الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر بعضهم دابة سماها خز الماء، ولم يسم المكان الذي تكون فيه وقال أنها مثال ابن عرس أو قليلا، سباحتها في الماء كجريها في البر، لها وبر ناعم يعمل منه ثياب الخز.
القول في طبائع الضفدع
وهو أصناف كثيرة، ويكون من سفاد وغير سفاد، فالذي يكون من سفاد يبيض في البر، ويعيش في الماء، والذي من غير سفاد يتولد من المياه القائمة الضعيفة الجري، ومن العفونات، وغب الأمطار، حتى يظن أنه يقع من السحاب لكثرته وكثرة ما يرى منه على السطحة عقيب المطر والريح، وليس ذلك عن ذكر وأنثى وإنما الله تعالى يخلقه في تلك الساعة من طباع تلك التربة والضفادع لا تؤثر أن تستنشق الهواء إلا أنها إذا اضطرت إليه فعلته، وهي من الحيوان الذي لا عظام فيه ويوصف بالرسح، وتقول العرب في أمثالها) ارسح من ضفدع (، ويوصف بالحذر، وفي المثل) احذر من غراب وعصفور وعقعق وضفدع (، وإذا أراد النقيق أدخل فكه الأسفل في الماء، ومتى دخل الماء فيه لا ينيق.
وما أطرف قول بعض الشعراء وقد ليم على قلة كلامه:
قالت الضفدع قولا
…
فسرته الحكماء
في فمي ماء وهل
…
ينطق من في فيه ماء
ويعرض للضفدع مثل ما يعرض لبعض الوحوش من النار حيرة إذا رأتها وفكر فيها، وعجب منها، لأن الضفدع ينق فإذا أبصر النار سكت، ولا يزال يدمن النظر إليها، ولذلك يتخذ للضفادع السرج إذا كثر نقيقها، ولذلك تسكت إذا رأت ضوء النهار.
الوصف والتشبيه
ومقعدات زانهن أرجل
…
كقعدة الناكح حين ينزل
يكسين وشيا وعيون تكحل
ولآخر:
دعتك في فاضة مدنرة
…
ليس لها طرة ولا هدب
قد نسجت من زبرجد فجرى
…
بين تضاعيف نسجها الذهب
يطيل صمتا نهاره فإذا
…
أدركه الليل بات يصطخب
وهو وإن لم يغط مقلته
…
جفن ولا امتد خلفه ذنب
يعجبني ما رآه منه ففي
…
خلقته واختلافها عجب
وقال أبو بكر الخوارزمي:
أتعني والديك لما نيطق
…
والليل في سربال دخن مطبق
لم يدم كشحاه بضع الفلق
…
والنجم في الأفق كعين الأزرق
صوت غريق بعضه لم يفرق
…
غصان بالماء ولما يشرق
وجاحظ العين ولما يخنق
…
وساهر الليل ولما يعشق
هو الغراب في الخطى والمنطق
…
جلد سلحفاة وثب عقعق
وصوت مخنوق ونفخ أشدق
…
يرمج لج الماء رمح المحفق
كحذق ملاح غدا فيث زورق
القول في طبائع السرطان
والسرطان جيد المشي، سريع العدو ذو فكين، مخالب وأظفار حداد كبير الأسنان صلب الظهر، من رآه رأى حيوان بلا رأس، ولا ذنب، عيناه في كتفه، وفمه في صدره وفكاه مشقوقتان من جانبين، وله ثماني أرجل مشققات وهو يمشي على جانب واحد، ويستنشق الماء والهواء معا وهو يسلخ جلده في السنة ست مرات، ويتخذ لجحره بابين أحدهما شارع إلى الماء، والآخر إلى اليابس، فإذا سلخ جلده سد عليه مما يلي الماء خوفا على نفسه من السمك، وترك ما يلي اليابس مفتوحا ليصل إليه الريح، فتخف رطوبته وتشتد، فإذا اشتد فتح ما يلي الماء وطلب معاشه وهذا دأبه.
