المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أخبار العلم والأدب - مجلة «الثقافة» السورية - جـ ٥

[خليل مردم بك]

الفصل: ‌أخبار العلم والأدب

‌أخبار العلم والأدب

ترجمة دائرة المعارف الإسلامية

ورد إلى بعض العلماء والأدباء والمفكرين في دمشق كتاب من الأستاذ الفاضل أحمد أفندي الشنتناوي سكرتير لجنة ترجمة دائرة المعارف الإسلامية في مصر هذه نسخة: بعد الاحترام - تعلمون أن هيئة من كبار المستشرقين تقوم منذ ربع قرن بتأليف دائرة معارف أسلامية كبرى تجمع خلاصة أبحاثهم في مختلف الشؤون الإسلامية من تاريخ وأدب وفلسفة وتشريع ودين. . . الخ. وكتبت هذه الدائرة بأمهات اللغات الأوربية (الانجليزية والفرنسية والألمانية) ولقد تكونت أخيراً لجنة من خريجي الجامعة المصرية لترجمة هذه الدائرة الكبرى وإخراجها في أجزاء دورية وبدأت هذه اللجنة عملها منذ شهر يناير عام1933 وسيظهر العدد الأول في شهر أكتوبر القادم. لذلك يسر اللجنة كثيراً إن تعلم رأيكم في أهمية نقل هذه الدائرة إلى اللغة العربية. فنرجو أن تتكرموا بموافاتنا كتابياً برأيكم السيد في هذا الموضوع. إن تقل هذه الدائرة إلى اللغة العربية عمل إن لم يكن أجل ماستقوم به مصر من الأعمال العلمية فهو بلا ريب من أجلها فنرجو للجنة الفاضلة أطراد العمل الموفق.

لماذا ليس لفرنسا رجل مثل شكسبير

يتساءل الكاتب الأفرنسي المعروف (ادمون جالو) في أحد مباحثه الأخيرة عن السبب في عدم وجود عبقري أفرنسي عظيم يمثل الروح الانكليزية ويعترف له الجميع بهذه المكانة السامية يقول (جالو) أنه مما يدعو إلى العجب أن تستطيع فرنسا قبل غيرها ومنذ زمن طويل تحقيق وحدتها السياسية والإدارية والتاريخية بينما هي لا تزال حتى اليوم بعيدة عن الوحدة الفكرية. فأن هناك روحين في فرنسا يتنازعان منذ القدم: روح (مونتين) من جهة وروح (باسكال) من جهة أخرى، ثم راسين يختلف عن فولتير، وكذلك (رابليه) بعيد جداً عن (لامارتين). هذا الاختلاف والتضاد كان السبب في فقدان عبقري واحد يعترف له الجميع بالإمارة في عالم الفكر.

وقد حاول البعض أن يرشح (مولير) لهذا المقام ولكن هناك كثيراً من خصائص الروح الأفرنسية لا أثر منها عند (مولير). أما (فيكتور هوغو) فإله في صميمه أبعد الناس عن

ص: 63

تمثيل الروح الأفرنسية ولو أعتنى (بالزاك) بجمال الأسلوب وحسن التعبير لكان من المحتمل ترشيحه ليكون ذلك الرجل لأنه يجمع في نفسه شيئاً كثيراً من الخصائص والقوى الأفرنسية المختلفة. ولكنه مع الأسف رغم قدرته الزائدة قد أنقاد إلى أغلاط أهل عصره ولم يسلم من نقائص أسلوبهم المتعددة. وأخيراً ربما كان (مونتين) أقرب رجل إلى نيل المقام الأول بين كتاب فرنسا لولا فقدان كل شعور ديني لديه وهذا ما يمنعنا من اعتباره ممثلا لروح أمة اشتهرت بعنعناتها الدينية.

