المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رثاء الأستاذ الشيخ محمد المبارك الحسني الجزائري - مجلة الحقائق - جـ ٢٢

[عبد القادر الإسكندراني]

الفصل: ‌رثاء الأستاذ الشيخ محمد المبارك الحسني الجزائري

‌رثاء الأستاذ الشيخ محمد المبارك الحسني الجزائري

فقيد دمشق

بقلم الشاعر البليغ الفاضل صاحب الإمضاء

أأرثي مقام الذكر في الشرق والغرب

أمَ الوعظِ والإرشادِ في مشهد القرب

أأرثي التقى والفضل والعلم والهدى

أم الزهد والإخلاص والصدق في القلب

أجل إنني أرثي الفضائل فيك بل

أعزي بك الإسلام بل سائر الشعب

محمدُ قبل اليوم كنت مباركاً

علينا ولكن ما لنا اليوم في كرب

فيا طول حزن العلم إذ غاب بدره

ويا حسرة الإخوان والأهل والصحب

أعزي بمنعاك المعارف والعلا

وأبكي على حزن المدارس والكتب

وما سائر الأرزاء إلا كذرة

إزاء مصاب العلم في مهجة الصب

أحيي ضريحاً ضم أكرم جثة

ثراها تراب الخلد من عالم الغيب

سقى الله من غيث المراحم روضة

سرى واختفى أرخ بها الكوكب الغربي

سنة 1330

8 79 1243

دمشق

عبد الرحمن القصار

وقال أيضاً مودعاً أمام القبر

يعز علينا أن نراك مودعاً

من القوم أو أنا نراك مودعا

لئن قنع الإخوان بالحزن حسرة

فيا ليت هذا القبر لي كان مصرعا

ولكنني أقضي الحياة تحسراً

عليك إلى أن أجتبي منك موضعا

وجاءنا من الأديب الفاضل صاحب الإمضاء ما يأتي

كلمة في رثاء الأستاذ الكبير الشيخ محمد أفندي المبارك الحسني الجزائري رحمه الله وأكرم مثواه

دعوا الشرق يبكي دائم الحسرات

ويملأ عين الكون بالعبرات

على السيد الميمون مدره قومه

على الواحد المبرور ذي البركات

ص: 61

على المرشد الأواب أوحد عصره

أمام المعالي طاهر النفثات

على العالم النحرير ذي الفضل والتقي

على الطاهر المحمود ذي الحسنات

حليف الهدى والبر مبعث رأفة

مثابة أخلاق ورب عظات

مفيض درايات مقسم حكمة

على أنفس الله منقطعات

* * *

عليك سلام الله يا شخص من قضى

وخلفنا بالويل والعثرات

نعاك لنا الناعي فطارت نفوسنا

شعاعاً وبتنا في لظى جمرات

بكينا بعين مضها الحزن والأسى

وقلب أسيف زائد الجزعات

فهب بنا الناعي إلى منزل به

أقام رجال الفضل في لهفات

تراهم من الأشجان ما بين خاشع

وباك وملتاع وذي زفرات

يسيلون دمع الوجد يبرزه الشجى

وتدفعه الأحشاء مضطرمات

* * *

فلاحت لي الأملاك من نحو حجرة

تطوف ولكن في اجل صفات

وشعشع فيها النور كالشمس في الضحى

يروح ويغدو باهر اللمعات

دنوت لأرنو من شقوق جدارها

وأنظر فيها آخر النظرات

فشمت بها شمس الزمان وبدره - أخا البر والأخلاق والصدقات

على لوحة التغسيل ملقى كأنه

نبي كريم وافر النفحات

يفوح أريج المسك منه كأنما

يغسل من طيب بماء حياة

* * *

وكنت أرى الأقوام عم ضجيجها

وطاشت بها الآلام مشتجرات

تقول ألا بالله رفقاً بحالنا

فأنا لهذا النعي في نكبات

دعونا نرى الأستاذ آخر رؤية

لنحي كما يرضى بغير شتات

فقام له شبل خطيب مفوه

وقال ودمع العين في قطرات

أناشدكم بالله أن ترفقوا بنا

ولا تضجروا فالوقت وقت ثبات

فساد على الناس السكون كأنهم

يناجون رب البيت في الخلوات

ص: 62

* * *

لما انتهى تغسيله حنطوه في

حنان وأعظام وفي شفقات

وقد زملوه بالفضائل والتقى

وبالعلم والإخلاص والصلوات

وماطوا على الوجه المنير نقابه

فبان لنا شمساً ولا ظلمات

فلا قوة بالإجلال والقلب شيق

وحيوه باللمسات والقبلات

ينادون هذا النعش نعش محمد

سراج الدياجي هادم الشبهات

عياذ ذوي خوف ملاذ أرامل

غياث ذوي عدم جزيل هبات

* * *

مشى نعشه والناس كالطير حوله

يوالون للأنفاس مستعرات

يطوفون حول النعش خالوه كعبة

كأنهمو يمشون في عرفات

إلى أن توارى وهو كالبدر قد هوى

من الملأ الأعلا إلى الفلوات

ضرعنا جميعاً نستغيث بربنا

ونطلب منه وافر الرحمات

تصوب على هذا الضريح الذي حوى

ملاذ ذوي عدم إمام هداة

عليه سلام الله مازلت منشداً

دعو الشرق يبكي دائم الحسرات

دمشق

محمد سليم الحنفي

ص: 63