المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الإِنسان؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن أَلف ثَايَةَ - لسان العرب - جـ ١٤

[ابن منظور]

الفصل: الإِنسان؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن أَلف ثَايَةَ

الإِنسان؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن أَلف ثَايَةَ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْكِتَابِ يَذْهَبُ إِلَى أَنها عَنْ يَاءٍ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هَذِهِ ثَايَة الْغَنَمِ وثَايَة الإِبل مأْواها وَهِيَ عَازِبَةٌ أَو مأْواها حَوْلَ الْبُيُوتِ. الْجَوْهَرِيُّ: والثَّوِيَّةُ مأْوَى الْغَنَمِ، وَكَذَلِكَ الثَّايَة، غَيْرُ مَهْمُوزٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والثِّيَّة لُغَةٌ فِي الثَّايَة. ابْنُ سِيدَهْ: الثُّوَّة كالصُّوَّة ارْتِفَاعٌ وغِلَظ، وَرُبَّمَا نُصِبَتْ فَوْقَهَا الْحِجَارَةُ ليُهْتَدَى بِهَا. والثُّوَّة: خِرْقَةٌ تُوضَعُ تَحْتَ الوَطْب إِذَا مُخِضَ لِتَقِيَه الأَرض. والثُّوَّة والثُّوِيُّ كِلْتَاهُمَا: خِرَق كَهَيْئَةِ الكُبَّة عَلَى الْوَتَدِ يُمْخض عَلَيْهَا السِّقَاءُ لِئَلَّا يَنْخَرِقَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الثَّوِيَّة من ث وو لِقَوْلِهِمْ فِي مَعْنَاهَا ثُوَّة كقُوَّة، وَنَظِيرُهُ فِي ضَمِّ أَوَّله مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمُ السُّدُوس. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والثُّوَّة خِرْقَةٌ أَو صُوفَةٌ تُلَف عَلَى رأَس الْوَتَدِ يُوضَعُ عَلَيْهَا السِّقَاءُ وَيُمْخَضُ وِقَايَةً لَهُ، وَجَمْعُهَا ثُوىً؛ قَالَ الطرِمّاح:

رِفَاقًا تنادِي بالنُّزول كأنَّها

بَقايا الثُّوَى، وَسْط الدِّيار المُطَرَّح

والثَّايَة والثَّاوَة، غَيْرُ مَهْمُوزٍ، والثَّوِيَّة: مأْوى الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى الثَّاوَة مَقْلُوبَةً عَنِ الثَّايةِ، والثايَة مَأْوَى الإِبل، وَهِيَ عَازِبَةٌ أَو حَوْلَ الْبُيُوتِ. والثَّايَة أَيضاً: أَن تُجْمَعَ شَجَرَتَانِ أَو ثَلَاثٍ فيُلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبٌ فيُسْتَظَلَّ بِهِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وَجَمْعُ الثَّايَة ثَايٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والثُّوَيَّة: مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْكُوفَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الثُّوَيَّة؛ هِيَ بِضَمِّ الثَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وَيُقَالُ بِفَتْحِ الثَّاءِ وَكَسْرِ الْوَاوِ: مَوْضِعٌ بِالْكُوفَةِ بِهِ قَبْرُ أَبي مُوسَى الأَشعري وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. والثَّاء: حَرْفُ هِجَاءٍ، وَإِنَّمَا قَضَيْنَا عَلَى أَلفه بأَنها وَاوٌ لأَنها عَيْنٌ. وَقَافِيَةٌ ثاوِيَّةٌ: عَلَى حَرْفِ الثَّاءِ، والله أَعلم.

‌فصل الجيم

جأي: جَأَى الشيءَ جَأْياً: سَتَرَه. وجَأَيْت سِرَّه أَيضاً: كَتَمْته. وكلُّ شيءٍ غَطَّيْته أَو كَتَمْتَهُ فَقَدْ جأَيْته. وجأو

جَأَوْتُ السرَّ: كَتَمْتُهُ. وَسَمِعَ سِرًّا فَمَا جَآهُ جَأْياً أَي مَا كَتَمَهُ. وسِقاءٌ لَا يَجْأَى الماءَ أَي لَا يَحْبِسُهُ. وَمَا يَجْأَى سِقاؤك شَيْئًا أَي مَا يَحْبِسُ الْمَاءَ. وجَأَى إِذَا مَنَعَ. وَالرَّاعِي لَا يَجْأَى الغَنَم أَي لَا يَحْفَظُهَا فَهِيَ تَفَرَّقُ عَلَيْهِ. وأَحْمَقُ مَا يَجْأَى مَرْغَه أَي لَا يَحْبِسُ لُعابَهُ وَلَا يَرُدُّه. وجَأَى السقاءَ: رَقَعَه، وجأو

جَأَوْتُه كذلك، واسم الرقعة جأو

الجِئْوَةُ. وكَتِيبَة جأو

جَأْوَاءُ بَيِّنة الجَأَى: وَهِيَ الَّتِي يَعْلُوهَا لَوْنُ السَّوَادِ لِكَثْرَةِ الدُّرُوعِ. وجَأَى الثوبَ جَأْياً: خاطَه وأَصلحه؛ عَنْ كُرَاعٍ. وَقَدْ جَأَى عَلَى الشَّيْءِ جَأْياً إِذَا عَضَّ عَلَيْهِ. أَبو عُبَيْدَةٍ: أَجِئْ عَلَيْكَ هَذَا أَي غَطِّه؛ قَالَ لَبِيدٌ «1» :

حَواسِرَ لَا يُجِئْنَ عَلَى الخِدامِ

أَي لَا يَسْتُرن. وَيُقَالُ: أَجِئْ عليك ثَوْبَك. وجأو

الجِئاوَة مِثْلُ الجِعاوَة: وِعَاءُ الْقِدْرِ أَو شَيْءٌ يُوضَعُ عَلَيْهِ مِنْ جَلْدٍ أَو خَصَفَة، وجمعها جأو

جِئاءٌ مِثْلُ جِرَاحَةٍ وجِراح؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا قَوْلُ الأَصمعي، وَكَانَ أَبو عَمْرٍو يَقُولُ الجِياءُ والجِواءُ يَعْنِي بِذَلِكَ الوِعاء أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: لأَنْ أَطَّلِيَ بِجِواءِ قِدْرٍ أَحبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أَطَّلِيَ بِالزَّعْفَرَانِ.

وأَما الْخِرْقَةُ الَّتِي يُنزل بِهَا الْقِدْرُ عَنِ الأَثافي فَهِيَ الجِعالُ:. ابن بري: يقال جأو

جَأَوْت

(1). قوله [قال لبيد] صدره كما في التكملة:

إذا بكر النساء مردّفات

ص: 127

القِدْر جَعَلْتُ لَهَا جِئاوَةً. وجَأَيْت القِدْرَ وجأَيْت الثوبَ جَمِيعُ ذَلِكَ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ. الجوهري: جأو

الجُؤْوَةُ مِثْلُ الجُعْوَةِ لَوْنٌ مِنْ أَلوان الْخَيْلِ والإِبل، وَهِيَ حُمْرَةٌ تَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ، يقال: فرس جأو

أَجْأَى، والأُنثى جأو

جَأْوَاءُ، وَقَدْ جَئِيَ الْفَرَسُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قول دريد:

جأو بِجَأْواءَ جَوْنٍ، كَلَوْنِ السَّمَاءْ،

تَرُدُّ الحديدَ فَلِيلٍا كَلِيلَا

قَالَ الأَصمعي: جأَى البعيرُ وَجأو

اجْأَوَى مثل ارْعَوَى جأو

يَجْأَوِي مثل يَرْعَوِي جأو

اجْئِوَاءً مَثْلُ ارْعِواءً فَجَئِيَ وجأو

اجْأَوَّى مِثْلُ شَهِبَ واشْهَبَّ. وَفِي حَدِيثِ يأْجوج ومأْجوج:

وتَجْأَى الأَرضُ مِنْ نَتْنِهِمْ حينَ يَمُوتُونَ.

قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ مَهْمُوزًا، قِيلَ: لَعَلَّهُ لُغَةٌ فِي قَوْلِهِمْ جَوِيَ الماءُ يَجْوَى إِذَا أَنْتَنَ أَي تُنْتِنُ الأَرض مِنْ جِيَفِهِمْ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْهَمْزُ فِيهِ مَحْفُوظًا فَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ كَتيبة جأو

جَأْوَاءُ بَيِّنةُ الجَأَى، وَهِيَ الَّتِي يَعْلُوهَا لَوْنُ السَّوَادِ لِكَثْرَةِ الدُّرُوعِ، أَو مِنْ قَوْلِهِمْ سِقاءٌ لَا يَجْأَى شَيْئًا أَي لَا يُمْسِكُهُ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَن الأَرض تَقْذِفُ صَدِيدَهُمْ وَجِيَفَهُمْ فَلَا تَشْرَبُهُ وَلَا تُمْسِكُهَا، كَمَا لَا يَحْبِسُ هَذَا السِّقَاءُ الْمَاءَ، أَو مِنْ قَوْلِهِمْ سَمِعْتُ سِرًّا فَمَا جَأَيْتُه أَي مَا كتَمْته، يَعْنِي أَن الأَرض يَسْتَتِرُ وَجْهُهَا مِنْ كَثْرَةِ جِيَفِهِمْ؛ وَفِي حَدِيثِ

عَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:

حَلَفْتُ لَئِنْ عُدْتُمْ لَنَصْطَلِمَنَّكُمْ

جأو بِجَأْوَاءَ، تُرْدِي حافَتَيْهِ المَقَانِبُ

أَي بِجَيْشٍ عَظِيمٍ تَجْتَمِعُ مَقانِبُه مِنْ أَطرافه وَنَوَاحِيهِ. ابن حمزة: جأو

جِئَاوَةُ بَطْنٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَهُمْ إِخْوَةُ بَاهِلَةَ. ابْنُ بَرِّيٍّ: والجِيَاءُ والجِوَاءُ مَقْلُوبَانِ، قُلِبَتِ الْعَيْنُ إِلَى مَكَانِ اللَّامِ وَاللَّامُ إِلَى مَكَانِ الْعَيْنِ، فمنْ قَالَ جَأَيْتُ قَالَ الجِياءُ، وَمَنْ قَالَ جَأَوْت قَالَ الجِوَاء. ابْنُ سِيدَهْ: وجَاءَ يَجُوءُ لُغَةٌ فِي يَجِيءُ، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ أَنا أَجُوءُك وأُنْبُؤُك عَلَى الْمُضَارَعَةِ، قَالَ: وَمِثْلُهُ هُوَ مُنْحُدُر مِنَ الْجَبَلِ عَلَى الإِتباع، قَالَ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ. وجاءٌ: اسْمُ رَجُلٍ؛ قَالَ أَبو دُواد الرُّؤَاسِيُّ:

ظَلَّتْ يُحابِرُ تُدْعَى وَسْطَ أَرْحُلِنَا،

والمُسْتَمِيتُونَ منْ جاءٍ ومِنْ حَكَمِ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا أَثبته فِي هَذَا الْبَابِ وَإِنْ كَانَتْ مَادَّتُهُ فِي الْيَاءِ أَكثر لأَن الْوَاوَ عَيْنًا أَكثر مِنَ الياء، والله أَعلم.

جبي: جَبَى الخراجَ وَالْمَاءَ والحوضَ يَجْبَاهُ ويَجْبِيه: جَمَعَه. وجَبَى يَجْبَى مِمَّا جَاءَ نَادِرًا: مِثْلُ أَبى يَأْبى، وَذَلِكَ أَنهم شَبَّهُوا الأَلف فِي آخِرِهِ بِالْهَمْزَةِ فِي قَرَأَ يَقْرَأُ وهَدَأَ يَهْدَأُ، قَالَ: وَقَدْ قَالُوا يَجْبَى، والمصدر جبو

جِبْوَةً وجِبْيَة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وجِباً وجَباً وجبو

جِبَاوةٌ وجِبَايَةٌ نَادِرٌ. وَفِي حَدِيثِ

سَعْدٍ: يُبْطِئُ فِي جِبْوَتهِ

؛ جبو

الجِبْوَة والجِبْيَة: الْحَالَةُ مِنْ جَبْيِ الْخَرَاجِ واسْتِيفائه. وجَبَيْتُ الخراجَ جِبَاية وجبو

جَبَوْته جبو

جِبَاوَة؛ الأَخير نَادِرٌ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ أَدخلوا الْوَاوَ عَلَى الْيَاءِ لِكَثْرَةِ دُخُولِ الْيَاءِ عَلَيْهَا ولأَن لِلْوَاوِ خَاصَّةً كَمَا أَن لِلْيَاءِ خَاصَّةً؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، قَالَ: وأَصله الْهَمْزُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَبَيْت الْخَرَاجَ وجبو

جَبَوْته لَا أَصل لَهُ فِي الْهَمْزِ سَمَاعًا وَقِيَاسًا، أَما السَّمَاعُ فَلِكَوْنِهِ لَمْ يُسْمَعْ فِيهِ الْهَمْزُ، وأَما الْقِيَاسُ فلأَنه مِنْ جَبَيْت أَي جَمَعْتُ وحَصَّلت، وَمِنْهُ جَبَيْت الماء في الحوض وجبو

جَبَوْته، والجَابِي: الذي يجمع المال للإِبل، وجبو

الجَبَاوَةُ اسْمُ الْمَاءِ الْمَجْمُوعِ. ابْنُ سِيدَهْ فِي جَبَيْت الْخَرَاجَ: جَبَيْته

ص: 128

مِنَ الْقَوْمِ وجَبَيْتُه الْقَوْمَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:

دَنَانِيرُ نَجْبِيها العِبادَ، وغَلَّة

عَلَى الأَزْدِ مِن جاهِ امْرِئٍ قَدْ تَمَهَّلا

وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ: كَيْفَ أَنتم إِذَا لَمْ تَجْتَبوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَماً

؛ الاجْتِبَاءُ، افتِعال مِنَ الجِبَايَة: وَهُوَ اسْتِخْرَاجُ الأَموال من مَظانها. وجبو

الجِبْوَة وجبو

الجُبْوَة والجِبَا والجَبَا وجبو

الجِبَاوَة: مَا جمعتَ فِي الْحَوْضِ مِنَ الْمَاءِ. والجِبَا والجَبَا: ما حول البئر والجَبا: مَا حَوْلَ الْحَوْضِ، يُكْتَبُ بالأَلف. وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ:

فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَلَى جَباها فَسَقَيْنا واسْتَقَيْنا

؛ الجَبَا، بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ: مَا حَوْلَ الْبِئْرِ. والجِبَا، بِالْكَسْرِ مَقْصُورٌ: مَا جَمَعْتُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ. الْجَوْهَرِيُّ: والجِبا، بِالْكَسْرِ مَقْصُورٌ، الْمَاءُ الْمَجْمُوعُ للإِبل، وكذلك جبو

الجِبْوَة وجبو

الجِبَاوَة. الْجَوْهَرِيُّ: الجَبا، بِالْفَتْحِ مَقْصُورٌ، نَثِيلة الْبِئْرِ وَهِيَ تُرَابُهَا الَّذِي حَوْلَهَا تَرَاهَا مِنْ بَعِيدٍ؛ وَمِنْهُ: امرأةٌ جَبْأَى عَلَى فَعْلى مِثَالُ وَحْمَى إِذَا كَانَتْ قَائِمَةَ الثَّدْيَيْن؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ جَبْأَى الَّتِي طَلَعَ ثديُها لَيْسَ مِنَ الجَبا الْمُعْتَلِّ اللَّامِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جَبَأَ عَلَيْنَا فُلَانٌ أَي طَلَعَ، فَحَقُّهُ أَن يُذْكَرَ فِي بَابِ الْهَمْزِ؛ قَالَ: وكأَنّ الْجَوْهَرِيَّ يَرَى الجَبَا الترابَ أَصله الْهَمْزُ فَتَرَكَتِ الْعَرَبُ هَمَزَهُ، فَلِهَذَا ذَكَرَ جَبْأَى مَعَ الجَبَا، فَيَكُونُ الجَبَا مَا حَوْلَ الْبِئْرِ مِنَ التُّرَابِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِمُ الجَبْأَة مَا حَوْلَ السُّرَّةِ مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ. وجَبَى الماءَ فِي الْحَوْضِ يَجْبِيه جَبْياً وجَباً وجِباً: جَمَعَه. قَالَ شَمِرٌ: جَبَيْت الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَجْبي جَبْياً وجبو

جَبَوْت جبو

أَجْبُو جبو

جَبْواً وجِبَايَةً وجبو

جِبَاوةً أَي جَمَعْتُهُ. أَبو مَنْصُورٍ: الجِبا مَا جُمع فِي الْحَوْضِ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي يُسْتَقَى مِنَ الْبِئْرِ، قَالَ ابْنُ الأَنباري: هُوَ جَمْعُ جِبْية. والجَبا، بِالْفَتْحِ: الْحَوْضُ الَّذِي يُجْبَى فِيهِ الماءُ، وَقِيلَ: مَقام السَّاقِي عَلَى الطَّيِّ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَجْبَاءٌ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الجَبَا أَن يَتَقَدَّمَ السَّاقِي للإِبل قَبْلَ وُرُودِهَا بِيَوْمٍ فيَجْبِيَ لَهَا الماءَ فِي الْحَوْضِ ثُمَّ يوردَها مِنَ الْغَدِ؛ وأَنشد:

بالرَّيْثِ مَا أَرْوَيْتها لَا بالعَجَلْ،

وبالجَبَا أرْوَيْتها لَا بالقَبَلْ

يَقُولُ: إِنَّهَا إِبِلٌ كَثِيرَةٌ يُبطئون بِسَقْيِهَا فتُبْطئ فَيَبْطُؤُ ريُّها لِكَثْرَتِهَا فَتَبْقَى عَامَّةَ نَهَارِهَا تَشْرَبُ وَإِذَا كَانَتْ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى العشر صب على رؤوسها. قَالَ: وَحَكَى سِيبَوَيْهِ جَبَا يَجْبَى، وَهِيَ عِنْدُهُ ضَعِيفَةٌ والجَبَا: مَحْفَر الْبِئْرِ. والجَبَا: شَفَة الْبِئْرِ؛ عَنْ أَبي لَيْلَى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الجَبَا، بِالْفَتْحِ، الْحَوْضُ والجِبَا، بِالْكَسْرِ، الْمَاءُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَخطل:

حَتَّى وَرَدْنَ جِبَا الكُلابِ نِهالا

وَقَالَ آخَرُ:

حَتَّى إِذَا أَشرَفَ فِي جوفِ جَبَا

وَقَالَ مُضَرِّس فَجَمَعَهُ:

فأَلْقَتْ عَصا التَّسْيار عَنْهَا، وخَيَّمت

بأَجْباءِ عَذْبِ الْمَاءِ بيضٍ مَحافِرُهْ

والجَابِيَة: الْحَوْضُ الَّذِي يُجْبَى فِيهِ الْمَاءُ للإِبل. والجابِيَة: الْحَوْضُ الضَّخْم؛ قَالَ الأَعشى:

تَرُوحُ عَلَى آلِ المُحَلَّق جَفْنَةٌ،

كجابِيَة الشَّيْخِ العِراقيِّ تَفْهَقُ

خَصَّ الْعِرَاقِيَّ لِجَهْلِهِ بِالْمِيَاهِ لأَنه حَضَرِيّ، فَإِذَا وَجَدَهَا مَلأَ جابيتَه، وأَعدَّها وَلَمْ يدرِ مَتَى يَجِدُ الْمِيَاهَ، وأَما

ص: 129

الْبَدَوِيُّ فَهُوَ عَالِمٌ بِالْمِيَاهِ فَهُوَ لَا يُبَالِي أَن لَا يُعِدَّها؛ وَيُرْوَى: كَجَابِيَةِ السَّيْح، وَهُوَ الْمَاءُ الْجَارِي، وَالْجَمْعُ الجَوَابِي؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجِفانٍ كَالْجَوابِ

. والجَبَايا: الرَّكايا الَّتِي تُحْفر وتُنْصب فِيهَا قُضبان الكَرْم؛ حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

وذاتِ جَباً كَثِيرِ الوِرْدِ قَفْرٍ،

وَلَا تُسْقَى الحَوائِمُ مِنْ جَباها

فَسَّرَهُ فَقَالَ: عَنَى هَاهُنَا الشرابَ «1» ، وجَبَا: رَجَعَ؛ قَالَ يَصِفُ الْحِمَارَ:

حَتَّى إِذَا أَشْرَفَ في جَوْفٍ جَبَا

يَقُولُ: إِذَا أَشرف فِي هَذَا الْوَادِي رَجَعَ، وَرَوَاهُ ثَعْلَبٌ: فِي جوفِ جَبَا، بالإِضافة، وغَلَّط مَنْ رَوَاهُ فِي جوفٍ جَبَا، بِالتَّنْوِينِ، وَهِيَ تُكْتَبُ بالأَلف وَالْيَاءِ. وجَبَّى الرجلُ: وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فِي الصَّلَاةِ أَو عَلَى الأَرض، وَهُوَ أَيضاً انْكبابه عَلَى وَجْهِهِ؛ قَالَ:

يَكْرَعُ فِيهَا فيَعُبُّ عَبّا،

مُجَبِّياً فِي مَائِهَا مُنْكَبّا

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ اشْتَرَطوا عَلَى رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، أَن يُعْشَروا وَلَا يُحْشَروا وَلَا يُجَبُّوا، فَقَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: لَكُمْ ذَلِكَ وَلَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَا رُكُوعَ فِيهِ

؛ أَصل التَّجْبِيةَ أَن يَقُومَ الإِنسان قِيَامَ الرَّاكِعِ، وَقِيلَ: هُوَ السُّجُودُ؛ قَالَ شَمِرٌ: لَا يُجَبُّوا أَي لَا يَرْكعوا فِي صَلَاتِهِمْ وَلَا يَسْجُدُوا كَمَا يَفْعَلُ الْمُسْلِمُونَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ جَبَّى فُلَانٌ تَجْبِيَةً إِذَا أَكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ بارِكاً أَو وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُنْحَنِيًا وَهُوَ قَائِمٌ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنه ذَكَرَ القيامةَ والنفخَ فِي الصُّور قَالَ فَيَقُومُونَ فيُجَبُّون تَجْبِيَةَ رجلٍ واحدٍ قِيَامًا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: التَّجْبِيَة تَكُونُ فِي حَالَيْنِ: إِحْدَاهُمَا أَن يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَهُوَ قَائِمٌ وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْحَدِيثِ، أَلا تَرَاهُ قَالَ قِيَامًا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ؟ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَنْكَبَّ عَلَى وَجْهِهِ بارِكاً، وَهُوَ كَالسُّجُودِ، وَهَذَا الوجهُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ النَّاسِ، وَقَدْ حَمَلَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى قَوْلِهِ فيخرُّون سُجَّداً لِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَجَعَلَ السُّجُودَ هُوَ التَّجْبِيَة؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والتَّجْبِيَة أَن يَقُومَ الإِنسان قِيَامَ الرَّاكِعِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ لَا يُجَبُّونَ أَنهم لَا يُصَلُّونَ، وَلَفْظُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِقَوْلِهِ فِي جَوَابِهِمْ:

وَلَا خيرَ فِي دِينٍ لَيْسَ فِيهِ رُكُوعٌ

، فَسَمَّى الصَّلَاةَ رُكُوعًا لأَنه بَعْضُهَا.

وَسُئِلَ جَابِرٌ عَنِ اشْتِرَاطِ ثَقيف أَن لَا صَدَقَةَ عَلَيْهَا وَلَا جِهَادَ فَقَالَ: عَلِمَ أَنهم سيَصَّدَّقون وَيُجَاهِدُونَ إِذَا أَسلموا، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ لأَن وَقْتَهَا حَاضِرٌ مُتَكَرِّرٌ بِخِلَافِ وَقْتِ الزَّكَاةِ وَالْجِهَادِ

؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَبْدِ اللَّهِ أَنه «2» . ذَكَرَ الْقِيَامَةَ قَالَ: ويُجَبُّون تَجْبِيَةَ رجُل وَاحِدٍ قِيَامًا لِرَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا:

فَإِذَا أَنا بِتَلّ أَسود عَلَيْهِ قَوْمٌ مُجَبُّون يُنْفَخُ فِي أَدبارِهم بِالنَّارِ.