معرض ميشيل دومونتين

افتتحت مدينة (بوردو) معرضاً خاصاً بالكاتب الفرنسي ميشيل دومونتين بمناسبة مرور أربع مائة عام على ولادته والمعرض يحتوي على كثير من المجموعات الخاصة بهذا الفيلسوف الريبي وهو يحتوي على صور وكتابات بخط مونتين نفسه، هذا فضلا عن آثاره ونماذج عديدة من الطبعات القديمة والحديثة لكتابالتجاريبوهي محلاة بتوقيع (مونتين) وإهدائه الكتاب وغير ذلك من الآثار والمخطوطات التي لها علاقة به ومثل هذه المعارض التي تقام تذكاراً للرجال العظام كثيرة في بلاد الغرب

الأدب الأفرنسي ومكانته الحاضرة في العالم

كتب الأديب الأفرنسي (جان ريشار بلوق) بعد رحلة ساقته إلى معظم البلاد الأوربية 0بحثا في مجلة (أوربا) عن مكانة الأدب فرنسي اليوم في العالم وقد تحدث (بلق) إلى كثير من أصدقائه الأدباء في هولاندا وألمانيا والتشيكوسلوافيا واستمع إلى أرائهم في الأدب الأفرنسي. وخلاصة الرأي أن الجميع يعترفون للكتاب الأفرنسيين بالحذق والمهارة في الإنشاء وفي تأليف الروايات وذلك بفضل التقاليد والأساليب الموروثة منذ عصور طويلة. وليس من أحد ينكر على النثر الأفرنسي مايمتاز به من سهولة ورشاقة وخفة روح وحسن تهكم وجمال ودقة وصف. ولكن، مع الأسف، الجميع متفقون على انه من حيث المعنى لا قيمة كبيرة له. إن الروايات الأفرنسية جميلة، خفيفة بديعة الأسلوب متقنة الترتيب وبعكس ذلك الروايات الإنكليزية والأمير كآنية والألمانية، أنها طويلة جداً، قليلة الترتيب ثقيلة، صعبة ولكنها - وهذا هو المهم - تتكلم عن أمور تسترعي اهتمام العالم اليوم فهي تبحث في شؤون البشر الحيوية وتحاول الجواب عن المسائل الكبيرة العويصة. أنها قليلة الصنعة

ص: 64

ضعيفة الإنشاء، كثيرة البساطة ولكنها تدل على شجاعة أدبية وتفكير عميق لا تزال الروايات الأفرنسية تقتصر في مواضيعها على الأسرة والزواج ومشاغل الموظفين والنواب الحقيرة كما في عهد (الفونس دوده) و (غي دوموباسان) كأن العالم لم يتبدل منذ ذلك الوقت. إن هذه المسائل لم يعد لها أية قيمة في العالم خارج فرنسا بل قد نشأت معضلات اجتماعية وفكرية حديثة يريد الناس من الأدباء أن يحاولوا الجواب عليها.

المدرسة التركية الحديثة

كتب الأستاذ (قورتين)، الذي قام بمهمة التعليم عدة سنوات في أحدى المدارس التجهيزية التركية، مقالا في مجلةالتعليم العامالأفرنسية عن غايات الكماليين في التربية والتعليم. وقد لخص رأيه في المدرسة التركية الحديثة التي تسير حسب مزيج من المناهج التربوية السويسرية والمبادئ الوطنية الكمالية فقال: كانت الحكومة الوطنية تعرف، منذ أول الأمر أن نجاح الثورة الكمالية يتوقف على تنمية الروح القومية - التركية وقد كان على المدرسة، بعد استتباب السلام أن تعلب دوراً هاما في هذا المضمار. إن غاية التربية في تركيا هي تكوين رجال عصريين وقبل كل شيء رجال أتراك من صميم فؤادهم. والحكومة تنتهز كل فرصة وتستخدم جميع الوسائل لتحقيق هذه الغاية الوطنية سواء في داخل المدرسة أو في خارجها مثل استعراضات الكشافة وحفلات الرياضة البدنية والأعياد الكبيرة. وقد نظمت دروس التاريخ والجغرافيا والأدب التركي والمعلومات المدنية بصورة تساعد على استثمارها السياسي وجعلها وسيلة لزرع بذور حب التضحية والعمل في سبيل الوطن.

