الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان في بطنه دود أكل السنبل ثم يقيئه، فيرميه معه ما في بطنه من الدود ومن الأمراض الذبحة، والنقرس، والجرب، والهزال، وحدوث قروح لا تبرأ، والكلب إذا أصابه الكلب، وعض إنسانا أصاب الإنسان نباح مثله وألحقته العضة باجراء صغار يراها علقا في صورة الكلاب، والفأر المعضوض ليبول عليه، ومتى بال عليه مات، وتعرف سلامة المعضوض من عطبه أنه يرى وجهه في المرآة، فإن رأى صورته فلا بأس عليه، وإن رأى فيها صورة كلب فجزع، وحرص على الهرب فإنه وشيك الموت، وقد يعالج بأنفحة الكلاب يسقاها مع الماء فيبرأ
في فصل ما يختص به الكلب السلوقي من الطباع
سبب نتاج الكلب السلوقي على ما حكاه أصحاب الكلام في الكلبزة: أن الكلاب تسفد الذئاب في سلوقية من أرض اليمن فيتولد بينهما السلوقي، وقال آخرون الثعالب والكلب السلوقي، ويقال سلوق مدينة إلى الآن وإليها تنسب الدروع والكلاب، وله نفس متولعة بتناول ما يرسله عليه أهله، ويطلبه بالإحضار خلفه حتى يدركه فيأخذه لهم لأن حرصه على الصيد، وغضبه ليس من أجل نفسه كما يغضب الفهد لأن الجوارح تعمل لأنفسها إلا الكلاب، فإنها تعمل لأصحابها، وهي إذا كثرت عليها الآثار أو اختلطت تلتفت لذلك، وتذهب في كل وجهة، حتى تستثبت، الأثر وتتحقق جهته وذلك من حرصها على مطاوعة أربابها، واستعدادها لنكاية أعدائه، ومسارعتها إلى تحصيل غرضه الذي أسلاها بسببه، ومن أعجب الأحوال فيه أنه إذا عاين الظباء قريبة منه كانت أو بعيدة عنه، عرف المقبل من المدبر، وعرف العنز من التيس، وإذا أبصر القطيع لم يقصد غير التيس لعلمه أنه إذا عدا شوطين لم يستطع البول مع شدة الحضر ورفع القوائم معا فينتقص مدى خطاه، ويعتريه البهر فيلحقه الكلب والمعزى إذا اعتراها البول في العدو لم تمسكه وقذفت به لسعة المسلك، ولأجل ذلك لا يطلبها، ومن عجيب أمره أنه يعرف الميت من المتماوت حتى يقال: إن الروم لا تدفن ميتا حتى يعرضونه على الكلاب فتظهر من شمه إياه علامة يستدلون بها على حياته أو موته، ويقال أن هذا الحذق لا يوجد إلا في الكلب القلطي وهو صغير الجرم قصير القوائم جدا ويسمى أيضا الصيني وهو مع هذا لا يبلغ رتبة الذئب في الشم والاسترواح، وإناث الكلاب السلوقية أسرع تعلما من الذكور، والفهد بالعكس، وهذا النوع يعيش عشرين سنة على ما زعم أرسطو وربما تبلغ الإناث هذا السن، ودلائل النجابة والفراهة في الكلاب السلوقية أما في الخلقة فطول ما بين اليدين والرجلين، وقصر الظهر وصغر الرأس وطول العنق، وغضف الأذنين، وبعد ما بينهما، وسعة العينين، وبعد ما بينهما وزرقة العين ونتوء الجبهة وعرضها وقصر اليدين أما الألوان فيقال: السوداء أقل صبرا على الحر والبرد، والبيض أفره إذا كن سود العيون، وقد قال قوم أن السود أصبر على البرد وأقوى، وكذا كل أسود من الحيوان، ودلائل الفراهة في الجراء، إذا ولدت كلبة واحدا كان افره من أبويه وإن ولدت ذكرا أو أنثى كان الذكر أفره، وإن ولدت ثلاثا فيها أنثى في شبه الأم، كانت أفره الثلاثة، وإن كان في الثلاثة ذكر واحد فهو أفرهها.