وَفِي حَدِيثِ

جَابِرٍ: كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ إِذَا نكَحَ الرجلُ امرأَته مُجَبِّيَةً جَاءَ الولدُ أَحْوَل

، أَي مُنْكَبَّةً عَلَى وَجْهِهَا تَشْبِيهًا بِهَيْئَةِ السُّجُودِ. واجْتَبَاه أَي اصْطفاه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه اجْتَبَاه لِنَفْسِهِ

أَي اخْتَارَهُ وَاصْطَفَاهُ. ابْنُ سِيدَهْ: واجْتَبَى الشيءَ اخْتَارَهُ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها

؛ قَالَ: مَعْنَاهُ عِنْدَ ثَعْلَبٍ جِئْتَ بِهَا مِنْ نَفْسِكَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ هَلَّا اجْتَبَيْتَها هَلَّا اخْتَلَقْتَها وافْتَعَلْتها مِنْ قِبَل

(1). قوله [الشراب] هو في الأصل بالشين المعجمة، وفي التهذيب بالسين المهملة

(2)

. قوله [وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ إلخ] هكذا في النسخ التي بأيدينا

ص: 130

نَفْسِكَ، وَهُوَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ جَائِزٌ أَن يَقُولَ لَقَدِ اخْتَارَ لَكَ الشيءَ واجْتَبَاه وارْتَجَله. وَقَوْلُهُ: وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ وَكَذَلِكَ يَخْتَارُكَ وَيَصْطَفِيكَ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ جَبَيْت الشيءَ إِذَا خَلَّصْتَهُ لِنَفْسِكَ، وَمِنْهُ: جَبَيْت الماءَ فِي الْحَوْضِ. قَالَ الأَزهري: وجِبَايَةُ الْخَرَاجِ جَمْعُهُ وَتَحْصِيلُهُ مأْخوذ مِنْ هَذَا. وَفِي حَدِيثِ

وَائِلِ بْنِ حُجْر قَالَ: كَتَبَ لِي رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ وَلَا شِغارَ وَلَا وِرَاطَ وَمَنْ أَجْبَى فَقَدْ أَرْبَى

؛ قِيلَ: أَصله الْهَمْزُ، وَفَسَّرَ

مَنْ أَجْبَى

أَي مَنْ عَيَّنَ فَقَدْ أَرْبَى، قَالَ: وَهُوَ حَسَنٌ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الإِجباء بَيْعُ الْحَرْثِ وَالزَّرْعِ قَبْلَ أَن يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يُغَيِّب إبِلَهُ عَنِ المصَدِّق، مِنْ أَجْبَأْتُهُ إِذَا وارَيْته؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَصل فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ الْهَمْزُ، وَلَكِنَّهُ رُوِيَ غَيْرَ مَهْمُوزٍ، فَإِمَّا أَن يَكُونَ تَحْرِيفًا مِنَ الرَّاوِي، أَو يَكُونَ تَرَكَ الْهَمْزَ لِلِازْدِوَاجِ بأَرْبَى، وَقِيلَ: أَراد بالإِجْباء العِينَة وَهُوَ أَن يَبِيعَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعة بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجل مَعْلُومٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِالنَّقْدِ بأَقل مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ.

وَرُوِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ أَنه سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ مَنْ أَجْبَى فَقَدْ أَرْبَى قَالَ: لَا خُلْفَ بَيْنَنَا أَنه مَنْ بَاعَ زَرْعًا قَبْلَ أَن يُدْرِك كَذَا

، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فَقِيلَ لَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ أَخطأَ أَبو عُبَيْدٍ فِي هَذَا، مِنْ أَين كَانَ زَرْعٌ أَيام النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: هَذَا أَحمق أَبو عُبَيْدٍ تَكَلَّمَ بهذا على رؤُوس الخَلْق وَتَكَلَّمَ بِهِ بَعْدَ الْخَلْقِ مِنْ سَنَةِ ثمانَ عَشْرَة إِلَى يَوْمِنَا هَذَا لَمْ يُرَدَّ عَلَيْهِ. والإِجْبَاءُ: بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ أَن يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْهَمْزِ. والجَابِيَة: جَمَاعَةُ الْقَوْمِ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ الْهِلَالِيُّ:

أَنْتُم بجَابِيَة المُلُوك، وأَهْلُنا

بالجَوِّ جِيرَتُنا صُدَاء وحِمْيَرُ

وَالْجَابِي: الجَراد الَّذِي يَجْبي كلَّ شيءٍ يأكُلُه؛ قَالَ عَبْدُ مَنَافِ بنُ رِبْعِيّ الْهُذَلِيُّ:

صابُوا بستَّةِ أَبْياتٍ وأَرْبعة،

حَتَّى كأَنَّ عَلَيْهِمْ جَابِياً لُبَدَا

وَيُرْوَى بِالْهَمْزِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. التَّهْذِيبُ: سُمِّيَ الجرادُ الجَابِيَ لطُلوعِه. ابْنُ الأَعرابي: الْعَرَبُ تَقُولُ إِذَا جَاءَتِ السَّنَةُ جَاءَ مَعَهَا الجَابِي والجاني، ف الجَابِي الْجَرَادُ، وَالْجَانِي الذِّئْبُ «1» ، لَمْ يهمزهما. والجَابِيَة: مَدِينَةٌ بِالشَّامِ، وبابُ الجَابِيَة بِدِمَشْقَ، وَإِنَّمَا قَضَى بأَن هَذِهِ مِنَ الْيَاءِ لِظُهُورِ الْيَاءِ وأَنها لَامٌ، وَاللَّامُ يَاءٌ أَكثر مِنْهَا وَاوًا. والجَبَا مَوْضِعٌ. وفَرْشُ الجَبَا: مَوْضِعٌ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:

أَهاجَكَ بَرْقٌ آخرَ الليلِ واصِبُ

تَضَمَّنَهُ فَرْشُ الجَبَا فالمَسارِبُ؟

ابْنُ الأَثير فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: وَفِي حَدِيثِ

خَدِيجَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَيْتٌ فِي الجنَّة مِنْ قَصَب؟ قَالَ: هُوَ بيتٌ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مجَوَّفة مُجَبَّاةٍ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: فَسَّرَهُ ابْنُ وَهْبٍ فَقَالَ مجوَّفة، قَالَ: وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا لَا يستتِمّ إِلَّا أَن يُجْعَلَ مِنَ الْمَقْلُوبِ فَتَكُونُ مجوَّبة مِنَ الجَوْب، وَهُوَ القَطْع، وَقِيلَ: مِنَ الجَوْب، وَهُوَ نَقِير يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ، والله أَعلم.

جثا: جَثَا يَجْثُو ويَجْثِي جُثُوّاً وجُثِيّاً، عَلَى فُعُولٍ فِيهِمَا: جَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ لِلْخُصُومَةِ وَنَحْوِهَا. وَيُقَالُ: جَثَا فُلَانٌ عَلَى رُكْبَتَيْهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

إنَّا أُناسٌ مَعَدِّيُّونَ عادَتُنا،

عنْدَ الصِّياحِ، جُثِيُّ المَوْتِ للرُّكَبِ

قَالَ: أَراد جُثِيُّ الرُّكَب لِلْمَوْتِ فقلب. وأَجْثَاه

(1). قوله [والجاني الذئب] هو هكذا في الأَصل وشرح القاموس

ص: 131

غيرُه. وقوْمٌ جُثِيٌّ وجِثِيٌّ وقومٌ جُثىً أَيضاً: مِثْلُ جَلَسَ جُلُوسًا وَقَوْمٌ جُلوسٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا

، وجِثِيّاً أَيضاً، بِكَسْرِ الْجِيمِ، لِمَا بَعْدَهَا مِنَ الْكَسْرِ. وجَاثَيْتُ رُكْبَتِي إِلَى رُكْبَتِهِ وتَجَاثَوْا عَلَى الرُّكَب. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثىً كلُّ أُمَّةٍ تَتْبع نبيَّها

أَي جَمَاعَةً، وَتُرْوَى هَذِهِ اللَّفْظَةُ جُثِيٌّ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، جَمْعُ جاثٍ وَهُوَ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ؛ وَمِنْهُ حديث

علي، رصوان اللَّهِ عَلَيْهِ: أَنا أَوّلُ مَنْ يَجْثُو للخُصومة بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عز وجل.

ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ تَجَاثَوْا فِي الْخُصُومَةِ مُجَاثَاةً وجِثَاءً، وَهُمَا مِنَ الْمَصَادِرِ الْآتِيَةِ عَلَى غَيْرِ أَفعالها. وَقَدْ جَثَا جَثْواً وجُثُوّاً، كجَذَا جَذْواً وجُذُوّاً، إِذَا قَامَ عَلَى أَطراف أَصابعه، وعدَّه أَبو عُبَيْدَةَ فِي الْبَدَلِ، وأَما ابْنُ جِنِّيٍّ فَقَالَ: لَيْسَ أَحد الْحَرْفَيْنِ بَدَلًا مِنْ صَاحِبِهِ بَلْ هُمَا لُغَتَانِ. والجَاثِي: الْقَاعِدُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً

؛ قَالَ مُجَاهِدٌ: مُستوفِزينَ عَلَى الرُّكَب. قَالَ أَبو مُعَاذٍ: المُسْتَوْفِزُ الَّذِي رَفَعَ أَلْيَتَيه وَوَضَعَ رُكْبَتَيْهِ؛ وَقَالَ عَدِيٌّ يَمْدَحُ النُّعْمَانَ:

عَالِمٌ بِالَّذِي يكونُ، نَقِيُّ الصدر،

عَفٌّ عَلَى جُثاه نَحُور

قِيلَ: أَراد يَنْحَرُ النُّسُكَ عَلَى جُثَى آبائِهِ أَي عَلَى قُبُورِهِمْ، وَقِيلَ: الجُثَى صَنَم كَانَ يُذْبح لَهُ. والجُثْوَة والجَثْوَة والجِثْوَة، ثَلَاثُ لُغَاتٍ: حِجَارَةٌ مِنْ تُرَابٍ مُتَجَمِّعٍ كَالْقَبْرِ، وَقِيلَ: هِيَ الْحِجَارَةُ الْمَجْمُوعَةُ. والجِثْوة: الْقَبْرُ سُمِّيَ بِذَلِكَ، وَقِيلَ: هِيَ الرَّبْوة الصَّغِيرَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الكُومةُ مِنَ التُّرَابِ. التَّهْذِيبُ: الجُثَى أَتْربة مَجْمُوعَةٌ، وَاحِدَتُهَا جُثْوَة. وَفِي حَدِيثِ

عَامِرٍ: رأَيت قُبُورَ الشُّهَدَاءِ جُثىً

يَعْنِي أَتْربة مَجْمُوعَةً. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:

فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً مِنْ تُرَابٍ

، وَيَجْمَعُ الْجَمِيعَ جُثىً، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ. وجِثَى الحَرَم: مَا اجْتَمَعَ فِيهِ مِنْ حِجَارَةِ الجِمار «1» . وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ دَعا دُعاءَ الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مِنْ جُثَى جَهَنَّمَ.

وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ دَعا يَا لَفُلانٍ فَإِنَّمَا يَدْعُو إِلَى جُثَى النَّارِ

؛ هِيَ جَمْعُ جُثْوَة، بِالضَّمِّ، وَهِيَ الشَّيْءُ الْمَجْمُوعُ. وَفِي حَدِيثِ إِتْيَانِ المرأَة مُجَبِّيةً رَوَاهُ بَعْضُهُمْ

مُجَثَّاة

، كأَنه أَراد قَدْ جُثِّيَت فَهِيَ مُجَثَّاة أَي حُمِلت عَلَى أَن تَجْثُوَ عَلَى رُكْبَتَيْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

فُلَانٌ مِنْ جُثَى جَهَنَّمَ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَهُ مَعْنَيَانِ أَحدهما أَنه مِمَّنْ يَجْثُو عَلَى الرُّكَبِ فِيهَا، وَالْآخَرُ أَنه مِنْ جَمَاعَاتِ أَهل جَهَنَّمَ عَلَى رِوَايَةِ

مَنْ رَوَى جُثىً

، بِالتَّخْفِيفِ،

وَمَنْ رَوَاهُ مِنْ جُثِيِّ جَهَنَّمَ

، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ، فَهُوَ جَمْعُ الجَاثِي. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا

؛ وَقَالَ طَرَفَةُ فِي جَمْعِ الجُثْوَة يَصِفُ قَبْرَيْ أَخوين غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ:

تَرَى جُثْوَتَيْن مِنْ تُرابٍ، عَلَيهما

صَفَائِحُ صُمٌّ مِنْ صفيحٍ مُصَمَّدِ

مُوَصَّد. وجُثْوَة كُلِّ إِنْسَانٍ: جَسَدُهُ: والجُثْوَة: الْبَدَنُ وَالْوَسَطُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَمِنْهُ قَوْلُ دغْفَل الذُّهْلي: والعَنْبَرُ جُثْوَتُها، يَعْنِي بَدَنَ عَمْرِو بْنِ تمِيم ووَسَطَها. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِنَّهُ لعظيمُ الجُثْوَةِ والجُثَّةِ. وجُثْوَة الرَّجُلِ: جسدُه، وَالْجَمْعُ الجُثَى؛ وأَنشد:

يَومَ تَرَى جُثْوَتَه فِي الأَقْبُرِ

قَالَ: وَالْقَبْرُ جُثْوَة، وَمَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض نحو

(1). قوله [مَا اجْتَمَعَ فِيهِ مِنْ حجارة الجمار] هذه عبارة الجوهري، وقال الصاغاني في التكملة: الصواب من الحجارة التي توضع على حدود الحرم أو الأنصاب التي تذبح عليها الذبائح

ص: 132

ارْتِفَاعِ الْقَبْرِ جُثْوَة. والجُثْوة: التُّرَابُ الْمُجْتَمِعُ. والجَثْوَة والجِثْوَة والجُثْوَة: لُغَةٌ فِي الجَذْوة والجِذْوة والجُذْوة. الْفَرَّاءُ: جَذْوة مِنَ النَّارِ وجَثْوة، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن الثَّاءَ هُنَا بَدَلٌ مِنَ الذَّالِ. وَسُورَةُ الجَاثِيَة: الَّتِي تَلِي الدُّخَانَ.

جحا: جَحَا بِالْمَكَانِ يَجْحُو: أَقام بِهِ كحَجَا. وحَيَّا اللَّهُ جَحْوَتَك أَي طلعتَك. وجَحْوانُ: اسْمُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسد؛ قَالَ الأَسود بْنُ يَعْفُرَ:

وقَبْلِيَ مَاتَ الخالِدانِ كِلاهُما:

عَمِيدُ بَني جَحْوانَ، وابنُ المُضَلَّلِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُ إِنْشَادِهِ:

فَقَبْلِيَ مَاتَ الْخَالِدَانِ

بِالْفَاءِ لأَنه جَوَابُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَهُ:

فَإِنْ يكُ يَوْمي قَد دَنا، وإخالُه،

كَوَارِدَةٍ يَوْمًا إِلَى ظِمْءِ مَنْهَلِ

ابْنُ الأَعرابي: الجَاحِي الحَسَن الصَّلَاةِ، والجَاحِي المُثاقِفُ، والجَائِحُ الجَراد. واجْتاحَ الشيءَ واجْتَحَاه: استأَصَله. الْجَوْهَرِيُّ: اجْتَحَاه قَلْبُ اجْتَاحه. رَوَى الأَزهري عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ فِي كَلَامٍ: تَجَاحَيَا الأَمْوالَ، فقَلَب يُرِيدُ اجْتَاحَا، وَهُوَ مِنْ أَولاد الثَّلَاثَةِ فِي الأَصل. ابْنُ الأَعرابي: جَحَا إِذَا خَطَا. والجَحْوَةُ: الخَطْوة الْوَاحِدَةُ. وجُحَا: اسمُ رَجُلٍ؛ قَالَ الأَخفش: لَا يَنْصَرِفُ لأَنه مِثْلُ عُمَرَ. قَالَ الأَزهري: إِذَا سَمَّيْتَ رَجُلًا بِجُحا فأَلْحِقْه بِبَابِ زُفَرَ، وجُحَا معدولٌ مِنْ جَحَا يَجْحُو إِذَا خَطَا. الأَزهري: بَنُو جَحْوَانَ قَبِيلَةٌ.

جخا: الجَخْوُ: سَعَة الجِلْدِ، رَجُلٌ أَجْخَى وامرأَةٌ جَخْوَاءُ. أَبو تُرَابٍ: سَمِعْتُ مُدْرِكًا يَقُولُ رَجُلٌ أَجْخَى وأَجْخَرُ إِذَا كَانَ قَلِيلَ لَحْمِ الْفَخِذَيْنِ وَفِيهِمَا تَخاذُلٌ مِنَ الْعِظَامِ وتَفَاحُجٌ. وجَخَّى الليلُ: مالَ فَذَهَبَ. وجَخَّى الليلُ تَجْخِيَة إِذَا أَدْبر. والتَّجْخِيَة: المَيْلُ. وجَخَّت النجومُ: مَالَتْ، وَعَمَّ أَبو عُبَيْدَةَ بِهِ جَمِيعَ الْمَيْلِ. وجَخَا بِرِجْلِهِ: كَخَجَا؛ حَكَاهُمَا ابْنُ دُرَيْدٍ مَعًا. وجَخَوْت الكُوز فَتَجَخَّى: كَبَبْتُهُ فَانْكَبَّ؛ هَذِهِ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

حُذَيْفَةَ حِينَ وَصَفَ الْقُلُوبَ فَقَالَ: وقلبٌ مُرْبَدٌّ كالكُوزِ مُجَخِّياً، وأَمالَ كفَّه

، أَي مَائِلًا؛ والمُجَخِّي: المائِل عَنِ الِاسْتِقَامَةِ وَالِاعْتِدَالِ، فَشَبَّهَ القلبَ الَّذِي لَا يَعِي خَيْرًا بِالْكُوزِ الْمَائِلِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْءٌ لأَن الْكُوزَ إِذَا مَالَ انْصَبَّ مَا فِيهِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدٍ:

كَفَى سَوْأَةً أَن لَا تزالَ مُجَخِّياً

إِلَى سَوْأَةٍ وَفْراءَ، فِي استِكَ عُودُها

وَيُقَالُ: جَخَّى إِلَى السَّوْأَةِ أَي مَالَ إِلَيْهَا. وَيُقَالُ لِلشَّيْخِ إِذَا حَنَاهُ الْكِبَرُ: قَدْ جَخَّى وجَخَّى الشَّيْخُ: انْحنى؛ وَقَالَ آخَرُ:

لَا خَيْرَ فِي الشَّيْخِ إِذَا مَا جَخَّا،

وسَالَ غَرْبُ عَيْنِه ولَخَّا

وَكَانَ أَكْلًا قَاعِدًا وشَخَّا،

تحتَ رُواقِ الْبَيْتِ يَغْشَى الذُّخَّا

وانْثَنَتِ الرِّجل فَصَارَتْ فَخَّا،

وصارَ وَصْلُ الغَانِياتِ أَخَّا

وَيُرْوَى:

لَا خيرَ فِي الشَّيْخِ إِذَا مَا اجْلَخَّا

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ إِذَا سَجَدَ جَخَّى فِي سُجُودِهِ

أَي خَوَّى ومَدَّ ضَبُعَيْهِ وتجافَى عَنِ الأَرض. وَقَدْ

ص: 133

جَخَّ وجَخَّى إِذَا خَوَّى فِي سُجُودِهِ، وَهُوَ أَن يَرْفَعَ ظَهْرَهُ حَتَّى يُقلَّ بَطْنَهُ عَنِ الأَرض. وَيُقَالُ: جَخَّى إِذَا فَتَح عَضُديه فِي السُّجُودِ، وَهُوَ مِثْلُ جَخَّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. أَبو عَمْرٍو: جَخَّى عَلَى المِجْمَر وتَجَخَّى وجَبَّى وتَجَبَّى وتَشَذَّى إذا تَبَخَّر.

جدا: الجَدَا، مَقْصُورٌ: المَطَرُ الْعَامُّ. وغيثٌ جَداً: لَا يُعرف أَقصاه، وَكَذَلِكَ سماءٌ جَداً؛ تَقُولُ الْعَرَبُ: هَذِهِ سماءٌ جَدًا مَا لَهَا خَلَفٌ، ذكَّروه لأَن الجَدَا فِي قُوَّةِ الْمَصْدَرِ. ومَطَرٌ جَدًا أَي عَامٌّ. وَيُقَالُ: أَصابنا جَداً أَي مَطَرٌ عَامٌّ. وَيُقَالُ: إِنَّهَا لسماءٌ جَداً مَا لَهَا خَلَفٌ أَي وَاسِعٌ عَامٌّ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: إِنَّ خَيْرَهُ لَجَداً عَلَى النَّاسِ أَي عَامٌّ وَاسِعٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الجَدَا يُكْتَبُ بِالْيَاءِ والأَلف. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:

اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيْثاً غَدَقاً وجَداً طَبَقاً

، وَمِنْهُ أُخِذ جَدَا العَطِيّةِ والجَدْوَى؛ وَمِنْهُ شِعْرُ خُفاف بْنُ نُدْبة السُّلَمي يَمْدَحُ الصِّدِّيقَ:

ليسَ لشَيءٍ غيرِ تَقْوَى جَداً،

وكلُّ خَلْقٍ عُمْرُه للفَنَا

هُوَ مِنْ أَجْدَى عَلَيْهِ يُجْدِي إِذَا أَعطاه. والجَدَا، مَقْصُورٌ: الجَدْوَى وَهُمَا الْعَطِيَّةُ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ، وَتَثْنِيَتُهُ جَدَوان وجَدَيان؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، فَجَدوانِ عَلَى الْقِيَاسِ، وجَدَيانِ عَلَى المُعاقبة. وخَيْرُه جَدًا عَلَى النَّاسِ: وَاسِعٌ. والجَدْوى: الْعَطِيَّةُ كالجَدَا، وَقَدْ جَدَا عَلَيْهِ يَجْدُو جَداً. وأَجْدَى فُلَانٌ أَي أَعطى. وأَجْدَاه أَي أَعطاه الجَدْوَى. وأَجْدَى أَيضاً أَي أَصاب الجَدْوَى، وَقَوْمٌ جُدَاةٌ ومُجْتَدُون، وَفُلَانٌ قَلِيلُ الجَدَا عَلَى قَوْمِهِ. وَيُقَالُ: مَا أَصَبْتُ مِنْ فُلَانٍ جَدْوَى قَطُّ أَي عَطِيَّةً؛ وَقَوْلُ أَبي الْعِيَالِ:

بَخِلَتْ فُطَيْمةُ بالَّذِي تُولِينِي

إلَّا الكلامَ، وقَلَّمَا تُجْدِينِي

أَراد تُجْدي عَلَيّ فَحَذَفَ حَرْفَ الْجَرِّ وأَوصل. وَرَجُلٌ جادٍ: سائِل عافٍ طالبٌ للجَدْوَى؛ أَنشد الْفَارِسِيُّ عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى:

إِلَيْهِ تَلْجَأُ الهَضَّاءُ طُرّاً،

فلَيْسَ بِقائِلٍ هُجْراً لِجَادِ

وَكَذَلِكَ مُجْتَدٍ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

لأُنْبِئْت أَنَّا نَجْتَدِي الحَمْدَ، إنَّمَا

تَكَلَّفُهُ مِن النُّفوسِ خِيارُها

أَي تطلُب الْحَمْدَ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

إنِّي لَيَحْمَدُنِي الخَلِيلُ إِذَا اجْتَدَى

مَالِي، ويَكْرَهُني ذَووُ الأَضْغَانِ

والجَادِي: السائلُ العافِي؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

أَما عَلِمْتَ أَنَّني مِنْ أُسْرَهْ

لَا يَطْعَمُ الجَادِي لَدَيْهِم تَمْرَهْ؟

وَيُقَالُ: جَدَوْتُه سأَلته وأَعطيته، وَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

جَدَوتُ أُناساً مُوسِرينَ فَمَا جَدَوْا،

أَلا اللهَ فاجْدُوهُ إِذَا كُنتَ جَادِيَا

وجَدَوْته جَدْواً وأَجْدَيْته واسْتَجْدَيْته، كلُّه بِمَعْنَى: أَتيته أَسأَله حَاجَةً وَطَلَبْتُ جَدْواه؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:

جِئْنا نُحَيِّيكَ ونَسْتَجْدِيكا

مِن نائِل اللهِ الّذِي يُعْطِيكَا

وَفِي حَدِيثِ

زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنه كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَسْتَعْطِفُهُ

ص: 134

لأَهل الْمَدِينَةِ وَيَشْكُو إِلَيْهِ انْقِطَاعَ أَعْطِيَتهم والمِيرَةِ عَنْهُمْ وَقَالَ فِيهِ: وَقَدْ عَرَفوا أَنَّه لَيْسَ عندَ مَرْوان مالٌ يُجَادُونَهُ عَلَيه

؛ المُجادَاةُ: مُفَاعَلَةٌ مِنْ جَدَا واجْتَدَى واسْتَجْدَى إِذَا سأَل، مَعْنَاهُ لَيْسَ عِنْدَهُ مَالٌ يُسَائِلُونَهُ عَلَيْهِ؛ وَقَوْلُ أَبي حَاتِمٍ:

أَلا أَيُّهَذَا المُجْتَدِينا بِشَتْمِهِ،

تأَمَّلْ رُوَيْداً، إنَّني مَنْ تَعَرَّفُ

لَمْ يُفَسِّرْهُ ابْنُ الأَعرابي؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه أَراد أَيُّهذا الَّذِي يَسْتَقْضِينَا حَاجَةً أَو يسأَلنا وَهُوَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ يَعِيبُنا وَيَشْتُمُنَا. وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَجْتَدِي فُلَانًا ويَجْدُوه أَي يسأَله. والسُّؤَّالُ الطَّالِبُونَ يُقَالُ لَهُمُ المُجْتَدُون. وجَدَيته: طَلَبْتُ جَدْواه، لُغَةٌ فِي جَدَوْتُه. والجَداءُ: الغَنَاءُ، مَمْدُودٌ. وَمَا يُجْدي عَنْكَ هَذَا أَي مَا يُغْني. وَمَا يُجْدِي عليَّ شَيْئًا أَي مَا يُغْني. وَفُلَانٌ قَلِيلُ الجَدَاءِ عَنْكَ أَي قَلِيلُ الغَنَاء والنفْعِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ العَجْلانِ:

لَقَلَّ جَدَاء عَلَى مَالِكٍ،

إِذَا الحَرْب شبَّتْ بِأَجْذالِها

وَيُقَالُ مِنْهُ: قلَّمَا يُجْدي فُلَانٌ عَنْكَ أَي قَلَّمَا يُغْنِي. والجُدَاءُ، مَمْدُودٌ: مَبْلَغُ حِسَابِ الضَّرْبِ، ثلاثةٌ فِي اثْنَيْنِ جُداءُ ذَلِكَ سِتَّةٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والجُدَاءُ مَبْلَغُ حِسَابِ الضَّرْبِ كَقَوْلِكَ ثَلَاثَةٌ فِي ثلاثة جُداؤُها تسعة. ولا يأْتيك جَدَا الدَّهْرِ أَي آخرَه. وَيُقَالُ: جَدَا الدَّهْرِ أَي يَدَ الدَّهْرِ أَي أَبَداً. والجَدْيُ: الذَّكَرُ مِنْ أَولاد المَعَز، وَالْجَمْعُ أَجْدٍ وجِدَاءٌ، وَلَا تَقُلِ الجَدَايا، وَلَا الجِدَى، بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَإِذَا أَجْذَع الجَدْي والعَناقُ يُسَمَّى عَريضاً وعَتُوداً. وَيُقَالُ للجَدْيِ: إمَّرٌ وإمَّرة وهِلَّعٌ وهِلَّعة. قَالَ: والعُطْعُط الجَدْيُ. وَنَجْمٌ فِي السَّمَاءِ يُقَالُ لَهُ الجَدْيُ قَرِيبٌ مِنَ القُطْب تُعْرَفُ بِهِ القِبْلة، والبُرْجُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الجَدْي بِلِزْقِ الدَّلْو وَهُوَ غَيْرُ جَدْيِ الْقُطْبِ. ابْنُ سِيدَهْ: والجَدْي مِنَ النُّجُومِ جَدْيانِ: أَحدهما الَّذِي يَدُورُ مَعَ بَنَاتِ نَعْشٍ، وَالْآخَرُ الَّذِي بِلِزْقِ الدَّلْوِ، وَهُوَ مِنَ الْبُرُوجِ، وَلَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ، وَكِلَاهُمَا عَلَى التَّشْبِيهِ بالجَدْي فِي مَرآة الْعَيْنِ. والجَدَايَةُ والجِدَايَةُ جَمِيعًا: الذَّكَرُ والأُنثى مِنْ أَولاد الظِّباء إِذَا بَلَغَ سِتَّةَ أَشهر أَو سَبْعَةً وعَدَا وتشدَّد، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الذَّكَرَ مِنْهَا. غَيْرُهُ: الجِدَايَةُ بِمَنْزِلَةِ العَناق مِنَ الْغَنَمِ، قَالَ جِرانُ العَوْد وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ الْحَرْثِ:

لَقَدْ صَبَحْت حَمَلَ بْنَ كُوزِ

عُلالةً مِنْ وَكَرَى أَبُوزِ

تُريحُ، بَعْدَ النَّفَسِ المَحْفُوزِ،

إراحةَ الجِدَايَةِ [الجَدَايَةِ] النَّفُوزِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أُتِيَ رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، بجَدَايا وضَغابِيسَ

؛ هِيَ جَمْعُ جَدَايَة مِنْ أَولاد الظِّباء. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:

فَجَاءَهُ بجَدْيٍ وجَدَايَة.