الوصف والتشبيه
قال شاعر يصفه:
في سرطان الماء أعجوبة
…
ظاهرة للخلق لا تخفى
مستضعف المنة لكنه
…
أبطش من حاربته كفا
يسفر للناظر عن جملة
…
متى مشى قدرها نصفا
ويقال: إن ببحر الصين سرطانات متى خرجت إلى البر استحجرت، والأطباء يتخذون منها كحلا يجلو البياض، ومن عجائب الحيوان المشترك، ما يذكر أن ببحر الروم أمة يقال لها بنات الماء يشبهون النساء ذوات شعور سبط، ألوانهم إلى السمرة ذوات فروج عظام، وثدي، وكلام لا يكاد يفهم وقهقهة، وضحك، وربما في أيدي أرباب المراكب فينكحوهن فيجدون لذلك عظيمة، ثم يعيدوهن إلى البحر، وفيها أيضا رجال يسمى الواحد منهم بالقبطية أبو مرينه، ويقال أنهم يظهرون بالإسكندرية وبالبرلس وبرشيد في صورة ابن آدم بجلود لزجة أو أجسام مشاكلة، لهم بكاء وعويل إذا وقعوا في أيدي الناس وذلك لأنهم ربما برزوا من البحر إلى البر يتشمسون فيقع الصيادين، فإذا بكوا رحموهم وأطلقوهم.
وصف آلات الصيد
فصل
ولما كمل غرضنا والحمد لله تعالى من هذا الباب رأينا من الصواب أن نختمه بما تصبو إليه النفوس من الإتحاف، وتميل إليه من التشبيهات والأوصاف المنظمة التعبير عن آلات الصيد وفتكات الخيل، والكيد، وهي وإن كانت غير متعلقة بالغرض المقصود في هذا الفن، وإنها مما تتشوق إليه الخواطر، والخواطر أبدا تابعة لما خطر لها من هواها وعن، فمن ذلك ما أختير من رسالة كتب بها أبو إسحاق الصابي إلى محمد بن العباس بن فسابخش في صفة الجلاهق، وهي قوس البندق: أقبلت رفقة الرماة قد برزت قبل الذرور للشروق، وشمرت عن الأذرع، والسوق متقلدين خرائط شاكلت السيوف بحمائلها، ونياطاتها وناسبتها في آثارها ونكاباتها تحمل من البندق الملموم كما هو في الصحة والاستدارة كاللؤلؤ المنظوم، كأنما خرط بالجهر فجاء كنبات الفهر، قد اختير طينه، وملك عجينه، فهو كالكافور المصاعد في الملمس والمنظر، وكالعنبر الاذخر في المشم والمخبر، مأخوذ من خير مواطنه مجلوب من أطيب معادنه كافل حامليه محقق لآمال آمليه ضامن بحمام الحمام متناول لها من أبعد مرام يعرج إليها وهو سم ناقع ويهبط بها وهي رزق نافع.
وبأيديهم قسي مكسوة بأغشية السندس مشتملة منها بأفخر ملبس، مثل الكماة في جواشنها ودروعها، والجياد في جلالها وقطوعها، حتى إذا جردت من تلك المطارفة، وانتضيت من تلك الملاحفة، رأيت منها قدودا مخطفة رشيقة وألوانا معجبة أنيقة صلبة المكاسر، والمعاجم نجية المثابت والمناجم، خطية الأسماء والمناسب سمهرية الأعراق والمناصب، تركبت من شظايا الرماح الداعسة، وقرون الاوعال الناخسة فحازت الشرف من طرفيها، واحتوت عليه بكلتا يديها، قد تحنت المشيخة النساك وصالت صيال الفتية الفتاك، واستبدلت من قدميها في عز الفوارس، بحديثها من أنفس الملابس، وانتقلت من جدها في طراد الفارات إلى هزلها في طرد المستهرات، ظواهرها صفر وارسة، ودواخلها سود دامسة كأن شمس أصيل قد طلعت على متونها، أو جنح ليل اعتكر في بطونها أو زعفرانا جرى فوق مناكبها، أو غالية جمدت على ترائبها، إذ هي قضبان فضة أذهب شطرها وأحرق شطر، أو حبات رمل اعتنق السواد منها والصفر.
