الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُقَالُ لَهُ جِيَّة وجَيْأَةٌ وكُلٌّ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: قِيَّةٌ مِنْ ماءٍ «1» . وجِيَّةٌ مِنْ مَاءٍ أَي ماءٌ ناقعٌ خَبِيثٌ، إِمّا مِلْحٌ وإِمّا مَخْلُوطٌ بِبَوْلٍ. والجِياءُ: وعاءُ الْقِدْرِ، وَهِيَ الجِئاوَةُ: وَقَوْلُ الأَعرابي فِي أَبي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ:
فَكانَ مَا جادَ لِي، لَا جادَ عَنْ سَعَةٍ،
…
ثلاثَةٌ زائفاتٌ ضَرْبُ جَيَّاتِ «2»
. يَعْنِي مِنْ ضَرب جَيٍّ، وَهُوَ اسْمُ مَدِينَةِ أَصبهان، معرَّب؛ وَكَانَ ذُو الرُّمَّةِ وَرَدَهَا فَقَالَ:
نَظَرْتُ ورَائِي نَظْرَة الشَّوْق، بَعْدَ ما
…
بَدَا الجَوُّ مِن جِيٍّ لَنَا والدَّسَاكر
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكرُ جِيٍّ، بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، وادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. وجايانِي مُجَايَاةً: قابَلَني، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: جَايَاني الرجلُ من قُرْبٍ قَابلني. ومرَّ بي مُجَايَاةً، غَيْرُ مَهْمُوزٍ، أَي مُقابلةً. وجِيَاوَةُ: حَيٌّ مِنْ قَيْس قَدْ دَرَجُوا وَلَا يُعْرَفُون، والله أَعلم.
فصل الحاء المهملة
حبا: حَبَا الشيءُ: دَنا؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وأَحْوَى، كأَيْمِ الضَّالِ أَطْرَقَ بعدَ ما
…
حَبَا تَحْتَ فَيْنانٍ، مِنَ الظِّلِّ، وارفِ
وحَبَوْتُ للخَمْسِين: دَنَوْتُ لَهَا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: دنوتُ مِنْهَا. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: حَبَاهَا وحَبَا لَها أَي دَنا لَها. وَيُقَالُ: إِنه لَحَابِي الشَّراسِيف أَي مُشْرِفُ الجَنْبَيْنِ. وحَبَتِ الشَّراسِيفُ حَبْواً: طالتْ وتَدانَتْ. وحَبَتِ الأَضْلاعُ إِلى الصُّلْب: اتَّصَلَتْ ودَنَتْ. وحَبَا المَسِيلُ: دَنَا بَعْضُه إِلَى بَعْضٍ. الأَزهري: يُقَالُ حَبَتِ الأَضْلاعُ وَهُوَ اتِّصالُها؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
حَابِي الحُيودِ فارِضُ الحُنْجُورِ
يعني اتصالَ رؤوس الأَضلاع بَعْضِهَا بِبَعْضٍ؛ وَقَالَ أَيضاً:
حَابِي حُيُودِ الزَّوْرِ دَوْسَرِيُ
وَيُقَالُ للمَسايِل إِذا اتَّصلَ بعضُها إِلى بَعْضٍ: حَبَا بعضُها إِلى بَعْضٍ؛ وأَنشد:
تَحْبُو إِلى أَصْلابه أَمْعاؤُه
قَالَ أَبو الدُّقَيْش: تَحْبُو هَاهُنَا تَتَّصل، قَالَ: والمِعَى كُلُّ مِذْنَبٍ بقَرار الحَضيض؛ وأَنشد:
كأَنَّ، بَيْنَ المِرْطِ والشُّفُوفِ،
…
رَمْلًا حَبَا مِنْ عَقَدِ العَزِيفِ
والعَزيف: مِنْ رِمَالِ بَنِي سَعْدٍ. وحَبَا الرملُ يَحْبُو حَبْواً أَي أَشَرَفَ مُعْتَرِضاً، فَهُوَ حَابٍ. والحَبْوُ: اتِّساعُ الرَّمْل. وَرَجُلٌ حَابِي المَنْكِبَيْن: مُرْتَفعُهما إِلى العُنُق، وَكَذَلِكَ الْبَعِيرُ. وَقَدِ احْتَبَى بِثَوْبِهِ احْتِبَاءً، والاحْتِبَاءُ بِالثَّوْبِ: الاشتمالُ، وَالِاسْمُ الحِبْوَةُ «3». والحُبْوَةُ والحِبْيَةُ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:
أَرْيُ الجَوارِسِ فِي ذُؤابةِ مُشْرِفٍ،
…
فِيهِ النُّسُورُ كَمَا تَحَبَّى المَوْكِبُ
يَقُولُ: اسْتَدَارَتِ النُّسورُ فيه كأَنهم رَكْبٌ
(1). قوله [قية من ماء] هكذا في الأصل والتهذيب
(2)
. قوله [ثلاثة زائفات إلخ] كذا أَنشده الجوهري، وقال الصاغاني وتبعه المجد: هو تصحيف قبيح وزاده قبحاً تفسيره إياه وإضافة الضرب إلى جيات مع أن القافية مرفوعة، وصواب إنشاده:
دَرَاهِمُ زَائِفَاتٌ ضَرْبَجِيَّاتُ
قَالَ: والضربجيّ الزائف
(3)
. قوله [والاسم الحبوة إلخ] ضبطت الأولى في الأصل كالصحاح بكسر الحاء، وفي القاموس بفتحها كما هو مقتضى إطلاقه
مُحْتَبُونَ. والحِبْوَة والحُبْوَة: الثوبُ الَّذِي يُحْتَبَى بِهِ، وَجَمْعُهَا حِبىً، مَكْسُورُ الأَول؛ عَنْ يَعْقُوبَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وحُبىً أَيضاً عَنْ يَعْقُوبَ ذَكَرَهُمَا مَعًا فِي إِصلاحه؛ قَالَ: ويُرْوَى بيتُ الْفَرَزْدَقِ وَهُوَ:
وَمَا حُلَّ مِنْ جَهْلٍ حُبَى حُلَمائنا،
…
وَلَا قائلُ المعروفِ فِينَا يُعَنَّفُ
بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، فَمَنْ كَسَر كَانَ مِثْلَ سِدْرة وسِدَرٍ وَمَنْ ضَمَّ فَمِثْلُ غُرْفَةٍ وغُرَف. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنِ الاحْتِباء فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ
؛ ابْنُ الأَثير: هُوَ أَن يَضُمَّ الإِنسانُ رِجْلَيْهِ إِلى بَطْنِهِ بِثَوْبٍ يَجْمَعُهُمَا بِهِ مَعَ ظَهْرِهِ ويَشُدُّه عَلَيْهَا، قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الاحْتِبَاء بِالْيَدَيْنِ عِوَضَ الثَّوْبِ، وإِنما نَهَى عَنْهُ لأَنه إِذا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِلا ثَوْبٌ وَاحِدٌ رُبَّمَا تَحَرَّكَ أَو زَالَ الثَّوْبُ فَتَبْدُو عَوْرَتُهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
الاحْتِبَاءُ حِيطَانُ العَرب
أَي لَيْسَ فِي الْبَرَارِيِّ حِيطانٌ، فإِذا أَرادوا أَن يَسْتَنِدُوا احْتَبَوْا لأَن الاحْتِبَاء يَمْنَعُهُمْ مِنَ السُّقوط وَيَصِيرُ لَهُمْ كَالْجِدَارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نُهِيَ عَنْ الحَبْوَةِ يومَ الْجُمُعَةَ والإِمامُ يَخْطُبُ لأَن الاحْتِبَاءَ يَجْلُب النومَ وَلَا يَسْمَعُ الخُطْبَةَ ويُعَرِّضُ طهارتَه لِلِانْتِقَاضِ.
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: نَبَطِيٌّ فِي حِبْوَتِه
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَالْمَشْهُورُ بِالْجِيمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: الحِبَا حِيطَانُ الْعَرَبِ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ، وَقَدِ احْتَبَى بِيَدِهِ احْتِبَاءً. الْجَوْهَرِيُّ: احْتَبَى الرجلُ إِذا جَمَع ظَهْرَهُ وَسَاقَيْهِ بِعِمَامَتِهِ، وَقَدْ يَحْتَبِي بِيَدَيْهِ. يُقَالُ: حَلَّ حِبْوَته وحُبْوَتَه. وَفِي حَدِيثِ
الأَحْنف: وَقِيلَ لَهُ فِي الْحَرْبِ أَين الحِلْمُ؟ فَقَالَ: عِنْدَ الحُبَى
؛ أَراد أَن الْحِلْمَ يَحْسُن فِي السِّلْم لَا فِي الْحَرْبِ. والحَابِيةُ: رَمْلَةٌ مُرْتَفِعَةٌ مُشْرِفة مُنْبتة. والحَابِي: نَبْتٌ سُمِّيَ بِهِ لِحُبُوّه وعُلُوِّه. وحَبَا حُبُوّاً: مَشَى عَلَى يَدَيْهِ وَبَطْنِهِ. وحَبَا الصَّبِيُّ حَبْواً: مَشَى عَلَى اسْتِه وأَشرف بِصَدْرِهِ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ إِذا زَحَفَ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ شَقِيقٍ:
لَوْلَا السِّفَارُ وبُعْدُه مِنْ مَهْمَهٍ،
…
لَتَركْتُها تَحْبُو عَلَى العُرْقُوبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: رَوَاهُ ابْنُ الْقَطَّاعِ: وبُعْدُ خَرْقٍ مَهْمَهٍ، وبُعْدُه مِنْ مَهْمَهٍ. اللَّيْثُ: الصَّبِيُّ يَحْبُو قَبْلَ أَن يَقُومَ، وَالْبَعِيرُ المَعْقُول يَحْبُو فَيَزْحَفُ حَبْواً. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمةِ وَالْفَجْرِ لأَتوهما وَلَوْ حَبْواً
؛ الحَبْوُ: أَن يَمْشِيَ عَلَى يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ أَو اسْتِهِ. وحَبَا البعيرُ إِذا بَرَك وزَحَفَ مِنَ الإِعْياء. والحَبِيُّ: السحابُ الَّذِي يُشرِفُ مِنَ الأُفُق عَلَى الأَرض، فَعِيل، وَقِيلَ: هُوَ السَّحَابُ الَّذِي بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ؛ قَالَ:
يُضِيءُ حَبِيّاً فِي شَمارخ بيضِ
قِيلَ لَهُ حَبِيٌّ مِنْ حَبَا كَمَا يُقَالُ لَهُ سَحاب مِنْ سَحَب أَهدابه، وَقَدْ جَاءَ بِكِلَيْهِمَا شعرُ الْعَرَبِ؛ قَالَتِ امرأَة:
وأَقْبلَ يَزْحَفُ زَحْفَ الكَبِير،
…
سِياقَ الرِّعاءِ البِطَاء العِشَارَا
وَقَالَ أَوسٌ:
دانٍ مُسِفٌّ فُوَيْقَ الأَرضِ هَيْدَبُه،
…
يَكادُ يَدْفَعُهُ مَنْ قامَ بالرَّاحِ
وَقَالَتْ صَبِيَّةٌ مِنْهُمْ لأَبيها فَتَجَاوَزَتْ ذَلِكَ:
أَناخَ بذِي بَقَرٍ بَرْكَهُ،
…
كأَنَّ عَلَى عَضُدَيْه كِتافا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والحَبِيُّ مِنَ السَّحاب الَّذِي يَعْترِض اعتراضَ الْجَبَلِ قَبْلَ أَن يُطَبِّقَ السماءَ؛ قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَصاحِ، تَرَى بَرْقاً أُرِيكَ وَمِيضَه،
…
كَلَمْعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّلِ
قَالَ: والحَبَا مِثْلُ العَصا مثْلُه، وَيُقَالُ: سُمِّيَ لدنُوِّه مِنَ الأَرض. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي مِثْلَ الحَبِيِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ يَصِفُ جَعبة السِّهَامِ:
هِيَ ابْنةُ حَوْبٍ أُمُّ تِسعين آزَرَتْ
…
أَخاً ثِقةً يَمْرِي حَبَاها ذَوائِبُه
والحَبِيُّ: سَحَابٌ فَوْقَ سَحَابٍ. والحَبْوُ: امْتِلَاءُ السَّحَابِ بِالْمَاءِ. وكلُّ دانٍ فَهُوَ حَابٍ. وَفِي الْحَدِيثِ حَدِيثِ
وَهْبٍ: كأَنه الجبلُ الحَابِي
، يَعْنِي الثقيلَ المُشْرِفَ. والحَبِيُّ مِنَ السَّحَابِ: المُتَراكِمُ. وحَبَا البعيرُ حَبْواً: كُلِّفَ تَسَنُّمَ صَعْبِ الرَّمْلِ فأَشرَف بِصَدْرِهِ ثُمَّ زحَف؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
أَوْدَيْتَ إِن لَمْ تَحْبُ حَبْوَ المُعْتَنِك
وَمَا جَاءَ إِلَّا حَبْواً أَي زَحْفاً. وَيُقَالُ مَا نَجا فُلَانٌ إِلا حَبْواً. والحَابِي مِنَ السِّهام: الَّذِي يَزْحَف إِلى الهَدَف إِذا رُمِيَ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: حَبَا السهمُ إِذا زَلَجَ عَلَى الأَرض ثُمَّ أَصاب الهَدَف. وَيُقَالُ: رَمَى ف أَحْبَى أَي وَقَعَ سهمُه دُونَ الغرَض ثُمَّ تَقافَزَ حَتَّى يُصِيبَ الْغَرَضَ. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّ حَابِياً خيرٌ مِنْ زاهِقٍ.
قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الحَابِي مِنَ السِّهَامِ هُوَ الَّذِي يَقَعُ دُونَ الهَدَف ثُمَّ يَزْحَفُ إِليه عَلَى الأَرض، يُقَالُ: حَبَا يَحْبُو، وإِن أَصاب الرُّقْعة فَهُوَ خازِقٌ وخاسِق، فإِن جَاوَزَ الهدَف وَوَقَعَ خلْفه فَهُوَ زاهِقٌ؛ أَراد أَن الحابِيَ، وإِن كَانَ ضَعِيفًا وَقَدْ أَصاب الهدَف، خَيْرٌ مِنَ الزَّاهِقِ الَّذِي جازَه بشدَّة مَرِّه وَقُوَّتِهِ وَلَمْ يُصِبِ الهدَف؛ ضرَب السَّهْمَيْنِ مَثَلًا لِوالِيَيْن أَحدهما يَنَالُ الْحَقَّ أَو بعضَه وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْآخَرُ يَجُوزُ الحقَّ ويَبْعد، عَنْهُ وَهُوَ. قويٌّ. وحَبَا المالُ حَبْواً: رَزَمَ فَلَمْ يَتَحَرَّك هُزالًا. وحَبَت السفينةُ: جَرَتْ. وحَبَا لَهُ الشيءُ، فَهُوَ حَابٍ وحَبِيٌّ: اعْتَرَضَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ قُرْقُوراً:
فَهْوَ إِذا حَبَا لَهُ حَبِيُ
فَمَعْنَى إِذا حَبَا لَهُ حَبِيٌّ: اعترضَ لَهُ مَوْجٌ. والحِبَاءُ: مَا يَحْبُو بِهِ الرجلُ صاحَبه وَيُكْرِمُهُ بِهِ. والحِبَاءُ: مِنَ الاحْتِبَاءِ؛ وَيُقَالُ فِيهِ الحُباءُ، بِضَمِّ الْحَاءِ، حَكَاهُمَا الْكِسَائِيُّ، جَاءَ بِهِمَا فِي بَابِ الْمَمْدُودِ. وحَبَا الرجلَ حَبْوةً أَي أَعطاه. ابْنُ سِيدَهْ: وحَبَا الرجُلَ حَبْواً أَعطاهُ، والاسم الحَبْوَة والحِبْوَة [الحُبْوَة] والحِبَاءُ، وَجَعَلَ اللِّحْيَانِيُّ جَمِيعَ ذَلِكَ مَصَادِرَ؛ وَقِيلَ: الحِبَاءُ العَطاء بِلَا مَنٍّ وَلَا جَزاءٍ، وَقِيلَ: حَبَاه أَعطاه ومَنَعَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي لَمْ يَحْكِهِ غَيْرُهُ. وَتَقُولُ: حَبَوْته أَحْبُوه حِباءً، وَمِنْهُ اشتُقّت المُحَابَاة، وحَابَيْتُه فِي الْبَيْعِ مُحَابَاة، والحِبَاءُ: الْعَطَاءُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
خالِي الذَّي اغْتَصَبَ المُلُوكَ نُفُوسَهُم،
…
وإِلَيْه كَانَ حِبَاءُ جَفْنَةَ يُنْقَلُ
وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ:
أَلا أَمْنَحُكَ أَلا أَحْبُوكَ؟
حَبَاه كَذَا إِذا أَعطاه. ابْنُ سِيدَهْ: حَبَا مَا حَوْله يَحْبُوه حَماهُ وَمَنَعَهُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
ورَاحَتِ الشَّوْلُ ولَمْ يَحْبُها
…
فَحْلٌ، وَلَمْ يَعْتَسَّ فِيهَا مُدِرّ «1»
. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: لَمْ يَحْبُها لم يتلفت إِليها أَي أَنَّهُ شُغِل بِنَفْسِهِ، وَلَوْلَا شُغْلُهُ بِنَفْسِهِ لحازَها وَلَمْ يُفَارِقْهَا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ حَبَّى مَا حَوْله تَحْبِيَة.
(1). قوله [وَلَمْ يَعْتَسَّ فِيهَا مُدِرْ] أي لم يطف فيها حالب يحلبها انتهى تهذيب
وحابَى الرجلَ حِباءً: نَصَرَهُ واخْتَصَّه ومالَ إِليه؛ قَالَ:
اصْبِرْ يزيدُ، فقدْ فارَقْتَ ذَا ثِقَةٍ،
…
واشْكُر حِباءَ الَّذِي بالمُلْكِ حَابَاكا
وَجَعَلَ المُهَلْهِلُ مَهْرَ المرأَةِ حِباءً فَقَالَ:
أَنكَحَها فقدُها الأَراقِمَ فِي
…
جَنْبٍ، وَكَانَ الحِباءُ منْ أَدَمِ
أَراد أَنهم لَمْ يَكُونُوا أَرباب نَعَمٍ فيُمْهِروها الإِبِلَ وَجَعَلَهُمْ دَبَّاغِين للأَدَمِ. وَرَجُلٌ أَحْبَى: ضَبِسٌ شِرِّيرٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
والدَّهْرُ أَحْبَى لَا يَزالُ أَلَمُهْ
…
تَدُقُّ أَرْكانَ الجِبال ثُلَمُهْ
وحَبا جُعَيْرانَ: نَبَاتٌ. وحُبَيٌّ والحُبَيَّا: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
جَعلْنا حُبَيّاً باليَمِينِ، ونَكَّبَتْ
…
كُبَيْساً لوِرْدٍ مِنْ ضَئِيدَةَ باكِرِ
وَقَالَ الْقَطَامِيُّ:
مِنْ عَنْ يَمينِ الحُبَيّا نَظْرةٌ قبَلُ
وَكَذَلِكَ حُبَيَّات؛ قَالَ عُمر بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
أَلمْ تَسل الأَطْلالَ والمُتَرَبَّعا،
…
ببَطْنِ حُبَيَّاتٍ، دَوارِسَ بَلْقَعا
الأَزهري: قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ فُلَانٌ يَحْبُو قَصَاهُم ويَحُوطُ قَصاهُمْ بِمَعْنًى؛ وأَنشد:
أَفْرِغْ لِجُوفٍ وِرْدُها أَفْرادُ
…
عَباهِلٍ عَبْهَلَها الوُرَّادُ
يَحْبُو قَصاها مُخْدَرٌ [مُخْدِرٌ] سِنادُ،
…
أَحْمَرُ مِنْ ضِئْضِئِها مَيّادُ
سِنادٌ: مُشْرف، ومَيَّاد: يجيء ويذهب.
حتا: حَتَا حَتْواً: عَدا عَدْواً شَدِيدًا. وحَتا هُدْبَ الكساءِ حَتْواً: كفَّه. وحَتَيْتُ الثوبَ وأَحْتَيْته وأَحْتأْته إِذا خِطْتَه، وَقِيلَ: فتَلْتَه فَتْلَ الأَكْسِية. شَمِرٌ: حاشِيَةُ الثوبِ طُرَّته مَعَ الطُّولِ، وصِنْفَتُه ناحِيتُه الَّتِي تَلِي الهُدْبَ. يُقَالُ: احْتُ صِنْفَةَ هَذَا الكِساء، وَهُوَ أَن يُفتل كَمَا يُفْتَلُ الكساءُ القُوْمَسِيُّ. والحَتْيُ: الفتْلُ. قَالَ اللَّيْثُ: الحَتْوُ كَفُّكَ هُدْب الْكِسَاءِ مُلْزَقاً بِهِ، تَقُولُ: حَتَوْتُه أَحْتُوه حَتْواً، قَالَ: وَفِي لغة حَتأْتُه حَتْأً. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حتَوْتُ هُدْب الْكِسَاءِ حَتْواً إِذا كفَفْتَه مُلْزَقاً بِهِ، يُهْمز وَلَا يُهْمز؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
ونَهْبٍ كجُمَّاعِ الثُّرَيَّا حَوَيْتُه
…
غِشَاشاً بمُحْتاتِ الصِّفاقَينِ خَيْفَقِ
المُحْتاتُ: المُوَثَّقُ الخَلْقِ، وإِنما أَراد مُحْتتِياً فَقَلَبَ مَوْضِعَ اللَّامِ إِلى الْعَيْنِ، وإِلا فَلَا مَادَّةَ لَهُ يُشْتَقُّ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ زَعَمَ ابْنِ الأَعرابي أَنه مَنْ قَوْلِكَ حتَوْتُ الْكِسَاءَ، إِلا أَنه لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى الْقَلْبِ، وَالْكَلِمَةُ وَاوِيَّةٌ وَيَائِيَّةٌ. والحَتِيُّ، عَلَى فَعِيل: سَوِيقُ المُقْلِ، وَقِيلَ: رَدِيئُهُ، وَقِيلَ: يَابِسُهُ؛ قَالَ الْهُذَلِيِّ:
لَا دَرَّ دَرِّيَ إِنْ أَطْعَمْتُ نازِلَكُمْ
…
قِرْفَ الحَتِيِّ، وعِنْدي البُرُّ مَكْنُوزُ
وأَنشد الأَزهري:
أَخذتُ لهُمْ سَلْفَيْ حَتِيٍّ وبُرْنُساً،
…
وسَحْقَ سَراوِيلٍ وجَرْدَ شَلِيلِ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنه أَعطى أَبا رَافِعٍ حَتِيّاً وعُكَّة سَمْنٍ
؛ الحَتِيُّ: سَوِيقُ المُقْلٍ. وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ:
فأَتيته بمِزْوَدٍ مَخْتُومٍ فإِذا فِيهِ
حَتِيٌّ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَتِيُّ مَا حُتَّ عَنِ المُقْل إِذا أَدْرَكَ فأُكِل، وَقِيلَ: الحَتِيُّ قِشرُ الشَّهدِ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ؛ وأَنشد:
وأَتَتْهُ بِزَغْدَبٍ وحَتِيٍّ،
…
بَعْدَ طِرْمٍ وتامِكٍ وثُمَالِ
والحَتِيُّ: مَتَاعُ الْبَيْتِ، وَهُوَ أَيضاً عَرَق الزَّبِيل وكِفافُه الَّذِي فِي شَفَتِه. الأَزهري: الحَتِيُّ الدِّمْنُ، والحَتِيُّ فِي الْغَزْلِ، والحَتِيُّ ثُفْلُ التَّمْرِ وَقُشُورُهُ. والحَاتِي: الْكَثِيرُ الشُّرْب. وَذَكَرَ الأَزهري فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ حتَّى قَالَ: حَتَّى مُشدَّدة، تُكْتَبُ بِالْيَاءِ وَلَا تُمال فِي اللَّفْظِ، وَتَكُونُ غَايَةً مَعْنَاهَا إِلى مَعَ الأَسماء، وإِذا كَانَتْ مَعَ الأَفعال فَمَعْنَاهَا إِلى أَن، وَلِذَلِكَ نَصَبُوا بِهَا الغابِرَ، قَالَ: وَقَالَ أَبو زَيْدٍ سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ جَلَسْتُ عِنْدَهُ عَتَّى الليلِ، يُرِيدُونَ حَتَّى اللَّيْلِ فيقلبون الحاء عيناً.
حثا: ابْنُ سِيدَهْ: حَثَا عَلَيْهِ الترابَ حَثْواً هَالَهُ، وَالْيَاءُ أَعلى. الأَزهري: حَثَوْتُ الترابَ وحثي
حَثَيْتُ حَثْواً وحثي
حَثْياً، وحَثَا الترابُ نفسُه وَغَيْرُهُ يَحْثُو ويَحْثَى؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ، وَنَظِيرُهُ جَبا يَجْبَى وقَلا يَقْلَى. وقد حثي
حَثَى عليه الترابَ حثي
حَثْياً واحْتَثَاه وحثي
حَثَى عَلَيْهِ الترابُ نفسُه وَحَثَى
حَثَى الترابَ في وجهه حثي
حَثْياً: رَمَاهُ. الْجَوْهَرِيُّ: حَثَا فِي وَجْهِهِ التُّرَابَ يَحْثُو ويَحْثِي حَثْواً وحَثْياً وتَحْثاءً. والحَثَى: التُّرَابُ المَحْثُوُّ أَو الْحَاثِي، وَتَثْنِيَتُهُ حَثَوَان وحَثَيَان. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الحَثَى الترابُ المَحْثِيُّ. وَفِي حَدِيثِ
الْعَبَّاسِ وَمَوْتِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، ودفنِه: وإِنْ يكنْ ما تقول يا ابنَ الْخَطَّابِ حَقّاً فإِنه لنْ يَعْجِزَ أَن يَحْثُوَ عَنْهُ
أَي يرميَ عَنْ نَفْسِهِ الترابَ ترابَ القبرِ ويقُومَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
احْثُوا فِي وُجُوهِ المَدَّاحِين الترابَ
أَي ارْمُوا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُرِيدُ بِهِ الخَيْبة وأَن لَا يُعْطَوْا عَلَيْهِ شَيْئًا، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يُجْرِيهِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَيَرْمِي فِيهَا التُّرَابَ. الأَزهري: حَثَوْت عَلَيْهِ الترابَ وحَثَيتُ حَثْواً وحَثْياً؛ وأَنشد:
الحُصْنُ أَدْنَى، لَوْ تَآيَيْتِه،
…
مِنْ حَثْيِكِ التُّرْبَ عَلَى الرَّاكِبِ
الحُصْن: حَصانة المرأَة وعِفَّتها. لو تآييتِه أَي قصدْتِه. وَيُقَالُ لِلتُّرَابِ: الحَثَى. وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: يَا لَيْتَنِي المَحْثِيُّ عَلَيْهِ؛ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ كَانَ قَاعِدًا إِلى امرأَة فأَقبل وَصِيلٌ لَهَا، فَلَمَّا رأَته حَثَتْ فِي وَجْهِهِ التُّرَابَ تَرْئِيَةً لجَلِيسِها بأَن لَا يدنُوَ مِنْهَا فَيطَّلِعَ عَلَى أَمرهما؛ يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ تَمَنِّي منزلةِ مَنْ تُخْفَى لَهُ الكرامةُ وتُظْهَر لَهُ الإِهانة. والحَثْيُ: مَا رَفَعْتَ بِهِ يَدَيْكَ. وَفِي حَدِيثِ الْغُسْلِ:
كَانَ يَحْثِي عَلَى رأْسه ثَلاثَ حَثَياتٍ
أَي ثَلَاثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ، وَاحِدَتُهَا حَثْيَة. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ وَزَيْنَبَ، رضي الله عنهما: فَتقاوَلَتا حَتَّى اسْتَحْثَتَا
؛ هُوَ اسْتَفْعَل مِنَ الحَثْيِ، وَالْمُرَادُ أَن كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَمَتْ فِي وَجْهِ صَاحِبَتِهَا التُّرَابَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
ثَلَاثُ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَات رَبِّي تبارك وتعالى
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مُبَالَغَةٌ فِي الْكَثْرَةِ وإِلا فَلَا كَفَّ ثَمَّ وَلَا حَثْيَ، جَلَّ اللَّهُ تبارك وتعالى عَنْ ذَلِكَ وَعَزَّ. وأَرض حَثْواء: كَثِيرَةُ التُّرَابِ. وحَثَوْت لَهُ إِذا أَعطيته شَيْئًا يَسِيرًا. والحَثَى، مَقْصُورٌ: حُطام التِّبْن؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والحَثَى أَيضاً: دُقاق التِّبْن، وَقِيلَ: هُوَ التِّبْن المُعْتَزَل عَنِ الْحَبِّ، وَقِيلَ أَيضاً: التِّبْنُ خَاصَّةً؛ قَالَ:
تسأَلُني عَنْ زَوْجِها أَيُّ فَتَى
…
خَبٌّ جَرُوزٌ، وإِذا جاعَ بَكى
ويأْكُلُ التمرَ وَلَا يُلقِي النَّوَى،
…
كأَنه غِرارةٌ ملأَى حَثَا
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: فإِذا حَصير بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ الذَّهَبُ مَنْثوراً نَثْرَ الحَثَى
؛ هُوَ، بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ: دُقاق التِّبْنِ، وَالْوَاحِدَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حَثَاة. والحَثَى: قُشُورُ التَّمْرِ، يُكْتَبُ بِالْيَاءِ والأَلف، وَهُوَ جَمْعُ حَثَاة، وَكَذَلِكَ الثَّتَا، وَهُوَ جَمْعُ ثَتَاة: قشورُ التمرِ ورديئُه. والحاثِيَاءُ: تُرَابُ جُحْر اليَرْبوع الَّذِي يَحْثُوه بِرِجْلِهِ، وَقِيلَ: الحَاثِياءُ جُحْرٌ مِنْ جِحَرة الْيَرْبُوعِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالْجَمْعُ حَوَاثٍ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: الحَاثِياءُ تُرَابٌ يُخْرِجُهُ الْيَرْبُوعُ مِنْ نافِقائِهِ، بُني عَلَى فاعِلاءَ. والحَثَاة: أَن يُؤْكَلَ الْخُبْزُ بِلَا أُدْمٍ؛ عَنْ كُرَاعٍ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ لأَن لَامَهَا تَحْتَمِلُهُمَا مَعًا؛ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ:
حجا: الحِجَا، مَقْصُورٌ: الْعَقْلُ والفِطْنة؛ وأَنشد اللَّيْثُ للأَعشى:
إِذْ هِيَ مِثْلُ الغُصْنِ مَيَّالَةٌ
…
تَرُوقُ عَيْنَيْ ذِي الحِجَا الزائِر
وَالْجَمْعُ أَحْجاءٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ليَوْم مِنَ الأَيَّام شَبَّهَ طُولَهُ
…
ذَوُو الرَّأْي والأَحْجَاءِ مُنْقَلِعَ الصَّخْرِ
وَكَلِمَةٌ مُحْجِيَةٌ: مُخَالِفَةُ الْمَعْنَى لِلَّفْظِ، وَهِيَ الأُحْجِيَّةُ والأُحْجُوَّة، وَقَدْ حاجَيْتُه مُحَاجَاةً وحِجاءً: فاطَنْتُه فَحَجَوْتُه. وَبَيْنَهُمَا أُحْجِيَّة يَتَحَاجَوْنَ بِهَا، وأُدْعِيَّةٌ فِي مَعْنَاهَا. وَقَالَ الأَزهري: حاجَيْتُه فَحَجَوْتُه إِذا أَلقيتَ عَلَيْهِ كَلِمَةً مُحْجِيَةً مخالفةَ الْمَعْنَى لِلَّفْظِ، والجَواري يَتَحَاجَيْنَ. وَتَقُولُ الجاريةُ للأُخْرَى: حُجَيَّاكِ مَا كَانَ كَذَا وَكَذَا. والأُحْجِيَّة: اسْمُ المُحاجاة، وَفِي لُغَةٍ أُحْجُوَّة. قَالَ الأَزهري: وَالْيَاءُ أَحسن. والأُحْجِيَّة والحُجَيَّا: هِيَ لُعْبة وأُغْلُوطة يَتَعاطاها الناسُ بَيْنَهُمْ، وَهِيَ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِمْ أَخْرِجْ مَا فِي يَدِي وَلَكَ كَذَا. الأَزهري: والحَجْوَى أَيضاً اسْمُ المُحاجاة؛ وَقَالَتِ ابنةُ الخُسِّ:
قَالَتْ قالَةً أُخْتِي
…
وحَجْوَاها لَهَا عَقْلُ:
تَرَى الفِتْيانَ كالنَّخْلِ،
…
وَمَا يُدْريك مَا الدَّخْلُ؟
وَتَقُولُ: أَنا حُجَيَّاك فِي هَذَا أَي مَنْ يُحاجِيكَ. واحْتَجَى هُوَ: أَصاب مَا حاجَيْتَه بِهِ؛ قَالَ:
فنَاصِيَتي وراحِلَتي ورَحْلي،
…
ونِسْعا ناقَتي لِمَنِ احْتَجَاها
وَهُمْ يَتَحاجَوْنَ بِكَذَا. وَهِيَ الحَجْوَى. والحُجَيَّا: تَصْغِيرُ الحَجْوى. وحُجَيَّاك مَا كَذَا أَي أُحاجِيكَ. وفلان يأْتينا ب الأَحَاجِي أَي بالأَغاليط. وَفُلَانٌ لَا يَحْجُو السِّرَّ أَي لَا يَحْفَظُهُ. أَبو زَيْدٍ: حَجَا سِرَّه يَحْجُوه إِذا كَتَمَهُ. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: لَا مُحَاجَاةَ عِنْدِي فِي كَذَا وَلَا مُكافأَة أَي لَا كِتْمان لَهُ وَلَا سَتْر عِنْدِي. وَيُقَالُ لِلرَّاعِي إِذا ضَيَّعَ غَنَمَهُ فتفرَّقت: مَا يَحْجُو فلانٌ غَنَمه وَلَا إِبِلَه. وسِقاء لَا يَحْجُو الماءَ: لَا يُمْسِكُهُ. ورَاعٍ لَا يَحْجُو إِبله أَي لَا يَحْفَظُهَا، وَالْمَصْدَرُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ الحَجْو، وَاشْتِقَاقُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ؛ وَقَوْلُ الْكُمَيْتِ:
هَجَوْتُكُمْ فَتَحَجَّوْا مَا أَقُول لَكُمْ
…
بالظّنِّ، إِنكُمُ مِنْ جارَةِ الْجَارِ
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: قَوْلُهُ فَتَحَجَّوْا أَي تفَطَّنوا لَهُ وازْكَنُوا، وَقَوْلُهُ مِنْ جَارَةِ الْجَارِ أَراد: إِن أُمَّكم وَلَدَتْكُمْ مِنْ دُبُرِهَا لَا مِنْ قُبُلِهَا؛ أَراد: إِن آبَاءَكُمْ يأْتون
النِّسَاءَ فِي مَحاشِّهِنَّ، قَالَ: هُوَ مِنَ الحِجَى العقلِ وَالْفِطْنَةِ، قَالَ: وَالدُّبُرُ مُؤَنَّثَةٌ والقُبل مُذَكَّرٌ، فَلِذَلِكَ قَالَ جَارَةَ الْجَارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَن بَاتَ عَلَى ظَهر بيتٍ لَيْسَ عليهِ حَجاً [حِجاً] فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمّة
؛ هَكَذَا رَوَاهُ الخطَّابي فِي مَعالِمِ السُّنن، وَقَالَ: إِنه يُرْوَى بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا، وَمَعْنَاهُ فِيهِمَا مَعْنَى السِّتر، فَمَنْ قَالَ بِالْكَسْرِ شَبَّهَهُ بِالْحِجَى الْعَقْلِ لأَنه يَمْنَعُ الإِنسان مِنَ الْفَسَادِ وَيَحْفَظُهُ مِنَ التَّعَرُّضِ لِلْهَلَاكِ، فَشَبَّهَ السِّتْرَ الَّذِي يَكُونُ عَلَى السَّطْحِ الْمَانِعِ للإِنسان مِنَ التردِّي وَالسُّقُوطِ بِالْعَقْلِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ أَفعال السُّوءِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلى التَّرَدِّي، وَمَنْ رَوَاهُ بِالْفَتْحِ فَقَدْ ذَهَبَ إِلى النَّاحِيَةِ وَالطَّرَفِ. وأَحْجاء الشَّيْءِ: نَوَاحِيهِ، وَاحِدُهَا حَجاً. وَفِي حَدِيثِ المسأَلة:
حَتَّى يقولَ ثلاثةٌ مِنْ ذَوِي الحِجَى قَدْ أَصابَتْ فُلَانًا فاقةٌ فحَلَّت لَهُ المسأَلة
، أَي مِنْ ذَوِي الْعَقْلِ. والحَجا: النَّاحِيَةُ. وأَحْجَاءُ البلادِ: نَواحيها وأَطرافُها؛ قَالَ ابْنُ مُقْبل:
لَا تُحْرِزُ المَرْءَ أَحْجَاءُ البلادِ، وَلَا
…
تُبْنَى لَهُ فِي السماواتِ السلالِيمُ
وَيُرْوَى: أَعْناءُ. وحَجَا الشَّيْءِ: حَرْفُه؛ قَالَ:
وكأَنَّ نَخْلًا فِي مُطَيْطةَ ثاوِياً،
…
والكِمْعُ بَيْنَ قَرارِها وحَجَاها
وَنَسَبَ ابْنُ بَرِّيٍّ هَذَا الْبَيْتَ لِابْنِ الرِّقَاع مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى قَوْلِهِ: والحَجَا مَا أَشرف مِنَ الأَرض. وحَجَا الْوَادِي: مُنْعَرَجُهُ. والحَجَا: الملجأُ، وَقِيلَ: الْجَانِبُ، وَالْجَمْعُ أَحْجَاء. اللِّحْيَانِيُّ: مَا لَهُ مَلْجأ وَلَا مَحْجَى بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: إِنه لَ حَجِيٌّ إِلى بَنِي فُلَانٍ أَي لاجئٌ إِليهم. وتَحَجَّيت الشيءَ: تعمَّدته؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فَجَاءَتْ بأَغْباش تَحَجَّى شَرِيعَةً
…
تِلاداً عَلَيْهَا رَمْيُها واحْتِبالُها
قَالَ: تَحَجَّى تَقْصِدُ حَجاهُ، وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ: فجاءَ بأَغْباشٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ بِالتَّاءِ لأَنه يَصِفُ حَمِيرَ وَحْشٍ، وتِلاداً أَي قَدِيمَةً، عَلَيْهَا أَي عَلَى هَذِهِ الشَّرِيعَةِ مَا بَيْنَ رامٍ ومُحْتَبِل؛ وَفِي التَّهْذِيبِ للأَخطل:
حَجَوْنا بَنِي النُّعمان، إِذْ عَصَّ مُلْكُهُمْ،
…
وقَبْلَ بَني النُّعْمانِ حارَبَنا عَمْرُو
قَالَ: الَّذِي فَسَّرَهُ حَجَوْنا قَصَدْنَا وَاعْتَمَدْنَا. وتَحَجَّيت الشيءَ: تَعَمَّدْتُهُ. وحَجَوْت بِالْمَكَانِ: أَقمت بِهِ، وَكَذَلِكَ تحَجَّيْت بِهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَجا بِالْمَكَانِ حَجْواً وتَحَجَّى أَقام فَثَبَتَ؛ وأَنشد الْفَارِسِيُّ لعُمارة بْنِ أَيمن الرَّيَّانِيِّ «2» .
حَيْثُ تَحَجَّى مُطْرِقٌ بالفالِقِ
وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ التَّمَسُّكِ وَالِاحْتِبَاسِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فهُنَّ يَعْكُفْنَ بِهِ، إِذا حَجَا،
…
عكْفَ النَّبِيطِ يَلْعبونَ الفَنْزَجا
التَّهْذِيبُ عَنِ الْفَرَّاءِ: حَجِئْت بِالشَّيْءِ وتَحَجَّيْت بِهِ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، تَمَسَّكْتُ وَلَزِمْتُ؛ وأَنشد بَيْتَ ابْنِ أَحمر:
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تحَجَّى
…
بآخِرِنا، وتَنْسَى أَوَّلِينا
أَي تمسَّكُ بِهِ وتَلْزَمه، قَالَ: وَهُوَ يَحْجُو بِهِ؛ وأَنشد لِلْعَجَّاجِ:
فهُنَّ يَعْكُفْنَ بِهِ إِذا حَجَا
أَي إِذا أَقام بِهِ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
أَطَفَّ لأَنْفِه المُوسَى قَصِيرٌ،
…
وَكَانَ بأَنْفِه حَجِئاً ضَنِينا
قَالَ شَمِرٌ: تَحَجَّيْت تَمَسَّكْتُ جَيِّدًا. ابْنُ الأَعرابي: الحَجْوُ
(2). قوله [ابن أيمن الرياني] هكذا في الأَصل
الْوُقُوفُ، حَجَا إِذا وَقَفَ؛ وَقَالَ: وحَجَا مَعْدُولٌ مِنْ جَحا إِذا وَقَفَ. وحَجِيت بِالشَّيْءِ، بِالْكَسْرِ، أَي أُولِعْت بِهِ وَلَزِمْتُهُ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، وَكَذَلِكَ تَحَجَّيت بِهِ؛ وأَنشد بَيْتَ ابْنِ أَحمر:
أَصمَّ دُعاءُ عَاذِلَتِي تَحَجَّى
يُقَالُ: تحَجَّيْت بِهَذَا الْمَكَانِ أَي سَبَقْتُكُمْ إِليه وَلَزِمْتُهُ قَبْلَكُمْ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَصمَّ دعاءُ عَاذِلَتِي أَي جَعَلَهَا اللَّهُ لَا تَدْعو إِلا أَصَمَّ. وَقَوْلُهُ: تَحَجَّى أَي تَسْبِقُ إِليهم باللَّوم وتدعُ الأَولين. وحَجَا الفحلُ الشُّوَّل يَحْجُو: هدَر فعرفَت هَدِيرَهُ فَانْصَرَفَتْ إِليه. وحَجَا بِهِ حَجْواً وتَحَجَّى، كِلَاهُمَا: ضَنَّ، وَمِنْهُ سُمِّيَ الرَّجُلُ حَجْوة. وحَجَا الرَّجُلُ لِلْقَوْمِ كَذَا وَكَذَا أَي حَزَاهُمْ وَظَنَّهُمْ كَذَلِكَ. وإِني أَحْجُو بِهِ خَيْرًا أَي أَظن. الأَزهري: يُقَالُ تَحَجَّى فُلَانٌ بِظَنِّهِ إِذا ظَنَّ شَيْئًا فَادَّعَاهُ ظَانًّا وَلَمْ يَسْتَيْقِنْهُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
تَحَجَّى أَبوها مَنْ أَبوهُم فصادَفُوا
…
سِواهُ، ومَنْ يَجْهَلْ أَباهُ فقدْ جَهِلْ
وَيُقَالُ: حَجَوْتُ فُلَانًا بِكَذَا إِذا ظَنَنْتَهُ بِهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
قَدْ كنتُ أَحْجُو أَبا عَمْروٍ أَخاً ثِقةً،
…
حَتَّى أَلَمَّتْ بِنَا يَوْماً مُلِمَّاتُ
الْكِسَائِيُّ: مَا حَجَوْتُ مِنْهُ شَيْئًا وَمَا هَجَوْتُ مِنْهُ شَيْئًا أَي مَا حفِظت مِنْهُ شَيْئًا. وحَجَتِ الريحُ السَّفِينَةَ: سَاقَتْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَقْبَلت سفينةٌ فحَجَتْها الريحُ إِلى مَوْضِعِ كَذَا
أَي سَاقَتْهَا وَرَمَتْ بِهَا إِليه. وَفِي التَّهْذِيبِ: تحجَّيتكم إِلى هَذَا الْمَكَانِ أَي سَبَقْتُكُمْ إِليه. ابْنُ سِيدَهْ: والحَجْوة الحَدَقة. اللَّيْثُ: الحَجْوة هِيَ الجَحْمة يَعْنِي الحَدَقة. قَالَ الأَزهري: لَا أَدري هِيَ الجَحْوة أَو الحَجْوة لِلْحَدَقَةِ. ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ حَجٍ أَنْ يفعلَ كَذَا وحَجِيٌّ وحَجاً أَي خَلِيقٌ حَرِيٌّ بِهِ، فَمَنْ قَالَ حَجٍ وحَجِيٌّ ثنَّى وجمَعَ وأَنَّث فَقَالَ حَجِيانِ وحَجُونَ وحَجِيَة وحَجِيتانِ وحَجِياتٌ وَكَذَلِكَ حَجِيٌّ فِي كُلِّ ذَلِكَ، وَمَنْ قَالَ حَجاً لَمْ يثنِّ وَلَا جَمَعَ وَلَا أَنث كَمَا قُلْنَا فِي قَمَن بَلْ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَا يُقَالُ حَجًى. وإِنه لمَحْجَاةٌ أَن يَفْعَلَ أَي مَقْمَنةٌ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ بَلْ كُلُّ ذَلِكَ عَلَى لَفْظِ وَاحِدٍ. وَفِي التَّهْذِيبِ: هُوَ حَجٍ وَمَا أَحْجَاه بِذَلِكَ وأَحْراه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كَرَّ بأَحْجَى مانِعٍ أَنْ يَمْنَعا
وأَحْجِ بِهِ أَي أَحْرِ بِهِ، وأَحْجِ بِهِ أَي مَا أَخْلَقَه بِذَلِكَ وأَخْلِقْ بِهِ، وَهُوَ مِنَ التَّعَجُّبِ الَّذِي لَا فِعْلَ لَهُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لمَخْرُوعِ بْنِ رَقِيعٍ:
وَنَحْنُ أَحْجَى الناسِ أَنْ نَذُبَّا
…
عنْ حُرْمةٍ، إِذا الحَدِيثُ عَبَّا،
والقائِدون الخيلَ جُرْداً قُبّا
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ صَيَّادٍ: مَا كَانَ فِي أَنفُسْنا أَحْجَى أَنْ يَكُونَ هُوَ مُذْ ماتَ
، يَعْنِي الدجالَ، أَحْجَى بِمَعْنَى أَجْدَر وأَولى وأَحق، مِنْ قَوْلِهِمْ حَجَا بِالْمَكَانِ إِذا أَقام بِهِ وَثَبَتَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّكم، معاشرَ هَمْدانَ، مِنْ أَحْجَى حَيٍّ بِالْكُوفَةِ
أَي أَولى وأَحقّ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ أَعْقَلِ حيٍّ بِهَا. والحِجاءُ، مَمْدُودٌ: الزَّمْزَمة، وَهُوَ مِنْ شِعار المَجُوس؛ قَالَ:
زَمْزَمة المَجُوسِ فِي حِجائِها
قَالَ
ابْنُ الأَعرابي فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ: رأَيت علْجاً يومَ القادِسِيَّة قَدْ تكَنَّى وتَحَجَّى فقَتلْته
؛
قَالَ ثَعْلَبٌ: سأَلت ابْنَ الأَعرابي عَنْ تَحَجَّى فَقَالَ مَعْنَاهُ زَمْزَمَ، قَالَ: وكأَنهما لُغَتَانِ إِذا فتَحتَ الْحَاءَ قَصَرْتَ وإِذا كَسَرْتَهَا مَدَدْتَ، وَمِثْلُهُ الصَّلا والصِّلاءُ والأَيا والإِياءُ لِلضَّوْءِ؛ قَالَ: وتكَنَّى لَزِمَ الكِنَّ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ: قِيلَ هُوَ مِنَ الحَجَاة السِّتر. واحْتَجَاه إِذا كتَمَه. والحَجَاةُ: نُفَّاخة الْمَاءِ مِنْ قَطْرٍ أَو غَيْرِهِ؛ قَالَ:
أُقْلِّبُ طَرْفي فِي الفَوارِسِ لَا أَرَى
…
حِزَاقاً، وعَيْنِي كالحَجَاةِ مِنَ القَطْرِ «3»
. وَرُبَّمَا سَمَّوُا الْغَدِيرَ نَفْسَهُ حَجَاةً، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حَجًى، مَقْصُورٌ، وحُجِيٌّ. الأَزهري: الحَجَاةُ فُقَّاعة تَرْتَفِعُ فَوْقَ الْمَاءِ كأَنها قَارُورَةٌ، وَالْجَمْعُ الحَجَوات. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرٍو: قَالَ لِمُعَاوِيَةَ فإِنَّ أَمرَك كالجُعْدُبَة أَو كالحَجَاةِ فِي الضَّعْفِ
؛ الحَجَاة، بِالْفَتْحِ: نُفَّاخات الْمَاءِ. واستَحْجَى اللحمُ: تَغَيَّرَ رِيحُهُ مِنْ عَارِضٍ يُصِيبُ البعيرَ أَو الشَّاةَ أَو ما اللحمُ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ عُمر طَافَ بِنَاقَةٍ قَدِ انْكَسَرَتْ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا هِيَ بِمُغِدٍّ فيَسْتَحْجِيَ لَحْمُها
، هُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ والمُغِدُّ: النَّاقَةُ الَّتِي أَخذتها الغُدَّة وَهِيَ الطَّاعُونُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَمَلْنَا هَذَا عَلَى الْيَاءِ لأَنا لَا نَعْرِفُ مِنْ أَي شَيْءٍ انْقَلَبَتْ أَلفه فَجَعَلْنَاهُ مِنَ الأَغلب عَلَيْهِ وَهُوَ الْيَاءُ، وَبِذَلِكَ أَوصانا أَبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ رحمه الله. وأَحْجَاءٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
قَوالِص أَطْرافِ المُسُوحِ كأَنَّها،
…
برِجْلَةِ أَحْجَاءٍ، نَعامٌ نَوافِرُ
حدا: حَدَا الإِبِلَ وحَدَا بِها يَحْدُو حَدْواً وحُدَاءً [حِدَاءً]، مَمْدُودٌ: زَجَرَها خَلْفَها وساقَها. وتَحَادَتْ هِيَ: حَدَا بعضُها بَعْضًا؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
أَرِقْتُ لَهُ حتَّى إِذا مَا عُرُوضُه
…
تَحَادَتْ وهاجَتْها بُرُوق تُطِيرُها
ورجلٌ حَادٍ وحَدَّاءٌ؛ قَالَ:
وكانَ حَدَّاءً قُراقِرِيَّا
الْجَوْهَرِيُّ: الحَدْوُ سَوْقُ الإِبِل والغِناء لَهَا. وَيُقَالُ للشَّمالِ حَدْوَاءُ لأَنها تَحْدُو السحابَ أَي تَسوقُه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
حَدْوَاءُ جاءتْ مِنْ جبالِ الطُّورِ
…
تُزْجِي أَراعِيلَ الجَهَامِ الخُورِ
وَبَيْنَهُمْ أُحْدِيّة وأُحْدُوَّة أَي نَوْعٌ مِنَ الحُدَاء يحْدُونَ بِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وحَدَا الشيءَ يَحْدُوه حَدْواً واحْتَدَاه: تَبِعَهُ؛ الأَخيرة عَنْ أَبي حَنِيفَةَ؛ وأَنشد:
حَتَّى احْتَدَاه سَنَنَ الدَّبُورِ
وحَدِيَ بِالْمَكَانِ حَداً: لَزِمَهُ فَلَمْ يَبْرَحْه. أَبو عَمْرٍو: الحَادِي الْمُتَعَمِّدُ لِلشَّيْءِ. يُقَالُ: حَدَاه وتَحَدَّاه وتَحَرَّاه بِمَعْنًى وَاحِدٍ، قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ مُجَاهِدٍ: كنتُ أَتَحَدَّى القُرَّاءَ فأَقْرَأُ أَي أَتعَمَّدهم. وَهُوَ حُدَيَّا الناسِ أَي يَتَحَدَّاهم ويَتَعَمَّدهم. الْجَوْهَرِيُّ: تَحَدَّيْتُ فُلَانًا إِذا بارَيْته فِي فِعْلٍ ونازَعْته الغَلَبةَ. ابْنُ سِيدَهْ: وتحَدَّى الرجلَ تعمَّدَه، وتَحَدَّاه: بَارَاهُ ونَازَعه الغَلَبَةَ، وَهِيَ الحُدَيَّا. وأَنا حُدَيَّاك فِي هَذَا الأَمر أَي ابْرُزْ لِي فِيهِ؛ قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ:
حُدَيَّا الناسِ كلِّهِمِ جَمِيعاً،
…
مُقارَعَةً بَنِيهمْ عَنْ بَنِينَا
وَفِي التَّهْذِيبِ تَقُولُ: أَنا حُدَيَّاكَ بِهَذَا الأَمر أَي ابْرُزْ لِي وَحْدك وجارِنِي؛ وأَنشد:
حُدَيَّا الناسِ كُلِّهِمُو جَميعاً
…
لِنَغْلِبَ فِي الخُطُوب الأَوَّلِينَا
(3). قوله [حزاقاً وعيني إلخ] كذا بالأَصل تبعاً للمحكم، والذي في التهذيب:
وعيناي فيها كالحَجَاة
…
وحُدَيَّا النَّاسِ: واحدُهم؛ عَنْ كُرَاعٍ. الأَزهري: يُقَالُ لَا يَقُومُ «1» . بِهَذَا الأَمر إِلا ابْنُ إِحْدَاهما، وَرُبَّمَا قِيلَ لِلْحِمَارِ إِذا قَدَّمَ آتُنَه حادٍ. وحَدَا العَيْرُ أُتُنَه أَي تَبِعَهَا؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّه حينَ يرمِي خَلْفَهُنَّ بِه
…
حَادِي ثَلاثٍ منَ الحُقْبِ السَّماحِيجِ «2»
. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ للعَيْرِ حَادِي ثَلاثٍ وحَادِي ثَمَانٍ إِذا قَدَّم أَمامَه عِدَّة مِنْ أُتُنِهِ. وحَدَا الريشُ السَّهم: تَبِعَهُ. والحَوَادِي: الأَرْجُل لأَنها تَتْلُو الأَيدي؛ قَالَ:
طِوالُ الأَيادي والحَوَادِي، كأَنَّها
…
سَمَاحِيجُ قُبٌّ طارَ عَنْها نُسالُها
وَلَا أَفْعَله مَا حَدَا الليلُ النهارَ أَي مَا تَبِعَهُ. التَّهْذِيبُ: الهَوَادِي أَوَّلُ كلِّ شيءٍ، والحَوَادِي أَواخِرُ كلِّ شيءٍ. وَرَوَى الأَصمعي قَالَ: يُقَالُ لَكَ هُدَيَّا هَذَا وحُدَيَّا هَذَا وشَرْوَاه وشَكلُه كُلُّه واحِد. الْجَوْهَرِيُّ: قَوْلُهُمْ حَادِي عَشَر مَقْلُوبٌ مِنْ وَاحِدٍ لأَن تقديرَ واحدٍ فاعلٌ فأَخَّروا الْفَاءَ، وَهِيَ الْوَاوُ، فَقُلِبَتْ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَقَدَّمَ الْعَيْنَ فَصَارَ تَقْدِيرُهُ عَالِفٌ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الحِدَوْ والأَفْعَوْ
؛ هِيَ لُغَةٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى مَا آخِرُهُ أَلف، تُقْلَبُ الأَلف وَاوًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْلِبُهَا يَاءً، يُخَفَّفُ وَيُشَدَّدُ. والحِدَوُ: هُوَ الحِدَأُ، جَمْعُ حِدَأَةٍ وَهِيَ الطَّائِرُ الْمَعْرُوفُ، فَلَمَّا سَكَّنَ الْهَمْزَ لِلْوَقْفِ صَارَتْ أَلفاً فَقَلَبَهَا وَاوًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
لُقْمَانَ: إِنْ أَرَ مَطْمَعِي فَ حِدَوٌّ تَلَمَّعُ
أَي تَخْتَطِفُ الشيءَ فِي انْقِضاضِها، وَقَدْ أَجْرَى الوصلَ مُجْرَى الْوَقْفِ فقَلَب وشدَّد، وَقِيلَ: أَهلُ مَكَّةَ يسمُّون الحِدَأَ حِدَوّاً بِالتَّشْدِيدِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
تَحْدُونِي عَلَيْهَا خَلَّةٌ واحِدَةٌ
أَي تبعَثُني وتَسُوقُني عَلَيْهَا خَصْلة وَاحِدَةٌ، وَهُوَ مِنْ حَدْوِ الإِبل فإِنه مِنْ أَكبر الأَشياء عَلَى سَوْقِها وبَعْثها. وبَنُو حادٍ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ. وحَدْوَاء: مَوْضِعٌ بِنَجْدٍ. وحَدَوْدَى: موضع.