العراق والحضارة العربية

نشرتالمجلة العصريةالإنكليزية مقالا بقلم (ريشا رد كوك) عن مهمة العراق في خدمة الحضارة العربية جاء فيه مايلي:

يستطيع العراق، بعد أن نال الربة في إدارة نفسه بنفسه وزال عنه الخوف من مداخلة الأجانب في شؤونه الداخلية، أن ينتهز هذه الفرصة النادرة ويصبح المركز الحقيقي للحياة والحضارة العربية. وقد كانت مصر هي القائمة بهذه الهمهمة التاسع عشر ولكن من المحتمل أن عهدها هذا قد أنقضى. فإن العراق أقرب إلى الدم العربي وهو متصل رأساً

ص: 65

بجزيرة العرب عدا أنه بعيد عن النفوذ الأجنبي يتمتع بحرية واستقلال أوسع. أما مصر، فأنها أبت أو أرادت، مرغمة على أن تكون بحكم وضعها الجغرافي (ملحقاً) لأوروبا. وقد كان العراق قبلاً مهداً للحضارة ولا تزال بذور حضارتها القديمة مدفونة في أرضه. والثقافة العربية والعلوم أنما ازدهرت في العراق وظلت نامية هناك مدة خمسة قرون. ولا تزال ذكرى تلك العصور حية وتدل جميع الظواهر على إمكان ازدهار حضارة العرب في العراق من جديد تحت تأثير الآراء والمبادئ الحديثة وفي ظل الحرية السياسية.

صدى الأدب العربي في الصحافة الفرنسية

خصصت صحيفةالأخبار الأدبيةالتي تصدر بباريز صفحة خاصةبالأدب المصرية - كما تقول - تحتوي على مقالات للأساتذة إدغار جلاد وجورج دوما ني وأحمد راسم وأنطون الجميل تكلموا فيها عن وفاة أمير الشعر أحمد شوقي وعن تأسيس المجمع العلمي العربي وغير ذلك من المباحث فما جاء فيها عن أمير الشعراء إنه أحب مصر وأحبه الشعب حتى صار شعره دليلاً على الروح القومية، وإن وطنيته لمتكن ضيقة مفعمة بالأنانية بل كانت واسعة تشمل كل البلاد العربية فهو قد أحب مصر كما أحب العراق وأحب سوريا كما أحب لبنان وفلسطين والحجاز. ومنها أمير الشعراء لم يتغزل غزلاً حسباً شهوانياً بل تغنى بالعائلة ومحبة إلا ولا فكان من هذه الجهة شبيهاً بفكتور هوغو ومما جاء في هذا الصدد أيضاً أته من الصعب تعيين المذهب الفلسفي الذي أتبعه شوقي لأن فكره لم يجر على خط مستقيم بل كان كثير التبدل على أنه كان يرغب في الحياة ويريد اقتناص اللذات على شريطة أن يحافظ على شبابه ويتمتع به ويريد أن يتدرع بالسلاح الضروري للجهاد لأن الحياة جهاد دائم. ومما جاء في هذه الصفحة الأدبية كلمة مقتضبة عن تأسيس المجمع العلمي في مصر وتاريخ هذه الفكرة وصداها في العالم العربي قال الكاتب عن تاريخ هذه الفكرة أن أصلها يرجع إلى أسواق العرب في الجاهلية وأن قصور الخلفاء كانت شبيهة بمجامع علمية. وأن فكرة إحداث مجامع علمية ليست حديثة وإن مصر لم تسبق غيرها من الممالك العربية إلى تأسيس مجمع لغوي فقد تأسس قبلاً في دمشق وبيروت وبغداد مجامع علمية مختلفة ولكنها إذا استثنينا منها، على دعوى الكاتب، مجمع دمشق - لم تنتج شيئاً حتى الآن. والمجمع العلمي الذي تريد مصر إن توسسه على ضفاف النيل مختلف بوسائله

ص: 66

وسعه نطاقه عن المجامع العلمية السابقة وهذا ما يدعو إلى الأمل في توحيد ألإصلاحات العلمية وتطور اللغة الغربية والقضاء على المستولية الآن عليه. وقد ذكر الكاتب نبذة من قرار تأسيس المجمع العلمي المصري وزين مقاله بصورة وزير معارف مصر حلمي عيسى باشا، كل ذلك مما يدل على أن إدارة (الأخبار الأدبية) لم تقدم على تخصيص هذه الصفحة الأدبية بمصر وقبل أن يوجد مجمعها العلمي بالفعل إلا لأسباب سياسية - لا نقول مالية - ولكن يسرنا على كل حال أن يكون للأدب العربي صداه في بلاد الغرب.

