّها أُخْرى وتَشْتَكي إِلينا فَلَا نُشْكيها، وشَكْواها مَا غَلَبها مِنْ سُوء الحالِ والهُزال فَيَقُومُ مقامَ كلامِها، قَالَ:

تَمُدُّ بالأَعْناق أَو تَثْنيها،

وتَشْتكي لَوْ أَنَّنا نُشْكِيها،

مَسَّ حَوايا قَلَّما نُجْفيها

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وللإِشْكَاء مَعْنَيَانِ آخَرَانِ: قَالَ أَبو زَيْدٍ شَكَانِي فلانٌ فأَشْكَيْتُه إِذا شَكاكَ فزِدْتَه أَذىً وشكْوى، وَقَالَ الْفَرَّاءُ أَشْكَى إِذا صادَفَ حَبيبَه يشكُو؛ وَرَوَى بعضُهم قولَ ذِي الرُّمَّة يَصِفُ الرِّبْعَ وَوُقُوفَهُ عَلَيْهِ:

وأُشكِيه، حَتَّى كَادَ مِمَّا أُبِثُّه

تُكَلِّمني أَحجارُه وملاعِبُهْ

قَالُوا: مَعْنَى أُشْكِيه أَي أُبِثُّه شَكْواي وَمَا أُكابدُه مِنَ الشَّوْق إِلى الظاعِنِين عَنِ الرَّبْعِ حِينَ شَوَّقَتْني معاهِدُهُم فِيهِ إِليهم. وأَشْكَى فُلَانًا مِنْ فلانٍ: أَخذَ لَهُ مِنْهُ مَا يَرْضى. وَفِي حَدِيثِ

خَبَّاب بْنِ الأَرَتِّ: شَكَوْنَا إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، الرَّمْضاءَ فَمَا أَشْكَانا

أَي مَا أَذِنَ لَنَا فِي التخلُّف عَنْ صَلَاةِ الظَّهيرة وقتَ الرَّمْضاء. قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَشْكَيْتُ الرَّجُلَ أَي أَتَيْتُ إِليه مَا يشْكوني، وأَشْكَيْتُه إِذا شَكا إِليكَ فرَجَعْت لَهُ مِنْ شِكايتِه إِيَّاكَ إِلى مَا يُحِبُّ. ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ يُشْكَى بِكَذَا أَي يُتَّهَمُ ويُزَنُّ؛ حَكَاهُ يعقوبُ فِي الأَلْفاظِ؛ وأَنشد:

قَالَتْ لَهُ بَيْضاءُ مِنْ أَهلِ مَلَلْ،

رَقْرَاقَةُ العَيْنين تُشْكَى بالغَزَلْ

وَقَالَ مُزاحِم:

خلِيلَيَّ، هَلْ بادٍ بِهِ الشَّيْبُ إِن بَكَى،

وَقَدْ كَانَ يُشْكى بالعَزاء مَلُول

والشَّكِيّ أَيضاً: المُوجِع؛ وَقَوْلُ الطِّرِمَّاح بْنِ عَدِيٍّ:

أَنا الطَّرِمَّاحُ وعَمِّي حاتِمُ،

وسْمي شَكِيٌّ وَلِسَانِي عارِمُ،

كالبَحر حينَ تَنْكَدُ الهَزائِمُ

وسْمي: مِنَ السِّمَةِ، وشَكِيٌّ: موجِعٌ، والهزائمُ: البئارُ الْكَثِيرَةُ الماءِ، وَسْمِي شَكِيٌّ أَي يُشْكى لذْعُه وإِحْراقُه. التَّهْذِيبُ: سَلَمَةٌ يُقَالُ بِهِ شَكأٌ شديدٌ تَقَشُّرٌ. وَقَدْ شَكِئَتْ أَصابعُه، وَهُوَ التَّقَشُّر بَيْنَ اللحمِ والأَظفارِ شَبيهٌ بالتشققِ. ويقالُ لِلْبَعِيرِ إِذَا أَتعبَه السَّير فمدَّ عنُقَه وَكَثُرَ أَنِينُه: قَدْ شَكا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

شَكَا إِليَّ جَمَلِي طولَ السُّرى،

صَبْرًا جُمَيْلي، فكِلانا مُبْتَلى

أَبو مَنْصُورٍ: الشَّكَاةُ تُوضع مَوْضِعَ العَيب والذَّمِّ؛

ص: 440

وعيَّر رجلٌ عَبْدِ اللَّهِ بنَ الزُّبَيرِ بأُمِّه فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ «4» :

وَتِلْكَ شَكاةٌ ظاهرٌ عَنْكَ عارُها

أَراد: أَن تعييرَه إِيَّاه بأَن أُمَّه كَانَتْ ذَاتَ النطاقَين لَيْسَ بعارٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ ظاهرٌ عَنْكَ عارُها أَي نابٍ، أَراد أَن هَذَا لَيْسَ عَارًا يَلزَق بِهِ وأَنه يُفتَخر بِذَلِكَ، لأَنها إِنما سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطاقَين لأَنه كَانَ لَهَا نِطاقانِ تحْمِلُ فِي أَحدهما الزَّادَ إِلى أَبيها وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي الغارِ، وَكَانَتْ تَنْتَطِق بِالنِّطَاقِ الْآخَرِ، وَهِيَ أَسماءُ بنتُ أَبي بكرٍ الصديقِ، رضي الله عنهما. الْجَوْهَرِيُّ: ورجلٌ شَاكِي السِّلَاحِ إِذا كَانَ ذَا شَوْكةٍ وحدٍّ فِي سِلَاحِهِ؛ قَالَ الأَخفش: هُوَ مقلوبٌ مِنْ شَائِكٍ، قَالَ: والشَّكِيُّ فِي السلاحِ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ بالتُّركيَّة بش. ابْنُ سِيدَهْ: كُلُّ كَوَّةٍ لَيْسَتْ بنافِذةٍ مِشْكاةٌ. ابْنُ جِنِّي: أَلف مِشْكاةٍ منقلِبة عَنْ وَاوٍ، بِدَلِيلِ أَن الْعَرَبَ قَدْ تنْحو بِهَا مَنْحاة الْوَاوِ كَمَا يَفْعَلُونَ بِالصَّلَاةِ. التَّهْذِيبِ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هِيَ الكَوَّةُ، وَقِيلَ: هِيَ بِلُغَةِ الْحَبَشِ، قَالَ: والمِشْكَاةُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، قَالَ: ومثلُها، وإِن كَانَ لِغَيْرِ الكَوَّةِ، الشَّكْوَةُ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ الزُّقَيْقُ الصغيرُ أَولَ مَا يُعمَل مثلُه؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد، وَاللَّهُ أَعلم، بالمِشْكَاة قصَبة الزُّجَاجَةِ الَّتِي يُسْتَصبح فِيهَا، وَهِيَ موضِع الفَتيلة، شُبّهت بالمِشْكَاة وَهِيَ الكَوَّة الَّتِي لَيْسَتْ بنافِذَة. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: سلِّ شاكيَ فلانٍ أَي طَيِّب نفسَه وعزِّه عَمَّا عَرَاهُ. وَيُقَالُ: سلَّيت شَاكِيَ أَرض كَذَا وَكَذَا أَي تركتُها فَلَمْ أَقرَبْها. وَكُلُّ شَيْءٍ كفَفْت عَنْهُ فَقَدْ سلَّيتَ شاكِيَه. وَفِي حَدِيثِ