حَذَا: حَذَا النعلَ حَذْواً وحِذَاءً: قدَّرها وقَطَعها. وَفِي التَّهْذِيبِ: قَطَعَهَا عَلَى مِثالٍ. وَرَجُلٌ حَذَّاءٌ: جَيّد الحَذْوِ. يُقَالُ: هُوَ جَيّدُ الحِذَاءِ أَي جَيِّد القَدِّ. وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ يَكُنْ حَذَّاءً تَجُدْ نَعْلاهُ. وحَذَوْت النَّعلَ بالنَّعْلِ والقُذَّةَ بالقُذَّةِ: قَدَّرْتُهُما عَلَيْهِمَا. وَفِي الْمَثَلِ: حَذْوَ القُذَّةِ بالقُذَّةِ. وحَذَا الجِلْدَ يَحْذُوه إِذا قَوَّرَهُ، وإِذا قُلْتَ حَذَى الجِلْدَ يَحْذِيهِ فهُو أَن يَجْرَحَه جَرْحاً. وحَذَى أُذنه يَحْذِيها إِذا قَطَعَ مِنْهَا شَيْئًا. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بالنَّعْلِ
؛ الحَذْو: التَّقْدِيرُ وَالْقَطْعُ، أَي تَعْمَلُونَ مِثْلَ أَعمالهم كَمَا تُقْطَع إِحدى النَّعْلَيْنِ عَلَى قَدْرِ الأُخرى. والحِذَاءُ: النَّعْلُ. واحْتَذَى: انْتَعَل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا لَيْتَ لِي نَعْلَيْنِ مِنْ جِلْدِ الضَّبُعْ،
…
وشُرُكاً مِنِ اسْتِهَا لَا تَنْقَطِعْ،
كُلَّ الحِذَاءِ يَحْتَذِي الحافِي الوَقِعْ
وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ رأَيتُك تَحْتَذِي السِّبْتَ
أَي تَجْعَلُه نَعْلَك. احْتَذَى يَحْتَذِي إِذا انْتَعل؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ
(1). قوله [لا يقوم إلخ] هذه عبارة التهذيب والتكملة، وتمامها: يقول لا يقوم به إلا كِرِيمُ الْآبَاءِ والأَمهات مِنَ الرجال والإِبل
(2)
. قوله [حادي ثلاث] كذا في الصحاح، وقال في التكملة: الرواية حادي ثمان لا غير
اللَّهُ عَنْهُ، يَصِفُ جَعْفَرِ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رضي الله عنهما: خَيْرُ مَنِ احْتَذَى النِّعالَ.
والحِذَاء: مَا يَطَأُ عَلَيْهِ الْبَعِيرُ مِنْ خُفِّه والفرسُ مِنْ حافِرِه يُشَبَّه بِذَلِكَ. وحَذانِي فُلَانٌ نَعْلًا وأَحْذَانِي: أَعطانيها، وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ أَحْذَانِي. الأَزهري: وحَذَا لَهُ نَعْلًا وحَذَاه نَعْلًا إِذا حَمَله عَلَى نَعْل. الأَصمعي: حَذَانِي فُلَانٌ نَعْلًا، وَلَا يُقَالُ أَحْذَانِي؛ وأَنشد للهذلي:
حَذَانِي، بعدَ ما خذِمَتْ نِعالي،
…
دُبَيَّةُ، إِنَّه نِعْمَ الخَلِيلُ
بِمَوْرِكَتَيْنِ مِنْ صَلَوَيْ مِشَبٍّ،
…
مِن الثِّيرانِ عَقْدُهُما جَمِيلُ
الْجَوْهَرِيُّ: وَتَقُولُ اسْتَحْذَيْته فأَحْذَانِي. وَرَجُلٌ حَاذٍ: عَلَيْهِ حِذَاءٌ.
وَقَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم، فِي ضَالَّةِ الإِبِل: مَعَها حِذاؤُها وسِقاؤُها
؛ عَنَى بالحِذَاء أَخْفافَها، وبالسِّقاء يُرِيدُ أَنها تَقْوى عَلَى وُرُودِ الْمِيَاهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الحِذَاء، بِالْمَدِّ، النَّعْل؛ أَراد أَنها تَقْوَى عَلَى الْمَشْيِ وَقَطْعِ الأَرض وَعَلَى قَصْدِ الْمِيَاهِ وَوُرُودِهَا ورَعْيِ الشَّجَرِ وَالِامْتِنَاعِ عَنِ السِّبَاعِ الْمُفْتَرِسَةِ، شَبَّهَهَا بِمَنْ كَانَ مَعَهُ حِذَاء وسِقاء فِي سَفَرِهِ، قَالَ: وَهَكَذَا مَا كَانَ فِي مَعْنَى الإِبل مِنَ الْخَيْلِ وَالْبَقَرِ وَالْحَمِيرِ. وَفِي حَدِيثِ
جِهَازِ [جَهَازِ] فَاطِمَةَ، رضي الله عنها: أَحَدُ فِراشَيْها مَحْشُوٌّ بحُذْوَةِ الحَذَّائِين
؛ الحُذْوَةُ والحُذَاوَةُ: مَا يَسْقُطُ «1» . مِنَ الجُلُودِ حِينَ تُبْشَرُ وتُقْطَعُ مِمَّا يُرْمَى به ويَبْقَى. والحَذَّاؤُونَ: جَمْعُ حَذَّاءٍ، وَهُوَ صانعُ النِّعالِ. والمِحْذَى: الشَّفْرَةُ الَّتِي يُحْذَى بِهَا. وَفِي حَدِيثِ
نَوْفٍ: إِنَّ الهُدْهُدَ ذَهَبَ إِلى خَازِنِ الْبَحْرِ فَاسْتَعَارَ مِنْهُ الحِذْيَةَ فَجَاءَ بِهَا فأَلْقاها عَلَى الزُجاجة فَفَلَقَها
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ هِيَ الأَلْماسُ «2» الذيْ يَحْذِي الحجارةَ أَي يَقْطَعُها ويَثْقب الْجَوْهَرَ. وَدَابَّةٌ حَسَن الحِذاءِ أَي حَسَنُ القَدّ. وحَذَا حَذْوَه: فَعَل فِعْلَهُ، وَهُوَ مِنْهُ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ فُلَانٌ يَحْتَذِي عَلَى مِثَالِ فُلان إِذا اقْتَدَى بِهِ فِي أَمره. وَيُقَالُ حاذَيْتُ مَوْضِعًا إِذا صرْتَ بحِذائه. وحَاذَى الشيءَ: وَازَاهُ. وحَذَوْتُه: قَعَدْتُ بحِذائِه. شَمِرٌ: يُقَالُ أَتَيْتُ عَلَى أَرض قَدْ حُذِيَ بَقْلُها عَلَى أَفواه غَنَمِهَا، فإِذا حُذِيَ عَلَى أَفواهها فَقَدْ شَبِعَتْ مِنْهُ مَا شَاءَتْ، وَهُوَ أَن يَكُونَ حَذْوَ أَفواهها لَا يُجاوزها. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: ذاتُ عِرْقٍ حَذْوَ قَرَنٍ
؛ الحَذْوُ والحِذَاءُ: الإِزاءُ والمُقابِل أَي أَنها مُحاذِيَتُها، وذاتُ عِرْق مِيقاتُ أَهل الْعِرَاقِ، وقَرَنٌ ميقاتُ أَهل نَجْدٍ، وَمَسَافَتُهُمَا مِنَ الْحَرَمِ سَوَاءٌ. والحِذاءُ: الإِزاءُ. الْجَوْهَرِيُّ: وحِذاءُ الشَّيْءِ إِزاؤُه. ابْنُ سِيدَهْ: والحَذْوُ مِنْ أَجزاءِ الْقَافِيَةِ حركةُ الْحَرْفِ الَّذِي قَبْلَ الرِّدْفِ، يَجُوزُ ضَمَّتُهُ مَعَ كَسْرَتِهِ وَلَا يَجُوزُ مَعَ الْفَتْحِ غيرُه نَحْوُ ضَمَّةِ قُول مَعَ كَسْرَةِ قِيل، وَفَتْحَةِ قَوْل مَعَ فَتْحَةِ قَيْل، وَلَا يَجُوزُ بَيْعٌ مَعَ بِيع؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: إِذا كَانَتِ الدَّلَالَةُ قَدْ قَامَتْ عَلَى أَن أَصل الرِّدْفِ إِنما هُوَ الأَلف ثُمَّ حُمِلَتِ الْوَاوُ وَالْيَاءُ فِيهِ عَلَيْهِمَا، وَكَانَتِ الأَلف أَعني الْمَدَّةَ الَّتِي يُرْدَفُ بِهَا لَا تَكُونُ إِلا تَابِعَةً لِلْفَتْحَةِ وصِلَةً لَهَا ومُحْتَذاةً عَلَى جِنْسِهَا، لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَن تُسَمَّى الْحَرَكَةُ قَبْلَ الرِّدْف حَذْواً أَي سبيلُ حَرْفِ الرَّويِّ أَن يَحْتَذِيَ الحركةَ قَبْلَهُ فتأْتي الأَلف بَعْدَ الْفَتْحَةِ وَالْيَاءِ بَعْدَ الْكَسْرَةِ وَالْوَاوِ بَعْدَ الضَّمَّةِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: فَفِي هَذِهِ السِّمَةِ مِنَ الْخَلِيلِ، رحمه الله، دَلَالَةٌ عَلَى أَن الرِّدْفَ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ الْمَفْتُوحِ
(1). قوله [الحُذْوَة والحُذَاوَة مَا يَسْقُطُ إلخ] كلاهما بضم الحاء مضبوطاً بالأَصل ونسختين صحيحتين من نهاية ابن الأَثير
(2)
. قوله [الأَلماس] هو هكذا بأل في الأَصل والنهاية، وفي القاموس: ولا تقل الأَلماس، وانظر ما تقدَّم في مادة م وس.
مَا قَبْلَهَا لَا تَمَكُّنَ لَهُ كَتَمكُّن مَا تَبِعَ مِنَ الرَّوِيّ حركةَ مَا قَبْلَهُ. يُقَالُ: هُوَ حِذاءَكَ وحِذْوَتَكَ وحِذَتَكَ ومُحاذَاكَ، وَدَارِي حَذْوَةَ دَارِكَ وحَذْوَتُها وحَذَتُها «1». وحَذْوَها وحَذْوُها أَي إِزاءها؛ قَالَ:
مَا تَدْلُكُ الشمسُ إِلَّا حَذْوَ مَنْكِبِه
…
فِي حَوْمةٍ دُونَها الهاماتُ والقَصَرُ
وَيُقَالُ: اجلسْ حِذَةَ فلانٍ أَي بِحِذائِه. الْجَوْهَرِيُّ: حَذَوْتُه قعدتُ بِحِذَائِهِ. وَجَاءَ الرَّجُلَانِ حِذْيَتَيْنِ أَي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلى جَنْبِ صَاحِبِهِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَجَاءَ الرجلانِ حِذَتَيْن أَي جَمِيعًا، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَنْبِ صَاحِبِهِ. وحَاذَى المكانَ: صَارَ بحِذائِه، وفلانٌ بحِذَاءِ فُلَانٍ. وَيُقَالُ: حُذ بحِذَاء هَذِهِ الشَّجَرَةِ أَي صِرْ بحِذَائها؛ قَالَ الكُمَيْت:
مَذانِبُ لَا تَسْتَنْبِتُ العُودَ فِي الثَّرَى،
…
وَلَا يَتَحَاذَى الحائِمُونَ فِصالَها
يُرِيدُ بالمَذانِب مَذانبَ الفِتَنِ أَي هَذِهِ المَذانِبُ لَا تُنْبتُ كمَذَانِبِ الرِّيَاضِ وَلَا يَقْتسمُ السَّفْرُ فِيهَا الماءَ، وَلَكِنَّهَا مَذانِبُ شَرٍّ وفِتْنةٍ. وَيُقَالُ: تَحَاذَى القومُ الماءَ فِيمَا بَيْنَهُمْ إِذا اقْتَسموه مِثْلَ التَّصافُنِ. والحِذْوَةُ مِنَ اللَّحْمِ: كالحِذْية. وَقَالَ: الحِذْيةُ مِنَ اللَّحْمِ مَا قُطع طُولًا، وَقِيلَ: هِيَ الْقِطْعَةُ الصَّغِيرَةُ. الأَصمعي: أَعطيته حِذْيَةً مِنْ لَحْمٍ وحُذَّةً وفِلْذَةً كلُّ هَذَا إِذا قُطِعَ طُولًا. وَفِي حَدِيثِ الإِسراء:
يَعْمدونَ إِلى عُرْضِ جَنْبِ أَحدِهم فيَحْذُونَ مِنْهُ الحُذْوَةَ مِنَ اللَّحْمِ
أَي يَقْطَعُونَ مِنْهُ القِطْعة. وَفِي حَدِيثِ مَسِّ الذَّكَرِ:
إِنما هُوَ حِذْيةٌ مِنْكَ
أَي قِطْعةٌ؛ قِيلَ: هِيَ بِالْكَسْرِ مَا قُطع مِنَ اللحْمِ طُولًا. وَمِنْهُ الحديثُ:
إِنما فَاطِمَةُ حِذْيَةٌ مِنِّي يَقْبضني مَا يَقْبِضُهَا.
وحَذَاهُ حَذْواً: أَعطاه. والحِذْوَة والحَذِيَّةُ والحُذْيا والحُذَيَّا: العطيَّة، وَالْكَلِمَةُ يَائِيَّةٌ بِدَلِيلِ الحِذْيَةِ، وَوَاوِيَّةٌ بِدَلِيلِ الحِذْوَة. وَفِي التَّهْذِيبِ: أَحْذَاهُ يُحْذِيه إِحْذَاءً وحِذْيَةً وحذْياً، مَقْصُورَةً، وحِذْوَةً إِذا أَعطاه. وأَحْذَيْتُه مِنَ الْغَنِيمَةِ أُحْذِيه: أَعطيته مِنْهَا، وَالِاسْمُ الحَذِيَّة والحِذْوَةُ والحُذْيا. وأَحْذَى الرجلَ: أَعطاه مِمَّا أَصاب، وَالِاسْمُ الحِذْيَةُ. والحَذِيَّةُ والحُذْيا والحُذَيَّا: وَهِيَ القِسْمة مِنَ الْغَنِيمَةِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والحُذَيَّا مِثْلُ الثُّرَيَّا مَا أَعطى الرجلُ لِصَاحِبِهِ مِنْ غَنِيمَةٍ أَو جَائِزَةٍ. وَمِنْهُ المَثَلُ: بينَ الحُذَيَّا وَبَيْنَ الخُلْسةِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَخَذَه بَيْنَ الحُذَيَّا والخُلْسة أَي بَيْنَ الهِبةِ والاسْتِلابِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَشَاهِدُ الحِذْوَةِ بِمَعْنَى الحُذَيَّا قَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
وقائلةٍ: مَا كانَ حِذْوَةَ بَعْلِها،
…
غَداتَئِذٍ، مِنْ شَاءِ قَرْدٍ وكاهِلِ
قَرْدٌ وكاهل: قَبِيلَتَانِ مِنْ هُذَيْل، وَهَذَا الْبَيْتُ أَوْرَدَهُ ابْنُ سِيدَهْ عَلَى مَا صوَّرته. قَالَ ابْنُ جِنِّي: لَامُ الحِذْيَةِ وَاوٌ لِقَوْلِ أَبي ذُؤَيْبٍ، وأَنشد الْبَيْتَ. وحُذْيَايَ مِنْ هَذَا الشَّيْءِ أَي أَعطني. والحُذَيَّا: هَديَّةُ البِشارة. وَيُقَالُ: أَحْذانِي مِنَ الحُذْيا أَي أَعطاني مِمَّا أَصاب شَيْئًا. وأَحْذَاهُ حُذْيا أَي وهَبَها لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ مَثَلُ الدَّاريِّ، إِن لَمْ يُحْذِكَ مِنْ عِطْرِه عَلِقَكَ مِنْ رِيحه
أَي إِن لَمْ يُعْطِكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما: فيُداوِينَ الجَرْحَى ويُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ
أَي يُعْطَيْنَ. وَفِي حَدِيثِ
الهَزْهازِ: مَا أَصَبْتَ مِنْ عُمَر؟ قلتُ: الحُذْيا.
اللِّحْيَانِيُّ: أَحْذَيْتُ الرجلَ طَعْنَةً أَي طَعنتُه. ابن
(1). قوله [وحذتها] برفع التاء ونصبها كما في القاموس
سِيدَهْ: وحَذَى اللبنُ اللسانَ والخَلُّ فَاهُ يَحْذِيه حَذْيَاً قَرَصه، وَكَذَلِكَ النبيذُ وَنَحْوُهُ، وَهَذَا شَرَابٌ يَحْذِي اللِّسَانَ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وحَذَا الشرابُ اللسانَ يَحْذُوه حَذْواً قَرَصه، لُغَةٌ فِي حَذَاه يَحْذِيه؛ حَكَاهَا أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ حَذَى يَحْذِي. وحَذَى الإِهابَ حَذْياً: أَكثر فِيهِ مِنَ التَخْرِيق. وحَذَا يَدَهُ بِالسِّكِّينِ حَذْياً: قَطَعَهَا، وَفِي التَّهْذِيبِ: فَهُوَ يَحْذِيها إِذا حَزَّها، وحَذَيْتُ يَدَه بِالسِّكِّينِ. وحَذَتِ الشَّفْرَةُ النعلَ: قَطَعَتْهَا. وحَذَاه بِلِسَانِهِ: قَطَعَهُ عَلَى المَثَل. وَرَجُلٌ مِحْذَاءٌ: يَحْذِي الناسَ. وحَذِيَت الشاةُ تَحْذَى حَذىً، مَقْصُورٌ: فَهُوَ أَن يَنْقَطِعَ سَلاها فِي بَطْنها فتَشْتَكي. ابنُ الفَرَج: حَذَوْتُ التُّراب فِي وُجُوهِهِمْ وحَثَوْتُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، أَبَدَّ يَده إِلى الأَرض عِنْدَ انْكِشَافِ الْمُسْلِمِينَ، يومَ حُنَيْن، فأَخذ مِنْهَا قَبْضَةً مِنْ تُرابٍ فَحَذَا بِهَا فِي وُجُوهِ الْمُشْرِكِينَ فَمَا زَالَ حَدُّهم كَلِيلًا
أَي حَثَى؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي حَثَى عَلَى الإِبدال أَو هُمَا لُغَتَانِ. والحَذِيَّةُ: اسْمُ هَضْبة؛ قَالَ أَبو قِلابةَ:
يَئِسْتُ مِنَ الحَذِيَّةِ أُمَّ عَمْروٍ،
…
غَداةَ إِذ انْتَحَوْنِي بالجنَابِ
حري: حَرَى الشيءُ يَحْرِي حَرْياً: نَقَصَ، وأَحْرَاه الزمانُ. اللَّيْثُ: الحَرْيُ النُّقصان بَعْدَ الزِّيَادَةِ. يُقَالُ: إِنه يَحْرِي كَمَا يَحْرِي القمرُ حَرْياً يَنْقُصُ الأَوّل مِنْهُ فالأَول؛ وأَنشد شَمِرٌ:
مَا زَالَ مَجْنُوناً عَلَى اسْتِ الدَّهْرِ،
…
فِي بَدَنٍ يَنْمِي وعَقْلٍ يَحْرِي
وَفِي
حَدِيثِ وَفَاةِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: فَمَا زَالَ جِسْمُه يَحْرِي
أَي يَنْقُص. وَمِنْهُ حَدِيثِ
الصِّديق، رضي الله عنه: فَمَا زَالَ جِسْمُه يَحْرِي بَعْدَ وفاةِ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، حَتَّى لَحِقَ بِهِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ عَبْسَة: فإِذا رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، مُسْتَخْفِياً حِراءٌ عَلَيْهِ قومُه
أَي غِضَابٌ ذَوُو هَمٍّ وغَمٍّ قَدِ انْتَقَصَهم أَمْرُه وعِيلَ صَبْرُهم بِهِ حَتَّى أَثَّر فِي أَجْسامهم. والحَارِيَةُ: الأَفْعى الَّتِي قَدْ كبِرتْ ونَقَص جِسْمُهَا مِنَ الكِبَر وَلَمْ يَبْقَ إِلا رأْسُها ونَفَسُها وسَمُّها، والذَّكر حارٍ؛ قَالَ:
أَو حارِياً مِنَ القُتَيْراتِ الأُوَلْ،
…
أَبْتَرَ قِيدَ الشِّبرِ طُولًا أَو أَقَلّ
وأَنشد شَمِرٌ:
انْعَتْ عَلَى الجَوْفاءِ فِي الصُّبْح الفَضِحْ
…
حوَيْرِياً مثلَ قَضِيبِ المُجْتَدِحْ
والحَراة: الساحةُ والعَقْوَةُ والناحيةُ، وَكَذَلِكَ الحَرَا، مَقْصُورٌ. يُقَالُ: اذْهَبْ فَلَا أَرَيَنَّكَ بِحَرَايَ وحَرَاتِي. وَيُقَالُ: لَا تَطُرْ حَرَانا أَي لَا تَقْرَبْ مَا حَوْلَنَا. وَفِي حَدِيثِ
رَجُلٍ مِنْ جُهَينة: لَمْ يَكُنْ زَيْدُ بنُ خَالِدٍ يَقْرَبه بِحَراهُ سُخْطاً لِلَّهِ عز وجل
؛ الحَرَا، بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ: جَنابُ الرَّجُلِ. والحَرَا والحَرَاةُ: ناحيةُ الشيء. والحَرَا: مَوْضِعُ البَيْض؛ قَالَ:
بَيْضَةٌ ذادَ هَيْقُها عَنْ حَرَاها
…
كُلَّ طارٍ عَلَيْهِ أَن يَطْراها
هُوَ الأُفْحُوصُ والأُدْحِيُّ، وَالْجَمْعُ أَحْرَاء. والحَرَا: الكِناسُ. التَّهْذِيبُ: الحَرَا كُلُّ مَوْضِعٍ لظَبْيٍ يأْوِي إِليه. الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ الحَرَا إِنه مَبِيضُ النَّعام أَو مأْوَى الظَّبْي، وَهُوَ باطل، والحَرَا عِنْدَ الْعَرَبِ مَا رَوَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ
الأَصمعي: الحَرَا جَنابُ الرَّجُلِ وَمَا حَوْلَهُ، يُقَالُ: لَا تَقْرَبَنَّ حَرَانا. وَيُقَالُ: نَزَلَ بحَرَاهُ وعَرَاهُ إِذا نَزَلَ بِسَاحَتِهِ. وحَرَا مَبِيضِ النَّعامِ: ما حَوْله، وكذلك حَرَا كِناسِ الظَّبْي مَا حَوْله. والحَرَا: موضعُ بَيْضِ اليَمامة. والحَرَا والحَرَاة: الصوتُ والجَلَبة وصوتُ التِهاب النَّارِ وحَفيفُ الشَّجَرِ، وخَصَّ ابْنُ الأَعرابي بِهِ مَرَّةً صوتَ الطَّيْرِ. وحَرَاةُ النَّارِ، مقصورٌ: الْتِهَابُهَا؛ ذَكَرَهُ جَمَاعَةُ اللُّغَوِيِّينَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ هَذَا تَصْحِيفٌ وإِنما هُوَ الخَوَاة، بِالْخَاءِ وَالْوَاوِ، قَالَ: وَكَذَا قَالَ أَبو عُبَيْدٍ الخَوَاة بِالْخَاءِ وَالْوَاوِ. والحَرَى: الخَلِيقُ كَقَوْلِكَ بالحَرَى أَن يَكُونَ ذَلِكَ، وإِنه لَحَرىً بِكَذَا وحَرٍ وحَرِيٌّ، فَمَنْ قَالَ حَرىً لَمْ يُغَيِّرْهُ عَنْ لَفْظِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ وسَوَّى بَيْنَ الجِنْسين، أَعني الْمُذَكَّرَ وَالْمُؤَنَّثَ، لأَنه مَصْدَرٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
وهُنَّ حَرىً أَن لَا يُثِبْنَكَ نَقْرَةً،
…
وأَنتَ حَرىً بالنارِ حينَ تُثِيبُ
وَمَنْ قَالَ حَرٍ وحَرِيٌّ ثَنَّى وَجَمَعَ وأَنث فَقَالَ: حَرِيانِ وحَرُونَ وحَرِيَة وحَرِيَتانِ وحَرِياتٌ وحَرِيَّانِ وحَرِيُّونَ وحَرِيَّة وحَرِيَّتانِ وحَرِيَّاتٌ. وَفِي التَّهْذِيبِ: وَهُمْ أَحْرِياء بِذَلِكَ وهُنَّ حَرَايَا وأَنتم أَحْرَاءٌ، جَمْعُ حَرٍ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن تُثَنِّيَ مَا لَا تَجْمَعُ لأَن الْكِسَائِيَّ حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ أَنهم يُثَنُّونَ مَا لَا يَجْمَعُونَ فَيَقُولُ إِنهما لحَرَيانِ أَن يَفْعَلَا؛ وَكَذَلِكَ رُوِيَ بيتُ عَوْفِ بْنُ الأَحْوصِ الجَعْفَرِي:
أَوْدَى بَنِيَّ فَما بِرَحْلِي مِنْهُمُ
…
إِلا غُلاما بَيَّةٍ ضَنَيانِ
بِالْفَتْحِ، كَذَا أَنشده أَبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ وَصَرَّحَ بأَنه مَفْتُوحٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ شاهدُ حَرِيّ قولُ لَبِيدٍ:
مِنْ حَياةٍ قَدْ سَئِمْنا طُولَها،
…
وحَرِيٌّ طُولُ عَيْشٍ أَن يُمَلّ
وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن هَذَا لَحرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَن يَنْكِحَ.
يُقَالُ: فُلَانٌ حَرِيٌّ بِكَذَا وحَرىً بِكَذَا وحَرٍ بِكَذَا وبالحَرَى أَن يَكُونَ كَذَا أَي جَديرٌ وخَلِيقٌ. ويُحَدِّثُ الرجلُ الرجلَ فيقولُ: بالحَرَى أَن يَكُونَ، وإِنه لمَحْرىً أَن يَفْعَلَ ذَلِكَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وإِنه لمَحْراة أَن يفعلَ، وَلَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ وَلَا يُؤَنَّثُ كَقَوْلِكَ مَخْلَقة ومَقْمَنة. وَهَذَا الأَمر مَحْراةٌ لِذَلِكَ أَي مَقْمنة مِثْلُ مَحْجَاة. وَمَا أَحْرَاه: مِثْلُ مَا أَحْجاه، وأَحْرِ بِهِ: مِثْل أَحْجِ بِهِ؛ قَالَ:
ومُسْتَبْدِلٍ مِنْ بَعْدِ غَضْيَا صُرَيْمَةً،
…
فأَحْرِ بِهِ لطُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيَا
أَي وأَحْرِيَنْ، وَمَا أَحْراهُ بِهِ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فإِن كنتَ تُوعِدُنا بالهِجاء،
…
فأَحْرِ بمَنْ رامَنا أَن يَخِيبَا
وَقَوْلُهُمْ فِي الرَّجُلِ إِذا بَلَغَ الْخَمْسِينَ حَرىً؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ هُوَ حَرىً أَن يَنالَ الخيرَ كُلَّهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِذا كَانَ الرجلُ يَدْعُو فِي شَبِيبَتِه ثُمَّ أَصابه أَمرٌ بعدَ ما كَبِرَ فبالحَرَى أَن يُسْتجابَ لَهُ.
وَمِنْ أَحْرِ بِهِ اشْتُقَّ التَّحَرِّي فِي الأَشياء وَنَحْوِهَا، وَهُوَ طَلَبُ مَا هُوَ أَحْرَى بِالِاسْتِعْمَالِ فِي غَالِبِ الظَّنِّ، كَمَا اشْتُقَّ التَّقَمُّن مِنَ القَمِين. وَفُلَانٌ يتَحَرَّى الأَمرَ أَي يتَوَخّاه ويَقْصِده. والتَّحَرِّي: قصْدُ الأَوْلى والأَحَقِّ، مأْخوذ مِنَ الحَرَى وَهُوَ الخَليقُ، والتَّوَخِّي مِثْلُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تحَرَّوْا ليلةَ القَدْرِ فِي العَشْرِ
الأَواخِر
أَي تعَمَّدوا طَلَبَهَا فِيهَا. والتَّحَرِّي: القَصْدُ والاجتهادُ فِي الطَّلَبِ والعزمُ عَلَى تَخْصِيصِ الشَّيْءِ بِالْفِعْلِ وَالْقَوْلِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
لَا تَتَحَرَّوْا بِالصَّلَاةِ طلوعَ الشمسِ وغروبَها.
وتحَرَّى فلانٌ بِالْمَكَانِ أَي تمكَّث. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً
؛ أَي توَخَّوْا وعَمَدُوا، عَنْ أَبي عُبَيْدٍ؛ وأَنشد لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
دِيمةٌ هَطْلاء فِيهَا وطَفٌ،
…
طَبَقُ الأَرضِ تحَرَّى وتَدُرْ [تَدِرْ]
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: مَا رأَيتُ مِنْ حَرَاتِه وحَرَاه، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا. وحَرَى أَن يَكُونَ ذَاكَ: فِي مَعْنَى عسَى. وتَحَرَّى ذَلِكَ: تعَمَّده. وحِرَاء، بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ: جَبَلٌ بِمَكَّةَ مَعْرُوفٌ، يُذَكَّرُ ويؤَنث. قَالَ سِيبَوَيْهِ: مِنْهُمْ مَنْ يَصْرِفُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَصْرِفُهُ يَجْعَلُهُ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ؛ وأَنشد:
ورُبَّ وَجْهٍ مِن حِرَاءٍ مُنْحَن
وأَنشد أَيضاً:
ستَعْلم أَيَّنا خَيْرًا قَدِيمًا،
…
وأَعْظَمَنا ببَطْنِ حِرَاءَ نَارَا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَكَذَا أَنشده سِيبَوَيْهِ. قَالَ: وَهُوَ لِجَرِيرٍ؛ وأَنشده الْجَوْهَرِيُّ:
أَلَسْنا أَكرَمَ الثَّقَلَيْنِ طُرّاً،
…
وأَعْظَمَهم ببطْن حِراءَ نَارَا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَمْ يَصْرِفْهُ لأَنه ذَهَبَ بِهِ إِلى الْبَلْدَةِ الَّتِي هُوَ بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يتَحَنَّثُ بحِراءٍ
، هُوَ بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَثِيرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ يَغْلَطون فِيهِ فيفْتَحون حَاءَهُ ويَقْصُرونه ويُميلونه، وَلَا تَجُوزُ إِمالته لأَن الرَّاءَ قَبْلَ الأَلف مَفْتُوحَةٌ، كَمَا لَا تَجُوزُ إِمالة رَاشِدٍ وَرَافِعٍ.
ابْنُ سِيدَهْ: الحَرْوَةُ حُرْقةٌ يَجِدُها الرجلُ فِي حَلْقه وصَدْره ورأْسه مِنَ الغَيْظ والوَجَع. والحَرْوَة: الرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ مَعَ حِدَّةٍ فِي الخَياشِيم. والحَرْوَةُ والحَرَاوَةُ: حَرَافةٌ تَكُونُ فِي طَعْم نَحْوِ الخَرْدل وَمَا أَشبهه حَتَّى يقالُ: لِهَذَا الكُحْل حَرَاوَة ومَضاضَة فِي الْعَيْنِ. النَّضْرُ: الفُلْفُل لَهُ حَرَاوَة، بِالْوَاوِ، وحَرَارة، بِالرَّاءِ. يُقَالُ: إِني لأَجد لِهَذَا الطَّعَامِ حَرْوَة وحَرَاوة أَي حَرارة، وَذَلِكَ مِنْ حَرافةِ شَيْءٍ يؤْكل. قَالَ الأَزهري: ذَكَرَ اللَّيْثُ الحِرَّ فِي الْمُعْتَلِّ هَاهُنَا، وبابُ الْمُضَاعَفِ أَولى بِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي تَرْجَمَةِ حَرِحٍ وَفِي تَرْجَمَةِ رَحَا. يُقَالُ: رَحَاه إِذا عَظَّمه، وحَرَاه إِذا أَضاقَه، والله أعلم.
حزا: التَّحَزِّي: التَّكَهُّنُ. حَزَى حَزْياً وتَحَزَّى تكَهَّنَ؛ قَالَ رؤْبة:
لَا يأْخُذُ التَّأْفِيكُ والتَّحَزِّي
…
فِينَا، وَلَا قوْلُ العِدَى ذُو الأَزِّ
والحَازِي: الَّذِي يَنْظُرُ فِي الأَعضاء وَفِي خِيلانِ الوجْهِ يتَكَهَّنُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَازِي أَقَلُّ عِلْمًا مِنَ الطَّارِقِ، والطارقُ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ كاهِناً، والحَازِي يَقُولُ بظَنٍّ وخَوْف، والعائِفُ الْعَالِمُ بالأُمور، وَلَا يُسْتَعافُ إِلا مَنْ عَلِمَ وجَرَّبَ وعرَفَ، والعَرّافُ الَّذِي يَشُمُّ الأَرض فَيَعْرِفُ مَواقِعَ الْمِيَاهِ ويعْرِفُ بأَيِّ بَلَدٍ هُوَ وَيَقُولُ دَواءُ الَّذِي بِفُلَانٍ كَذَا وَكَذَا، وَرَجُلٌ عَرّافٌ وعائِفٌ وَعِنْدَهُ عِرَافة وعِيافَةٌ بالأُمور. وَقَالَ اللَّيْثُ: الحَازِي الكاهِنُ، حَزَا يَحْزُو ويَحْزِي ويَتَحَزَّى؛ وأَنشد:
وَمَنْ تَحَزَّى عاطِساً أَوطَرَقا
وَقَالَ:
وحَازِيَةٍ مَلْبُونَةٍ ومُنَجِّسٍ،
…
وطارقةٍ فِي طَرْقِها لَمْ تُسَدِّدِ
وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: حَزَا حَزْواً وتَحَزَّى تكَهَّنَ، وحَزَا الطيرَ حَزْواً: زَجَرَها، قَالَ: وَالْكَلِمَةُ يَائِيَّةٌ وَوَاوِيَّةٌ. وحَزَى النخلَ حَزْياً: خَرَصه. وحَزَى الطيرَ حَزْياً: زَجَرَها. الأَزهري عَنِ الأَصمعي: حَزَيْتُ الشَّيْءَ أَحْزِيه إِذا خَرَصتَه وحَزَوْتُ، لُغَتَانِ مِنَ الحازِي، وَمِنْهُ حَزَيْتُ الطيرَ إِنما هُوَ الخَرْصُ. وَيُقَالُ لِخَارِصِ النَّخْلِ حَازٍ، وَلِلَّذِي يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ حَزَّاءٌ، لأَنه يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ وأَحكامها بِظَنِّهِ وَتَقْدِيرِهِ فَرُبَّمَا أَصاب. أَبو زَيْدٍ: حَزَوْنا الطيرَ نَحْزُوها حَزْواً زَجَرْناها زَجْراً. قَالَ: وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَن يَنْغِقَ الغُرابُ مستقبِلَ رَجُلٍ وَهُوَ يُرِيدُ حَاجَةً فَيَقُولُ هُوَ خَيْرٌ فَيَخْرُجُ، أَو يَنْغِقَ مُسْتدْبِرَه فَيَقُولُ هَذَا شَرٌّ فَلَا يَخْرُجُ، وإِن سَنَح لَهُ شَيْءٌ عَنْ يَمِينِهِ تيَمَّنَ بِهِ، أَو سَنَح عَنْ يَسَارِهِ تشاءَم بِهِ، فَهُوَ الحَزْوُ والزَّجْرُ. وَفِي حَدِيثِ
هِرَقل: كَانَ حَزَّاء
؛ الحَزَّاءُ والحَازِي: الَّذِي يَحْزُرُ الأَشياء ويقَدِّرُها بِظَنِّهِ. يُقَالُ: حَزَوْتُ الشيءَ أَحْزُوه وأَحْزِيه. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ لفرعونَ حازٍ
أَي كاهِنٌ. وحَزَاه السَّرابُ يَحْزِيه حَزْياً: رَفَعه؛ وأَنشد:
فَلَمَّا حَزَاهُنَّ السَّرابُ بعَيْنِه
…
عَلَى البِيدِ، أَذْرَى عَبرَةً وتتَبَّعا
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَزَا السَّرابُ الشخصَ يَحْزُوه ويَحْزِيه إِذا رَفَعَهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ وحَزَا الْآلُ؛ وَرَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي قَالَ: إِذا رُفِعَ لَهُ شَخْصُ الشَّيْءِ فَقَدْ حُزِيَ، وأَنشد: فَلَمَّا حَزَاهُنَّ السرابُ «2» . والحَزَا والحَزَاءُ جَمِيعًا: نبتٌ يشبِه الكَرَفْس، وَهُوَ مِنْ أَحْرار البُقول، وَلِرِيحِهِ خَمْطَةٌ، تَزْعُمُ الأَعراب أَن الْجِنَّ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا يَكُونُ فِيهِ الحَزاءُ، وَالنَّاسُ يَشْرَبون ماءَه مِنَ الرِّيح ويُعَلَّقُ عَلَى الصِّبْيَانِ إِذا خُشِيَ عَلَى أَحدهم أَن يَكُونَ بِهِ شَيْءٍ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَزَا نوعانِ أَحدهما مَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي شَجَرَةٌ تَرْتَفِعُ عَلَى سَاقٍ مقدارَ ذِرَاعَيْنِ أَو أَقلّ، وَلَهَا وَرَقَةٌ طَوِيلَةٌ مُدْمَجة دقيقةُ الأَطراف عَلَى خِلْقَة أَكِمَّةِ الزَّرْع قَبْلَ أَن تتَفَقَّأ، وَلَهَا بَرَمَة مِثْلُ بَرَمَةِ السَّلَمَةِ وطولُ ورَقها كَطُولِ الإِصْبَع، وَهِيَ شَدِيدَةُ الخُضْرة، وَتَزْدَادُ عَلَى المَحْلِ خُضْرَةً، وَهِيَ لَا يَرْعاها شَيْءٌ، فإِن غَلِطَ بِهَا الْبَعِيرُ فَذَاقَهَا فِي أَضعاف العُشْب قتَلَتْه عَلَى الْمَكَانِ، الْوَاحِدَةُ حَزَاةٌ وحَزَاءَةٌ. وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ:
الحَزاة يَشْرَبُهَا أَكايِسُ النِّسَاءِ للطُّشَّةِ
؛ الحَزَاة: نَبْتٌ بِالْبَادِيَةِ يُشْبِهُ الكَرَفْس إِلا أَنه أَعظم وَرَقًا مِنْهُ، والحَزَا جِنسٌ لَهَا، والطُّشَّةُ الزُّكامُ، وَفِي رِوَايَةٍ:
يَشْترِيها أَكايسُ النِّسَاءِ للخافِيَةِ والإِقْلاتِ
؛ الخافِيَةُ: الجِنُّ، والإِقلاتُ: مَوْتُ الوَلد، كأَنهم كَانُوا يَرَوْنَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الْجِنِّ، فإِذا تَبَخَّرْنَ بِهِ منَعَهُنَّ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ شَمِرٌ: تَقُولُ ريحُ حَزَاء فالنَّجاء؛ قَالَ: هُوَ نباتٌ ذَفِرٌ يُتَدَخَّنُ بِهِ للأَرْواح، يُشْبه الكَرَفْسَ وَهُوَ أَعظم مِنْهُ، فَيُقَالُ: اهْرُبْ إِن هَذَا ريحُ شرٍّ. قَالَ: وَدَخَلَ عَمْرو بْنُ الحَكَم النَّهْدِيُّ عَلَى يَزِيدَ بْنِ المُهَلَّب وَهُوَ فِي الْحَبْسِ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: أَبا خَالِدٍ ريحُ حَزَاء فالنَّجاء، لَا تَكُنْ فَريسةً للأَسَدِ اللَّابِدِ، أَي أَن هَذَا تَباشِيرُ شَرٍّ، وَمَا يَجِيءُ بَعْدَ هَذَا شرٌّ مِنْهُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الحَزَاء مَمْدُودٌ لَا يُقْصَرُ. وَقَالَ شَمِرٌ: الحَزَاء يُمَدُّ وَيُقْصَرُ. الأَزهري: يُقَالُ أَحْزَى يُحْزي إِحْزَاءً إِذا هابَ؛ وأَنشد:
ونفْسِي أَرادَتْ هَجْرَ ليْلى فَلَمْ تُطِقْ
…
لَهَا الهَجْرَ هابَتْه، وأَحْزَى جَنِينُها
وَقَالَ أَبو ذؤَيب:
(2). البيت
كعُوذِ المُعَطَّعفِ أَحْزَى لَهَا
…
بمَصْدَرِه الماءَ رَأْمٌ رَدِي
أَي رَجَع لَهَا رَأْمٌ أَي ولدٌ رديءٌ هالكٌ ضعيفٌ. والعُوذُ: الحديثةُ الْعَهْدِ بالنَّتاج. والمُحْزَوْزي: المُنْتَصِبُ، وَقِيلَ: هُوَ القَلِقُ، وَقِيلَ: المُنْكسر. وحُزْوَى والحَزْوَاءُ وحَزَوْزَى: مَوَاضِعُ. وحُزْوَى: جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ الدَّهْناء؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ نَزَلَتْ بِهِ. وحُزْوَى، بِالضَّمِّ: اسْمُ عُجْمةٍ مِنْ عُجَمِ الدَّهْناء، وَهِيَ جُمْهور عَظِيمٌ يَعْلو تِلْكَ الجماهيرَ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
نَبَتْ عيناكَ عَنْ طَللٍ بحُزْوَى،
…
عَفَتْه الريحُ وامْتُنِحَ القِطارَا
وَالنِّسْبَةُ إِليها حُزَاوِيٌّ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
حُزَاوِيَّةٌ أَو عَوْهَجٌ مَعْقِلِيَّةٌ
…
تَرُودُ بأَعْطافِ الرِّمالِ الحَزَاورِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ حُزاويةٍ بِالْخَفْضِ؛ وَكَذَلِكَ مَا بَعْدَهُ لأَن قَبْلَهُ:
كأَنَّ عُرَى المَرْجانِ مِنْهَا تعلَّقَتْ
…
عَلَى أُمِّ خِشْفٍ مِنْ ظِباءِ المَشاقِر
قَالَ: وَقَوْلُهُ الحَزَاور صَوَابُهُ الحَرَائِر وَهِيَ كَرَائِمُ الرِّمال، وأَما الحَزَاورُ فَهِيَ الرَّوابي الصِّغارُ، الْوَاحِدَةُ حَزْوَرَةٌ.