السلامة بالعلم

نشرت صحيفة الأخبار الأدبية مقالا للكاتب المفكر (جوليان بندا) عن تأثير العلم في حال المعضلة الكبرى قال فيه، رداً على الأستاذ (لا نجفن) أنه ليس بوسع العلم أن يخلصنا مما وصلنا إليه من الانحطاط الأخلاقي والبؤس المادي. وفي الحق أن المسيو (لا نجفن) قال في أحدى مقالاته السابقة أن العلماء قادرون على إيجاد حل للأزمة الحاضرة، ثم قال في أحد جلسات جمعية الاتحاد في سبيل الحقيقة التي تضم كثيرين من أساطين العلم كجان برن وأميل بورل ولئون برونشويك إن الإنسان استطاع بواسطة العلم أن يتوصل إلى الرفاه والسعادة المادية وليس في طبيعة العلم ما يمنع الإنسان من إيجاد حل نهائي للأزمة الحاضرة ويمكن الوصول إلى ذاك بقليل من الحكمة والتعقل. على أن المسيو (جوليان بندا) يرى عكس ذلك ويقول ليس من شأن العلم أن يولد في نفوس الناس هذه الحكمة وذاك التعقل الذي يتكلم عنهما الموسيو (لا نجفن). وقد قال الأستاذ (إميل بورل) إن شقاء الناس ينشأ في الغالب عن حسدهم ورغبتهم في أن يكون لهم ما لغيرهم لا عن حاجة مادية حقيقية. فقد يكون الإنسان غنياً وقد يكون صحيح الجسم ولكنه مع ذلك شقي النفس لأنه لا يقنع بما عنده فيريد أن يكون أغنى الناس وأقواهم فعلة شقاء الإنسان معنوية لا مادية والمعضلة الاجتماعية الكبرى ناشئه عن أسباب نفسية ولا يمكن إصلاح حال المجتمع إلا إذا غير الناس ما بنفوسهم. ولا يغير الناس ما بنفوسهم إلا بواسطة التربية والتهذيب لا بواسطة العلم المجرد عن كل غاية علمية. على أن الموسيو (جوليان بندا) لا ينكر شأن العالم في التربية والتهذيب، لأنه يستطيع أن يهدي المربي ويهيئ له أحسن الطرق التي يجب أتباعها في إصلاح النفوس ولا يمكن إصلاح الواقع إلا بمعرفته إلا أن وظيفة العام

ص: 67

تنتهي حيث تبتدئ وظيفة المربي فالعالم يخبر والمربي يدبر وينظم ويهذب ومن المؤسف أن يعرض العالم عن الاهتمام بالمسائل العلمية لأنه وحده يستطيع أن يدل المربي على المناهج الصالحة التي يجب عليه أتباعها في سبيل تأمين سعادة البشر إلا أن الروح العلمية لا علاقة لها بهذا الاهتمام العلمي وإذا اهتم العالم ببعض المسائل العلمية فذلك لجمعه روح الإصلاح الاجتماعي إلى الروح العلمية وهذه الروح العلمية ليست متولدة كما يظن البعض من محبة الناس بل من حب الاطلاع، لآن حب الناس شيء وحب الحقيقة شيء آخر.

معرض كبير في لوندره

من حوادث شهر تموز المهمة في لوندره افتتاح معرض كبير للكتب أسمه أي بريطانيا في الكتب وهو يحتوي على ثلاثة أنواع من الكتب1 - كتب المصادر والإسناد 2 - كتب المباحث العامة وخصوصاً التي تبحث في حياة الطبيعة 3 - كتب الأدب الكبرى. أضف إلى ذلك طائفة من الألواح الأدبية التي تشبه الألواح الجغرافية من حيث تعيينها محل ولادة كل كاتب ومحل طبع الآثار الأدبية وانتشارها وقد كان لهذه الألواح الجغرافية الأدبية نجاح عظيم في المعرض.