وجاء منها في وصف وتر: فلما توسطوا تلك الروضة وانتشروا في الغيطة، وثبت للرمي أقدامهم، وشخصت للطير أبصارهم، وتروها بكل وتر فوق سهمه منه، وهو مفارق للسهم وخارج عنه، مضاعف عليها من وترين كأنه شخص ذو جسدين، أو عناق ضم ضجيعهن في وسطه عين كشجرة كيس مختوم، أو سرة بطن خميص مهضوم محولة عن المحاذاة مزورة عن الموازاة، تروع قلوب الطير بالانباض، وتصيب منهم مواقع الأغراض، هذا ما وقع عليه الاختيار من هذه الرسالة فإن الصابي أتى من بعد هذا الكلام ينعت ما صيد ومن صاد فأطال الرشأ على الواردين، والقصاد، ولضياء الدين بن الأثير الجزري رسالة في المعنى الذي نحاه أبو إسحاق، وأين يفوز المتأخر من المتقدم باللحاق لأن الأول اجتنى ثمر الأدب، وكان حظ المتأخر منه الكلأ وكم عسى يجهد نفسه من جاء في الزمن الأخير فشكلا فلم يبق إلا أن يحذو على مثاله إن اعين فاستطاع، وينسج عن منواله إن ترك الفكر عصيانه، وأطاع، جاء من هذه الرسالة في وصف القسي وذكر الرماة: إذا تناولها بأيديهم قلت هذه أهلة طالعة في أكف أقمار، وإذا مثل غناؤها وغناؤهم قلت منايا مسبوقة في أيدي أقدار، وتلك قسي وضعت للعب لا للنضال، ولردى الأطيار لا لردى الرجال وإذا نعتها ناعت قال أنها جمعت من بين وصف اللين والصلابة، ووضعت من نوعين غريبين فحازت معنى الغرابة، فهي مركبة من حيوان ونبات، مؤلفة منهما بعد الشتات، فهذا من سكان البحر وسواحله وهذا من سكان البر ومجاهله، ومن صفاتها أنها لا تتمكن من البطش إلا حين تشد، ولا تنطلق في شأنها إلا حين تعطف وترد، ولها بنات احكم تصويرها، وصحح تدويرها، فهي في لونها صندلية الاهاب، وكأنما صنعت لقوتها من حجر لا من تراب، فإذا حذفها نحو الأطيار تقل، وتصعد من الأرض من جبال فيها من برد فلا ترى حينئذ إلا قتيلا بالمثقل الذي لا يجب في مثله فهي كأقله من تلك الأطيار يقبض نفوسها، منزلة لها من السماء على أم رؤوسها ولابن المعتز يصفها على قافية منهوكة أبي نؤاس الطردية:
لا صيد إلا بوتر
…
أصغر مجدول ممر
إن مسه الرامي نخر
…
ذي مقلة تبكي مدر
صنعة بار مقتدر
…
دام عليها فمهر
فجئن أمثال الاكر
…
لم يختلفن في الصور
بصغر وللأكبر
…
أشبه طين بحجر
يودعن أمثال السرر
…
ثم يطرن كالشرر
إلى القلوب والثغر
…
لما غدونا بسحر
والليل مسود الطرر
…
تأخذ أرضا ونذر
فلاح صبح واشتهر
…
جاءت صفوفا وزمر
سوابحا بيض الغرر
…
يطلبن ما شاء القدر
روضا جديدا ونهر
…
وهن يسألن النظر
ما عنده من أكبر
…
فقام رام ما يندر
وتر قوسا وجسر
…
إذا رعى الصيف انتثر
هزل عودا قد نخر
…
فبين هاو ومنحدر
وسابح على خطر
…
وذي جناح منكسر
فارتاح من حسن النظر
…
ومسه جن الأشر
وقلن إذا حق القدر
…
وجد رمي فانتشر
ما هكذا رمي البشر
…
صار حصى الأرض مطر
وقال أبو الفرج عبد الواحد بن نصر الببغاء يصفها أيضاً:
وداية ترضع غير درها
…
وقصاء يعليها انحناء ظهرها
مقلتها شاخصة في صدرها
…
نجلاء لا تطرف هدب شفرها
طائرة مقيمة في وكرها
…
باطشة لكن بغير ظفرها
اراؤها تصدرها عن فكرها
…
مجيئة في أصلها وفجرها
بنت كعوب سبيت من خدرها
…
فاقتصها الصانع بعد مهرها
بقطعها وبردها ونشرها
…
حتى إذا سار خمول ذكرها
مثلت به كمال أمرها
…
فلم يزل نيرته نيرها
تنعى إلى الطير امتداد عمرها
…
كأنما البندق بعد حرها
جنودها صادرة من صدرها
…
جيدت بسحب طميت بصخرها
كأنها تحت انسكاب قطرها
…
أسرة لوط مطرت بصخرها
فلم تزل تغمرنا ببردها
…
حتى اعترفنا كلنا بشكرها