والجَدْيَةُ والجَدِيَّةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الْكِسَاءِ الْمَحْشُوَّةُ تَحْتَ دَفَّتَي السَّرْجِ وظَلِفَةِ الرَّحْل، وَهُمَا جَدِيَّتانِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْجَمْعُ جَداً وجَدَياتٌ، بِالتَّحْرِيكِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الجَدِيَّةُ، عَلَى فَعِيلَةٍ وَالْجَمْعُ الجَدَايا. قَالَ: وَلَا تَقُلْ جَدِيدَةٌ وَالْعَامَّةُ تَقُولُهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ وَالْجَمْعُ جَداً قَالَ: صَوَابُهُ وَالْجَمْعُ جَدْيٌ مِثْلُ هَدْيةٍ وهَدْيٍ وشَرْيةٍ وشَرْيٍ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ جَمْعُ الجَدْيَةِ

ص: 135

جَدَيات، قَالَ: وَلَمْ يكسِّرُوا الجَدْيَة عَلَى الأَكثر اسْتِغْنَاءً بِجَمْعِ السَّلَامَةِ إِذْ جَازَ أَن يَعْنُوا الكثيرَ، يَعْنِي أَن فعْلة قَدْ تُجْمع فَعَلاتٍ يُعْنَى بِهِ الأَكثر كَمَا أَنشد لحَسّانَ:

لَنَا الجَفَناتُ

وجَدَّى الرَّحْلَ: جَعَلَ لَهُ جَدْيَةً، وَقَدْ جَدَّيْنا قَتَبَنا بجَدِيَّةٍ. وَفِي حَدِيثِ

مَرْوَانَ: أَنه رَمَى طَلْحةَ بْنَ عُبَيْد اللَّهِ يَوْمَ الجَمَل بِسَهْمٍ فَشَكَّ فَخِذَهُ إِلَى جَدْيَةِ السَّرْجِ.

وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي أَيوب: أُتِيَ بِدَابَّةٍ سَرْجُها نُمُور فنَزَع الصُّفَّةَ

يَعْنِي المِيثَرَةَ، فَقِيلَ: الجَدَياتُ نُمُور، فَقَالَ: إِنَّمَا يُنْهَى عَنِ الصُّفَّةِ. والجَدِيَّة: لَوْنُ الوَجْه، يُقَالُ: اصْفَرَّتْ جَدِيَّةُ وَجْهِهِ؛ وأَنشد:

تَخالُ جَدِيَّةَ الأَبْطالِ فِيهَا،

غَداةَ الرَّوْعِ، جَادِيّاً مَدُوفا

والجَادِيُّ: الزَّعْفَرَانُ. وجَادِيَةُ: قَرْيَةٌ بِالشَّامِ يَنْبُتُ بِهَا الزَّعْفَرَانُ، فَلِذَلِكَ قَالُوا جادِيٌّ. والجَدِيَّةُ مِنَ الدَّم: مَا لَصِقَ بالجَسد، والبَصِيرَةُ: مَا كَانَ عَلَى الأَرض. وَتَقُولُ: هَذِهِ بَصِيرةٌ مِنْ دَم وجَدِيَّة مِنْ دَمٍ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الجَدِيَّة الدَّمُ السَّائِلُ، فأَما البَصِيرة فَإِنَّهُ مَا لَمْ يَسِلْ. وأَجْدَى الجُرْحُ: سَالَتْ مِنْهُ جَدِيَّةٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

وإنْ أَجْدَى أَظلَّاها ومَرَّتْ،

لمَنْهَبِها، عَقامٌ خَنْشَلِيلُ «2»

. وَقَالَ عَبَّاسُ بنُ مِرْداسٍ:

سُيول الجَدِيَّةِ جَادَتْ،

مُراشاة كُلِّ قَتِيل قَتِيلا

«3» . سُلَيْمٌ وَمَنْ ذَا مِثْلُهُمْ،

إِذَا مَا ذَوُو الفَضْل عَدُّوا الفُضُولا

مُرَاشَاةُ أَي يُعْطِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ الرِّشْوَةِ، مأْخوذ مِنْ جَدِيَّة وجَدِيَّات لأَنه مِنْ بَابِ النَّاقِصِ مِثْلُ هَدِيَّة وهَدِيّات، أَراد جَدِيَّة الدَّمِ. والجَدِيَّة أَيضاً: طَرِيقَةٌ مِنَ الدَّمِ، وَالْجَمْعُ جَدَايا. وَفِي حَدِيثِ

سَعْدٍ قَالَ: رَمَيْتُ يَوْمَ بَدْرٍ سُهَيْلَ بنَ عَمْرٍو فَقَطَعْتُ نَسَاهُ فانْثَعَبَت جَدِيَّة الدَّمِ

؛ هِيَ أَول دَفْعَةٍ مِنَ الدَّمِ، وَرَوَاهُ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَانْبَعَثَ جَدِيَّة الدَّمِ؛ قِيلَ: هِيَ الطَّرِيقَةُ مِنَ الدَّمِ تُتَّبع ليُقْتَفَى أَثَرُها. والجَادِي: الْجَرَادُ لأَنه يَجْدِي كُلَّ شَيْءٍ أَي يأْكله؛ قَالَ عَبْدُ مَنَافٍ الْهُذَلِيُّ:

صَابوا بِسِتَّةِ أَبْياتٍ ووَاحِدَة،

حتَّى كأَنَّ عَلَيها جادِياً لُبَدا

وجَدْوى: اسْمُ امْرَأَةٍ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

شَطَّ المَزارُ بِجَدْوَى وانْتَهَى الأَمَلُ

جذا: جَذا الشيءُ يَجْذُو جَذْواً وجُذُوّاً وأَجْذَى، لُغَتَانِ كِلَاهُمَا: ثَبَتَ قَائِمًا، وَقِيلَ: الجَاذِي كالجَاثي. الْجَوْهَرِيُّ: الجَاذِي المُقْعِي مُنْتَصِبَ الْقَدَمَيْنِ وَهُوَ عَلَى أَطراف أَصابعه؛ قَالَ النُّعْمَانُ بْنُ نَضْلة الْعَدَوِيُّ وَكَانَ عُمَرُ، رضي الله عنه، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَيْسان:

فَمنْ مُبْلغُ الحَسْناءِ أَنَّ خلِيلَها،

بِمَيْسانَ، يُسْقَى فِي قِلال وحَنْتَمِ؟

إِذَا شِئْتُ غَنَّتْني دَهاقِينُ قَرْيةٍ،

وصَنَّاجةٌ تَجْذُو عَلَى كُلِّ مَنْسِم

(2). قوله [لمنهبها] هكذا في الأصل والمحكم هنا، وأنشده في مادة عقم لمنهلها تبعاً للمحكم أيضاً (3). قوله [سيول الجَدِيَّة إلخ] هذان البيتان هكذا في الأَصل، وكذا قوله بعد [مَأْخُوذٌ مِنْ جَدِيَّة وجَدِيَّات]

ص: 136

فإنْ كُنْتَ نَدْماني فبالأَكْبَر اسْقِني،

ولا تَسْقِنِي بالأَصْفَرِ المُتَثَلِّمِ

لعلَّ أَميرَ المؤمنينَ يسوءُهُ

تَنادُمُنا فِي الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ

فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ ذَلِكَ قَالَ: إِي وَاللَّهُ يسوءني وأَعز لك وَيُرْوَى:

وصنَّاجة تَجْذُو عَلَى حَرْفِ مَنسِم

وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الجُذُوُّ على أَطرف الأَصابع والجُثُوُّ عَلَى الرُّكَب. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الجَاذِي عَلَى قَدَمَيْهِ، وَالْجَاثِي عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وأَما الْفَرَّاءُ فَإِنَّهُ جَعَلَهُمَا وَاحِدًا. الأَصمعي: جثَوْت وجَذَوْت وَهُوَ الْقِيَامُ عَلَى أَطراف الأَصابع، وَقِيلَ: الجَاذِي الْقَائِمُ عَلَى أَطراف الأَصابع؛ وقال أَبو دواد يَصِفُ الْخَيْلَ:

جَاذِيات عَلَى السَّنَابِكِ قد أَنْحَلَهُنَّ

الإِسْراجُ والإِلْجَامُ

وَالْجَمْعُ جِذاءٌ مِثْلُ نائِم ونِيام؛ قَالَ المَرَّار:

أَعَانٍ غَرِيبٌ أَم أَمِيرٌ بأَرْضها،

وحَوْلِيَ أَعْدَاءٌ جِذَاءٌ خُصُومُها؟

وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: جَذَا وجَثَا لُغَتَانِ، وأَجْذَى وجَذَا بِمَعْنَى إِذَا ثَبَتَ قَائِمًا. وَكُلُّ مَنْ ثَبَتَ عَلَى شَيْءٍ فَقَدْ جَذَا عَلَيْهِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ جَمِيلٍ الأَسدي:

لَمْ يُبْقِ مِنْهَا سَبَلُ الرَّذاذِ

غيرَ أَثافي مِرْجَلٍ جَوَاذِ

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: ف جَذَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ

أَي جَثا. قَالَ ابْنُ الأَثير: إِلَّا أَنه بِالذَّالِ أَدلُّ عَلَى اللُّزُومِ وَالثُّبُوتِ مِنْهُ بِالثَّاءِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُقَالُ جَذَا مِثْلُ جَثا، واجْذَوَى مَثَلُ ارْعَوَى فَهُوَ مُجْذَوٍ؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الحَكَم:

نَدَاكَ عَنِ المَوْلى ونَصْرُكَ عاتِمٌ،

وأَنتَ لهُ بالظُّلْمِ والفُحْشِ مُجْذَوي

قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَيْسَتِ الثَّاءُ بَدَلًا مِنَ الذَّالِ بَلْ هُمَا لُغَتَانِ. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كالخامَةِ مِنَ الزَّرْعِ تُفَيِّئُها الريحُ مَرَّةً هُنَاكَ وَمَرَّةً هُنَا، ومثَلُ الْكَافِرِ كالأَرْزَة المُجْذِيَةِ عَلَى وَجْهِ الأَرض حَتَّى يكونَ انْجِعافُها بمَرَّةٍ

، أَي الثَّابِتَةُ المُنْتَصِبة؛ يُقَالُ: جَذَتْ تَجْذو وأَجْذَتْ تُجْذي، والخامَةُ مِنَ الزَّرْعِ: الطَّاقَةُ مِنْهُ، وتُفَيِّئُها: تَجِيءُ بِهَا وتَذْهب، والأَرْزَةُ: شَجَرَةُ الصَّنَوْبر، وَقِيلَ: هُوَ العَرْعَر، والانْجِعافُ: الانْقِلاعُ والسقوطُ، والمُجْذِيَة: الثَّابِتَةُ عَلَى الأَرض. قَالَ الأَزهري: الإِجْذاء فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَازِمٌ، يُقَالُ: أَجْذَى الشيءُ يُجْذي وجَذَا يَجْذُو جُذُوّاً إِذَا انْتَصَبَ وَاسْتَقَامَ، واجْذَوْذَى اجْذِيذاءً مِثْلُهُ. والمُجْذَوْذِي: الَّذِي يُلَازِمُ الرَّحْلَ وَالْمَنْزِلَ لَا يُفَارِقُهُ؛ وأَنشد لأَبي الْغَرِيبِ النصْري:

أَلسْتَ بمُجْذَوذٍ عَلَى الرَّحْلِ دائِبٍ؟

فَمَا لَكَ، إِلَّا مَا رُزِقْتَ، نَصيبُ

وَفِي حَدِيثِ

فَضالة: دخلتُ عَلَى عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوان وَقَدْ جَذَا مِنْخَرَاهُ وشَخَصَت عَيْناه فعَرَفْنا مِنْهُ الْمَوْتَ

، أَي انْتَصبَ وامتَدَّ. وتَجَذَّيْتُ يَوْمِي أَجمعَ أَي دَأَبْتُ. وأَجْذَى الحجرَ: أَشاله، والحجَرُ مُجْذىً. والتَّجَاذِي فِي إشالةِ الْحَجَرِ: مِثْلُ التَّجاثي. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنه: مَرَّ بقومٍ يُجْذُونَ حجَراً

أَي يُشِيلونه وَيَرْفَعُونَهُ،

وَيُرْوَى: وهُمْ يَتَجَاذَوْنَ مِهْراساً

؛ المِهْراس: الْحَجَرُ الْعَظِيمُ الَّذِي يُمْتَحَن بِرَفْعِهِ قُوَّةُ

ص: 137

الرَّجُلِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: مَرَّ بقومٍ يتَجاذَبُون حجَراً

،

وَيُرْوَى يُجْذُون

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الإِجْذاءُ إِشَالَةُ الْحَجَرِ لتُعرف بِهِ شدَّةُ الرَّجُلِ، يُقَالُ: هُمْ يُجْذُون حَجَرًا ويَتَجَاذَوْنه. أَبو عُبَيْدٍ: الإِجْذاء فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاقِعٌ؛ وأَما قَوْلُ الرَّاعِي يَصِفُ نَاقَةً صُلْبة:

وبازِل كعَلاةِ القَيْنِ دَوْسَرَةٍ،

لَمْ يُجْذِ مِرْفَقُها فِي الدَّفِّ منْ زَوَرِ

فَإِنَّهُ أَراد لَمْ يَتَبَاعَدْ مِنْ جَنْبِهِ مُنْتَصِبًا مِنْ زَوَرٍ وَلَكِنْ خِلْقةً. وأَجْذَى طرْفَه: نصَبَه وَرَمَى بِهِ أَمامه؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ الْهُذَلِيُّ:

صَدْيان أَجْذَى الطَّرْفَ فِي مَلْمومة،

لوْنُ السَّحابِ بِهَا كَلَوْنِ الأَعْبَل

وتَجاذَوْهُ: ترابَعوه ليَرْفَعوه. وجَذَا القُرادُ فِي جَنْب الْبَعِيرِ جُذُوّاً: لَصِق بِهِ وَلَزِمَهُ. وَرَجُلٌ مُجْذَوْذٍ: مُتَذلِّل؛ عَنِ الهَجَريِّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِذَا صحَّت اللَّفْظَةُ عَنِ الْعَرَبِيِّ فَهُوَ عِنْدِي مِنْ هَذَا كأَنه لَصِقَ بالأَرض لِذُلِّه. ومِجْذَاء الطَّائِرِ: مِنْقارُه؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ يَصِفُ ظَلِيمًا:

ومَرَّة بالحَدِّ مِنْ مِجْذَائِهِ «1»

. قَالَ: المِجْذَاءُ مِنقارُه، وأَراد أَنه يَنْزِعُ أُصول الْحَشِيشِ بِمِنْقَارِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري، المِجْذَاءُ عُودٌ يُضرب بِهِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

ومَهْمَهٍ لِلرَّكْبِ ذِي انْجِياذِ،

وَذِي تَبارِيحَ وَذِي اجْلِوَّاذِ

«2» . لَيْسَ بذِي عِدّ وَلَا إخَاذِ،

غَلَّسْتُ قَبْلَ الأَعْقَدِ الشَّمّاذِ

قَالَ: لَا أَدري انْجِيَاذٌ أَم انْجِبَاذٌ. وَفِي النَّوَادِرِ: أَكلنا طَعَامًا فجَاذَى بينَنا وَوَالَى وتابَع أَي قَتَلَ بعْضَنا عَلَى إثْر بعضٍ. وَيُقَالُ: جَذَيْتُه عنه وأَجْذَيْتُه عَنْهُ أَي منَعْته؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ يَصِفُ جِمَالًا:

عَلَى كلِّ مَوَّارٍ أَفانينُ سَيْرِه،

شُؤُوٌّ لأَبْواعِ الجَوَاذِي الرَّواتِكِ

قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: الجَوَاذِي السِّراعُ اللَّواتي لَا يَنْبَسِطن مِنْ سُرْعتهن. وَقَالَ أَبو لَيْلَى: الجَوَاذِي الَّتِي تَجْذُو فِي سَيْرِهَا كأَنها تَقْلَع السيرَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف جَذَا أَسرع وَلَا جَذَا أَقْلَع. وَقَالَ الأَصمعي: الجَواذِي الإِبلُ السِّراع اللَّاتِي لَا يَنْبَسِطْنَ فِي سَيْرِهِنَّ وَلَكِنْ يَجْذُون ويَنْتَصِبْنَ. والجِذْوَة والجَذْوة والجُذْوَة: القَبَسة مِنَ النَّارِ، وَقِيلَ: هِيَ الجَمْرة، وَالْجَمْعُ جِذاً وجُذاً، وَحَكَى الْفَارِسِيُّ جِذَاءٌ، مَمْدُودَةً، وَهُوَ عِنْدَهُ جَمْعُ جَذْوَة فيُطابقُ الجمعَ الغالِبَ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْآحَادِ. أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل: أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ

؛ الجِذْوَة مِثْلُ الجِذْمَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ الْغَلِيظَةُ مِنَ الْخَشَبِ لَيْسَ فِيهَا لَهَبٌ. وَفِي الصِّحَاحِ: كأنَّ فِيهَا نَارًا وَلَمْ يَكُنْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ

أَي قِطْعَةٌ مِنَ الْجَمْرِ، قَالَ: وَهِيَ بِلُغَةِ جَمِيعِ الْعَرَبِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ: الجَذْوَة عُودٌ غَلِيظٌ يَكُونُ أَحدُ رأْسَيْه جَمْرةً والشهابُ دُونَهَا فِي الدِّقَّةِ. قَالَ: والشُّعْلة مَا كَانَ فِي سِرَاجٍ أَوْ فِي فَتِيلَةٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ: جِذْوَة مِنَ النَّارِ وجِذًى وَهُوَ الْعُودُ الْغَلِيظُ يُؤْخَذُ فِيهِ نَارٌ. وَيُقَالُ لأَصل الشَّجَرَةِ: جِذْيَة وجَذَاة. الأَصمعي: جِذْمُ كُلِّ شَيْءٍ وجِذْيُه أَصله. والجِذَاءُ: أُصولُ

(1). قوله [ومرة بالحد إلخ] عجزه كما في التكملة:

عن ذبح التلع وعنصلائه

وذبح كصرد، والتلع بفتح فسكون، وعنصلائه بضم العين والصاد

(2)

. قوله [ومهمه إلخ] هكذا في الأصل وانظر الشاهد فيه

ص: 138

الشَّجَرِ العظامُ العادِيَّةُ الَّتِي بَلِيَ أَعلاها وبَقِيَ أَسفلُها؛ قَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبل:

باتَتْ حَوَاطِبُ ليْلى يَلْتَمِسْنَ لَهَا

جَزْلَ الجِذَا غَيرَ خَوَّارٍ وَلَا دَعِرِ

وَاحِدَتُهُ جَذَاةٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ أَبو حَنِيفَةَ لَيْسَ هَذَا بِمَعْرُوفٍ وَقَدْ وَهِمَ أَبو حَنِيفَةَ لأَن ابْنَ مُقْبِلٍ قَدْ أَثبته وهُوَ مَنْ هُوَ. وَقَالَ مرَّة: الجَذَاةُ مِنَ النَّبْتِ لَمْ أَسمع لَهَا بتَحْلِيَةٍ، قَالَ: وَجَمْعُهَا جِذَاءٌ؛ وأَنشد لِابْنِ أَحمر:

وَضَعْنَ بِذِي الجَذَاةِ فُضُولَ رَيْطٍ،

لِكَيْما يَخْتَدِرْنَ ويَرْتَدِينا

وَيُرْوَى: لِكَيْمَا يَجْتَذِينَ. ابْنُ السِّكِّيتِ: وَنَبْتٌ يُقَالُ لَهُ الجَذَاةُ، يُقَالُ: هَذِهِ جَذَاة كَمَا تَرَى، قَالَ: فَإِنْ أَلقيت مِنْهَا الْهَاءَ فَهُوَ مَقْصُورٌ يُكْتَبُ بِالْيَاءِ لأَن أَوله مَكْسُورٌ. وَالْحِجَى: الْعَقْلُ، يُكْتَبُ بِالْيَاءِ لأَن أَوله مَكْسُورٌ. واللِّثَى: جَمْعُ لِثَةٍ، يُكْتَبُ بِالْيَاءِ. قَالَ: والقِضَة تُجْمَعُ القِضِين والقِضُون، وَإِذَا جَمَعْتَهُ عَلَى مِثَالِ البُرَى قُلْتَ القُضَى. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والجِذَاءُ، بِالْكَسْرِ، جَمْعُ جَذَاةٍ اسْمُ بِنْتٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

يَدَيْت عَلَى ابنِ حَسْحاسِ بنِ وَهْبٍ،

بأَسفلِ ذِي الجَذَاةِ، يَدَ الكَرِيمِ

رأَيت فِي بَعْضِ حَوَاشِي نُسْخَةٍ مِنْ نُسَخِ أَمالي ابْنِ بَرِّيٍّ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ قَالَ: هَذَا الشَّاعِرُ عَامِرُ بْنُ مُؤَالِهٍ «1» ، وَاسْمُهُ مَعْقِلٌ، وحَسْحاس هُوَ حَسْحاس بن وهْبِ ابنِ أَعْيا بْنِ طَرِيف الأَسَدِي. والجَاذِيَةُ: النَّاقَةُ الَّتِي لَا تَلْبَثُ إِذَا نُتجت أَن تَغْرِزَ أَي يقِلَّ لبنُها. اللَّيْثُ: رَجُلٌ جاذٍ وامرأَة جَاذِيَة بَيِّنُ الجُذُوِّ وَهُوَ قَصِيرُ الْبَاعِ؛ وأَنشد لِسَهْمِ بْنِ حَنْظَلَةَ أَحد بَنِي ضُبَيْعة بْنِ غَنِيِّ بْنِ أَعْصُر:

إِنَّ الخِلافةَ لَمْ تكنْ مَقصورة،

أَبَداً، عَلَى جَاذِي اليَدَيْنِ مُجَذَّرِ

يُرِيدُ: قَصِيرُهُمَا، وَفِي الصِّحَاحِ: مُبَخَّل. الْكِسَائِيُّ: إِذَا حَمَلَ وَلَدُ النَّاقَةِ فِي سَنَامِهِ شَحْمًا قِيلَ أَجْذَى، فَهُوَ مُجْذٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الْخَنْسَاءِ:

يُجْذِينَ نَيّاً وَلَا يُجْذِينَ قِرْدانا

يُجْذِينَ الأَوَّلُ مِنَ السِّمَنِ، ويُجْذِين الثَّانِي مِنَ التَّعَلُّقِ. يُقَالُ: جَذَى القُراد بالجَمَل تَعَلَّقَ. والجَذَاةُ: موضع.