أعمق بقعة في البحر

إن أعمق بقعة في البحر أمكن العثور عليها وقياسها حتى اليوم تقع بالقرب من (بورتوربقو) إحدى جزائر الآنتيل الكبرى بين أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية ويبلغ هذا المكان (13500) متراً وكان أعمق مكان نعرفه قبل الآن في الحر المحيط الكبير لا يزيد عن (10800) متراً وذلك بالقرب من جزائر الفيلبين تم قياسه في سنة 1927 من قبل السفينة الألمانية الحربية (أمدن) ومثل هذه الحفر العميقة في البحر قد نشأت عن حوادث بركانية ولذلك فأنها توجد دائماً بالقرب من الشواطئ الجبلية.

القهوة

نشر الدكتور (بول كولوليان) في مجلة الحوليات مقالاً عن القهوة والتبغ ذكر في المضار التي تنشأ عن استعمال هذين المنبهين.

فمما جاء في هذا المقال عن القهوة أن أوروبا وحدها تستهلك أكثر من ثلاثمائة مليون كيلو غرام من قهوة في السنة. وإن كل مائة غرام من القهوة تحتوي على ثلاثة غرامات ونصف

ص: 68

من الكافئين. أن الفنجان الواحد من القهوة القوية يحتوي على 30سنتيغرام من الكافئين. أما الكمية المعتدلة فهي أن يحتوي فنجان القهوة على 12 سنتيغرام من الكافئين أو على 16 غرام من القهوة. إن هذا المقدار الأخير معتدل وهو منبه للقلب والأعصاب معاً. ولكنه إذا تجاوز هذا الحد صار مضراً جداً فإذا شرب الإنسان مثلاً ثلاثة فناجين تحتوي على 36 سنتيغرام من الكافئين أحدثت هذه الكمية فيه دوخة وإذا شرب أربعة فناجين ازدادت ضربات قلبه وأصيب بهزات جسدية، وفوق هذه الكمية تولد القهوة فيه (التتانوس) والتبريد. فالمقدار المعتدل من القهوة قليل الضرر لأنه منبه ملائم فيعدل الدورة الدموية ويحرك الفاعلية الذهنية فيبعث ألذة والراحة. قال (ميشيل لفي) إن الأذهان البطيئة الجامدة تجد في القهوة واسطة لتسهيل أعمالها. القهوة لا تخلق الفكر في الدماغ الأبله ولكنها تحرك ملكات الإنسان الذكي، فتوسع خيال الشاعر، وتحيى ذاكرة الأستاذ وتجعل القلم سيال المعاني والشفاه متدفقة الألفاظ على أن هذا المنبه المعتدل ينقلب بالتكرار إلى عادة واحتياج فيصعب على الإنسان إذ ذاك أن يباشر أعماله اليومية مادية كانت أو معنوية دون قليل من القهوة.، وإذا أصبح شرب القهوة حاجة طبيعية انقلبت فائدتها إلى مضرة، وأصبحت سماً قاتلا يفسد الأعصاب ويشوش ملكات العقل. قال الأستاذ (شارل ريشة) الإفراط من القهوة تفريط في ملكات العقل. فالقهوة توقظ الفاعلية وتقوي الإرادة وتدفع المرء إلى العمل ولكنها تمنعه من العمل العقلي الهادئ فلا يستطيع أن يقرأ ولا أن يكتب بصورة طبيعية. فهي تقوي الإرادة وتدفع الانتباه والذاكرة إلى العمل الشديد الدائم. إلا أنها تخدر في النهاية فعل العقل، لأن الذي يرغب في الكثير يقع في القليل. وكلما زاد تهيج الإرادة خفت قوتها وتناهى فعلها، فكأن القهوة تحدث في الجسد والنفس ما يحدثه الكحول من التخدير. وإذا استمر الإنسان على التسمم بالقهوة أصيب ببعض الأمراض النفسية والجسدية منها تهيج ملكاته النفسية بصورة مشوشة، فيزداد الاضطراب وتكثر الحركات وتهتز الأعضاء ويتكرر الخفقان ويصبح التنفس صعباً ويتولد القلق وتضعف الذاكرة ويظلم الخيال ويصاب الجسد بالنحول والتعب. فالقهوة غذاء جيد إذا مزجت بشيء من الحليب ولكنها تصبح سماً قاتلاً إذا تجاوزت حد (الفناجين) في النهار.