أفعالها ناطقة بفخرها
…
يعنو ملوك الطير خوف مكرها
من بازها في فكه وصقرها
…
لا ينكر الجارح عظم قدرها
وقال أبو إسحاق الصابي:
ومرنان معبسة ضحوك
…
مهذبة الطبائع والكيان
مغالبة وليس بها حراك
…
وباطشية وليس لها يدان
لها في الجارح النسب المعلى
…
وإن هي خالفته في المعاني
تطير مع البزاة بلا جناح
…
فتسبقها إلى مصب الرهان
وتدرك ما تشاء بغير رجل
…
ولا باع يطول ولا بنان
وتلحظ ما تشاء بكل الطرف عنه
…
بلا نظر صحيح ولا عيان
لها عضوان من عصب وعظم
…
وسائر جسمها من خيزران
يخاطب في الهواء الطير منها
…
بلفظ ليس يصدر عن لسان
فإن لم تضع أردتها بطعن
…
ينوب الطين فيه عن سنان
مقرطقة ممنطقة خلوب
…
مهفهفة مخففة الجران
مذكرة مؤنثة تهادى
…
من الأصباغ في حلل القيان
معمرة تزايد كل يوم
…
شبيبها على مر الزمان
كأن الله ضمنها فباتت
…
لنا في الرزق عن أوفى ضمان
أعز علي العيون من المآقي
…
وأحلى في النفوس من الأماني
إذا ما استوطنت يوما مكانا
…
تولى الجدب عن ذاك المكان
وقال أبو الفتح كشاجم يصفها:
وثيقة مدمجة الأوصال
…
محنية عوجاء كالهلال
تعود إن شئت إلى اعتدال
…
باطنها لعاقل الاوعال
والظهر منها لقنا الأبطال
…
يجعها أسمر ذو اعتدال
في وسطه من صنعة المحتال
…
مثال عين غير ذي احولال
تغذى بصدفات من الصلصال
…
أمضى من السهام والنبال
قذى في أعين الآمال
…
فاقعة الصفرة كالجريال
رخيصة تغنم كل غال
…
يؤمن منها وثبة الكلال
تعول في الجدب وفي الأحمال
…
وقد يكون الصقر كالعيال
مطيها عواتق الرجال
…
في غلف ممدوة طوال
كم افضلت على ذوي الافال
…
وكم أنالت من أخي نوال
وقربت للطير من آجال
وقال أيضا فيها من أبيات طردية:
وفي يساري من الخطي محكمة
…
متى طلبت بها أدركت مطلوبي
للوعل باطن شطريها ومعظمها
…
من عود شجراء صماء الانبيب
تأنق القين في تزينها فغدت
…
تومي بأحسن تفضيض وتذهيب
في وسطها مقلة منها تبين ما
…
ترمي فما مقتل عنها بمحجوب
فقمت والطير قد هم الحمام له
…
على سبيلي في عادي وتجويبي
حتى إذا اكحلت بالطين مقلتها
…
صبت عليهن حتفا بعد مصبوب
فرحت جذلان لم تكدر مشارب
…
ولم تلق آمالي بتخييب
وقال أبو الفرج الببغاء يصف الفخ:
ذو قصر أحدب من غير كبر
…
محتقر المنظر جار الخبر
مستنصر لكن إذا ضيم انتصر
…
مستأنس إن صله لمس نفر
وإن جنى جناية لم يعتذر
…
مفوف سهما إذا شك استمر
قضى له الحب ومأواه الخفر
…
لما رأى العصفور حيا قد بدر
أرباب بالحنطة ما بين المدر
…
ولم يزل بين الرجاء والحذر
تتبعه الحرص ويعنيه الخطر
…
ثم هوى مستبينا لما افتكر
إن بنى الدنيا جميعا في غرر
…
وأمل النفع ولم يخش الضرر
فشده الفخ بإشراك العير
…
ولم يطق دفع القضاء والقدر
وكثرة الأطماع افات البشر
…
وفي تصاريف الليالي معتبر
والحزم إن يجزع من حيث يسر
…
وآخر الصفو وإن لذ الكدر
قال ابن المعتز يصف الدبق على طريق الألغاز:
وما رماح غير جارحات
…
وليس في الدماء والغات
وليس للطراد والغارات
…
يخضبن لا من علق الكماة
بدبق حتف منجز العدات
…
مستمكن ليس بذي إفلات
ينشب في الصدور واللبات
…
فعل اسار علق الشباة
على عواليها. . . مركبات
…
أسنة ليس موقعات
من قصب الريش مجردات
…
يحسبن في الهواء شائلات
أذناب جردان منكسات
وقال أبو الفتح كشاجم يصفها أيضاً:
واسرات مثل مأسورات
…
ممكنات غير ممكنات
مؤملات غير
…
مكذبات
…
صوادق التعجيل للعدات
نواظر الأشكال ذاهبات
…
كواسر وليس ضاريات
ولا بما يصدن عالمات
…
بمثل ريق الفحل مطليات