النَّجَاشِيِّ: إِنما يخرجُ مِنْ مِشْكاةٍ واحدةٍ

؛ المشْكاةُ: الكَوَّةُ غَيْرُ النافذةِ، وَقِيلَ: هِيَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي يعلَّق عَلَيْهَا القِنديلُ، أَراد أَن الْقُرْآنَ والإِنجيل كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وأَنهما مِنْ شيءٍ واحدٍ. والشَّكْوةُ: جلدُ الرَّضِيعِ وَهُوَ لِلَّبنِ، فإِذا كَانَ جلدَ الجَذَعِ فَمَا فوقَه سمِّي وَطْباً. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو: كَانَ لَهُ شَكْوةٌ يَنْقَعُ فِيهَا زَبيباً

، قَالَ: هِيَ وعاءٌ كالدَّلوِ أَو القِرْبَة الصَّغِيرَةِ، وجمعُها شُكىً. ابْنُ سِيدَهْ: الشَّكْوة مَسْكُ السَّخْلَة مَا دامَ يَرْضَعُ، فإِذا فُطِم فمَسْكُه البَدْرةُ، فإِذا أَجْذَع فمَسْكُه السِّقاءُ، وَقِيلَ: هُوَ وِعاءٌ مِنْ أَدَمٍ يُبَرَّدُ فِيهِ الماءُ ويُحبَس فِيهِ اللَّبَنُ، وَالْجَمْعُ شَكَواتٌ وشِكاءٌ. وَقَوْلُ الرَّائِدِ: وشكَّتِ النساءُ أَي اتَّخذت الشِّكاءَ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: إِنما هُوَ تَشَكَّت النساءُ أَي اتخذْن الشِّكاءَ لِمَخْضِ اللَّبَنِ لأَنه قليلٌ، يَعْنِي أَن الشَّكْوةَ صغيرةٌ فَلَا يُمْخَضُ فِيهَا إِلا القليلُ، مِنَ اللَّبَنِ. وَفِي حَدِيثِ

الْحَجَّاجِ: تَشَكَّى النساءُ

أَي اتخذْن الشُّكى للَّبنِ. وشَكَّى وتَشَكَّى واشْتَكَى إِذا اتخذَ شَكْوةً. أَبو يَحْيَى بنُ كُناسة: تَقُولُ الْعَرَبُ فِي طُلُوعِ الثُّرَيَّا بالغَدَواتِ فِي الصَّيْفِ:

طلَع النَّجمُ غُدَيَّهْ،

ابتَغى الرَّاعي شُكيَّهْ

والشُّكَيَّة: تَصْغِيرُ الشَّكْوة، وَذَلِكَ أَن الثُّرَيّا إِذا طَلَعت هَذَا الْوَقْتَ هَبَّت البوارِحُ ورَمِضَت الأَرض وعَطِشَت الرُّعيان، فَاحْتَاجُوا إِلى شِكاءٍ يَسْتقُون فِيهَا لشفاهِهِم، ويحقِنُون اللُّبَيْنة فِي بعضِها لِيَشْرَبُوهَا قارِصةً. يُقَالُ: شَكَّى الراعي وتشَكَّى

(4). قوله [بِأُمِّهِ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إلخ] هكذا في الأصل، وعبارة التهذيب: وَعَيَّرَ رَجُلٌ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِأُمِّهِ فَقَالَ يا ابن ذات النطاقين فتمثل بقول الهذلي: وتلك شكاة إلخ

ص: 441

إِذا اتَّخَذَ الشَّكْوةَ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وَحَتَّى رأَيتُ العَنزَ تَشْرى، وشَكَّتِ الأَيامي،

وأَضْحى الرِّئْمُ بالدَّوِّ طاوِيا

العَنزُ تَشْرى للخِصْب سِمَناً وَنَشَاطًا، وَقَوْلُهُ: أَضحى الرِّئْمُ طاوِياً أَي طَوى عنُقه مِنَ الشِّبَع فرَبَضَ، وَقَوْلُهُ: شَكَّت الأَيامى أَي كثُرَ الرُّسْلُ حَتَّى صَارَتِ الأَيِّمُ يفضلُ لَهَا لبنٌ تَحْقِنُه فِي شَكْوتِها. واشْتَكَى أَي اتَّخَذَ شَكْوةً. والشَّكْوُ: الحَمَلُ الصغير «1» . وبَنو شَكْوٍ: بَطْنٌ؛ التَّهْذِيبُ: وَقِيلَ فِي قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:

عَلَى مُسْتَظِلَّات العُيونِ سَواهِمٍ

شُوَيْكِيَةٍ، يَكْسُو بُراها لُغامُها

قِيلَ: شُوَيْكِيَةٌ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، إِبلٌ منسوبةٌ.

شلا: الشِّلْوُ والشَّلا: الجِلدُ والجسَد مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وكلُّ مَسْلُوخَةٍ أُكِلَ مِنْهَا شيءٌ فبَقِيَّتُها شِلْوٌ وشَلًا؛ وأَنشد الرَّاعِي:

فادْفعْ مظالمَ عيَّلت أَبْناءَنا

عَنّا، وأَنْقِذْ شِلْوَنا المأْكُولا

وَفِي حَدِيثِ

أَبي رجاءٍ: لَمَّا بلغَنا أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، أَخذ فِي الْقَتْلِ هربْنا فاسْتَثَرْنا شِلْوَ أَرنبٍ دَفِينًا.

وَيُجْمَعُ الشِّلْوُ عَلَى أَشْلٍ وأَشْلاءٍ؛ فَمِنْ أَشْلٍ حَدِيثُ

بكارٍ: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، مَرَّ بقومٍ يَنالون مِنَ الثَّعْدِ والحُلْقان وأَشْلٍ مِنْ لَحْمٍ

أَي قطَع مِنَ اللَّحْمِ، ووزنُه أَفعُلٌ كأَضرُسٍ، فحُذفت الضَّمَّةُ وَالْوَاوُ اسْتِثْقَالًا وأُلحِق بالمنْقوص كَمَا فُعل بِدَلْوٍ وأَدْل؛ وَمِنْ أَشْلاءٍ حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: وأَشْلاءً جَامِعَةً لأَعْضائها.

