المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب المراسلة ننشر في هذا الباب ما يرد إلينا من أفاضل - مجلة الحقائق - جـ ٢٢

[عبد القادر الإسكندراني]

الفصل: ‌ ‌باب المراسلة ننشر في هذا الباب ما يرد إلينا من أفاضل

‌باب المراسلة

ننشر في هذا الباب ما يرد إلينا من أفاضل العلماء والكتاب من الأبحاث العلمية والأدبية مما يتفق مع مبدأ المجلة تاركين العهدة فيه على أصحابه وربما انتقدناه بعد نشره كما أنا نقبل الانتقاد عليه لغيرنا.

الحجاب الشرعي

سأل بعض علماء بيروت حضرة الأستاذ العالم العلامة مفتي الديار البيروتية عن الحجاب الشرعي في الإسلام وصفته بسؤال هذا نصه:

السؤال. ما هو الحجاب الشرعي وصفته أفتونا مأجورين.

الجواب. الحمد لله وحده

الحجاب الشرعي ستر الوجه والبدن كله وملازمة المرأة خدرها إلا لضرورة توجب الخروج وصفة هذا الحجاب أن تغطي الرأس والوجه بجزء من الجلباب مع إرخاء الباقي على بقية البدن قال الله تعالى يا آيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن وقال تعالى يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية قال البيضاوي (يدنين عليهن من جلابيهن) يغطين وجوههن وأبدانهن بملاحفهن إذا برزن لحاجة. ومن للتبعيض فإن المرأة ترخي بعض جلبابها على وجهها وتلتحف ببعض وقال الخازن قال ابن عباس أمر نساءَ المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجهوهن بالجلاليب ليعلم أنهن حرائر والجلباب مل ما تستر به المرأة من ملاءة وكساء وغيره والخطاب في قوله تعالى وقرن في بيوتكن لأمهات المؤمنين ونساء الأمة تابعات لهن فيه. وقال الألوسي في تفسيره روح المعاني والمراد أمرهن رضي الله عنهن بملازمة البيوت وهو أمر مطلوب من سائر النساء والتبرج هو إظهار الزينة وإبراز المحاسن للرجال والتبختر في المشي والمعنى ولا تبرجن تبرجاً مثل تبرج النساء في الجاهلية وهن نساء المشركين قبل الإسلام أي إذا خرجتن من بيوتكن لا تمشين مشية هؤلاء المبتذلات ولا تفعلن فعلهن والحاصل أن حقيقة الحجاب الشرعي أن تلتحف المرأة برداء يسترها من رأسها إلى قدميها بدون أن يصف شيئاً من أعضائها وأما الحجاب المستعمل الآن فمنهُ ما

ص: 5

هو موافق للشرع الشريف ومنه ما هو مخالف له فالموافق هو التستر بالجلابيب الواسعة ولم لم يشبه الحجاب الذي كان في صدر الإسلام من كل وجه لأن مقصد الشارع ستر الوجه والجسم لدرء المفاسد لا تعيين رداء مخصوص أو هيئة معلومة. وأجدرها بالاعتبار الجلالبيب السود لأن فيها تشبهاً بنساء الأنصار الكرام فقد أخرج عبد الرزاق وجماعة عن أم سلمة رضي الله عنها قالت لما نزلت هذه الآية يدنين عليهن من جلابيبهن خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود. والمخالف للشرع ما كان منها ضيقاً يصف الجسم ويمثل حجم الأعضاء وكذا المناديل الرقيقة التي توضع على الوجه ومنها الفيشة القصيرة التي لا تستر العنق ولا تغطي جميع الوجه وكل ذلك من التبرج الذي عظمت مفسدتُه وتحققت مضرته ولذا نهى الله عنه حتى نهى المرأة أن تضرب الأرض برجلها ليعلم الرجال ما تخفي من زينتها فقال جل جلاله ليعلم ما يخفين من زينتهن وكانت المرأة في الجاهلية تفعل ذلك إذا مشت ليسمع صوت خلخالها أو يتبين للرجال الأجانب.

ومثل ذلك ما لو تحركت بحركة لتظهر لهم الأساور التي بيدها كما يقع في هذا الزمان من ربات البلورينات الضيقة أو لبست بلوريناً قصير الأكمام لتبدي يديها أي ذراعيها فإنه داخل تحت هذا النهي أيضاً وهو لا يليق بالحرة العاقلة العفيفة. وبالجملة فإن المرأة لا يجوز لها أن تظهر ما خفي من زينتها كالسوار في المعصم والقرط في الأذن والقلادة في العنق والصدر ولا يجوز النظر إلى هذه المواضع ونحوها إلا للمحارم لقوله تعالى ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن الآية وقد قال العلامة الألوسي ثم أعلم أن عندي مما يلحق بالزينة المنهي عن إبدائها ما يلبسه أكثر مترفات النساء في زماننا فوق ثيابهن ويتسترن بهِ إذا خرجن من بيوتهن وهو غطاء أي كساء منسوج من حرير ذي عدة ألوان وفيه من النقوش الذهبية والفضية ما يبهر العقول. وأرى أن تمكين أزواجهن لهن من الخروج بذلك ومشيهن بين الأجانب من قلة الغيرة وقد عمت البلوى بذلك. وفي كتاب الزواجر لابن حجر قال الذهبي ومن الأفعال التي تلعن المرأة عليها إظهار زينته كذهب أو لؤلؤ من تحت نقابها وتطيبها بطيب كمسك أو عطر إذا خرجت وكذا لبسها عند خروجها كل ما يؤدي إلى التبرج الذي يمقت الله تعالى عليه فاعله في الدنيا والآخرة. أهـ ولقد أحسن

ص: 6

مولانا شيخ الإسلام زاد الله في إحسانه بنشر بلاغِه الكريم الذي حض بهِ النساء على رعاية الحجاب وعلمهن آداب الدين ومكارم الأخلاق فعليهن أن يحفظن وصاياه الشريفة ويحافظن على ما يرضي الله تعالى ليفزن بسعادة الدارين وعلى أزواجهن وأوليائهن أن يعظوهن ويعتنوا بنصحهن ولا يوافقوهن على ما نهى الله عنهُ لأنهم مسؤولون عنهن بحكم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته وأهل المرء من جملة رعيتهِ فهو مسؤول عنهم لأن الله تعالى أمره أن يحرص على وقايتهم من النار بقولهِ تعالى قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وهو سبحانه الموافق فنسألهُ التوفيق والهداية إلى طريق الصواب في ظل الدولة العلية أيدها اللهُ بنصره آمين.

مصطفى نجا

مفتي بيروت

ص: 7