أين بدأ عمران الأرض

ص: 69

كيف وأين بدأت الحضارة فأخذ الإنسان يحرث الأرض ويزرعها ويستثمر خيراتها، إن الحفريات الأثرية التي أجريت حتى أيامنا هذه تدل على أن مهد العمران كان في العراق أو في محلات قريبة من العراق. ويقدر العلماء حسب الحفريات التي في العراق ومصر أن الإنسان قد بدأ يستثمر الأرض بالزراعة قبل عشرة آلاف سنة تقريباً. فإن تاريخ مصر يرجع إلى ستة آلاف سنة قبل الميلاد. وقد كان المصريون في ذلك الوقت يحرثون الأرض الأرض ويزرعونها ويظهر أن العراق قد تقدمت مصر في الحضارة. فإن مدينة (أور) التي تم حفر آثارها في المدة الأخيرة كانت قائمة قبل الميلاد بأربعة آلاف سنة. ولا يمكن لمدينة كبيرة مثل هذه أن تعيش دون أراضٍ واسعة حولها للزراعة تقوم بحاجاتها وكذلك لا بد من وجود قوانين مرعية لتأمين التجارة وللمحافظة على الأرواح والأموال. ومن الاكتشافات الهامة التي وصل إليها التاريخي إنه كانت هناك علاقات تجارية بين المدن العراقية القديمة والمدن الهندية في حوضة نهر (السند). وكانت منتوجات الهند تنقل الغرب كما ظهر من الحفريات في بلاد الحيثيين بالأناضول. مثل هذه الحياة المدنية لا يمكن أن تكون إلا نتيجة تطور طويل مضى عليه آلاف السنين. ويقدر العلماء لذلك مبدأ عمران الأرض والزراعة قيل عشرة آلاف سنة من تاريخنا الحاضر. وقد انتقلت الزراعة بعد ذلك من آسيا إلى أوروبا وتدل الظواهر على أن هذا لم يحدث إلا متأخراً قبل ثلاثة آلاف سنة من الميلاد.

التقلبات الجوية

هناك عقيدة عامة بأن ليس لتقلباتالطقسقاعدة ثابتة وإن أحوال الجو لا تعرف شيئاً من النظام والاطراد في تبدلها. ولكن التدقيق المستمر والبحث العلمي يثبتان أن تبدلات الحالة الجوية أيضاً لها قوانين مقررة. فإن ثبات الجو وتقلباته تسير حسب نظام خاص ولو أنه كثير التركيب والتعقيد. وهكذا نرى علم أحوال الجو قد تخلى عن العقيدة التي تجعل الجو تابعاً لمجرد الصدف وأخذ رجال هذا العلم يسعون الآن لتقرير قوانين وقواعد لجميع المظاهر الجوية. ولاشك في أن هذا العمل يحتاج إلى جهود علمية وفنية كبيرة. وقد وضع العلماء في المدة الأخيرة بعض نظريات ومبادئ عامة لمعرفة تقلبات الطقس منها نظريةتنفس الفضاءالتي تقول أن القارات إذا بردت تنكمش الطبقات الجوية العالية فوقها ويهجم عليها الهواء من البحار. في هذه الأثناء يبقى الجو ثابتاً على حالة واحدة لا تتغير

ص: 70

مدة أسابيع ولما تبلغ كمية الهواء المقياس إلا على تضطر الطبقات الهوائية القريبة من الأرض للانتقال إلى المحلات الحارة وبذلك ينقلب الطقس فجأة وتبتدئ دورة جديدة تدوم أياماً كثيرة. وتنفس الفضاءهذا يتكرر في جميع الفصول. . وحقيقة أخرى تلعب دوراً هاماً في معرفة تبدلات الجو هي تأثير النظام الشمسي والأجرام السماوية الأخرى في أحوال أرضنا. فقد ثبت أن تقلبات الطقس عندنا تكون سريعة ومتنوعة في أدوار ازدياد حركة الشمس أي عندما تكون الشمس مستورة بالشوائب التي تعتريها من حين إلى آخر. أما في أدوار هدوء الشمس فإن تطورات الجو تكسب صبغة الاستمرار والاطراد. وهذا دليل واضح على تأثير أحوال الشمس في تطور الجو. وفي الحقيقة أن أرضنا تابعة في جميع أحوالنا إلى نظام الكون العام وهي ليست سوى حلقة صغيرة في ساعة العالم. .