والشِّلْو والشَّلا: العُضْو مِنْ أَعضاء اللَّحْمِ. وَفِي الحديث:

ائتني ب شِلوها الأَيَمن

أَي بعُضوِها الأَيَمنِ، إِما يدِها أَو رجلِها، والجمعُ أَشْلاءٌ، ممدودٌ .. وأَشْلاءُ الإِنسان: أَعضاؤُه بعدَ البِلى والتفَرُّق. وَفِي حَدِيثِ

أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لَهُ فِي القَوْسِ الَّتِي أَهْداها لَهُ الطُّفَيْلُ بنُ عَمْروٍ الدَّوْسِي عَلَى إِقرائِه إِيَّاه القُرآن: تَقَلَّدها شِلْوَةً مِنْ جهنَّم

؛ وَيُرْوَى:

شِلْواً مِنْ جَهَنَّم

أَي قِطْعَةً مِنْهَا، وَمِنْهُ قِيلَ للعُضْوِ شِلْوٌ لأَنه طائِفةٌ مِنَ الجَسَد. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: أَنه سَأَلَ جُبَيْرَ بنَ مُطْعِمٍ عَنِ النُّعْمانِ بنِ المنْذِر أَنه مِنْ ولَدِ مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: كَانَ مِنْ أَشْلاء قَنَصِ بنِ مَعدٍّ

؛ أَراد أَنه مِنْ بَقايا أَولادِه، وكأَنَّه مِنَ الشِّلْوِ القِطْعة مِنَ اللحمِ لأَنَّها بقِيَّة مِنْهُ. وَبَنُو فلانٍ أَشْلاءٌ فِي بَنِي فُلانٍ أَي بَقايا فِيهِمْ. وأَشْلاءُ اللِّجَامِ: حَدائِدُه بِلا سُيُورٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أُراهُ عَلَى التَّشْبِيهِ بالعُضْوِ مِنَ اللَّحْمِ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:

رَأَتْني كأَشْلاءِ اللِّجامِ، وبَعْلُها

منَ القَوْمِ أَبْزَى مُنْحَنٍ مُتَطامِنُ

وَيُرْوَى: عاجِنٌ مُتَباطِنُ، وَيُرْوَى: وزَوْجُها مِنَ المَلْءِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

رَمَى الإِدْلاجُ أَيْسَرَ مِرْفَقَيْهَا

بأَشْعَثَ مِثْلِ أَشْلاءِ اللِّجامِ

والمُشَلَّى مِنَ الرِّجالِ: الخَفِيفُ اللَّحْمِ. وبَقِيَتْ لَهُ شَلِيَّةٌ مِنَ المَالِ أَي قَلِيلٌ، وكلُّه مِن الشِّلْوِ. أَبو زَيْدٍ: ذَهَبَتْ ماشِيَةُ فُلانِ وبَقِيَتْ لَهُ شَلِيَّةٌ، وجمعُها شَلايَا، وَلَا يقالُ إِلَّا فِي المَالِ. وأَصْلُ الشِّلْوِ: بَقِيَّةُ الشَّيءِ. ابْنُ الأَنباري: شَلايَا،

(1). قوله [الحمل الصغير] هكذا بالحاء المهملة في الأصل والمحكم، وفي القاموس بالجيم

ص: 442

مقصورٌ، بَقايَا مِنْ أَمْوالِهم، والواحِدَةُ شَلِيَّة. ابْنُ الأَعرابي: الشَّلا بقِيَّةُ المَالِ. والشَّلِيُّ: بَقَايَا كُلِّ شَيْءٍ. وشَلا إِذا سارَ، وشَلا إِذا رَفَع شَيْئًا. وَقَالَ بَنُو عامرٍ لمَّا قَتَلوا بَني تَميمٍ يومَ جَبَلة: لَمْ يبقَ منهمْ إِلَّا شِلْوٌ أَي بَقِيَّة، فَغَزَوْهُم يومَ ذِي لَجَب فَقَتَلَتْهم تَمِيمٌ؛ وَقَالَ أَوسُ بنُ حَجَرٍ فِي ذَلِكَ:

فَقُلْتُمُ: ذَاكَ شِلْوٌ سَوْفَ نَأْكُلُه

فكَيْفَ أَكْلُكُمُ الشِّلْوَ الَّذِي تَرَكُوا؟

واشْتَلَى الرجلُ: اسْتَنْقَذَ شِلْوَه واسْتَرْجَعَه. وَفِي الْحَدِيثِ:

اللِّصُّ إِذا قُطِعَ سَبَقَتْهُ يَدُه إِلى النَّارِ، فإِن تَابَ اشْتَلاها

، وَفِي نُسْخَةٍ:

اسْتَشْلاها

أَي اسْتَنْقَذَها واسْتَخْرَجها، وَمَعْنَى سَبْقِهَا أَنَّه بالسَّرِقَةِ اسْتَوْجَبَ النارَ، فكانَتْ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَدخُلُ النارَ، فإِذا قُطِعَتْ سَبَقَتْه إلَيْها لأَنَّها قَدْ فارَقَتْه، فَإِذَا تابَ اسْتَنْقَذَ بِنْيَتَه حَتَّى يَدَهُ. واشْتَلَى الرجلُ فُلَانًا أَي أَنْقَذَ شِلْوَه؛ وأَنشد:

إِنَّ سُلَيْمانَ، اشْتَلانَا، ابنَ عَلي

أَي أَنْقَذَ شِلْوَنَا أَي عُضْوَنا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه، عليه الصلاة والسلام، قَالَ فِي الوَرِكِ ظَاهِرُه نَساً وباطِنُه شَلًا

؛ يُرِيدُ لَا لَحْمَ عَلَى باطِنِه كأَنَّه اشْتُلِيَ مَا فِيهِ مِنَ اللَّحْمِ أَي أُخذ. التَّهْذِيبُ: أَشْلَيْتُ الكَلْبَ وقَرْقَسْتُ بِهِ إِذا دَعَوْتَه. وأَشْلَى الشَّاةَ والكَلْبَ واسْتَشْلاهُما: دَعاهُما بأَسْمائِهِما. وأَشْلَى دَابَّتَه: أَراها المِخْلاة لتَأْتِيَه. قَالَ ثَعْلَبٌ: وقولُ الناسِ أَشليتُ الكَلْبَ عَلَى الصيَّدِ خَطَأٌ، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَشْلَيْتُ الكَلْبَ دَعَوْته، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ أَوسَدْتُ الكَلْبَ بالصَّيْدِ وأَسَّدْتُه إِذا أَغْرَيْته بِهِ، وَلَا يُقالُ أَشْلَيْته، إِنما الإِشْلاءُ الدُّعاءُ. يُقَالُ: أَشْلْيتُ الشاةَ والنَّاقَةَ إِذا دَعَوْتَهُما بأَسمائِهِما لتَحْلُبَهُما؛ قَالَ الرَّاعِي:

وإِنْ بَرَكَتْ مِنْها عَجَاساءُ جِلَّةٌ

بِمَحْنِيَةٍ، أَشْلى العِفاسَ وبَرْوَعَا

وَهُمَا اسْمَا نَاقَتَيْهِ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:

أَشْلَيْتُ عَنْزِي ومَسَحْت قَعْبي،

ثُمَّ تَهَيَّأْتُ لِشُرْبٍ قَأْبِ

وَقَوْلُ زِيَادٍ الأَعجم:

أَتَيْنا أَبا عَمْروٍ فَأَشْلى كِلابَهُ

عَلَيْنَا، فكِدْنا بَيْنَ بَيْتَيهِ نُؤْكَلُ

وَيُرْوَى: فأَغْرَى كِلابَه. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: المشهورُ فِي أَشْلَيتُ الكَلْب أَنَّه دَعَوْته، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ دَرَسْتَوَيْهِ مَنْ قَالَ أَشْلَيْت الكَلْبَ عَلَى الصَّيدِ فإِنَّما مَعناهُ دَعَوْته فأَرْسَلْته عَلَى الصَّيْد، لَكِنْ حَذَفَ فأَرْسَلْته تَخْفِيفًا وَاخْتِصَارًا، وَلَيْسَ حذفُ مِثْلِ هَذَا الِاخْتِصَارِ بخطإٍ، وَنَفْسُ أَشْلَيْت إِنما هُوَ أَفْعَلْت مِنَ الشِّلْوِ، فَهُوَ يقتضِي الدُّعاءَ إِلى الشِّلْوِ ضَرورةً. والشِّلوُ منَ الحَيَوانِ: جِلْدُه وجَسَدُه، وأَشْلاؤُهُ أَعْضاؤُه. وأَنكَرَ أَوْسَدْت وَقَالَ: إِنما هُوَ مِنَ الوِسَادَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: انْقَضَى كَلَامُ ابْنِ دَرَسْتَوَيْهِ وَقَدْ ثبَتَ صِحَّةُ أَشْلَيْت الكَلْبَ بِمَعْنَى أَغْرَيْته، مِنْ أَنَّ إِشْلاءَ الكَلْب إِنَّما هُوَ مأْخوذٌ مِنَ الشِّلْوِ، وأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّسْلِيطُ عَلَى أَشْلاءِ الصيدِ وَهِيَ أَعْضاؤُه. قَالَ: ورأَيت بخَطِّ الْوَزِيرِ ابنِ المَغْرِبي فِي بعضِ تَصانِيفِه يَذْكُرُ أَنه قَدْ أَجاز الكسائيُّ أَشْلَيْت الْكَلْبَ عَلَى الصيدِ بِمَعْنَى أَغْرَيْتُه، قَالَ: لأَنه يُدعَى ثُمَّ يُوسَدُ فوُضِع موضِعَهُ، قَالَ: وَهَذَا القولُ الَّذِي حكاهُ عَنِ الْكِسَائِيِّ

ص: 443

هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي أَشار إِليه ابنُ دَرَسْتَوَيْه فِي تَصْحِيحِ كَوْنِ الإِشْلاءِ بِمَعْنَى الإِغْراءِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إِذا أَشْلَيْتَ كَلْبَكَ عَلَى الصيدِ، فغُلِّطَ وَلَمْ يَغْلَطْ؛ قَالَ: وَقَدْ جاءَ ذَلِكَ فِي أَشعارِ الفُصَحَاء، مِنْهُ بيتُ زيادٍ الَّذِي أَنشده الْجَوْهَرِيُّ؛ وَمِنْهُ مَا أَنشده أَبو هلالٍ الْعَسْكَرِيُّ:

أَلا أَيُّها المُشْلِي عَلَيَّ كِلابَهُ،

وَلِي غَيْرَ أَنْ لَمْ أُشْلِهِنَّ كِلابُ

وَمِثْلُهُ مَا أَنشده حبيبُ بنُ أَوْسٍ فِي بَابِ المُلَحِ مِنَ الحَمَاسَةِ:

وإِنَّا لنَجْفُو الضَّيْفَ مِنْ غيرِ عُسْرَةٍ،

مَخافَةَ أَن يَضْرَى بِنا فيعُودُ

ونُشْلِي عَلَيْهِ الكَلْبَ عِندَ مَحَلِّه،

ونُبْدِي لَهُ الحِرْمانَ ثُمَّ نَزِيدُ

وَمِثْلُهُ للفَرَزْدَق يَهْجُو جَرِيرًا:

تُشْلِي كِلابَكَ، والأَذْنابُ شائلةٌ،

عَلَى قُرُومِ عِظامِ الهَامِ والقَصَرِ

فَقَوْلُهُ: عَلَى قُرومِ يَشْهَدُ بأَنَّ الإِشْلاءَ بِمَعْنَى الإِغْراءِ، لأَنَّ عَلَى إِنما يكونُ مَعَ أَغْرَيْتُ وأَشْلَيْتُ إِذا كَانَتْ بِمَعْنَاهَا، وإِذا قلتَ أَشْلَيْتُ بِمَعْنَى دعَوْت لَمْ تحْتَجْ إِلى ذِكْر عَلَى. وَفِي حَدِيثِ

مطرِّف بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: وجَدْتُ العَبْدَ بينَ اللهِ وَبَيْنَ الشيطانِ فإِنِ اسْتَشْلاهُ ربُّه نَجّاه، وإِنْ خَلَّاه والشيطانَ هَلَكَ.

أَبو عُبَيْدٍ: اسْتَشْلاهُ أَي استَنْقَذَهُ مِنَ الهَلَكة وأَخَذَه، وَكَذَلِكَ اشْتَلاه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ حُميد الأَرْقط:

قَدِ اشْتَلانا عَفْوُه وكَرَمُهْ

أَي استنقذَنا، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الدُّعَاءِ؛ قَالَ حَاتِمُ طيءٍ يذكرُ نَاقَةً دَعَاهَا فأَقْبلتْ إِليه:

أَشْلَيْتُها باسْمِ المُراحِ فأَقبَلَتْ

رَتَكاً، وكانتْ قبلَ ذَلِكَ تَرْسُفُ

قَالَ: فأَراد مطرِّف أَن اللَّهَ إِنْ أَغاثَ عبْدَه ودَعاه فأَنقذَه مِنَ الهَلكة فَقَدْ نَجَا، وَذَلِكَ الاسْتِشلاءُ؛ وَقَالَ القُطامي يمدحُ رجُلًا:

قتَلْتَ كَلْباً وبَكْراً واشْتَليْتَ بِنَا،

فقدْ أَرَدْتَ بأَنْ يَسْتَجْمِعَ الْوَادِي

وَقَوْلُهُ: اشْتَليْت واستشْلَيت سواءٌ فِي الْمَعْنَى، وكلُّ منْ دعَوْتَه فَقَدَ أَشْلَيْتَه، وكلُّ مَنْ دعَوْتَه حَتَّى تُخْرِجَه وتُنَجِّيَهُ مِنَ الضِّيق أَو مِنَ الهَلكة أَو مِنْ موضِعٍ أَو مكانٍ فَقَدَ استَشْليتَه واشْتَليتَه، وأَنشد بَيْتَ القُطامي.