جَرَا: الجِرْوُ والجرْوةُ: الصَّغِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى مِنَ الحَنْظل وَالْبِطِّيخِ والقِثَّاء والرُّمان وَالْخِيَارِ والباذِنجان، وَقِيلَ: هُوَ مَا اسْتَدَارَ مِنْ ثِمَارِ الأَشجار كَالْحَنْظَلِ وَنَحْوِهِ، وَالْجَمْعُ أَجْرٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أُهْديَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قِناعٌ مِنْ رُطَبٍ وأَجْرٍ زُغْبٍ

؛ يَعْنِي شَعارِيرَ القِثَّاء. وَفِي حَدِيثٍ آخِرَ:

أَنه، صلى الله عليه وسلم، أُتِيَ بقِناع جِرْوٍ

، وَالْجَمْعُ الْكَثِيرُ جِراءٌ، وأَراد بِقَوْلِهِ أَجْرٍ زُغْبٍ صغارَ القِثَّاء المُزْغِب الَّذِي زِئبَرُه عَلَيْهِ؛ شُبِّهت بأَجْرِي السِّبَاعِ وَالْكِلَابِ لِرُطُوبَتِهَا، والقِناع: الطَّبَقُ. وأَجْرَتِ الشجرةُ: صَارَ فِيهَا الجِراءُ. الأَصمعي: إِذَا أَخرج الحنظلُ ثَمَرَهُ فَصِغَارُهُ الجِرَاءُ، وَاحِدُهَا جِرْوٌ، وَيُقَالُ لِشَجَرَتِهِ قَدْ أَجْرَتْ. وجِرْوُ الْكَلْبِ والأَسد وَالسِّبَاعِ وجَرْوُه وجُرْوُه كَذَلِكَ، وَالْجَمْعُ أَجْرٍ وأَجْرِيَةٌ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهِيَ نَادِرَةٌ، وأَجْرَاءٌ وجِرَاءٌ، والأُنثى جِرْوَة. وكَلْبة مُجْرٍ ومُجْرِيَة ذَاتُ جِرْوٍ وَكَذَلِكَ السَّبُعة أَي مَعَهَا جِرَاؤُها؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:

(1). قوله [ابن مؤاله إلخ] هكذا في الأصل

ص: 139

وتَجُرُّ مُجْرِيةٌ لَها

لَحْمَى إِلَى أَجْرٍ حَواشِبْ

أَراد بالمُجْرِيَة هاهنا ضَبُعاً ذَاتَ أَولاد صِغَارٍ، شَبَّهَهَا بِالْكَلْبَةِ المُجْرِية؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ للجُمَيْحِ الأَسَدِيّ وَاسْمُهُ مُنْقِذ:

أَمَّا إِذَا حَرَدَتْ حَرْدِي، فَمُجْرِيَةٌ

ضَبْطاءُ، تَسْكُنُ غِيلًا غَيْرَ مَقْرُوبِ

الْجَوْهَرِيُّ فِي جَمْعِهِ عَلَى أَجْرٍ قَالَ: أَصله أَجْرُوٌ عَلَى أَفْعُلٍ، قَالَ: وَجَمْعُ الجِرَاء أَجْرِيَةٌ. والجِرْوُ: وِعاءُ بِزْرِ الكَعابير، وَفِي الْمُحْكَمِ: بِزر الكعابير التي في رؤوس العِيدان. والجِرْوَة: النَّفْسُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا وَطَّنَ نَفْسَه عَلَى أَمرٍ: ضَرَب لِذَلِكَ الأَمرِ جِرْوَتَه أَي صَبَر لَه ووَطَّنَ عَلَيْهِ، وضَرَب جِرْوَةَ نَفْسه كَذَلِكَ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

فضَرَبْتُ جِرْوَتها وقُلْتُ لَهَا: اصْبِري،

وشَدَدتُ فِي ضَنْكِ المُقامِ إزَارِي

وَيُقَالُ: ضَرَبْتُ جِرْوَتي عَنْهُ وَضَرَبْتُ جِرْوَتي عَلَيْهِ أَي صَبَرْتُ عَنْهُ وَصَبَرْتُ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: أَلقى فُلَانٌ جِرْوَته إِذَا صَبَر عَلَى الأَمر. وَقَوْلُهُمْ: ضَرَبَ عَلَيْهِ جِرْوَته أَي وطَّن نَفْسَهُ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو عَمْرٍو يُقَالُ ضَرَبْتُ عَنْ ذَلِكَ الأَمر جِرْوَتي أَي اطْمأَنَّت نَفْسِي؛ وأَنشد:

ضَرَبْتُ بأَكْنافِ اللِّوَى عَنْكِ جِرْوَتي،

وعُلِّقْتُ أُخْرى لَا تَخُونُ المُواصِلا

والجِرْوَة: الثَّمَرَةُ أَوَّلَ مَا تَنْبُت غَضَّةً؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. والجُرَاوِيُّ: ماءٌ؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

أَلَا لَا أَرَى ماءَ الجُرَاوِيِّ شافِياً

صَدَايَ، وَإِنْ رَوَّى غَلِيلَ الرَّكائِب

وجِرْوٌ وجُرَيٌّ وجُرَيَّةُ: أَسماء: وَبَنُو جِرْوَة: بطنٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَكَانَ رَبِيعَةُ بْنِ عَبْدِ العُزَّى بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ يُقَالُ لَهُ جِرْوُ البَطْحاءِ. وجِرْوَةُ: اسْمُ فَرَسِ شدّادٍ العَبْسيّ أَبي عَنْتَرَةَ؛ قَالَ شَدَّادٌ:

فَمنْ يَكُ سَائِلًا عَنِّي، فإنِّي

وجِرْوَة لَا تَرُودُ وَلَا تُعارُ

وجِرْوَةُ أَيضاً: فَرَسُ أَبي قَتَادَةَ شَهِدَ عَلَيْهِ يَوْمَ السَّرْحِ.

وجَرَى الماءُ والدمُ وَنَحْوُهُ جَرْياً وجَرْيَةً وجَرَيَاناً، وَإِنَّهُ لحَسَنُ الجِرْيَةِ، وأَجْرَاه هُوَ وأَجْرَيْته أَنا. يُقَالُ: مَا أَشدَّ جِرْيَةَ هَذَا الْمَاءِ، بِالْكَسْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

وأَمسك اللَّهُ جِرْيَةَ الْمَاءِ

؛ هِيَ، بِالْكَسْرِ: حَالَةَ الْجَرَيَانِ؛ وَمِنْهُ: وعالَ قَلَمُ زَكَرِيَّا الجِرْيَةَ. وجَرَتِ الأَقْلامُ مَعَ جِرْيَةِ الْمَاءِ، كلُّ هَذَا بِالْكَسْرِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: إِذَا أَجْرَيْتَ الماءَ عَلَى الماءِ أَجْزَأَ عَنْكَ

؛ يُرِيدُ إِذَا صَبَبْتَ الْمَاءَ عَلَى الْبَوْلِ فَقَدْ طَهُر المحلُّ وَلَا حَاجَةَ بِكَ إِلَى غَسْلِهِ ودَلْكه. وجَرَى الفرسُ وغيرُه جَرْياً وجِراءً: أَجْراه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

يُقَرِّبُه للمُسْتضيفِ، إِذَا دَعا،

جِرَاءٌ وشَدٌّ، كالحَرِيقِ، ضَرِيجُ

أَراد جرْيَ هَذَا الرَّجُلِ إِلَى الحَرْب، وَلَا يَعْني فَرَساً لأَن هُذَيْلًا إنَّما همْ عَراجِلَةٌ رَجّالة. والإِجْرِيّا: ضَرْبٌ مِنَ الجَرْيِ؛ قَالَ:

غَمْرُ الأَجَارِيِّ مِسَحّاً مِهْرَجا

وَقَالَ رُؤْبَةُ:

غَمْرُ الأَجارِيِّ كَرِيم السِّنْحِ،

أَبْلَج لَمْ يُولَدْ بِنَجْمِ الشُّحِ

أَراد السِّنْخَ، فأَبدل الْخَاءَ حَاءً. وجَرَت الشمسُ وسائرُ النجومِ: سَارَتْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ.

ص: 140

والجَارِيَة: الشَّمْسُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لجَرْيِها مِنَ القُطر إِلَى القُطْر. التَّهْذِيبُ: والجَارِيَةُ عَيْنُ الشَّمْسِ فِي السَّمَاءِ، قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها

. والجَارِيَةُ: الرِّيحُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَيَوْماً تَراني فِي الفَرِيقِ مُعَقَّلًا،

وَيَوْمًا أُباري فِي الرِّيَاحِ الجَوَارِيَا

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ

؛ يَعْنِي النجومَ. وجَرَتِ السفينةُ جَرْياً كَذَلِكَ. والجَارِيَةُ: السَّفِينَةُ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ: حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ

، وَفِيهِ: وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ

، وَقَوْلُهُ عز وجل: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها

؛ هُمَا مَصْدَرَانِ مِنْ أُجْرِيَتِ السفينةُ وأُرْسِيَتْ، ومَجْرَاها ومَرْساها، بِالْفَتْحِ، مِنْ جَرَتِ السفينةُ ورَسَتْ؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:

وغَنِيتُ سَبْتًا قَبْلَ مَجْرَى داحِسٍ،

لَوْ كَانَ للنفسِ اللَّجُوجِ خُلُودُ

ومَجْرَى داحِسٍ كَذَلِكَ. اللَّيْثُ: الخَيْلُ تَجْرِي والرِّياح تَجْرِي والشمسُ تَجْرِي جَرْياً إِلَّا الْمَاءَ فَإِنَّهُ يَجْرِي جِرْيَةً، والجِرَاء لِلْخَيْلِ خَاصَّةً؛ وأَنشد:

غَمْر الجِرَاء إِذَا قَصَرْتَ عِنانَهُ

وَفَرَسٌ ذُو أَجَارِيَّ أَي ذُو فُنون فِي الجَرْيِ. وجَارَاه مُجَارَاةً وجِرَاءً أَي جَرَى مَعَهُ، وجَارَاه فِي الْحَدِيثِ وتَجَارَوْا فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ الرِّيَاءِ:

مَنْ طَلَبَ العِلْمَ ليُجَارِيَ بِهِ العُلَماءَ

أَي يَجْري مَعَهُمْ فِي المُناظرة والجِدال ليُظْهِرَ عِلْمَهُ إِلَى النَّاسِ رِيَاءً وسُمْعةً. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

تَتَجَارَى بِهِمُ الأَهْواءُ كَمَا يَتَجارَى الكَلَبُ بصاحِبهِ

أَي يَتَواقَعُون فِي الأَهْواء الْفَاسِدَةِ ويَتَدَاعَوْنَ فِيهَا، تَشْبِيهًا بِجَرْيِ الْفَرَسِ؛ والكَلَب، بِالتَّحْرِيكِ: دَاءٌ مَعْرُوفٌ يَعْرِضُ للكَلْب فَمَنْ عَضَّه قَتَله. ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ الأَخفش والمَجْرَى فِي الشِّعْرِ حَرَكَةُ حَرْفِ الرَّوِيِّ فتْحَتُه وضَمَّتُه وكَسْرتُه، وَلَيْسَ فِي الرَّوِيِّ الْمُقَيَّدِ مَجْرىً لأَنه لَا حَرَكَةَ فِيهِ فَتُسَمَّى مَجْرىً، وَإِنَّمَا سُمِّيَ ذَلِكَ مَجْرىً لأَنه مَوْضِعُ جَرْيِ حَرَكَاتِ الإِعراب وَالْبِنَاءِ. والمَجَارِي: أَواخِرُ الكَلِم، وَذَلِكَ لأَن حَرَكَاتِ الإِعراب وَالْبِنَاءِ إِنَّمَا تَكُونُ هُنَالِكَ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن الصَّوْتَ يَبْتَدِئُ بالجَرَيان فِي حُرُوفِ الْوَصْلِ مِنْهُ، أَلَا تَرَى أَنك إِذَا قُلْتَ:

قَتِيلان لَمْ يَعْلم لَنَا الناسُ مَصْرَعا

فَالْفَتْحَةُ فِي الْعَيْنِ هِيَ ابْتِدَاءُ جَرَيَانِ الصَّوْتِ فِي الأَلف؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُكَ:

يَا دارَ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَّندِ

تَجِدُ كَسْرَةَ الدَّالِ هِيَ ابْتِدَاءُ جَرَيَانِ الصَّوْتِ فِي الْيَاءِ؛ وَكَذَا قَوْلُهُ:

هُرَيْرةَ ودِّعْها وإنْ لامَ لائِمُ

تَجِدُ ضَمَّةَ الْمِيمِ مِنْهَا ابتداءَ جَرَيانِ الصَّوْتِ فِي الْوَاوِ؛ قَالَ: فأَما قَوْلُ سِيبَوَيْهِ هَذَا بَابُ مَجارِي أَواخر الكَلِم مِنَ الْعَرَبِيَّةِ، وَهِيَ تَجْرِي عَلَى ثَمَانِيَةِ مَجارٍ، فَلَمْ يَقْصُر المَجَارِيَ هُنَا عَلَى الْحَرَكَاتِ فَقَطْ كَمَا قَصَر الْعَرُوضِيُّونَ المَجْرَى فِي الْقَافِيَةِ عَلَى حَرَكَةِ حَرْفِ الرَّوِيِّ دُونَ سُكُونِهِ، لكنْ غَرَضُ صَاحِبِ الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ مَجَارِي أَواخر الْكَلِمِ أَي أَحوال أَواخر الْكَلِمِ وأَحكامها والصُّوَرِ الَّتِي تَتَشَكَّلُ لَهَا، فَإِذَا كَانَتْ أَحوالًا وأَحكاماً فسكونُ السَّاكِنِ حَالٌ لَهُ، كَمَا أَن حَرَكَةَ الْمُتَحَرِّكِ حَالٌ لَهُ أَيضاً، فَمِنْ هُنَا سَقَط تَعَقُّبُ مَنْ تَتَبَّعه فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ: كَيْفَ ذَكَرَ الْوَقْفَ وَالسُّكُونَ فِي المَجَارِي، وَإِنَّمَا المَجَارِي فِيمَا ظَنَّه الحركاتُ، وَسَبَبُ

ص: 141

ذَلِكَ خَفاءُ غَرَضِ صَاحِبِ الْكِتَابِ عَلَيْهِ، قَالَ: وَكَيْفَ يَجُوزُ أَن يُسَلط الظنُّ عَلَى أَقل أَتباع سِيبَوَيْهِ فِيمَا يَلْطُفُ عَنْ هَذَا الجليّ الواضح فضلًا عنه نفسِه فِيهِ؟ أَفتراه يُرِيدُ الْحَرَكَةَ وَيَذْكُرُ السُّكُونَ؟ هَذِهِ غَباوة مِمَّنْ أَوردها وَضَعْفُ نَظَرٍ وَطَرِيقَةٌ دَلَّ عَلَى سُلُوكِهِ إِيَّاهَا، قَالَ: أَوَلَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْمُتَتَبِّعُ بِهَذَا الْقَدْرِ قولَ الْكَافَّةِ أَنت تَجْرِي عِنْدِي مَجْرَى فُلَانٍ وَهَذَا جارٍ مَجْرَى هَذَا؟ فَهَلْ يُرَادُ بِذَلِكَ أَنت تَتَحَرَّكُ عِنْدِي بِحَرَكَتِهِ، أَو يُرَادُ صُورَتُكَ عِنْدِي صُورَتُهُ، وحالُك فِي نَفْسِي ومُعْتَقَدِي حالُه؟ والجَارِيَة: عينُ كُلِّ حَيَوَانٍ. والجَارِيَة: النِّعْمَةُ مِنَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

الأَرْزاق جَارِيَةٌ والأَعطياتُ دارَّة مُتَّصِلَةٌ

؛ قَالَ شِمْرٌ: هُمَا وَاحِدٌ يَقُولُ هُوَ دَائِمٌ. يُقَالُ: جَرَى لَهُ ذَلِكَ الشيءُ ودَرَّ لَهُ بِمَعْنَى دَامَ لَهُ؛ وَقَالَ ابنُ حَازِمٍ يَصِفُ امرأَة:

غَذَاها فارِضٌ يَجْرِي عَلَيْهَا،

ومَحْضٌ حينَ يَنْبَعِثُ العِشارُ

قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَمِنْهُ قَوْلُكَ أَجْرَيْتُ عَلَيْهِ كَذَا أَي أَدَمْتُ لَهُ. والجِرَايَةُ: الجارِي مِنَ الْوَظَائِفِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ إِذَا ماتَ الإِنسانُ انْقَطَعَ عَمَلُه إِلَّا مِنْ ثلاثٍ صَدَقةٍ جَارِيَةٍ

أَي دارَّة مُتَّصِلَةٍ كالوُقُوفِ المُرْصَدَةِ لأَبواب البِرِّ. والإِجْرِيَّا والإِجْرِيَّاءُ: الوَجْهُ الَّذِي تأَخذ فِيهِ وتَجْرِي عَلَيْهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ يَصِفُ الثَّوْرَ:

ووَلَّى، كنَصْلِ السَّيْفِ، يَبْرُقُ مَتْنُه

عَلَى كلِّ إجْرِيَّا يَشُقُّ الخَمائلا

وَقَالُوا: الكَرَمُ مِنْ إجْرِيَّاهُ وَمِنْ إِجْرِيَّائِه أَي مِنْ طَبيعته؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَذَلِكَ لأَنه إِذَا كَانَ الشَّيْءُ مِنْ طَبْعِهِ جَرَى إِلَيْهِ وجَرَنَ عَلَيْهِ. والإِجْرِيَّا، بِالْكَسْرِ: الجَرْيُ وَالْعَادَةُ مِمَّا تأْخذ فِيهِ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:

ووَلَّى بإجْرِيَّا وِلافٍ كأَنه،

عَلَى الشَّرَفِ الأَقْصَى، يُساطُ ويُكْلَبُ

وَقَالَ أَيضاً:

عَلَى تِلْكَ إِجْرِيَّايَ، وَهِيَ ضَريبَتي،

وَلَوْ أَجْلَبُوا طُرّاً عَلَيَّ وأَحْلَبُوا

وَقَوْلُهُمْ: فعلتُ ذَلِكَ مِنْ جَرَاكَ ومن جَرَائِكَ أَي مِنْ أَجلك لُغَةٌ فِي جَرَّاكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي النَّجْمِ:

فاضَتْ دُمُوعُ العينِ مِنْ جَرَّاها

وَلَا تَقُلْ مَجْراكَ. والجَرِيُّ: الوكيلُ: الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَيُقَالُ: جَرِيٌّ بَيِّنُ الجَرَايَةِ والجِرَايَةِ. وجَرَّى جَرِيّاً: وكَّلَه. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وَقَدْ يُقَالُ للأُنثى جَرِيَّة، بِالْهَاءِ، وَهِيَ قَلِيلَةٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْجَمْعُ أَجْرِياءُ. والجَرِيُّ: الرَّسُولُ، وَقَدْ أَجْرَاه فِي حَاجَتِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ:

تقَطَّعُ بَيْنَنَا الحاجاتُ، إلَّا

حَوائجَ يُحْتَمَلْنَ مَعَ الجَرِيّ

وَفِي حَدِيثِ

أُم إِسْمَاعِيلَ، عليه السلام: فأَرْسَلُوا جَرِيّاً

أَي رَسُولًا. والجَرِيُّ: الخادِمُ أَيضاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذَا المُعْشِياتُ مَنَعْنَ الصَّبُوحَ،

حَثَّ جَرِيُّكَ بالمُحْصَنِ

قَالَ: المُحْصَنُ: المُدَّخَرُ للجَدْب. والجَرِيُّ: الأَجير؛ عَنْ كُرَاعٍ. ابْنُ السِّكِّيتِ: إنِّي جَرَّيْتُ جَرِيّاً واسْتَجْرَيْتُ أَي وَكَّلْتُ وَكِيلًا. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنتَ الجَفْنةُ الغَرّاء، فَقَالَ قُولوا بقَوْلكم وَلَا

ص: 142

يَستَجرِيَنَّكُم الشيطانُ

أَي لَا يَسْتَغْلِبَنَّكُم؛ كَانَتِ الْعَرَبُ تَدْعُو السيدَ المِطْعامَ جَفْنةً لإِطعامه فِيهَا، وَجَعَلُوهَا غَرَّاءَ لِمَا فِيهَا مِنْ وَضَحِ السَّنامِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكم مِنَ الجَرِيِّ، وَهُوَ الْوَكِيلُ. تَقُولُ: جَرَّيْتُ جَرِيّاً واسْتَجْرَيْتُ جَرِيّاً أَي اتَّخَذْتُ وَكِيلًا؛ يَقُولُ: تَكَلَّموا بِمَا يَحْضُركم مِنَ الْقَوْلِ وَلَا تتَنَطَّعُوا وَلَا تَسْجَعُوا وَلَا تَتَكَلَّفُوا كأَنكم وُكَلَاءُ الشَّيْطَانِ ورُسُلُه كأَنما تَنْطِقُونَ عَنْ لِسَانِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَوْلُ الْقُتَيْبِيِّ وَلَمْ أَر الْقَوْمَ سَجَعُوا فِي كَلَامِهِمْ فَنَهَاهُمْ عَنْهَا، وَلَكِنَّهُمْ مَدَحُوا فكَرِهَ لَهُمُ الهَرْفَ فِي المَدْحِ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ، وَكَانَ ذَلِكَ تأْديباً لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ مِنَ الَّذِينَ يَمْدَحُونَ النَّاسَ فِي وُجُوهِهِمْ، وَمَعْنَى لَا يَسْتَجْرِيَنَّكم أَي لَا يَسْتتبعنكم فَيَتَّخِذَكُمْ جَرِيَّه ووكِيلَه، وَسُمِّيَ الوكيلُ جَرِيّاً لأَنه يَجْري مَجْرَى مُوَكِّله. والجَرِيُّ: الضامنُ، وأَما الجَرِيءُ المِقْدامُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْهَمْزِ. والجارِيَةُ: الفَتِيَّةُ مِنَ النِّسَاءِ بيِّنةُ الجَرَايَة والجَرَاءِ والجَرَى والجِرَاء والجَرَائِيَةِ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي. أَبو زَيْدٍ: جَارِيَةٌ بَيِّنَة الجَرَايَةِ والجَرَاء، وجَرِيّ بيِّنُ الجَرَايَةِ؛ وأَنشد الأَعشى:

والبِيضُ قَدْ عَنَسَتْ وطالَ جِرَاؤُها،

ونَشَأْنَ فِي قِنٍّ وَفِي أَذْوادِ

وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده والبيضِ، بالخفضِ، عَطَفَ عَلَى الشَّرْبِ فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ:

وَلَقَدْ أُرَجِّلُ لِمَّتي بعَشِيَّةٍ

للشَّرْبِ، قَبْلَ سَنابِك المُرْتادِ

أَي أَتزين للشَّرْبِ وللبِيضِ. وَقَوْلُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ فِي أَيام جَرَائها، بِالْفَتْحِ، أَي صِباها. والجِرِّيُّ: ضَرْبٌ مِنَ السَّمَكِ. والجِرِّيَّة: الحَوْصَلة، وَمَنْ جَعَلَهُمَا ثُنَائِيَيْنِ فَهُمَا فِعْلِيٌّ وفِعْلِيَّة، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ أَلْقِه فِي جِرِّيَّتِكَ، وَهِيَ الحَوْصلة. أَبو زَيْدٍ: هِيَ القِرِّيَّةُ والجِرِّيَّةُ والنَّوْطَةُ لِحَوْصَلَةِ الطَّائِرِ؛ هَكَذَا رَوَاهُ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ نَجْدَةَ بِغَيْرِ هَمْزٍ، وأَما ابنُ هَانِئٍ: فإِنه الجرِيئَةُ، مَهْمُوزٌ، لأَبي زيد.