هل يمكن رؤية الدماغ بأشعة رونتجن

اكتشف الطبيبان الرومانيان المقيمان في بخار ست راد فيس ومللر واسطة جديدة لمشاهدة الدماغ بواسطة أشعة رونتجن. ومن العلوم أن أشعة رونتجن لم تستعمل أولاً إلا لرؤية الهيكل العظمى ثم إنها استعملت في السنوات العشرين الأخيرة لمشاهدة الأحشاء الداخلية كالمعدة والأمعاء والزائدة الدودية والمثانة وغير ذلك، وصار تصوير هذه الأعضاء الداخلية ضرورياً لمعرفة حقيقة أمراضها. أما الدماغ والنخاع الشوكي فقد استعصت رؤيتهما على أشعة رونتجن حتى هذه السنوات الأخيرة. نعم إن داندي الأمريكي اكتشف منذ خمس عشرة سنة طريقة لمشاهدة الدماغ - لا مجال لذكرها الآن - ولكن هذه الطريقة التي يستعملها الجراحون لا تخلو من الخطر. والطريقة الجديدة التي اكتشفها رادو فيس ومللر ربما كانت أفضل من الطريقة السابقة وقد قدما للمجمع الطبي الفرنسي رسالتهما في سنة 1932ونشرا اكتشافهما في كثير من المجلات الطبية الفرنسية والألمانية وهي عبارة عن حقن الجهة القذالية من القحف بمادة (التوريوم) بحيث تبقى معلقة في السائل الذي يفصل الدماغ عن الجدار العظمى المحيط به. وقد استعملت هذه الطريقة في مشاهدة دماغ الأرانب والقطط والكلاب والقردة واستحصل المجربون بواسطتها على صور واضحة تظهر فيها حدود التلافيف الدماغية بخطوط سوداء. أما الحيوان الذي طبقت عليه هذه الطريقة فلا يصاب بسوء ويبقى حسن الحال ثم تزول هذه المادة التي أدخلت إلى السائل الدماغي شيئاً

ص: 71

فشيئاً. ثم إن الأطباء أخذوا يطبقون هذه الطريقة على الإنسان أيضاً ولكن الغشاء الذي يفضل دماغ الإنسان عن السائل المحيط به ليس ذا مقاومة كافية ولذلك وجد الأطباء اليوم إنه من الضروري تعديل قوة مادة (التوريوم) التي يحقنون بها رأس المريض وإذا تم للأطباء ذلك فإن العلماء سيتمكنون من رؤية جميع أحوال الدماغ والخلل الذي يطرأ عليه في أحوال المرض وهذا سيدعو إلى تقدم معرفتنا بأسباب الأمراض العقلية.

بين الحياة والموت

هل يوجد بين الحياة والموت حدود فاصلة وهل هنالك واسطة حقيقة للتفريق بين الحياة والموت. كثيراً ما يخطئ الأطباء في حال المريض فيقررون أنه مات في حين أنه لا يزال حياً. وكثيراً ما يكفن المريض ويوارى في التراب ثم يفيق من غيبته وهو في القبر. هذه الحوادث حملت كثيرين من الأطباء على البحث في الحدود التي تفصل الحياة عن الموت وقد كان الأطباء يستعملون في السنوات الأخيرة طريقة تدعى طريقة إيكارد وهي عبارة عن حقن (الفلورئسين) إلا أن هذه الطريقة لم تنجح تماماً لأنها لم تمنع الأطباء من الوقوع في الغلط حتى قال بلين نحن رجال العلم لا نزال ألعوبة في يد الآلهة فلا ندري كيف نفرق بين الحياة والموت، ولا كيف نقول أن هذا المرض لا يزال حيا وأن ذاك قد مات