شما: التَّهْذِيبُ: ابْنُ الأَعرابي قَالَ شَما إِذا عَلا أَمْرُه، قَالَ: والشَّما الشَّمَع، والله أَعلم.

شنا: شَنُوَّةُ: لُغَةٌ فِي شَنُوءَة، وَالنَّسَبُ إِليه شَنَوِيٌّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلِهَذَا قَضَيْنَا نحنُ أَنَّ قَلْبَ الْهَمْزَةِ وَاوًا فِي شَنُوَّة مِنْ قَوْلِهِمْ أَزْد شَنُوَّة بدَلٌ لَا قِيَاسٌ، لأَنه لَوْ كَانَ تَخْفِيفًا قِياسِيّاً لَمْ يَثْبُتْ فِي النَّسَبِ وَاوًا، فإِن جَعَلْتَ تَخْفِيفَ شَنُوَّة قِياسِيّاً قُلْتَ فِي النَّسَبِ إِليه شَنَئِيٌّ عَلَى مِثَالِ شَنَعِيٍّ، لأَنك كأَنك إِنما نسبتَ إِلى شَنُوءة، فتفَطَّنْ إِن يُسِّرَ لَكَ ذَلِكَ، قَالَ: وَلَوْلَا اعتقادُنا أَنه بدَل لَمَا أَفرَدْنا لَهُ بَابًا ولَوَسِعَتْه تَرْجَمَةُ شَنَأَ في حرف الهمزة. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: رجلٌ مَشْنِيٌّ ومَشْنُوٌّ أَي مُبْغَض، لُغَةٌ فِي مَشْنُوءِ؛ وأَنشد:

أَلا يَا غُرابَ البَينِ مِمَّ تَصيحُ؟

فصَوْتُكَ مَشْنُوٌّ إِليَّ قَبيحُ

ص: 444

فمَشْنِيٌّ يَدُلُّ عَلَى أَنه لَمْ يُرِدْ فِي مَشْنُوٍّ الهمْزَ بَلْ قَدْ أَلحقَه بمَرْضُوٍّ ومَرْضِيٍّ ومَدْعُوٍّ ومَدْعِيٍّ.

شنظي: التَّهْذِيبُ فِي الرُّبَاعِيِّ: قَالَ أَبو السَّميدَعِ امرأَةٌ شِنْظِيانٌ عِنْظِيانٌ إِذا كَانَتْ سيِّئةَ الخُلُق.

شها: شَهِيتُ الشَّيْءَ، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وأَشْعَثَ يَشْهَى النَّومَ قلتُ لَهُ: ارْتَحِلْ،

إِذا مَا النُّجُومُ أَعْرَضَتْ واسْبكَّرَتِ

وشَهِيَ الشيءَ وشَهاهُ يَشْهاهُ شَهْوَةً واشْتَهَاهُ وتَشَهَّاهُ: أَحَبَّه ورَغِب فِيهِ. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ شَهِيَ يَشْهَى وشَهَا يَشْهُو إِذا اشْتَهَى، وَقَالَ: قَالَ ذَلِكَ أَبو زَيْدٍ. والتَّشَهِّي: اقتِراحُ شَهْوةٍ بَعْدَ شَهْوةٍ، يُقَالُ: تَشَهَّتِ المرأَةُ عَلَى زوجِها فأَشْهَاها أَي أَطْلَبها شَهَواتِها. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ

؛ أَي يَرْغَبُون فِيهِ مِنَ الرُّجُوعِ إِلى الدُّنْيَا. غَيْرُهُ: الشَّهْوةُ مَعْرُوفَةٌ. وطعامٌ شَهِيٌّ أَي مُشْتَهىً. وتَشَهَّيْتُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا. وَهَذَا شيءٌ يُشَهِّي الطعامَ أَي يحمِلُ عَلَى اشْتِهائِه، ورجلٌ شَهِيٌّ وشَهْوَانُ وشَهْوَانِيٌّ وامرأَةٌ شَهْوَى وَمَا أَشْهَاهَا وأَشْهَانِي لَهَا، قَالَ سِيبَوَيْهِ: هَذَا عَلَى مَعْنَيَين لأَنك إِذا قُلْتَ مَا أَشْهَاهَا إِليَّ فإِنما تُخْبِرُ أَنها مُتَشَهَّاةٌ، وكأَنه عَلَى شُهِيَ، وإِن لَمْ يُتَكْلَّمْ بِهِ فَقُلْتُ مَا أَشْهَاهَا كَقَوْلِكَ مَا أَحْظاها، وإِذا قلتَ مَا أَشْهَانِي فإِنما تُخْبرُ أَنك شَاهٍ. وأَشْهَاهُ: أَعطاه مَا يَشْتَهِي، وأَنا إِليه شَهْوانُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

فهِيَ شَهْوَى وَهُوَ شَهْوَانِيُ

وقومٌ شَهَاوَى أَي ذَووُ شَهْوةٍ شديدةٍ للأَكل. وَفِي حَدِيثِ

رَابِعَةَ: يَا شَهْوَانِيُ

يُقَالُ: رجلٌ شَهْوَانُ وشَهْوَانِيٌّ إِذا كَانَ شديدَ الشَّهْوةِ، والجمعُ شَهَاوَى كسَكارى. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخافُ عَلَيْكُمُ الرِّياءُ والشَّهْوَةُ الخفيَّة