جَزِيَ: الجَزاءُ: المُكافأَة عَلَى الشَّيْءِ، جَزَاه بِهِ وَعَلَيْهِ جَزَاءً وجَازَاه مُجَازَاةً وجِزَاءً؛ وَقَوْلُ الحُطَيْئة:

منْ يَفْعَلِ الخَيْرَ لَا يَعْدَمْ جَوَازِيَهُ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ جِنِّي: ظَاهِرُ هَذَا أَن تَكُونَ جَوَازِيَه جَمْعُ جازٍ أَي لَا يَعْدَم جَزاءً عَلَيْهِ، وجَازَ أَن يُجْمَع جَزَاءٌ عَلَى جَوَازٍ لِمُشَابَهَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ لِلْمَصْدَرِ، فَكَمَا جُمِعَ سَيْلٌ عَلَى سَوائِل كَذَلِكَ يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَوَازِيَهُ جَمْعَ جَزَاءٍ. واجْتَزَاه: طَلبَ مِنْهُ الجَزاء؛ قَالَ:

يَجْزُونَ بالقَرْضِ إِذا مَا يُجْتَزَى

والجَازِيَةُ: الجَزاءُ، اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ كالعافِية. أَبو الْهَيْثَمِ: الجَزَاءُ يَكُونُ ثَوَابًا وَيَكُونُ عِقَابًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ، قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ

؛ قَالَ: مَعْنَاهُ فَمَا عُقُوبته إِنْ بَانَ كَذِبُكم بأَنه لَمْ يَسْرِقْ أَي مَا عُقُوبة السَّرِقِ عِنْدَكُمْ إِن ظَهَر عَلَيْهِ؟ قَالُوا: جَزَاءُ السَّرِقِ عِنْدَنَا مَنْ وُجِدَ فِي رَحْله أَي الْمَوْجُودُ فِي رَحْلِهِ كأَنه قَالَ جَزاء السَّرِقِ عِنْدَنَا اسْتِرْقَاقُ السارِقِ الَّذِي يُوجَدُ فِي رَحْله سُنَّة، وَكَانَتْ سُنَّةَ آلِ يَعْقُوبَ. ثُمَّ وَكَّده فَقَالَ فَهُوَ جَزاؤُهُ

. وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ جَزَيْته وجازَيْته فَقَالَ: قَالَ الْفَرَّاءُ لَا يَكُونُ جَزَيْتُه إِلَّا فِي الْخَيْرِ وجَازَيْته يَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، قَالَ: وَغَيْرُهُ يُجِيزُ

ص: 143

جَزَيْتُه فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وجَازَيْتُه فِي الشَّرّ. وَيُقَالُ: هَذَا حَسْبُك مِنْ فُلَانٍ وجَازِيكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَهَذَا رجلٌ جَازِيكَ مِنْ رَجُلٍ أَي حَسْبُك؛ وأَما قَوْلُهُ:

جَزَتْكَ عَنِّي الجَوَازِي

فَمَعْنَاهُ جَزتْكَ جَوَازِي أَفعالِك الْمَحْمُودَةِ. والجَوَازِي: مَعْنَاهُ الجَزاء، جَمْعُ الجَازِية مَصْدَرٌ عَلَى فاعِلةٍ، كَقَوْلِكَ سَمِعْتُ رَوَاغِيَ الإِبل وثَوَاغِيَ الشاءِ؛ قَالَ أَبو ذؤَيب:

فإِنْ كنتَ تَشْكُو مِنْ خَليلٍ مَخانَةً،

فَتِلْكَ الجَوَازِي عُقْبُها ونَصِيرُها

أَي جُزِيتَ كَمَا فعَلْتَ، وَذَلِكَ لأَنه اتَّهَمه فِي خليلتِه؛ قَالَ القُطاميُّ:

وَمَا دَهْري يُمَنِّيني ولكنْ

جَزَتْكُمْ، يَا بَني جُشَمَ، الجَوَازِي

أَي جَزَتْكُم جَوازي حُقُوقكم وذِمامِكم وَلَا مِنَّةَ لِي عَلَيْكُمْ. الْجَوْهَرِيُّ: جَزَيْتُه بِمَا صنَعَ جَزاءً وجَازَيْتُه بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: جَازَيْتُه ف جَزَيْتُه أَي غَلَبْتُه. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ فلانٌ ذُو جَزَاءٍ وَذُو غَناءٍ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها

؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: ذَهَبَ الأَخفش إِلى أَن الْبَاءَ فِيهَا زَائِدَةٌ، قَالَ: وَتَقْدِيرُهَا عِنْدَهُ جَزاءُ سَيِّئَةٍ مثلُها، وإِنما اسْتَدَلَّ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها

؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَهَذَا مَذْهَبٌ حَسَنٌ وَاسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ إِلا أَن الْآيَةَ قَدْ تَحْتَمِلُ مَعَ صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ تأْويلين آخَرَيْنِ: أَحدهما أَن تَكُونَ الْبَاءُ مَعَ مَا بَعْدَهَا هُوَ الْخَبَرُ، كأَنه قَالَ جزاءُ سَيِّئَةٍ كائنٌ بِمِثْلِهَا، كَمَا تَقُولُ إِنما أَنا بِكَ أَي كائنٌ مَوْجُودٌ بِكَ، وَذَلِكَ إِذا صَغَّرت نَفْسَكَ لَهُ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُكَ: تَوَكُّلِي عَلَيْكَ وإِصغائي إِليك وتوَجُّهي نحوَك، فَتُخْبِرُ عَنِ المبتدإِ بِالظَّرْفِ الَّذِي فِعْلُ ذَلِكَ الْمَصْدَرِ يتَناوَلُه نَحْوَ قَوْلِكَ: تَوَكَّلْتُ عَلَيْكَ وأَصغيت إِليك وَتَوَجَّهْتُ نَحْوَكَ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الظروفَ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ أَخبار عَنِ الْمَصَادِرِ قَبْلَهَا تَقَدُّمها عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَتِ الْمَصَادِرُ قَبْلَهَا وَاصِلَةً إِليها وَمُتَنَاوِلَةً لَهَا لَكَانَتْ مِنْ صِلَاتِهَا، وَمَعْلُومٌ اسْتِحَالَةُ تقدُّم الصِّلة أَو شيءٍ مِنْهَا عَلَى الْمَوْصُولِ، وتقدُّمُها نحوُ قَوْلِكَ عَلَيْكَ اعْتِمَادِي وإِليك تَوَجُّهِي وَبِكَ اسْتِعَانَتِي، قَالَ: وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَن تَكُونَ الْبَاءُ فِي بِمِثْلِهَا مُتَعَلِّقَةً بِنَفْسِ الْجَزَاءِ، وَيَكُونُ الْجَزَاءُ مُرْتَفِعًا بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، كأَنه جزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا كَائِنٌ أَو وَاقِعٌ. التَّهْذِيبُ: والجَزاء القَضاء. وجَزَى هَذَا الأَمرُ أَي قَضَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاتَّقُوا يَوْماً لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً*

؛ يَعُودُ عَلَى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ذَكَرَهُمَا مَرَّةً بِالْهَاءِ وَمَرَّةً بِالصِّفَةِ، فَيَجُوزُ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً*

، وتُضْمِرُ الصفةَ ثُمَّ تُظْهرها فَتَقُولُ لَا تَجْزي فِيهِ نفسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا، قَالَ: وَكَانَ الْكِسَائِيُّ لَا يُجِيزُ إِضمار الصِّفَةِ فِي الصِّلَةِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ إِضمارُ الْهَاءِ والصفةِ واحدٌ عِنْدَ الْفَرَّاءِ تَجْزي وتَجْزِي فِيهِ إِذا كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا؛ قَالَ: وَالْكِسَائِيُّ يُضْمِرُ الْهَاءَ، وَالْبَصْرِيُّونَ يُضْمِرُونَ الصِّفَةَ؛ وَقَالَ أَبو إِسحاق: مَعْنَى لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً*

أَي لَا تَجْزي فِيهِ، وَقِيلَ: لَا تَجْزيه، وَحَذْفُ فِي هاهنا سائغٌ لأَن فِي مَعَ الظُّرُوفِ مَحْذُوفَةٌ. وَقَدْ تَقُولُ: أَتيتُك اليومَ وأَتيتُك فِي الْيَوْمِ، فإِذا أَضمرت قلتَ أَتيتك فِيهِ، وَيَجُوزُ أَن تَقُولَ أَتَيْتُكه؛ وأَنشد:

وَيَوْمًا شَهِدْناه سُلَيْماً وعامِراً

قَليلًا، سِوَى الطَّعْنِ النِّهَالِ، نَوافِلُهْ

أَراد: شَهِدْنَا فِيهِ. قَالَ الأَزهري: وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً*

، يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا

ص: 144

تَقْضِي فِيهِ نفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا يُقَالُ: جَزَيْتُ فُلَانًا حَقَّه أَي قَضَيْتُهُ. وأَمرت فُلَانًا يَتَجَازَى دَيْني أَي يَتَقَاضَاهُ. وتَجازَيْتُ دَيْني عَلَى فُلَانٍ إِذا تقاضَيْتَه. والمُتَجازي: المُتَقاضي. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَجُلًا كَانَ يُدايِنُ النَّاسَ، وَكَانَ لَهُ كاتبٌ ومُتَجازٍ

، وَهُوَ المُتَقاضي. يُقَالُ: تَجَازَيْتُ دَيْني عَلَيْهِ أَي تقاضَيْته. وَفَسَّرَ أَبو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ قَوْلَهُ تَعَالَى: لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً*

، فَقَالَ: مَعْنَاهُ لَا تُغْني، فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ أَجْزَيْتُك عَنْهُ أَي أَغنيتك. وتَجَازَى دَيْنَه: تَقَاضَاهُ. وَفِي صَلَاةِ الْحَائِضِ:

قَدْ كُنَّ نساءُ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، يَحِضْنَ أَفأَمَرَهُنَّ أَن يَجْزِينَ

أَي يَقْضين؟ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: جَزَاه اللَّهُ خَيْرًا أَي أَعطاه جَزاءَ مَا أَسْلَف مِنَ طَاعَتِهِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: إِذا أَجْرَيْتَ الماءَ عَلَى الماءِ جَزَى عَنْكَ

، وَرُوِيَ بِالْهَمْزِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

الصومُ لِي وأَنا أَجْزِي بِهِ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَكثَرَ الناسُ فِي تأْويل هَذَا الْحَدِيثِ وأَنه لِمَ خَصَّ الصومَ والجَزاءَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ عز وجل، وإِن كَانَتِ العباداتُ كُلُّهَا لَهُ وجَزاؤها مِنْهُ؟ وَذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهاً مدارُها كُلُّهَا عَلَى أَن الصَّوْمَ سرٌّ بَيْنَ اللَّهِ وَالْعَبْدِ، لَا يَطَّلِع عَلَيْهِ سِوَاهُ، فَلَا يَكُونُ الْعَبْدُ صَائِمًا حَقِيقَةً إِلَّا وَهُوَ مُخْلِصٌ فِي الطَّاعَةِ، وَهَذَا وإِن كَانَ كَمَا قَالُوا، فإِن غَيْرَ الصَّوْمِ مِنَ الْعِبَادَاتِ يُشَارِكُهُ فِي سِرِّ الطَّاعَةِ كَالصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، أَو فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأَسرار الْمُقْتَرِنَةِ بِالْعِبَادَاتِ الَّتِي لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا اللَّهُ وَصَاحِبُهَا؛ قَالَ: وأَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي تأْويل هَذَا الْحَدِيثِ أَن جَمِيعَ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يُتقرب بِهَا إِلى اللَّهِ مِنْ صَلَاةٍ وَحَجٍّ وَصَدَقَةٍ واعتِكاف وتَبَتُّلٍ ودعاءٍ وقُرْبان وهَدْي وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنواع الْعِبَادَاتِ قَدْ عَبَدَ الْمُشْرِكُونَ بِهَا مَا كَانُوا يَتَّخِذُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنداداً، وَلَمْ يُسْمَع أَن طَائِفَةً مِنْ طَوَائِفِ الْمُشْرِكِينَ وأَرباب النِّحَلِ فِي الأَزمان الْمُتَقَدِّمَةِ عَبَدَتْ آلِهَتَهَا بِالصَّوْمِ وَلَا تقرَّبت إِليها بِهِ، وَلَا عُرِفَ الصَّوْمُ فِي الْعِبَادَاتِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الشَّرَائِعِ، فَلِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عز وجل: الصومُ لِي وأَنا أَجْزي بِهِ أَي لَمْ يُشَارِكْنِي فِيهِ أَحد وَلَا عُبِدَ بِهِ غَيْرِي، فأَنا حِينَئِذٍ أَجْزي بِهِ وأَتولى الْجَزَاءَ عَلَيْهِ بِنَفْسِي، لَا أَكِلُه إِلى أَحد مِنْ مَلَك مُقَرَّب أَو غَيْرِهِ عَلَى قَدْرِ اخْتِصَاصِهِ بِي؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: قَدْ قِيلَ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ أَقاويل كُلُّهَا تُسْتَحْسَنُ، فَمَا أَدري لِمَ خَصَّ ابْنُ الأَثير هَذَا بِالِاسْتِحْسَانِ دُونَهَا، وسأَذكر الأَقاويل هُنَا لِيُعْلَمَ أَن كُلَّهَا حَسَنٌ: فَمِنْهَا أَنه أَضافه إِلى نَفْسِهِ تَشْرِيفًا وَتَخْصِيصًا كإِضافة الْمَسْجِدِ وَالْكَعْبَةِ تَنْبِيهًا عَلَى شَرَفِهِ لأَنك إِذا قُلْتَ بَيْتُ اللَّهِ، بَيَّنْتَ بِذَلِكَ شَرَفَهُ عَلَى الْبُيُوتِ، وَهَذَا هُوَ مِنَ الْقَوْلِ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الأَثير، وَمِنْهَا الصَّوْمُ لِي أَي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرِي لأَن كُلَّ طَاعَةٍ لَا يَقْدِرُ الْمَرْءُ أَن يُخْفِيَهَا، وإِن أَخفاها عَنِ النَّاسِ لَمْ يُخْفِهَا عَنِ الْمَلَائِكَةِ، وَالصَّوْمُ يُمْكِنُ أَن يَنْوِيَهُ وَلَا يَعْلَمُ بِهِ بَشَرٌ وَلَا مَلَكٌ، كَمَا

رُوِيَ أَن بَعْضَ الصَّالِحِينَ أَقام صَائِمًا أَربعين سَنَةً لَا يَعْلَمُ بِهِ أَحد، وَكَانَ يأْخذ الْخُبْزَ مِنْ بَيْتِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ فِي طَرِيقِهِ، فَيَعْتَقِدُ أَهل سُوقِهِ أَنه أَكل فِي بَيْتِهِ، وَيَعْتَقِدُ أَهل بَيْتِهِ أَنه أَكل فِي سُوقِهِ

، وَمِنْهَا الصَّوْمُ لِي أَي أَن الصَّوْمَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ مَلَائِكَتِي، فإِن الْعَبْدَ فِي حَالِ صَوْمِهِ مَلَكٌ لأَنه يَذْكُر وَلَا يأْكل وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَقْضِي شَهْوَةً، وَمِنْهَا، وَهُوَ أَحسنها، أَن الصَّوْمَ لِي أَي أَن الصَّوْمَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِي، لأَنه سُبْحَانَهُ لَا يَطْعَم، فَالصَّائِمُ عَلَى صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الرَّبِّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي أَعمال الْجَوَارِحِ إِلَّا فِي الصَّوْمِ وأَعمال الْقُلُوبِ كَثِيرَةٌ كَالْعِلْمِ والإِرادة، وَمِنْهَا الصَّوْمُ لِي أَي أَن كُلَّ عَمَلٍ قَدْ أَعلمتكم مِقْدَارَ ثَوَابِهِ إِلَّا الصَّوْمَ فإِني انْفَرَدْتُ بِعِلْمِ ثَوَابِهِ لَا أُطلع عَلَيْهِ أَحداً، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي حَدِيثِ

ص: 145

أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضاعَفُ الحسنةُ عَشْرَ أَمثالها إِلى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عز وجل: إِلَّا الصَّوْمَ فإِنه لِي وأَنا أَجْزي بِهِ، يَدَعُ شهوتَه وَطَعَامَهُ مِنْ أَجلي

، فَقَدْ بيَّن فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَن ثَوَابَ الصِّيَامِ أَكثر مِنْ ثَوَابِ غَيْرِهِ مِنَ الأَعمال فَقَالَ

وأَنا أَجْزِي بِهِ

، وَمَا أَحال سبحانه وتعالى الْمُجَازَاةَ عَنْهُ عَلَى نَفْسِهِ إِلَّا وَهُوَ عَظِيمٌ، وَمِنْهَا الصَّوْمُ لِي أَي يَقْمَعُ عدوِّي، وَهُوَ الشَّيْطَانَ لأَن سَبِيلَ الشَّيْطَانِ إِلى الْعَبْدِ عِنْدَ قَضَاءِ الشَّهَوَاتِ، فإِذا تَرَكَهَا بَقِيَ الشَّيْطَانُ لَا حِيلَةَ لَهُ، وَمِنْهَا، وَهُوَ أَحسنها، أَن مَعْنَى قَوْلِهِ الصَّوْمُ لِي أَنه قَدْ

رُوِيَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ أَن الْعَبْدَ يأْتي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتِهِ، ويأْتي قَدْ ضرَب هَذَا وشَتَم هَذَا وغَصَب هَذَا فَتُدْفَعُ حَسَنَاتُهُ لِغُرَمَائِهِ إِلَّا حَسَنَاتِ الصِّيَامِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: الصَّوْمُ لِي لَيْسَ لَكُمْ إِليه سَبِيلٌ.

ابْنُ سِيدَهْ: وجَزَى الشيءُ يَجْزِي كَفَى، وجَزَى عَنْكَ الشيءُ قضَى، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه، صلى الله عليه وسلم، قَالَ لأَبي بُرْدة بْنِ نِيَارٍ حِينَ ضَحَّى بالجَذَعة: تَجْزِي عَنْكَ وَلَا تَجْزِي عَنْ أَحد بعدَك

أَي تَقْضِي؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ مأْخوذ مِنْ قَوْلِكَ قَدْ جَزَى عَنِّي هَذَا الأَمرُ يَجْزِي عَنِّي، وَلَا هَمْزَ فِيهِ، قَالَ: وَمَعْنَاهُ لَا تَقْضِي عَنْ أَحد بَعْدَكَ. وَيُقَالُ: جَزَتْ عَنْكَ شاةٌ أَي قَضَتْ، وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ أَجْزَأَتْ عَنْكَ شاةٌ بِالْهَمْزِ أَي قَضَت. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي كِتَابِ فَعَلْتُ وأَفْعَلْتُ: أَجْزَيْتُ عَنْ فُلَانٍ إِذا قمتَ مَقامه. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَزَيْتُ عَنْكَ فُلَانًا كافأْته، وجَزَتْ عَنْكَ شاةٌ وأَجْزَتْ بِمَعْنًى. قَالَ: وتأْتي جَزَى بِمَعْنَى أَغْنَى. وَيُقَالُ: جَزَيْتُ فُلَانًا بِمَا صَنَعَ جَزَاءً، وقَضَيْت فُلَانًا قَرْضَه، وجَزَيْتُه قرضَه. وَتَقُولُ: إِن وضعتَ صدقَتك فِي آلِ فُلَانٍ جَزَتْ عَنْكَ وَهِيَ جَازِيَة عَنْكَ. قَالَ الأَزهري: وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ أَجْزَى بِمَعْنَى قَضَى. ابْنُ الأَعرابي: يَجْزِي قليلٌ مِنْ كَثِيرٍ ويَجْزِي هَذَا مِنْ هَذَا أَي كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُومُ مَقَامَ صَاحِبِهِ. وأَجْزَى الشيءُ عَنِ الشَّيْءِ: قَامَ مَقَامَهُ وَلَمْ يَكْفِ. وَيُقَالُ: اللحمُ السَّمِينُ أَجْزَى مِنَ الْمَهْزُولِ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: مَا يُجْزِينِي هَذَا الثوبُ أَي مَا يَكْفِينِي. وَيُقَالُ: هَذِهِ إِبلٌ مَجَازٍ يَا هَذَا أَي تَكْفِي، الجَملُ الْوَاحِدُ مُجْزٍ. وَفُلَانٌ بَارِعٌ مَجْزىً لأَمره أَي كَافٍ أَمره؛ وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه أَنشده لِبَعْضِ بَنِي عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ:

ونَحْنُ قَتَلْنا بالمَخارِقِ فَارِسًا،

جَزاءَ العُطاسِ، لَا يَمُوتُ المُعاقِب

قَالَ: يَقُولُ عَجَّلْنَا إِدراك الثَّأْر كَقَدْرٍ مَا بَيْنَ التَّشْمِيتِ والعُطاس، والمُعاقِبُ الَّذِي أَدرك ثَأْره، لَا يَمُوتُ المُعاقِب لأَنه لَا يَمُوتُ ذِكْرُ ذَلِكَ بَعْدَ موته، لَا يَمُوت مَنْ أَثْأَرَ أَي لَا يَمُوت ذِكْرُهُ. وأَجْزَى عَنْهُ مُجْزَى فُلَانٍ ومُجْزاته ومَجْزَاه ومَجْزَاته؛ الأَخيرة عَلَى تَوَهُّمِ طَرْحِ الزَّائِدِ أَعني لُغَةً فِي أَجْزَأَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

البَقَرَةُ تُجْزِي عَنْ سَبْعَةٍ

، بِضَمِّ التَّاءِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ، أَي تَكُونُ جَزَاءً عَنْ سَبْعَةٍ. ورجلٌ ذُو جَزَاءٍ أَي غَناء، تَكُونُ مِنَ اللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا. والجِزْيَةُ: خَراجُ الأَرض، وَالْجَمْعُ جِزىً وجِزْيٌ. وَقَالَ أَبو عَلِيٍّ: الجِزَى والجِزْيُ وَاحِدٌ كالمِعَى والمِعْيِ لِوَاحِدِ الأَمْعاء، والإِلَى والإِلْيِ لِوَاحِدِ الآلاءِ، وَالْجَمْعُ جِزاءٌ؛ قَالَ أَبو كَبِيرٍ:

وإِذا الكُماةُ تَعاوَرُوا طَعْنَ الكُلَى،

تَذَرُ البِكارةَ فِي الجِزَاءِ المُضْعَفِ

وجِزْيَةُ الذِّمِّي مِنْهُ. الْجَوْهَرِيُّ: والجِزْيَةُ مَا يُؤْخَذُ

ص: 146

مِنْ أَهل الذِّمَّةِ، وَالْجَمْعُ الجِزَى مِثْلُ لِحْيةٍ ولِحىً. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الجِزْيَة فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنِ الْمَالِ الَّذِي يَعْقِد الكتابيُّ عَلَيْهِ الذِّمَّةَ، وَهِيَ فِعْلَةٌ مِنَ الجَزاء كأَنها جَزَتْ عَنْ قتلِه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

لَيْسَ عَلَى مُسْلِمٍ جِزْيَة

؛ أَراد أَن الذِّمِّيَّ إِذا أَسلم وَقَدْ مَرَّ بعضُ الْحَوْلِ لَمْ يُطالَبْ مِنَ الجِزْية بِحِصَّةِ مَا مَضَى مِنَ السَّنة؛ وَقِيلَ: أَراد أَن الذِّمِّيَّ إِذا أَسلم وَكَانَ فِي يَدِهِ أَرض صُولح عَلَيْهَا بِخَرَاجٍ، تُوضَعُ عَنْ رَقَبَتِهِ الجِزْيةُ وَعَنْ أَرضه الْخَرَاجُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

مَنْ أَخَذ أَرضاً بِجِزْيَتِها أَراد بِهِ الْخَرَاجَ الَّذِي يُؤَدَّى عَنْهَا، كأَنه لَازِمٌ لِصَاحِبِ الأَرض كَمَا تَلْزَم الجِزْيَةُ الذميَ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير؛ هَكَذَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ هُوَ أَن يُسْلِمَ وَلَهُ أَرض خَرَاجٍ، فتُرْفَعُ عَنْهُ جِزْيَةُ رأْسه وتُتْرَكُ عَلَيْهِ أَرضُه يُؤَدِّي عَنْهَا الخراجَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَن دِهْقاناً أَسْلَم عَلَى عَهْدِه فَقَالَ لَهُ: إِن قُمْتَ فِي أَرضك رَفَعْنَا الجِزْيَةَ عَنْ رأْسك وأَخذناها مِنْ أَرضك، وإِن تَحَوَّلْتَ عَنْهَا فَنَحْنُ أَحق بِهَا.

وَحَدِيثُ

ابْنِ مَسْعُودٍ، رضي الله عنه، أَنه اشْتَرَى مِنْ دهْقان أَرضاً عَلَى أَن يَكْفِيَه جِزْيَتَها

؛ قِيلَ: اشترَى هاهنا بِمَعْنَى اكْتَرَى؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِيهِ بُعْدٌ لأَنه غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي اللُّغَةِ، قَالَ: وَقَالَ القُتَيْبي إِن كَانَ مَحْفُوظًا، وإِلا فَأَرى أَنه اشْتَرَى مِنْهُ الأَرضَ قَبْلَ أَن يُؤَدِّيَ جِزْيَتَها لِلسَّنَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا البيعُ فَضَمَّنَهُ أَن يَقُومَ بخَراجها. وأَجْزَى السِّكِّينَ: لُغَةٌ فِي أَجْزَأَها جَعَلَ لَهَا جُزْأَةً؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري كَيْفَ ذَلِكَ لأَن قِيَاسَ هَذَا إِنما هُوَ أَجْزَأَ، اللَّهُمَّ إِلا أَن يَكُونَ نادراً.