الطب الأفرنسي في العالم

نشر الموسيوش أشار في مجلة العالمين الأفرنسية مقالاً ذكر فيه تأثير الطب الأفرنسي وانتشاره في البلاد الأجنبية. وقد بين علاقة انتشار الطب الأفرنسي بانتشار اللغة الفرنسية وقال أن أكثر أطباء العالم يتكلمون الفرنسية إلا في بلاد اليابان لأن أكثر أطباء اليابان وأساتذة المدرسة الطبية في طوكيو وتلامذتها يعرفون اللغة الألمانية ويدرسون على أساتذه ألمانيين وقد بحث الكاتب عن انتشار الطب في الشرق الأدنى فقال: إن تأثير ثقافتنا في الشرق الأدنى آخذ بالتناقص مع أن اللغة الفرنسية هي اللغة الوحيدة التي كان الشرقيون يطلعون بها على بضاعة الغرب. أن تركيا الحديثة تبتعد عن ثقافتنا وتريد أن تكون تركية محضة وبالرغم من أن مصر تحترم الطب الأفرنسي فأن النزعة السائدة فيها هي التخلص من كل تأثير أوروبي. إن لغتنا الأفرنسية منتشرة على ضفاف النيل، وأنه لما يثلج الصدر أن يسمع السائح الفرنسي وهو عائد من الشرق الأقصى اللغة الفرنسية في بورت سعيد

ص: 72

والأسكندريه القاهرة فيخيل إليه أنه في بلاد، لأن أسماء الطرق والإعلانات كلها مكتوبة بالغتين العربية والفرنسية. أنا عالم أن المصريين لا يحبون لغتنا إلا لأنهم يبغضون الدولة الحامية. ولكن فرنسا على كل حال تشغل في مصر المركز الأول من حيث التأثير المعنوي.

ثم ذكر الكاتب ضرورة إسعاف المؤسسات الطبية الموجودة في مصر وقال إن في الإسكندرية مستشفى لموسوليني يضاهي أعظم مستشفيات أوربا بتنظيمه وأنه لا يوجد بين المؤسسات الأفرنسية والمصرية ما يعادله. ثم بحث الكاتب في حالة الطب الأفرنسي في طهران وأصفهان من بلاد فارس وانتقل إلى الكلام عن سوريا ولبنان فقال: الطب الأفرنسي يدرس في لبنان في كلية يديرها الجزويت في بيروت. وهي تمنح تلاميذها شهادة الدكتوراه وكثيرون من خريجيها يمارسون الطب وفقاً لمبادئ التعليم الفرنسي. إلا أن لهذه الكلية مزاحماً قوياً في كلية الطب الأميركية لأن هذه الكلية أحسن مورداً وأقوى مادة رغم أنها لم تحصل بعد على المنزلة التي حصلت عليها كلية الجزويت. وقد أسست فرنسا في دمشق جامعة عربية لأنها تريد أن تعيد لهذه المدينة شهريها القديمة يوم كانت مركزاً عظيماً للثقافية في الإسلام. ولكن يظهر أن سكان دمشق لا يريدون الاعتراف لنا بهذا الجميل. عندما زرت دمشق كانت كلية الحقوق متوقدة حنقاً علينا أما كلية الطب التي يدرس فيها أربعة أطباء فرنسيين فقد كانت أقرب متناولا وأحسن استعداد وهذا ما يدعو إلى شكر تلاميذها وأساتذتها. وقد ذكر لي أحدهم أن طائفة من التلاميذ جاؤوا يوم الثورة أثناء تدمير المدينة إلى بيت أحد أساتذتهم الأفرنسيين وقالوا لزوجته أنه لا خطر على زوجها وأنهم يحمونه من كل أذى اعترافا بفضله وعلمه. مما لا شك فيه أن تأسيس جامعة عربية تلقى فيها الدروس وتؤلف الكتب باللغة العربية دليل واضح على ما في الروح الفرنسية من حب الحرية. وسيكون لتأسيس هذه الجامعة العربية تأثير بعيد.

ص: 73