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: ذَهَبَ بِهَا بعضُ النَّاسِ إِلى شَهْوةِ النِّساءِ وغيرِها مِنَ الشهَواتِ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنه لَيْسَ بمخصوصٍ بشيءٍ وَاحِدٍ، وَلَكِنَّهُ فِي كُلِّ شيءٍ مِنَ الْمَعَاصِي يُضْمِرُه صَاحِبُهُ ويُصِرُّ عَلَيْهِ، فإِنما هُوَ الإِصرارُ وإِنْ لَمْ يَعْمَلْه، وَقَالَ غيرُ أَبي عُبيد: هُوَ أَن يَرى جَارِيَةً حَسناءَ فيغُضَّ طرْفَه ثُمَّ ينظُرَ إِليها بِقَلْبِهِ كَمَا كَانَ ينظُر بعينِه، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ ينظُر إِلى ذاتِ مَحْرَمٍ لَهُ حَسناءَ، وَيَقُولُ فِي نفسِه: ليْتَها لَمْ تَحْرُم عليَّ. أَبو سَعِيدٍ: الشَّهْوَةُ الخفِيَّة مِنَ الْفَوَاحِشِ مَا لَا يحِلُّ مِمَّا يَسْتَخْفي بِهِ الإِنسانُ، إِذا فعَلَه أَخفاهُ وكَرِهَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ الناسُ؛ قَالَ الأَزهري: والقولُ مَا قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي الشهوةِ الخفِيَّة، غَيْرَ أَني أَستَحْسِنُ أَنْ أَنْصِبَ قَوْلَهُ والشَّهوةَ الخفِيَّةَ، وأَجعل الواوَ بِمَعْنَى مَعْ كأَنه قَالَ: أَخْوفُ مَا أَخافُ عليكمُ الرياءُ مَعَ الشَّهوةِ الخفِيَّةِ لِلْمَعَاصِي، فكأَنه يُرائي الناسَ بتَرْكِه المَعاصِيَ، والشهوةُ لَهَا فِي قلبِه مُخْفاةٌ، وإِذا استَخْفَى بِهَا عَمِلَها، وَقِيلَ: الرياءُ مَا كَانَ ظَاهِرًا مِنَ الْعَمَلِ، والشهوةُ الخفِيَّة حُبُّ اطِّلاعِ الناسِ عَلَى العملِ. ابْنُ الأَعرابي: شَاهَاهُ فِي إِصابةِ العينِ وهاشاهُ إِذا مازَحَه. ورجلٌ شَاهِي البصرِ: قَلْبُ شائِه البَصرِ أَي حديدُ البصرِ. ومُوسَى شَهَواتٍ: شَاعِرٌ مَعْرُوفٌ.

شوا: ناقةٌ شَوْشاةٌ مثلُ المَوْماةِ وشَوْشاءُ: سَرِيعَةٌ؛ فأَما قَوْلُ أَبي الأَسود:

عَلَى ذاتِ لَوْثٍ أَو بأَهْوَجَ شَوْشَوٍ،

صَنيعٍ نَبِيلٍ يَمْلأُ الرَّحْلَ كاهِلُهْ

فَقَدْ يَجُوزُ أَن يُريدَ شَوْشَويٍّ كأَحْمَر وأَحمريٍّ.

ص: 445

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والشَّوْشَاةُ المرأَة الكثيرةُ الْحَدِيثِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

لَيْسَتْ بشَوْشَاةِ الحَدِيثِ، وَلا

فُتُقٍ مُغالِبَة عَلَى الأَمْرِ

والشَّيُّ: مَصْدَرُ شَوَيْتُ، والشِّوَاءُ الاسمُ. وشَوَى اللَّحْمَ شَيًّا فانْشَوَى واشْتَوَى، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا تَقُلِ اشْتَوَى؛ وَقَالَ:

قَدِ انْشَوَى شِوَاؤُنا المُرَعْبَلُ،

فاقْتَرِبُوا إِلى الغَداء فَكُلُوا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وأَجَازَ سِيبَوَيْهِ أَنْ يُقَالَ شَوَيْتُ اللَّحْم فانْشَوَى واشْتَوَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ يَصِفُ كَمْأَةً جَناها:

أَجْني البِكَار الحُوَّ مِنْ أَكْمِيها،

تَمْلأُ ثِنْتاها يَدَيْ طَاهِيها،

قَادِرُها رَاضٍ ومُشْتَوِيهَا

وَهُوَ الشِّواءُ والشَّويُّ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ؛ وأَنشد:

ومُحْسِبَةٍ قَدْ أَخْطَأَ الحَقُّ غَيْرَها،

تَنَفَّسَ عَنْها حَيْنُها فَهْيَ كالشَّوِي

وَتَفْسِيرُ هَذَا الْبَيْتِ مَذْكُورٌ فِي تَرْجَمَةِ حَسَبَ، والقطْعَةُ مِنْهُ شِوَاءةٌ؛ وأَنشد:

وانْصِبْ لَنا الدَّهْمَاءَ، طَاهِي، وعَجِّلَنْ

لَنا بِشِواةٍ مُرْمَعِلٍّ ذُؤُوبُها

واشْتَوَى القَوْمُ: اتَّخَذُوا شِواءً؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:

وغُلامٍ أَرْسَلَتْه أُمُّه

بأَلُوكٍ، فَبَذَلْنا مَا سَأَلْ

أَو نَهَتْه فأَتَاهُ رِزْقُه،

فَاشْتَوَى لَيْلةَ رِيحٍ واجْتَمَلْ

وشَوَّاهُمْ وأَشْواهُمْ: أَطْعَمَهُم شِواءً. وأَشْواهُ لَحْماً: أَطْعَمَه إِيَّاه. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: شَوَّى القَوْمَ وأَشْوَاهُمْ أَعْطاهُمْ لَحْمًا طرِيّاً يَشْتَوُونَ مِنْهُ، تَقُولُ: أَشْوَيْتُ أَصْحابِي إِشْواءً إِذا أَطْعَمْتَهُم شِواءً، وَكَذَلِكَ شَوَّيْتُهُم تَشْوِيَةً، واشْتَوَيْنا لَحْمًا فِي حَالِ الخُصوصِ، وَحَكَى الْكِسَائِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ: الشُّوَاء يريدُ الشِّوَاءَ؛ وأَنشد:

ويخْرجُ لِلْقَوْم الشُّوَاء يَجُرُّه،

بأَقْصَى عَصَاهُ، مُنْضَجاً أَو مُلَهْوَجَا

قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ نَضِجَ الشُّوَاءُ، بِضَمِّ الشِّينِ، يُرِيدُونَ الشِّواء. والشُّوَايَةُ: القِطْعةُ مِنَ اللحْمِ، وَقِيلَ: شُوَايَة الشاةِ مَا قَطَعَه الجازِرُ مِنْ أَطْرافِها. والشُّوَايَةُ، بِالضَّمِّ: الشيءُ الصغيرُ مِنَ الْكَبِيرِ كالقِطْعةِ مِنَ الشَّاةِ. وتَعَشَّى فلانٌ ف أَشْوَى مِنْ عَشائِه أَي أَبْقَى مِنْهُ بِقيَّةً. وَيُقَالُ: مَا بَقِي مِنَ الشاةِ إِلَّا شُوَايَةٌ. وشُوَايَةُ الخُبْز: القُرْصُ مِنْهُ. وأَشْوَى القَمْحُ: أَفْرَكَ وصلَحَ أَنْ يُشْوَى، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي تَسْخينِ الماءِ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