جَسَا: جَسَا: ضِدُّ لَطُفَ، وجَسَا الرجلُ جَسْواً وجُسُوّاً: صَلُبَ. ويَدٌ جَاسِيَةٌ: يَابِسَةُ الْعِظَامِ قَلِيلَةُ اللَّحْمِ. وجَسِيَتِ اليَدُ وغيرُها جُسُوّاً وجَسَاً: يَبِسَتْ. وجَسَا الشيخُ جُسُوّاً: بَلَغَ غَايَةَ السِّنِّ. وجَسا الماءُ: جَمُدَ. ودابَّةٌ جَاسِيَةُ الْقَوَائِمِ: يابستُها. ورِماحٌ جاسِيَةٌ: كَزَّةٌ صُلْبة، وَقَدْ ذُكِرَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْهَمْزِ. والجَيْسُوانُ، بِضَمِّ السِّينِ: جِنْسٌ مِنَ النَّخْلِ لَهُ بُسْرٌ جَيِّدٌ، وَاحِدَتُهُ جَيْسُوانَةٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. وَقَالَ مُرَّةُ: سُمِّيَ الجَيْسُوانَ لطُول شَماريخه، شُبِّه بالذَّوائب، قَالَ: والذَّوائبُ بالفارسية كَيْسُوان.

جَشَا: الجَشْوُ: القَوْسُ الْخَفِيفَةُ، لُغَةٌ فِي الجَشءِ، وَالْجَمْعُ جَشَواتٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: كَلَّمته فاجْتَشَى نَصِيحتي أَي رَدَّها.

جَعَا: الجَعْوُ: الطِّينُ. يُقَالُ: جَعَّ فلانٌ فُلَانًا إِذا رَمَاهُ بالجَعْوِ وَهُوَ الطِّينُ. والجَعْوُ: الاسْتُ. والجَعْوُ: مَا جُمِعَ مِنْ بَعَرٍ أَو غَيْرِهِ فجُعِلَ كُثْوةً أَو كُثْبةً، تَقُولُ مِنْهُ: جَعَا جَعْواً، وَمِنْهُ اشْتِقَاقُ الجِعْوَةِ لِكَوْنِهَا تَجْمَعُ الناسَ عَلَى شُرْبها. والجِعْوُ: الجِعَةُ: وَالْفَتْحُ أَكثر، نَبِيذُ الشَّعِيرِ. وَفِي الْحَدِيثِ

عَنْ عَلِيٍّ، رضي الله عنه: نَهَى رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، عَنِ الجِعَةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ:

الجِعَةُ شرابٌ يُتَّخَذُ مِنَ الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ حَتَّى يُسْكِرَ.

وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الجِعَةُ مِنَ الأَشربة وَهُوَ نَبِيذُ الشَّعِيرِ. وجَعوْتَ جِعَةً: نَبَذْتُها.

جَفَا: جَفَا الشيءُ يَجْفُو جَفَاءً وتَجَافَى: لَمْ يَلْزَمْ مكانَه، كالسَّرْجِ يَجْفُو عَنِ الظَّهْر وكالجَنْب يَجْفُو عَنِ الفِراشِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِنَّ جَنْبي عَنِ الفِراش لَنابِ،

كتَجَافِي الأَسَرِّ فَوْقَ الظِّرابِ

والحُجَّةُ فِي أَن الجَفَاءَ يَكُونُ لَازِمًا مِثْلَ تَجَافَى قولُ

ص: 147

الْعَجَّاجِ يَصِفُ ثَوْرًا وَحْشِيًّا:

وشَجَرَ الهُدَّابَ عَنْه فَجَفَا

يَقُولُ: رَفَعَ هُدْب الأَرْطى بقَرْنه حَتَّى تَجَافَى عَنْهُ. وأَجْفَيْتُه أَنا: أَنزلته عَنْ مَكَانِهِ؛ قَالَ:

تَمُدُّ بالأَعْناق أَو تَلْوِيها

وتَشْتَكي لَوْ أَنَّنا نُشْكِيها

مَسَّ حَوايانا فَلم نُجْفِيها

أَي فلَمَّا نَرْفَعُ الحَوِيَّة عَنْ ظَهْرِهَا. وجَفَا جنْبُه عَنِ الْفِرَاشِ وتَجَافَى: نَبَا عَنْهُ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ عَلَيْهِ. وجَافَيْت جَنْبي عَنِ الْفِرَاشِ فتَجَافَى، وأَجْفَيْت القَتَب عَنْ ظَهْرِ الْبَعِيرِ فَجَفَا، وجَفَا السرجُ عَنْ ظَهْرِ الْفَرَسِ وأَجْفَيْته أَنا إِذا رَفَعْتَهُ عَنْهُ، وجَافَاه عَنْهُ فتَجَافَى. وتَجَافَى جَنْبُه عَنِ الْفِرَاشِ أَي نَبَا، واسْتَجْفَاه أَي عَدَّهُ جَافِيًا. وَفِي التَّنْزِيلِ: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ

؛ قِيلَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: إِنهم كَانُوا يُصَلُّونَ فِي اللَّيْلِ، وَقِيلَ: كَانُوا لَا يَنَامُونَ عَنْ صَلَاةِ العَتَمة، وَقِيلَ: كَانُوا يُصَلُّونَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ صلاةِ المغربِ والعشاءِ الأَخيرةِ تَطَوُّعاً. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ، دَلِيلٌ عَلَى أَنها الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ لأَنه عملٌ يَسْتَسِرُّ الإِنسان بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يُجَافِي عَضُدَيْه عَنْ جَنْبَيْهِ فِي السُّجُودِ

أَي يُبَاعِدُهُمَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا سَجَدْتَ فَ تَجَافَ

، وَهُوَ مِنَ الجَفَاءِ البُعْدِ عَنِ الشَّيْءِ، جَفَاهُ إِذا بَعُدَ عَنْهُ، وأَجْفَاه إِذا أَبعده؛ ومنه الحديث:

اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ

أَي تُعَاهَدُوهُ وَلَا تَبْعُدُوا عَنْ تِلَاوَتِهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وجَفَا الشيءُ عَلَيْهِ ثَقُل، لَمَّا كَانَ فِي مَعْنَاهُ، وَكَانَ ثَقُل يَتَعَدَّى بِعَلَى، عدَّوْه بِعَلَى أَيضاً، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ، والجَفَا يُقْصَرُ وَيُمَدُّ خِلَافَ البِرّ نَقِيضَ الصِّلَةِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ الأَزهري: الجَفَاء مَمْدُودٌ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، وَمَا عَلِمْتُ أَحداً أَجاز فِيهِ الْقَصْرَ، وَقَدْ جَفَاه جَفْواً وجَفَاءً. وَفِي الْحَدِيثِ:

غَيْرَ الْغَالي فيه والْجَافِي

؛ الجَفَاءُ: تَرْكُ الصِّلَةِ وَالْبِرِّ؛ فأَما قَوْلُهُ:

مَا أَنا بِالْجَافِي وَلَا المَجْفِيِ

فإِن الْفَرَّاءَ قَالَ: بَنَاهُ عَلَى جُفِيَ، فَلَمَّا انْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً فِيمَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ بُنِيَ الْمَفْعُولُ عَلَيْهِ؛ وأَنشد سِيبَوَيْهِ لِلشَّاعِرِ:

وقَدْ عَلِمَتْ عِرْسِي مُلَيْكَةُ أَنَّني

أَنا الليثُ مَعْدِيّاً عَلَيْهِ وعادِيَا

وَفِي الْحَدِيثِ

عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: الحياءُ مِنَ الإِيمان والإِيمانُ فِي الْجَنَّةِ والبَذَاءُ مِنَ الجَفَاء والجَفَاءُ في النَّارِ

؛ البَذاء، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ: الفُحْش مِنَ الْقَوْلِ. وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:

مَنْ بَدَا جَفَا

، بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، خَرَجَ إِلى الْبَادِيَةِ، أَي مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ غلُظ طَبْعُهُ لِقِلَّةِ مُخَالَطَةِ النَّاسِ، والجَفَاءُ غِلَظ الطَّبْعِ. اللَّيْثُ: الجَفْوة أَلْزَم فِي تَرْكِ الصِّلَة مِنَ الجَفاءِ لأَن الجَفاء يَكُونُ فِي فَعَلاته إِذا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَلَقٌ وَلَا لَبَقٌ. قَالَ الأَزهري: يُقَالُ جَفَوْته جَفْوَة مَرَّةً وَاحِدَةً، وَجَفَاءً كَثِيرًا، مَصْدَرٌ عَامٌّ، والجَفَاء يَكُونُ فِي الخِلْقة والخُلُق؛ يُقَالُ: رَجُلٌ جافِي الخِلْقة وجافِي الخُلُق إِذا كَانَ كَزّاً غليظَ العِشْرة والخُرْقِ فِي الْمُعَامَلَةِ والتحامُلِ عِنْدَ الْغَضَبِ والسَّوْرةِ عَلَى الْجَلِيسِ. وَفِي صِفَتِهِ، صلى الله عليه وسلم:

لَيْسَ بالجَافِي المُهِين

أَي لَيْسَ بِالْغَلِيظِ الخِلْقة وَلَا الطَّبْعِ أَو لَيْسَ بِالَّذِي يَجْفُو أَصحابه، وَالْمُهِينُ يُرْوَى بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا، فَالضَّمُّ عَلَى الْفَاعِلِ مِنْ أَهان أَي لَا يُهِينُ مَنْ صَحِبَهُ، وَالْفَتْحُ عَلَى

ص: 148

الْمَفْعُولِ مِنَ المَهانة والحَقارة، وَهُوَ مَهِين أَي حَقِيرٌ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رضي الله عنه: لَا تَزْهَدَنَّ فِي جَفَاءِ الحِقْوِ

أَي لَا تَزْهَدْ فِي غِلَظِ الإِزار، وَهُوَ حثٌّ عَلَى تَرْكِ التَّنَعُّمِ. وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ:

خَرَجَ جُفَاءٌ مِنَ الناسِ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، قَالُوا: وَمَعْنَاهُ سَرَعانُ النَّاسِ وأَوائِلُهم، تَشْبِيهًا بجُفَاء السَّيْلِ وَهُوَ مَا يَقْذِفُهُ مِنَ الزَّبَدِ وَالْوَسَخِ وَنَحْوِهِمَا. وجَفَيْت البَقْلَ واجْتَفَيْته: اقْتَلَعْتُهُ مِنْ أُصوله كجَفأَه واجْتَفأَه. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ جَفَوْته، فَهُوَ مَجْفُوّ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ جَفَيْت، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ مَجْفِيّ؛ وأَنشد:

مَا أَنا بالجَافِي وَلَا المَجْفِيِ

وَفُلَانٌ ظاهرُ الجِفْوَة، بِالْكَسْرِ، أَي ظَاهِرُ الجَفاء. أَبو عَمْرٍو: الجُفَايَة السَّفِينَةُ الْفَارِغَةُ، فإِذا كَانَتْ مَشْحُونَةً فَهِيَ غامِدٌ وآمِدٌ وغامِدة وآمِدة. وجَفَا مالَه: لَمْ يُلازمه. وَرَجُلٌ فِيهِ جَفْوَة وجِفْوَة وإِنه لَبَيِّن الجِفْوَة، بِالْكَسْرِ، فإِذا كَانَ هُوَ المَجْفُوّ قِيلَ بِهِ جَفْوَة. وقولُ المِعْزَى حِينَ قِيلَ لَهَا مَا تَصْنَعِينَ فِي اللَّيْلَةِ المَطِيرة فَقَالَتْ: الشَّعْر دُقاقٌ والجِلْدُ رُقاق والذَّنَبُ جُفَاءٌ وَلَا صَبْر بِي عَنِ البَيْت؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرِ اللِّحْيَانِيُّ جُفَاء، قَالَ: وَعِنْدِي أَنه مِنَ النُّبُوِّ وَالتَّبَاعُدِ وَقِلَّةِ اللُّزُوق. وأَجْفَى الماشيةَ، فَهِيَ مُجْفَاة: أَتعبها وَلَمْ يَدَعْها تأْكل، وَلَا عَلَفها قبلَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ إِذا سَاقَهَا سَوْقًا شديداً.

جَلَا: جَلا القومُ عَنْ أَوطانهم يَجْلُون وأَجْلَوْا إِذا خَرَجُوا مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ. وَفِي حَدِيثِ الْحَوْضِ:

يَرِدُ عليَّ رَهْط مِنْ أَصحابي فيُجْلَوْن عَنِ الْحَوْضِ

؛ هَكَذَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ أَي يُنْفَوْن ويُطْردون، وَالرِّوَايَةُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْهَمْزِ. وَيُقَالُ: اسْتُعْمِل فُلَانٌ عَلَى الجَالِيَة والجَالَةِ. والجَلاءُ، مَمْدُودٌ: مَصْدَرُ جَلا عَنْ وَطَنِهِ. وَيُقَالُ: أَجْلاهم السُّلْطَانُ فأَجْلَوْا أَي أَخرجهم فَخَرَجُوا. والجَلاءُ: الْخُرُوجُ عَنِ الْبَلَدِ. وَقَدْ جَلَوْا عَنْ أَوطانهم وجَلَوْتُهم أَنا، يَتَعَدَّى، وَلَا يَتَعَدَّى. وَيُقَالُ أَيضاً: أَجْلَوْا عَنِ الْبَلَدِ وأَجْلَيْتهم أَنا، كِلَاهُمَا بالأَلف؛ وَقِيلَ لأَهل الذِّمَّةِ الجَالِيَة لأَن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رضي الله عنه، أَجلاهم عَنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمر النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فيهم، فسُمُّوا جَالِيَة وَلَزِمَهُمْ هَذَا الِاسْمُ أَين حَلُّوا، ثُمَّ لَزِمَ كلَّ مَنْ لَزِمَتْهُ الجزيةُ مِنْ أَهل الْكِتَابِ بِكُلِّ بَلَدٍ، وإِن لَمْ يُجْلَوْا عَنْ أَوطانهم. والجَالِيَة: الَّذِينَ جَلَوْا عَنْ أَوْطانهم. وَيُقَالُ: اسْتُعْمِل فُلَانٌ عَلَى الجَالِيَة أَي عَلَى جِزْية أَهل الذِّمَّةِ. والجَالَةُ: مِثْلُ الجَالِية. وَفِي حَدِيثِ العَقَبة:

وإِنكم تُبايِعون مُحَمَّدًا عَلَى أَن تُحارِبوا الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ مُجْلِيةً

أَي حَرْباً مُجْلِية مُخْرِجة عَنِ الدَّارِ وَالْمَالِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: أَنه خيَّر وَفْدَ بُزاخَة بينَ الحَرْبِ المُجْلِيَة والسِّلْم المُخْزِيَةِ.

وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: اخْتاروا فَإِمَّا حَرْبٌ مُجْلِيَة وإِمَّا سِلْم مُخْزِية أَي إِمَّا حَرْب تُخْرِجُكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَو سِلْمٌ تُخْزيكم وتُذِلُّكم. ابْنُ سِيدَهْ: جَلا القومُ عَنِ الْمَوْضِعِ وَمِنْهُ جَلْواً وجَلاءً وأَجْلَوْا: تفرَّقوا، وفَرَق أَبو زَيْدٍ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: جَلَوا مِنَ الْخَوْفِ وأَجْلَوْا مِنَ الجَدْب، وأَجْلاهم هُوَ وجَلَّاهم لُغَةٌ وَكَذَلِكَ اجْتَلاهم؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ النَّحْلَ وَالْعَاسِلَ:

فلَمّا جَلاها بالأُيامِ، تَحَيَّزَت

ثُباتٍ عَلَيْهَا ذُلُّها واكْتِئابُها

وَيُرْوَى: اجْتَلاها، يَعْنِي العاسلَ جَلَا النحلَ عَنْ مَوَاضِعِهَا

ص: 149

بالأُيام، وَهُوَ الدُّخان، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ تحَيَّرت أَي تحيَّرت النَّحْلُ بِمَا عَراها مِنَ الدُّخَانِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: جَلا النحلَ يَجْلُوها جَلاءً إِذا دَخَّنَ عَلَيْهَا لاشْتِيارِ الْعَسَلِ. وجَلْوَة النحلِ: طَرْدُها بالدُّخان. ابْنُ الأَعرابي: جَلاهُ عَنْ وَطَنِهِ فجَلا أَي طَرَدَهُ فَهَرَبَ. قَالَ: وجَلا إِذا عَلا، وجَلا إِذا اكتَحَل، وجَلا الأَمرَ وجَلَّاه وجَلَّى عَنْهُ كشَفه وأَظهره، وَقَدِ انْجَلَى وتَجَلَّى. وأَمرٌ جَلِيٌّ: وَاضِحٌ؛ تَقُولُ: اجْلُ لِي هَذَا الأَمرَ أَي أَوضحه. والجَلاءُ، مَمْدُودٌ: الأَمر البَيِّنُ الْوَاضِحُ. والجَلاءُ، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ: الأَمرُ الجَلِيُّ، وَتَقُولُ مِنْهُ: جَلا لِيَ الخبرُ أَي وَضَح؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ:

فإِنَّ الحقَّ مَقْطَعُه ثَلاثٌ:

يَمِينٌ أَو نِفارٌ أَو جَلاءُ «2»

. أَراد الْبَيِّنَةَ وَالشُّهُودَ، وَقِيلَ: أَراد الإِقرار، وَاللَّهُ تَعَالَى يُجَلِّي الساعةَ أَي يُظْهِرُهَا. قَالَ سُبْحَانَهُ: لَا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ

. وَيُقَالُ: أَخْبرني عَنْ جَلِيَّةِ الأَمر أَي حَقِيقَتِهِ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:

وآبَ مُضِلُّوه بعَيْنٍ جَلِيَّةٍ،

وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائِلُ

يَقُولُ: كَذَّبُوا بِخَبَرِ مَوْتِهِ أَولَ مَا جَاءَ فجاءَ دَافِنُوهُ بِخَبَرِ مَا عَايَنُوهُ. والجَلِيُّ: نَقِيضُ الخَفِيِّ. والجَلِيَّة: الْخَبَرُ الْيَقِينُ. ابْنُ بَرِّيٍّ: والجَلِيَّة البَصِيرة، يُقَالُ عينٌ جَلِيَّة؛ قَالَ أَبو دواد:

بَلْ تَأَمَّلْ، وأَنت أَبْصَرُ مِنِّي،

قَصْدَ دَيْرِ السَّوادِ عَينٌ جَلِيَّهْ

وجَلَوْت أَي أَوضحت وكشَفْتُ. وجَلَّى الشيءَ أَي كَشَفَهُ. وَهُوَ يُجَلِّي عَنْ نَفْسِهِ أَي يُعَبِّرُ عَنْ ضَمِيرِهِ. وتَجَلَّى الشيءُ أَي تكشَّف. وَفِي حَدِيثِ

كَعْبِ بْنِ مالك: ف جَلا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، لِلنَّاسِ أَمرَهم ليتَأَهَّبوا

أَي كَشَفَ وأَوضح. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: إِن رَبِّي عز وجل قَدْ رَفَعَ لِيَ الدُّنيا وأَنا أَنظر إِليها جِلِّيَاناً مِنَ اللَّهِ

أَي إِظْهاراً وكَشْفاً، وَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ. وجِلاءُ السَّيْفِ، مَمْدُودٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ، وجَلا الصيقلُ السيفَ والمِرآةَ ونحوَهُما جَلْواً وجِلاءً صَقَلَهما. واجْتَلاه لِنَفْسِهِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

يَجْتَلِي نُقَبَ النِّصالِ

وجَلا عينَه بالكُحْل جَلْواً وجَلاءً، والجَلا والجَلاءُ والجِلاءُ: الإِثْمِدُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الجَلا كُحْلٌ يَجْلو الْبَصَرَ، وَكِتَابَتُهُ بالأَلف. وَيُقَالُ: جَلَوْتُ بَصَرِي بِالْكُحْلِ جَلْواً. وَفِي حَدِيثِ

أُم سَلَمَةَ: أَنها كَرِهَتْ للمُحِدِّ أَن تكْتَحِل بالجِلاء

، هُوَ، بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ، الإِثمد، وَقِيلَ: هُوَ، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَالْقَصْرِ، ضَرْبٌ مِنَ الْكُحْلِ. ابْنُ سِيدَهْ: والجَلاءُ والجِلاءُ الْكُحْلُ لأَنه يَجْلُو الْعَيْنَ؛ قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:

وأَكْحُلْكَ بالصابِ أَو بالجَلا،

ففَقِّحْ لِذَلِكَ أَو غَمِّض

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لأَبي المُثَلَّم، قَالَ: وَالَّذِي ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ وَابْنُ وَلاد الجَلا، بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْقَصْرِ، وأَنشد هَذَا الْبَيْتَ، وَذَكَرَ الْمُهَلَّبِيُّ فِيهِ الْمَدَّ وَفَتْحَ الْجِيمِ، وأَنشد الْبَيْتَ.

وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنس قَالَ: قرأَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا

، قَالَ: وَضَعَ إِبهامه عَلَى قَرِيبٍ مِنْ طَرَفِ أُنْمُلَة خِنْصَرِه فساخَ الْجَبَلُ، قَالَ حَمَّادٌ: قُلْتُ لِثَابِتٍ تَقُولُ هَذَا؟ فَقَالَ: يَقُولُهُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وَيَقُولُهُ أَنس وأَنا أَكْتُمه

وَقَالَ الزَّجَّاجُ:

(2). قوله [أو جَلاء] كذا أورده كالجوهري بفتح الجيم، وقال الصاغاني: الرواية بالكسر لا غير، من المجالاة

ص: 150

تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ

أَي ظَهَرَ وبانَ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ أَهل السُّنة وَالْجَمَاعَةِ، وَقَالَ الْحَسَنُ: تَجَلَّى بَدَا لِلْجَبَلِ نُور العَرْش. وَالْمَاشِطَةُ تَجْلُو العَرُوس، وجَلا العروسَ عَلَى بَعْلها جَلْوة وجِلْوة وجُلوة وجِلاءً واجْتَلاها وجَلَّاها، وَقَدْ جُلِيت عَلَى زَوْجِهَا واجْتَلاها زَوْجُهَا أَي نَظر إِليها. وتَجلَّيت الشيءَ: نَظَرْتُ إِليه. وجَلَّاها زوجُها وَصِيفَةً: أَعطاها إِياها فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وجِلْوَتُها مَا أَعطاها، وَقِيلَ: هُوَ مَا أَعطاها مِنْ غُرَّةٍ أَو دَرَاهِمَ. الأَصمعي: يُقَالُ جَلا فُلَانٌ امرأَته وَصِيفَةً حِينَ اجْتَلَاهَا إِذا أَعطاها عِنْدَ جَلْوَتها. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ سِيرِينَ: أَنه كَرِهَ أَن يَجْلِيَ امرأَته شَيْئًا لَا يَفِيَ بِهِ.