حسا: حَسَا الطائرُ الماءَ يَحْسُو حَسْواً: وَهُوَ كالشُّرْب للإِنسان، والحَسْوُ الفِعْل، وَلَا يُقَالُ لِلطَّائِرِ شَرِبَ، وحَسا الشيءَ حَسْواً وتحَسَّاهُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: التَّحَسِّي عَمَلٌ فِي مُهْلةٍ. واحْتَسَاه: كتَحَسَّاه. وَقَدْ يَكُونُ الاحْتِسَاءُ فِي النَّوْمِ وتَقَصِّي سَيْرِ الإِبلِ، يُقَالُ: احْتَسَى سيرَ الْفَرَسِ وَالْجَمَلِ والناقةِ؛ قَالَ:
إِذا احْتَسى يَوْمَ هَجِيرٍ هائِف
…
غُرُورَ عِيدِيّاتها الخَوانِف
وهُنَّ يَطْوِينَ عَلَى التَّكالِف
…
بالسَّيْفِ أَحْياناً وبالتَّقاذُف
جَمَعَ بَيْنَ الْكَسْرِ وَالضَّمِّ، وَهَذَا الَّذِي يُسَمِّيهِ أَصحاب الْقَوَافِي السِّنَادَ فِي قَوْلِ الأَخفش، وَاسْمُ مَا يُتَحَسَّى الحَسِيَّةُ والحَسَاءُ، مَمْدُودٌ، والحَسْوُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُرَى ابْنُ الأَعرابي حَكَى فِي الِاسْمِ أَيضاً الحَسْوَ عَلَى لَفْظِ الْمَصْدَرِ، والحَسَا، مَقْصُورٌ، عَلَى مِثَالِ القَفا، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُمَا عَلَى ثِقَةٍ، والحُسْوَةُ، كُلُّهُ: الشَّيْءُ الْقَلِيلُ مِنْهُ. والحُسْوةُ: مِلْءُ الفَمِ. وَيُقَالُ: اتَّخِذُوا لَنَا حَسِيَّةً؛ فأَما قَوْلُهُ أَنشده ابْنُ جِنِّي لِبَعْضِ الرُّجَّاز:
وحُسَّد أَوْشَلْتُ مِن حِظاظِها
…
عَلَى أَحَاسِي الغَيْظِ واكْتِظاظِها
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنه جَمَعَ حَسَاءٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَقَدْ يَكُونُ جَمَعَ أُحْسِيَّةٍ وأُحْسُوَّةٍ كأُهْجِيَّةٍ وأُهْجُوَّة، قَالَ: غَيْرَ أَني لَمْ أَسمعه وَلَا رأَيته إِلا فِي هَذَا الشِّعْرِ. والحَسْوة: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَقِيلَ: الحَسْوة والحُسْوَة لُغَتَانِ، وَهَذَانَ الْمِثَالَانِ يَعْتَقِبَانِ عَلَى هَذَا الضَّرْبِ كَثِيرًا كالنَّغْبة والنُّغْبة والجَرْعة والجُرْعة، وَفَرَّقَ يُونُسُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ فَقَالَ: الفَعْلة للفِعْل والفُعْلة لِلِاسْمِ، وَجَمْعُ الحُسْوَة حُسىً، وحَسَوْت المَرَق حَسْواً. وَرَجُلٌ حَسُوٌّ: كثير التَّحَسِّي. ويوم ك حَسْوِ الطَّيْرِ أَي قَصِيرٌ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: نِمتُ نَوْمةً كحَسْوِ الطَّيْرِ إِذا نَامَ نَوْمًا قَلِيلًا. والحَسُوُّ عَلَى فَعُول: طَعَامٌ مَعْرُوفٌ، وَكَذَلِكَ الحَساءُ، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ، تَقُولُ: شَرِبْتَ حَسَاءً وحَسُوّاً. ابْنُ السِّكِّيتِ: حَسَوْتُ شَرِبْتُ حَسُوّاً وحَسَاءً، وَشَرِبْتُ
مَشُوّاً ومَشَاءً، وأَحْسَيْتُه المَرَق فحَسَاه واحْتَسَاه بِمَعْنًى، وتحَسَّاه فِي مُهْلة. وَفِي الْحَدِيثِ ذكْرُ الحَسَاءِ، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ، هُوَ طبيخٌ يُتَّخذ مِنْ دقيقٍ وماءٍ ودُهْنٍ، وَقَدْ يُحَلَّى وَيَكُونُ رَقِيقًا يُحْسَى. وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ جَعَلْتُ لَهُ حَسْواً وحَساءً وحَسِيَّةً إِذا طَبَخَ لَهُ الشيءَ الرقيقَ يتَحَسَّاه إِذا اشْتَكَى صَدْرَه، وَيُجْمَعُ الحَسَا حِساءً وأَحْساءً. قَالَ أَبو ذُبْيان بْنُ الرَّعْبل: إِنَّ أَبْغَضَ الشُّيوخ إِليَّ الحَسُوُّ الفَسُوُّ الأَقْلَحُ الأَمْلَحُ؛ الحَسُوُّ: الشَّروبُ. وَقَدْ حَسَوْتُ حَسْوَةً وَاحِدَةً. وَفِي الإِناء حُسْوَةٌ، بِالضَّمِّ، أَي قَدْرُ مَا يُحْسَى مَرَّةً. ابْنُ السِّكِّيتِ: حَسَوْتُ حَسْوةً وَاحِدَةً، والحُسْوَةُ مِلْءُ الْفَمِ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حَسْوَة وحُسْوَة وغَرْفة وغُرْفة بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَكَانَ يُقَالُ لأَبي جُدْعانَ حَاسِي الذَّهَب لأَنه كَانَ لَهُ إِناءٌ مِنْ ذَهَبٍ يَحْسُو مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا أَسْكَرَ مِنْهُ الفَرَقُ فالحُسْوَةُ حَرَامٌ
؛ الحُسْوةُ، بِالضَّمِّ: الجُرْعة بِقَدْرِ مَا يُحْسى مرَّة وَاحِدَةً، وَبِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ. ابْنُ سِيدَهْ: الحِسْيُ سَهْلٌ مِنَ الأَرض يَسْتنقع فِيهِ الْمَاءُ، وَقِيلَ: هُوَ غَلْظٌ فَوْقَهُ رَمْلٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ مَاءُ السَّمَاءِ، فَكُلَّمَا نزَحْتَ دَلْواً جَمَّتْ أُخرى. وَحَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى حِسْيٌ وحِسًى، وَلَا نَظِيرَ لَهُمَا إِلَّا مِعْي ومِعىً، وإِنْيٌ مِنَ اللَّيْلِ وإِنًى. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي فِي حِسْيٍ حَساً، بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى مِثَالِ قَفاً، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَحْساءٌ وحِساءٌ. واحْتَسَى حِسْياً: احْتَفره، وَقِيلَ: الاحْتِسَاءُ نَبْثُ الترابِ لِخُرُوجِ الْمَاءِ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ يَقُولُ احْتَسَيْنَا حِسْياً أَي أَنْبَطْنا ماءَ حِسْيٍ. والحِسْيُ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ. واحْتَسَى مَا فِي نَفْسِهِ: اخْتَبرَه؛ قَالَ:
يقُولُ نِساءٌ يَحْتَسِينَ مَوَدَّتي
…
لِيَعْلَمْنَ مَا أُخْفي، ويَعلَمْن مَا أُبْدي
الأَزهري: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ هَلِ احْتَسَيْتَ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا؟ عَلَى مَعْنَى هَلْ وجَدْتَ. والحَسَى وَذُو الحُسَى، مَقْصُورَانِ: مَوْضِعَانِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
عَفَا ذُو حُسًى مِنْ فَرْتَنَا فالفَوارِع
وحِسْيٌ: مَوْضِعٌ. قَالَ ثَعْلَبٌ: إِذا ذَكَر كثيرٌ غَيْقةَ فَمَعَهَا حِسَاءٌ، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: فَمَعَهَا حَسْنَى. والحِسْي: الرَّمْلُ الْمُتَرَاكِمُ أَسفله جَبَلٌ صَلْدٌ، فإِذا مُطِرَ الرَّمْلُ نَشِفَ ماءُ الْمَطَرِ، فإِذا انْتَهى إِلى الْجَبَلِ الَّذِي أَسْفلَه أَمْسَكَ الماءَ وَمَنَعَ الرملُ حَرَّ الشمسِ أَن يُنَشِّفَ الْمَاءَ، فإِذا اشْتَدَّ الحرُّ نُبِثَ وجْهُ الرملِ عَنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فنَبَع بَارِدًا عَذْبًا؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيت بِالْبَادِيَةِ أَحْساءً كَثِيرَةً عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، مِنْهَا أَحْسَاءُ بَنِي سَعْدٍ بِحِذَاءِ هَجَرَ وقُرَاها، قَالَ: وَهِيَ اليومَ دارُ القَرامطة وَبِهَا مَنَازِلُهُمْ، وَمِنْهَا أَحْسَاءُ خِرْشافٍ، وأَحْسَاءُ القَطِيف، وبحذَاء الْحَاجِرِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ أَحْسَاءٌ فِي وادٍ مُتَطامِن ذِي رَمْلٍ، إِذا رَوِيَتْ فِي الشِّتَاءِ مِنَ السُّيول الْكَثِيرَةِ الأَمطار لَمْ يَنْقَطِعْ ماءُ أَحْسَائها فِي القَيْظ. الْجَوْهَرِيُّ: الحِسْيُ، بِالْكَسْرِ، مَا تُنَشِّفه الأَرض مِنَ الرَّمْلِ، فإِذا صَارَ إِلى صَلابةٍ أَمْسكَتْه فتَحْفِرُ عَنْهُ الرملَ فتَسْتَخْرجه، وَهُوَ الاحْتِسَاءُ، وَجَمْعُ الحِسْيِ الأَحْسَاء، وَهِيَ الكِرَارُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي التَّيِّهان: ذَهَبَ يَسْتَعْذِب لَنَا الماءَ مِنْ حِسْيِ بَنِي حارثةَ
؛ الحِسْيُ بِالْكَسْرِ وَسُكُونِ السِّينِ وَجَمْعُهُ أَحْسَاء: حَفِيرة قَرِيبَةُ القَعْر، قِيلَ إِنه لَا يَكُونُ إِلا فِي أَرض أَسفلها حِجَارَةٌ وَفَوْقَهَا رَمْلٌ، فإِذا أُمْطِرَتْ نَشَّفه الرَّمْلُ، فإِذا
انْتَهَى إِلى الْحِجَارَةِ أَمْسكَتْه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
أَنهم شَرِبوا مِنْ مَاءِ الحِسْيِ.
وحَسِيتُ الخَبَر، بِالْكَسْرِ: مِثْلُ حَسِسْتُ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ الطَّائِيُّ:
سِوَى أَنَّ العِتَاقَ مِنَ المَطايا
…
حَسِينَ بِهِ، فهُنّ إِليه شُوسُ
وأَحْسَيْتُ الخَبر مِثْلُهُ؛ قَالَ أَبو نُخَيْلةَ:
لَمَّا احْتَسَى مُنْحَدِرٌ مِنْ مُصْعِدِ
…
أَنَّ الحَيا مُغْلَوْلِبٌ، لَمْ يَجْحَدِ
احْتَسَى أَي اسْتَخْبَر فأُخْبِر أَن الخِصْبَ فاشٍ، والمُنْحدِر: الَّذِي يأْتي القُرَى، والمُصْعِدُ: الَّذِي يأْتي إِلى مَكَّةَ. وَفِي حَدِيثِ
عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ: فهَجَمْتُ عَلَى رَجُلَيْنِ فقلتُ هَلْ حَسْتُما مِنْ شَيْءٍ
؟ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الخطابي كَذَا وَرَدَ وإِنما هُوَ هَلْ حَسِيتُما؟ يُقَالُ: حَسِيتُ الخَبر، بِالْكَسْرِ، أَي عَلِمْتُهُ، وأَحَسْتُ الْخَبَرَ، وحَسِسْتُ بِالْخَبَرِ، وأَحْسَسْتُ بِهِ، كأَنَّ الأَصلَ فِيهِ حَسِسْتُ فأَبْدلوا مِنْ إِحدى السِّينَيْنِ يَاءً، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ ظَلْتُ ومَسْتُ فِي ظَلِلْتُ ومَسِسْتُ فِي حَذْفِ أَحد الْمِثْلَيْنِ، وَرُوِيَ بَيْتُ أَبي زُبَيْدٍ أَحَسْنَ بِهِ. والحِسَاء: مَوْضِعٌ؛ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَواحَةَ الأَنصاريُّ يُخاطب ناقَته حِينَ تَوَجَّهَ إِلى مُوتَةَ مِنْ أَرض الشأْم:
إِذا بَلَّغْتِني وحَمَلْتِ رَحْلِي
…
مَسِيرةَ أَرْبَعٍ، بعدَ الحِسَاء
حشا: الحَشَى: مَا دُون الحِجابِ مِمَّا فِي البَطْن كُلّه مِنَ الكَبِد والطِّحال والكَرِش وَمَا تَبعَ ذَلِكَ حَشًى كُلُّه. والحَشَى: ظَاهِرُ الْبَطْنِ وَهُوَ الحِضْنُ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ امرأَة:
هَضِيم الحَشَى مَا الشمسُ فِي يومِ دَجْنِها
وَيُقَالُ: هُوَ لَطيفُ الحَشَى إِذا كَانَ أَهْيَفَ ضامِرَ الخَصْر. وَتَقُولُ: حَشَوْتُه سَهْمًا إِذا أَصبتَ حَشَاه، وَقِيلَ: الحَشَى مَا بَيْنَ ضِلَعِ الخَلْف الَّتِي فِي آخِرِ الجَنْبِ إِلى الوَرِك. ابْنُ السِّكِّيتِ: الحَشَى مَا بَيْنَ آخِرِ الأَضْلاع إِلى رأْس الوَرِك. قَالَ الأَزهري: وَالشَّافِعِيُّ سَمَّى ذَلِكَ كُلَّهُ حِشْوَةً، قَالَ: وَنَحْوَ ذَلِكَ حَفِظْتُهُ عَنِ الْعَرَبِ، تَقُولُ لِجَمِيعِ مَا فِي الْبَطْنِ حِشْوَة، مَا عَدَا الشَّحْمَ فإِنه لَيْسَ مِنَ الحِشْوة، وإِذا ثَنَّيْتَ قُلْتَ حَشَيانِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَشَى مَا اضْطَمَّت عَلَيْهِ الضُّلُوعُ؛ وقولُ المُعَطَّل الْهُذَلِيِّ:
يَقُولُ الَّذِي أَمْسَى إِلى الحَزْنِ أَهْلُه:
…
بأَيّ الحَشَى أَمْسَى الخَلِيطُ المُبايِنُ؟
يَعْنِي الناحيةَ. التَّهْذِيبُ: إِذا اشْتَكَى الرجلُ حَشَاه ونَساه فَهُوَ حَشٍ ونَسٍ، وَالْجَمْعُ أَحْشَاءٌ. الْجَوْهَرِيُّ: حِشْوَةُ الْبَطْنِ وحُشْوته، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، أَمعاؤُه. وَفِي حَدِيثِ المَبْعَثِ:
ثُمَّ شَقَّا بَطْني وأَخْرَجا حِشْوَتي
؛ الحُشْوَةُ، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ: الأَمعاء. وَفِي
مَقْتل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْر: إِنْ حُشْوَتَه خَرَجَت.
الأَصمعي: الحُشْوَة مَوْضِعُ الطَّعَامِ وَفِيهِ الأَحْشَاءُ والأَقْصابُ. وَقَالَ الأَصمعي: أَسفلُ مَوَاضِعِ الطَّعَامِ الَّذِي يُؤدِّي إِلى المَذْهَب المَحْشَاةُ، بِنَصْبِ الْمِيمِ، وَالْجَمْعُ المَحَاشِي، وَهِيَ المَبْعَرُ مِنَ الدَّوَابِّ، وَقَالَ:
إِياكم وإِتْيانَ النساءِ فِي مَحَاشِيهنَّ فإِنَّ كُلَّ مَحْشَاةٍ حَرامٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
مَحَاشِي النِّسَاءِ حرامٌ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَهِيَ جَمْعُ مَحْشَاة لأَسفل مَوَاضِعِ الطَّعَامِ مِنَ الأَمْعاء فكَنَى بِهِ عَنِ الأَدْبار؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ المَحَاشِي جَمْعَ المِحْشَى، بِالْكَسْرِ، وَهِيَ العُظَّامَة الَّتِي تُعَظِّم بِهَا المرأَة عَجيزتها فكَنَى بِهَا عَنِ الأَدْبار.
والكُلْيتانِ فِي أَسفل الْبَطْنِ بَيْنَهُمَا المَثانة، ومكانُ الْبَوْلِ فِي المَثانة، والمَرْبَضُ تَحْتَ السُّرَّة، وَفِيهِ الصِّفَاقُ، والصِّفاقُ جِلْدَةُ الْبَطْنِ الباطنةُ كُلُّهَا، والجلدُ الأَسفل الَّذِي إِذا انْخَرَقَ كَانَ رَقِيقًا، والمَأْنَةُ مَا غَلُظَ تَحْتَ السُّرَّة «3». والحَشَى: الرَّبْوُ؛ قَالَ الشَّمَّاخ:
تُلاعِبُني، إِذا مَا شِئْتُ، خَوْدٌ،
…
عَلَى الأَنْماطِ، ذاتُ حَشًى قَطِيعِ
وَيُرْوَى: خَوْدٍ، عَلَى أَن يُجْعَلَ مِنْ نَعْتِ بَهْكنةٍ فِي قَوْلِهِ:
وَلَوْ أَنِّي أَشاءُ كَنَنْتُ نَفْسِي
…
إِلى بَيْضاءَ، بَهْكَنةٍ شَمُوعِ
أَي ذَاتُ نَفَس مُنْقَطِعٍ من سِمَنها، وقَطِيعٍ نعتٌ لحَشًى. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رضي الله عنها: أَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، خَرَجَ مِنْ بَيْتِهَا وَمَضَى إِلى البَقِيع فتَبِعَتْهُ تَظُنُّ أَنه دَخَلَ بعضَ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَلَمَّا أَحَسَّ بسَوادِها قصَدَ قَصْدَه فعَدَتْ فعَدَا عَلَى أَثرها فَلَمْ يُدْرِكْها إِلا وَهِيَ فِي جَوْفِ حُجْرَتِها، فَدَنَا مِنْهَا وَقَدْ وَقَع عَلَيْهَا البُهْرُ والرَّبْوُ فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَراكِ حَشْيَا «4» . رابيَةً
أَي مَا لَكِ قَدْ وقعَ عَلَيْكِ الحَشَى، وَهُوَ الرَّبْوُ والبُهْرُ والنَّهِيجُ الَّذِي يَعْرِض للمُسْرِع فِي مِشْيَته والمُحْتَدِّ فِي كَلَامِهِ مِنَ ارْتِفَاعِ النَّفَس وتَواتُره، وَقِيلَ: أَصله مِنْ إِصابة الرَّبْوِ حَشاه. ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ حَشٍ وحَشْيَانُ مِنَ الرَّبْوِ، وَقَدْ حَشِيَ، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ أَبو جُنْدُبٍ الْهُذَلِيُّ:
فنَهْنَهْتُ أُولى القَوْمِ عَنْهُمْ بضَرْبةٍ،
…
تنَفَّسَ مِنْهَا كلُّ حَشْيَانَ مُجْحَرِ
والأُنثى حَشِيَةٌ وحَشْيا، عَلَى فَعْلى، وَقَدْ حَشِيا حَشًى. وأَرْنب مُحَشِّيَة الكِلابِ أَي تَعْدُو الكلابُ خَلْفَهَا حَتَّى تَنْبَهِرَ. والمِحْشَى: العُظَّامة تُعَظِّم بِهَا المرأَة عَجِيزتَها؛ وَقَالَ:
جُمّاً غَنيَّاتٍ عَنِ المَحَاشِي
والحَشِيَّةُ: مِرْفَقة أَو مِصْدَغة أَو نحوُها تُعَظِّم بِهَا المرأَة بدنَها أَو عَجِيزَتَهَا لتُظَنَّ مُبَدَّنةً أَو عَجْزاء، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
إِذا مَا الزُّلُّ ضاعَفْنَ الحَشَايَا،
…
كَفاها أَن يُلاثَ بِهَا الإِزارُ
ابْنُ سِيدَهْ: واحْتَشَتِ المرأَةُ الحَشِيَّةَ واحْتَشَتْ بِهَا كِلَاهُمَا لَبِسَتْهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
لَا تَحْتَشِي إِلا الصَّميمَ الصَّادِقَا
يَعْنِي أَنها تَلْبَسُ الحَشَايا لأَن عِظَمَ عَجِيزَتِهَا يُغْنيها عَنْ ذَلِكَ؛ وأَنشد فِي التَّعدِّي بِالْبَاءِ:
كَانَتْ إِذا الزُّلُّ احْتَشَيْنَ بالنُّقَبْ،
…
تُلْقِي الحَشايا مَا لَها فِيهَا أَرَبْ
الأَزهري: الحَشِيَّةُ رِفاعةُ المرأَة، وَهُوَ مَا تَضَعُهُ عَلَى عَجِيزَتِهَا تُعَظِّمُها بِهِ. يُقَالُ: تحَشَّتِ المرأَةُ تحَشِّياً، فَهِيَ مُتَحَشِّيةٌ. والاحْتِشَاءُ: الامتلاءُ، تَقُولُ: مَا احْتَشَيْتُ فِي مَعْنَى امْتلأْتُ. واحْتَشَتِ المُسْتحاضةُ: حَشَتْ نفْسَها بالمَفارِم وَنَحْوِهَا، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ ذُو الإِبْرِدَةِ. التَّهْذِيبُ: والاحْتِشَاءُ احْتِشَاءُ الرَّجُلِ ذِي الإِبْرِدَةِ، والمُسْتحاضة تحْتَشِي بالكُرْسُفِ.
قَالَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، لامرأَةٍ: احْتَشِي كُرْسُفاً
، وَهُوَ الْقُطْنُ تحْشُو بِهِ فَرْجَهَا. وَفِي الصِّحَاحِ: وَالْحَائِضُ تَحْتَشِي بالكُرْسُفِ لِتَحْبِسَ الدَّمَ. وفي حديث المُسْتحاضةِ:
(3). قوله: والكليتان إلى
…
تحت السرة؛ هكذا في الأَصل، ولا رابط له بما سبق من الكلام
(4)
. قوله [مَا لِي أَرَاكِ حَشْيَا] كذا بالقصر في الأَصل والنهاية فهو فعلى كسكرى لا بالمد كما وقع في نسخ القاموس
أَمرها أَن تَغْتَسِلَ فإِن رأَت شَيْئًا احْتَشَتْ
أَي اسْتَدْخَلَتْ شَيْئًا يَمْنَعُ الدَّمَ مِنَ الْقُطْنِ؛ قَالَ الأَزهري: وَبِهِ سُمِّيَ القُطْنُ الحَشْوَ لأَنه تُحْشَى بِهِ الفُرُش وَغَيْرُهَا. ابْنُ سِيدَهْ: وحَشَا الوِسادة والفراشَ وَغَيْرَهُمَا يَحْشُوها حَشْواً ملأَها، وَاسْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الحَشْوُ، عَلَى لَفْظِ الْمَصْدَرِ. والحَشِيَّةُ: الفِراشُ المَحْشُوُّ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: مَنْ يَعْذِرُني مِنْ هؤلاءِ الضَّياطِرةِ يتَخَلَّفُ أَحدُهم يتَقَلَّبُ عَلَى حَشايَاهُ
أَي عَلَى فَرْشِه، واحدَتُها حَشِيَّة، بِالتَّشْدِيدِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: لَيْسَ أَخو الْحَرْبِ مَنْ يَضَعُ خُورَ الحَشَايا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ.
وحَشْوُ الرَّجُلِ: نفْسُه عَلَى المَثل، وَقَدْ حُشِيَ بِهَا وحُشِيَها؛ وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الحَكَم الثَّقَفِيُّ:
وَمَا بَرِحَتْ نفْسٌ لَجُوجٌ حُشِيتَها
…
تُذِيبُكَ حَتَّى قِيلَ: هَلْ أَنتَ مُكْتَوي؟
وحُشِيَ الرجلُ غَيْظًا وكِبْراً كِلَاهُمَا عَلَى المَثَل؛ قَالَ المَرَّارُ:
وحَشَوْتُ الغَيْظَ فِي أَضْلاعِه،
…
فَهْوَ يَمْشِي حَظَلاناً كالنَّقِرْ
وأَنشد ثَعْلَبٌ:
وَلَا تَأْنَفا أَنْ تَسْأَلا وتُسَلِّما،
…
فَمَا حُشِيَ الإِنسانُ شَرّاً مِنَ الكِبْرِ
ابْنُ سِيدَهْ: وحُشْوَة الشاةِ وحِشْوَتُها جَوْفُها، وَقِيلَ: حِشْوة الْبَطْنِ وحُشْوَتُه مَا فِيهِ مِنْ كَبِدٍ وَطِحَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. والمَحْشَى: مَوْضِعُ الطَّعَامِ. والحَشَا: مَا فِي الْبَطْنِ، وَتَثْنِيَتُهُ حَشَوانِ، وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ لأَنه مِمَّا يُثَنَّى بِالْيَاءِ وَالْوَاوِ، وَالْجَمْعُ أَحْشَاءٌ. وحَشَوْتُه: أَصَبْتُ حَشاه. وحَشْوُ الْبَيْتِ مِنَ الشِّعْر: أَجزاؤُه غَيْرُ عَرُوضِهِ وَضَرْبِهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. والحَشْوُ مِنَ الْكَلَامِ: الفَضْلُ الَّذِي لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ النَّاسِ. وحُشْوَةُ النَّاسِ: رُذالَتُهم. وَحَكَى اللَّحْيَانِيُّ: مَا أَكثر حِشْوَةَ أَرْضِكم وحُشْوَتها أَي حَشْوَها وَمَا فِيهَا مِنَ الدَّغَل. وَفُلَانٌ مِنْ حِشْوَة بَنِي فُلَانٍ، بِالْكَسْرِ، أَي مِنْ رُذالهم. وحَشْوُ الإِبل وحَاشِيَتُها: صِغارها، وَكَذَلِكَ حَوَاشِيها، وَاحِدَتُهَا حَاشِيَةٌ، وَقِيلَ: صِغارها الَّتِي لَا كِبار فِيهَا، وَكَذَلِكَ مِنَ النَّاسِ. والحَاشِيَتانِ: ابنُ المَخاض وَابْنُ اللَّبُون. يُقَالُ: أَرْسَلَ بَنُو فُلَانٍ رَائِدًا فانْتَهى إِلى أَرض قَدْ شَبِعَتْ حاشِيَتاها. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:
خُذْ مِنْ حَوَاشِي أَموالهم
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ صِغارُ الإِبل كَابْنِ المَخاض وَابْنِ اللَّبُون، وَاحِدَتُهَا حَاشِيَةٌ. وحَاشِيَةُ كُلِّ شيءٍ: جَانِبُهُ وطَرَفُه، وَهُوَ كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ:
اتَّقِ كرائمَ أَمْوالهم.
وحَشِيَ السِّقاءُ حَشًى: صَارَ لَهُ مِنَ اللَّبَن شِبْهُ الجِلْدِ مِنْ بَاطِنٍ فلَصِقَ بِالْجِلْدِ فَلَا يَعْدَمُ أَن يُنْتِنَ فيُرْوِحَ. وأَرضٌ حَشَاةٌ: سَوْداء لَا خَيْرَ فِيهَا. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وأَرض حَشَاةٌ قَلِيلَةُ الْخَيْرِ سوداءُ. والحَشِيُّ مِنَ النَّبْتِ: مَا فسَد أَصله وعَفِنَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
كأَنَّ صَوْتَ شَخْبِها، إِذا هَما،
…
صَوتُ أَفاعٍ فِي حَشِيٍّ أَعْشَما
وَيُرْوَى: فِي خَشِيٍّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
وإِنَّ عِندي، إِن رَكِبْتُ مِسْحَلي،
…
سَمَّ ذَراريحَ رِطابٍ وحَشِي
أَراد: وحَشِيٍّ فَخَفَّفَ الْمُشَدَّدَ. وتَحَشَّى فِي بَنِي فُلَانٍ إِذا اضْطَمُّوا عَلَيْهِ وآوَوْهُ. وَجَاءَ فِي حاشِيَتهِ أَي فِي قَوْمِهِ الَّذِينَ فِي حَشاه. وَهَؤُلَاءِ حاشِيَتُه أَي أَهله
وخاصَّتُه. وَهَؤُلَاءِ حَاشِيَته، بِالنَّصْبِ، أَي فِي نَاحِيَتِهِ وظِلِّه. وأَتَيْتُه فَمَا أَجَلَّني وَلَا أَحْشَانِي أَي فَمَا أَعطاني جَليلة وَلَا حاشِيةً. وحَاشِيَتَا الثَّوْبِ: جَانِبَاهُ اللَّذَانِ لَا هُدْبَ فِيهِمَا، وَفِي التَّهْذِيبِ: حاشِيَتا الثَّوْبِ جَنَبَتاه الطَّوِيلَتَانِ فِي طَرَفَيْهِمَا الهُدْبُ. وحَاشِيَةُ السَّراب: كُلُّ نَاحِيَةٍ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يُصَلِّي فِي حَاشِيَةِ المَقامِ
أَي جَانِبِهِ وطَرَفه، تَشْبِيهًا بحاشِيَة الثَّوْبِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
مُعاوية: لَوْ كنتُ مِنْ أَهل الْبَادِيَةِ لنزلتُ مِنَ الكَلإِ الحَاشِيَةَ.
وعَيْشٌ رقيقُ الحَوَاشِي أَي ناعِمٌ فِي دَعَةٍ. والمَحَاشِي: أَكْسية خَشِنة تَحْلِقُ الجَسدَ، وَاحِدَتُهَا مِحْشَاةٌ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبياني:
إِجْمَعْ مِحَاشَكَ يَا يَزِيدُ، فإِنني
…
أَعْدَدْتُ يَرْبُوعاً لَكُمْ وتَمِيما
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مِنْ الحَشْوِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ فِي المِحَاشِ إِنه مِنَ الحَشْوِ غَلَطٌ قَبِيحٌ، وإِنما هُوَ مِنَ المَحْش وَهُوَ الحَرْقُ، وَقَدْ فَسَّرَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي فَصْلِ مَحَشَ فَقَالَ: المِحاشُ قَوْمٌ اجْتَمَعُوا مِنْ قَبَائِلَ وتحالَفُوا عِنْدَ النَّارِ. قَالَ الأَزهري: المَحَاشُ كأَنه مَفْعَلٌ مِنَ الحَوْشِ، وَهُمْ قَوْمٌ لَفِيف أُشابَةٌ. وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ: جَمِّعْ مَحاشَك يَا يَزِيدُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما فَتْحُهُ الْمِيمَ وَجَعْلُهُ إِياه مَفْعَلًا مِنَ الحَوْش، وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَا قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ وَالصَّوَابُ المِحاشُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبو عُبَيْدٍ وَابْنُ الأَعرابي: إِنما هُوَ جَمِّعْ مِحاشَكَ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، جَعَلُوهُ من مَحَشَتْه أَي أَحرقته لَا مِنَ الحَوْش، وَقَدْ فُسِّر فِي مَوْضِعِهِ الصَّحِيحِ أَنهم يَتَحَالَفُونَ عِنْدَ النَّارِ، وأَما المَحاشُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، فَهُوَ أَثاثُ الْبَيْتِ وأَصله مِنَ الحَوْش، وَهُوَ جَمْع الشَّيْءِ وضَمُّه؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ للفِيفِ النَّاسِ مَحاشٌ. والحَشِيُّ، عَلَى فَعِيل: اليابِسُ؛ وأَنشد الْعَجَّاجُ:
والهَدَب النَّاعِمُ والحَشِيّ
يُرْوَى بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ جَمِيعًا. وحَاشَى: مِنْ حُرُوفِ الِاسْتِثْنَاءِ تَجُرُّ مَا بَعْدَهَا كَمَا تَجُرُّ حَتَّى مَا بَعْدَهَا. وحاشَيْتُ مِنَ الْقَوْمِ فُلَانًا: استَثنيْت. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: شَتمْتُهم وَمَا حاشَيْتُ مِنْهُمْ أَحداً وَمَا تَحَشَّيْتُ وَمَا حَاشَيْتُ أَي مَا قَلْتُ حَاشَى لِفُلَانٍ وَمَا اسْتَثْنَيْتُ مِنْهُمْ أَحداً. وحَاشَى للهِ وحَاشَ للهِ أَي بَرَاءةً لِلَّهِ ومَعاذاً لِلَّهِ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: حُذِفَتْ مِنْهُ اللَّامُ كَمَا قَالُوا وَلَوْ تَرَ مَا أَهل مَكَّةَ، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ. الأَزهري: حاشَ لِلَّهِ كَانَ فِي الأَصل حاشَى لِلَّهِ، فكَثُر فِي الْكَلَامِ وَحُذِفَتِ الْيَاءُ وَجُعِلَ اسْمًا، وإِن كَانَ فِي الأَصل فِعْلًا، وَهُوَ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الِاسْتِثْنَاءِ مِثْلُ عَدَا وخَلا، وَلِذَلِكَ خَفَضُوا بحَاشَى كَمَا خُفِضَ بِهِمَا، لأَنهما جُعِلَا حَرْفَيْنِ وإِن كَانَا فِي الأَصل فِعْلَيْنِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ*
؛ هُوَ مِنْ حاشَيْتُ أُحَاشِي. قَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَى حَاشَى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَعْزِلُ فُلَانًا مِنْ وَصْفِ الْقَوْمِ بالحَشَى وأَعْزِلُه بِنَاحِيَةٍ وَلَا أُدْخِله فِي جُمْلتهم، وَمَعْنَى الحَشَى الناحيةُ؛ وأَنشد أَبو بَكْرٍ فِي الحَشَى النَّاحِيَةِ بَيْتَ المُعَطَّل الْهُذَلِيِّ:
بأَيِّ الحَشَى أَمْسى الحَبيبُ المُبايِنُ
وَقَالَ آخَرُ:
حَاشَى أَبي مَرْوان، إِنَّ بِهِ
…
ضَنّاً عَنِ المَلْحاةِ والشَّتْمِ
وَقَالَ آخَرُ «5» :
وَلَا أُحاشِي من الأَقْوامِ من أَحَدِ
وَيُقَالُ: حَاشَى لِفُلَانٍ وحَاشَى فُلاناً وحَاشَى فلانٍ
(5). هو النابغة وصدر البيت:
وَلَا أَرَى فَاعِلًا فِي الناس يشبهُه
وحَشَى فلانٍ؛ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
مَن رامَها، حَاشَى النَّبيِّ وأَهْلِه
…
فِي الفَخْرِ، غَطْمَطَه هُنَاكَ المُزْبِدُ
وأَنشد الْفَرَّاءُ:
حَشا رَهْطِ النبيِّ، فإِنَّ منهمْ
…
بُحوراً لَا تُكَدِّرُها الدِّلاءُ
فَمَنْ قَالَ حاشَى لِفُلَانٍ خَفْضَهُ بِاللَّامِ الزَّائِدَةِ، وَمَنْ قَالَ حَاشَى فُلَانًا أَضْمَر فِي حاشَى مَرْفُوعًا ونصَب فُلَانًا بحاشَى، وَالتَّقْدِيرُ حاشَى فِعْلُهم فُلَانًا، وَمَنْ قَالَ حَاشَى فُلَانٍ خفَض بإِضمار اللَّامِ لِطُولِ صُحبتها حاشَى، وَيَجُوزُ أَن يَخَفِضَهُ بِحَاشَى لأَن حَاشَى لَمَّا خَلَتْ مِنَ الصَّاحِبِ أَشبهت الِاسْمَ فأُضيفت إِلى مَا بَعْدَهَا، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ حاشَ لِفُلَانٍ فَيُسْقِطُ الأَلف، وَقَدْ قُرِئَ فِي الْقُرْآنِ بِالْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ*
؛ اشْتُقَّ مِنْ قَوْلِكَ كنتُ فِي حَشَا فُلَانٍ أَي فِي نَاحِيَةِ فُلَانٍ، وَالْمَعْنَى فِي حَاشَ لِلَّهِ بَراءةً لِلَّهِ مِنْ هَذَا، وإِذا قُلْتَ حَاشَى لِزَيْدٍ هَذَا مِنَ التَّنَحِّي، وَالْمَعْنَى قَدْ تنَحَّى زيدٌ مِنْ هَذَا وتَباعَدَ عَنْهُ كَمَا تَقُولُ تنَحَّى مِنَ النَّاحِيَةِ، كَذَلِكَ تَحَاشَى مِنْ حاشيةِ الشَّيْءِ، وَهُوَ ناحيتُه. وَقَالَ أَبو بَكْرِ بنُ الأَنْباري فِي قَوْلِهِمْ حَاشَى فُلَانًا: مَعْنَاهُ قَدِ استثنيتُه وأَخرجته فَلَمْ أُدخله فِي جُمْلَةِ الْمَذْكُورِينَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جعَلَه مِنْ حَشَى الشيءِ وَهُوَ نَاحِيَتُهُ؛ وأَنشد الْبَاهِلِيُّ فِي الْمَعَانِي:
وَلَا يَتَحَشَّى الفَحْلُ إِنْ أَعْرَضَتْ بِهِ،
…
وَلَا يَمْنَعُ المِرْباعَ مِنْهَا فَصِيلُها «1»
. قَالَ: لَا يَتَحَشَّى لَا يُبالي مَنْ حَاشَى. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ حَاشَاكَ وحَاشَى لكَ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. وحَاشَى: كَلِمَةٌ يُسْتَثْنَى بِهَا، وَقَدْ تَكُونُ حَرْفًا، وَقَدْ تَكُونُ فِعْلًا، فإِن جَعَلْتَهَا فِعْلًا نَصَبْتَ بِهَا فَقُلْتَ ضَرَبْتُهُمْ حَاشَى زَيْدًا، وإِن جَعَلْتَهَا حَرْفًا خَفَضْتَ بِهَا، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا تَكُونُ إِلا حَرْفَ جَرٍّ لأَنها لَوْ كَانَتْ فِعْلًا لَجَازَ أَن تَكُونَ صِلَةً لِمَا كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي خَلَا، فَلَمَّا امْتَنَعَ أَن يُقَالَ جَاءَنِي الْقَوْمُ مَا حَاشَى زَيْدًا دَلَّتْ أَنها لَيْسَتْ بِفِعْلٍ. وَقَالَ المُبرد: حَاشَى قَدْ تَكُونُ فِعْلًا؛ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ النَّابِغَةِ:
وَلَا أَرى فاعِلًا فِي النَّاسِ يُشْبِهُه،
…
وَمَا أُحَاشِي مِنَ الأَقْوام مِنْ أَحَدِ
فتصرُّفه يَدُلُّ عَلَى أَنه فِعْلٌ، ولأَنه يُقَالُ حَاشَى لزيدٍ، فَحَرْفُ الْجَرِّ لَا يَجُوزُ أَن يَدْخُلَ عَلَى حَرْفِ الْجَرِّ، ولأَن الْحَذْفَ يَدْخُلُهَا كَقَوْلِهِمْ حَاشَ لزيدٍ، وَالْحَذْفُ إِنما يَقَعُ فِي الأَسماء والأَفعال دُونَ الْحُرُوفِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ قَالَ سِيبَوَيْهِ حَاشَى لَا تَكُونُ إِلا حَرْفَ جَرٍّ قَالَ: شَاهِدُهُ قَوْلُ سَبْرة بْنِ عَمْرٍو الأَسَدي:
حَاشَى أَبي ثَوْبانَ، إِنَّ بِهِ
…
ضَنّاً عَنِ المَلْحاة والشَّتْمِ
قَالَ: وَهُوَ مَنْسُوبٌ فِي المُفَضَّلِيّاتِ للجُمَيْح الأَسَدي، وَاسْمُهُ مُنْقِذُ بْنُ الطَّمّاح؛ وَقَالَ الأُقَيْشِر:
فِي فِتْيةٍ جعَلوا الصليبَ إِلَهَهُمْ،
…
حَاشَايَ، إِني مُسْلِمٌ مَعْذُورُ
الْمَعْذُورُ: المَخْتُون، وحَاشَى فِي الْبَيْتِ حَرْفُ جَرٍّ، قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ فِعْلًا لَقُلْتَ حَاشَانِي. ابْنُ الأَعرابي: تَحَشَّيْتُ مِنْ فلان أَي تَذَمَّمْتُ؛ وَقَالَ الأَخطل:
لَوْلَا التَّحَشِّي مِنْ رِياحٍ رَمَيْتُها
…
بكَالِمةِ الأَنْيابِ، باقٍ وُسُومُها
التَّهْذِيبُ: وَتَقُولُ: انْحَشَى صوتٌ فِي صوتٍ وانْحَشَى حَرْفٌ فِي حَرْف. والحَشَى: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
(1). قوله [ولا يتحشى الفحل إلخ] كذا بضبط التكملة
إنَّ بأَجْزاعِ البُرَيْراءِ، فالحَشَى،
…
فَوَكْدٍ إِلَى النَّقْعَيْنِ مِنْ وَبِعَانِ «1» .
حصي: الحَصَى: صِغارُ الْحِجَارَةِ، الواحدةُ مِنْهُ حَصَاة. ابْنُ سِيدَهْ: الحَصَاة مِنَ الْحِجَارَةِ مَعْرُوفَةٌ، وَجَمْعُهَا حَصَياتٌ وحَصىً وحُصِيٌّ وحِصِيٌّ؛ وَقَوْلُ أَبي ذؤَيب يَصِفُ طَعْنَةً:
مُصَحْصِحَة تَنْفِي الحَصَى عَنْ طَرِيقِها،
…
يُطَيِّر أَحْشاء الرَّعيبِ انْثِرَارُها
يَقُولُ: هِيَ شَدِيدَةُ السَّيَلان حَتَّى إِنَّهُ لَوْ كَانَ هُنَالِكَ حَصىً لَدَفَعَتْهُ. وحَصَيْتُه بالحَصَى أَحْصِيه أَي رَمْيَتُهُ. وحَصَيْتُه ضَرَبْتُهُ بالحَصَى. ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَصَى مَا حَذَفْتَ بِهِ حَذْفاً، وَهُوَ مَا كَانَ مثلَ بَعَرِ الْغَنَمِ. وَقَالَ أَبو أَسلم: العظيمُ مثلُ بَعَرِ الْبَعِيرِ مِنَ الحَصَى، قَالَ: وَقَالَ أَبو زَيْدٍ حَصَاةٌ وحُصِيّ وحِصِيّ مِثْلُ قَناة وقُنِيّ وقِنِيّ ونَواة ونُوِيّ ودَواة ودُوِيّ، قَالَ: هَكَذَا قَيَّدَهُ شَمِرٌ بِخَطِّهِ، قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ تَقُولُ حَصَاة وحَصىً بِفَتْحِ أَوله، وَكَذَلِكَ قَناةٌ وقَنىً ونَواةٌ ونَوىً مِثْلَ ثَمَرة وثَمَر؛ قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ تَقُولُ نَهَرٌ حَصَوِيٌّ أَي كَثِيرُ الحَصَى، وأَرض مَحْصَاة وحَصِيَةٌ كَثِيرَةُ الحَصَى، وَقَدْ حَصِيَتْ تَحْصَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَهَى عَنْ بَيْعِ الحَصَاة
، قَالَ: هُوَ أَن يَقُولَ الْمُشْتَرِي أَو الْبَائِعُ إِذَا نَبَذْتُ الحَصَاةَ إِلَيْكَ فَقَدْ وَجَب البيعُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَقُولَ بِعْتُك مِنَ السِّلَع مَا تَقَعُ عَلَيْهِ حَصاتُك إِذَا رَمَيْتَ بِهَا، أَو بِعْتُك مِنَ الأَرض إِلَى حيثُ تَنْتَهي حَصاتُك، والكُلُّ فَاسِدٌ لأَنه مِنْ بُيُوعِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكُلُّهَا غَرَرٌ لِمَا فِيهَا مِنَ الجَهالة. والحَصَاةُ: داءٌ يَقع بالمَثانة وَهُوَ أَن يَخْثُرَ البولُ فيشتدَّ حَتَّى يَصِيرَ كالحَصاة، وَقَدْ حُصِيَ الرجلُ فَهُوَ مَحْصِيٌّ. وحَصاةُ القَسْمِ: الحِجارةُ الَّتِي يَتَصافَنُون عَلَيْهَا الْمَاءَ. والحَصَى: العددُ الْكَثِيرُ، تَشْبِيهًا بالحَصَى مِنَ الْحِجَارَةِ فِي الْكَثْرَةِ؛ قَالَ الأَعشى يُفَضِّلُ عَامِرًا عَلَى عَلْقمة:
ولَسْتَ بالأَكثرِ مِنْهُمْ حَصىً،
…
وَإِنَّمَا العِزَّةُ للْكَاثِرِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
وَقَدْ عَلِمَ الأَقْوامُ أَنك سَيِّدٌ،
…
وأَنك منْ دارٍ شَديدٍ حَصَاتُها
وَقَوْلُهُمْ: نَحْنُ أَكثر مِنْهُمْ حَصىً أَي عَدَداً. والحَصْوُ: المَنْع؛ قَالَ بَشِيرٌ الفَرِيرِيُّ:
أَلا تَخافُ اللهَ إِذْ حَصَوْتَنِي
…
حَقِّي بِلَا ذَنْبٍ، وإذْ عَنَّيْتَنِي؟
ابْنُ الأَعرابي: الحَصْوُ هُوَ المَغَسُ فِي البَطْن. والحَصَاةُ: العَقْل والرَّزانَةُ. يُقَالُ: هُوَ ثَابِتُ الحَصَاةِ إِذَا كَانَ عَاقِلًا. وَفُلَانٌ ذُو حَصَاةٍ وأَصاةٍ أَي عقلٍ ورَأْيٍ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ سَعْد الغَنَوي:
وأَعْلَم عِلْماً، لَيْسَ بالظَّنِّ، أَنَّه
…
إذا ذَلَّ مَوْلَى المَرْءِ، فهُوَ ذَلِيلُ
وأَنَّ لِسانَ المَرْءِ، مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ
…
حَصَاةٌ، عَلَى عَوْراتِهِ، لَدَلِيلُ
وَنَسَبَهُ الأَزهري إِلَى طَرَفة، يَقُولُ: إِذَا لَمْ يَكُنِ مَعَ اللِّسَانِ عَقْلٌ يحجُزه عَنْ بَسْطِه فِيمَا لَا يُحَبُّ دلَّ اللِّسَانُ عَلَى عَيْبِهِ بِمَا يَلْفِظ بِهِ مِنْ عُورِ الْكَلَامِ. وَمَا لَهُ حَصَاة وَلَا أَصَاة أَي رأْي يُرْجَع إِلَيْهِ. وَقَالَ الأَصمعي فِي مَعْنَاهُ: هُوَ إِذَا كَانَ حَازِمًا كَتُوماً عَلَى نَفْسِهِ يحفَظ
(1). قوله [إن بأجزاع إلخ] كذا بالأَصل والتهذيب، والذي في موضعين من ياقوت: فإن بخلص فالبريراء إلخ أي بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام
سرَّه، قَالَ: والحَصَاة العَقْل، وَهِيَ فَعَلة مِنْ أَحْصَيْت. وَفُلَانٌ حَصِيٌّ وحَصِيفٌ ومُسْتَحْصٍ إذا كَانَ شَدِيدَ الْعَقْلِ. وَفُلَانٌ ذُو حَصىً أَي ذُو عدَدٍ، بِغَيْرِ هاءٍ؛ قَالَ: وَهُوَ مِنَ الإِحْصاء لَا مِنْ حَصَى الْحِجَارَةِ. وحَصَاةُ اللِّسانِ: ذَرابَتُه. وَفِي الْحَدِيثِ:
وَهَلْ يَكُبُّ الناسَ عَلَى مَناخِرِهِم فِي جَهَنَّم إلَّا حَصَا أَلْسِنَتِهِمْ؟
قَالَ الأَزهري: الْمَعْرُوفُ فِي الْحَدِيثِ وَالرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ
إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِم
، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ، وأَما الحَصَاة فَهُوَ الْعَقْلُ نفسهُ. قَالَ ابْنُ الأَثير: حَصَا أَلْسِنَتِهِم جمعُ حَصاةِ اللِّسانِ وَهِيَ ذَرابَتُه. والحَصَاةُ: القِطْعة مِنَ المِسْك. الْجَوْهَرِيُّ: حَصَاةُ المِسْك قِطْعَةٌ صُلْبة تُوجَدُ فِي فأْرة المِسْك. قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ لِكُلِّ قِطْعَةٍ مِنَ المِسْك حَصَاة. وَفِي أَسماء اللَّهِ تَعَالَى: المُحْصِي؛ هُوَ الَّذِي أَحْصَى كلَّ شيءٍ بِعِلْمِه فَلَا يَفُوته دَقيق مِنْهَا وَلَا جَليل. والإِحْصَاءُ: العَدُّ والحِفْظ. وأَحْصَى الشيءَ: أَحاطَ بِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً
؛ الأَزهري: أَيْ أَحاط عِلْمُهُ سُبْحَانَهُ بِاسْتِيفَاءِ عَدَدِ كلِّ شَيْءٍ. وأَحْصَيْت الشيءَ: عَدَدته؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
فَوَرَّك لَيْثاً أَخْلَصَ القَيْنُ أَثْرَه،
…
وحاشِكةً يُحْصِي الشِّمالَ نَذيرُها
قِيلَ: يُحْصِي فِي الشِّمال يؤثِّر فِيهَا. الأَزهري: وَقَالَ الفراءُ فِي قَوْلِهِ: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ
، قَالَ: عَلِمَ أَن لَنْ تَحفَظوا مَوَاقِيتَ اللَّيْلِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلِمَ أَن لَنْ تُحْصُوه أَي لَنْ تُطيقوه. قَالَ الأَزهري: وأَما
قَوْلُ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاها دخَل الجنةَ
، فَمَعْنَاهُ عِنْدِي، وَاللَّهُ أَعلم، مَنْ أَحصاها علْماً وَإِيمَانًا بِهَا وَيَقِينًا بأَنها صِفَاتُ اللَّهِ عز وجل، وَلَمْ يُرِد الإِحْصاءَ الَّذِي هُوَ العَدُّ. قَالَ: والحَصَاةُ العَدُّ اسْمٌ مِنَ الإِحصاء؛ قَالَ أَبو زُبَيْد:
يَبْلُغُ الجُهْد ذَا الحَصَاة مِنَ القَوْمِ،
…
ومنْ يُلْفَ واهِناً فَهْو مُودِ
وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي قَوْلِهِ
مَنْ أَحْصَاها دَخَلَ الْجَنَّةَ
: قِيلَ مَنْ أَحْصَاها مَنْ حَفِظَها عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ، وَقِيلَ: مَنِ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وأَحاديث رَسُولِهِ، صلى الله عليه وسلم، لأَن النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، لَمْ يُعِدَّهَا لَهُمْ إلَّا مَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ وَتَكَلَّمُوا فِيهَا، وَقِيلَ: أَراد مَنْ أَطاقَ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَاهَا مثلُ مَنْ يعلَمُ أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ فيَكُفُّ سَمْعَه ولسَانَه عمَّا لَا يجوزُ لَهُ، وَكَذَلِكَ فِي بَاقِي الأَسماء، وَقِيلَ: أَراد مَنْ أَخْطَرَ بِباله عِنْدَ ذِكْرِهَا مَعْنَاهَا وَتَفَكَّرَ فِي مَدْلُولِهَا معظِّماً لمسمَّاها، وَمُقَدِّسًا مُعْتَبِرًا بِمَعَانِيهَا وَمُتَدَبِّرًا رَاغِبًا فِيهَا وَرَاهِبًا، قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَفِي كُلِّ اسْمٍ يُجْريه عَلَى لِسَانِهِ يُخْطِر بِبَالِهِ الْوَصْفَ الدالَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْكَ
أَيْ لَا أُحْصِي نِعَمَك والثناءَ بِهَا عَلَيْكَ وَلَا أَبْلغُ الواجِب مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَكُلَّ الْقُرْآنِ أَحْصَيْتَ
أَي حَفِظْت. وَقَوْلُهُ للمرأَة: أَحْصِيها أَي احْفَظِيها. وَفِي الْحَدِيثِ:
اسْتَقِيمُوا ولَنْ تُحْصُوا واعْلَموا أَنَّ خيرَ أَعمالِكُم الصَّلاةُ
أَي اسْتَقِيموا فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى لَا تَمِيلوا وَلَنْ تُطِيقوا الاسْتقامة مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ
؛ أَي لَنْ تُطِيقوا عَدَّه وضَبْطَه.