بِتْنا عُذُوباً، وباتَ البَقُّ يَلْسِبُنا،

نَشْوِي القَراحَ، كأَنْ لَا حَيَّ فِي الوَادِي

نَشْوِي القَراحَ أَي نُسَخِّنُ الماءَ فنَشْرَبُهُ لأَنه إِذا لَمْ يُسَخَّنْ قَتَل مِنَ البَرْدِ أَو آذَى، وَذَلِكَ إِذا شُرِبَ عَلَى غيرِ ثُفْلٍ أَو غِذَاءٍ. ابْنُ الأَعرابي: شَوَيْتُ الماءَ إِذا سَخَّنْتَه. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَنْقُضِ الحائِضُ شَعَرَها إِذا أَصابَ الماءُ شَوَى رأْسِها

أَي جِلْدَه. والشَّوَاةُ: جِلْدَةُ الرأْسِ؛ وقولُ أَبي ذُؤَيْب:

عَلَى إِثْرِ أُخْرَى قَبْلَها قَدْ أَتتْ لَهَا

إِليكَ، فجاءتْ مُقْشَعِرّاً شَوَاتُها

ص: 446

أَراد: المَآلِكَ الَّتِي هِيَ الرسائلُ، فاستَعار لَهَا الشَّواةَ وَلَا شَواةَ لَهَا فِي الْحَقِيقَةِ، وإِنما الشَّوَى للحَيَوان، وَقِيلَ: هِيَ القائمةُ، وَالْجَمْعُ شَوىً، وَقِيلَ: الشَّوَى اليَدانِ والرِّجْلانِ، وَقِيلَ: اليَدانِ والرِّجْلانِ والرأْسُ مِنَ الآدمِيِّينَ وكُلُّ مَا لَيْسَ مَقْتَلًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الشَّوَى جَمَاعَةُ الأَطرافِ. وشَوَى الفَرَسِ: قَوَائِمُه. يُقالُ: عَبْلُ الشَّوَى، وَلَا يكونُ هَذَا للرَّأْسِ لأَنهم وصَفُوا الخَيْلَ بأَسالَةِ الخَدَّيْنِ وعِتْقِ الوَجْهِ، وَهُوَ رِقَّتُه؛ وَقَوْلُ اِلْهُذَلِيِّ:

إِذا هِيَ قامَتْ تَقْشَعِرُّ شَوَاتُها،

وتُشْرِفُ بَيْنُ اللِّيتِ مِنْهَا إِلى الصُّقْلِ

أَراد ظاهِرَ الجِلدِ كُلُّهُ، ويدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ بَيْنُ اللّيتِ مِنْهَا إِلى الصُّقْلِ أَي مِنْ أَصلِ الأُذُنِ إِلى الخاصِرَة. ورَماهُ ف أَشْوَاهُ أَي أَصابَ شَواهُ وَلَمْ يُصِبْ مَقْتَلَه؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

فإِنَّ مِنَ القَوْل الَّتِي لَا شَوَى لَهَا،

إِذا زَلَّ عَنْ ظَهْرِ اللسانِ انْفلاتُها

يَقُولُ: إِنَّ مِنَ القَوْل كَلِمَةً لَا تُشْوِي ولكنْ تَقْتُلُ، والاسمُ مِنْهُ الشَّوَى؛ قَالَ عَمْرو ذُو الكَلْب: فَقُلْتُ:

خُذْهَا لَا شَوىً وَلَا شَرَمْ

ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ مَن أَخْطَأَ غَرَضاً، وإِن لَمْ يَكُنْ لَهُ شَوىً وَلَا مَقْتَلٌ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَلَّا إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى

؛ قَالَ: الشَّوَى اليَدَانِ والرِّجْلانِ وأَطْرافُ الأَصابع وقِحْفُ الرَّأْسِ، وجِلْدَةُ الرَّأْسِ يُقَالُ لَهَا شَوَاةٌ، وَمَا كَانَ غيرَ مَقْتَلٍ فَهُوَ شَوىً؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الشَّوَى جَمْعُ الشَّوَاةِ وَهِيَ جِلْدَةُ الرَّأْسِ؛ وأَنشد:

قَالَتْ قُتَيْلَةُ: مَا لَهُ

قَدْ جُلِّلَتْ شَيْباً شَوَاتُهْ؟

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَنشدها أَبو الْخَطَّابِ الأَخفش أَبا عمرو ابن العلاءِ فَقَالَ لَهُ: صحَّفتَ، إِنما هُوَ سراتُه أَي نَوَاحِيهِ، فَسَكَتَ أَبو الخطَّاب الأَخْفَش ثُمَّ قَالَ لَنَا: بَلْ هُوَ صَحَّفَ، إِنما هُوَ شَوَاتُه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده أَبو العَمَيْثَل الأَعرابي:

كَأَنّ لَدَى مَيْسُورها متْنَ حَيَّةٍ تَحَرَّكَ

مُشْوَاهَا، ومَاتَ ضَرِيبُها

فسَّره فَقَالَ: المُشْوَى الَّذِي أَخْطَأَه الحَجَر، وَذَكَرَ زِمامَ ناقَةٍ شَبَّه مَا كَانَ مُعَلَّقاً مِنْهُ بِالَّذِي لَمْ يُصِبْهُ الحَجرُ مِنَ الحيَّة فَهُوَ حَيٌّ، وشبَّه مَا كَانَ بالأَرض غَيْرَ مُتَحَرِّكٍ بِمَا أَصابه الْحَجَرُ مِنْهَا فَهُوَ ميِّتٌ. والشَّوِيَّةُ والشَّوَى: المَقْتلُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. والشَّوَى: الهَيِّنُ مِنَ الأَمر. وَفِي حَدِيثِ

مُجَاهِدٍ: كُلُّ مَا أَصابَ الصائمُ شَوىً إِلَّا الغِيبةَ والكَذِبَ فَهِيَ لَهُ كالمقْتَل

؛ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: الشَّوَى هُوَ الشيءُ اليَسيرُ الهَيِّن، قَالَ: وَهَذَا وجهُه، وإِياه أَراد مجاهدٌ، ولكنِ الأَصلُ فِي الشَّوى الأَطْراف، وأَراد أَن الشَّوى لَيْسَ بمَقْتلٍ، وأَن كلَّ شيءٍ أَصابَه الصَّائِمُ لَا يُبْطِل صوْمَه فَيَكُونُ كالمَقتل لَهُ، إِلا الغِيبةَ والكَذِبَ فإِنهما يُبْطِلان الصَّوْم فَهُمَا كالمَقتل لَهُ؛ وقولُ أُسامة الهُذَلي:

تاللهِ مَا حُبِّي عَلِيّاً بشَوَى

أَي لَيْسَ حُبِّي إِياه خَطَأً بَلْ هُوَ صوابٌ. والشُّوَايَةُ والشِّوَايَةُ «2» : البَقِية مِنَ المالِ أَو الْقَوْمِ الهَلْكى. والشَّوِيَّةُ: بقيَّةُ قومٍ هَلَكوا، وَالْجَمْعُ شَوَايا؛ وقال:

(2). قوله [والشواية] هي مثلثة كما في القاموس

ص: 447

فهمْ شَرُّ الشَّوَايا مِنْ ثُمودٍ،

وعَوْفٌ شَرُّ مُنْتَعِلٍ وحافِ

وأَشْوَى مِنَ الشيءِ: أَبقى، وَالِاسْمُ الشَّوَى؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

فإِنَّ مِنَ القولِ الَّتِي لَا شَوَى لَهَا،

إِذا ذلَّ عَنْ ظهرِ اللسانِ انفِلاتُها

يَعْنِي لَا إِبْقاءَ لَهَا، وَقَالَ غيرُه: لَا خطأَ لَهَا؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:

أَجِيبوا رُقَى الْآسِي النِّطاسيِّ، واحْذَروا

مُطَفِّئةَ الرَّضْفِ الَّتِي لَا شَوَى لَهَا

أَي لَا بُرْءَ لَهَا. والإِشْوَاءُ: يُوضَعُ مَوضِع الإِبْقاءِ حَتَّى قَالَ بعضُهم تعشَّى فلانٌ ف أَشْوَى عن عَشائِه أَي أَبْقى بَعْضًا، وأَنشد بَيْتَ الْكُمَيْتِ؛ وَقَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَذَا كلُّه مِنْ إِشْوَاءِ الرَّامِي وَذَلِكَ إِذا رَمى فأَصابَ الأَطْرافَ وَلَمْ يصِبِ المقْتل، فيوضَع الإِشْواءُ مَوْضِعَ الخَطإِ وَالشَّيْءِ الهَيِّن؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ للبُرَيْق الهُذلي:

وكنتُ، إِذا الأَيامُ أَحْدَثنَ هالِكاً،

أَقولُ شَوىً، مَا لَمْ يُصِبْنَ صَمِيمِي

وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: كَانَ يَرى أَن السهمَ إِذا أَخطأَه فَقَدْ أَشْوَى

؛ يقال: رَمى ف أَشْوَى إِذا لَمْ يُصِبِ المقتلَ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: الشَّوَى جلدةُ الرأْس. والشَّوَى: إِخْطاءُ المقْتل. والشَّوَى: اليدانِ والرِجلان. والشَّوَى: رُذالُ المالِ. ويقالُ: كلُّ شيءٍ شَوىً أَي هَيِّنٌ مَا سَلِمَ لَكَ دينُك. والشَّوَى: رُذالُ الإِبل وَالْغَنَمِ، وصغارُها شَوىً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَكَلْنا الشَّوَى، حَتَّى إِذا لَمْ نَدَعْ شَوىً،

أَشَرْنا إِلى خَيراتِها بالأَصابعِ

وللسَّيفُ أَحْرى أَن تُباشِرَ حَدَّهُ

مِنَ الجُوعِ، لَا يُثَنَّى عَلَيْهِ الْمَضَاجِعُ «1»

. يَقُولُ: إِنه نحرَ نَاقَةً فِي حَطْمَةٍ أَصابَتْهم، وَهِيَ السَّنة المُجْدِبة، يقولُ: نحْرُ الناقةِ خيرٌ مِنَ الجوعِ وأَحْرى، وَفِي تُباشِر ضميرُ النَّاقَةِ. وشِوايَةُ الإِبلِ والغَنَم وشَوَايَتُهُما رَدِيئُهما؛ كلْتاهُما عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وأَشْوَى الرجلُ وشَوْشَى وشَوْشَمَ «2» . وأَشرى إِذا اقْتَنى النَّقَزَ مِنْ رَدِيءِ المالِ، والشَّاةُ: الَّتِي يُصْعَدُ بِهَا النَّخْل فَهُوَ المِصْعادُ، وَهُوَ الشَّوَائِي «3» ، قَالَ: وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ التَّبَلْيا، وَهُوَ الكَرُّ بِالْعَرَبِيَّةِ. والشَّاوِي: صاحبُ الشاءِ؛ وَقَالَ مُبَشِّرُ بْنُ هُذَيْلٍ الشمخي:

بل رُبَّ خَرْقٍ نازِحٍ فَلاتُهُ

لَا يَنْفَعُ الشَّاوِيَّ فِيهَا شَاتُه،

وَلَا حِماراهُ وَلَا عَلاقُ

والشَّوِيُّ: جَمْعُ شاةٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

إِذا الشَّوِيُّ كَثُرت مواجهْ،

وكانَ مِنْ تحْتِ الكُلى مناتِجُهْ «4»

. أَي تموتُ الْغَنَمُ مِنْ شِدَّةِ الجَدْبِ فتُشقُّ بُطونُها وتُخْرَجُ مِنْهَا أَولادُها. وَفِي حَدِيثِ

الصدَقة: وَفِي الشَّوِيِّ فِي كلِّ أَرْبَعينَ واحدةٌ

؛ الشَّوِيُّ: اسمُ جمعٍ للشَّاةِ، وَقِيلَ: هُوَ جمعٌ لها نحو كَلْب وكَلِيبٍ؛ وَمِنْهُ

كتابُه لقَطَن بْنِ حَارِثَةَ: وَفِي الشَّوِيِّ الوريِّ مُسِنَّةٌ.

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: أَنه سُئِل عَنِ المُتعة أَتَجْزي فِيهَا شاةٌ؟ فَقَالَ: مَا لِي وللشَّوِيِ

أَي الشَّاءِ، وَكَانَ مذهَبُه أَن المُتَمَتِّع بالعُمْرة إِلى الحجِّ تجِبُ عَلَيْهِ بدنَة. وجاءَ بالعِيِّ والشَّيِّ: إِتْباعٌ، واوُ الشَّيِّ مُدْغَمة فِي يائِها. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وإِنما قُلْنَا إِن واوَها مدغَمة

(1). قوله [من الجوع إلى آخر البيت] هو هكذا في الأصل

(2)

. قوله [وشوشى وشوشم] هكذا في الأصل والتهذيب

(3)

. قوله [وهو الشوائي] وقوله [التبليا] هما هكذا في الأصل

(4)

. قوله [نواتجه] هكذا في الأصل

ص: 448