وَيُقَالُ: مَا جِلْوَتُها، بِالْكَسْرِ، فَيُقَالُ: كَذَا وَكَذَا. وَمَا جِلاءُ فُلَانٍ أَي بأَيِّ شيءٍ يُخَاطَبُ مِنَ الأَسماء والأَلقاب فيُعظَّم بِهِ. واجْتَلَى الشيءَ: نَظَرَ إِليه. وجَلَّى بِبَصَرِهِ: رَمى. والبازِي يُجَلِّي إِذا آنَسَ الصيدَ فَرَفَعَ طرْفَه ورأْسَه. وجَلَّى بِبَصَرِهِ تَجْلِيَةً إِذا رَمَى بِهِ كَمَا يَنْظُرُ الصَّقْرُ إِلى الصَّيْدِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

فانْتَضَلْنا وَابْنُ سَلْمَى قاعِدٌ،

كعَتيقِ الطَّيْرِ يُغْضِي ويُجَلّ

أَي ويُجَلِّي. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ابْنُ سَلْمى هُوَ النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ. قَالَ ابْنُ حَمْزَةَ: التَّجَلِّي فِي الصَّقْرِ أَن يُغْمِضَ عَيْنَهُ ثُمَّ يَفْتَحَهَا لِيَكُونَ أَبصر لَهُ، فالتَّجَلِّي هُوَ النَّظَرُ؛ وأَنشد لِرُؤْبَةَ:

جَلَّى بصيرُ العَيْنِ لَمْ يُكَلِّلِ،

فانْقَضَّ يَهْوي مِنْ بَعيدِ المَخْتَلِ

وَيُقَوِّي قولَ ابْنَ حَمْزَةَ بَيْتُ لَبِيدٍ الْمُتَقَدِّمُ. وجَلَّى الْبَازِي تجَلِّياً وتَجْلِيَةً: رَفَعَ رأْسه ثُمَّ نَظَرَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

نَظَرْتُ كَمَا جَلَّى، عَلَى رأْسِ رَهْوَةٍ،

مِنَ الطيرِ، أَقْنَى ينفُضُ الطَّلَّ أَوْرَقُ

وَجَبْهَةٌ جَلْوَاءُ: وَاسِعَةٌ. والسماءُ جَلْوَاءُ أَي مُصْحِية مِثْلُ جَهْواء. وَلَيْلَةٌ جَلْوَاءُ: مُصْحِية مُضِيئة. والجَلا، بِالْقَصْرِ: انْحسار مُقَدَّمِ الشعرِ، كِتَابَتُهُ بالأَلف، مِثْلُ الجَلَهِ، وَقِيلَ: هُوَ دُونَ الصَّلَعِ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَبْلُغَ انْحِسَارُ الشَّعْرِ نصفَ الرأْسِ، وَقَدْ جَلِيَ جَلًا وَهُوَ أَجْلَى. وَفِي صِفَةِ

الْمَهْدِيِّ: أَنه أَجْلَى الجَبْهَةِ

؛ الأَجْلَى: الْخَفِيفُ شَعْرِ مَا بَيْنَ النَّزَعتين مِنَ الصُّدغين وَالَّذِي انْحَسَرَ الشَّعْرُ عَنْ جَبْهَتِهِ. وَفِي حَدِيثِ

قَتَادَةَ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ: أَنه أَجْلَى الجَبْهةِ

، وَقِيلَ: الأَجْلَى الحسنُ الوجهِ الأَنْزَعُ. أَبو عُبَيْدٍ: إِذا انْحَسَرَ الشَّعْرُ عَنْ نِصْفِ الرأْس وَنَحْوِهِ فَهُوَ أَجْلى؛ وأَنشد:

مَعَ الجَلا ولائِحِ القَتِيرِ

وَقَدْ جَلِيَ يَجْلَى جَلًا، تَقُولُ مِنْهُ: رَجُلٌ أَجْلَى بيِّنُ الجَلا. والمَجالِي: مقاديمُ الرأْس، وَهِيَ مَوَاضِعُ الصَّلَع؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدٍ الْفَقْعَسِيُّ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رِبْعيّ:

رَأَيْنَ شَيْخًا ذَرِئَتْ مَجالِيهْ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده: أَراه شَيْخًا، لأَن قَبْلَهُ:

قَالَتْ سُليْمى: إِنني لَا أَبْغِيهْ،

أَراهُ شَيْخًا ذَرِئَتْ مَجَالِيهْ،

يَقْلي الغَواني والغَواني تَقْلِيهْ

وَقَالَ الفراءُ: الْوَاحِدُ مَجْلىً وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الجَلا، وَهُوَ ابْتِدَاءُ الصَّلع إِذا ذَهَبَ شَعْرُ رأْسه إِلى نِصْفِهِ. الأَصمعي: جالَيْتُه بالأَمر وجالَحْته إِذا جَاهَرْتَهُ؛ وأَنشد:

مُجالَحة لَيْسَ المُجالاةُ كالدَّمَسْ

ص: 151

والمَجَالِي: مَا يُرَى مِنَ الرأْس إِذا اسْتَقْبَلَ الْوَجْهَ، وَهُوَ مَوْضِعُ الجَلَى. وتَجَالَيْنا أَي انْكَشَفَ حَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لِصَاحِبِهِ. وابنُ جَلا: الواضحُ الأَمْرِ. واجْتَلَيْتُ الْعِمَامَةَ عَنْ رأْسي إِذا رَفَعْتَهَا مَعَ طَيِّها عَنْ جَبِينك. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ عَلَى الشَّرَفِ لَا يَخْفَى مكانُه: هُوَ ابنُ جَلا؛ وَقَالَ القُلاخ:

أَنا القُلاخُ بنُ جَنابِ بن جَلا

وجَلا: اسْمُ رَجُلٍ، سُمِّيَ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي. ابْنُ سِيدَهْ: وابنُ جَلا اللَّيْثِيُّ، سُمِّي بِذَلِكَ لِوُضُوحِ أَمره؛ قَالَ سُحَيْم بْنُ وَثِيل:

أَنا ابنُ جَلا وطَلَّاعُ الثَّنايا،

مَتى أَضَعِ العِمامةَ تَعْرِفُوني

قَالَ: هَكَذَا أَنشده ثَعْلَبٌ، وطلَّاعُ الثَّنَايَا، بِالرَّفْعِ، عَلَى أَنه مِنْ صِفَتِهِ لَا مِنْ صِفَةِ الأَب كأَنه قَالَ وأَنا طلَّاع الثَّنَايَا، وَكَانَ ابنُ جَلا هَذَا صاحبَ فَتْك يطلعُ فِي الْغَارَاتِ مِنْ ثَنِيَّة الْجَبَلِ عَلَى أَهلها، وَقَوْلُهُ:

مَتى أَضع العمامة تعرفوني

قَالَ ثَعْلَبٌ: الْعِمَامَةُ تُلْبَسُ فِي الْحَرْبِ وَتُوضَعُ فِي السَّلْم. قَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ: إِذا سُمِّيَ الرَّجُلُ بقَتَلَ وضرَبَ ونحوهما إِنه لَا يُصْرَفُ، وَاسْتَدَلَّ بِهَذَا الْبَيْتِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يَحْتَمِلُ هَذَا الْبَيْتُ وَجْهًا آخَرَ، وَهُوَ أَنه لَمْ ينوِّنه لأَنه أَراد الْحِكَايَةَ، كأَنه قَالَ: أَنا ابنُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ جَلَا الأُمور وكشَفَها فَلِذَلِكَ لَمْ يَصْرِفْهُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُهُ لَمْ يُنَوِّنْهُ لأَنه فِعْلٌ وَفَاعِلٌ؛ وَقَدِ اسْتَشْهَدَ الْحَجَّاجُ بِقَوْلِهِ:

أَنا ابنُ جَلا وطلَّاعُ الثَّنايا

أَي أَنا الظَّاهِرُ الَّذِي لَا يَخْفَى وَكُلُّ أَحد يَعْرِفُنِي. وَيُقَالُ لِلسَّيِّدِ: ابنُ جَلا. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: جَلا فِعْلٌ مَاضٍ، كأَنه بِمَعْنَى جَلا الأُمورَ أَي أَوضحها، وَكَشَفَهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:

أَنا القُلاخُ بنُ جَنابِ بنِ جَلا،

أَبو خَناثِيرَ أَقُود الجَمَلا

وَابْنُ أَجْلَى: كابنِ جَلا. يُقَالُ: هُوَ ابْنُ جَلا وَابْنُ أَجْلَى؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

لاقَوْا بِه الحجاجَ والإِصْحارا،

بِهِ ابْنُ أَجْلَى وافَقَ الإِسْفارا

لَاقَوْا بِهِ أَي بِذَلِكَ الْمَكَانِ. وَقَوْلُهُ الإِصْحارَ: وَجَدوه مُصْحِراً. ووَجَدُوا بِهِ ابنَ أَجْلَى: كَمَا تَقُولُ لَقِيتُ بِهِ الأَسَدَ. والإِسْفارُ: الصُّبْح. وَابْنُ أَجْلَى: الأَسدُ، وَقِيلَ: ابْنُ أَجْلَى الصُّبْحُ، فِي بَيْتِ الْعَجَّاجِ. وَمَا أَقمت عِنْدَهُ إِلَّا جَلاءَ يومٍ وَاحِدٍ أَي بياضَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

مَا ليَ إِنْ أَقْصَيْتَني مِنْ مقْعدِ،

وَلَا بهَذِي الأَرْضِ مِنْ تَجَلُّدِ،

إِلَّا جَلاءَ اليومِ أَو ضُحَى غَدِ

وأَجْلَى اللَّهُ عَنْكَ أَي كشَفَ؛ يُقَالُ ذَلِكَ لِلْمَرِيضِ. يُقَالُ لِلْمَرِيضِ: جَلا اللَّهُ عَنْهُ المرضَ أَي كشَفَه. وأَجْلَى يعْدُو: أَسْرَعَ بعضَ الإِسْراع. وانْجَلَى الغَمُّ، وجَلَوْتُ عَنِّي هَمِّي جَلْواً إِذا أَذهبته. وجَلَوْتُ السيفَ

جِلاءً، بِالْكَسْرِ، أَي صَقَلْتُ. وجَلَوْتُ العروسَ جِلاءً وجَلْوَةً واجْتَلَيْتُها بِمَعْنًى إِذا نَظَرْتَ إِليها مَجْلُوّةً. وانْجَلَى الظلامُ إِذا انْكَشَفَ. وانْجَلَى عَنْهُ الهَمُّ: انْكَشَفَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذا جَلَّى الظُّلمةَ فَجَازَتِ الْكِنَايَةُ عَنِ الظُّلْمة وَلَمْ تُذْكَرْ فِي أَوله لأَن مَعْنَاهَا مَعْرُوفٌ، أَلا تَرَى أَنك تَقُولُ: أَصْبَحتْ باردَةً وأَمْسَتْ عَرِيَّةً وهَبَّتْ شَمالًا؟ فكُني عَنْ

ص: 152

مُؤَنَّثاتٍ لَمْ يَجْرِ لهنَّ ذِكْرٌ لأَن مَعْنَاهُنَّ مَعْرُوفٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: إِذا جَلَّاها

إِذا بيَّنَ الشمسَ لأَنها تتَبين إِذا انْبَسَطَ النَّهَارُ. اللَّيْثُ: أَجْلَيْتُ عَنْهُ الهمَّ إِذا فرَّجت عَنْهُ، وانْجَلَتْ عَنْهُ الهمومُ كَمَا تَنْجَلِي الظُّلْمَةُ. وأَجْلَوْا عَنِ الْقَتِيلِ لَا غَيْرُ أَي انْفَرَجُوا. وَفِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ:

حَتَّى تَجَلَّتِ الشَّمْسُ

أَي انْكَشَفَتْ وَخَرَجَتْ مِنَ الْكُسُوفِ، يُقَالُ: تَجَلَّتْ وانْجَلَتْ. وَفِي حَدِيثِ الْكُسُوفِ أَيضاً:

فقُمْت حَتَّى تجَلَّانيَ الغَشْيُ

أَي غَطَّاني وغشَّاني، وأَصله تَجَلْلَنِي، فأُبدلت إِحدى اللَّامين أَلفاً مِثْلَ تَظَنَّى وتمَطَّى فِي تظنَّن وتمطَّط، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَى تَجَلَّاني الغشيُ ذَهَبَ بقوَّتي وَصَبْرِي مِنَ الجَلاءِ، أَو ظَهَر بِي وبانَ عليَّ. وتَجَلَّى فلانٌ مكانَ كَذَا إِذا عَلاه، والأَصل تجَلَّله؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

فَلَمَّا تَجَلَّى قَرْعُها القاعَ سَمْعَه،

وبانَ لَهُ وسْطَ الأَشاءِ انْغِلالُها «1»

. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: التَّجَلِّي النظرُ بالإِشْراف. وَقَالَ غَيْرُهُ: التَّجَلِّي التَّجَلُّل أَي تَجَلَّل قَرْعُها سَمْعَه فِي الْقَاعِ؛ وَرَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي:

تحَلَّى قَرْعُها القاعَ سَمْعَهُ

وأَجْلَى: مَوْضِعٌ بَيْنَ فَلْجة وَمَطْلَعِ الشَّمْسِ، فِيهِ هُضَيْبات حُمْر، وَهِيَ تُنْبِتُ النَّصِيَّ والصِّلِّيانَ. وجَلْوَى، مَقْصُورٌ: قَرْيَةٌ. وجَلْوَى: فَرَسُ خُفاف بْنِ نُدْبة؛ قَالَ:

وقَفْتُ لَهَا جَلْوَى، وَقَدْ قَامَ صُحْبتي،

لأَبْنِيَ مَجْداً، أَو لأَثْأَرَ هالِكا

وجَلْوَى أَيضاً: فَرَسُ قِرْواشِ بْنِ عَوْفٍ. وجَلْوَى أَيضاً: فَرَسٌ لِبَنِي عَامِرٍ. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: وجَلْوَى فَرَسٌ كَانَتْ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ يَرْبُوع، وَهُوَ ابْنُ ذِي العِقالِ، قَالَ: وَلَهُ حَدِيثٌ طَوِيلٌ فِي حَرْبِ غَطَفَانَ؛ وَقَوْلُ الْمُتَلَمِّسِ:

يَكُونُ نَذِيرٌ مِنْ وَرَائِيَ جُنَّةً،

ويَنْصُرُنِي منْهُمْ جُلَيّ وأَحْمَسُ «2»

. قَالَ: هُمَا بَطْنَانِ في ضُبَيْعة.

جمي: الجَمَا والجُمَا: نُتوءٌ ووَرَمٌ فِي الْبَدَنِ. الْفَرَّاءُ: جُمَاءُ كلِّ شَيْءٍ حَزْرُه وَهُوَ مِقْدَارُهُ. وجَمَاءُ الشَّيْءِ وجُمَاؤه: شخصُه وحَجْمُه؛ قَالَ:

يَا أُمَّ سَلْمَى، عَجِّلي بخُرْسِ،

وخُبْزةٍ مِثْلِ جُمَاءِ التُّرْسِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ يَرْثِي رَجُلًا:

جَعَلْتُ وِسادَهُ إِحْدَى يَدَيْهِ،

وفَوْقَ جُمَائِه خَشَباتِ ضَالِ

وَيُرْوَى: وتَحْتَ جُمَائِه؛ قَالَ ابْنُ حَمْزَةَ: وَهُوَ غَلَطٌ لأَن الْمَيِّتَ إِنما يُجْعَلُ الْخَشَبُ فَوْقَهُ لَا تَحْتَهُ. قَالَ أَبو بَكْرٍ: يُقَالُ جَمَاءُ التُّرْسِ وجُمَاؤُه، وَهُوَ اجْتِمَاعُهُ ونُتُوءُه. وجُمَاءُ الشَّيْءِ: قَدْرُه. أَبو عَمْرٍو: الجُمَاء شَخْصُ الشَّيْءِ تَرَاهُ مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ؛ وَقَالَ:

فَيَا عَجَباً للحُبِّ دَاءً فَلَا يُرَى

لَهُ تحتَ أَثوابِ المُحِبِّ جُمَاءُ

الْجَوْهَرِيُّ: الجَمَاءُ والجَمَاءَةُ الشخصُ. ابْنُ السِّكِّيتِ: تَجَمَّى القومُ إِذا اجْتَمَعَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ، وَقَدْ تَجَمَّوْا عَلَيْهِ. ابْنُ بُزُرْجَ: جَمَاءُ كُلِّ شَيْءٍ اجتماعُه وحَركته؛ وأَنشد:

وبَظْر قَدْ تَفَلَّقَ عَنْ شَفِيرٍ،

كأَنَّ جَمَاءَهُ قَرْنا عَتُودِ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ، لأَن انقلاب

(1). قوله [وبان له] كذا بالأصل والتهذيب والذي في التكملة: وحال له

(2)

. قوله [جليّ] هو بهذا الضبط في الأصل

ص: 153

الأَلف عَنِ الْيَاءِ طَرَفًا أَكثر مِنِ انْقِلَابِهَا عَنِ الواو، والله أَعلم.

جني: جَنَى الذنْبَ عَلَيْهِ جِنايةً: جَرَّه، قَالَ أَبو حَيَّةَ النُّميري:

وإِنَّ دَماً، لَوْ تَعْلَمِينَ، جَنَيْتُه

عَلَى الحَيِّ، جَانِي مِثْلِه غَيْرُ سَالِمٍ

وَرَجُلٌ جَانٍ مِنْ قَوْمٍ جُنَاة وجُنَّاء، الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، فأَما قَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: أَبناؤُها أَجْناؤُها، فَزَعَمَ أَبو عُبَيْدٍ أَن أَبناءً جَمْعُ بانٍ وأَجْنَاءً جَمْعُ جَانٍ كَشَاهِدٍ وأَشهاد وَصَاحِبٍ وأَصحاب. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراهم لَمْ يُكَسِّرُوا بَانِيًا عَلَى أَبناء وَلَا جَانِياً عَلَى أَجْنَاء إِلَّا فِي هَذَا الْمَثَلِ، الْمَعْنَى أَن الَّذِي جَنَى وهَدَم هَذِهِ الدَّارَ هُوَ الَّذِي كَانَ بَنَاهَا بِغَيْرِ تَدْبِيرٍ فَاحْتَاجَ إِلَى نَقْضِ مَا عَمِلَ وإِفساده، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَنا أَظن أَن أَصل الْمَثَلِ جُنَاتُها بُناتُها، لأَن فَاعِلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى أَفعال، وأَما الأَشهاد والأَصحاب فإِنما هُمَا جَمْعُ شَهْدٍ وصَحْب، إِلَّا أَن يَكُونَ هَذَا مِنَ النَّوَادِرِ لأَنه يَجِيءُ فِي الأَمثال مَا لَا يَجِيءُ فِي غَيْرِهَا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ المثلُ كَمَا ظَنَّهُ الْجَوْهَرِيُّ مِنْ قَوْلِهِ جُنَاتها بُناتُها، بَلِ الْمَثَلُ كَمَا نَقَل، لَا خِلَافَ بَيْنِ أَحد مِنْ أَهل اللُّغَةِ فِيهِ، قَالَ: وَقَوْلُهُ إِن أَشهاداً وأَصحاباً جَمْعُ شَهْدٍ وَصَحْبٍ سَهْوٌ مِنْهُ لأَن فَعْلًا لَا يُجْمَعُ عَلَى أَفعال إِلَّا شَاذًا، قَالَ: وَمَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ أَن أَشهاداً وأَصحاباً وأَطياراً جَمْعُ شَاهِدٍ وَصَاحِبٍ وَطَائِرٍ، فَإِنْ قِيلَ: فإِن فَعْلًا إِذا كَانَتْ عَيْنُهُ وَاوًا أَو يَاءً جَازِ جَمْعُهُ عَلَى أَفعال نَحْوَ شَيْخٍ وأَشياخ وحَوْض وأَحواض، فَهَلَّا كَانَ أَطيار جَمْعًا لِطَيْرٍ؟ فَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَن طَيْرًا لِلْكَثِيرِ وأَطياراً لِلْقَلِيلِ، أَلا تَرَاكَ تَقُولُ ثَلَاثَةُ أَطيار؟ وَلَوْ كَانَ أَطيار فِي هَذَا جَمْعًا لطَيْر الَّذِي هُوَ جَمْعٌ لَكَانَ الْمَعْنَى ثَلَاثَةُ جُموع مِنَ الطَّيْرِ، وَلَمْ يُرَد ذَلِكَ، قَالَ: وَهَذَا المَثَل يُضْرَبُ لِمَنْ عَمِلَ شَيْئًا بِغَيْرِ رَوِيَّة فأَخطأَ فِيهِ ثُمَّ اسْتَدْرَكه فنَقَضَ مَا عَمِلَهُ، وأَصله أَن بَعْضَ مُلُوكِ الْيَمَنِ غَزا واسْتَخْلَف ابْنَتَه فبَنَتْ بمَشُورة قَوْمٍ بُنْياناً كَرِهَهُ أَبوها، فَلَمَّا قَدِمَ أَمر المُشيرين بِبِنَائِهِ أَن يَهْدموه، وَالْمَعْنَى أَن الَّذِينَ جَنَوْا عَلَى هَذِهِ الدَّارِ بالهَدْم هُمُ الَّذِينَ كَانُوا بَنَوْها، فَالَّذِي جَنَى تَلافَى مَا جَنَى، وَالْمَدِينَةُ الَّتِي هُدِمَتِ اسْمُهَا بَرَاقِشُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي فَصْلِ بَرْقَشَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِه

، الجِنَايَةُ: الذَّنْبُ والجُرْم وَمَا يَفْعَلُهُ الإِنسان مِمَّا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْعِقَابَ أَو الْقِصَّاصَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْمَعْنَى أَنه لَا يُطالَبُ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَقاربه وأَباعده، فَإِذَا جَنَى أَحدُهم جِنَايَةً لَا يُطالَب بِهَا الْآخَرُ لِقَوْلِهِ عز وجل: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى *. وجَنَى فلانٌ عَلَى نَفْسِهِ إِذا جَرَّ جَرِيرَةً يَجْنِي جِنَايَةً عَلَى قَوْمِهِ. وتَجَنَّى فلانٌ عَلَى فُلَانٍ ذَنْبًا إِذا تَقَوَّلَه عَلَيْهِ وَهُوَ بَرِيء. وتَجَنَّى عَلَيْهِ وجَانَى: ادَّعى عَلَيْهِ جِنَايَةً. شَمِرٌ: جَنَيْتُ لَكَ وَعَلَيْكَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

جَانِيك مَنْ يَجْنِي عَلَيْكَ، وقَدْ

تُعْدِي الصِّحاحَ فتَجْرَبُ الجُرْبُ

أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُمْ جَانِيكَ مَنْ يَجْنِي عَلَيْكَ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يُعاقَب بِجِنَايَةٍ وَلَا يُؤْخَذُ غَيْرُهُ بِذَنْبِهِ، إِنما يَجْنِيك مَن جِنايتُه رَاجِعَةٌ إِلَيْكَ، وَذَلِكَ أَن الإِخوة يَجْنُون عَلَى الرَّجُلِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَقَدْ تُعْدِي الصحاحَ الجُرْبُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِمْ جَانِيكَ مَنْ يَجْنِي عَلَيْكَ: يُرَادُ بِهِ الجانِي لَكَ الخَيْرَ مَنْ يَجْني عَلَيْكَ الشَّرَّ، وأَنشد:

جانِيكَ مَنْ يَجْنِي عَلَيْكَ، وَقَدْ

تُعْدي الصِّحاحَ مَباركُ الجُرْبِ

ص: 154

والتَّجَنّي: مِثْلُ التَّجَرُّمِ وَهُوَ أَن يدَّعي عَلَيْكَ ذَنْبًا لَمْ تَفْعَلْهُ. وجَنَيْتُ الثَّمَرةَ أَجْنِيها جَنًى واجْتَنَيْتُها بِمَعْنًى، ابْنُ سِيدَهْ: جَنَى الثَّمرة وَنَحْوَهَا وتَجَنَّاها كلُّ ذَلِكَ تَناولها مِنْ شَجَرَتِهَا، قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذا دُعِيَتْ بِمَا فِي البَيْتِ قالتْ:

تَجَنَّ مِنِ الجِذَالِ وَمَا جنيتُ

قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هَذَا شَاعِرٌ نَزَلَ بِقَوْمٍ فقَرَوْهُ صَمْغاً وَلَمْ يأْتوه بِهِ، وَلَكِنْ دَلُّوه عَلَى مَوْضِعِهِ وَقَالُوا اذْهَبْ فاجْنِه، فَقَالَ هَذَا البيتَ يَذُمُّ بِهِ أُمَّ مَثْواه، وَاسْتَعَارَهُ أَبو ذُؤَيْبٍ للشَّرَف فَقَالَ:

وَكِلَاهُمَا قَدْ عاشَ عِيشةَ ماجِدٍ،

وجَنَى العَلاءَ، لَوْ انَّ شَيْئًا يَنْفَعُ

وَيُرْوَى: وجَنَى العُلَى لَوْ أَنَّ. وجَنَاها لَهُ وجَنَاه إِياها. أَبو عُبَيْدٍ: جَنَيْتُ فُلَانًا جَنًى أَي جنَيْتُ لَهُ، قَالَ:

وَلَقَدْ جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَساقِلًا،

وَلَقَدْ نَهَيْتُك عَنْ بَناتِ الأَوْبَرِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن أَمير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ، دَخَلَ بَيْتَ الْمَالِ فَقَالَ يَا حَمْراءُ وَيَا بيضاءُ احْمَرِّي وابْيَضِّي وغُرِّي غَيْرِي

: هَذَا جَنايَ وخِيارُه فيهْ،

إِذ كُلُّ جَانٍ يَدُه إِلَى فِيهْ

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يُضْرَبُ هَذَا مَثَلًا لِلرَّجُلِ يُؤثِر صَاحِبَهُ بِخِيَارِ مَا عِنْدَهُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَذَكَرَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ أَن الْمَثَلَ لِعَمْرِو بْنِ عَدِيٍّ اللَّخْمِيِّ ابْنِ أُخت جَذِيمةَ، وَهُوَ أَوَّل مَنْ قَالَهُ، وأَن جَذِيمة نَزَلَ مَنْزِلًا وأَمر النَّاسَ أَن يَجْتَنُوا لَهُ الكَمْأَةَ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَسْتَأْثر بِخَيْرِ مَا يَجِدُ ويأْكل طَيّبَها، وعَمْرٌو يأْتيه بِخَيْرِ مَا يَجِدُ وَلَا يأْكل مِنْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَتَى بِهَا خَالَه جَذِيمةَ قَالَ:

هَذَا جَنَايَ وخِيارُه فيهْ،

إِذ كُلُّ جَانٍ يَدُه إِلى فِيهْ

وأَراد عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ، بِقَوْلِ ذَلِكَ أَنه لَمْ يَتَلَطَّخْ بِشَيْءٍ مِنْ فَيْء الْمُسْلِمِينَ بَلْ وَضَعه مَوَاضِعَهُ. والجَنَى: مَا يُجْنَى مِنَ الشَّجَرِ، وَيُرْوَى:

هَذَا جَنَايَ وَهِجَانُهُ فِيهْ

أَي خِيارُه. وَيُقَالُ: أَتانا بجَنَاةٍ طَيِّبةٍ لِكُلِّ مَا يُجْتَنَى، ويُجْمعُ الجَنَى عَلَى أَجْنٍ مِثْلَ عَصاً وأَعْصٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أُهْدِيَ لَهُ أَجْنٍ زُغْبٌ