اقتل من سمائم الحيات
…
لو صلحت شيئا من الآلات
ووصلت بالزج والشباة
…
كانت مكان النبل للرماة
حوامل للطير ممسكات
…
تعلق الأحباب بالحبات
كأنها في النعت والصفات
…
أذناب ما دق من الحيات
أعذر بالورق المفردات
…
فيها من الفتيان بالقينات
فهن من قتلى ومن عناة
…
بلا فكاك وبلا ديات
وقال أبو الفرج الببغاء يصف سبطانة:
وجوفاء حاملة تهتدي
…
في كل قلب بمقروحه
مقومة القد ممشوقة
…
مهفهفة الجسم ممسوجه
مشققة فمها عينها
…
تبشر ظني بتصحيحه
فإن هي والجارح استنهضا
…
إلى الصيد عاقته عن ريحه
إذا المرء أودعها سره
…
لتخفيه باحت بتصريحه
موات يعيش إذا ما أعاد
…
لها النافخ الروح من روحه
هي السبطانة في شكلها
…
ففي القلب جد تباريحه
تحط أبا الفرخ عن ذكره
…
ويستنزل الطير من لوحه
وقال السري الرفاء يصف شبكة:
وجدول بين حديقتين
…
مطرد مثل حسام القين
كسوته واسعة القطرين
…
تنظر في الماء بغير عين
راصدة كل قريب الحين
…
تبرزه مجنح الجنبين
كمدية مصقولة المتنين
…
كأنما صيغ من اللجين
وقال كشاجم يصفها:
يا رب نهر متأت ملان
…
جم المدود معمر معان
باكرته مع باكر الغربان
…
في فتية أفاضل أقران
بمثل أحداق بلا أجفان
…
محذوة كحنو طيلسان
كأنها جلدة افعوان
…
مزعج بالأطماع والحرمان
مواطن الماء عن الأوطان
…
إحدى على صائدها الغرثان
من الضواري الغظف الأذان
…
وكاسر البزاة والعقبان
وقال أبو الفرج الببغاء يصف شبكة العصافير:
رقراقة في السراب تحسبها
…
على الثرى حلة من الزرد
كالدرع لكنها معوضة
…
عن المسامير كثرة العدد
سايرها أعين مفتحة
…
لا ترتضي نسبة أحد
كأنها في غرورها زخرف
…
الدنيا المشرب المسرور بالكد
كاتب أندلسي يصف الشص: صنافير كأظفار السنانير، قد عطفها القين كالراء، وصيرها الصقل كالماء فجاءت أحد من الإبر، وأدق من الشعر، كأنما مخلب صرد، أو نصف حلقة من زرد.
وقال أبو بكر بن أحمد بن محمد الصنوبري يذكر الشص ويصفه:
أكرم ما أعددته من العدد
…
وما حوى صحبي به عناء الأبد
بناء قين حاز في الخندق الأمد
…
على مقادير مخاليب الصرد
أو مثل ما عاينت أصناف الزرد
…
لها رؤوس في أعاليها اود
كمثل أبيات الأفاعي اوا حد
…
ذوات طعم نكد كل النكد
تشد في أذناب خيل إذ تشد
…
ممرة الفيل كامرار المسد
نيطت بأطراف يراع مسترد
…
صم الأنابيب قريبات العقد
عجبا بها من حيث ما عاج أحد
…
من ظل صفصاف علينا قد يرد
شاطئ نهر لابس درع زبد
…
فأطلقت أيديهم إطلاق يد
فلم تزل ترسل طورا وتزد
…
حتى تنادوا قد من الحيتان قد
ثم بعثنا ألف عين في جسد
…
فجئنا بمثلهن في العدد
ألف من الحيتان بيض كالبرد
…
مكسوة دراهم لا تنفد
كذلك الأرزاق من جزر ومد
…
والحمد للمهيمن الفرد الصمد
وقال أبو الفتح كشاجم يصف الشض أيضاً:
من كان يحوي صيده الفضاء
…
وللبزاة عنده ثواه
وطال بالكلب له العناء
…
فإن صيدي ما حواه الماء
بمخلب ساعدوه رشاء
…
يظل والماء غطاء
كما طوت هلالها السماء
…
كأنه من الحروف راء
فهو ونصف خاتم سواء
…
يحمل سما اسمه غذاء
وعطبها فيه لنا اجتناء
…
تدمي القلوب والأحشاء
عاد إذا ساعده الفضاء
…
أمتعنا القريس والشواء
ولله الحمد تم الفن الثالث من مباهج الفكر ومناهج العبر في الطبائع الحيوانية يتلوه الفن الرابع في الفلاحات النباتية إن شاء الله تعالى بحمد الله تعالى وعونه ولطفه وبه المستعان.
تم الفن الثالث من مباهج الفكر ومناهج العبر ويتلوه الفن الرابع من الكتاب في الصفحة التي هذه الورقة، والحمد لله كثيرا.