حضا: حَضَا النارَ حَضْواً: حَرَّك الجَمْرَ بعد ما يَهْمُد، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْهَمْزِ.
حطا: لَمْ يَذْكُرْهُ الْجَوْهَرِيُّ وَلَا رأَيته فِي الْمُحْكَمِ، قَالَ الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: الحَطْوُ تَحْريكك
الشيءَ مُزَعْزَعاً؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ، رضي الله عنه: أَتَانِي النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، فحَطانِي حَطْوَةً
؛ هَكَذَا رَوَاهُ غَيْرَ مَهْمُوزٍ وَهَمَزَهُ غَيْرُهُ، قَالَ: وقرأْته بِخَطِّ شَمِرٍ فِيمَا فَسَّرَ مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَناوَلَ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، بقَفَايَ فحطَأَنِي حَطْأَةً
، وَقَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْهَرَوِيُّ جَاءَ بِهِ الرَّاوِي غَيْرَ مَهْمُوزٍ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي أَماليه: يُقَالُ لِلْقَمْلَةِ حَطَاة وَجَمْعُهَا حَطاً، قَالَ: وَذَكَرَهُ ابْنُ وَلَّادٍ بِالظَّاءِ المعجمة، وهو خطأٌ.
حظا: الحُظْوَة والحِظْوَة والحِظَة: المَكانة والمَنزِلة لِلرَّجُلِ مِنْ ذِي سُلْطان وَنَحْوِهِ، وَجَمْعُهُ حُظاً [حِظاً] وحِظَاءٌ، وَقَدْ حَظِيَ عِنْدَهُ يَحْظَى حِظْوَة. ورجُل حَظِيٌّ إِذَا كَانَ ذَا حُظْوة ومَنْزِلة، وَقَدْ حَظِيَ عِنْدَ الأَمير واحْتَظَى بِهِ بِمَعْنَى. وحَظِيَت المرأَة عِنْدَ زَوْجِهَا حُظْوَة وحِظْوَة، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ، وحِظَةً أَيضاً وحَظِيَ هُوَ عندَها، وامرأَة حَظِيَّة وَهِيَ حَظِيَّتِي وإحْدَى حَظَايايَ. وَفِي الْمَثَلُ: إلَّا حَظِيَّةً «1» . فَلَا أَلِيَّةً أَي إلَّا تكُنْ مِمَّن يَحْظَى عِنْدَهُ فإنِّي غيرُ أَلِيَّةٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَوْ عَنَت بالحَظِيَّةِ نفسَها لَمْ يَكُنْ إلَّا نَصْباً إِذَا جَعَلَتِ الحَظِيَّة عَلَى التَّفْسِيرِ الأَول، وَقِيلَ فِي الْمَثَلُ: إلَّا حَظِيَّةً فَلَا أَلِيَّةً؛ تَقُولُ: إنْ أَخْطَأَتْكَ الحُظْوة فِيمَا تَطْلُب فَلَا تَأْلُ أَنْ تَتَوَدَّد إِلَى النَّاسِ لَعَلَّكَ تُدْرِكُ بَعْضَ مَا تُرِيدُ، وأَصله فِي المرأَة تَصْلَف عِنْدَ زَوْجِهَا؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: هَذَا الْمَثَلُ مِنْ أَمثال النِّسَاءِ، تَقُولُ: إِنْ لَمْ أَحْظَ عند زوجي فلا آلُوا فِيمَا يُحْظِيني عندَه بِانْتِهَائِي إِلَى مَا يَهْواه. وَيُقَالُ: هِيَ الحِظْوَة والحُظْوَة والحِظَة؛ قَالَ:
هَلْ هِيَ إلَّا حِظَة أَوْ تَطْلِيقْ،
…
أَو صَلَفٌ مِنْ دُونِ ذَاكَ تَعْلِيقْ،
قَدْ وجَبَ المَهْرُ إِذَا غابَ الحُوقْ
وَفِي الْمَثَلِ: حَظِيِّينَ بَنَاتٍ صَلِفِينَ كَنَّاتٍ؛ يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُهَا يُصِيبُ بَعْضَهَا ويَعْسُر عَلَيْهِ بَعْضٌ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ إِنَّهُ لَذُو حُظْوَة فيهن وعندهن، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلَّا فِيمَا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: تَزَوَّجَنِي رسولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، فِي شَوَّال وبَنَى بِي فِي شَوَّال فأَيُّ نِسائهِ أَحْظَى مِنِّي
أَي أَقرب إِلَيْهِ مِنِّي وأَسعد بِهِ. يُقَالُ: حَظِيت المرأَة عِنْدَ زَوْجِهَا تَحْظَى حِظْوَة وحُظْوَة، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، أَي سَعِدت ودنَت مِنْ قَلْبِهِ وأَحَبَّها. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَذو حَظّ فِي الْعِلْمِ. أَبو زَيْدٍ: وأَحْظَيْتُ فُلَانًا عَلَى فُلَانٍ، مِنَ الحُظْوة وَالتَّفْضِيلِ، أَي فضَّلته عَلَيْهِ. ابْنُ بُزُرْج: وَاحِدُ الأَحاظِي أَحْظاءٌ «2» ، وواحد الأَحْظاءِ حِظىً، منقوص، قَالَ: وأَصلُ الحِظَى الحَظُّ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: الحِظَى الحُظْوة، وَجَمْعُ الحِظَى أَحْظٍ ثُمَّ أَحَاظٍ. وَرَجُلٌ لَهُ حُظْوَة وحِظْوَة وحِظَة أَي حَظٌّ مِنَ الرِّزْقِ. والحَظْوة والحُظْوة: سَهْمٌ صَغِيرٌ قدرُ ذِرَاعٍ، وَقِيلَ: الحَظْوة سَهْمٌ صَغِيرٌ يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَصْل فَهُوَ حُظَيَّة، بِالتَّصْغِيرِ. وَفِي الْمَثَلِ: إحدَى حُظَيَّاتِ لُقْمَان، وَهُوَ لُقْمانُ بْنُ عادٍ وحُظَيَّاتُه سِهَامُهُ ومَرَاميه؛ يُضْرَبُ لِمَنْ عُرِفَ بالشَّرارة ثُمَّ جَاءَتْ مِنْهُ هَنَةٌ؛ وَقَالَ الأَزهري: حُظَيَّات تَصْغِيرُ حَظَوَات، وَاحِدَتُهَا حَظْوَة، وَمَعْنَى الْمَثَلِ إحْدى دَوَاهِيهِ ومَرَاميه. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِذَا عُرِف الرجل بالشَّرارة
(1). قوله [وَفِي الْمَثَلِ إِلَّا حَظِيَّةً إلى قوله على التفسير الأَول] هذه عبارة المحكم بالحرف
(2)
. قوله [ابْنُ بُزُرْجٍ وَاحِدُ الأَحاظي أحظاء إلخ] هي عبارة التهذيب بالحرف، وما نقله عن ابن الأَنباري هو الموافق لما في القاموس والتكملة
ثُمَّ جَاءَتْ مِنْهُ هَنَةٌ قِيلَ إِحْدَى حُظَيَّاتِ لُقْمَانَ أَي أَنَّها مِنْ فَعَلاته، وأَصْل الحُظَيَّاتِ المَرامي، وَاحِدَتُهَا حُظَيَّة ومُكَبَّرها حَظْوة، وَهِيَ الَّتِي لَا نَصْل لَهَا مِنَ الْمَرَامِي؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
أَرَهْطَ إمْرِئِ القَيْس، اعْبَؤُوا حَظَواتِكُمْ
…
لِحَيٍّ سِوانا، قَبْلَ قاصمةَ الصُّلْبِ
والحَظْوة مِنَ المَرامي: الَّذِي لَا قُذَذَ لَهُ، وَجَمْعُ الحَظْوة حَظَوات وحِظاءٌ، بِالْمَدِّ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
إِلَى ضُمَّرٍ زُرْقٍ كأَنَّ عُيونَها
…
حِظَاءُ غُلامٍ لَيْس يُخْطِين مُهْرَأَ «3»
. ابْنُ سِيدَهْ: الحَظْوة كُلُّ قَضِيبٍ نَابِتٍ فِي أَصل شَجَرَةٍ لَمْ يَشْتَدَّ بعدُ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ حِظَاءٌ، مَمْدُودٌ، وَيُقَالُ للسَّرْوة حَظْوة وثَلاثُ حِظاءٍ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ السِّروة، بِكَسْرِ السِّينِ. ابْنُ الأَثير: وَفِي حَدِيثِ
مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ طَلْحَةُ وأَنا مُتَصَبِّحٌ فأَخَذَ النعلَ فَ حَظَانِي بِهَا حَظَياتٍ ذَواتِ عَدَدٍ
أَي ضَرَبَنِي، قَالَ: هَكَذَا رُوِيَ بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: إِنَّمَا أَعْرِفُها بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، فأَما الْمُعْجَمَةُ فَلَا وَجْهَ لَهُ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ الحَظْوة بِالْفَتْحِ، وَهُوَ السَّهْمُ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا نَصْلَ لَهُ، وَقِيلَ: كُلُّ قَضِيبٍ نَابِتٍ فِي أَصل فَهُوَ حَظْوة، فَإِنْ كَانَتِ اللَّفْظَةُ مَحْفُوظَةً فَيَكُونُ قَدِ اسْتَعَارَ الْقَضِيبَ أَو السَّهْمَ لِلنَّعْلِ. يُقَالُ: حَظَاه بالحَظْوة إِذَا ضَرَبَهُ بِهَا كَمَا يُقَالُ عَصاه بالعَصَا. وحُظَيٌّ: اسمُ رَجُلٍ إِنْ جَعَلته مِنَ الحُظْوة [الحِظْوة]، وَإِنْ كَانَ مُرْتَجَلًا غَيْرَ مُشْتَقٍّ فَحُكْمُهُ الْيَاءُ. وَيُقَالُ: حَنْظَى بِهِ، لُغَةٌ فِي عَنْظَى بِهِ إِذَا نَدَّد بِهِ وأَسْمَعه الْمَكْرُوهَ. والحَظَى: القَمْلُ، واحدتُها حَظَاةٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وحُظَيٌّ اسْمُ رَجُل؛ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن تَكُونَ هَذِهِ الْيَاءُ وَاوًا عَلَى أَنه تَرْخِيمُ مُحْظٍ أَي مفَضِّل لأَن ذَلِكَ مِنَ الحُظْوَة.
حفا: الحَفا: رِقَّة القَدم والخُفِّ وَالْحَافِرِ، حَفِيَ حَفاً فَهُوَ حافٍ وحَفٍ، وَالِاسْمُ الحِفْوَة والحُفْوة. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَافٍ بيِّنُ الحُفْوة والحِفْوة والحِفْية والحِفَاية، وَهُوَ الَّذِي لَا شَيْءَ فِي رِجْله من خُفّ ولا نَعْل، فأَما الَّذِي رقَّت قَدماه مِنْ كَثْرَةِ المَشْي فَإِنَّهُ حَافٍ بَيِّنُ الحَفَا. والحَفَا: المَشْيُ بغير خُفّ ولا نَعْلٍ. الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ رَجُلٌ حافٍ بيّنُ الحُفْوَة والحِفْيَة والحِفَايَة والحفاءِ، بِالْمَدِّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ والحَفَاء، بِفَتْحِ الْحَاءِ، قَالَ: كَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ حَفِيَ يَحْفَى وأَحْفَاه غَيْرُهُ. والحِفْوة والحَفا: مَصْدَرُ الحَافي. يُقَالُ: حَفِيَ يَحْفَى حَفاً إِذَا كَانَ بِغَيْرِ خفّ ولا نَعْل، وَإِذَا انْسَحَجَتِ الْقَدَمُ أَو فِرْسِنُ الْبَعِيرِ أَو الحافرُ مِنَ المَشْيِ حَتَّى رَقَّت قِيلَ حَفِيَ يَحْفَى حَفاً، فَهُوَ حَفٍ؛ وأَنشد:
وَهُوَ منَ الأَيْنِ حَفٍ نَحِيتُ
وحَفِيَ مِنْ نَعْليه وخُفِّه حِفْوة وحِفْية وحَفاوة، ومَشَى حَتَّى حَفِيَ حَفاً شَدِيدًا وأَحْفاه اللَّهُ، وتَوَجَّى مِنَ الحَفَا وَوَجِيَ وَجىً شَدِيدًا. والاحْتِفَاء: أَن تَمْشِيَ حَافِيًا فَلَا يُصيبَك الحَفَا. وَفِي حَدِيثِ الِانْتِعَالِ:
ليُحْفِهِما جَمِيعًا أَو لِيَنْعَلْهما جَمِيعًا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي ليمشِ حافيَ الرِّجلين أَو مُنْتَعِلَهما لأَنه قَدْ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْمَشْيُ بِنَعْلٍ وَاحِدَةٍ، فإنَّ وضْعَ إحْدى الْقَدَمَيْنِ حَافِيَةً إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ التَّوَقِّي مِنْ أَذىً يُصيبها، وَيَكُونُ وَضْعُ الْقَدَمِ المُنْتَعِلة عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَيَخْتَلِفُ حِينَئِذٍ مَشْيُهُ الَّذِي اعْتَادَهُ فَلَا يأْمَنُ العِثارَ،
(3). قوله: ليس يخطين مُهْرأ؛ هكذا في الأَصل
وَقَدْ يتَصَوَّر فاعلُه عِنْدَ النَّاسِ بِصُورَةِ مَنْ إحْدى رِجْلَيْهِ أَقصرُ مِنَ الأُخرى. الْجَوْهَرِيُّ: أَما الَّذِي حَفِيَ مِنْ كَثْرَةِ الْمَشْيِ أَي رَقَّت قدَمُه أَو حافِره فَإِنَّهُ حَفٍ بَيِّنُ الحَفَا، مَقْصُورٌ، وَالَّذِي يَمْشِي بِلَا خُفّ وَلَا نَعْل: حافٍ بَيِّنُ الحَفَاءِ، بِالْمَدِّ. الزَّجَّاجُ: الحَفَا، مَقْصُورٌ، أَن يَكْثُرَ عَلَيْهِ الْمَشْيُ حَتَّى يُؤلِمَه المَشْيُ، قَالَ: والحَفَاءُ، مَمْدُودٌ، أَن يَمْشِيَ الرَّجُلُ بِغَيْرِ نَعْل، حافٍ بَيِّن الحَفَاء، مَمْدُودٌ، وحَفٍ بَيِّنُ الحَفَا، مَقْصُورٌ، إِذَا رَقَّ حَافِرُهُ. وأَحْفَى الرجلُ: حَفِيت دَابَّتُهُ. وحَفِيَ بالرجُل حَفَاوة وحِفاوَة وحِفَاية وتَحَفَّى بِهِ واحْتَفَى: بالَغَ فِي إكْرامه. وتَحَفَّى إِلَيْهِ فِي الوَصِيَّة: بالغَ. الأَصمعي: حَفِيتُ إِلَيْهِ فِي الْوَصِيَّةِ وتَحَفَّيْت بِهِ تَحَفِّياً، وَهُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي إكْرامه. وحَفِيت إِلَيْهِ بِالْوَصِيَّةِ أَي بَالَغْتُ. وحَفِيَ اللهُ بِكَ: فِي مَعْنَى أَكرمك اللَّهُ. وأَنا بِهِ حَفِيٌّ أَي بَرٌّ مُبَالِغٌ فِي الْكَرَامَةِ. والتَّحَفِّي: الكلامُ واللِّقاءُ الحَسَن. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا
؛ مَعْنَاهُ لَطِيفًا. وَيُقَالُ: قَدْ حَفِيَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ حِفْوة إِذَا بَرَّه وأَلْطَفه. وَقَالَ اللَّيْثُ: الحَفِيُّ هُوَ اللَّطِيفُ بِكَ يَبَرُّكَ ويُلْطِفك ويَحْتَفِي بِكَ. وَقَالَ الأَصمعي: حَفِيَ فُلَانٌ بِفُلَانٍ يَحْفَى بِهِ حَفَاوَة إِذَا قَامَ فِي حَاجَتِهِ وأَحْسَن مَثْواه. وحَفا اللَّهُ بِهِ حَفْواً: أَكرمه. وحَفَا شارِبَه حَفْواً وأَحْفَاه: بالَغَ فِي أَخْذه وألْزَقَ حَزَّه. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، عليه الصلاة والسلام، أَمر أَن تُحْفَى الشواربُ وتُعْفَى اللِّحَى
أَي يُبالَغ فِي قَصِّها. وَفِي التَّهْذِيبِ:
أَنه أَمر بإحْفَاءِ الشَّوَارِبِ وإعْفاء اللِّحَى.
الأَصمعي: أَحْفَى شارِبَه ورأْسَه إِذَا أَلزق حَزَّه، قَالَ: وَيُقَالُ فِي قولِ فلانٍ إحْفَاءٌ، وَذَلِكَ إِذَا أَلْزَق بِك مَا تَكْرَهُ وأَلَحَّ فِي مَسَاءَتِك كَمَا يُحْفَى الشيءُ أَي يُنْتَقَص. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِآدَمَ، عليه السلام: أَخْرِجْ نَصِيبَ جَهَنَّمَ منْ ذُرِّيَّتِكَ، فيقولُ: يَا رَبّ كَمْ؟ فَيَقُولُ: مِن كلِّ مِائَةٍ تسْعَةً وتسعينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ احْتُفِينا إِذًا فَماذا يَبْقى؟
أَيِ اسْتُؤْصِلْنَا، مِنْ إحْفَاءِ الشَّعْرِ. وكلُّ شيءٍ اسْتُؤْصِلَ فَقَد احْتُفِيَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ الْفَتْحِ:
أَنْ يَحْصُدُوهم حَصْداً
، وأَحْفَى بيَدِه أَي أَمالَها وصْفاً للحَصْدِ والمُبالَغة فِي القَتْل. وحَفَاهُ مِنْ كُلِّ خَيْر يَحْفُوه حَفْواً: مَنَعَه. وحَفَاه حَفْواً: أَعطاه. وأَحْفَاه: أَلَحَّ عَلَيْهِ فِي المَسْأَلة. وأَحْفَى السُّؤالَ: رَدَّده. اللَّيْثُ: أَحْفَى فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا بَرَّح بِهِ فِي الإِلْحاف عَلَيْهِ أَو سَأَلَه فأَكْثَر عَلَيْهِ فِي الطَّلَبِ. الأَزهري: الإِحْفَاء فِي المسأَلة مثلُ الإِلْحاف سَواءً وَهُوَ الإِلْحاحُ. ابْنُ الأَعرابي: الحَفْوُ المَنْعُ، يُقَالُ: أَتاني فحَفَوْته أَي حَرَمْتُه، وَيُقَالُ: حَفَا فُلَانٌ فُلَانًا مَنْ كُلِّ خَيْرٍ يَحْفُوه إِذَا مَنَعه مَنْ كُلِّ خَيْرٍ.
وعَطَس رجلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، فَوْقَ ثلاثٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم: حَفَوْتَ
، يَقُولُ مَنَعْتَنا أَنْ نُشمِّتَكَ بعدَ الثلاثِ لأَنَّه إِنِّمَّا يُشَمَّتُ فِي الأُولى والثَّانية،
وَمَنْ رَوَاهُ حَقَوْتَ
فَمَعْنَاهُ سَدَدْت عَلَيْنَا الأَمْرَ حَتَّى قَطَعْتَنا، مأْخوذٌ مِنَ الحَقْوِ لأَنه يَقْطَعُ البطنَ ويَشُدُّ الظَّهْرَ. وَفِي حَدِيثِ
خَلِيفَةَ: كتبتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَن يَكْتُب إليَّ ويُحْفِيَ عَنِّي
أَي يُمْسِكَ عَنِّي بعضَ مَا عِنْدَهُ مِمَّا لَا أَحْتَمِلُه، وَإِنْ حُمِلَ الإِحفاء بِمَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فَيَكُونُ عَنِّي بِمَعْنَى عليَّ، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِي البِرِّ بِهِ والنصيحةِ لَهُ، وَرُوِيَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا سلَّم عَلَى بَعْضِ السَّلَفِ فَقَالَ وَعَلَيْكُمُ السلامُ ورحمةُ اللَّهِ وبَرَكاتُه الزَّاكِيات،
فَقَالَ: أَراك قَدْ حَفَوْتَنا ثَوابَها
أَي مَنَعتَنا ثَوَابَ السَّلَامِ حَيْثُ استَوْفَيت عَلَيْنَا فِي الردِّ، وَقِيلَ: أَراد تَقَصَّيْتَ ثوابَها وَاسْتَوْفَيْتَهُ عَلَيْنَا. وحَافَى الرجلَ مُحَافَاةً: مارَاه ونازَعه فِي الْكَلَامِ. وحَفِيَ بِهِ حِفَايةً، فَهُوَ حَافٍ وحَفِيٌّ، وتَحَفَّى واحْتَفَى: لَطَفَ بِهِ وأَظهر السرورَ والفَرَحَ بِهِ وأَكثر السُّؤَالَ عَنْ حَالِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ عَجُوزًا دخلَت عَلَيْهِ فسَأَلها فأَحْفَى وَقَالَ: إنَّها كَانَتْ تَأْتِينا فِي زَمَن خَدِيجَة وإنَّ كَرَم العَهْدِ مِنَ الإِيمان.
يُقَالُ: أَحْفَى فُلَانٌ بصاحبه وحَفِيَ به وتَحَفَّى بِهِ أَي بالَغَ فِي بِرِّهِ وَالسُّؤَالِ عَنْ حَالِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: فَأَنْزَلَ أُوَيْساً القَرَنيَّ فَاحْتَفَاهُ وأَكْرَمَه.
وَحَدِيثُ
عَلِيٍّ: إنَّ الأَشْعَثَ سَلَّم عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ بغَيْر تَحَفّ
أَي غيرَ مُبالِغٍ فِي الرَّدِّ والسُّؤَالِ. والحَفَاوَة، بِالْفَتْحِ: المُبالَغةُ فِي السؤَال عَنِ الرَّجُلِ والعنايةُ فِي أَمرهِ. وَفِي الْمَثَلِ: مَأْرُبَةٌ لَا حَفاوةٌ؛ تَقُولُ مِنْهُ: حَفِيت، بِالْكَسْرِ، حَفاوةً. وتَحَفَّيْت بِهِ أَي بالَغْت فِي إكْرامِه وإلْطافِه وحَفِيَ الفرسُ: انْسَحَجَ حافِرهُ. والإِحْفاء: الاسْتِقْصاء فِي الْكَلَامِ والمُنازَعَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الحرث بْنِ حِلِّزة:
إِنَّ إخْوانَنَا الأَراقِمَ يَعْلُونَ
…
عَلَيْنا، فِي قيلِهِم إحْفَاءُ
أَي يَقَعون فِينَا. وحَافَى الرجلَ: نازَعَه فِي الْكَلَامِ وَمَارَاهُ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا
؛ أَي يُجْهِدْكُم. وأَحْفَيْتُ الرجلَ إِذَا أَجْهَدْتَه. وأَحْفَاه: بَرَّحَ بِهِ فِي الإِلحاحِ عَلَيْهِ، أَو سأَله فأَكْثَر عَلَيْهِ فِي الطَّلَبِ، وأَحْفَى السؤالَ كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَنهم سأَلوا النبي، صلى الله عليه وسلم، حَتَّى أَحْفَوْه
أَي اسْتَقْصَوْا فِي السؤالِ. وَفِي حَدِيثِ السِّواكِ:
لَزِمْتُ السِّواكَ حَتَّى كِدْتُ أُحْفِي فَمِي
أَي أَسْتَقْصِي عَلَى أَسناني فأُذْهِبُها بالتَّسَوُّكِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: يسأَلونك عَنْ أَمر الْقِيَامَةِ كأَنك فرحٌ بِسُؤَالِهِمْ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كأَنك أَكثرت المسأَلة عَنْهَا، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وتأْخير، مَعْنَاهُ يسأَلونك عَنْهَا كأَنك حفِيٌّ بِهَا؛ قَالَ: وَيُقَالُ فِي التَّفْسِيرِ كأَنك حَفِيٌّ عَنْهَا كأَنك عَالِمٌ بِهَا، مَعْنَاهُ حافٍ عَالِمٌ. وَيُقَالُ: تحافَيْنا إِلَى السُّلْطَانِ فَرَفَعَنَا إِلَى الْقَاضِي، وَالْقَاضِي يُسَمَّى الحَافِيَ. وَيُقَالُ: تَحَفَّيْتُ بِفُلَانٍ فِي المسأَلة إِذَا سأَلت بِهِ سُؤَالًا أَظهرت فِيهِ المحَبَّةَ والبِرَّ، قَالَ: وَقِيلَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها
كأَنك أَكثرت المسأَلة عَنْهَا، وَقِيلَ: كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها
كأَنك مَعْنِيٌّ بِهَا، وَيُقَالُ: الْمَعْنَى يسأَلونك كأَنك سَائِلٌ عَنْهَا. وَقَوْلُهُ: إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا
؛ مَعْنَاهُ كَانَ بِي مَعْنِيّاً؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ كَانَ بِي عَالِمًا لَطِيفًا يُجِيبُ دَعْوَتِي إِذَا دَعَوْتُهُ. وَيُقَالُ: تحَفَّى فلان بفلان مَعْنَاهُ أَنه أَظهر العِناية فِي سؤَاله إِيَّاهُ. يُقَالُ: فُلَانٌ بِي حَفِيٌّ إِذَا كَانَ مَعْنِيّاً؛ وأَنشد للأَعشى:
فَإِنْ تَسْأَلي عنِّي، فَيَا رُبَّ سائِلٍ
…
حَفِيّ عَنِ الأَعْشى بِهِ حَيْثُ أَصعَدا
مَعْنَاهُ: مَعْنِيٌّ بالأَعْشى وبالسؤَال عَنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لَقِيتُ فُلَانًا فَحَفِيَ بِي حَفَاوَة وتَحَفَّى بِي تَحَفِّياً. الْجَوْهَرِيُّ: الحَفِيُّ الْعَالِمُ الَّذِي يَتَعَلَّم الشيءَ باسْتِقْصاء. والحَفِيُّ: المُسْتَقْصي فِي السُّؤَالِ. واحْتَفَى البَقْلَ: اقْتَلعَه مِنْ وَجْهِ الأَرض. وَقَالَ أَبو حَنِيفَة: الاحْتِفَاء أَخذُ البقلِ بالأَظافير مِنَ الأَرض. وَفِي حَدِيثِ المضْطَرّ الَّذِي سأَل النبيَّ، صلى الله عليه وسلم:
مَتى تَحِلُّ لَنَا المَيْتَةُ؟ فَقَالَ: مَا لَمْ
تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أَوْ تَحْتَفِيُوا بِهَا بَقْلًا فشَأْنَكُم بِهَا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ مِنَ الحَفا، مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ، وَهُوَ أَصل البَرْدي الأَبيض الرَّطبِ مِنْهُ، وَهُوَ يُؤْكَل، فتأَوَّله فِي قَوْلِهِ تَحْتَفِيُوا، يَقُولُ: مَا لَمْ تَقْتَلِعُوا هَذَا بعَيْنه فتأْكلوه، وَقِيلَ: أَي إِذَا لَمْ تَجِدُوا فِي الأَرض مِنَ الْبَقْلِ شَيْئًا، وَلَوْ بأَن تَحْتَفُوه فتَنْتِفُوه لِصغَرِه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا قَضَينا عَلَى أَنّ اللَّامَ فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ يَاءٌ لَا وَاوٌ لِمَا قِيلَ مِنْ أَن اللَّامَ يَاءٌ أَكثر مِنْهَا وَاوًا. الأَزهري: وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِهِ أَو تَحْتَفِيُوا بَقْلًا فشَأْنَكُم بِهَا؛ صَوَابُهُ تَحْتَفُوا، بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ. وكلُّ شَيْءٍ اسْتُؤْصل فَقَدِ احْتُفِيَ، وَمِنْهُ إحْفاءُ الشَّعَرِ. قَالَ: واحْتَفَى البَقْلَ إِذَا أَخَذَه مِنْ وَجْهِ الأَرض بأَطراف أَصابعه مِنْ قِصَرِهِ وقِلَّته؛ قَالَ: وَمَنْ قَالَ تَحْتَفِئُوا بِالْهَمْزِ مِنَ الحَفإ البَرْدِيّ فَهُوَ بَاطِلٌ لأَن البَرْدِيَّ لَيْسَ مِنَ الْبَقْلِ، والبُقُول مَا نَبَتَ مِنَ العُشْب عَلَى وَجْهِ الأَرض مِمَّا لَا عِرْق لَهُ، قَالَ: وَلَا بَرْدِيَّ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ، وَيُرْوَى:
مَا لَمْ تَجْتَفِئُوا
، بِالْجِيمِ، قَالَ: والاجْتِفاء أَيضاً بِالْجِيمِ بَاطِلٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لأَن الاجْتِفاء كبُّكَ الآنِيَةَ إِذَا جَفَأْتَها، وَيُرْوَى:
مَا لَمْ تَحْتَفُّوا
، بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ، مِنَ احْتَفَفْت الشَّيْءَ إِذَا أَخذتَه كُلَّهُ كَمَا تَحُفُّ المرأَة وَجْهَهَا مِنَ الشَّعْرِ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثُومٍ: احْتَفَى القومُ المَرْعى إِذَا رَعَوْهُ فَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْهُ شَيْئًا؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ الْكُمَيْتِ:
وشُبِّه بالحِفْوة [بالحَفْوة] المُنْقَلُ
قَالَ: المُنْقَلُ أَن يَنْتَقِلَ القومُ مِنْ مَرْعىً احْتَفَوْه إِلَى مَرْعىً آخَرَ. الأَزهري: وَتَكُونُ الحَفْوَة [الحِفْوَة] مِنَ الحَافِي الَّذِي لَا نَعْلَ لَهُ وَلَا خُفَّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وشُبِّه بالِحفْوَة المُنْقَلُ
وَفِي حَدِيثِ السِّباق ذَكَرَ الحَفْيَاء، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَميال، وَبَعْضُهُمْ يُقَدِّمُ الْيَاءَ عَلَى الْفَاءِ، وَاللَّهُ أَعلم.
حقا: الحَقْوُ والحِقْوُ: الكَشْحُ، وَقِيلَ: مَعْقِدُ الإِزار، وَالْجَمْعُ أَحْقٍ وأَحْقَاء وحِقِيٌّ وحِقَاء، وفي الصحاح: الحِقْ والخَصْرُ ومَشَدُّ الإِزار مِنَ الجَنْب. يُقَالُ: أَخذت بحَقْوِ فُلَانٍ. وَفِي حَدِيثِ صِلةِ الرَّحِمِ
قَالَ: قَامَتِ الرَّحِمُ فأَخَذَت بِحَقْو العَرْشِ
؛ لمَّا جعلَ الرَّحِمَ شَجْنة مِنَ الرَّحْمَنِ اسْتَعَارَ لَهَا الِاسْتِمْسَاكَ بِهِ كَمَا يَستمسك القريبُ بِقَرِيبِهِ والنَّسيب بنسيبه، والحِقْو [الحَقْو] فِيهِ مَجَازٌ وَتَمْثِيلٌ. وَفِي حَدِيثِ
النُّعمان يَوْمَ نِهاوَنْدَ [نُهاوَنْدَ]: تَعاهَدُوها بَيْنكم فِي أَحْقِيكمْ
؛ الأَحْقِي: جَمْعُ قِلَّةٍ للحَقْو مَوْضِعُ الإِزار. وَيُقَالُ: رَمى فلانٌ بحَقْوِه إِذَا رَمى بِإِزَارِهِ. وحَقاهُ حَقواً: أَصابَ حَقْوَه. والحَقْوانِ والحِقْوانِ: الخاصِرَتان. ورجلٌ حَقٍ: يَشْتَكي حَقْوَه [حِقْوَه]؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وحُقِيَ حَقْواً، فَهُوَ مَحْقُوٌّ ومَحْقِيٌّ: شَكا حَقْوه؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: بُنِيَ عَلَى فُعِلَ كَقَوْلِهِ:
مَا أَنا بِالْجَافِي وَلَا المَجْفِيِ
قَالَ: بَنَاهُ عَلَى جُفِيَ، وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ: إِنَّمَا فَعَلوا ذَلِكَ لأَنهم يَميلون إِلَى الأَخَفِّ إِذِ الْيَاءُ أَخَفُّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْوَاوِ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَدْخُلُ عَلَى الأُخْرى فِي الأَكثر، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: عُذْتُ بحَقْوِه إِذَا عَاذَ بِهِ ليَمْنَعه؛ قَالَ:
سَماعَ اللهِ والعلماءِ أَنِّي
…
أَعوذُ بحَقْوِ خَالِكَ، يَا ابنَ عَمْرِو
وأَنشد الأَزهري:
وعُذْتُمْ بِأَحْقَاءِ الزَّنادِقِ، بَعْدَ ما
…
عَرَكْتُكُمُ عَرْكَ الرَّحى بِثِفالِها
وَقَوْلُهُمْ: عُذْتُ بحَقْوِ فُلَانٍ إِذَا اسْتَجَرْت بِهِ واعْتَصَمْت. والحَقْوُ والحِقْوُ والحَقْوَةُ والحِقاءُ، كُلُّهُ: الإِزارُ، كأَنه سُمِّي بِمَا يُلاثُ عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. الْجَوْهَرِيُّ: أَصل أَحْقٍ أَحْقُوٌ عَلَى أَفْعُلٍ فحذِف لأَنه لَيْسَ فِي الأَسماء اسْمٌ آخِرُهُ حَرْفُ عِلَّةِ وَقَبْلَهَا ضَمَّةٌ، فَإِذَا أَدّى قياسٌ إِلَى ذَلِكَ رُفِضَ فأُبْدِلت مِنَ الْكَسْرَةِ فَصَارَتِ الْآخِرَةُ يَاءً مَكْسُورًا مَا قَبْلَهَا، فَإِذَا صَارَتْ كَذَلِكَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي وَالْغَازِي فِي سُقُوطِ الْيَاءِ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ، وَالْكَثِيرُ فِي الْجَمْعِ حُقِيٌّ وحِقِيٌّ، وَهُوَ فُعُول، قُلِبَتِ الْوَاوُ الأُولى يَاءً لِتُدْغَمَ فِي الَّتِي بَعْدَهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ فَإِذَا أَدَّى قياسٌ إِلَى ذَلِكَ رُفِض فأُبدلت مِنَ الْكَسْرَةِ قَالَ: صَوَابُهُ عَكْسُ مَا ذُكِرَ لأَن الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ فأُبدلت يَعُودُ عَلَى الضَّمَّةِ أَي أُبدلت الضَّمَّةُ مِنَ الْكَسْرَةِ، والأَمر بِعَكْسِ ذَلِكَ، وَهُوَ أَن يَقُولَ فأُبدلت الْكَسْرَةُ مِنَ الضَّمَّةِ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه أَعطَى النساءَ اللَّاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَه حِينَ ماتَتْ حَقْوَهُ وقال: أَشْعِرْنها إيَّاهُ
؛ الحَقْو: الإِزار هَاهُنَا، وَجَمْعُهُ حِقِيٌّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَصل في الحِقْوِ [الحَقْوِ] معقدُ الإِزار ثُمَّ سُمِّيَ الإِزار حَقْواً لأَنه يُشَدُّ عَلَى الحَقْوِ، كَمَا تسمى المَزادة راوِيَة لأَنها عَلَى الراوِية، وَهُوَ الجمَل. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه، قَالَ للنساء: لَا تَزْهَدْنَ فِي جَفَاءِ الحَقْوِ
أَي لَا تَزْهَدْنَ فِي تَغْليظ الإِزار وثخَانَتِه لِيَكُونَ أَسْتَر لَكُنَّ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الحِقْو والحَقْو الْخَاصِرَةُ. وحَقْو السهمِ: مَوْضِعُ الرِّيشِ، وَقِيلَ: مُسْتَدَقُّه مِنْ مُؤَخَّره مِمَّا يَلِي الرِّيشَ. وحَقْوُ الثَّنِيَّةِ: جَانِبَاهَا. والحَقْوُ: مَوْضِعٌ غَلِيظٌ مُرْتَفِعٌ عَلَى السَّيْلِ، وَالْجَمْعُ حِقَاءٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ يَصِفُ مَطَرًا:
يَنْفِي ضِبَاعَ القُفِّ مِنْ حِقَائِه
وَقَالَ النَّضِرُ: حِقِيٌّ الأَرض سُفُوحُها وأَسنادُها، وَاحِدُهَا حَقْوٌ، وَهُوَ السَّنَد والهَدَف. الأَصمعي: كُلُّ مَوْضِعٍ يَبْلُغُهُ مَسِيلُ الْمَاءِ فَهُوَ حَقْوٌ. وَقَالَ اللَّيْثُ: إِذَا نَظَرتَ عَلَى رأْس الثَّنيَّة مِنْ ثَنَايَا الْجَبَلِ رأَيت لِمَخْرِمَيْها حَقْوَيْنِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَلْوي الثَّنَايَا، بأَحْقِيها حَواشِيَه
…
لَيَّ المُلاءِ بأَبْوابِ التَّفارِيجِ
يَعْنِي بِهِ السَّرابَ. والحِقاءُ: جَمْعُ حَقْوَةٍ، وَهُوَ مُرْتَفِع عَنِ النَّجْوة، وَهُوَ مِنْهَا مَوْضِعُ الحَقْوِ مِنَ الرِّجْلِ يَتَحَرَّزُ فِيهِ الضِّبَاعُ مِنَ السَّيْلِ. والحَقْوة والحِقاءُ: وجَعٌ فِي الْبَطْنِ يُصِيبُ الرجلَ مِنْ أَنْ يأْكل اللحمَ بَحْتاً فيأْخُذَه لِذَلِكَ سُلاحٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ: يُورِثُ نَفْخَةً فِي الحَقْوَيْن، وَقَدْ حُقِيَ فَهُوَ مَحْقُوٌّ ومَحْقِيٌّ إِذَا أَصابه ذَلِكَ الداءُ؛ قال رُؤْبَةُ:
مِنْ حَقْوَةِ البطْنِ ودَاءِ الإِغْدَادْ
فمَحْقُوٌّ عَلَى الْقِيَاسِ، ومَحْقِيٌّ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ مَا حَسَدْتُ ابنَ آدَمَ إلَّا عَلَى الطُّسْأَةِ والحَقْوَة
؛ الحَقْوة: وَجَع فِي الْبَطْنِ. والحَقْوة فِي الإِبل: نَحْوُ التَّقْطِيع يأْخذها مِنَ النُّحازِ يَتَقَطَّع لَهُ البطنُ، وأَكثر مَا تُقَالُ الحَقْوة للإِنسان، حَقِيَ يَحْقَى حَقاً فَهُوَ مَحْقُوٌّ. وَرَجُلٌ مَحْقُوٌّ: مَعْنَاهُ إِذَا اشْتَكَى حَقْوَه. أَبو عَمْرٍو: الحِقاءُ رِباط الجُلِّ عَلَى بَطْنِ الفَرَس إِذَا حُنِذَ للتَّضْمِير؛ وأَنشد لطَلْقِ بنِ عَدِيٍّ:
ثُمَّ حَطَطْنا الجُلَّ ذَا الحِقاءِ،
…
كَمِثْلِ لونِ خالِصِ الحِنَّاءِ
أَخْبَرَ أَنه كُمَيْت. الْفَرَّاءُ: قَالَتِ الدُّبَيْرِيَّةُ يُقَالُ وَلَغَ الكلبُ فِي الإِناءِ ولَجَنَ واحْتَقَى يَحْتَقِي احْتِقَاءً بمعنىً واحد. وحِقاءٌ: موضع أَو جَبَل.
حكي: الحِكايةُ: كَقَوْلِكَ حَكَيْت فُلَانًا وحَاكَيْتُه فَعلْتُ مِثْلَ فِعْله أَو قُلْتُ مِثْلَ قَوْله سَوَاءٌ لَمْ أُجاوزه، وحَكَيْت عَنْهُ الْحَدِيثَ حِكَايَةً. ابن سيدة: وحكو
حَكَوْت عَنْهُ حَدِيثًا فِي مَعْنَى حَكَيته. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا سَرَّني أَنِّي حَكَيْت إِنْسَانًا وأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا
أَي فَعَلْتُ مِثْلَ فِعْلِهِ. يُقَالُ: حَكَاه وحَاكَاه، وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْقَبِيحِ المُحَاكَاةُ، والمُحَاكَاة الْمُشَابَهَةُ، تَقُولُ: فُلَانٌ يَحْكِي الشمسَ حُسناً ويُحَاكِيها بِمَعَنًى. وحَكَيْت عَنْهُ الكلام حِكَايَةً وحكو
حَكَوت لُغَةً؛ حَكَاهَا أَبو عُبَيْدَةَ. وأَحْكَيْت العُقْدة أَي شدَدتها كأَحْكَأْتُها؛ وَرَوَى ثَعْلَبٌ بَيْتَ عَدِيٍّ:
أَجْلِ أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَكمْ
…
فوقَ مَن أَحْكَى بِصُلْبٍ وإزارْ
أَي فَوْقَ مَنْ شدَّ إِزَارَهُ عَلَيْهِ؛ قَالَ وَيُرْوَى:
فَوْقَ مَا أَحْكِي بِصُلْبٍ وَإِزَارٍ
أَي فَوْقِ مَا أَقول مِنَ الْحِكَايَةِ. ابْنُ الْقَطَّاعِ: أَحْكَيْتُها وحَكَيْتُها لُغَةٌ فِي أَحْكَأْتُها وحَكَأْتُها. وَمَا احْتَكَى ذَلِكَ فِي صَدْري أَي مَا وَقَعَ فِيهِ. والحُكَاةُ، مَقْصُورٌ: العَظاية الضَّخْمَةُ، وَقِيلَ: هِيَ دَابَّةٌ تُشْبِهُ العَظاية وَلَيْسَتْ بِهَا، رَوَى ذَلِكَ ثَعْلَبٌ، وَالْجَمْعُ حُكىً مِنْ بَابِ طَلْحَةٍ وطَلْحٍ. وَفِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ: أَنه سُئِلَ عَنِ الحُكَأَةِ فَقَالَ مَا أُحِبُّ قَتْلَها
؛ الحُكَأَةُ: العَظَاةُ بِلُغَةِ أَهل مَكَّةَ، وَجَمْعُهَا حُكىً، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَيُجْمَعُ عَلَى حُكىً، مَقْصُورٌ. والحُكاءُ، مَمْدُودٌ: ذَكَر الخَنافِس، وَإِنَّمَا لَمْ يُحِبَّ قَتْلَها لأَنها لَا تُؤْذِي. وَقَالَتْ أُم الْهَيْثَمِ: الحُكاءَةُ مَمْدُودَةٌ مهموزةٌ، وَهُوَ كَمَا قَالَتْ. الْفَرَّاءُ: الحاكِيَة الشَّادَّة، يُقَالُ: حَكَتْ أَي شَدَّت، قَالَ: والحايِكَةُ المُتَبَخْتِرة.