، يُرِيدُ القِثَّاءَ الغَضَّ، هَكَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَالْمَشْهُورُ أَجْرٍ، بِالرَّاءِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ. ابْنُ سِيدَهْ: والجَنَى كُلُّ مَا جُنِيَ حَتَّى القُطْنُ والكَمْأَةُ، واحدتُهُ جَنَاةٌ، وَقِيلَ: الجَنَاةُ كالجَنَى، قَالَ: فَهُوَ عَلَى هَذَا مِنْ بَابِ حُقٍّ وحُقَّةٍ، وَقَدْ يُجْمَعُ الجَنَى عَلَى أَجْناءٍ، قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ:

لأَجْنَاءُ العِضاهِ أَقَلُّ عَارًا

مِنَ الجُوفانِ، يَلْفَحه السَّعِيرُ

وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

كأَنَّ جَنِيَّةً مِنْ بَيْتِ رَأْسٍ،

يَكُونُ مِزَاجها عَسَلٌ وماءُ

عَلَى أَنْيابِها، أَوْ طَعْمَ غَضٍّ

مِنَ التُّفَّاحِ، عَصَّرها الجَناءُ

قَالَ: وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى أَجْنٍ مِثْلَ جَبَلٍ وأَجْبُلٍ. والجَنَى: الكَلأُ. والجَنَى: الكَمْأَةُ. وأَجْنَتِ الأَرضُ: كَثُرَ جَناها، وَهُوَ الكَلأُ والكَمْأَةُ

ص: 155

وَنَحْوُ ذَلِكَ. وأَجْنَى الثمَرُ أَي أَدْرَكَ ثَمَرَهُ. وأَجْنَتِ الشجَرَةُ إِذا صَارَ لَهَا جَنًى يُجْنَى فيُؤكل، قَالَ الشَّاعِرُ:

أَجْنَى لَهُ باللِّوَى شَرْيٌ وتَنُّومُ

وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ أَجْنَى: صَارَ لَهُ التَّنُّومُ والآءُ جَنًى يأْكله، قَالَ: وَهُوَ أَصح. والجَنِيُّ: الثَّمر المُجْتَنَى مَا دَامَ طَرِيًّا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا

. والجَنَى: الرُّطَبُ والعَسَلُ، وأَنشد الْفَرَّاءُ:

هُزِّي إِليكِ الجِذْعَ يُجْنِيكِ الجَنَى

وَيُقَالُ للعَسل إِذا اشْتِيرَ جَنًى، وَكُلُّ ثَمَرٍ يُجْتَنَى فَهُوَ جَنًى، مَقْصُورٌ. والاجْتِناءُ: أَخْذُك إِياه، وَهُوَ جَنًى مَا دَامَ رَطْباً. وَيُقَالُ لِكُلِّ شَيْءٍ أُخِذَ مِنْ شَجَرِهِ: قَدْ جُنِيَ واجْتُنِيَ، قَالَ الرَّاجِزُ يَذْكُرُ الكَمْأَةَ:

جَنَيْتُه مِنْ مُجْتَنًى عَويص

وَقَالَ الْآخَرُ:

إِنكَ لَا تَجْنِي مِنَ الشَّوْكِ العِنَبْ

وَيُقَالُ لِلتَّمْرِ إِذا صُرِمَ: جَنِيٌّ. وَتَمُرُّ جَنِيٌّ عَلَى فَعِيلٍ حِينَ جُنِيَ، وَفِي تَرْجَمَةِ جَنَى:

حَبُّ الجَنَى مِنْ شُرَّعٍ نُزُولِ

قَالَ: الجَنَى الْعِنَبُ، وشُرَّع نُزُولٌ: يُرِيدُ بِهِ مَا شَرَعَ مِنَ الكَرْم فِي الْمَاءِ. ابْنُ سِيدَهْ: واجْتَنَيْنا ماءَ مطَرٍ، حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، قَالَ: وَهُوَ مِنْ جَيّدِ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ، وَعِنْدِي أَنه أَراد: وَرَدْناه فشَرِبْناه أَو سَقَيْناه رِكابَنا، قَالَ: ووجْهُ اسْتِجَادَةِ ابْنِ الأَعرابي لَهُ أَنه مِنْ فَصِيحِ كَلَامِ الْعَرَبِ. والجَنَى: الوَدَعُ كأَنه جُنِيَ مِنَ الْبَحْرِ. والجَنَى: الذَّهَب وَقَدْ جَناه، قَالَ فِي صِفَةِ ذَهَبٍ:

صَبِيحةَ دِيمَةٍ يَجْنِيه جَانِي

أَي يَجْمَعُهُ مِنْ مَعْدِنِهِ. ابْنُ الأَعرابي: الجَانِي اللَّقَّاح، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: يَعْنِي الَّذِي يُلْقِحُ النَّخِيَل. والجَانِي: الكاسِبُ. ورجلٌ أَجْنَى كأَجْنَأَ بَيِّنُ الجَنَى، والأُنثى جَنْوَى، وَالْهَمْزُ أَعرف. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ، رضي الله عنه: أَنه رَأَى أَبا ذَرٍّ، رضي الله عنه، فدَعاه فجَنَى عَلَيْهِ فسَارَّه

، جَنَى عَلَيْهِ: أَكَبَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: هُوَ مَهْمُوزٌ، والأَصل فِيهِ الْهَمْزُ مِنْ جَنَأَ يَجْنَأُ إِذا مَالَ عَلَيْهِ وعَطَفَ ثُمَّ خُفِّفَ، وَهُوَ لُغَةٌ فِي أَجْنَأَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَوْ رُوِيَتْ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَى أَكَبَّ عَلَيْهِ لَكَانَ أَشبه.

جها: الجُهْوَةُ: الاسْتُ «3» . وَلَا تُسَمَّى بِذَلِكَ إِلا أَن تَكُونَ مَكْشُوفَةً؛ قَالَ:

وتَدْفَعُ الشَّيْخَ فتَبْدو جُهْوَتُهْ

واسْتٌ جَهْوَا أَي مَكْشُوفَةٌ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، وَقِيلَ: هِيَ اسْمٌ لَهَا كالجُهْوةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ الجُهْوَةُ مَوْضِعُ الدُّبر مِنَ الإِنسان، قَالَ: تَقُولُ الْعَرَبُ قَبَح اللهُ جُهْوَتَهُ. وَمِنْ كَلَامِهِمُ الَّذِي يَضَعُونَهُ عَلَى أَلسنة الْبَهَائِمِ قَالُوا: يَا عَنْزُ جَاءَ القُرُّ قَالَتْ: يَا وَيْلِي ذَنَبٌ أَلْوَى واسْتٌ جَهْوَا؛ قَالَ: حَكَاهُ أَبو زَيْدٍ فِي كِتَابِ الغنم. وسأَلته ف أَجْهَى عَلَيَّ أَي لَمْ يُعْطِنِي شَيْئًا. وأَجْهَتْ عَلَى زَوْجِهَا فَلَمْ تَحْمِلْ وأَوجَهَتْ. وجَهَّى الشَّجةَ: وسَّعها. وأَجْهَتِ السماءُ: انكشفتْ وأَصْحَتْ وانْقَشَع عَنْهَا الْغَيْمُ. وَالسَّمَاءُ جَهْوَاءُ أَي مُصْحِيَةٌ.

(3). قوله [الجُهْوَة الاست إلخ] ضبطت الجهوة في هذا وما بعده بضم الجيم في الأصل والمحكم، وضبطت في القاموس كالتهذيب بفتحها

ص: 156

وأَجْهَيْنا نَحْنُ أَي أَجْهَتْ لَنَا السَّمَاءُ، كِلَاهُمَا بالأَلف. وأَجْهَتْ إِلينا السماءُ: انكشفتْ. وأَجْهَتِ الطريقُ: انكشفتْ ووَضَحَتْ، وأَجْهَيْتُها أَنا. وأَجْهَى البيتَ: كشَفَه. وبَيْتٌ أَجْهَى بَيِّنُ الجَهَا ومُجْهىً: مَكْشُوفٌ بِلَا سَقْفٍ وَلَا سِتْر، وَقَدْ جَهِيَ جَهاً. وأَجْهَى لَكَ الأَمرُ والطريقُ إِذا وَضَحَ. وجَهِيَ البيتُ، بِالْكَسْرِ، أَي خَرِبَ، فَهُوَ جَاهٍ. وخِباءٌ مُجْهٍ: لَا سِتْرَ عَلَيْهِ. وَبُيُوتٌ جُهْوٌ، بِالْوَاوِ، وَعَنْزٌ جَهْوَاء: لَا يَسْتُر ذَنَبُها حَياءَها. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الجَهْوَةُ الدُّبر. وَقَالَتْ أُم حَاتِمٍ الْعَنْزِيَّةُ «1» : الجَهَّاءُ والمُجْهِيَةُ الأَرض الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَجَرٌ. وأَرض جَهَّاءُ: سواءٌ لَيْسَ بِهَا شَيْءٌ. وأَجْهَى الرجلُ: ظَهَر وبَرَزَ.

جوا: الجَوُّ: الهَواء؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

والشمسُ حَيْرَى لَهَا فِي الجَوِّ تَدْوِيمُ

وَقَالَ أَيضاً:

وظَلَّ للأَعْيَسِ المُزْجِي نَوَاهِضَه،

فِي نَفْنَفِ الجَوِّ، تَصْوِيبٌ وتَصْعِيدُ

وَيُرْوَى: فِي نَفْنَفِ اللُّوحِ. والجَوُّ: مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: ثُمَّ فتَقَ الأَجْوَاءَ وشَقَّ الأَرْجاءَ

؛ جَمْعُ جَوٍّ وَهُوَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض. وجَوُّ السَّمَاءِ: الْهَوَاءُ الَّذِي بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ

؛ قَالَ قَتَادَةُ: فِي جَوِّ السَّماءِ

فِي كَبِدِ السَّمَاءِ، وَيُقَالُ كُبَيْداء السَّمَاءِ. وجَوُّ الْمَاءِ: حَيْثُ يُحْفَر لَهُ؛ قَالَ:

تُراحُ إِلى جَوِّ الحِياضِ وتَنْتَمي

والجُوَّة: الْقِطْعَةُ مِنَ الأَرض فِيهَا غِلَظ. والجُوَّةُ: نُقْرة. ابْنُ سِيدَهْ: والجَوُّ والجَوَّة الْمُنْخَفِضُ مِنَ الأَرض؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

يَجْري بِجَوَّتِه مَوْجُ السَّرابِ، كأَنْضاحِ

الخزاعى جازت رَنْقَها الرِّيحُ «2»

وَالْجَمْعُ جِوَاءٌ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

إِنْ صابَ مَيْثًا أُتْئِقَتْ جِوَاؤُه

قَالَ الأَزهري: الجِوَاءُ جَمْعُ الجَوِّ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

عَفَا، مِنْ آلِ فاطِمة، الجِوَاءُ

وَيُقَالُ: أَراد بالجِوَاء مَوْضِعًا بِعَيْنِهِ. وَفِي حَدِيثِ

سُلَيْمَانَ: إِنَّ لكلِّ امرِئٍ جَوَّانِيّاً وبَرَّانِيّاً فَمَنْ أَصلحَ جَوَّانِيَّهُ أَصلحَ اللَّهُ بَرَّانِيَّهُ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَسِرًّا وَعَلَانِيَةً، وَعَنَى بجَوَّانِيَّه سرَّه وببرَّانِيَّه عَلانِيَتَه، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلى جَوِّ الْبَيْتِ وَهُوَ دَاخِلُهُ، وَزِيَادَةُ الأَلف وَالنُّونِ للتأْكيد. وجَوُّ كلِّ شيءٍ: بَطْنُه وَدَاخِلُهُ، وَهُوَ الجَوَّةُ أَيضاً؛ وأَنشد بَيْتَ أَبي ذُؤَيْبٍ:

يَجْرِى بِجَوَّتِه مَوْجُ الفُراتِ، كأَنْضاحِ

الخُزاعى حازَتْ رَنْقَه الرِّيحُ

قَالَ: وجَوَّته بطنُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؛ وَقَالَ آخَرُ:

لَيْسَتْ تَرَى حَوْلَها شَخْصًا، وراكِبُها

نَشْوانُ فِي جَوَّةِ الباغُوتِ، مَخْمُورُ

والجَوَى: الحُرْقة وشدَّة الوَجْدِ مِنْ عِشْقٍ أَو حُزْن، تَقُولُ مِنْهُ: جَوِيَ الرَّجُلُ، بِالْكَسْرِ، فَهُوَ جَوٍ مِثْلُ دَوٍ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ المُنْتِن: جَوٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

ثُمَّ كَانَ المِزاجُ ماءَ سَحَاب،

لَا جَوٍ آجِنٌ وَلَا مَطْروقُ

(1). قوله [أم حاتم العنزية] كذا بالأصل، والذي في التهذيب: أم جابر العنبرية

(2)

. قوله [كأنضاح الخزاعى] هكذا في الأصل والتهذيب.

ص: 157

والآجِنُ: المتغيِّر أَيضاً إِلَّا أَنه دُونَ الجَوِي فِي النَّتْن. والجَوِي: الْمَاءُ المُنْتنِ. وَفِي حَدِيثِ يأْجوج ومأْجوج:

فتَجْوَى الأَرضُ مِنْ نَتْنِهِم

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: تُنْتِن، وَيُرْوَى بِالْهَمْزِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ: كَانَ الْقَاسِمُ لَا يدخُل منْزِلَه إِلَّا تَأَوَّهَ، قلْتُ: يَا أَبَتِ، مَا أَخْرَجَ هَذَا مِنْكَ إِلَّا جَوىً

، يُرِيدُ إِلا دَاءُ الجَوْف، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الجَوَى شِدَّةِ الوَجْدِ مِنْ عِشْقٍ أَو حُزْنٍ ابْنُ سِيدَهْ: الجَوَى الهَوَى الْبَاطِنُ، والجَوَى السُّلُّ [السِّلُ] وتطاوُل الْمَرَضِ. والجَوَى، مَقْصُورٌ: كُلُّ داءٍ يأْخذ فِي الْبَاطِنِ لَا يُسْتَمْرَأُ مَعَهُ الطَّعَامُ، وَقِيلَ: هُوَ داءٌ يأْخذ فِي الصَّدْرِ، جَوِيَ جَوىً، فَهُوَ جَوٍ وجَوىً، وصْفٌ بِالْمَصْدَرِ، وامرأَة جَوِيَةٌ. وجَوِىَ الشيءَ جَوىً واجْتَوَاه: كَرِهَهُ؛ قَالَ:

فقدْ جعَلَتْ أَكبادُنا تَجْتَوِيكُمُ،

كَمَا تَجْتَوِي سُوقُ العِضاهِ الكَرازِما

وجَوِيَ الأَرضَ جَوىً واجْتَوَاها: لَمْ تُوَافِقْهُ. وأَرض جَوِيَةٌ وجَوِيَّةٌ غَيْرُ مُوَافِقَةٍ. وَتَقُولُ: جَوِيَتْ نَفْسِي إِذا لَمْ يُوافِقْكَ البلدُ. واجْتَوَيْتُ البلَدَ إِذا كرهتَ المُقامَ فيه وإِن كُنْتَ فِي نِعْمة. وَفِي حَدِيثِ العُرَنِيِّينَ:

ف اجْتَوَوُا المدينةَ

أَي أَصابهم الجَوَى، وَهُوَ الْمَرَضُ وداءُ الجَوْف إِذا تَطاوَلَ، وَذَلِكَ إِذا لَمْ يُوَافِقْهُمْ هواؤُها واسْتَوْخَمُوها. واجْتَوَيْتُ البلدَ إِذا كرهتَ المُقام فِيهِ وإِن كُنْتَ فِي نِعْمة. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن وفْد عُرَيْنَة قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فاجْتَوَوْها.

أَبو زَيْدٍ: اجْتَوَيْت البلادَ إِذا كَرِهْتَهَا وإِن كَانَتْ مُوَافِقَةً لَكَ فِي بَدَنِكَ؛ وَقَالَ فِي نَوَادِرِهِ: الاجْتِوَاءُ النِّزاع إِلى الْوَطَنِ وكراهةُ الْمَكَانِ الَّذِي أَنت فِيهِ وإِن كُنْتَ فِي نِعْمة، قَالَ: وإِن لَمْ تَكُنْ نازِعاً إِلى وَطَنِكَ فإِنك مُجْتَوٍ أَيضاً. قَالَ: وَيَكُونُ الاجْتِواءُ أَيضاً أَن لا تسْتَمْرِئَ الطعامَ بالأَرض وَلَا الشرابَ، غيرَ أَنك إِذا أَحببت المُقام بِهَا وَلَمْ يوافِقْك طعامُها وَلَا شرابُها فأَنت مُسْتَوْبِلٌ ولستَ بمُجْتَوٍ؛ قَالَ الأَزهري: جَعَلَ أَبو زَيْدٍ الاجْتِوَاء عَلَى وَجْهَيْنِ. ابْنُ بُزُرْج: يُقَالُ لِلَّذِي يَجْتَوِي الْبِلَادَ بِهِ اجْتِوَاءٌ وجَوىً، مَنْقُوصٌ، وجِيَةٌ. قَالَ: وحَقَّروا الجِيَة جُيَيَّة. ابْنُ السكين: رَجُلٌ جَوِي الجَوْفِ وامرأَة جَوِيَة أَي دَوِي الجَوْفِ. وجَوِيَ الطعامَ جَوىً واجْتَواه واسْتَجْوَاه: كرِهَه وَلَمْ يُوَافِقْهُ، وَقَدْ جَوِيَتْ نَفْسِي مِنْهُ وَعَنْهُ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

بَشِمْتُ بِنَيِّها فجَوِيتُ عنْها،

وعِنْدي، لَوْ أَشاءُ، لَهَا دَوَاءُ

أَبو زَيْدٍ: جَوِيَتْ نَفْسِي جَوىً إِذا لَمْ تُوَافِقْكَ الْبِلَادُ. والجُوَّةُ: مِثْلُ الحُوَّةِ، وَهُوَ لَوْنٌ كالسُّمرة وصَدَإِ الْحَدِيدِ. والجِوَاءُ: خِياطَة حياءِ النَّاقَةِ. والجِواءُ: البطنُ مِنَ الأَرض. والجِوَاء. الْوَاسِعُ مِنَ الأَوْدية. والجِواءُ: مَوْضِعٌ بالصَّمّان؛ قَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ مَطَرًا وَسَيْلًا:

يَمْعَسُ بِالْمَاءِ الجِواءَ مَعْسا،

وغَرَّقَ الصَّمّانَ مَاءً قَلْسا

والجِواءُ الفُرْجَةُ بَيْنَ بُيوت الْقَوْمِ. والجِواءُ: مَوْضِعٌ. والجِواءُ والجِواءَةُ والجِيَاء والجِيَاءة والجِيَاوَة، عَلَى الْقَلْبِ: مَا تُوضَعُ عَلَيْهِ القِدْرُ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رضي الله عنه: لأَنْ أَطَّلِيَ بجِواء قِدْرٍ أَحبُّ إِليَّ مِنْ أَن أَطَّلِيَ بزَعْفران

؛ الجِواء: وِعاءُ القِدْر أَو شيءٌ تُوضَعُ عَلَيْهِ مِنْ جِلْد أَو خَصَفَةٍ، وَجَمْعُهَا أَجْوِيَةٌ، وَقِيلَ: هِيَ الجِئَاءُ، مَهْمُوزَةٌ، وَجَمْعُهَا أَجْئِئَةٌ، وَيُقَالُ لَهَا الجِيَاءُ بِلَا هَمْزٍ، وَيُرْوَى بِجِئَاوَةٍ مِثْلُ جِعَاوة.

ص: 158

وجِيَاوَةُ: بَطْنٌ مِنْ باهِلَة. وجاوَى بالإِبل: دَعَاهَا إِلى الْمَاءِ وَهِيَ بَعِيدَةٌ مِنْهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

جَاوَى بِهَا فهاجَها جَوْجَاتُه

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَتْ جَاوَى بِهَا مِنْ لَفْظِ الجَوْجاةِ إِنما هِيَ فِي مَعْنَاهَا، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ جَاوَى بِهَا من ج وو. وجوٌّ: اسْمُ الْيَمَامَةِ كأَنها سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ الأَزهري: كَانَتِ اليَمامة جَوّاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَخْلَق الدَّهْرُ بِجَوٍّ طَلَلا

قَالَ الأَزهري: الجَوُّ مَا اتَّسَعَ مِنَ الأَرض واطْمَأَنَّ وبَرَزَ، قَالَ: وَفِي بِلَادِ الْعَرَبِ أَجْوِيَة كَثِيرَةٌ كُلُّ جَوٍّ مِنْهَا يُعْرَفُ بِمَا نُسِبَ إِليه. فَمِنْهَا جَوُّ غِطْرِيف وَهُوَ فِيمَا بَيْنَ السِّتارَيْن وَبَيْنَ الْجَمَاجِمِ «3» ، وَمِنْهَا جَوُّ الخُزامَى، وَمِنْهَا جَوُّ الأَحْساء، وَمِنْهَا جَوُّ اليَمامة؛ وَقَالَ طَرَفة:

خَلا لَكِ الجَوُّ فَبِيضِي واصْفِري

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الجَوُّ فِي بَيْتِ طَرَفة هَذَا هُوَ مَا اتَّسع مِنَ الأَوْدية. والجَوُّ: اسْمُ بَلَدٍ، وَهُوَ اليَمامة يَمامةُ زَرْقاءَ. وَيُقَالُ: جَوٌّ مُكْلِئٌ أَي كَثِيرُ الكلإِ، وَهَذَا جَوٌّ مُمْرِعٌ. قَالَ الأَزهري: دَخَلْتُ مَعَ أَعرابي دَحْلًا بالخَلْصاءِ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلى الْمَاءِ قَالَ: هَذَا جَوٌّ مِنَ الْمَاءِ لَا يُوقف عَلَى أَقصاه. اللَّيْثُ: الجِوَاءُ مَوْضِعٌ، قَالَ: والفُرْجَةُ الَّتِي بَيْنَ مَحِلَّة الْقَوْمِ وَسَطَ الْبُيُوتِ تُسَمَّى جِوَاءً. يُقَالُ: نَزَلْنَا فِي جِوَاءِ بَنِي فُلَانٍ؛ وَقَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ:

ثُمَّ انْتَهَى بَصَرِي عَنْهُم، وقَدْ بَلَغُوا

بَطْنَ المَخِيمِ، فقالُوا الجَوَّ أَو راحُوا

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المَخِيمُ والجَوُّ مَوْضِعَانِ، فإِذا كَانَ ذَلِكَ فَقَدْ وضَعَ الخاصَّ مَوْضِعَ الْعَامِ كَقَوْلِنَا ذَهَبْتُ الشامَ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: كَانَ ذَلِكَ اسْمًا لَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ وَقَالَ الأَعشى:

فاسْتَنْزلوا أَهْلَ جَوٍّ مِنْ مَنازِلِهِم،

وهَدّمُوا شاخِصَ البُنْيانِ فَاتَّضَعا

وجَوُّ الْبَيْتِ: داخِلُه، شَامِيَّةٌ. والجُوَّة، بِالضَّمِّ: الرُّقْعَة فِي السِّقاء، وَقَدْ جَوَّاهُ وجَوَّيْته تَجْوِيَة إِذا رَقَعْته. والجَوْجاةُ: الصوتُ بالإِبِل، أَصلُها جَوْجَوَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

جاوَى بِهَا فَهاجَها جَوْجَاتُه

ابْنُ الأَعرابي: الجَوُّ الآخِرةُ.

جيا: الجِيَّة، بِغَيْرِ هَمْزٍ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ كالجِيئَةِ، وَقِيلَ: هِيَ الركيَّة المُنْتِنَة. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الجِيَّة الماءُ المُسْتَنْقِعُ فِي الْمَوْضِعِ، غَيْرُ مَهْمُوزٍ، يُشَدَّدُ وَلَا يُشَدَّدُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الجِيَّة، بِكَسْرِ الْجِيمِ، فِعْلَة مِنَ الجَوِّ، وَهُوَ مَا انْخَفَضَ مِنَ الأَرض، وَجَمْعُهَا جِيٌّ؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

مِنْ فَوْقِهِ شَعَفٌ قُرٌّ، وأَسْفَلُه

جِيٌّ تَنَطَّقُ بالظَّيَّانِ والعَتَمِ «4»

. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنَّه مَرَّ بنَهْرٍ جَاوَرَ جِيَّةً مُنْتِنَةً

؛ الجِيَّة، بِالْكَسْرِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ: مجتَمَع الْمَاءِ فِي هَبْطَةٍ، وَقِيلَ: أَصلها الْهَمْزُ، وَقَدْ تُخَفَّفُ الْيَاءُ. وَفِي حَدِيثِ

نافِعِ بنِ جُبَيرِ بنِ مُطْعِمٍ: وترَكُوكَ بينَ قَرْنِها والْجِيَّة

؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الجِيَّةُ بِوَزْنِ النِّيَّة، والجَيَّةُ بِوَزْنِ المَرَّة، مُسْتَنْقَعُ الماءِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي الجِئَة: هُوَ الَّذِي تَسِيلُ إِليه الْمِيَاهُ؛ قَالَ شمر:

(3). قوله [وبين الجماجم] كذا بالأصل والتهذيب، والذي في التكملة: وبين الشواجن

(4)

. قوله [من فوقه شعف] هكذا في الأصل هنا، وتقدّم في مادة عتم:

من فوقه شعب

ص: 159