الوصف والتشبيه
الأحسن في أوصاف الكلاب الأهلية على أن الناس قد نظموا في هذا كثيرا لا سيما العرب، فإنهم أهل الطعام وإكرام، وكانوا يسمون الكلب هادي الضمير وداعي الضيف، ومتهم النعم، ومشيد الذكر، بما يجلب من الأضياف بنباحه، والضمير: القريب من قولهم أضمرته البلاد أي غيبته وكانوا إذا اشتد البرد وهبت الرياح ولم تثبت النيران فرقوا الكلاب حول بيوتهم، وجعلوا لها مطاول، وربطوها على العمد لتتوحش فتهدي الطلاب بنباحها، وقال ابن هرمة في هذا المعنى وقد أهدى كلبا:
أوصيك خيرا به فإن له
…
سجية لا أزال أحمدها
يدل ضيفي علي في غسق ال
…
ليل إذا النار نام موقدها
وله أيضاً من أبيات:
يكاد إذا ما أبصر الضيف مقبلا
…
يكلمه ترحبة وهو أعجم
وقال حاتم الطائي يفتخر:
وإذا تنور طارق مستنبح
…
نبحت فدلته علي كلابي
وعوين يستعجلنه ولقينه
…
يرشدنه بشراشر الأذناب
قوله: مستنبح يريد أن الضيف الطارق ليلا إذا لم يهتد إلى البيوت بنار ولا كلاب، وذلك لشدة البرد نبح، فإذا سمعت الكلاب نبيحه نبحث فيقصدها حيث كانت وعابه البديع الهمذاني
يزين حين يسمن
…
ولا يتبع حين يشبع
وعند الجوع يهتم بالرجوع
ومما تختص به الكلاب السلوقية من الوصف، قال أبو إسحاق الصابي من رسالة: ومعنا كلب عريق المناسب، نجيح المكاسب، حلو الشمائل نجيب المخامل حديد الناظرين اغضف الأذنين، أسيل الخدين، مخطف الجنبيبن عريض الزور متين الظهر أبي النفس ملهم الشكر لا يمس الأرض إلا تحليلا، وإيماء، ولا يطؤها إلا بإشارة وانحناء، ولبعض الأندلسيين يصفه من رسالة: فحللناه من ساجوره، وأطلقناه، فبلغنا إلى سروره، ومر يخفي شخصه غباره في سدفة سفرته تارة من النصف الطامحة العيون، والهرت اللاحقة البطون معرق في نجابته منعم مخول في فراهته يسمع منك إيماء، ويفهم عنك إيماء المشي، فلا يمس الأرض بأربعة، ويجري فلا يسبقه الريح إلى منزعه:
إذا عدا واشتد في طلابه
…
يكاد أن يخرج من إهابه
وقال:
متقد كالنار في التهابه
…
لا يطعن الصيد بغير نابه
أعده للحرب من جرابه
…
فكل من يرمي به لمأبه
ومن المنظوم في ذلك قول ذي الرمة من أبيات يصفه بسرعة الحضر من أبيات:
كأنه كوكب في إثر عقربه
…
سوم سوداء الليل مغتصب
وقال آخر يصف كلبا:
أنعت كلبا يكسر اليحمورا
…
مجربا مدربا صبورا
يأنف أن يشاكل الصقورا
…
منفردا بصيده مغيرا
ذا شية تحسبها حريرا
…
قد حبرت نقوشها تحبيرا
إذا جرى حسبته المقدورا
…
يكاد للسرعة أن يطيرا
حتفا لمن عن له أسيرا
…
أعجز أن يرى له نظيرا
وقال أبو نؤاس يصف كلبا:
هجنا بكلب طالما هجنا به
…
ينتسق المقود من جذابه
كأن متينه لدى انسلابه
…
متنا شجاع لج في انسيابه
كأنما الاظفور في قنابه
…
موس صناع رد في نصابه
تراه في الحضر أذاها هي به
…
يكاد أن يخرج من أهابه
ترى سوام الوحش إذ تحوي به
…
يرحن أسرى ظفره ونابه
وقال الناشئ قافيا أثره وواردا نهره:
واغضف عيشي من عذابه
…
براح أن يدعي ليغتذي به
روحه ذي النشوة من شرابه
…
يخط بالبراثن في ترابه
خط يد الكاتب في كتابه
…
ملتقطا للخطو في انتدابه
لقط يد الماهر في حسابه
…
يستأسر المعظم عن طلابه
في نأيه عنه وفي اقترابه
…
تسلبه الحتفة من أسلابه
ولا يحس ما به لما به
…
ينتصل الاظفور من قنابه
كما يسل السيف من قرابه
…
تخاله ماجد في التهامه
مجردا بالحضر من أهابه
وقال أبو الطيب المتنبي:
فحل كلابي وثاق الاحبل
…
عن أشدق مستوجر مسلسل
اقب ساط شرس شمردل
…
مؤجد الفقرة رخو المفصل
له إذا أدبر لحظ المقبل
…
يعدو إذا أحرز عدو السهل
إذا تلا جاء المدى وقد تلي
…
يقعي جلوس البدوي المصطلي
بأربع مجدولة لم تجدل
…
فتل الأيادي رابذات الأرجل
أثارها أمثالها في الجندل
…
يكاد الوثب وفي التفتل
يجمع بين متنه والكلكل
…
وبين أعلاه وبين الأسفل
شبيه وسمي الحضار بالولي
…
كأنه مصور من جندل
موثق على رماح ذبل
…
ذي ذنب أجرد غير أعزل
يخط في الأرض حساب الجمل
…
كأنه من جسمه. . . بمعزل
نيل المنى وحكم نفس المرسل
…
وعقلة الظبي وحتف التتفل
لا يأتلي في تركه لا يأتلي
…
مقتحما على المكان الأهول
حتى إذا قلت له نلت افعل
…
افترعن مذروبة كالانصل
لا تعرف العهد بصقل الصيقل
…
مركبات في العذاب المنزل
كأنها من سرعة في الشمأل
…
كأنها من ثقل في يذبل