حلا: الحُلْو: نَقِيضُ المُرّ، والحَلاوَة ضدُّ المَرارة، والحُلْوُ كُلُّ مَا فِي طَعْمِهِ حَلاوة، وَقَدْ حَلِيَ وحَلا وحَلُوَ حَلاوةً وحَلْواً وحُلْوَاناً واحْلَوْلَى، وَهَذَا الْبِنَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الأَمر. ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى قَوْلَ الْجَوْهَرِيِّ، واحْلَوْلَى مثلُه؛ وَقَالَ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:
أَمَرُّ عَلَى البَاغي ويَغْلُظ جَانِبي،
…
وَذُو القَصْدِ أَحْلَوْلِي لَهُ وأَلِينُ
وحَلِيَ الشيءَ واسْتَحْلاهُ وتَحَلَّاه واحْلَوْلاهُ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فلمَّا تَحَلَّى قَرْعَها القاعَ سَمْعُه
…
وبانَ لَهُ، وَسْطَ الأَشَاءِ، انْغِلالُها
يَعْنِي أَنّ الصَّائِدَ فِي القُتْرَة إِذَا سَمِعَ وَطْءَ الْحَمِيرِ فَعَلِمَ أَنه وطْؤُها فَرِحَ بِهِ وتحَلَّى سمعُه ذَلِكَ؛ وَجَعَلَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ احْلَوْلَى مُتَعَدِّيًا فَقَالَ:
فلمَّا أَتى عامانِ بعدَ انْفِصالِه
…
عَنِ الضَّرْعِ، واحْلَولَى دِثاراً يَرودُها «4»
. وَلَمْ يَجِئِ افْعَوْعَل مُتَعَدِّيًا إِلَّا هَذَا الْحَرْفُ وَحَرْفٌ آخَرُ وَهُوَ اعْرَوْرَيْت الفَرَسَ. اللَّيْثُ: قَدِ احْلَوْلَيْت الشيءَ أَحْلَوْلِيهِ احْلِيلاءً إِذَا اسْتَحْلَيْتَه، وقَوْلٌ حَلِيٌّ يَحْلَوْلَي فِي الفَم؛
(4). قوله [واحلولى دثاراً] كذا بالأَصل، والذي في الجوهري: دماثاً
قَالَ كثَيِّر عَزَّةَ:
نُجِدُّ لكَ القَوْلَ الحَلِيَّ، ونَمْتَطِي
…
إلَيْك بَنَاتِ الصَّيْعَرِيِّ وشَدْقَمِ
وحَلِيَ بقَلْبي وعَيْنِي يَحْلَى وحَلا يَحْلُو حَلاوةً وحُلْوَاناً إِذَا أَعْجبك، وَهُوَ مِنَ الْمَقْلُوبِ، وَالْمَعْنَى يَحلى بالعَين، وَفَصَلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: حَلا الشيءُ فِي فَمِي، بِالْفَتْحِ، يَحْلُو حَلاوة وحَلِيَ بِعَيْنِي، بِالْكَسْرِ، إِلَّا أَنهم يَقُولُونَ: هُوَ حُلْوٌ فِي الْمَعْنَيَيْنِ؛ وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ: لَيْسَ حَلِيَ مِنْ حَلا فِي شَيْءٍ، هَذِهِ لُغَةٌ عَلَى حِدَتِها كأَنها مُشْتَقَّةٌ مِنَ الحَلْيِ المَلْبوسِ لأَنه حَسُن فِي عَيْنِكَ كحُسْن الحَلْيِ، وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَلَا مَرْضِيٍّ. اللَّيْثُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ حَلا فِي عَيْني وحَلا فِي فَمِي وَهُوَ يَحْلُو حَلْواً، وحَلِيَ بِصَدْرِي فَهُوَ يَحْلَى حُلْوَاناً «1». الأَصمعي: حَلِيَ فِي صَدْرِي يَحْلى وَحَلَا فِي فَمِي يَحْلُو، وحَلِيتُ العيشَ أَحْلاهُ أَي اسْتَحْلَيْته، وحَلَّيْتُ الشيءَ فِي عَين صاحِبه، وحَلَّيْت الطَّعَامَ: جعَلْتُه حُلْواً، وحَلِيتُ بِهَذَا الْمَكَانِ. وَيُقَالُ: مَا حَلِيت مِنْهُ حَلْياً أَي مَا أَصَبت. وحَلِي مِنْهُ بخيرٍ وَحَلَا: أَصاب مِنْهُ خَيْرًا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُهُمْ لَمْ يَحْلَ بِطَائِلٍ أَي لَمْ يَظْفَرْ وَلَمْ يَسْتَفِدْ مِنْهَا كبيرَ فَائِدَةٍ، لَا يُتكَلَّم بِهِ إِلَّا مَعَ الجَحْد، وَمَا حَلِيتُ بِطَائِلٍ لَا يُستعمل إِلَّا فِي النَّفْيِ، وَهُوَ مِنْ مَعْنَى الحَلْيِ والحِلْيَة، وَهُمَا مِنَ الْيَاءِ لأَن النَّفْسَ تَعْتَدُّ الحِلْية ظَفَراً، وَلَيْسَ هُوَ مَنْ حَلِيَ بعيْني بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ حَلِيَ بِعَيْنِي حَلاوَة، فَهَذَا مِنَ الْوَاوِ والأَول مِنَ الْيَاءِ لَا غَيْرَ. وحَلَّى الشَّيْءَ وحَلَّأَه، كِلَاهُمَا: جَعَلَهُ ذَا حَلَاوَةٍ، هَمَزُوهُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. اللَّيْثُ: تَقُولُ حَلَّيْت السويقَ، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ هَمَزَهُ فَقَالَ حَلَّأْتُ السويقَ، قَالَ: وَهَذَا مِنْهُمْ غَلَطٌ. قَالَ الأَزهري: قَالَ الْفَرَّاءُ تَوَهَّمَتِ العربُ فِيهِ الْهَمْزَ لمَّا رأَوْا قَوْلَهُ حَلَّأْتُه عَنِ الْمَاءِ أَي مَنَعْتُهُ مَهْمُوزًا. الْجَوْهَرِيُّ: أَحْلَيْتُ الشيءَ جَعَلْتُهُ حُلْواً، وأَحْلَيْتُه أَيضاً وَجَدْتُهُ حُلْواً؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَمْرِو بْنِ الهُذيل العَبْديّ:
وَنَحْنُ أَقَمْنا أَمْرَ بَكْرِ بنِ وائِلٍ،
…
وأَنتَ بِثأْجٍ لَا تُمِرُّ وَلَا تُحْلِي
قُلْتُ: وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، وَيُشْبِهُ أَن يَكُونَ هَذَا الْبَيْتُ شَاهِدًا عَلَى قَوْلِهِ لَا يُمِرُّ وَلَا يُحْلِي أَي مَا يَتَكَلَّمُ بحُلْوٍ وَلَا مُرّ. وحَالَيْتُه أَي طايَبْتُه؛ قَالَ المرَّار الْفَقْعَسِيُّ:
فَإِنِّي، إِذَا حُولِيتُ، حُلْوٌ مَذاقتي،
…
ومُرٌّ، إِذَا مَا رامَ ذُو إحْنةٍ هَضْمي
والحُلْوُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَسْتخفه الناسُ ويَسْتَحْلُونه وتستَحْلِيه العينُ؛ أَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
وَإِنِّي لَحُلْوٌ تَعْتَريني مَرَارَةٌ،
…
وَإِنِّي لَصَعْبُ الرأْسِ غيرُ ذَلُولِ
وَالْجَمْعُ حُلْووُنَ وَلَا يُكسَّر، والأُنثى حُلْوَة وَالْجَمْعُ حُلْوَاتٌ وَلَا يُكسَّر أَيضاً. وَيُقَالُ: حَلَتِ الجاريةُ بِعَيْنِي وَفِي عَيْنِي تَحْلُو حَلاوَةً. واسْتَحْلاه: مِنَ الحَلاوة كَمَا يُقَالُ اسْتَجَادَهُ مِنَ الجَوْدة. الأَزهري عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: احْلَوْلَتِ الجاريةُ تَحْلَوْلِي إِذَا استُحْلِيَتْ واحْلَوْلاها الرجلُ؛ وأَنشد:
فَلَوْ كنتَ تُعطي حِينَ تُسْأَلُ سامحَتْ
…
لَكَ النَّفْسُ، واحْلَوْلاكَ كلُّ خليلِ
وَيُقَالُ: أَحْلَيْتُ هَذَا المكانَ واستَحْليتُه وحَلِيتُ بِهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. ابْنُ الأَعرابي: احْلَوْلَى الرَّجُلُ إذا
(1). قوله [فهو يَحْلَى حُلْوَاناً] هذه عبارة التهذيب، وقال عقب ذلك: قلت حُلْوَان في مصدر حَلِيَ بصدري خطأ عندي
حسُنَ خلُقه، واحلَوْلى إِذَا خرَجَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ. وحُلْوَةُ: فَرَسُ عبيدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ حَلُوٌّ، عَلَى مِثَالِ عَدُوّ، حُلْوٌ، وَلَمْ يَحْكِهَا يَعْقُوبُ فِي الأَشياء الَّتِي زَعَمَ أَنه حَصَرها كحَسُوّ وفَسُوّ. والحُلْوُ الحَلالُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَا رِيبَةَ فِيهِ، عَلَى المَثل، لأَن ذَلِكَ يُسْتَحلَى مِنْهُ؛ قَالَ:
أَلا ذهَبَ الحُلْوُ الحَلالُ الحُلاحِلُ،
…
ومَنْ قولُه حُكْمٌ وعَدْلٌ ونائِلُ
والحَلْوَاءُ: كلُّ مَا عُولج بحُلْو مِنَ الطَّعَامِ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ وَيُؤَنَّثُ لَا غَيْرَ. التَّهْذِيبُ: الحَلْواء اسْمٌ لِمَا كَانَ مِنَ الطَّعَامِ إِذَا كَانَ مُعالَجاً بحَلاوة. ابْنُ بَرِّيٍّ: يُحْكى أَن ابنَ شُبْرُمَة عاتَبه ابْنُهُ عَلَى إِتْيَانِ السُّلْطَانِ فَقَالَ: يَا بُنيّ، إِنَّ أَباك أَكل مِنْ حَلْوائِهم فحَطَّ فِي أَهْوائِهم. الْجَوْهَرِيُّ: الحَلْواء الَّتِي تُؤْكَلُ، تُمَدُّ وَتُقْصَرُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
مِنْ رَيْبِ دَهْرٍ أَرى حوادِثَه
…
تَعْتَزُّ، حَلْواءَها، شدائِدُها
والحَلْواءُ أَيضاً: الْفَاكِهَةُ الحُلْوة. التَّهْذِيبُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُقَالُ لِلْفَاكِهَةِ حَلْوَاءُ. وَيُقَالُ: حَلُوَتِ الفاكهةُ تَحْلُو حَلاوةً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَنَاقَةٌ حَلِيَّة عَلِيَّة فِي الحَلاوة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، هَذَا نصُّ قَوْلِهِ، وأَصلها حَلُوَّة. وَمَا يُمِرُّ وَلَا يُحْلي وَمَا أَمَرَّ وَلَا أَحْلَى أَي مَا يَتَكَلَّمُ بحُلْوٍ وَلَا مُرّ وَلَا يَفْعل فِعْلًا حُلْواً وَلَا مُرّاً، فَإِنْ نفَيْتَ عَنْهُ أَنه يَكُونُ مُرّاً مَرَّةً وحُلْواً أُخرى قلتَ: مَا يَمَرُّ وَلَا يَحْلُو، وَهَذَا الْفَرْقُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والحُلْوَى: نقيضُ المُرَّى، يُقَالُ: خُذِ الحُلْوَى وأَعْطِه المُرَّى. قَالَتِ امرأَة فِي بناتِها: صُغْراها مُرّاها. وتَحَالَتِ المرأَة إِذَا أَظْهَرَت حَلاوَةً وعُجْباً؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فشأْنَكُما، إنِّي أَمِينٌ وإنَّني،
…
إِذَا مَا تَحَالَى مِثْلُها، لَا أَطُورُها
وحَلا الرجلَ الشيءَ يَحْلُوه: أَعطاه إِيَّاهُ؛ قَالَ أَوْسُ ابْنُ حُجْرٍ:
كأَني حَلَوْتُ الشِّعْرَ، يومَ مَدَحْتُه،
…
صفَا صَخْرَةٍ صَمّاءَ يَبْسٍ بِلالُها
فَجَعَلَ الشِّعْرَ حُلْوَاناً مِثلَ الْعَطَاءِ. والحُلْوانُ: أَن يأْخذ الرجلُ مِنْ مَهْرِ ابنتهِ لنفْسهِ، وَهَذَا عارٌ عِنْدَ الْعَرَبِ؛ قَالَتِ امرأَة فِي زَوْجِهَا:
لَا يأْخُذُ الحُلْوَانَ مِنْ بَناتِنا
وَيُقَالُ: احْتَلَى فُلَانٌ لِنَفَقَةِ امرأَته وَمَهْرِهَا، وَهُوَ أَن يتَمَحَّلَ لَهَا ويَحْتالَ، أُخِذَ مِنَ الحُلْوانِ. يُقَالُ: احْتَلِ فتزوَّجْ، بِكَسْرِ اللَّامِ، وابتَسِلْ مِنَ البُسْلة، وَهُوَ أَجْرُ الرَّاقِي. الْجَوْهَرِيُّ: حَلَوْتُ فُلَانًا عَلَى كَذَا مَالًا فأَنا أَحْلُوه حَلْواً وحُلْواناً إِذَا وهبتَ لَهُ شَيْئًا عَلَى شَيْءٍ يَفْعَلُهُ لَكَ غيرَ الأُجرة؛ قَالَ عَلْقمةُ ابْنُ عَبَدَة:
أَلا رَجُلٌ أَحْلُوهُ رَحْلي وَنَاقَتِي
…
يُبَلِّغُ عَنِّي الشِّعْرَ، إِذْ ماتَ قائلُهْ؟
أَي أَلا هَاهُنَا رجلٌ أَحْلُوه رَحْلي وَنَاقَتِي، وَيُرْوَى أَلا رجلٍ، بِالْخَفْضِ، عَلَى تأْويل أَمَا مِنْ رجلٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْبَيْتُ يُرْوَى لضابئٍ البُرْجُمِيّ. وحَلا الرجلَ حَلْواً وحُلْوَاناً: وَذَلِكَ أَن يُزَوِّجَهُ ابنتَه أَو أُختَه أَو امرأَةً مَّا بمهرٍ مُسَمّىً، عَلَى أَن يَجْعَلَ لَهُ مِنَ الْمَهْرِ شَيْئًا مُسمّىً، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُعَيِّرُ بِهِ. وحُلْوانُ المرأَة: مَهْرُها، وَقِيلَ: هُوَ مَا كَانَتْ تُعْطى عَلَى مُتْعَتِها بِمَكَّةَ. والحُلْوانُ أَيضاً: أُجْرة
الكاهِن. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه نَهَى عَنْ حُلْوانِ الكاهِنِ
؛ قَالَ الأَصمعي: الحُلْوانُ مَا يُعطاه الكاهنُ ويُجْعَلُ لَهُ عَلَى كهَانَتهِ، تَقُولُ مِنْهُ: حَلَوْتُه أَحْلوه حُلواناً إِذَا حَبَوْته. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الحُلْوان أُجْرة الدَّلَّالِ خَاصَّةً. والحُلْوانُ: مَا أَعْطَيْتَ مِنْ رَشْوة وَنَحْوِهَا. ولأَحلُوَنَّك حُلْوانَكَ أَي لأَجْزِينَّكَ جَزاءَك؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والحُلْوانُ: مَصْدَرٌ كالغُفْران، وَنُونُهُ زَائِدَةٌ وأَصله مِنَ الحَلا. والحُلْوانُ: الرَّشْوة. يُقَالُ: حَلَوْتُ أَي رَشوْتُ؛ وأَنشد بَيْتَ عَلْقَمَةَ:
فَمَنْ راكبٌ أَحْلُوه رَحْلَا وَنَاقَةً
…
يُبَلِّغُ عَنِّي الشِّعْرَ، إِذْ ماتَ قائِلُه؟
وحَلاوةُ الْقَفَا وحُلاوَتُه وحَلاواؤُه وحُلاواهُ وحَلاءَتُه؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: وَسَطُه، وَالْجَمْعُ حَلاوى. الأَزهري: حَلاوَةُ القَفا حاقٌّ وَسَطِ الْقَفَا، يُقَالُ: ضَرَبَهُ عَلَى حَلاوَةِ القَفا أَي عَلَى وَسَطِ الْقَفَا. وحَلاوَةُ الْقَفَا: فَأْسُه. وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الْكِسَائِيِّ: سَقَط عَلَى حُلاوَةِ الْقَفَا وحَلاواءِ الْقَفَا، وحَلاوةُ الْقَفَا تَجُوزُ وَلَيْسَتْ بِمَعْرُوفَةٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَوَقَعَ عَلَى حُلاوة الْقَفَا، بِالضَّمِّ، أَي عَلَى وَسَطِ الْقَفَا، وَكَذَلِكَ عَلَى حُلاوَى وحَلاواءِ القَفا، إِذَا فَتَحت مَدَدْتَ وَإِذَا ضَمَمْتَ قَصَرْتَ. وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ:
فَسَلَقني لِ حُلاوَة الْقَفَا
أَي أَضْجَعَني عَلَى وَسَطِ القَفا لَمْ يَمِلْ بِي إِلَى أَحد الْجَانِبَيْنِ، قَالَ: وَتُضَمُّ حَاؤُهُ وَتُفْتَحُ وَتُكْسَرُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
مُوسَى والخَضِر، عليهما السلام: وَهُوَ نَائِمٌ عَلَى حَلاوةِ قفاهُ.
والحِلْو: حَفٌّ صَغِيرٌ يُنسَجُ بِهِ؛ وشَبَّه الشَّمَّاخُ لِسَانَ الْحِمَارِ بِهِ فَقَالَ:
قُوَيْرِحُ أَعْوامٍ كأَنَّ لسانَه،
…
إِذَا صَاحَ، حِلْوٌ زَلَّ عَنْ ظَهْرِ مِنْسَجِ
وَيُقَالُ: هِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يُديرها الْحَائِكُ وأَرضٌ حَلاوَةٌ: تُنْبِت ذُكُورَ البَقْلِ. والحُلاوَى مِنَ الجَنْبة: شجَرة تَدُومُ خُضْرتَها، وَقِيلَ: هِيَ شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ ذَاتُ شَوْكٍ. والحُلاوَى: نَبْتة زَهْرتها صَفْرَاءُ وَلَهَا شَوْكٌ كَثِيرٌ وَوَرَقٌ صِغَارٌ مُسْتَدِيرٌ مِثْلَ وَرَقِ السِّذَابِ، وَالْجَمْعُ حُلاوَيات، وَقِيلَ: الْجَمْعُ كَالْوَاحِدِ. التَّهْذِيبُ: الحَلاوى ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ يَكُونُ بِالْبَادِيَةِ، وَالْوَاحِدَةُ حَلاوِيَة عَلَى تَقْدِيرِ رَباعِية. قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف الحَلاوَى وَلَا الحَلاوِيَة، وَالَّذِي عَرَفْتُهُ الحُلاوَى، بِضَمِّ الْحَاءِ، عَلَى فُعالى، وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي فِي بَابِ فُعالى خُزامى ورُخامى وحُلاوى كلُّهن نَبْتٌ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وحُلْوانُ: اسْمُ بَلَدٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِقَيْسِ الرُّقَيَّات:
سَقْياً لِحُلْوانَ ذِي الكُروم، وَمَا
…
صَنَّفَ مِنْ تينهِ ومِنْ عِنَبِهْ
وَقَالَ مُطِيعُ بْنُ إِيَاسٍ:
أَسْعِداني يَا نَخْلَتَيْ حُلْوانِ،
…
وابْكِيا لِي مِنْ رَيْبِ هَذَا الزَّمانِ
وحُلوانُ: كُورَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: هُمَا قَرْيَتَانِ إحْداهما حُلْوان الْعِرَاقِ والأُخْرى حُلْوان الشَّامِ. ابْنُ سِيدَهْ: والحُلاوة مَا يُحَكُّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فيُكتحل بِهِ، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَلَى ثِقَةٍ لِقَوْلِهِمُ الحَلْوُ فِي هَذَا الْمَعْنَى. وَقَوْلُهُمْ حَلأْتُه أَيْ كَحَّلْتُهُ. والحَلْيُ: مَا تُزُيِّنَ بِهِ مِنْ مَصوغِ المَعْدِنِيَّاتِ أَو الحجارةِ؛ قَالَ:
كأَنها مِنْ حُسُنٍ وشارهْ،
…
والحَلْيِ حَلْيِ التِّبْر والحِجارهْ،
مَدْفَعُ مَيْثاءَ إِلَى قَرارهْ
وَالْجَمْعُ حُلِيٌّ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الحَلْيُ جَمْعًا، وَتَكُونَ الْوَاحِدَةُ حَلْيَةً كشَرْيَةٍ وشَرْيٍ وهَدْيَةٍ وهَدْيٍ. والحِلْيَةُ: كالحَلْيِ، وَالْجَمْعُ حِلىً وحُلىً. اللَّيْثُ: الحَلْيُ كُلُّ حِلْيةٍ حَلَيت بِهَا امرأَةً أَو سَيْفًا ونحوَه، وَالْجَمْعُ حُلِيٌّ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ
. الْجَوْهَرِيُّ: الحَلْيُ حَلْيُ المرأَةِ، وَجَمْعُهُ حُلِيٌّ مِثْلُ ثَدْيٍ وثُدِيّ، وَهُوَ فُعُولٌ، وَقَدْ تُكْسَرُ الْحَاءُ لِمَكَانِ الْيَاءِ مِثْلَ عِصيّ، وَقُرِئَ: مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً
، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ. وحَلَيْتُ المرأَةَ أَحْلِيها حَلْياً وحَلَوْتُها إِذَا جَعَلْتَ لَهَا حُلِيّاً. الْجَوْهَرِيُّ: حِلْيَةُ السيفِ جمْعها حِلىً مِثْلُ لِحْيةٍ ولِحىً، وَرُبَّمَا ضُمَّ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه جَاءَهُ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ: مَا لِي أَرى عليكَ حِلْيَة أَهلِ النارِ؟
هُوَ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُتَزَيَّن بِهِ مِنْ مَصَاغِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا جَعَلَهَا حِلْيَةً لأَهل النَّارِ لأَن الْحَدِيدَ زِيُّ بَعْضِ الْكُفَّارِ وَهُمْ أَهل النَّارِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا كَرِهَهُ لأَجل نَتْنِه وزُهوكَتهِ، وَقَالَ: فِي خاتَمِ الشِّبْهِ ريحُ الأَصْنام، لأَن الأَصنام كَانَتْ تُتَّخَذ مِنَ الشَّبَهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَالُ حِلْيةُ السَّيْفِ وحَلْيهُ، وَكَرِهَ آخَرُونَ حَلْيَ السَّيْفِ، وَقَالُوا: هِيَ حِلْيَتُه؛ قَالَ الأَغْلَبُ العِجْلِي:
جارِيةٌ مِنْ قيْسٍ بنِ ثَعْلَبهْ،
…
بَيْضاءُ ذاتُ سُرَّةٍ مُقَبَّبَهْ،
كأَنها حِلْيَةُ سَيْفٍ مُذْهَبَهْ
وَحَكَى أَبو عَلِيٍّ حَلاة فِي حِلْيَةٍ، وَهَذَا فِي الْمُؤَنَّثِ كشِبْهٍ وشَبَهٍ فِي الْمُذَكَّرِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها
؛ جَازَ أَن يُخْبِرَ عَنْهُمَا بِذَلِكَ لِاخْتِلَاطِهِمَا، وإلا ف الحِلْيَةُ إِنَّمَا تُسْتَخرج مِنَ المِلْح دُونَ العَذْب. وحَلِيَت المرأَةُ حَلْياً وَهِيَ حَالٍ وحَالِيَةٌ: اسْتَفَادَتْ حَلْياً أَو لَبِسَتْهُ، وحَلِيَتْ: صَارَتْ ذَاتَ حَلْيٍ، وَنِسْوَةٌ حَوالٍ. وتَحَلَّتْ: لَبِسَتْ حَلْياً أَو اتَّخَذَتْ. وحَلَّاها: أَلبسها حَلْياً أَو اتَّخَذَهُ لَهَا، وَمِنْهُ سَيْفٌ مُحَلّىً. وتَحَلَّى بالحَلْي أَي تزيَّن، وَقَالَ: ولغةٌ حَلِيَت المرأَةُ إِذَا لَبِسَتْه؛ وأَنشد:
وحَلْي الشَّوَى مِنْهَا، إِذَا حَلِيَتْ بِهِ،
…
عَلَى قَصَباتٍ لَا شِخاتٍ وَلَا عُصْلِ
قَالَ: وَإِنَّمَا يُقَالُ الحَلْيُ للمرأَة وَمَا سِوَاهَا فَلَا يُقَالُ إِلَّا حِلْيةٌ للسيفِ وَنَحْوِهِ. وَيُقَالُ: امرأَة حَالِيَة ومُتَحَلِّيَة. وحَلَّيْت الرجلَ: وصفتُ حِلْيَته. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ*
؛ عدَّاه إِلَى مَفْعُولَيْنِ لأَنه فِي مَعْنَى يَلْبَسُون. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: كَانَ يُحَلِّينا رِعاثاً مِنْ ذَهَبٍ ولُؤْلُؤٍ
، وحَلَّى السيفَ كَذَلِكَ. وَيُقَالُ لِلشَّجَرَةِ إِذَا أَورقت وأَثمرت: حَالِيَةٌ، فَإِذَا تَنَاثَرَ وَرَقُهَا قِيلَ: تعطَّلت؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وهاجَتْ بَقايا القُلْقُلانِ، وعَطَّلَت
…
حَوَالِيَّهُ هُوجُ الرِّياحِ الحَواصِد
أَي أَيْبَسَتْها الرِّيَاحُ فَتَنَاثَرَتْ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه: كَانَ يَتَوضَّأُ إِلَى نِصْفِ ساقَيْه وَيَقُولُ إِنَّ الحِلْيَة تَبْلُغُ إِلَى مواضِع الْوُضُوءِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد بالحِلْيَة هَاهُنَا التَّحْجِيلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَثر الْوُضُوءِ مِنْ
قَوْلِهِ، صلى الله عليه وسلم: غُرٌّ مُحَجَّلون.
ابْنُ سِيدَهْ فِي مُعْتَلِّ الْيَاءِ: وحَلِيَ فِي عَيْنِي وصَدْرِي قِيلَ لَيْسَ مِنَ الحَلاوة، إِنَّمَا هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الحَلْي الْمَلْبُوسِ لأَنه حَسُنَ فِي عَيْنِكَ كَحُسْنِ الحَلْيِ، وَحَكَى
ابْنُ الأَعرابي: حَلِيَتْه العَيْنُ؛ وأَنشد:
كَحْلاءُ تَحْلاها العُيونُ النُّظَّرُ
التَّهْذِيبُ: اللِّحْيَانِيُّ حَلِيَتِ المرأَة بعَيْني وَفِي عَيْني وبِقَلْبي وَفِي قَلْبي وَهِيَ تَحْلَى حَلاوة، وَقَالَ أَيضاً: حَلَتْ تَحْلُو حَلاوة. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ حَلِيَ فُلَانٌ بِعَيْنِي، بِالْكَسْرِ، وَفِي عَيْنِي وَبِصَدْرِي وَفِي صَدْرِي يَحْلَى حَلاوة إِذَا أَعجبك؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إنَّ سِرَاجاً لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهْ،
…
تَحْلَى بِهِ العَيْن إِذَا مَا تَجْهَرُهْ
قَالَ: وَهَذَا شَيْءٌ مِنَ الْمَقْلُوبِ، وَالْمَعْنَى يَحْلَى بالعَين. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، عليه السلام: لَكِنَّهُمْ حَلِيَت الدُّنْيَا فِي أَعْينُهم.
يُقَالُ: حَلِيَ الشيءُ بعَيْني يَحْلى إِذَا استَحْسَنْته، وحَلا بفَمِي يَحْلُو. والحِلْيَةُ: الخِلْقة. والحِلْيَةُ: الصِّفَةُ والصُّورة. والتَّحْلِيةُ: الوَصْف. وتَحَلَّاه: عَرَفَ صِفَته. والحِلْيَة: تَحْلِيَتُك وجهَ الرجلِ إِذَا وصَفْته. ابْنُ سِيدَهْ: والحَلَى بَثْرٌ يَخْرُجُ بأَفواه الصِّبْيَانِ؛ عَنْ كُراع، قَالَ: وَإِنَّمَا قَضَيْنَا بأَن لَامَهُ يَاءٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَن اللَّامَ يَاءٌ أَكثر مِنْهَا وَاوًا. والحَلِيُّ: مَا ابيضَّ مِنْ يَبِيسِ السِّبَطِ والنَّصِيِّ، وَاحِدَتُهُ حَلِيَّةٌ؛ قَالَ:
لَمَّا رأَتْ حَلِيلَتي عَيْنَيَّهْ،
…
ولِمَّتِي كأَنَّها حَلِيَّهْ،
تَقُولُ هَذِي قرَّةٌ عَلَيَّهْ
التَّهْذِيبُ: والحَلِيُّ نَبَاتٌ بعَيْنه، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ مَرَاتِعِ أَهل الْبَادِيَةِ للنَّعَم وَالْخَيْلِ، وَإِذَا ظَهَرَتْ ثَمَرَتُهُ أَشبه الزَّرْعَ إِذَا أَسبل؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ كُلُّ نَبْتٍ يُشْبِهُ نَبَاتَ الزَّرْعِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا خطأٌ إِنَّمَا الحَلِيُّ اسْمُ نَبْتٍ بِعَيْنِهِ وَلَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ مِنَ الكلإِ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَلِيُّ عَلَى فَعيل يَبِيسُ النَّصِيِّ، وَالْجَمْعُ أَحْلِية؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
نَحنُ مَنَعْنا مَنْبِتَ النَّصِيِّ،
…
ومَنْبِتَ الضَّمْرانِ والحَلِيِ
وَقَدْ يُعَبَّر بالحَلِيِّ عَنِ الْيَابِسِ كَقَوْلِهِ:
وإنَّ عِنْدِي، إِنْ رَكِبْتُ مِسْحَلِي،
…
سَمَّ ذَراريحَ رطابٍ وحَلِي
وَفِي حَدِيثِ
قُسّ: وحَلِيّ وأَقَاحٍ
؛ هُوَ يَبِيسُ النَّصِيِّ مِنَ الكَلإِ، وَالْجَمْعُ أَحْلِيَة. وحَلْيَة: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الشَّنْفَرَى:
بِرَيْحانةٍ مِنْ بطنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ،
…
لَهَا أَرَجٌ، مَا حَوْلَها غَيرُ مُسْنِتِ
وَقَالَ بَعْضُ نِسَاءِ أَزدِ مَيْدَعانَ:
لَوْ بَيْنَ أَبْياتٍ بِحَلْيَةَ مَا
…
أَلْهاهُمُ، عَنْ نَصْرِكَ، الجُزُرُ
وحُلَيَّة: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ:
أَو مُغْزِلٌ بالْخَلِّ، أَو بِحُلَيَّةٍ
…
تَقْرُو السلامَ بِشَادِنٍ مِخْماصِ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: تَحْتَمِلُ حُلَيَّة الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا، يَعْنِي الْوَاوَ وَالْيَاءَ، وَلَا أُبعِد أَن يَكُونَ تَحْقِيرَ حَلْية، وَيَجُوزُ أَن تكونَ هَمْزَةً مُخَفَّفَةً مِنْ لَفْظِ حلَّأْت الأَديم كَمَا تَقُولُ فِي تَخْفِيفِ الحُطَيْئة الحُطَيَّة. وإحْلِيَاءُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
فأَيْقَنَتْ أَنَّ ذَا هاشٍ مَنِيَّتُها،
…
وأَنَّ شَرْقِيَّ إحْلِياءَ مَشْغُولُ
الْجَوْهَرِيُّ: حَلْية، بِالْفَتْحِ، مأْسَدة بِنَاحِيَةِ الْيَمَنِ؛ قَالَ يَصِفُ أَسداً:
كأَنَّهُمُ يَخْشَوْنَ منْك مُدَرَّباً،
…
بِحَلْيةَ، مَشْبُوحَ الذِّراعَيْن مِهْزَعَا
الأَزهري: يُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذَا زَجَرْتَهُ حَوْبُ وحَوْبَ وحَوْبِ، وَلِلنَّاقَةِ حَلْ جَزْمٌ وحَلِيْ جَزْم لَا حَلِيتِ وحَلٍ، قَالَ: وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ يُقَالُ فِي زَجْرِ النَّاقَةِ حَلْ حَلْ، قَالَ: فَإِذَا أَدخلت فِي الزَّجْرِ أَلِفاً وَلَامًا جَرَى بِمَا يُصِيبُهُ مِنَ الإِعراب كَقَوْلِهِ:
والحَوْبُ لمَّا لَمْ يُقَلْ والحَلُ
فَرَفَعَهُ بِالْفِعْلِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.
حما: حَمْوُ المرأَة وحَمُوها وحَماها: أَبو زَوْجها وأَخُو زَوْجِهَا، وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِه. يُقَالُ هَذَا حَمُوها ورأَيت حَمَاها وَمَرَرْتُ بحَمِيها، وَهَذَا حَمٌ فِي الِانْفِرَادِ. وكلُّ مَنْ وَلِيَ الزوجَ مِنْ ذِي قَرابته فَهُمْ أَحْماء المرأَة، وأُمُّ زَوجها حَمَاتُها، وكلُّ شَيْءٍ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ أَبوه أَو أَخوه أَو عَمُّهُ فَهُمُ الأَحْماءُ، والأُنثى حماةٌ، لَا لُغَةَ فِيهَا غَيْرُ هَذِهِ؛ قَالَ:
إِنَّ الحَماةَ أُولِعَتْ بالكَنَّهْ،
…
وأَبَتِ الكَنَّةُ إلَّا ضِنَّهْ
وحَمْوُ الرَّجُلِ: أَبو امرأَته أَوْ أَخوها أَو عَمُّهَا، وَقِيلَ: الأَحْمَاءُ مِنْ قِبَل المرأَة خَاصَّةً والأَخْتانُ مِنْ قِبَل الرَّجُلِ، والصِّهْرُ يَجْمَعُ ذَلِكَ كلَّه. الْجَوْهَرِيُّ: حَمَاةُ المرأَة أُمّ زَوْجِهَا، لَا لُغَةَ فِيهَا غَيْرُ هَذِهِ. وَفِي الحَمْو أَربع لُغَاتٍ: حَماً مِثْلُ قَفاً، وحَمُو مثل أَبُو، وحَمٌ مِثْلُ أَبٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ حَماً قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَبجارَة شَوْهاءَ تَرْقُبُني،
…
وحَماً يخِرُّ كَمَنْبِذِ الحِلْسِ
وحَمْءٌ ساكنةَ الْمِيمِ مَهْمُوزَةٌ؛ وأَنشد:
قُلْتُ لِبَوَّابٍ لَدَيْهِ دَارُها:
…
تِئْذَنْ، فَإِنِّي حَمْؤُها وجَارُها
ويُروْى: حَمُها، بِتَرْكِ الْهَمْزِ. وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ قِبَل المرأَة فَهُمُ الأَخْتان. الأَزهري: يُقَالُ هَذَا حَمُوها وَمَرَرْتُ بحَمِيها ورأَيت حَمَاها، وَهَذَا حَمٌ فِي الِانْفِرَادِ. وَيُقَالُ: رأَيت حَماها وَهَذَا حَماها وَمَرَرْتُ بِحَماها، وَهَذَا حَماً فِي الِانْفِرَادِ، وَزَادَ الْفَرَّاءُ حَمْءٌ، سَاكِنَةُ الْمِيمِ مَهْمُوزَةٌ، وحَمُها بِتَرْكِ الْهَمْزِ؛ وأَنشد:
هِيَ مَا كَنَّتي، وتَزْعُمُ أَني لهَا حَمُ
الْجَوْهَرِيُّ: وأَصل حَمٍ حَمَوٌ، بِالتَّحْرِيكِ، لأَن جَمْعَهُ أَحْماء مِثْلَ آبَاءَ. قَالَ: وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الأَخ أَن حَمُو مِنَ الأَسماء الَّتِي لَا تَكُونُ مُوَحَّدة إِلَّا مُضَافَةً، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ مُفْرَدًا؛ وأَنشد:
وَتَزْعُمُ أَني لها حَمُو
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لفَقيد ثَقِيف «2» . قَالَ: وَالْوَاوُ فِي حَمُو للإِطلاق؛ وَقَبْلَ الْبَيْتِ:
أَيُّها الجِيرةُ اسْلَمُوا،
…
وقِفُوا كَيْ تُكَلَّمُوا
خَرَجَتْ مُزْنَةٌ من
…
البَحْر ريَّا تَجَمْجَمُ
هِيَ مَا كَنَّتي، وتَزْعُمُ
…
أَني لَها حَمُ
وَقَالَ رجل كَانَتْ لَهُ امرأَة فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَهَا أَخوه:
لَقَدْ أَصْبَحَتْ أَسْماءُ حَجْراً [حِجْراً] مُحَرَّما،
…
وأَصْبَحْتُ مِنْ أَدنى حُمُوّتِها حَمَا
أَي أَصبحت أَخا زَوْجِهَا بَعْدَ مَا كُنْتُ زَوْجَهَا. وَفِي
(2). قوله: فقيد ثقيف؛ هكذا في الأَصل
حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه، أَنه قَالَ: مَا بالُ رِجَالٍ لَا يزالُ أَحدُهم كاسِراً وِسادَه عِنْدَ امرأَة مُغْزِيةٍ يَتحدَّث إِلَيْهَا؟ عَلَيْكُمْ بالجَنْبةِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
لَا يَدْخُلَنَّ رجلٌ عَلَى امرأَة
، وَفِي رِوَايَةٍ:
لَا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بمُغِيبة وَإِنْ قِيلَ حَمُوها أَلا حَمُوها الموتُ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ أَلا حَمُوها الْمَوْتُ، يَقُولُ فَلْيَمُتْ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ هَذَا رأْيَه فِي أَبي الزَّوْج وَهُوَ مَحْرَم فَكَيْفَ بِالْغَرِيبِ؟ الأَزهري: قَدْ تَدَبَّرْتُ هَذَا التَّفْسِيرَ فَلَمْ أَرَهُ مُشاكلًا لِلَفْظِ الْحَدِيثِ. وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه قَالَ فِي قَوْلِهِ الحَمُ الموتُ: هَذِهِ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ كَمَا تَقُولُ الأَسَدُ الْمَوْتُ أَي لِقَاؤُهُ مِثْلُ الْمَوْتِ، وَكَمَا تَقُولُ السلطانُ نارٌ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ الحَمُ الموتُ أَن خَلْوَةَ الحَمِ مَعَهَا أَشد مِنْ خَلْوَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْغُرَبَاءِ، لأَنه رُبَّمَا حسَّن لَهَا أَشياء وَحَمَلَهَا عَلَى أُمور تَثْقُلُ عَلَى الزَّوْجِ مِنَ الْتِمَاسٍ مَا لَيْسَ فِي وَسْعِهِ أَو سُوءِ عِشْرَةٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ، ولأَن الزَّوْجَ لَا يُؤْثِرُ أَن يَطَّلِعَ الحَمُ عَلَى بَاطِنِ حَالِهِ بِدُخُولِ بَيْتِهِ؛ الأَزهري: كأَنه ذَهَبَ إِلَى أَن الْفَسَادَ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَ المرأَة وأَحمائها أَشد مِنْ فَسَادٍ يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْغَرِيبِ وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ كَالْمَوْتِ. وَحُكِيَ عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: الأَحْمَاءُ مِنْ قِبَل الزَّوْجِ، والأَخْتانُ مِنْ قِبَل المرأَة، قَالَ: وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي وَزَادَ فَقَالَ: الحَمَاةُ أُمُّ الزَّوْجِ، والخَتَنة أُمُّ المرأَة، قَالَ: وَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ العباسُ وعليٌّ وحمزةُ وَجَعْفَرٌ أَحْمَاءُ عائشةَ، رضي الله عنهم أَجمعين. ابْنُ بَرِّيٍّ: وَاخْتُلِفَ فِي الأَحْماءِ والأَصْهار فَقِيلَ أَصْهار فُلَانٍ قَوْمُ زَوْجَتِهِ وأَحْمَاءُ فُلَانَةَ قَوْمُ زَوْجِهَا. وَعَنِ الأَصمعي: الأَحْمَاءُ مِنْ قِبَل المرأَة والصِّهْر يَجْمَعهما؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
سُبِّي الحَمَاةَ وابْهَتي عَلَيْها،
…
ثُمَّ اضْرِبي بالوَدِّ مِرْفَقَيْها
مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَن الحَمَاة مِنْ قِبَل الرَّجُلِ، وَعِنْدَ الْخَلِيلِ أَن خَتَنَ الْقَوْمِ صِهْرُهم والمتزوِّج فِيهِمْ أَصهار الخَتَنِ «1» ، وَيُقَالُ لأَهل بيتِ الخَتَنِ الأَخْتَانُ، ولأَهل بَيْتِ المرأَة أَصهارٌ، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُهُمْ كلَّهم أَصْهاراً. اللَّيْثُ: الحَمَاةُ لَحْمة مُنْتَبِرَة فِي باطِنِ السَّاقِ. الْجَوْهَرِيُّ: والحَمَاة عَضَلَةُ السَّاقِ. الأَصمعي: وَفِي سَاقِ الْفَرَسِ الحَمَاتانِ، وَهُمَا اللَّحْمَتان اللَّتَانِ فِي عُرْض السَّاقِ تُرَيانِ كالعَصَبَتَين مِنْ ظَاهِرٍ
وَبَاطِنٍ، وَالْجَمْعُ حَمَوات. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: هُمَا المُضْغَتان المُنتَبِرتان فِي نِصْفِ السَّاقَيْنِ مِنْ ظَاهِرٍ. ابْنُ سِيدَهْ: الحَماتان مِنَ الْفَرَسِ اللَّحْمتان الْمُجْتَمِعَتَانِ فِي ظَاهِرِ السَّاقَيْنِ مِنْ أَعاليهما. وحَمْوُ الشَّمْسِ: حَرُّها. وحَمِيَت الشمسُ والنارُ تَحْمَى حَمْياً وحُمِيّاً وحُمُوّاً، الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: اشتدَّ حَرُّها، وأَحْماها اللهُ، عَنْهُ أَيضاً. الصِّحَاحُ: اشْتَدَّ حَمْيُ الشمسِ وحَمْوُها بِمعْنىً. وحَمَى الشيءَ حَمْياً وحِمىً وحِماية ومَحْمِيَة: مَنَعَهُ وَدَفَعَ عَنْهُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يَجِيءُ هَذَا الضَّرْبُ عَلَى مَفْعِلٍ إِلَّا وَفِيهِ الْهَاءُ، لأَنه إِنْ جَاءَ عَلَى مَفْعِلٍ بِغَيْرِ هاءٍ اعْتَلَّ فَعَدَلُوا إِلَى الأَخفِّ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: حَمَيْتُ الأَرض حَمْياً وحِمْيَةً وحِمَايَةً وحِمْوَةً، الأَخيرة نَادِرَةٌ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ بَابِ أَشَاوي. والحِمْيَة والحِمَى: مَا حُمِيَ مِنْ شيءٍ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ، وَتَثْنِيَتُهُ حِمَيانِ عَلَى الْقِيَاسِ وحِمَوان عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وكلأٌ حِمىً: مَحْمِيٌّ. وحَماه مِنَ الشَّيْءِ وحَماه إِيَّاهُ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:
حَمَيْنَ العَراقِيبَ العَصا، فَتَرَكْنَه
…
بِهِ نَفَسٌ عَالٍ، مُخالِطُه بُهْرُ
وحَمَى المَريضَ مَا يضرُّه حِمْيَةً: مَنَعَه إيَّاه؛ واحْتَمَى هُوَ مِنْ ذَلِكَ وتَحَمَّى: امْتَنَع. والحَمِيُّ:
(1). قوله: أصهار الختن: هكذا في الأَصل
المَريض الْمَمْنُوعُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
وجْدي بصَخْرَةَ، لَوْ تَجْزِي المُحِبَّ بِهِ،
…
وَجْدُ الحَمِيِّ بماءِ المُزْنةِ الصَّادي
واحْتَمَى المريضُ احْتِمَاءً مِنَ الأَطعمة. وَيُقَالُ: حَمَيْتُ الْمَرِيضَ وأَنا أَحْمِيه حِمْيَةً وحِمْوَةً مِنَ الطَّعَامِ، واحْتَمَيت مِنَ الطَّعَامِ احْتِماءً، وحَمَيْت القومَ حِمايةً، وحَمَى فلانٌ أَنْفَه يَحْمِيه حَمِيَّةً ومَحْمِيَةً. وَفُلَانٌ ذُو حَمِيَّةٍ مُنْكَرَة إِذَا كَانَ ذَا غَضَبٍ وأَنَفَةٍ. وحَمَى أَهلَه فِي القِتال حِمايةً. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَمِيتُ مِنْ هَذَا الشيءِ أَحْمَى مِنْه حَمِيَّةً أَي أَنَفاً وغَيْظاً. وَإِنَّهُ لَرَجُل حَمِيٌّ: لَا يَحْتَمِل الضَّيْم، وحَمِيُّ الأَنْفِ. وَفِي حَدِيثِ
مَعْقِل بنِ يَسارٍ: فَ حَمِيَ مِنْ ذَلِكَ أَنَفاً
أَي أَخَذَتْه الحَمِيَّة، وَهِيَ الأَنَفَة والغَيْرة. وحَمِيت عَنْ كَذَا حَمِيَّةً، بالتشديد، ومَحْمِيَةً إذا أَنِفْت مِنْهُ وداخَلَكَ عارٌ وأَنَفَةٌ أَن تفْعَله. يُقَالُ: فُلَانٌ أَحْمَى أَنْفاً وأَمْنَعُ ذِماراً مِنْ فُلَانٍ. وحَماهُ الناسَ يَحْمِيه إياهمْ حِمىً وحِمايةً: مَنَعَهُ. والحامِيَةُ: الرجلُ يَحْمِي أَصحابه فِي الْحَرْبِ، وهم أَيضاً الْجَمَاعَةُ يَحْمُون أَنفُسَهم؛ قَالَ لَبِيدٌ:
ومَعِي حَامِيةٌ مِنْ جَعْفرٍ،
…
كلَّ يوْمٍ نَبْتَلي مَا فِي الخِلَلِ
وَفُلَانٌ عَلَى حَامِية الْقَوْمِ أَي آخِرُ مَنْ يَحْمِيهِمْ فِي انْهِزامِهم. وأَحْمَى المكانَ: جَعَلَهُ حِمىً لَا يُقْرَب. وأَحْمَاهُ: وجَدَه حِمىً. الأَصمعي: يُقَالُ حَمىَ فُلَانٌ الأَرضَ يَحْمِيها حِمًى لَا يُقْرَب. اللَّيْثُ: الحِمَى مَوْضِعٌ فِيهِ كَلأٌ يُحْمَى مِنَ النَّاسِ أَن يُرْعى. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فِي تَفْسِيرِ
قَوْلِهِ، صلى الله عليه وسلم: لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ ولِرَسُولِه
، قَالَ: كَانَ الشَّرِيفُ مِنَ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا نَزَلَ بَلَدًا فِي عَشِيرَتِهِ اسْتَعْوَى كَلْباً فحَمَى لخاصَّته مَدَى عُواءِ الكَلْبِ لَا يَشرَكُه فِيهِ غيرهُ فَلَمْ يَرْعَه مَعَهُ أَحد وَكَانَ شريكَ الْقَوْمِ فِي سَائِرِ المرَاتع حَوْله، قَالَ: فَنَهَى النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَنْ يُحْمَى عَلَى النَّاسِ حِمىً كَمَا كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَ، قَالَ: وَقَوْلُهُ إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، يَقُولُ: إِلَّا مَا يُحْمَى لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ ورِكابِهِم الَّتِي تُرْصَد لِلْجِهَادِ ويُحْمَل عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِبِلِ الزَّكَاةِ، كَمَا حَمَى عُمَرُ النَّقِيع لِنَعَمِ الصَّدَقَةِ وَالْخَيْلِ المُعَدَّة فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبيَضَ بنِ حَمّالٍ لَا حِمَى فِي الأَراكَ، فَقَالَ أَبيَضُ: أَراكَةٌ فِي حِظاري
أَي فِي أَرضي، وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنه سأَله عَمَّا يُحْمَى مِنَ الأَراك فَقَالَ مَا لَمْ تَنَلْهُ أَخفافُ الإِبلِ
؛ مَعْنَاهُ أَن الإِبل تأْكل مُنْتَهى مَا تَصِلُ إِلَيْهِ أَفواهها، لأَنها إِنَّمَا تَصِلُ إِلَيْهِ بِمَشْيِهَا عَلَى أَخفافها فيُحْمَى مَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: أَراد أَنه يُحْمَى مِنَ الأَراك مَا بَعُدَ عَنِ العِمارة وَلَمْ تَبْلُغْهُ الإِبلُ السَّارِحَةُ إِذَا أُرْسِلت فِي المَرْعَى، وَيُشْبِهُ أَن تَكُونَ هَذِهِ الأَراكة الَّتِي سأَل عَنْهَا يَوْمَ أَحْيا الأَرضَ وحَظَر عَلَيْهَا قائمةَ فِيهَا فأَحيا الأَرض فَمَلَكَهَا بالإِحياء وَلَمْ يَمْلِكِ الأَراكة، فأَما الأَراك إِذَا نَبَتَ فِي مِلك رَجُلٍ فَإِنَّهُ يَحْمِيهِ وَيَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْهُ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
مِنْ سَراةِ الهِجانِ، صَلَّبَها العُضّ
…
ورَعْيُ الحِمَى وطولُ الحِيال
رَعْيُ الحِمَى: يُرِيدُ حِمَى ضَرِيَّة، وَهُوَ مَراعي إِبِلِ المُلوك وحِمَى الرَّبَذَةِ دونَه. وَفِي حَدِيثِ الإِفْكِ:
أَحْمِي سَمْعي وبصَري
أَي أَمنَعُهما مِنْ أَن أَنسُب إِلَيْهِمَا مَا لَمْ يُدْرِكاه وَمِنَ الْعَذَابِ لَوْ كَذَبْت عَلَيْهِمَا.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ وذكَرَت عُثْمَانَ: عَتَبْنا عَلَيْهِ مَوْضِعَ الغَمامة المُحْماةِ
؛ تُرِيدُ الحِمَى الَّذِي حَماه. يُقَالُ: أَحْمَيْت الْمَكَانَ فَهُوَ مُحْمىً إِذَا جَعَلْتَهُ حِمىً، وَجَعَلَتْهُ عَائِشَةُ، رضي الله عنها، مَوْضِعًا لِلْغَمَامَةِ لأَنها تَسْقِيهِ بِالْمَطَرِ وَالنَّاسُ شُركاء فِيمَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ مِنَ الكَلإِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا فَلِذَلِكَ عَتَبُوا عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: حَمَيْتُ الحِمَى حَمْياً مَنَعْته، قَالَ: فَإِذَا امتَنع مِنْهُ الناسُ وعَرَفوا أَنه حِمىً قُلْتَ أَحمَيْتُه. وعُشْبٌ حِمىً: مَحْمِيٌّ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ حَمَى مكانَه وأَحْماه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حَمَى أَجَماتِه فتُرِكْنَ قَفْراً،
…
وأَحْمَى مَا سِواه مِنَ الإِجامِ
قَالَ: وَيُقَالُ أَحْمَى فلانٌ عِرْضَه؛ قَالَ المُخَبَّلُ:
أَتَيْتَ امْرَأً أَحْمَى عَلَى الناسِ عِرْضَه،
…
فَمَا زِلْتَ حَتَّى أَنْتَ مُقْعٍ تُناضِلُهْ
فأَقْعِ كَمَا أَقْعى أَبوكَ عَلَى اسْتِهِ،
…
رأَى أَنَّ رَيْماً فوْقَه لَا يُعادِلُهْ
الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا شيءٌ حِمىً عَلَى فِعَلٍ أَي مَحْظُور لَا يُقْرَب، وَسَمِعَ الْكِسَائِيُّ فِي تَثْنِيَةِ الحِمَى حِمَوانِ، قَالَ: وَالْوَجْهُ حِمَيانِ. وَقِيلَ لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ الأَنصاري: حَمِيُّ الدَّبْرِ، عَلَى فَعِيلٍ بِمَعْنَى مَفعول. وَفُلَانٌ حَامِي الحقِيقةِ: مِثْلَ حَامِي الذِّمارِ، وَالْجَمْعُ حُماةٌ وحَامِية؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَقَالُوا: يالَ أَشْجَعَ يومَ هَيْجٍ،
…
ووَسْطَ الدارِ ضَرْباً واحْتِمايا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَخرجه عَلَى الأَصل وَهِيَ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنشد الأَصمعي لأَعْصُرَ بنِ سعدِ بْنِ قيسِ عَيْلان:
إِذَا مَا المَرْءُ صَمَّ فلمْ يُكَلَّمْ،
…
وأَعْيا سَمْعهُ إِلَّا نِدَايا
ولاعَبَ بالعَشِيِّ بَني بَنِيهِ،
…
كفِعْلِ الهِرِّ يَحْتَرِشُ العَظايا
يُلاعِبُهُمْ، ووَدُّوا لوْ سَقَوْهُ
…
مِنَ الذَّيْفانِ مُتْرَعَةً إِنَايَا
فَلَا ذاقَ النَّعِيمَ وَلَا شَراباً،
…
وَلَا يُعْطى منَ المَرَضِ الشِّفايا
وَقَالَ: قَالَ أَبو الْحَسَنِ الصِّقِلِّي حُمِلت أَلف النَّصْبِ عَلَى هَاءِ التأْنيث بِمُقَارَنَتِهَا لَهَا فِي الْمَخْرَجِ وَمُشَابَهَتِهَا لَهَا فِي الْخَفَاءِ، وَوَجْهٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنه إِذَا قَالَ الشفاءَا وَقَعَتِ الْهَمْزَةُ بَيْنَ أَلفين، فَكَرِهَهَا كَمَا كَرِهَهَا فِي عَظاءَا، فَقَلَبَهَا يَاءً حَمْلًا عَلَى الْجَمْعِ. وحُمَّةُ الحَرِّ: مُعْظَمُه، بِالتَّشْدِيدِ. وحامَيْتُ عَنْهُ مُحاماةً وحِماءً. يُقَالُ: الضَّرُوسُ تُحامِي عَنْ وَلدِها. وحامَيْتُ عَلَى ضَيْفِي إِذَا احتَفَلْت لَهُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
حامَوْا عَلَى أَضْيافِهِمْ، فشَوَوْا لَهُمْ
…
مِنْ لَحْمِ مُنْقِيَةٍ وَمِنْ أَكْبادِ
وحَمِيتُ عَلَيْهِ: غَضِبْتُ، والأُموي يَهْمِزُهُ. وَيُقَالُ: حِماءٌ لَكَ، بِالْمَدِّ، فِي مَعْنَى فِداءٌ لَكَ. وَتَحَامَاهُ النَّاسُ أَي توَقَّوْهُ وَاجْتَنَبُوهُ. وذهَبٌ حَسَنُ الحَماءِ، مَمْدُودٌ: خَرَجَ مِنَ الحَماءِ حسَناً. ابْنُ السِّكِّيتِ: وَهَذَا ذهَبٌ جيِّدٌ يَخْرُجُ مِنَ الإِحْماءِ، وَلَا يُقَالُ عَلَى الحَمَى لأَنه مِنْ أَحمَيْتُ. وحَمِيَ مِنَ الشَّيْءِ حَمِيَّةً ومَحْمِيَةً: أَنِفَ، وَنَظِيرُ المَحْمِيَة المَحْسِبةُ مِنْ حَسِب، والمَحْمِدة مِنْ حَمِدَ، والمَوْدِدة مِنْ وَدَّ، والمَعْصِيةُ مِنْ عَصَى. واحْتَمَى فِي الْحَرْبِ: حَمِيَتْ نَفْسهُ. وَرَجُلٌ
حَمِيٌّ: لا يحتمل الضَّيْمَ، وأَنْفٌ حَمِيٌّ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ حَمِيتُ فِي الْغَضَبِ حُمِيّاً. وحَمِيَ النَّهَارُ، بِالْكَسْرِ، وحَمِيَ التَّنُّورُ حُمِيّاً فِيهِمَا أَي اشتدَّ حَرُّه. وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ:
الْآنَ حَمِيَ الوَطِيسُ
؛ التَّنُّورُ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ شدَّة الأَمر واضْطِرامِ الحَرْبِ؛ وَيُقَالُ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ أوَّلُ مَنْ قَالَهَا النَّبِيُّ، صلى الله عليه وسلم، لَمَّا اشْتَدَّ البأْسُ يومَ حُنَيْنٍ وَلَمْ تُسْمَعُ قَبْله، وَهِيَ مِنْ أَحسن الِاسْتِعَارَاتِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وقِدْرُ القَوْمِ حامِيةٌ تَفُور
أَي حارَّة تَغْلي، يُرِيدُ عِزَّةَ جانبِهم وشدَّةَ شَوْكَتِهم. وحَمِيَ الفرسُ حِمىً: سَخُنَ وعَرِقَ يَحْمَى حَمْياً، وحَمْيُ الشَّدِّ مِثْلُهُ؛ قَالَ الأَعشى:
كَأَنَّ احْتِدامَ الجَوْفِ مِنْ حَمْيِ شَدِّه،
…
وَمَا بَعْدَه مِنْ شَدّه، غَلْيُ قُمْقُمِ
وَيُجْمَعُ حَمْيُ الشَّدّ أَحْماءً؛ قَالَ طَرَفَة:
فَهِيَ تَرْدِي، وَإِذَا مَا فَزِعَتْ
…
طارَ مِنْ أَحْمائِها شَدّ الأُزُرْ
وحَمِيَ المِسْمارُ وَغَيْرُهُ فِي النَّارِ حَمْياً وحُمُوّاً: سَخُنَ، وأَحْمَيْتُ الْحَدِيدَةَ فأَنا أُحْمِيها إحْماءً حَتَّى حَمِيَتْ تَحْمَى. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَحْمَيْتُ الْمِسْمَارَ إحْماءً فأَنا أُحْمِيهِ. وأَحْمَى الحديدةَ وَغَيْرَهَا فِي النَّارِ: أَسْخَنَها، وَلَا يُقَالُ حَمَيْتها. والحُمَة: السَّمُّ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ الإِبْرة الَّتِي تَضْرِبُ بِهَا الحَيّةُ وَالْعَقْرَبُ والزُّنْبور وَنَحْوُ ذَلِكَ أَو تَلْدَغُ بِهَا، وأَصله حُمَوٌ أَو حُمَيٌ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ، وَالْجَمْعُ حُماتٌ وحُمىً. اللَّيْثُ: الحُمَةُ فِي أَفواه العامَّة إبْرةُ العَقْرب والزُّنْبور وَنَحْوِهِ، وَإِنَّمَا الحُمَةُ سَمُّ كُلِّ شَيْءٍ يَلْدَغُ أَو يَلْسَعُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لسَمّ الْعَقْرَبِ الحُمَةُ والحُمَّةُ. وَقَالَ الأَزهري: لَمْ يُسْمَعِ التَّشْدِيدُ فِي الحُمَّة إِلَّا لِابْنِ الأَعرابي، قَالَ: وأَحسبه لَمْ يَذْكُرْهُ إِلَّا وَقَدْ حَفِظَهُ. الْجَوْهَرِيُّ: حُمَةُ العقرب سَمُّهَا وَضَرُّهَا، وحُمَة البَرْدِ شِدَّته. والحُمَيَّا: شِدَّةُ الْغَضَبِ وأَوَّلُه. وَيُقَالُ: مَضَى فُلَانٌ فِي حَمِيَّتهِ أَي فِي حَمْلَته. وَيُقَالُ: سارَتْ فِيهِ حُمَيَّا الكَأْسِ أَي سَوْرَتُها، وَمَعْنَى سارَت ارْتَفَعَتْ إِلَى رأْسه. وَقَالَ اللَّيْثُ: الحُمَيَّا بُلُوغ الخَمْر مِنْ شَارِبِهَا. أَبو عُبَيْدٍ: الحُمَيَّا دَبِيبُ الشَّراب. ابْنُ سِيدَهْ: وحُمَيَّا الكأْسِ سَوْرَتُها وشدَّتها، وَقِيلَ: أَوَّلُ سَوْرتها وشدَّتها، وَقِيلَ: إسْكارُها وحِدَّتُها وأَخذُها بالرأْس. وحُمُوَّة الأَلَمِ: سَوْرَته. وحُمَيّا كُلّ شَيْءٍ: شِدَّته وحِدَّته. وفَعَل ذَلِكَ فِي حُمَيَّا شَبابه أَي فِي سَوْرته ونَشاطه؛ ويُنْشَد:
مَا خِلْتُني زِلْتُ بَعْدَكُمْ ضَمِناً،
…
أَشْكُو إلَيْكُمْ حُمُوَّةَ الأَلَمِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّه رَخَّصَ فِي الرُقْيَةِ مِنَ الحُمَة
، وَفِي رِوَايَةٍ:
مِنْ كُلِّ ذِي حُمَة.
وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ:
وتُنْزَع حُمَةُ كُلِّ دابَّة
أَي سَمُّها؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَتُطْلَقُ عَلَى إِبْرَةِ الْعَقْرَبِ لِلْمُجَاوَرَةِ لأَن السُّمَّ مِنْهَا يَخْرُجُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَشديد الحُمَيَّا أَي شَدِيدُ النَّفْسِ والغَضَب. وَقَالَ الأَصمعي: إِنَّهُ لحَامِي الحُمَيَّا أَي يَحْمِي حَوْزَتَه وَمَا وَلِيَه؛ وأَنشد:
حَامِي الحُمَيَّا مَرِسُ الضَّرِير
والحَامِيَةُ: الحجارةُ الَّتِي تُطْوَى بِهَا الْبِئْرُ. ابْنُ شُمَيْلٍ: الحَوَامِي عِظامُ الْحِجَارَةِ وثِقالها، وَالْوَاحِدَةُ حامِيَةٌ. والحَوَامِي: صَخْرٌ عِظامٌ تُجْعَل فِي مآخِير الطَّيِّ أَن يَنْقَلِعَ قُدُماً، يَحْفِرون لَهُ نِقَاراً
فيَغْمزونه فِيهِ فَلَا يَدَعُ تُراباً وَلَا يَدْنُو مِنَ الطَّيِّ فَيَدْفَعُهُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الحَوامِي مَا يَحْمِيه مِنَ الصَّخْر، وَاحِدَتُهَا حامِيَة. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: حِجَارَةُ الرَّكِيَّة كُلُّها حَوَامٍ، وَكُلُّهَا عَلَى حِذَاءٍ واحدٍ، لَيْسَ بَعْضُهَا بأَعظم مِنْ بَعْضٍ، والأَثافِي الحَوامِي أَيضاً، وَاحِدَتُهَا حَامِيَةٌ؛ وأَنشد شَمِرٌ:
كأَنَّ دَلْوَيَّ، تَقَلَّبانِ
…
بينَ حَوَامِي الطَّيِّ، أَرْنَبانِ
والحَوَامِي: مَيامِنُ الحَافِر ومَياسِرهُ. والحَامِيَتانِ: مَا عَنِ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ الأَصمعي: فِي الحَوافر الحَوَامِي، وَهِيَ حُرُوفُهَا مِنْ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ؛ وَقَالَ أَبو دُوادٍ:
لَهُ، بَيْنَ حَوامِيهِ،
…
نُسُورٌ كَنَوَى القَسْبِ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: الحَامِيَتانِ مَا عَنْ يَمِينِ السُّنْبُك وشِماله. والحَامِي: الفَحْلُ مِنَ الإِبل يَضْرِبُ الضِّرَابَ المعدودَ قِيلَ عَشْرَةُ أَبْطُن، فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ قَالُوا هَذَا حامٍ أَي حَمَى ظَهْرَه فيُتْرَك فَلَا يُنْتَفَعُ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ مَاءٍ وَلَا مَرْعىً. الْجَوْهَرِيُّ: الْحَامِي مِنَ الإِبل الَّذِي طَالَ مُكْثُهُ عِنْدَهُمْ. قَالَ اللَّهُ عز وجل: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ
؛ فأَعْلَم أَنه لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ:
فَقَأْتُ لَهَا عَيْنَ الفَحِيلِ عِيافَةً،
…
وفيهنَّ رَعْلاء المَسامِعِ والْحامي
قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذَا لَقِحَ ولَد وَلَدهِ فَقَدْ حَمَى ظَهْرَه وَلَا يُجَزُّ لَهُ وَبَر وَلَا يُمْنَع مِنْ مَرْعىً. واحْمَوْمَى الشيءُ: اسودَّ كَاللَّيْلِ وَالسَّحَابِ؛ قَالَ:
تَأَلَّقَ واحْمَوْمَى وخَيَّم بالرُّبَى
…
أَحَمُّ الذُّرَى ذُو هَيْدَب مُتَراكِب
وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ. اللَّيْثُ: احْمَوْمَى مِنَ الشَّيْءِ فَهُوَ مُحْمَوْمٍ، يُوصف بِهِ الأَسْوَدُ مِنْ نَحْوِ اللَّيْلِ وَالسَّحَابِ. والمُحْمَوْمِي مِنَ السَّحَابِ: المُتَراكم الأَسْوَدُ. وحَمَاةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
عَشيَّةَ جَاوَزْنا حَمَاةَ وشَيْزَرا «2»
. وَقَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ:
ومُرْهَقٍ سَالَ إمْتاعاً بوُصدَته
…
لَمْ يَسْتَعِنْ، وحَوامِي المَوْتِ تَغْشَاهُ
قَالَ: إِنَّمَا أَراد حَوائِم مِنْ حامَ يَحُومُ فَقَلَبَ، وأَراد بسَال سَأَلَ، فَإِمَّا أَن يَكُونَ أَبدل، وَإِمَّا أَن يُرِيدَ لُغَةَ مَنْ قَالَ سَلْتَ تَسَالُ.
حنا: حَنَا الشيءَ حَنْواً وحَنْياً وحَنَّاهُ: عَطَفه؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الأَعْوَرِ الشَّنّي:
يَدُقُّ حِنْوَ القَتَب المُحَنَّا،
…
إِذَا عَلا صَوَّانَهُ أَرَنَّا
والانْحِناءُ: الْفِعْلُ اللَّازِمُ، وَكَذَلِكَ التَّحَنِّي. وانْحَنَى الشيءُ: انْعَطَفَ. وانْحَنَى العُودُ وتَحَنَّى: انْعَطَفَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَمْ يَحْنِ أَحدٌ مِنَّا ظَهْرَه
أَي لَمْ يَثْنه لِلرُّكُوعِ. يُقَالُ: حَنَى يَحْني ويَحْنُو. وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ: وَإِذَا رَكَعَ أَحدُكم فلْيَفْرُشْ ذِرَاعَيْهِ عَلَى فَخْذَيْهِ ولْيَحْنا
«3» ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، فَإِنْ كَانَتْ بِالْحَاءِ فَهُوَ مِنْ حَنَا ظَهْرَهُ إِذَا عَطَفَهُ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْجِيمِ فَهُوَ مِنْ جنأَ على الشيء
(2). وصدر البيت:
تقطَّعُ أسبابُ اللُّبانة، وَالْهَوَى
(3)
. قوله [ولْيَحْنَا] هي في الأَصل ونسخ النهاية المعتمدة مرسومة بالأَلف
أَكَبَّ عَلَيْهِ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ، قَالَ: وَالَّذِي قرأْناه فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ بِالْجِيمِ وَفِي كِتَابِ الْحُمَيْدِيِّ بِالْحَاءِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِياك والحَنْوَةَ، والإِقْعاء
؛ يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ أَن يُطَأْطِئَ رأْسه ويُقَوِّسَ ظَهْره مِنْ حَنَيْتُ الشيءَ إِذا عَطَفْتَهُ، وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ:
فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضاضَة الشَّبابِ إِلا حَوانِيَ الهَرَمِ؟
هِيَ جَمْعُ حانِيَة وَهِيَ الَّتِي تَحْنِي ظَهْرَ الشَّيْخِ وتَكُبُّه. وَفِي حَدِيثِ رَجْمِ الْيَهُودِيِّ:
فرأَيتُه يُحْنِي عَلَيْهَا يَقِيهَا الْحِجَارَةَ
؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الَّذِي جَاءَ فِي السُّنَنِ يُجْني، بِالْجِيمِ، وَالْمَحْفُوظُ إِنما هُوَ بِالْحَاءِ أَي يُكِبُّ عَلَيْهَا. يُقَالُ: حَنَا يَحْنو حُنُوّاً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
قَالَ لِنِسَائِهِ لَا يُحْني عَلَيْكُنَّ بَعْدي إِلا الصَّابِرُونَ
أَي لَا يَعْطِفُ ويُشْفِقُ؛ حَنا عَلَيْهِ يَحْنو وأَحْنَى يُحْنِي. والحَنِيَّةُ: الْقَوْسُ، وَالْجَمْعُ حَنِيٌّ وحَنايا، وَقَدْ حَنَوْتُها أَحْنُوها حَنْواً. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: لَوْ صَلَّيْتُم حَتَّى تَكُونُوا كالحَنايا
؛ هِيَ جَمْعُ حَنِيَّةٍ أَو حَنِيٍّ، وَهُمَا الْقَوْسُ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، لأَنها مَحْنِيَّة أَي مَعْطُوفَةٌ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ: فحَنَت لَهَا قَوْسَها
أَي وتَّرَتْ لأَنها إِذا وتَّرَتْها عَطَفَتها، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ حَنَّتْ مشدَّدة، يُرِيدُ صَوَّتَت. وحَنَت المرأَة عَلَى وَلَدِهَا تَحْنُو حُنُوّاً وأَحْنَت؛ الأَخيرة عَنِ الْهَرَوِيِّ: عَطَفَت عَلَيْهِمْ بَعْدَ زَوْجِهَا فَلَمْ تَتَزَوَّجْ بَعْدَ أَبيهم، فَهِيَ حانِيَةٌ؛ وَاسْتَعْمَلَهُ قَيْس بْنُ ذَريحٍ فِي الإِبل فَقَالَ:
فأُقْسِمُ، مَا عُمْشُ العيونِ شَوارِفٌ
…
رَوائِمُ بَوٍّ حانياتٌ عَلَى سَقْبِ
والأُمُّ البَرَّة حانِيَة، وَقَدْ حَنَت عَلَى وَلَدِهَا تَحْنُو. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ للمرأَة الَّتِي تُقِيمُ عَلَى وَلَدِهَا وَلَا تَتَزَوَّج قَدْ حَنَتْ عَلَيْهِمْ تَحْنُو، فَهِيَ حانِيَة، وإِذا تَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ فَلَيْسَتْ بحَانِيَة؛ وَقَالَ:
تُساقُ وأَطفالُ المُصِيف، كأَنَّها
…
حَوانٍ عَلَى أَطلائهنَّ مَطافِلُ
أَي كأَنَّها إِبل عَطَفت عَلَى وَلَدِهَا. وتَحَنَّنتُ عَلَيْهِ أَي رَقَقْت لَهُ ورَحِمْته. وتحَنَّيْت أَي عَطَفْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
خيرُ نِساءٍ ركِبْنَ الإِبلَ صالحُ نِساء قرَيشٍ أَحْناهُ عَلَى ولدٍ فِي صِغَرهِ وأَرْعاه عَلَى زَوْجٍ فِي ذاتِ يَدِه.
وَرَوَى أَبو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: خيرُ نساءٍ ركِبْنَ الإِبلَ خِيارُ نساءِ قريشٍ أَحناه عَلَى ولدٍ فِي صِغَره وأَرعاه عَلَى زَوْجٍ فِي ذاتِ يَدِه
؛ قَوْلُهُ: أَحناهُ أَي أَعْطَفه، وَقَوْلُهُ: أَرعاهُ عَلَى زَوْجٍ إِذا كَانَ لَهَا مَالٌ واسَتْ زوْجَها؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما وحَّد الضَّمِيرَ ذَهَابًا إِلى الْمَعْنَى، تَقْدِيرُهُ أَحْنى مَنْ وُجِدَ أَو خُلِقَ أَو مَن هُناك؛ وَمِنْهُ:
أَحسنُ النَّاسِ خُلُقاً وأَحسنُه وجْهاً
يُرِيدُ أَحسنُهم، وَهُوَ كَثِيرٌ مِنْ أَفصح الْكَلَامِ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: أَنا وسَفْعاءُ الخَدَّيْنِ الحانِيةُ عَلَى وَلدِها يومَ الْقِيَامَةِ كَهاتَيْن، وأَشار بالوُسْطى والمُسَبِّحة
، أَي الَّتِي تُقِيمُ عَلَى وَلَدِهَا لَا تَتَزَوَّجُ شَفَقَةً وَعَطْفًا. اللَّيْثُ: إِذا أَمْكَنَت الشاةُ الكَبْشَ يُقَالُ حَنَتْ فَهِيَ حانِيَة، وَذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ صِرافِها. الأَصمعي: إِذا أَرادت الشاةُ الْفَحْلَ فَهِيَ حانٍ، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَقَدْ حَنَت تَحْنُو. ابْنُ الأَعرابي: أَحْنَى عَلَى قَرابته وحَنَا وحَنَّى ورَئِمَ. ابْنُ سِيدَهْ: وحَنَت الشاةُ حُنُوّاً، وَهِيَ حانٍ، أَرادت الفَحل وَاشْتَهَتْهُ وأَمكنته، وَبِهَا حِناء، وَكَذَلِكَ الْبَقَرَةُ الْوَحْشِيَّةُ لأَنها عِنْدَ الْعَرَبِ نَعْجَةٌ، وَقِيلَ: الْحَانِي الَّتِي اشْتَدَّ عَلَيْهَا الاسْتِحْرامُ. والحانِية والحَنْواءُ مِنَ الْغَنَمِ: الَّتِي تَلْوي عُنُقَها لِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَكَذَلِكَ هِيَ مِنَ الإِبل، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ عَنْ عِلَّةٍ؛
أَنشد اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ:
يَا خالِ، هَلَّا قُلْتَ إِذْ أَعْطَيْتَني:
…
هِيَّاكَ هِيَّاكَ وحَنْواءَ العُنُقْ
ابْنُ سِيدَهْ: وحَنا يدَ الرجلِ حَنْواً لَواها، وَقَالَ فِي ذَوَاتِ الْيَاءِ: حَنى يَدَه حِنايَةً لَوَاهَا. وحَنَى العُودَ والظَّهْرَ: عَطَفَهُما. وحَنَى عَلَيْهِ: عَطَف. وحَنَى العُودَ: قَشَره، قَالَ: والأَعْرفُ فِي كُلِّ ذَلِكَ الْوَاوُ، وَلِذَلِكَ جَعَلْنَا تَقَصِّيَ تصارِيفه فِي حَدِّ الْوَاوِ؛ وَقَوْلُهُ:
بَرَكَ الزَّمَانُ عليهمُ بِجِرانِه،
…
وأَلحَّ منكِ بحيثُ تُحْنى الإِصْبَع
يَعْنِي أَنه أَخذ الْخِيَارَ الْمَعْدُودِينَ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الأَسدي:
فإِنْ عُدَّ مَجْدٌ أَو قَدِيمٌ لِمَعْشَرٍ،
…
فَقَوْمِي بِهِمْ تُثْنى هُناكَ الأَصابِعُ
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَى قَوْلِهِ حَيْثُ تُحْنَى الإِصبع أَن تَقُولَ فُلَانٌ صَدِيقِي وَفُلَانٌ صَدِيقِي فتَعُدَّ بأَصابعك، وَقَالَ: فُلَانٌ مِمَّنْ لَا تُحْنَى عَلَيْهِ الأَصابع أَي لَا يُعَدُّ فِي الإِخوان. وحَنْوُ حِنْوُ كلِّ شيءٍ: اعْوِجاجُه. والحِنْوُ الحَنْوُ: كُلُّ شيءٍ فِيهِ اعْوِجَاجٌ أَو شبْهُ الِاعْوِجَاجِ، كعَظْم الحِجاج واللَّحْي والضِّلَع والقُفِّ والحِقْفِ ومُنْعَرَجِ الْوَادِي، وَالْجَمْعُ أَحْناءٌ وحُنِيٌّ وحِنِيٌّ. وحِنْوُ الرحْلِ والقَتَبِ والسَّرْج: كلُّ عُود مُعْوَجٍّ مِنْ عِيدانِه، وَمِنْهُ حِنْوُ الْجَبَلِ. الأَزهري: والحِنْوُ والحِجاج العَظْم الَّذِي تَحْتَ الْحَاجِبِ مِنَ الإِنسان؛ وأَنشد لِجَرِيرٍ:
وخُورُ مُجاشعٍ تَرَكُوا لَقِيطاً،
…
وَقَالُوا: حِنْوَ عَيْنِكَ والغُرابا
قِيلَ لبَني مُجاشع خُورٌ بِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّة:
يَا قَصَباً هَبَّت لَهُ الدَّبورُ،
…
فهْو إِذا حُرِّكَ جُوفٌ خُورُ
يُرِيدُ: قَالُوا احذَرْ حِنْوَ عَيْنِكَ لَا يَنْقُرُه الغُراب، وَهَذَا تَهَكُّمٌ. وحِنْوُ العَيْن: طَرفها. الأَزهري: حِنْوُ العَيْنِ حِجاجُها لَا طَرَفُها، سُمِّي حِنْواً لِانْحِنَائِهِ؛ وَقَوْلُ هِمْيان بْنِ قُحافة:
وانْعاجَت الأَحْناءُ حَتَّى احلَنْقَفَتْ
إِنما أَراد الْعِظَامَ الَّتِي هِيَ مِنْهُ كالأَحْناء. والحِنْوانِ: الخَشَبتان المَعْطوفتان اللَّتَانِ عَلَيْهِمَا الشَّبكة يُنْقَلُ عَلَيْهِمَا البُرُّ إِلى الكُدْسِ. وأَحْناءُ الأُمور: أَطرافها وَنَوَاحِيهَا. وحِنْوُ الْعَيْنِ: طَرَفها؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
والُوا الأُمُورَ وأَحْناءَها،
…
فلمْ يُبْهِلُوها ولمْ يُهْمِلُوا
أَي ساسُوها وَلَمْ يُضَيِّعُوها. وأَحْناءُ الأُمورِ: مَا تَشابَه مِنْهَا؛ قَالَ:
أَزَيْدُ أَخا وَرْقاءَ، إِنْ كنتَ ثَائِرًا،
…
فقدْ عَرَضَتْ أَحْناءُ حَقٍّ فخاصِمِ
وأَحْنَاءُ الأُمور: مُتَشابِهاتُها؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
يُقَسِّمُ أَحْنَاءَ الأُمورِ فهارِبٌ،
…
وشاصٍ عَنِ الحَرْبِ العَوانِ، ودائِنُ
والمَحْنِيَة مِنَ الْوَادِي؛ مُنْعَرَجُه حَيْثُ يَنْعطِف، وَهِيَ المَحْنُوَة والمَحناةُ؛ قَالَ:
سَقَى كلَّ مَحْناةٍ مِنَ الغَرْبِ والمَلا،
…
وجِيدَ بهِ مِنْهَا المِرَبُّ المُحَلَّلُ
وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. والمَحْنِيَة: مُنْحَنى الْوَادِي حَيْثُ يَنْعرج مَنْخَفِضًا عَنِ السَّنَدِ. وتَحَنَّى الحِنْوُ: اعْوَجَّ؛
أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
فِي إِثْرِ حَيٍّ كَانَ مُسْتَباؤُهُ،
…
حيثُ تَحَنَّى الحِنْوُ أَو مَيْثاؤُهُ
ومَحْنِية الرَّمْلِ: مَا انْحَنى عَلَيْهِ الحِقْف. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ المَحْنِية مَا انْحَنى مِنَ الأَرض، رَمْلًا كَانَ أَو غَيْرَهُ، ياؤُه مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لأَنها مَنْ حَنَوْت، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنه لَمْ يَعرف حَنَيْت، وَقَدْ حَكَاهَا أَبو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ. والمَحْنِية: العُلْبة تُتَّخذُ مِنْ جُلُودِ الإِبل، يُجعَل الرَّمْلُ فِي بَعْضِ جِلْدِهَا، ثُمَّ يُعَلَّق حَتَّى يَيْبَسَ فَيُبْقَى كَالْقَصْعَةِ، وَهِيَ أَرفق لِلرَّاعِي مِنْ غَيْرِهِ. والحَوَانِي: أَطْوَل الأَضلاع كلِّهن، فِي كُلِّ جَانِبٍ مِنَ الإِنسان ضِلَعان مِنَ الحَوَاني، فهنَّ أَربعُ أَضلُع مِنَ الجَوانِحِ يَلِينَ الواهِنَتَينِ بَعدَهما. وَقَالَ فِي رَجُلٍ فِي ظَهْرِهِ انْحِنَاءٌ: إِنَّ فيه لَ حِنايَةً يَهُودِيَّة، وَفِيهِ حِنَايةٌ يَهُودِيَّةٌ أَي انحِناءٌ. وَنَاقَةٌ حَنْوَاءُ: حدْباءُ. والحَانِيَةُ: الْحَانُوتُ، وَالْجَمْعُ حَوَانٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ جَعَلَ اللِّحْيَانِيُّ حَوَانِيَ جمعَ حانوتٍ، وَالنَّسَبُ إِلى الحانِيَة حانِيٌّ؛ قَالَ عَلْقَمَةُ:
كأْسٌ عَزِيزٌ مِنَ الأَعْنابِ عَتَّقَها،
…
لِبَعْضِ أَرْبابِها، حانِيَّةٌ حُومُ
قَالَ: وَلَمْ يَعْرِفْ سِيبَوَيْهِ حانِيَة لأَنه قَدْ قَالَ كأَنه أَضاف إِلى مِثْلِ نَاحِيَةٍ، فَلَوْ كَانَتِ الحَانِيَةُ عِنْدَهُ مَعْرُوفَةً لَمَا احْتَاجَ إِلى أَن يَقُولَ كأَنه أَضاف إِلى نَاحِيَةٍ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ فِي النَّسَبِ إِلى يَثْرِبَ يَثْرَبيّ وإِلى تَغْلِبَ تَغْلَبِيٌّ قَالَ فِي الإِضافة إِلى حانِيَة حانَوِيّ؛ وأَنشد:
فكيفَ لَنَا بالشُّرْبِ، إِنْ لَمْ تكنْ لَنَا
…
دَوانِقُ عِنْدَ الحَانَوِيِّ، وَلَا نَقْدُ؟
ابْنُ سِيدَهْ: الحَانُوتُ فاعُول مِنْ حَنَوْت، تَشْبِيهًا بالحَنِيَّة مِنَ الْبِنَاءِ، تاؤُه بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ؛ حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ فِي الْبَصَرِيَّاتِ لَهُ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ فَعَلُوتاً مِنْهُ. وَيُقَالُ: الحانوتُ والحانِيَة والحاناةُ كَالنَّاصِيَةِ وَالنَّاصَاةِ. الأَزهري: التَّاءُ فِي الْحَانُوتِ زَائِدَةٌ، يُقَالُ حانَةٌ وحَانُوت وَصَاحِبُهَا حانِيٌّ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَنه أَحرق بيتَ رُوَيْشِدٍ الثَّقَفِيِّ وَكَانَ حَانُوتًا تُعاقَرُ فِيهِ الخَمر وتُباعُ.
وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي بُيُوتَ الخمَّارين الحَوَانِيت، وأَهل الْعِرَاقِ يُسَمُّونَهَا المَواخِيرَ، وَاحِدُهَا حانوتٌ وماخُورٌ، والحَانَة أَيضاً مِثْلُهُ، وَقِيلَ: إِنهما مِنْ أَصل وَاحِدٍ وإِن اخْتَلَفَ بناؤُهما، والحَانُوت يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. والحَانِيّ: صَاحِبُ الْحَانُوتِ. والحانِيَّة: الخمَّارون، نُسِبُوا إِلى الحانِية، وَعَلَى ذَلِكَ قَالَ: حانِيَّة حُوم؛ فأَما قَوْلُ الْآخَرِ:
دَنانيرُ عِنْدَ الحانَوِيِّ وَلَا نَقْدُ
فَهُوَ نَسَبٌ إِلى الحاناةِ. والحَنْوة، بِالْفَتْحِ: نَبَاتٌ سُهْليٌّ طَيِّبُ الرِّيحِ، وَقَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ يَصِفُ رَوْضَةً:
وكأَنَّ أَنْماطَ المدائنِ حَوْلَها
…
مِن نَوْرِ حَنْوَتها، ومِن جَرْجارِها
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
كأَنَّ ريحَ خُزاماها وحَنْوَتِها،
…
بِاللَّيْلِ، رِيحُ يَلَنْجُوجٍ وأَهْضامِ
وَقِيلَ: هِيَ عُشبة وضِيئة ذَاتُ نَوْر أَحمر، وَلَهَا قُضُب وَوَرَقٌ طَيِّبَةُ الرِّيحِ إِلى القِصَر والجُعُودة مَا هِيَ، وَقِيلَ: هِيَ آذَرْيُونُ البَرِّ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحَنْوة الرَّيْحانة، قَالَ: وَقَالَ أَبو زِيَادٍ مِنَ العُشب الحَنْوة، وَهِيَ قَلِيلَةٌ شَدِيدَةُ الْخُضْرَةِ طَيِّبَةُ الرِّيحِ وَزَهْرَتُهَا صَفْرَاءُ وَلَيْسَتْ بِضَخْمَةٍ؛ قَالَ جَمِيلٌ:
بِهَا قُضُبُ الرَّيْحانِ تَنْدَى وحَنْوةٌ،
…
وَمِنْ كُلِّ أَفْواهِ البُقُولِ بِهَا بَقْلُ
وحَنْوة: فَرَسُ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ. والحِنْوُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الأَعشى:
نحنُ الفَوارِسُ يومَ الحِنْوِ ضاحِيةً
…
جَنْبَيْ فُطَيْمةَ، لَا مِيلٌ وَلَا عُزْلُ
وَقَالَ جَرِيرٌ:
حَيِّ الهِدَمْلةَ مِن ذاتِ المَواعِيسِ،
…
فالحِنْوُ أَصبَحَ قَفْراً غيرَ مأْنوسِ
والحَنِيَّانِ: واديانِ مَعْرُوفَانِ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَقَمْنا ورَبَّبْنا الدِّيارَ، وَلَا أَرى
…
كمَرْبَعِنا، بَينَ الحَنِيَّينِ، مَرْبَعا
وحِنْوُ قُراقِرٍ: مَوْضِعٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحِنْوُ مَوْضِعٌ. والحِنْو: وَاحِدُ الأَحْنَاءِ، وَهِيَ الجَوانِب مِثْلَ الأَعْناء. وَقَوْلُهُمُ: ازْجُرْ أَحْناءَ طَيرِكَ أَي نواحِيَه يَمِينًا وَشِمَالَا وأَماماً وخَلْفاً، ويُراد بالطَّير الخِفَّة والطَّيْش؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَقُلْتُ: ازْدَجِرْ أَحْناءَ طَيْرِك، واعْلَمَنْ
…
بأَنَّكَ، إِن قَدَّمْتَ رِجْلَكَ، عاثِرُ
والحِنَّاءُ: مَذْكُورٌ فِي الْهَمْزَةِ. وحَنَيْت ظَهْري وحَنَيْت العُود: عَطَفْتُهُ، وحَنَوْتُ لُغَةٌ؛ وأَنشد الْكِسَائِيُّ:
يَدُقُّ حِنْوَ القَتَبِ المَحْنِيَّا
…
دَقَّ الوَلِيدِ جَوْزَه الهِنْدِيَّا
فَجَمَعَ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ، يَقُولُ: يَدُقُّهُ برأْسه مِنَ النُّعَاسِ. وَرَجُلٌ أَحْنَى الظَّهْرِ والمرأَة حَنْيَاءُ وحَنْواء أَي فِي ظَهْرِهَا احْدِيداب. وَفُلَانٌ أَحْنَى النَّاسِ ضُلوعاً عَلَيْكَ أَي أَشْفَقُهم عَلَيْكَ. وحَنَوْت عَلَيْهِ أَي عَطَفْتُ عَلَيْهِ. وتَحَنَّى عَلَيْهِ أَي تعَطَّف مِثْلُ تَحَنَّن؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَحَنَّى عليكَ النفْسُ مِنْ لاعِج الهَوى،
…
فَكَيْفَ تَحَنِّيها وأَنْتَ تُهِينُها؟
والمَحَانِي: معاطِف الأَوْدِية، الْوَاحِدَةُ مَحْنِية، بِالتَّخْفِيفِ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بمَحْنِيَة قَدْ آزَرَ الضَّالُ نَبْتَها،
…
مَضَمِّ جُيوشٍ غانِمِين وخُيَّبِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانُوا مَعَه فأَشْرَفوا عَلَى حَرَّةِ واقِمٍ فإِذا قبُورٌ بمَحْنِيَة
أَي بِحَيْثُ يَنْعَطِف الْوَادِي، وَهُوَ مُنْحَناه أَيضاً، ومَحاني الْوَادِي: مَعاطِفه؛ وَمِنْهُ قَوْلَ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
شُجَّتْ بِذِي شَبَمٍ مِنْ مَاءٍ مَحْنِيَةٍ،
…
صافٍ بأَبْطَح أَضْحى، وَهُوَ مَشْمُول
خَصَّ ماءَ المَحْنية لأَنه يَكُونُ أَصفى وأَبرد. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن العَدُوَّ يَوْمَ حُنَيْنٍ كَمَنُوا فِي أَحْناء الْوَادِي
؛ هِيَ جَمْعُ حِنْوٍ وَهُوَ مُنْعَطَفُه مِثْلُ مَحانيه؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رضي الله عنه: مُلائِمةٌ لأَحْنائها
أَي مَعاطِفِها.
حوا: الحُوَّةُ: سَوَادٌ إِلى الخُضْرة، وَقِيلَ: حُمْرةٌ تَضْرب إِلى السَّواد، وَقَدْ حَوِيَ حَوىً واحْوَاوَى واحْوَوَّى، مُشَدَّدٌ، واحْوَوى فَهُوَ أَحْوَى، وَالنَّسَبُ إِليه أَحْوِيٌّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ سِيبَوَيْهِ إِنما ثَبَتَتِ الْوَاوُ فِي احْوَوَيْت واحْوَاوَيْت حَيْثُ كَانَتَا وَسَطًا، كَمَا أَنَّ التَّضْعِيفَ وَسَطًا أَقوى نَحْوُ اقْتَتل فَيَكُونُ عَلَى الأَصل، وإِذا كَانَ مِثْلُ هَذَا طَرَفًا اعْتَلَّ، وَتَقُولُ فِي تَصْغِيرِ يَحْيَى يُحَيٌّ، وَكُلُّ اسْمٍ اجْتَمَعَتْ فِيهِ ثَلَاثُ ياءَات أَولهن يَاءُ التَّصْغِيرِ فإِنك تَحْذِفُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً، فإِن لَمْ يَكُنْ أَولهن يَاءَ التَّصْغِيرِ أَثْبَتَّهُنَّ ثَلاثَتَهُنَّ، تَقُولُ فِي تَصْغِيرِ حَيَّة حُيَيَّة، وَفِي تَصْغِيرِ أَيُّوب أُيَيِّيبٌ بأَربع ياءَات، واحْتَملَت ذَلِكَ لأَنها فِي وَسَطِ
الِاسْمِ وَلَوْ كَانَتْ طَرَفًا لَمْ يُجْمَعْ بَيْنَهُنَّ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَمِنْ قَالَ احْواوَيْت فالمصدر احْوِيَّاءٌ لأَن الْيَاءَ تَقْلِبُهَا كَمَا قَلَبت واوَ أيَّام، وَمَنْ قَالَ احْوَوَيْت فَالْمَصْدَرُ احْوِوَاء لأَنه لَيْسَ هُنَالِكَ مَا يَقْلِبُهَا كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي احْوِيَّاء، وَمَنْ قَالَ قِتَّال قَالَ حِوَّاء، وَقَالُوا حَوَيْت فصَحَّت الْوَاوُ بِسُكُونِ الْيَاءِ بَعْدَهَا. الْجَوْهَرِيُّ: الحُوَّة لَوْنٌ يُخَالِطُهُ الكُمْتَة مِثْلُ صَدَإ الْحَدِيدِ، والحُوَّة سُمْرة الشَّفَةِ. يُقَالُ: رَجُلٌ أَحْوَى وامرأَة حَوَّاءُ وَقَدْ حَوِيَتْ. ابْنُ سِيدَهْ: شَفَة حَوَّاءُ حَمْراء تَضْرِب إِلَى السَّوَادِ، وَكَثُرَ فِي كَلَامِهِمْ حَتَّى سَمَّوْا كُلَّ أَسود أَحْوَى؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
كَمَا رَكَدَتْ حَوَّاءُ، أُعْطي حُكْمَه
…
بِهَا القَيْنُ، مِنْ عُودٍ تَعَلَّلَ جاذِبُهْ
يَعْنِي بالحَوَّاءِ بكَرَة صُنِعَتْ مِنْ عُودٍ أَحْوَى أَي أَسود، ورَكَدَتْ: دَارَتْ، وَيَكُونُ وَقَفَتْ، وَالْقَيْنُ: الصَّانِعُ. التَّهْذِيبِ: والحُوَّةُ فِي الشِّفاهِ شَبيه باللَّعَسِ واللَّمَى؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
لَمْياءُ فِي شَفَتَيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ،
…
وَفِي اللِّثاتِ وَفِي أَنيابِها شَنَبُ
وَفِي حَدِيثِ
أَبي عَمْرٍو النَّخَعِيِّ: ولَدَتْ جَدْياً أَسْفَعَ أَحْوَى
أَي أَسود لَيْسَ بِشَدِيدِ السَّوَادِ. واحْوَاوَتِ الأَرض: اخْضَرَّت. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَتَقْدِيرُهُ افْعالَت كاحْمارَتْ، وَالْكُوفِيُّونَ يُصَحِّحون ويُدغمون وَلَا يُعِلُّون فَيَقُولُونَ احْوَاوَّت الأَرض واحْوَوَّت؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ مَذْهَبِهِمْ قَوْلُ الْعَرَبِ احْوَوَى عَلَى مِثَالِ ارْعَوَى وَلَمْ يَقُولُوا احْوَوَّ. وجَمِيمٌ أَحْوَى: يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ مِنْ شِدَّةِ خُضْرته، وَهُوَ أَنعم مَا يَكُونُ مِنَ النَّبَاتِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ مِمَّا يُبَالِغُونَ بِهِ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى
، قَالَ: إِذَا صَارَ النَّبْتُ يَبِيسًا فَهُوَ غُثاءٌ، والأَحْوَى الَّذِي قَدِ اسودَّ مِنَ القِدَمِ والعِتْقِ، وَقَدْ يَكُونُ مَعْنَاهُ أَيضاً أَخْرَجَ المَرْعَى أَحْوى أَي أَخضر فَجَعَلَهُ غُثاءً بَعْدَ خُضْرته فَيَكُونُ مُؤَخَّرًا مَعْنَاهُ التَّقْدِيمُ. والأَحْوَى: الأَسود مِنَ الخُضْرة، كَمَا قَالَ: مُدْهامَّتانِ. النَّضْرُ: الأَحْوَى مِنَ الْخَيْلِ هُوَ الأَحْمر السَّرَاة. وَفِي الْحَدِيثِ:
خَيْرُ الخَيْلِ الحُوُّ
؛ جَمْعُ أَحْوَى وَهُوَ الكُمَيت الَّذِي يَعْلُوهُ سَوَادٌ. والحُوَّة: الكُمْتة. أَبو عُبَيْدَةَ: الأَحْوَى هُوَ أَصْفَى مِنَ الأَحَمِّ، وَهُمَا يَتَدانَيانِ حَتَّى يَكُونَ الأَحْوَى مُحْلِفاً يُحْلَفُ عَلَيْهِ أَنه أَحَمُّ. وَيُقَالُ: احْوَاوَى يَحْوَاوِي احْوِيوَاءً. الْجَوْهَرِيُّ: احْوَوَى الْفَرَسُ يَحْوَوِي احْوِوَاءً، قَالَ: وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُ حَوِيَ يَحْوَى حُوَّة؛ حَكَاهُ عَنِ الأَصمعي فِي كِتَابِ الْفَرَسِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: احْوَوَّى، بِالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ غَلَطٌ، قَالَ: وَقَدْ أَجمعوا عَلَى أَنه لَمْ يَجِئْ فِي كَلَامِهِمْ فِعْل فِي آخِرِهِ ثَلَاثَةُ أَحرف مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ إِلَّا حَرْفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ ابْيَضَضَّ؛ وأَنشدوا:
فالْزَمي الخُصَّ واخْفِضي تَبْيَضِضِّي
أَبو خَيْرَةَ: الحُوُّ مِنَ النَّمْلِ نَمْلٌ حُمْرٌ يُقَالُ لَهَا نَمْلُ سُلَيْمَانَ. والأَحْوَى: فَرَسُ قُتَيْبَة بنِ ضِرار. والحُوَّاء: نَبْتٌ يُشْبِهُ لَوْنَ الذِّئبِ، وَاحِدَتُهُ حُوَّاءَةٌ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحُوَّاءَةُ بَقْلَةٌ لَازِقَةٌ بالأَرض، وَهِيَ سُهْلِيَّة وَيَسْمُو مِنْ وَسَطِهَا قَضِيبٌ عَلَيْهِ وَرَقٌ أَدق مِنْ وَرَقِ الأَصل، وَفِي رأْسه بُرْعُومة طَوِيلَةٌ فِيهَا بِزْرُهَا. والحُوَّاءة: الرَّجُلُ اللَّازِمُ بَيْتَهُ، شُبِّهَ بِهَذِهِ النَّبْتَةِ. ابْنُ شُمَيْلٍ: هُمَا حُوَّاءَانِ أَحدهما حُوَّاء الذَّعاليق وَهُوَ حُوَّاءُ البَقَر وَهُوَ مِنْ أَحْرار الْبُقُولِ،
وَالْآخَرُ حُوَّاء الْكِلَابِ وَهُوَ مِنَ الذُّكُورِ يَنْبُتُ فِي الرِّمْثِ خَشِناً؛ وَقَالَ:
كَمَا تَبَسَّم للحُوَّاءةِ الجَمَل
وَذَلِكَ لأَنه لَا يَقْدِرُ عَلَى قَلْعها حَتَّى يَكْشِرَ عَنْ أَنيابه لِلُزُوقِهَا بالأَرض. الْجَوْهَرِيُّ: وَبَعِيرٌ أَحْوَى إِذَا خَالَطَ خُضْرتَه سوادٌ وَصُفْرَةٌ. قَالَ: وَتَصْغِيرُ أَحْوَى أُحَيْوٍ فِي لُغَةِ مَنْ قَالَ أُسَيْود، وَاخْتَلَفُوا فِي لُغَةِ مَنْ أَدغم فَقَالَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ أُحَيِّيٌ فصَرَف، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: هَذَا خطأٌ، وَلَوْ جَازَ هَذَا لَصُرِفَ أَصَمُّ لأَنه أَخف مِنْ أَحْوى وَلَقَالُوا أُصَيْمٌ فَصَرَفُوا، وَقَالَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ فِيهِ أُحَيْوٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَوْ جَازَ هَذَا لَقُلْتَ فِي عَطَاءٍ عُطَيٌّ، وَقِيلَ: أُحَيٌّ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالصَّوَابُ. وحُوّة الْوَادِي: جَانِبُهُ. وحَوَّاءُ: زَوْجُ آدَمَ، عليهما السلام، والحَوَّاء: اسْمُ فَرَسِ عَلْقَمَةَ بْنِ شِهَابٍ. وحُوْ: زَجْرٌ لِلْمَعْزِ، وَقَدْ حَوْحَى بِهَا. والحَوُّ والحَيُّ: الْحَقُّ. واللَّوُّ واللَّيُّ: الْبَاطِلُ. وَلَا يَعْرِفُ الحَوَّ منَ اللَّوِّ أَي لَا يَعْرِفُ الْكَلَامَ البَيِّن مِنَ الخَفِيِّ، وَقِيلَ: لَا يَعْرِفُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ. أَبو عَمْرٍو: الحَوّة الْكَلِمَةُ مِنَ الْحَقِّ. والحُوَّة: مَوْضِعٌ بِبِلَادِ كَلْبٍ؛ قَالَ ابْنُ الرِّقَاعِ:
أَوْ ظَبْية مِنْ ظِباءِ الحُوَّةِ ابْتَقَلَتْ
…
مَذانِباً، فَجَرَتْ نَبْتاً وحُجْرَانا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الَّذِي فِي شِعْرِ ابْنِ الرِّقَاعِ فُجِرَتْ، والحُجْران جَمْعُ حَاجِرٍ مِثْلُ حائِر وحُوران، وَهُوَ مِثْلُ الْغَدِيرِ يُمْسِكُ الْمَاءَ. والحُوَّاء، مِثْلُ المُكَّاء: نَبْتٌ يُشْبِهُ لَوْنَ الذِّئْبِ، الواحِدة حُوّاءَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ شَاهِدُهُ قوله الشَّاعِرِ:
وكأنَّما شَجَر الأَراك لِمَهْرَةٍ
…
حُوَّاءَةٌ نَبَتَتْ بِدارِ قَرارِ
وحُوَيُّ خَبْتٍ: طَائِرٌ؛ وأَنشد:
حُوَيَّ خَبْتٍ أَينَ بِتَّ اللَّيلَهْ؟
…
بِتُّ قَرِيباً أَحْتَذِي نُعَيْلَهْ
وَقَالَ آخَرُ:
كأنَّك فِي الرِّجَالِ حُوَيُّ خَبْتٍ
…
يُزَقّي فِي حُوَيّاتٍ بِقَاعِ
وحَوَى الشيءَ يحوِيه حَيّاً وحَوَايَةً واحْتَواه واحْتَوَى عَلَيْهِ: جمَعَه وأَحرزه. واحْتَوَى عَلَى الشَّيْءِ: أَلْمَأَ عَلَيْهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن امرأَة قَالَتْ إنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْني لَهُ حِواءً
؛ الحِوَاءُ: اسْمُ الْمَكَانِ الَّذِي يَحْوِي الشَّيْءَ أَي يَجْمَعُهُ وَيَضُمُّهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَيَّ فِي مَالِي شيءٌ إِذَا أَدّيْت زَكاتَه؟ قَالَ: فأَينَ مَا تَحَاوتْ عليكَ الفُضُول؟
هِيَ تفاعَلَت مِنْ حَوَيْت الشَّيْءَ إِذَا جَمَعْتَهُ؛ يَقُولُ: لَا تَدَع المُواساة مِنْ فَضْلِ مَالِكَ، والفُضُول جَمْعُ فَضْل المالِ عَنِ الْحَوَائِجِ.، وَيُرْوَى: تَحَاوَأتْ، بِالْهَمْزِ، وَهُوَ شَاذٌّ مِثْلُ لَبَّأتُ بالحَجِّ. والحَيَّة: مِنَ الْهَوَامِّ مَعْرُوفَةٌ، تَكُونُ لِلذَّكَرِ والأُنثى بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَسَنَذْكُرُهَا فِي تَرْجَمَةِ حَيَا، وَهُوَ رأْي الْفَارِسِيِّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَذَكَرْتُهَا هُنَا لأَن أَبا حَاتِمٍ ذَهَبَ إِلَى أَنها مِنْ حَوَى قَالَ لتَحَوِّيها فِي لِوَائِها. وَرَجُلٌ حَوَّاءٌ وحاوٍ: يَجْمَعُ الحَيَّات، قَالَ: وَهَذَا يُعَضِّدُ قَوْلَ أَبي حَاتِمٍ أَيضاً. وحَوى الحَيَّةِ: انْطِوَاؤُهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي عَنْقَاءَ الْفَزَارِيِّ:
طَوَى نفْسَه طَيَّ الحَرير، كأَنه
…
حَوَى حَيَّةٍ فِي رَبْوَةٍ، فهْو هاجِعُ
وأَرضٌ مَحْوَاة: كَثِيرَةُ الحَيَّاتِ. قَالَ الأَزهري: اجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ. والحَوِيَّةُ: كِسَاءٌ يُحَوَّى حَوْلَ سنامِ الْبَعِيرِ ثُمَّ يُرْكَبُ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَوِيّة كِسَاءٌ مَحْشُوٌّ حَوْلَ سَنَامِ الْبَعِيرِ وَهِيَ السَّويَّة.
قَالَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ الجُمَحِي يَوْمَ بَدْرٍ وحُنَينٍ لَمَّا نَظَرَ إِلَى أَصحاب النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وحَزَرَهُم وأَخْبر عَنْهُمْ: رأَيت الحَوايا عَلَيْهَا المَنايا نَواضِحُ يثربَ تَحْمِل الموتَ النَّاقِعَ.
والحَوِيَّةُ لَا تَكُونُ إِلَّا للجِمال، والسَّوِيَّة قَدْ تَكُونُ لِغَيْرِهَا، وَهِيَ الحَوَايا. ابْنُ الأَعرابي: الْعَرَبُ تَقول المَنايا عَلَى الحَوَايا أَي قَدْ تأْتي المنيةُ الشجاعَ وَهُوَ عَلَى سَرْجه. وَفِي حَدِيثِ
صَفيَّة: كَانَتْ تُحَوِّي وراءَه بِعَبَاءَةٍ أَو كِسَاءٍ
؛ التَّحْوِيةُ: أَن تُدير كِسَاءً حولَ سَنام الْبَعِيرِ ثُمَّ تَرْكَبَه، وَالِاسْمُ الحَوِيّةُ. والحَوِيّةُ: مَرْكَبٌ يُهَيّأ للمرأَة لِتَرْكَبَهُ، وحَوَّى حَوِيَّة عَمِلَها. والحَوِيَّةُ: اسْتدارة كُلِّ شَيْءٍ. وتَحَوَّى الشيءُ: استدارَ. الأَزهري: الحَوِيُّ اسْتِدَارَةُ كُلِّ شَيْءٍ كَحَوِيِّ الحَيَّة وكَحَوِيِّ بَعْضِ النُّجُومِ إِذَا رأَيتها عَلَى نَسَقٍ واحدٍ مُستديرة. ابْنُ الأَعرابي: الحَوِيُّ الْمَالِكُ بَعْدَ اسْتِحْقَاقٍ، والحَوِيُّ العَلِيلُ، والدَّوِيُّ الأَحمق، مُشَدَّدَاتٌ كُلُّهَا. الأَزهري: والحَوِيُّ أَيضاً الْحَوْضُ الصَّغِيرُ يُسَوِّيه الرجلُ لِبَعِيرِهِ يَسْقِيهِ فِيهِ، وَهُوَ المَرْكُوُّ «4». يُقَالُ: قَدِ احتَوَيْتُ حَوِيّاً. والحَوَايا: الَّتِي تَكُونُ فِي القِيعانِ فَهِيَ حَفَائِرُ مُلْتوية يَمْلَؤها ماءُ السَّمَاءِ فَيَبْقَى فِيهَا دَهْرًا طَوِيلًا، لأَن طِينَ أَسفلها عَلِكٌ صُلْبٌ يُمْسِكُ الماءَ، وَاحِدَتُهَا حَوِيَّة، وَتُسَمِّيهَا الْعَرَبُ الأَمْعاء تَشْبِيهًا بحَوايا الْبَطْنِ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الحَوايا المَساطِحُ، وَهُوَ أَن يَعْمِدوا إِلَى الصَّفا فَيَحْوُونَ لَهُ تُرَابًا وَحِجَارَةً تَحْبِسُ عَلَيْهِمُ الماءَ، وَاحِدَتُهَا حَوِيَّة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الحَوَايا آبَارٌ تُحْفَرُ بِبِلَادِ كَلْب فِي أَرض صُلْبة يُحْبس فِيهَا مَاءُ السُّيُولِ يَشْرَبُونَهُ طُولَ سَنَتِهِمْ؛ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَوِيَّة صَفَاةٌ يُحاط عَلَيْهَا بِالْحِجَارَةِ أَو التُّرَابِ فَيَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ. والحَوِيَّة والحاوِيَةُ والحاوِيَاء: مَا تَحَوَّى مِنَ الأَمعاء، وَهِيَ بَناتُ اللَّبَن، وَقِيلَ: هِيَ الدُّوَّارة مِنْهَا، وَالْجَمْعُ حَوَايا، تَكُونُ فَعَائل إِنْ كَانَتْ جَمْعَ حَوِيَّة، وفَواعل إِنْ كَانَتْ جَمْعَ حاوِيَةٍ أَو حاوِياءَ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ
؛ هِيَ المَباعِرُ وبناتُ اللَّبَنِ. ابْنُ الأَعرابي: الحَوِيَّة والحَاوِيَةُ واحد، وَهِيَ الدُّوَّارة الَّتِي فِي بَطْنِ الشَّاةِ. ابْنُ السِّكِّيتِ: الحَاوِياتُ بَنات اللَّبَنِ، يُقَالُ حَاوِيَةٌ وحَاوِياتٌ وحَاوِيَاء، مَمْدُودٌ. أَبو الْهَيْثَمِ: حاوِيَةٌ وحَوايا مِثْلُ زَاوِيَةٍ وزَوايا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ حَوِيَّة وحَوايا مِثْلُ الحَوِيَّة الَّتِي تُوضَعُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ وَيُرْكَبُ فَوْقَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لِوَاحِدَتِهَا حاوِياءُ، وَجَمْعُهَا حَوايا؛ قَالَ جَرِيرٌ:
تَضْغُو الخَنانِيصُ، والغُولُ الَّتِي أَكَلَتْ
…
فِي حاوِياءَ دَرُومِ الليلِ مِجْعار
الْجَوْهَرِيُّ: حَوِيَّة الْبَطْنِ وحَاوِيَة البَطْنِ وحَاوِيَاءُ الْبَطْنِ كُلُّهُ بِمَعْنًى؛ قَالَ جَرِيرٌ:
كأنَّ نَقيقَ الحَبِّ فِي حاوِيَائِه
…
نقِيقُ الأَفاعي، أَو نقِيقُ العَقارِبِ
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ:
أَضْرِبُهم وَلَا أَرى مُعاويَهْ
…
الجاحِظَ العَينِ، العَظيمَ الحاوِيَهْ
(4). قوله [وهو المركوّ] هكذا في التهذيب والتكملة، وفي القاموس وغيره أن المركوّ الحوض الكبير
وَقَالَ آخَرُ:
ومِلْحُ الوَشِيقَةِ فِي الحَاوِيَهْ
يَعْنِي اللَّبَنَ. وَجَمْعُ الحَوِيَّةِ حَوَايا وَهِيَ الأَمعاء، وَجَمْعُ الحَاوِياءِ حَوَاوٍ عَلَى فَوَاعِلَ، وَكَذَلِكَ جَمْعُ الحَاوِيَة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَوَاوٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ لأَنه يَجِبُ قَلْبُ الْوَاوِ الَّتِي بَعْدَ أَلف الْجَمْعِ هَمْزَةً، لِكَوْنِ الأَلف قَدِ اكْتَنَفَهَا وَاوَانِ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا فِي جَمْعِ شاوِيَة شَوَايا وَلَمْ يَقُولُوا شَوَاوٍ، وَالصَّحِيحُ أَن يُقَالَ فِي جَمْعِ حَاوِيَة وحَاوِياءَ حَوَايا، وَيَكُونُ وَزْنُهَا فَواعِلَ، وَمَنْ قَالَ فِي الْوَاحِدَةِ حَوِيَّة فَوَزْنُ حَوَايا فَعائِل كصَفِيّة وصَفايا، وَاللَّهُ أَعلم. اللَّيْثُ: الحِوَاءُ أَخْبِيَةٌ يُدَانَى بعضُها مِنْ بَعْضٍ، تَقُولُ: هُمْ أَهل حِوَاءٍ وَاحِدٍ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لمُجتمَعِ بُيُوتِ الحَيِّ مُحْتَوًى ومَحْوًى وحِوَاء، وَالْجَمْعُ أَحْوِيَةٌ ومَحاوٍ؛ وَقَالَ:
ودَهْماء تستَوْفي الجَزُورَ كأَنَّها،
…
بأَفْنِيَةِ المَحوَى، حِصانٌ مُقَيَّد
ابْنُ سِيدَهْ: والحِوَاءُ والمُحَوَّى كِلَاهُمَا جَمَاعَةُ بُيُوتِ النَّاسِ إِذَا تَدَانَتْ، وَالْجَمْعُ الأَحْوِيَة، وَهِيَ مِنَ الوَبَر. وَفِي حَدِيثِ
قَيْلَة: فوَأَلْنا إِلَى حِوَاءٍ ضَخْمٍ
، الحِوَاءُ: بُيُوتٌ مُجْتَمِعَةٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى ماءٍ، ووَأَلْنا أَي لَجَأْنا؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
ويُطلَبُ فِي الحِواء العظيمِ الكاتِبُ فَمَا يُوجَدُ.
والتَّحْوِيَة: الانْقِباض؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ عِبَارَةُ اللِّحْيَانِيِّ، قَالَ: وَقِيلَ لِلْكَلْبَةِ مَا تَصْنَعِينَ معَ الليلةِ المَطِيرَة؟ فَقَالَتْ: أُحَوِّي نَفْسِي وأَجْعَلُ نفَسي عِندَ اسْتي. قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ التَّحَوِّيَ الانقباضُ، والتَّحْوِيَةُ القَبْض. والحَوِيَّةُ: طَائِرٌ صَغِيرٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ. وتَحَوَّى أَي تَجَمَّع واستدارَ. يُقَالُ: تَحَوَّت الحَيَّة. والحَواةُ: الصوتُ كالخَوَاةِ، وَالْخَاءُ أَعلى. وحُوَيٌّ: اسمٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ لِبَعْضِ اللُّصُوصِ:
تقولُ، وَقَدْ نَكَّبْتُها عَنْ بلادِها:
…
أَتَفْعَلُ هَذَا يَا حُوَيُّ عَلَى عَمْدِ؟
وَفِي حَدِيثِ
أنَس: شَفَاعَتِي لأَهلِ الكَبائِر مِنْ أُمَّتي حتى حَكَمٍ وحاءٍ
؛ هُمَا حَيَّانِ مِنَ الْيَمَنِ مِنْ وَرَاءِ رمْل يَبْرينَ؛ قَالَ أَبو مُوسَى: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَا مِنَ الحُوَّة، وَقَدْ حُذِفت لامُه، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ حَوَى يَحْوي، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَقْصُورًا لَا مَمْدُودًا. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحاءُ حَرْفُ هِجَاءٍ، قَالَ: وَحَكَى صَاحِبُ الْعَيْنِ حَيَّيْتُ حَاءً، فَإِذَا كَانَ هَذَا فَهُوَ مِنْ بَابِ عَيَّيْتُ، قَالَ: وَهَذَا عِنْدِي مِنْ صَاحِبِ الْعَيْنِ صَنْعَةٌ لَا عَرَبِيَّةٌ، قَالَ: وَإِنَّمَا قَضَيْتُ عَلَى الأَلف أَنَّهَا وَاوٌ لأَن هَذِهِ الْحُرُوفَ وَإِنْ كَانَتْ صَوْتًا فِي مَوْضُوعَاتِهَا فَقَدْ لَحِقَتْ مَلْحَقَ الأَسماء وَصَارَتْ كمالٍ، وَإِبْدَالُ الأَلف مِنَ الْوَاوَ عَيْنًا أَكثر مِنَ إِبْدَالِهَا مِنَ الْيَاءِ، قَالَ: هَذَا مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ، وَإِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ وَاوًا كَانَتِ الْهَمْزَةُ يَاءً لأَن بَابَ لوَيْتُ أَكثر مِنْ بَابِ قُوَّة، أَعني أَنه أَن تَكُونَ الْكَلِمَةُ مِنْ حُرُوفٍ مُخْتَلِفَةٍ أَوْلى مِنْ أَن تَكُونَ مِنْ حُرُوفٍ مُتَّفِقَةٍ، لأَن بَابَ ضَرَب أَكثر مِنْ بَابِ رَدَدْتُ، قَالَ: وَلَمْ أَقض أَنها هَمْزَةٌ لأَن حَا وَهَمْزَةً عَلَى النَّسَقِ مَعْدُومٌ. وَحَكَى ثَعْلَبٌ عَنْ معاذٍ الهَرَّاء أَنه سَمِعَ الْعَرَبَ تَقُولُ: هَذِهِ قَصِيدَةٌ حاوِيَّة أَي عَلَى الْحَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ حَائِيَّةٌ، فَهَذَا يُقَوِّي أَنَّ الأَلف الأَخيرة هَمْزَةٌ وَضْعية، وَقَدْ قدَّمنا عَدَمَ حَا وهمزةٍ عَلَى نَسَقٍ. وَحم، قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ لَا يُنْصَرون، قَالَ: وَالْمَعْنَى يَا مَنْصور اقْصِدْ بِهَذَا لَهُمْ أَوْ يَا اللَّهُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ:
حم لَا يَنْصَرِفُ، جَعَلْتَهُ اسْمًا لِلسُّورَةِ أَو أَضَفْتَ إِلَيْهِ، لأَنهم أَنزلوه بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ أَعجمي نَحْوِ هَابِيلَ وَقَابِيلَ؛ وَأَنْشَدَ:
وجَدْنا لَكُمِ، فِي آلِ حميمَ، آيَةً
…
تأوَّلَها مِنَّا تَقِيٌّ ومُعْرِبُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَكَذَا أَنشده سِيبَوَيْهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ هُنَا حَا مَعَ مِيمٍ كَاسْمَيْنِ ضُمَّ أَحدهما إِلَى صَاحِبِهِ، إِذْ لَوْ جَعَلَهُمَا كَذَلِكَ لَمَدَّ حَا، فَقَالَ حاءْ مِيمَ ليصيرَ كحَضْرَمَوْتَ. وحَيْوَةُ: اسْمَ رَجُلٍ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهَا هَاهُنَا لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ ح ي و، وَإِنَّمَا هِيَ عِنْدِي مَقْلُوبَةٌ من ح وي، إِمَّا مَصْدَرُ حَوَيْتُ حَيَّةً مَقْلُوبٌ، وَإِمَّا مَقْلُوبٌ عَنِ الحَيَّة الَّتِي هِيَ الْهَامَّةُ فِيمَنْ جَعَلَ الحَيّة مِنْ ح وي، وَإِنَّمَا صَحَّتِ الْوَاوُ لِنَقْلِهَا إِلَى الْعَلَمِيَّةِ، وسَهَّل لَهُمْ ذَلِكَ القلبُ، إِذْ لَوْ أَعَلُّوا بَعْدَ الْقَلْبِ والقلبُ عِلَّةٌ لَتَوالَى إِعْلَالَانِ، وَقَدْ تَكُونُ فَيْعلة مِنْ حَوَى يَحْوي ثُمَّ قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِلْكَسْرَةِ فَاجْتَمَعَتْ ثَلَاثُ يَاءَاتٍ، فَحُذِفَتِ الأَخيرة فَبَقِيَ حَيَّةٌ، ثُمَّ أُخرجت عَلَى الأَصل فَقِيلَ حَيْوَة.
حيا: الحَيَاةُ: نَقِيضُ الْمَوْتِ، كُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ بِالْوَاوِ لِيُعْلَمَ أَن الْوَاوَ بَعْدَ الْيَاءِ فِي حَدِّ الْجَمْعِ، وَقِيلَ: عَلَى تَفْخِيمِ الأَلف، وَحَكَى ابْنُ جِنِّي عَنْ قُطْرُب: أَن أَهل الْيَمَنِ يَقُولُونَ الحَيَوْةُ، بِوَاوٍ قَبْلَهَا فَتْحَةٌ، فَهَذِهِ الْوَاوُ بَدَلٌ مِنَ أَلف حياةٍ وَلَيْسَتْ بِلَامِ الْفِعْلِ مِنْ حَيِوْتُ، أَلا تَرَى أَن لَامَ الْفِعْلِ يَاءٌ؟ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ أَهل الْيَمَنِ بِكُلِّ أَلف مُنْقَلِبَةٍ عَنْ وَاوٍ كَالصِّلْوَةِ وَالزِّكْوَةِ. حَيِيَ حَياةً «5» . وحَيَّ يَحْيَا ويَحَيُّ فَهُوَ حَيٌّ، وَلِلْجَمِيعِ حَيُّوا، بِالتَّشْدِيدِ، قَالَ: ولغة أُخرى حَيَّ وَلِلْجَمِيعِ حَيُوا، خَفِيفَةٌ.
وقرأَ أَهل الْمَدِينَةِ: ويَحْيَا مَنْ حَيِيَ عَنْ بيِّنة
، وَغَيْرُهُمْ: مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: كتابتُها عَلَى الإِدغام بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَكثر قِرَاءَاتِ الْقُرَّاءِ، وقرأَ بَعْضُهُمْ: حَيِيَ عَنْ بَيِّنَةٍ، بِإِظْهَارِهَا؛ قَالَ: وَإِنَّمَا أَدغموا الْيَاءَ مَعَ الْيَاءِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَن لَا يَفْعَلُوا لأَن الْيَاءَ الأَخيرة لَزِمَهَا النَّصْبُ فِي فِعْلٍ، فأُدغم لمَّا التَقى حَرْفَانِ مُتَحَرِّكَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، قَالَ: وَيَجُوزُ الإِدغام فِي الِاثْنَيْنِ لِلْحَرَكَةِ اللَّازِمَةِ لِلْيَاءِ الأَخيرة فَتَقُولُ حَيّا وحَيِيَا، وَيَنْبَغِي لِلْجَمْعِ أَن لَا يُدْغَم إِلَّا بِيَاءٍ لأَن يَاءَهَا يُصِيبُهَا الرَّفْعُ وَمَا قَبْلَهَا مَكْسُورٌ، فَيَنْبَغِي لَهَا أَن تُسَكَّنَ فَتَسْقُطَ بِوَاوِ الجِماعِ، وَرُبَّمَا أَظهرت الْعَرَبُ الإِدغام فِي الْجَمْعِ إرادةَ تأْليفِ الأَفَعال وأَن تَكُونَ كُلُّهَا مُشَدَّدَةً، فَقَالُوا فِي حَيِيتُ حَيُّوا، وَفِي عَيِيتُ عَيُّوا؛ قَالَ: وأَنشدني بَعْضُهُمْ:
يَحِدْنَ بِنَا عَنْ كلِّ حَيٍّ، كأَنَّنا
…
أَخارِيسُ عَيُّوا بالسَّلامِ وَبِالْكُتُبِ «6»
. قَالَ: وأَجمعت الْعَرَبُ عَلَى إِدْغَامِ التَّحِيَّة لِحَرَكَةِ الْيَاءِ الأَخيرة، كَمَا اسْتَحَبُّوا إِدْغَامَ حَيَّ وعَيَّ لِلْحَرَكَةِ اللَّازِمَةِ فِيهَا، فأَما إِذَا سَكَنَتِ الْيَاءُ الأَخيرة فَلَا يَجُوزُ الإِدغام مِثْلُ يُحْيِي ويُعْيِي، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ الإِدغام وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ، وأَنكر الْبَصْرِيُّونَ الإِدغام فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَلَمْ يَعْبإ الزَّجَّاجُ بِالْبَيْتِ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ الْفَرَّاءُ، وَهُوَ قَوْلُهُ:
وكأَنَّها، بينَ النِّسَاءِ، سَبِيكةٌ
…
تَمْشِي بسُدّةِ بَيْتِها فتُعيِّي
وأَحْياه اللهُ فَحَيِيَ وحَيَّ أَيضاً، والإِدغام أَكثر لأَن الْحَرَكَةَ لَازِمَةٌ، وَإِذَا لَمْ تَكُنِ الْحَرَكَةُ لَازِمَةً لَمْ تُدْغَمْ كَقَوْلِهِ: أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى.
(5). قوله [حيي حياة إلى قوله خفيفة] هكذا في الأصل والتهذيب
(6)
. قوله [وبالكتب] كذا بالأَصل، والذي في التهذيب: وبالنسب
والمَحْيا: مَفْعَلٌ مِنَ الحَياة. وَتَقُولُ: مَحْيَايَ ومَماتي، وَالْجَمْعُ المَحايِي. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً
، قَالَ: نرْزُقُه حَلالًا، وَقِيلَ: الحَيَاة الطَّيِّبَةُ الْجَنَّةُ، وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً
هُوَ الرِّزْقُ الْحَلَالُ فِي الدُّنْيَا، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ إِذَا صَارُوا إِلَى اللَّهِ جَزاهُم أَجرَهُم فِي الْآخِرَةِ بأَحسنِ مَا عَمِلُوا.
والحَيُّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: نقيضُ الْمَيِّتِ، وَالْجَمْعُ أَحْيَاء. والحَيُّ: كُلُّ مُتَكَلِّمٍ نَاطِقٍ. والحيُّ مِنَ النَّبَاتِ: مَا كَانَ طَرِيّاً يَهْتَزّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ
؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ الحَيُّ هُوَ الْمُسْلِمُ وَالْمَيِّتُ هُوَ الْكَافِرُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: الأَحْيَاءُ الْمُؤْمِنُونَ والأَموات الْكَافِرُونَ، قَالَ: وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ
، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا
؛ أَي مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا وَكَانَ يَعْقِلُ مَا يُخاطب بِهِ، فَإِنَّ الْكَافِرَ كَالْمَيِّتِ. وَقَوْلُهُ عز وجل: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ
؛ أَمواتٌ بإضْمار مَكْنِيٍّ أَي لَا تَقُولُوا هُمْ أَمواتٌ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ أَن يُسَمُّوا مَنْ قُتِل فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَيِّتًا وأَمرهم بأَن يُسَمُّوهم شُهداء فَقَالَ: بَلْ أَحْياءٌ
؛ الْمَعْنَى: بَلْ هُمْ أَحياء عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فأَعْلَمنا أَن مَنْ قُتل فِي سَبِيلِهِ حَيٌّ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا بالُنا نَرى جُثّتَه غيرَ مُتَصَرِّفة؟ فَإِنَّ دليلَ ذَلِكَ مثلُ مَا يَرَاهُ الإِنسانُ فِي مَنَامِهِ وجُثّتُه غيرُ مُتَصَرِّفَةٍ عَلَى قَدْرِ مَا يُرى، وَاللَّهُ جَلَّ ثناؤُه قَدْ تَوَفَّى نَفْسَهُ فِي نَوْمِهِ فَقَالَ: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها، ويَنْتَبِهُ النائمُ وَقَدْ رَأَى مَا اغْتَمَّ بِهِ فِي نَوْمِهِ فيُدْرِكُه الانْتِباهُ وَهُوَ فِي بَقِيَّةِ ذَلِكَ، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَن أَرْواحَ الشُّهداء جَائِزٌ أَن تُفارقَ أَجْسامَهم وَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَحْيَاء، فالأَمْرُ فِيمَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يُوجِبُ أَن يُقالَ لَهُ مَيِّتٌ، وَلَكِنْ يُقَالُ هُوَ شَهِيدٌ وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَيٌّ، وَقَدْ قِيلَ فِيهَا قَوْلٌ غَيْرُ هَذَا، قَالُوا: مَعْنَى أَموات أَي لَا تَقُولُوا هُمْ أَموات فِي دِينِهِمْ أَي قُولوا بَلْ هُمْ أَحياء فِي دِينِهِمْ، وَقَالَ أَصحاب هَذَا الْقَوْلِ دليلُنا قَوْلُهُ: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها
؛ فجَعَلَ المُهْتَدِيَ حَيّاً وأَنه حِينَ كَانَ عَلَى الضَّلالة كَانَ مَيْتًا، وَالْقَوْلُ الأَوَّلُ أَشْبَهُ بالدِّين وأَلْصَقُ بِالتَّفْسِيرِ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: ضُرِبَ ضَرْبةً لَيْسَ بِحايٍ مِنْهَا أَي لَيْسَ يَحْيا مِنْهَا، قَالَ: وَلَا يُقَالُ لَيْسَ بحَيٍّ مِنْهَا إِلَّا أَن يُخْبِرَ أَنه لَيْسَ بحَيٍّ أَي هُوَ مَيِّتٌ، فَإِنْ أَردت أَنه لَا يَحْيا قُلْتَ لَيْسَ بحَايٍ، وَكَذَلِكَ أَخوات هَذَا كَقَوْلِكَ عُدْ فُلاناً فَإِنَّهُ مَرِيضٌ تُريد الحالَ، وَتَقُولُ: لَا تأْكل هَذَا الطعامَ فَإِنَّكَ مارِضٌ أَي أَنك تَمْرَضُ إِنْ أَكلته. وأَحْياهُ: جَعَله حَيّاً. وَفِي التَّنْزِيلِ: أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى
؛ قَرَأَهُ بَعْضُهُمْ: عَلَى أَنْ يُحْيِي الْمَوْتَى، أَجْرى النصبَ مُجْرى الرَّفْعِ الَّذِي لَا تَلْزَمُ فِيهِ الْحَرَكَةُ، ومُجْرى الْجَزْمِ الَّذِي يَلْزَمُ فِيهِ الْحَذْفُ. أَبو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ
؛ أَي مَنْفَعة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَيْسَ لِفُلَانٍ حَيَاةٌ أَي لَيْسَ عِنْدَهُ نَفْع وَلَا خَيْر. وَقَالَ اللَّهُ عز وجل مُخْبِراً عَنِ الْكُفَّارِ لَمْ يُؤمِنُوا بالبَعْثِ والنُّشُور: إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ
؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: اخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ هُوَ مُقَدَّم ومُؤَخَّرِ، وَمَعْنَاهُ نَحْيا ونَمُوتُ وَلَا نَحْيا بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: مَعْنَاهُ نَحْيَا وَنَمُوتُ وَلَا نَحْيَا أَبداً وتَحْيا أَوْلادُنا بعدَنا، فَجَعَلُوا حَيَاةَ أَولادهم
بَعْدَهُمْ كَحَيَاتِهِمْ، ثُمَّ قَالُوا: وَتَمُوتُ أَولادُنا فَلَا نَحْيا وَلَا هُمْ. وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ قَالَ للأَنصار:
المَحْيَا مَحْيَاكُمْ والمَماتُ مَمَاتُكُمْ
؛ المَحْيا: مَفْعَلٌ مِنَ الحَياة وَيَقَعُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ
؛ أَراد خَلَقْتنا أَمواتاً ثُمَّ أَحْيَيْتَنا ثُمَّ أَمَتَّنا بعدُ ثُمَّ بَعَثْتَنا بَعْدَ الْمَوْتِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ التَّفْسِيرِ أَنَّ إحْدى الحَياتَين وإحْدى المَيْتَتَيْنِ أَن يَحْيا فِي الْقَبْرِ ثُمَّ يَمُوتَ، فَذَلِكَ أَدَلُّ عَلَى أَحْيَيْتَنا وأَمَتَّنا، والأَول أَكثر فِي التَّفْسِيرِ. واسْتَحْيَاه: أَبقاهُ حَيّاً. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: استَحْيَاه استَبقاه وَلَمْ يَقْتُلْهُ، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ*
؛ أَي يَسْتَبْقُونَهُنَّ، وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً
؛ أَي لَا يسْتَبْقي. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ حَايَيْتُ النارَ بالنَّفْخِ كَقَوْلِكَ أَحْيَيْتُها؛ قَالَ الأَصمعي: أَنشد بعضُ الْعَرَبِ بيتَ ذِي الرُّمَّةِ:
فقُلْتُ لَهُ: ارْفَعْها إليكَ وحَايِهَا
…
برُوحِكَ، واقْتَتْه لَهَا قِيتَةً قَدْرا
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: حَيَّتِ النَّارُ تَحَيُّ حَيَاة، فَهِيَ حَيَّة، كَمَا تَقُولُ ماتَتْ، فَهِيَ مَيْتَةٌ؛ وَقَوْلُهُ:
وَنَارٌ قُبَيْلَ الصُّبحِ بادَرْتُ قَدْحَها
…
حَيَا النارِ، قَدْ أَوْقَدْتُها للمُسافِرِ
أَراد حياةَ النارِ فَحَذَفَ الْهَاءَ؛ وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه أَنشده:
أَلا حَيَّ لِي مِنْ لَيْلَةِ القَبْرِ أَنَّه
…
مآبٌ، ولَوْ كُلِّفْتُه، أَنَا آيبُهْ
أَراد: أَلا أَحَدَ يُنْجِيني مِنْ لَيْلَةِ الْقَبْرِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ إِذَا ذَكَرَتْ مَيْتًا كُنَّا سَنَةَ كَذَا وَكَذَا بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا وحَيُّ عمرٍو مَعَنا، يُرِيدُونَ وعمرٌو مَعَنا حيٌّ بِذَلِكَ الْمَكَانِ. وَيَقُولُونَ: أَتيت فُلَانًا وحَيُّ فلانٍ شاهدٌ وحَيُّ فلانَة شاهدةٌ؛ الْمَعْنَى فُلَانٌ وَفُلَانَةُ إذ ذَاكَ حَيٌّ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ فِي مِثْلِهِ:
أَلا قَبَح الإِلَهُ بَني زِيادٍ،
…
وحَيَّ أَبِيهِمُ قَبْحَ الحِمارِ
أَي قَبَحَ اللَّهُ بَني زِيَادٍ وأَباهُمْ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: أَتانا حَيُّ فُلانٍ أَي أَتانا فِي حَياتِهِ. وسَمِعتُ حَيَّ فُلَانٍ يَقُولُ كَذَا أَي سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي حَيَاتِهِ. وَقَالَ الكِسائي: يُقَالُ لَا حَيَّ عَنْهُ أَي لَا مَنْعَ مِنْهُ؛ وأَنشد:
ومَنْ يَكُ يَعْيا بالبَيان فإنَّهُ
…
أَبُو مَعْقِل، لَا حَيَّ عَنْهُ وَلَا حَدَدْ
قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ لَا يَحُدُّ عَنْهُ شيءٌ، وَرَوَاهُ:
فَإِنْ تَسْأَلُونِي بالبَيانِ فإنَّه
…
أَبُو مَعْقِل، لَا حَيَّ عَنْهُ وَلَا حَدَدْ
ابْنُ بَرِّيٍّ: وحَيُّ فلانٍ فلانٌ نَفْسُه؛ وأَنشد أَبو الْحَسَنِ لأَبي الأَسود الدُّؤَلِيِّ:
أَبو بَحْرٍ أَشَدُّ الناسِ مَنّاً
…
عَلَيْنَا، بَعدَ حَيِّ أَبي المُغِيرَهْ
أَي بَعْدَ أَبي المُغيرَة. وَيُقَالُ: قَالَهُ حَيُّ رِياح أَي رِياحٌ. وحَيِيَ الْقَوْمُ فِي أَنْفُسِهم وأَحْيَوْا فِي دَوابِّهِم وماشِيَتِهم. الْجَوْهَرِيُّ: أَحْيَا القومُ حَسُنت حالُ مواشِيهمْ، فَإِنْ أَردت أَنفُسَهم قُلْتَ حَيُوا. وأَرضٌ حَيَّة: مُخْصِبة كَمَا قَالُوا فِي الجَدْبِ مَيِّتَةٌ. وأَحْيَيْنا الأَرضَ: وَجَدْنَاهَا حيَّة النباتِ غَضَّة. وأَحْيَا القومُ أَي صَارُوا فِي الحَيا، وَهُوَ الخِصْب. وأَتَيْت الأَرضَ ف أَحْيَيتها أَي وَجَدْتُهَا خِصْبة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أُحْيِيَت الأَرض إِذَا اسْتُخْرِجَت. وَفِي
الْحَدِيثِ:
مَنْ أَحْيا مَواتاً فَهو أَحقُّ بِهِ
؛ المَوَات: الأَرض الَّتِي لَمْ يَجْرِ عَلَيْهَا مِلْكُ أَحد، وإحْياؤُها مباشَرَتها بتأْثير شَيْءٍ فِيهَا مِنْ إِحَاطَةٍ أَو زَرْعٍ أَو عِمَارَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ تَشْبِيهًا بِإِحْيَاءِ الْمَيِّتِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَمْرٍو: قِيلَ سلمانَ أَحْيُوا مَا بَيْنَ العِشاءَيْن
أَي اشْغَلُوهُ بِالصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ وَلَا تعطِّلوه فَتَجْعَلُوهُ كَالْمَيِّتِ بعُطْلَته، وَقِيلَ: أَراد لَا تَنَامُوا فِيهِ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ لأَن النوم موت واليقطة حَيَاةٌ. وإحْياءُ اللَّيْلِ: السَّهَرُ فِيهِ بِالْعِبَادَةِ وَتَرْكِ النَّوْمِ، وَمَرْجِعُ الصِّفَةِ إِلَى صَاحِبِ اللَّيْلِ؛ وَهُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ:
فأَتَتْ بِهِ حُوشَ الفُؤادِ مُبَطَّناً
…
سُهُداً، إِذَا مَا نَامَ لَيْلُ الهَوْجَلِ
أَي نَامَ فِيهِ، وَيُرِيدُ بِالْعِشَاءَيْنِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فَغَلَبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّة
أَي صَافِيَةُ اللَّوْنِ لَمْ يَدْخُلْهَا التَّغْيِيرُ بدُنُوِّ المَغِيب، كَأَنَّهُ جَعَلَ مَغِيبَها لَها مَوْتاً وأَراد تَقْدِيمَ وَقْتِهَا. وطَريقٌ حَيٌّ: بَيِّنٌ، وَالْجَمْعُ أَحْياء؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
إِذَا مَخَارِمُ أَحْياءٍ عَرَضْنَ لَه
وَيُرْوَى: أَحياناً عَرَضْنَ لَهُ. وحَيِيَ الطريقُ: استَبَان، يُقَالُ: إِذَا حَيِيَ لَكَ الطريقُ فخُذْ يَمْنَةً. وأَحْيَت النَّاقَةُ إِذَا حَيِيَ ولَدُها فَهِيَ مُحْيٍ ومُحْيِيَة لَا يَكَادُ يَمُوتُ لَهَا وَلَدٌ. والحِيُّ، بِكَسْرِ الْحَاءِ: جمعُ الحَياةِ. وقال ابن سيده: الحِيُّ الحيَاةُ زَعَموا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأنَّها إذِ الحَياةُ حِيُّ،
…
وإذْ زَمانُ النَّاسِ دَغْفَلِيُ
وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ
؛ أَي دارُ الحياةِ الدَّائِمَةِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: كَسَرُوا أَوَّل حِيٍّ لِئَلَّا تَتَبَدَّلَ الْيَاءُ وَاوًا كَمَا قَالُوا بِيضٌ وعِينٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الحَياةُ والحَيَوان والحِيِّ مَصادِر، وَتَكُونُ الحَيَاة صِفَةً كالحِيُّ كالصَّمَيانِ لِلسَّرِيعِ. التَّهْذِيبِ: وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: إنَّ الرجلَ لَيُسْأَلُ عَنْ كلِّ شيءٍ حَتَّى عَنْ حَيَّةِ أَهْلِه
؛ قَالَ: مَعْنَاهُ عَنْ كلِّ شيءٍ حَيٍّ فِي مَنْزِلِهِ مثلِ الْهِرِّ وَغَيْرِهِ، فأَنَّث الحَيّ فَقَالَ حَيَّة، ونحوَ ذَلِكَ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: وَإِنَّمَا قَالَ حَيَّة لأَنه ذَهَبَ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ أَو دَابَّةٍ فأَنث لِذَلِكَ. أَبو عَمْرٍو: الْعَرَبُ تَقُولُ كَيْفَ أَنت وَكَيْفَ حَيَّةُ أَهْلِكَ أَي كَيْفَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ حَيّاً؛ قَالَ مَالِكُ بن الحرث الْكَاهِلِيُّ:
فَلَا يَنْجُو نَجَاتِي ثَمَّ حَيٌّ،
…
مِنَ الحَيَواتِ، لَيْسَ لَهُ جَنَاحُ
أَي كُلُّ مَا هُوَ حَيٌّ فَجَمْعُهُ حَيَوات، وتُجْمع الحَيَّةُ حَيَواتٍ. والحَيَوانُ: اسْمٌ يَقَعُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حيٍّ، وَسَمَّى اللَّهُ عز وجل الْآخِرَةَ حَيَواناً فَقَالَ: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ
؛ قَالَ قَتَادَةُ: هِيَ الْحَيَاةُ. الأَزهري: الْمَعْنَى أَن مَنْ صَارَ إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ يَمُتْ وَدَامَ حَيًّا فِيهَا لَا يَمُوتُ، فَمَنْ أُدخل الْجَنَّةَ حَيِيَ فِيهَا حَيَاةً طَيِّبَةً، وَمَنْ دَخَلَ النَّارَ فَإِنَّهُ لَا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى *
، كَمَا قَالَ تَعَالَى. وكلُّ ذِي رُوح حَيَوان، وَالْجَمْعُ وَالْوَاحِدُ فِيهِ سَوَاءٌ. قَالَ: والحَيَوان عينٌ فِي الجَنَّة، وَقَالَ: الحَيَوان مَاءٌ فِي الْجَنَّةِ لَا يُصِيبُ شَيْئًا إلا حَيِيَ بِإِذْنِ اللَّهِ عز وجل. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:
يُصَبُّ عَلَيْهِ ماءُ الحَيَا
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَالْمَشْهُورُ:
يُصَبُّ عَلَيْهِ ماءُ الحَيَاةِ.
ابْنُ سِيدَهْ: والحَيَوان أَيضاً جِنْسُ الحَيِّ، وأَصْلُهُ حَيَيانٌ فَقُلِبَتِ الْيَاءُ الَّتِي هِيَ لَامٌ وَاوًا، اسْتِكْرَاهًا لِتَوَالِي الْيَاءَيْنِ لِتَخْتَلِفَ الْحَرَكَاتُ؛ هَذَا مَذْهَبُ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ، وَذَهَبَ أَبو عُثْمَانَ
إِلَى أَن الْحَيَوَانَ غَيْرُ مُبْدَلِ الْوَاوِ، وأَن الْوَاوَ فِيهِ أَصل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فِعْلٌ، وَشَبَّهَ هَذَا بِقَوْلِهِمْ فَاظَ المَيّت يَفِيظُ فَيْظاً وفَوْظاً، وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا مِنْ فَوْظٍ فِعْلًا، كَذَلِكَ الْحَيَوَانُ عِنْدَهُ مَصْدَرٌ لَمْ يُشْتَقّ مِنْهُ فِعْلٌ. قَالَ أَبو عَلِيٍّ: هَذَا غَيْرُ مَرْضِيٍّ مِنْ أَبي عُثْمَانَ مِنْ قِبَل أَنه لَا يَمْتَنِعُ أَن يَكُونَ فِي الْكَلَامِ مَصْدَرٌ عَيْنُهُ وَاوٌ وَفَاؤُهُ وَلَامُهُ صَحِيحَانِ مِثْلُ فَوْظٍ وصَوْغٍ وقَوْل ومَوْت وأَشباه ذَلِكَ، فأَما أَن يُوجَدَ فِي الْكَلَامِ كَلِمَةٌ عَيْنُهَا يَاءٌ وَلَامُهَا وَاوٌ فَلَا، فحَمْلُه الحيوانَ عَلَى فَوْظٍ خطأٌ، لأَنه شَبَّهَ مَا لَا يُوجَدُ فِي الْكَلَامِ بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ مُطَّرِدٌ؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: وكأَنهم اسْتَجَازُوا قَلْبَ الْيَاءِ وَاوًا لِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَإِنْ كَانَتِ الْوَاوُ أَثقل مِنَ الْيَاءِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ عِوَضًا لِلْوَاوِ مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِ الْيَاءِ وَغَلَبَتِهَا عَلَيْهَا. وحَيْوَة، بِسُكُونِ الْيَاءِ: اسمُ رجلٍ، قُلِبَتِ الْيَاءُ وَاوًا فِيهِ لضَرْبٍ مِنَ التوَسُّع وَكَرَاهَةً لِتَضْعِيفِ الْيَاءِ، وَإِذَا كَانُوا قَدْ كَرِهُوا تَضْعِيفَ الْيَاءِ مَعَ الْفَصْلِ حَتَّى دَعَاهُمْ ذَلِكَ إِلَى التَّغْيِيرِ فِي حاحَيْت وهَاهَيْتُ، كَانَ إِبْدَالُ اللَّامِ فِي حَيْوةٍ لِيَخْتَلِفَ الْحَرْفَانِ أَحْرَى، وَانْضَافَ إِلَى ذَلِكَ أنَّه عَلَم، والأَعلام قَدْ يَعْرِضُ فِيهَا مَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهَا نَحْوُ مَوْرَقٍ ومَوْهَبٍ ومَوْظَبٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَيْوَة اسْمُ رَجُلٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُدْغَمْ كَمَا أُدغم هَيِّنٌ ومَيّت لأَنه اسْمٌ مَوْضُوعٌ لَا عَلَى وَجْهِ الْفِعْلِ. وحَيَوانٌ: اسْمٌ، وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي حَيْوَةَ. والمُحَايَاةُ: الغِذاء لِلصَّبِيِّ بِمَا بِهِ حَيَاته، وَفِي الْمُحْكَمِ: المُحَايَاةُ الغِذاء للصبيِّ لأَنّ حَياته بِهِ. والحَيُّ: الْوَاحِدُ مِنْ أَحْيَاءِ العَربِ. والحَيُّ: البطن من بطون العرب؛ وَقَوْلُهُ:
وحَيَّ بَكْرٍ طَعَنَّا طَعْنَةً فَجَرى
فَلَيْسَ الحَيُّ هُنَا البطنَ مِنْ بُطُونِ الْعَرَبِ كَمَا ظَنَّهُ قَوْمٌ، وَإِنَّمَا أَراد الشَّخْصَ الْحَيَّ المسمَّى بَكْرًا أَي بَكْرًا طَعَنَّا، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ، فحَيٌّ هُنَا مُذَكَّرُ حَيَّةٍ حَتَّى كأَنه قَالَ: وشخصَ بكرٍ الحَيَّ طَعَنَّا، فَهَذَا مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْمُسَمَّى إِلَى نَفْسِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ أَحمر:
أَدْرَكْتَ حَيَّ أَبي حَفْصٍ وَشِيمَتَهُ،
…
وقَبْلَ ذاكَ، وعَيْشاً بَعْدَهُ كَلِبَا
وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ حَيَّ لَيْلَى لَشَاعِرَةٌ، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، يُريدون لَيْلَى، وَالْجَمْعُ أَحْيَاءٌ. الأَزهري: الحَيُّ مِنْ أَحْيَاء العَرب يَقَعُ عَلَى بَني أَبٍ كَثُروا أَم قَلُّوا، وَعَلَى شَعْبٍ يجمَعُ القبائلَ؛ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَاتَل اللهُ قيسَ عَيْلانَ حَيّاً،
…
مَا لَهُمْ دُونَ غَدْرَةٍ مِنْ حِجابِ
وَقَوْلُهُ:
فتُشْبِعُ مَجْلِسَ الحَيَّيْنِ لَحْماً،
…
وتُلْقي للإِماء مِنَ الوَزِيمِ
يَعْنِي بالحَيَّينِ حَيَّ الرجلِ وحَيَّ المرأَة، والوَزِيمُ العَضَلُ. والحَيَا، مَقْصُورٌ: الخِصْبُ، وَالْجَمْعُ أَحْيَاء. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الحَيَا، مقصورٌ، المَطَر وَإِذَا ثَنَّيْتَ قُلْتَ حَيَيان، فتُبَيِّن الياءَ لأَن الْحَرَكَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ مرَّةً: حَيَّاهم اللَّهُ بِحَياً، مَقْصُورٌ، أَي أَغاثهم، وَقَدْ جَاءَ الحَيَا الَّذِي هُوَ الْمَطَرُ وَالْخِصْبُ مَمْدُودًا. وحَيَا الربيعِ: مَا تَحْيا بِهِ الأَرض مِنَ الغَيْث. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيْثاً مُغيثاً وَحَياً رَبيعاً
؛ الحَيَا، مَقْصُورٌ: المَطَر لإِحْيائه الأَرضَ، وَقِيلَ: الخِصْبُ وَمَا تَحْيا بِهِ الأَرضُ وَالنَّاسُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رضي الله عنه: لَا آكلُ السَّمِينَ حَتَّى يَحْيا الناسُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَحْيَوْنَ
أَي حَتَّى يُمْطَروا
ويُخْصِبُوا فَإِنَّ المَطَر سَبَبُ الخِصْب، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الْحَيَاةِ لأَن الْخِصْبَ سَبَبُ الْحَيَاةِ. وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رحمه الله، أَنه قَالَ: كَانَ عليٌّ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ يُشْبِهُ القَمَر الباهِرَ والأَسَدَ الخادِرَ والفُراتَ الزَّاخِرَ والرَّبيعَ الباكِرَ، أَشْبَهَ مِنَ القَمر ضَوْءَهُ وبَهاءَهُ ومِنَ الأَسَدِ شَجاعَتَهُ ومَضاءَهُ وَمِنَ الفُراتِ جُودَه وسَخاءَهُ وَمِنَ الرَّبيعِ خِصْبَه وحَياءَه.
أَبو زَيْدٍ: تَقُولُ أَحْيَا القومُ إِذَا مُطِرُوا فأَصابَت دَوابُّهُم العُشْبَ حَتَّى سَمِنَتْ، وَإِنْ أَرادوا أَنفُسَهم قَالُوا حَيُوا بعدَ الهُزال. وأَحْيا اللَّهُ الأَرضَ: أَخرج فِيهَا النَّبَاتَ، وَقِيلَ: إِنَّمَا أَحْياها مِنَ الحَياة كأَنها كَانَتْ مَيْتَةً بالمحْل فأَحْياها بِالْغَيْثِ. والتَّحِيَّة: السَّلَامُ، وَقَدْ حَيَّاهُ تحِيَّةً، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: حَيَّاك اللهُ تَحِيَّةَ المؤمِن. والتَّحِيَّة: البقاءُ. والتَّحِيَّة: المُلْك؛ وَقَوْلُ زُهَيْر بْنُ جَنابٍ الكَلْبي:
ولَكُلُّ مَا نَال الْفَتَى
…
قَدْ نِلْتُه إِلَّا التَّحِيَّهْ
قِيلَ: أَراد المُلْك، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَراد البَقاءَ لأَنه كَانَ مَلِكاً فِي قَوْمِهِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: زهيرٌ هَذَا هُوَ سَيِّدُ كَلْبٍ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْغَارَاتِ وعُمِّرَ عُمْراً طَوِيلًا، وَهُوَ الْقَائِلُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ:
أبَنِيَّ، إنْ أَهْلِكْ فإنِّي
…
قَدْ بَنَيْتُ لَكُمْ بَنِيَّهْ
وتَرَكْتُكُمْ أَولادَ ساداتٍ،
…
زِنادُكُمُ وَرِيَّهْ
ولَكُلُّ مَا نالَ الفَتى
…
قَدْ نِلْتُه، إِلَّا التَّحِيَّهْ
قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ بالتَّحِيَّة هُنَا إِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى الْبَقَاءِ لَا بِمَعْنَى الْمُلْكِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: تَحِيَّة تَفْعِلَة، وَالْهَاءُ لَازِمَةٌ، وَالْمُضَاعَفُ مِنَ الْيَاءِ قَلِيلٌ لأَن الْيَاءَ قَدْ تَثْقُلُ وَحْدَهَا لَامًا، فَإِذَا كَانَ قَبْلَهَا ياءٌ كَانَ أَثقل لَهَا. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: والتَّحِيَّةُ فِي غَيْرِ هَذَا السلامُ. الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِمْ فِي الْحَدِيثِ
التَّحِيَّات لِلَّهِ
، قَالَ: مَعْنَاهُ البَقاءُ لِلَّهِ، وَيُقَالُ: المُلْك لِلَّهِ، وَقِيلَ: أَراد بِهَا السَّلَامَ. يُقَالُ: حَيَّاك اللَّهُ أَي سلَّم عَلَيْكَ. والتَّحِيَّة: تَفْعِلَةٌ مِنَ الْحَيَاةِ، وَإِنَّمَا أُدغمت لِاجْتِمَاعِ الأَمثال، وَالْهَاءُ لَازِمَةٌ لَهَا وَالتَّاءُ زَائِدَةٌ. وَقَوْلُهُمْ: حيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ اعتَمَدَكَ بالمُلْك، وَقِيلَ: أَضْحَكَكَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: حَيَّاكَ اللهُ أبْقاكَ اللهُ. وحَيَّاك اللَّهُ أَي مَلَّكك اللَّهُ. وحَيَّاك اللَّهُ أَي سلَّم عَلَيْكَ؛ قَالَ: وَقَوْلُنَا فِي التَّشَهُّدِ
التَّحِيَّات لِلَّهِ
يُنْوَى بِهَا البَقاءُ لِلَّهِ والسلامُ مِنَ الآفاتِ والمُلْكُ لِلَّهِ ونحوُ ذَلِكَ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: التَّحِيَّة المُلك؛ وأَنشد قَوْلَ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكَرِبَ:
أَسيرُ بِهِ إِلَى النُّعْمانِ، حتَّى
…
أُنِيخَ عَلَى تَحِيَّتِهِ بجُنْدي
يَعْنِي عَلَى مُلْكِه؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى أَسِيرُ بِهَا، وَيُرْوَى: أَؤُمُّ بِهَا؛ وَقَبْلَ الْبَيْتِ:
وَكُلِّ مُفاضَةٍ بَيْضاءَ زَغْفٍ،
…
وَكُلِّ مُعاوِدِ الغاراتِ جَلْدِ
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ: لَوْ كَانَتِ التَحِيَّة المُلْكَ لَمَا قِيلَ التَّحِيَّات لِلَّهِ، وَالْمَعْنَى السَّلَامَاتُ مِنَ الْآفَاتِ كُلِّهَا، وجَمَعها لأَنه أَراد السَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: إِنَّمَا قِيلَ التَّحِيَّات لِلَّهِ لَا عَلَى الجَمْع لأَنه كَانَ فِي الأَرض مُلُوكٌ يُحَيَّوْنَ بتَحِيّات مُخْتَلِفَةٍ، يقال لبعضهم: أَبَيْتَ اللَّعْنَ، وَلِبَعْضِهِمْ: اسْلَمْ وانْعَمْ وعِشْ أَلْفَ سَنَةٍ، وَلِبَعْضِهِمْ: انْعِمْ صَباحاً، فَقِيلَ لَنَا: قُولوا التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ أَي الأَلفاظُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْمُلْكِ وَالْبَقَاءِ وَيُكَنَّى بِهَا عَنِ الْمُلْكِ فَهِيَ لِلَّهِ عز وجل.
وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه يَقُولُ: التَّحِيَّةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَا يُحَيِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِذَا تَلاقَوْا، قَالَ: وتَحِيَّةُ اللَّهِ الَّتِي جَعَلَهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِمُؤْمِنِي عِبَادِهِ إِذَا تَلاقَوْا ودَعا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بأَجْمَع الدُّعَاءِ أَن يَقُولُوا السلامُ عَلَيْكُمْ ورحمةُ اللَّهِ وبركاتُه. قَالَ اللَّهُ عز وجل: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ
. وَقَالَ فِي تحيَّة الدُّنْيَا: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها
؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ:
قَدْ نِلْتُهُ إِلَّا التحيَّة
يُرِيدُ: إِلَّا السَّلَامَةَ مِنَ المَنِيَّة وَالْآفَاتِ فَإِنَّ أَحداً لَا يَسْلَمُ مِنَ الْمَوْتِ عَلَى طُولِ الْبَقَاءِ، فَجَعَلَ مَعْنَى التَّحِيَّات لِلَّهِ أَي السَّلَامُ لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْآفَاتِ الَّتِي تَلْحَقُ الْعِبَادَ مِنَ الْعَنَاءِ وَسَائِرِ أَسباب الْفَنَاءِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو الْهَيْثَمِ حَسَنٌ وَدَلَائِلُهُ وَاضِحَةٌ، غَيْرَ أَن التَّحِيَّة وَإِنْ كَانَتْ فِي الأَصل سَلَامًا، كَمَا قَالَ خَالِدٌ، فَجَائِزٌ أَن يُسَمَّى المُلك فِي الدُّنْيَا تَحِيَّةً كَمَا قَالَ الْفَرَّاءُ وأَبُو عَمْرٍو، لأَن المَلِكَ يُحَيَّا بتَحِيَّةِ المُلْكِ الْمَعْرُوفَةِ لِلْمُلُوكِ الَّتِي يُبَايِنُونَ فِيهَا غَيْرَهُمْ، وَكَانَتْ تحيَّةُ مُلُوك العَجَم نَحْوًا مِنْ تحيَّة مُلوك العَرَب، كَانَ يُقَالُ لِمَلِكهم: زِهْ هَزَارْ سَالْ؛ الْمَعْنَى: عِشْ سَالِمًا أَلْفَ عَامٍ، وَجَائِزٌ أَن يُقَالَ لِلْبَقَاءِ تَحِيَّة لأَنَّ مَنْ سَلِمَ مِنَ الْآفَاتِ فَهُوَ باقٍ، وَالْبَاقِي فِي صِفَةِ اللَّهِ عز وجل مِنْ هَذَا لأَنه لَا يَمُوتُ أَبداً، فَمَعْنَى؛ حَيّاك اللَّهُ أَي أَبقاك اللَّهُ، صحيحٌ، مِنَ الْحَيَاةِ، وَهُوَ الْبَقَاءُ. يُقَالُ: أَحْيَاه اللَّهُ وحَيّاه بِمَعْنًى وَاحِدٍ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الشَّيْءَ بِاسْمِ غَيْرِهِ إِذَا كَانَ مَعَهُ أَو مِنْ سَبَبِهِ. وَسُئِلَ سَلَمة بنُ عاصمٍ عَنْ حَيّاك اللَّهُ فَقَالَ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ أَحْيَاك اللَّهُ أَي أَبقاك اللَّهُ مِثْلُ كرَّم وأَكرم، قَالَ: وَسُئِلَ أَبو عُثْمَانَ الْمَازِنِيُّ عَنْ حَيَّاك اللَّهُ فَقَالَ عَمَّرك اللَّهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الْمَلَائِكَةَ قَالَتْ لِآدَمَ، عليه السلام، حَيَّاك اللَّهُ وبَيَّاك
؛ مَعْنَى حَيَّاك اللهُ أَبقاك مِنَ الْحَيَاةِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنِ اسْتِقْبَالِ المُحَيّا، وَهُوَ الوَجْه، وَقِيلَ: ملَّكك وفَرَّحك، وَقِيلَ: سلَّم عَليك، وَهُوَ مِنَ التَّحِيَّة السَّلَامُ، وَالرَّجُلُ مُحَيِّيٌ والمرأَة مُحَيِّيَة، وَكُلُّ اسْمٍ اجْتَمَعَ فِيهِ ثَلَاثُ ياءَات فيُنْظَر، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مبنيٍّ عَلَى فِعْلٍ حُذِفَتْ مِنْهُ اللَّامُ نَحْوَ عُطَيٍّ فِي تَصْغِيرِ عَطاءٍ وَفِي تَصْغِيرِ أَحْوَى أُحَيٍّ، وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى فِعْلٍ ثَبَتَتْ نَحْوَ مُحَيِّي مِنْ حَيَّا يُحَيِّي. وحَيَّا الخَمْسين: دَنَا مِنْهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والمُحَيّا: جَمَاعَةُ الوَجْهِ، وَقِيلَ: حُرُّهُ، وَهُوَ مِنَ الفرَس حَيْثُ انفرَقَ تحتَ الناصِية فِي أَعلى الجَبْهةِ وَهُنَاكَ دائرةُ المُحَيَّا. والحياءُ: التوبَة والحِشْمَة، وَقَدْ حَيِيَ مِنْهُ حَيَاءً واستَحْيَا واسْتَحَى، حَذَفُوا الْيَاءَ الأَخيرة كَرَاهِيَةَ الْتِقَاءِ الياءَينِ، والأَخيرتان تَتَعَدَّيانِ بِحَرْفٍ وَبِغَيْرِ حَرْفٍ، يَقُولُونَ: استَحْيَا مِنْكَ واستَحْياكَ، واسْتَحَى مِنْكَ واسْتَحَاك؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الحَيَاء بِمَعْنَى الِاسْتِحْيَاءِ قَوْلُ جَرِيرٍ:
لَوْلَا الحَياءُ لَعَادني اسْتِعْبارُ،
…
ولَزُرْتُ قَبرَكِ، والحبيبُ يُزارُ
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، أَنه قَالَ: الحَياءُ شُعْبةٌ مِنَ الإِيمان
؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: كَيْفَ جعَل الحياءَ وَهُوَ غَرِيزةٌ شُعْبةً مِنَ الإِيمان وَهُوَ اكْتِسَابٌ؟ وَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ: أَن المُسْتَحي يَنْقَطِعُ بالحَياء عَنِ الْمَعَاصِي، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَقِيَّة، فَصَارَ كالإِيمان الَّذِي يَقْطَعُ عَنْهَا ويَحُولُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَإِنَّمَا جُعِلَ الحَيَاء بَعْضَ الإِيمان لأَن الإِيمان يَنْقَسِمُ إِلَى ائْتِمَارٍ بِمَا أَمر اللَّهُ بِهِ وَانْتِهَاءٍ عمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، فَإِذَا حَصَلَ الِانْتِهَاءُ بِالْحَيَاءِ كَانَ بعضَ الإِيمان؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فاصْنَع مَا شئتَ
؛ الْمُرَادُ أَنه
إِذَا لَمْ يَسْتَحِ صَنَعَ مَا شَاءَ، لأَنه لَا يَكُونُ لَهُ حياءٌ يحْجزُه عَنِ الْمَعَاصِي وَالْفَوَاحِشِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَلَهُ تأْويلان: أَحدهما ظَاهِرٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ إِذَا لَمْ تَسْتَح مِنَ العَيْب وَلَمْ تَخْشَ العارَ بِمَا تَفْعَلُهُ فَافْعَلْ مَا تُحَدِّثُك بِهِ نفسُك مِنْ أَغراضها حسَناً كَانَ أَو قَبِيحًا، ولفظُه أَمرٌ وَمَعْنَاهُ تَوْبِيخٌ وَتَهْدِيدٌ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بأَنَّ الَّذِي يردَع الإِنسانَ عَنْ مُواقَعة السُّوء هُوَ الحَياءُ، فَإِذَا انْخَلَعَ مِنْهُ كَانَ كالمأْمور بِارْتِكَابِ كُلِّ ضَلَالَةٍ وَتَعَاطِي كُلِّ سَيِّئَةٍ، وَالثَّانِي أَن يُحْمَلَ الأَمر عَلَى بَابِهِ، يَقُولُ: إِذَا كُنْتَ فِي فِعْلِكَ آمِنًا أَن تَسْتَحيَ مِنْهُ لجَريك فِيهِ عَلَى سَنَن الصَّوَابِ وَلَيْسَ مِنَ الأَفعال الَّتِي يُسْتَحَى مِنْهَا فَاصْنَعْ مِنْهَا مَا شِئْتَ. ابْنُ سِيدَهْ:
قَوْلُهُ، صلى الله عليه وسلم، إنَّ مِمَّا أَدرَك الناسُ مِنْ كَلَامِ النبوَّة إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فاصْنَعْ مَا شِئْتَ
«7» . أَي مَنْ لَمْ يَسْتَحِ صَنَعَ مَا شَاءَ عَلَى جِهَةِ الذمِّ لتَرْكِ الحَياء، وَلَيْسَ يأْمره بِذَلِكَ وَلَكِنَّهُ أَمرٌ بِمَعْنَى الخَبَر، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنه يأْمُرُ بالحَياء ويَحُثُّ عَلَيْهِ ويَعِيبُ تَرْكَه. وَرَجُلٌ حَيِيٌّ، ذُو حَياءٍ، بِوَزْنِ فَعِيلٍ، والأُنثى بِالْهَاءِ، وامرأَة حَيِيَّة، واسْتَحْيَا الرَّجُلُ واسْتَحْيَت المرأَة؛ وَقَوْلُهُ:
وإنِّي لأَسْتَحْيِي أَخي أَنْ أَرى لَهُ
…
عليَّ مِنَ الحَقِّ، الَّذِي لَا يَرَى لِيَا
مَعْنَاهُ: آنَفُ مِنْ ذَلِكَ. الأَزهري: لِلْعَرَبِ فِي هَذَا الْحَرْفِ لُغَتَانِ: يُقَالُ اسْتَحَى الرَّجُلُ يَسْتَحِي، بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ، واسْتَحْيَا فُلَانٌ يَسْتَحْيِي، بياءَين، وَالْقُرْآنُ نَزَلَ بِهَذِهِ اللُّغَةِ الثَّانِيَةِ فِي قَوْلِهِ عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا
. وحَيِيتُ مِنْهُ أَحْيا: استَحْيَيْت. وَتَقُولُ فِي الْجَمْعِ: حَيُوا كَمَا تَقُولُ خَشُوا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: ذَهَبَتِ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ لأَن الْوَاوَ سَاكِنَةٌ وَحَرَكَةَ الْيَاءِ قَدْ زَالَتْ كَمَا زَالَتْ فِي ضَرَبُوا إِلَى الضَّمِّ، وَلَمْ تُحَرَّكِ الْيَاءُ بِالضَّمِّ لِثِقَلِهِ عَلَيْهَا فَحُذِفَتْ وضُمَّت الْيَاءُ الْبَاقِيَةُ لأَجل الْوَاوِ؛ قَالَ أَبو حُزابة الوليدُ بْنُ حَنيفة:
وَكُنَّا حَسِبْناهم فَوارِسَ كَهْمَسٍ
…
حَيُوا بعد ما ماتُوا، مِنَ الدهْرِ، أَعْصُرا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَيِيتُ مِنْ بَنَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَيُّوا، بِالتَّشْدِيدِ، تَرَكَهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ للإِدغام؛ قَالَ عبيدُ بنُ الأَبْرص:
عَيُّوا بأَمرِهِمُو، كَمَا
…
عَيَّتْ ببَيْضَتِها الحَمامَهْ
وَقَالَ غَيْرُهُ: اسْتَحْياه واسْتَحْيا مِنْهُ بِمَعْنًى مِنَ الْحَيَاءِ، وَيُقَالُ: اسْتَحَيْتُ، بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ، وأَصله اسْتَحْيَيْتُ فأَعَلُّوا الْيَاءَ الأُولى وأَلقَوا حَرَكتها عَلَى الْحَاءِ فَقَالُوا اسْتَحَيْتُ، كَمَا قَالُوا اسْتنعت اسْتِثْقَالًا لَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهَا الزوائدُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: حُذِفَتِ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ لأَن الْيَاءَ الأُولى تُقْلَبُ أَلفاً لِتَحَرُّكِهَا، قَالَ: وَإِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ حَيْثُ كَثُرَ فِي كَلَامِهِمْ. وَقَالَ الْمَازِنِيُّ: لَمْ تُحْذَفْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ لأَنها لَوْ حُذِفَتْ لِذَلِكَ لَرَدُّوهَا إِذَا قَالُوا هُوَ يَسْتَحِي، وَلَقَالُوا يَسْتَحْيي كَمَا قَالُوا يَسْتَنِيعُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ أَبي عُثْمَانَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ سِيبَوَيْهِ، وَالَّذِي حَكَاهُ عَنْ سِيبَوَيْهِ لَيْسَ هُوَ قَوْلَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ الْخَلِيلِ لأَن الْخَلِيلَ يَرَى أَن اسْتَحَيْت أَصله اسْتَحْيَيْت، فأُعل إِعْلَالَ اسْتَنَعْت، وأَصله اسْتَنْيَعْتُ، وَذَلِكَ بأَن تُنْقَلَ حَرَكَةُ الْفَاءِ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَتُقْلَبَ أَلفاً ثُمَّ تُحْذَفَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَأَمَّا سِيبَوَيْهِ فَيَرَى أَنها حُذِفَتْ تَخْفِيفًا لِاجْتِمَاعِ الْيَاءَيْنِ لَا لإِعلال مُوجِبٍ لِحَذْفِهَا، كَمَا حَذَفْتَ السينَ مِنْ أَحْسَسْت حِينَ قلتَ أَحَسْتُ، ونقلتَ حَرَكَتِهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا
(7). قوله [مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ إِذَا لم تستح إلخ] هكذا في الأصل
تَخْفِيفًا. وَقَالَ الأَخفش: اسْتَحَى بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَبِيَاءَيْنِ لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ، وَهُوَ الأَصل، لأَن مَا كَانَ موضعُ لَامِهِ مُعْتَلًّا لَمْ يُعِلُّوا عَيْنَهُ، أَلا تَرَى أَنهم قَالُوا أَحْيَيْتُ وحَوَيْتُ؟ وَيَقُولُونَ قُلْتُ وبِعْتُ فيُعِلُّون الْعَيْنَ لَمَّا لَمْ تَعْتَلَّ اللامُ، وَإِنَّمَا حَذَفُوا الْيَاءَ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ كَمَا قَالُوا لَا أَدْرِ فِي لَا أدْرِي. وَيُقَالُ: فُلَانٌ أَحْيَى مِنَ الهَدِيِّ، وأَحْيَى مِنْ كَعابٍ، وأَحْيَى مِنْ مُخَدَّرة وَمِنْ مُخَبَّأَةٍ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الحَياء، مَمْدُودٌ. وأَما قَوْلُهُمْ أَحْيَى مِنْ ضَبّ، فَمِنَ الحياةِ. وَفِي حَدِيثِ البُراقِ:
فدنَوْتُ مِنْهُ لأَرْكَبَه فأَنْكَرَني ف تَحَيَّا مِنِّي
أَي انْقَبَض وانْزَوى، وَلَا يَخْلُو أَن يَكُونَ مأْخوداً مِنَ الْحَيَاءِ عَلَى طَرِيقِ التَّمْثِيلِ، لأَن مِنْ شَأْنِ الحَيِيِّ أَن يَنْقَبِضَ، أَو يَكُونَ أَصله تَحَوّى أَي تَجَمَّع فَقُلِبَتْ وَاوُهُ يَاءً، أَو يَكُونَ تَفَيْعَلَ مِنَ الحَيِّ وَهُوَ الْجَمْعُ، كتَحَيَّز مِنَ الحَوْز. وأَما قَوْلُهُ: وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ
، فَمَعْنَاهُ يَسْتَفْعِلُ مِنَ الحَياة أَي يتركهنَّ أَحياء وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا لُغَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ حَيِيتُ مَنْ فِعْلِ كَذَا وَكَذَا أَحْيَا حَياءً أَي اسْتَحْيَيْتُ؛ وأَنشد:
أَلا تَحْيَوْنَ مِنْ تَكْثير قَوْمٍ
…
لعَلَّاتٍ، وأُمُّكُمو رَقُوبُ؟
مَعْنَاهُ أَلا تَسْتَحْيُونَ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
اقْتُلُوا شُيُوخ الْمُشْرِكِينَ واسْتَحْيُوا شَرْخَهم
أَي اسْتَبْقُوا شَبابَهم وَلَا تَقْتُلُوهُمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ
؛ أَي يسْتَبْقيهن لِلْخِدْمَةِ فَلَا يَقْتُلُهُنَّ. الْجَوْهَرِيُّ: الحَياء، مَمْدُودٌ، الِاسْتِحْيَاءُ. والحَياء أَيضاً: رَحِمُ النَّاقَةِ، وَالْجَمْعُ أَحْيِيةٌ؛ عَنِ الأَصمعي. اللَّيْثُ: حَيا النَّاقَةِ يُقْصَرُ وَيُمَدُّ لُغَتَانِ. الأَزهري: حَياءُ النَّاقَةِ وَالشَّاةِ وَغَيْرِهِمَا مَمْدُودٌ إِلَّا أَن يَقْصُرَهُ شَاعِرٌ ضَرُورَةً، وَمَا جَاءَ عَنِ الْعَرَبِ إِلَّا مَمْدُودًا، وَإِنَّمَا سُمِّيَ حَياءً بِاسْمِ الحَياء مِنَ الاسْتحياء لأَنه يُسْتَر مِنَ الْآدَمِيِّ ويُكْنى عَنْهُ مِنَ الْحَيَوَانِ، ويُسْتَفحش التصريحُ بِذِكْرِهِ وَاسْمِهِ الْمَوْضُوعِ لَهُ ويُسْتَحى مِنْ ذَلِكَ ويُكْنى عَنْهُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: يَجُوزُ قَصْر الحَياء ومَدُّه، وَهُوَ غَلَطٌ لَا يَجُوزُ قَصْرُهُ لِغَيْرِ الشَّاعِرِ لأَن أَصله الحَياءُ مِنَ الِاسْتِحْيَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَرِهَ مِنَ الشاةِ سَبْعاً: الدَّمَ وَالْمَرَارَةَ والحَياءَ والعُقْدَةَ والذَّكَر والأُنْثَيين والمَثانَة
؛ الحَيَاءُ، مَمْدُودٌ: الْفَرْجُ مِنْ ذَوَاتِ الخُفِّ والظِّلْف، وَجَمْعُهَا أَحْيِيَة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ الحَياء لِرَحِمِ النَّاقَةِ مَقْصُورًا فِي شِعْرِ أَبي النَّجْم، وَهُوَ قَوْلُهُ:
جَعْدٌ حَياها سَبِطٌ لَحْياها
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عَيِيَ: وَسَمِعْنَا مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ أَعْيِياءُ وأَحْيِيَةٌ فيُبَيِّنُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: فِي كِتَابِ سِيبَوَيْهِ أَحْيِيَة جَمْعُ حَياءٍ لِفَرْجِ النَّاقَةِ، وَذَكَرَ أَن مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُدْغِمُهُ فَيَقُولُ أَحِيَّة، قَالَ: وَالَّذِي رأَيناه فِي الصِّحَاحِ سَمِعْنَا مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ أَعْيِياءُ وأَعْيِيَةٌ فَيُبَيِّنُ؛ ابْنُ سِيدَهْ: وَخَصَّ ابْنُ الأَعرابي بِهِ الشَّاةَ وَالْبَقَرَةَ وَالظَّبْيَةَ، وَالْجَمْعُ أَحْيَاءٌ؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ، وأَحْيِيَةٌ وأَحِيَّةٌ وحَيٌّ وحِيٌّ؛ عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: ظَهَرَتِ الْيَاءُ فِي أَحْيِيَة لِظُهُورِهَا فِي حَيِيَ، والإِدْغامُ أَحسنُ لأَن الْحَرَكَةَ لَازِمَةٌ، فَإِنْ أَظهرت فأحْسَنُ ذَلِكَ أَن تُخْفي كَرَاهِيَةَ تَلاقي الْمِثْلَيْنِ، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ بِزِنَتِهَا مُتَحَرِّكَةٌ، وَحَمَلَ ابْنُ جِنِّي أَحْياءً عَلَى أَنه جَمْعُ حَياءٍ مَمْدُودًا؛ قَالَ: كَسَّرُوا فَعالًا عَلَى أَفعال حَتَّى كَأَنَّهُمْ إِنَّمَا كَسَّرُوا فَعَلًا. الأَزهري: والحَيُّ فَرْجُ المرأَة. وَرَأَى أَعرابي جِهَازَ عَرُوسٍ فَقَالَ: هَذَا سَعَفُ الحَيِّ أَي جِهازُ فَرْجِ المرأَة.
والحَيَّةُ: الحَنَشُ الْمَعْرُوفُ، اشْتِقَاقُهُ مِنَ الحَياة فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ فِي الإِضافة إِلَى حَيَّةَ بْنِ بَهْدَلة حَيَوِيٌّ، فَلَوْ كَانَ مِنَ الْوَاوِ لَكَانَ حَوَوِيّ كَقَوْلِكَ فِي الإِضافة إِلَى لَيَّة لَوَوِيٌّ. قَالَ بَعْضُهُمْ: فَإِنْ قُلْتَ فهلَّا كَانَتِ الحَيَّةُ مِمَّا عَيْنُهُ وَاوٌ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِمْ رَجُلٌ حَوَّاء لِظُهُورِ الْوَاوِ عَيْنًا فِي حَوَّاء؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ أَبا عَلِيٍّ ذَهَبَ إِلَى أَن حَيَّة وحَوَّاء كسَبِطٍ وسِبَطْرٍ ولؤلؤٍ ولأْآلٍ ودَمِثٍ ودِمَثْرٍ ودِلاصٍ ودُلامِصٍ، فِي قَوْلِ أَبِي عُثْمَانَ، وَإِنَّ هَذِهِ الأَلفاظ اقْتَرَبَتْ أُصولها وَاتَّفَقَتْ مَعَانِيهَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ لَفْظُهُ غَيْرُ لَفْظِ صَاحِبِهِ فَكَذَلِكَ حَيَّةٌ مِمَّا عَيْنُهُ وَلَامُهُ ياءَان، وحَوَّاء مِمَّا عَيْنُهُ وَاوٌ وَلَامُهُ يَاءٌ، كَمَا أَن لُؤلُؤاً رُباعِيٌّ ولأْآل ثُلَاثِيٌّ، لَفْظَاهُمَا مُقْتَرِبَانِ وَمَعْنَيَاهُمَا مُتَّفِقَانِ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ جُبْتُ جَيْبَ القَميص، وَإِنَّمَا جَعَلُوا حَوَّاء مِمَّا عَيْنُهُ وَاوٌ وَلَامُهُ يَاءٌ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ لَفْظُهُ أَن يَكُونَ مِمَّا عَيْنُهُ وَلَامُهُ وَاوَانِ مِنْ قِبَل أَن هَذَا هُوَ الأَكثر فِي كَلَامِهِمْ، وَلَمْ يأْت الْفَاءُ وَالْعَيْنُ وَاللَّامُ ياءَات إلَّا فِي قَوْلِهِمْ يَيَّيْتُ يَاءً حَسَنة، عَلَى أَن فِيهِ ضَعْفاً مِنْ طَرِيقِ الرِّوَايَةِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ التّحَوِّي لانْطوائها، وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَيَّة تَكُونُ لِلذَّكَرِ والأُنثى، وَإِنَّمَا دَخَلَتْهُ الْيَاءُ لأَنه وَاحِدٌ مِنْ جِنْسٍ مِثْلُ بَطَّة ودَجاجة، عَلَى أَنه قَدْ رُوِيَ عَنِ الْعَرَبِ: رأَيت حَيّاً عَلَى حَيّة أَي ذَكَرًا عَلَى أُنثى، وَفُلَانٌ حَيّةٌ ذَكَرٌ. والحاوِي: صَاحِبُ الحَيَّات، وَهُوَ فَاعِلٌ. والحَيُّوت: ذَكَر الحَيَّات؛ قَالَ الأَزهري: التَّاءُ فِي الحَيُّوت: زَائِدَةٌ لأَن أَصله الحَيُّو، وتُجْمع الحَيَّة حَيَواتٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا بأْسَ بقَتْلِ الحَيَواتِ
، جَمْعُ الحَيَّة. قَالَ: واشتقاقُ الحَيَّةِ مِنَ الحَياة، وَيُقَالُ: هِيَ فِي الأَصل حَيْوَة فأُدْغِمَت الْيَاءُ فِي الْوَاوِ وجُعلتا يَاءً شَدِيدَةً، قَالَ: وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِ الحَيَّاتِ حايٍ فَهُوَ فَاعِلٌ مِنْ هَذَا الْبِنَاءِ وَصَارَتِ الْوَاوُ كَسْرَةً «1» . كَوَاوِ الْغَازِي وَالْعَالِي، وَمَنْ قَالَ حَوَّاء فَهُوَ عَلَى بِنَاءِ فَعَّال، فَإِنَّهُ يَقُولُ اشتقاقُ الحَيَّة مِنْ حَوَيْتُ لأَنها تَتَحَوَّى فِي الْتِوائِها، وَكُلُّ ذَلِكَ تَقُولُهُ الْعَرَبِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَإِنْ قِيلَ حاوٍ عَلَى فَاعِلٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غازٍ أَنَّ عَيْنَ الْفِعْلِ مِنْ حاوٍ وَاوٌ وَعَيْنَ الْفِعْلِ مِنَ الْغَازِي الزَّايُ فَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَهَذَا يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الحَيَّة فِي أَصل الْبِنَاءِ حَوْيَةً. قَالَ الأَزهري: وَالْعَرَبُ تُذَكّر الحَيَّة وَتُؤَنِّثُهَا، فَإِذَا قَالُوا الحَيُّوت عَنَوا الحَيَّة الذكَرَ؛ وأَنشد الأَصمعي:
ويأكُلُ الحَيَّةَ والحَيُّوتَا،
…
ويَدْمُقُ الأَغْفالَ والتَّابُوتَا،
ويَخْنُقُ العَجُوزَ أَو تَمُوتَا
وأَرض مَحْيَاة ومَحْواة: كَثِيرَةُ الْحَيَّاتِ. قَالَ الأَزهري: وَلِلْعَرَبِ أَمثال كَثِيرَةٌ فِي الحَيَّة نَذْكُرُ مَا حَضَرَنَا مِنْهَا، يَقُولُونَ: هُوَ أَبْصَر مِنْ حَيَّةٍ؛ لحِدَّةِ بَصَرها، وَيَقُولُونَ: هُوَ أَظْلَم مِنْ حَيَّةٍ؛ لأَنها تأْتي جُحْر الضَّبِّ فتأْكلُ حِسْلَها وتسكُنُ جُحْرَها، وَيَقُولُونَ: فُلَانٌ حَيَّةُ الوادِي إِذَا كَانَ شَدِيدَ الشَّكِيمَةِ حامِياً لحَوْزَتِه، وهُمْ حَيَّةُ الأَرض؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الإِصْبعِ العَدْواني:
عَذِيرَ الحَيِّ منْ عَدْوانَ،
…
كانُوا حَيَّةَ الأَرض
أَراد أَنهم كَانُوا ذَوِي إربٍ وشِدَّةٍ لَا يُضَيِّعون ثَأْراً، وَيُقَالُ رأْسُه رأْسُ حَيَّةٍ إِذَا كَانَ مُتَوقِّداً شَهْماً عَاقِلًا. وَفُلَانٌ حَيّةٌ ذكَرٌ أَي شُجَاعٌ شَدِيدٌ. وَيَدْعُونَ
(1). قوله [وصارت الواو كسرة] هَكَذَا فِي الأَصل الَّذِي بيدنا ولعل فيه تحريفاً، والأَصل: وصارت الواو ياء للكسرة
عَلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُونَ: سَقَاهُ اللَّهُ دَمَ الحَيَّاتِ أَي أَهْلَكَه. وَيُقَالُ: رأَيت فِي كِتَابِهِ حَيَّاتٍ وعَقارِبَ إِذَا مَحَلَ كاتِبُهُ بِرَجُلٍ إِلَى سُلْطانٍ ووَشَى بِهِ ليُوقِعَه فِي وَرْطة. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا طَالَ عُمْره وللمرأَة إِذَا طَالَ عُمْرُهَا: مَا هُو إِلَّا حَيَّةٌ وَمَا هِيَ إِلَّا حَيّةٌ، وَذَلِكَ لِطُولِ عُمْرِ الحَيّة كأَنَّه سُمِّي حَيَّةً لِطُولِ حَيَاتِهِ. ابْنُ الأَعرابي: فلانٌ حَيّةُ الْوَادِي وحَيَّة الأَرض وحَيَّةُ الحَمَاطِ إِذَا كَانَ نِهايةً فِي الدَّهاء وَالْخُبْثِ وَالْعَقْلِ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
كمِثْلِ شَيْطانِ الحَمَاطِ أَعْرَفُ
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَثْوَة: مِنْ أَمثالهم حيه
حَيْهٍ حِمَارِي وحِمَارَ صَاحِبِي، حيه
حَيْهٍ حِمَارِي وَحْدِي؛ يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ المَزْرِيَةِ عَلَى الَّذِي يَسْتحق مَا لَا يَمْلِكُ مُكَابَرَةً وَظُلْمًا، وأَصله أَن امرأَة كَانَتْ رَافَقَتْ رَجُلًا فِي سَفَرٍ وَهِيَ رَاجِلَةٌ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ، قَالَ فأَوَى لَهَا وأَفْقَرَها ظَهْرَ حِمَارِهِ ومَشَى عَنْهَا، فبَيْنَما هُمَا فِي سَيْرِهِمَا إِذْ قَالَتْ وَهِيَ رَاكِبَةٌ عليه: حيه
حيهٍ حِمَارِي وحِمَارَ صَاحِبِي، فَسَمِعَ الرَّجُلُ مَقَالَتَهَا فَقَالَ: حيه
حَيْهٍ حِمارِي وَحْدِي وَلَمْ يَحْفِلْ لِقَوْلِهَا وَلِمَ يُنْغِضْها، فَلَمْ يَزَالَا كَذَلِكَ حَتَّى بَلَغَتِ الناسَ فَلَمَّا وَثِقَتْ قالت: حيه
حَيْهٍ حِمَاري وَحْدِي؛ وَهِيَ عَلَيْهِ فَنَازَعَهَا الرجلُ إِيَّاهُ فَاسْتَغَاثَتْ عَلَيْهِ، فَاجْتَمَعَ لَهُمَا الناسُ والمرأَةُ رَاكِبَةٌ عَلَى الْحِمَارِ وَالرَّجُلُ رَاجِلٌ، فقُضِيَ لَهَا عَلَيْهِ بِالْحِمَارِ لَمَّا رأَوها، فَذَهَبَتْ مَثَلًا. والحَيَّةُ مِنْ سِماتِ الإِبل: وَسْمٌ يَكُونُ فِي العُنُقِ والفَخِذ مُلْتَوِياً مثلَ الحَيَّة؛ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبِي عَلِيٍّ. وحَيَّةُ بنُ بَهْدَلَةَ: قَبِيلَةٌ، النَّسَبُ إِلَيْهَا حَيَوِيٌّ؛ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ عَنِ الْخَلِيلِ عَنِ الْعَرَبِ، وَبِذَلِكَ استُدِلّ عَلَى أَن الإِضافة إِلَى لَيَّةٍ لَوَوِيٌّ، قَالَ: وأَما أَبو عَمْرٍو فَكَانَ يَقُولُ لَيَيِيٌّ وحَيَيِيٌّ. وبَنُو حِيٍّ: بطنٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَكَذَلِكَ بَنُو حَيٍّ. ابْنُ بَرِّيٍّ: وبَنُو الحَيَا، مَقْصُورٌ، بَطْن مِنَ الْعَرَبِ. ومُحَيَّاةُ: اسْمُ مَوْضِعٍ. وَقَدْ سَمَّوْا: يَحْيَى وحُيَيّاً وحَيّاً وحِيّاً وحَيَّانَ وحُيَيَّةَ. والحَيَا: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ الرَّاعِي:
إنَّ الحَيَا وَلَدَتْ أَبي وَعُمُومَتِي،
…
ونَبَتُّ فِي سَبِطِ الفُرُوعِ نُضارِ
وأَبو تِحْيَاةَ: كُنْيَةُ رَجُلٍ مِنْ حَيِيتَ تِحْيا وتَحْيا، وَالتَّاءُ لَيْسَتْ بأَصلية. ابْنُ سِيدَهْ: وَحَيَّ عَلَى الغَداء والصلاةِ ائتُوهَا، فحَيَّ اسْمٌ لِلْفِعْلِ وَلِذَلِكَ عُلّق حرفُ الْجَرِّ الَّذِي هُوَ عَلَى بِهِ. وحَيَّهَلْ وحَيَّهَلًا وحَيَّهَلا، مُنَوَّناً وغيرَ مُنَوَّنٍ، كُلُّهُ: كَلِمَةٌ يُسْتَحَثُّ بِهَا؛ قَالَ مُزاحم:
بِحَيَّهَلًا يُزْجُونَ كُلَّ مَطِيَّةٍ
…
أَمامَ المَطايا، سَيْرُها المُتَقاذِفُ «1»
. قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: إِذَا قُلْتَ حَيَّهَلًا فَنَوَّنْتَ قُلْتَ حَثّاً، وَإِذَا قُلْتَ حَيَّهَلا فَلَمْ تُنون فكأَنَّك قُلْتَ الحَثَّ، فَصَارَ التَّنْوِينُ عَلَمَ التَّنْكِيرِ وَتَرْكُهُ عَلَمَ التَّعْرِيفِ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ مَا هَذِهِ حَالُهُ مِنَ المبنيَّات، إِذَا اعْتُقِد فِيهِ التَّنْكِيرُ نُوِّن، وَإِذَا اعتُقِد فِيهِ التَّعْرِيفُ حُذِفَ التَّنْوِينُ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَمِعَ أَبو مَهْدِيّة رَجُلًا مِنَ الْعَجَمِ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ زُوذْ زُوذْ، مَرَّتَيْنِ بِالْفَارِسِيَّةِ، فسأَله أَبو مَهْدِيَّة عَنْهَا فَقِيلَ لَهُ: يَقُولُ عَجِّلْ عَجِّلْ، قَالَ أَبو مَهْدِيَّة: فهَلّا قَالَ لَهُ حَيَّهَلَكَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَجْمَعَ لَهُمْ إِلَى العَجَمِيّة العَرَبِيّة.
(1). قوله [سيرها المتقاذف] هكذا في الأَصل؛ وفي التهذيب: سيرهن تقاذف
الْجَوْهَرِيُّ: وَقَوْلُهُمْ
حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ
مَعْنَاهُ هَلُمَّ وأَقْبِلْ، وفُتِحت الياءُ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ مَا قَبْلَهَا كَمَا قِيلَ لَيتَ ولعلَّ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: حَيَّ عَلَى الثَّرِيدِ، وَهُوَ اسمٌ لِفعل الأَمر، وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ حَيَّهَلْ فِي بَابِ اللَّامِ، وحاحَيْتُ فِي فَصْلِ الْحَاءِ والأَلف آخرَ الْكِتَابِ. الأَزهري: حَيَّ، مثَقَّلة، يُنْدَبُ بِهَا ويُدْعَى بِهَا، يُقَالُ: حَيَّ عَلَى الغَداء حَيَّ عَلَى الْخَيْرِ، قَالَ: وَلَمْ يُشْتَق مِنْهُ فِعْلٌ؛ قَالَ ذَلِكَ اللَّيْثُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: حَيَّ حَثٌّ ودُعاء؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الأَذان:
حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الفَلاح
أَي هَلُمُّوا إِلَيْهَا وأَقبلوا وتَعالَوْا مُسْرِعِينَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُمَا عَجِّلوا إِلَى الصَّلَاحِ وَإِلَى الْفَلَاحِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
أَنشَأْتُ أَسْأَلُه مَا بالُ رُفْقَته،
…
حَيَّ الحُمولَ، فإنَّ الركْبَ قَدْ ذَهَبا
أَي عَلَيْكَ بِالْحُمُولِ فَقَدْ ذَهَبُوا؛ قَالَ شَمِرٌ أَنشد مُحَارِبٌ لأَعرابي:
وَنَحْنُ فِي مَسْجدٍ يَدْع مُؤَذِّنُه:
…
حَيَّ تَعالَوْا، وَمَا نَاموا وَمَا غَفَلوا
قَالَ: ذَهَبَ بِهِ إِلَى الصَّوْتِ نَحْوَ طاقٍ طاقٍ وغاقٍ غاقٍ. وَزَعَمَ أَبو الْخَطَّابِ أَن الْعَرَبَ تَقُولُ: حَيَّ هَلَ الصلاةَ أَي ائْتِ الصَّلَاةَ، جَعَلَهُما اسْمَيْنِ فَنصَبَهما. ابْنُ الأَعرابي: حَيَّ هَلْ بِفُلَانٍ وحَيَّ هَلَ بِفُلَانٍ وحَيَّ هَلًا بِفُلَانٍ أَي اعْجَلْ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ مَسْعُودٍ: إِذَا ذُكِرَ الصَّالِحُون فَ حَيَّ هَلًا بِعُمَرَ
أَي ابْدَأ بِهِ وعَجِّلْ بِذِكْرِهِ، وَهُمَا كَلِمَتَانِ جُعِلَتَا كَلِمَةً وَاحِدَةً وَفِيهَا لُغَاتٌ. وهَلا: حَثٌّ وَاسْتِعْجَالٌ؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوْتان رُكِّبا، وَمَعْنَى حَيَّ أَعْجِلْ؛ وأَنشد بَيْتَ ابْنِ أَحمر:
أَنْشَأْتُ أَسْأَلُه عَنْ حَالِ رُفْقَتِهِ،
…
فقالَ: حَيَّ، فَإِنَّ الرَّكْبَ قَدْ ذَهَبا
قَالَ: وحَاحَيْتُ مِنْ بَناتِ الأَرْبعة؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
قَوْمٌ يُحاحُونَ بالبِهام، ونِسْوَانٌ
…
قِصارٌ كهَيْئَةِ الحَجَلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنَ هَذَا الْفَصْلِ التَّحايِي. قَالَ ابْنُ قتيبةَ: رُبّما عَدَل القَمَر عن الهَنْعة فنزل ب التَّحايي، وَهِيَ ثَلَاثَةُ كَوَاكِبَ حِذَاءَ الهَنْعَة، الْوَاحِدَةُ مِنْهَا تِحْيَاة وَهِيَ بَيْنَ المَجَرَّةِ وتَوابِعِ العَيُّوق، وَكَانَ أَبو زِيَادٍ الْكِلَابِيُّ يَقُولُ: التَّحايِي هِيَ الهَنْعَة، وَتُهْمَزُ فَيُقَالُ التَّحَائي؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: بِهِنَّ يَنْزِلُ الْقَمَرُ لَا بالهَنْعة نَفْسِها، وَوَاحِدَتُهَا تِحْيَاة؛ قَالَ الشَّيْخُ: فَهُوَ عَلَى هَذَا تِفْعَلة كتِحْلَبَة مِنَ الأَبنية، ومَنَعْناهُ مِنْ فِعْلاةٍ كعِزْهاةٍ أَنَّ ت ح ي مهملٌ وأَنَّ جَعْلَه وح ي تَكَلُّفٌ، لإِبدال التَّاءِ دُونَ أَن تَكُونَ أَصلًا، فَلِهَذَا جَعَلناها مِنَ الحَيَاء لأَنهم قَالُوا لَهَا تَحِيَّة، تسمَّى الهَنْعة التَّحِيّة فَهَذَا مِنْ ح ي ي لَيْسَ إِلَّا، وأَصلها تحْيِيَة تَفْعِلة، وأَيضاً فإنَّ نوءَها كَبِيرُ الْحَيَا مِنْ أَنواء الْجَوْزَاءِ؛ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
سَرَتْ عَلَيْهِ منَ الجَوْزاء ساريةٌ،
…
تُزْجي الشَّمالُ عَليَه سالِفَ البَرَد
والنَّوْءُ لِلْغَارِبِ، وَكَمَا أَن طُلُوعَ الْجَوْزَاءِ فِي الْحَرِّ الشديد كذلك نوؤها فِي الْبَرَدِ وَالْمَطَرِ وَالشِّتَاءِ، وَكَيْفَ كَانَتْ وَاحِدَتُهَا أَتِحْيَاةٌ، عَلَى مَا ذَكَرَ أَبو حَنِيفَةَ، أَمْ تَحِيَّة عَلَى مَا قَالَ غَيْرُهُ، فَالْهَمْزُ فِي جَمْعِهَا شَاذٌّ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، فَإِنْ صَحَّ بِهِ السَّمَاعُ فَهُوَ كمصائبَ ومعائِشَ فِي قِرَاءَةِ خَارِجَةَ، شُبِّهَت تَحِيَّة بفَعِيلة، فَكَمَا قِيلَ تَحَوِيٌّ فِي النَّسَبِ، وَقِيلَ فِي مَسِيل مُسْلان فِي أَحد الْقَوْلَيْنِ قِيلَ تَحائي، حَتَّى كأَنه فَعِيلة وفَعائل. وَذَكَرَ الأَزهري فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ: الحَيْهَل شجرٌ؛ قَالَ النَّضْرُ: رأَيت