الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدروس الدينية في شهر رمضان
أصدر ديوان عموم الأوقاف المصرية المنشور الآتي ووزعه على حضرات المدرسين بالمساجد قال فيه:
غير خاف على حضراتكم أن ما بين المغرب والعشاء الذي هو الوقت المقرر لإلقاء الدروس الدينية لا يتيسر الاستمرار عليه في شهر رمضان ولذلك رأينا استبداله بما بعد صلاة العصر من كل يوم إلى قبيل الغروب وأملنا ملاحظة التنبيهات الآتية:
أولاً: أن يبتدئ في الدرس عقب صلاة العصر على الفور قبل تفرق المصلين من المسجد.
ثانياً: بذل الجهد في إيقاف الناس على الحكم الشرعية المقصودة من تشريع العبادات كالصلاة والصوم والزكاة والحج وتفهيمهم أن لي الغرض من الصلاة هو مجرد الحركات التي تصدر من المصلي ولا من الصوم مجرد إجاعة الصائم طول اليوم ولا من الزكاة مجرد إنفاق المال ولا من الحج مجرد السفر في الأودية والقفار بل إن هذه العبادات لها أسرار يقصدها الشارع الحكيم كلها ترجع لصلاح الإنسان في حالتي الانفراد والاجتماع ولسعادته في الدارين دار الدنيا ودار الآخرة وهي لا تؤدي إلى هذا الغرض المطلوب إلا إذا كان عمل الجوارح فيها مقترناً بشعور القلب بها وكان هذا الشعور هو السبب في انبعاث الجوارح لأدائها وهكذا يتوسع في هذا البيان بقر ما تقبله عقول الناس وبقدر ما تدعو إليه الحاجة في وقوفهم على هذه المعاني وإدراكهم لها.
ثالثاً: التعرض لبيان ما يكثر وقوعه من أحوال الصوم وأحكامه وما يفطر به الصائم وما لا يفطر وما ورد في السنة مما يتعلق بأدب الصوم والإفطار ولا بأس من ذكر شيء من أخبار الصالحين الصحيحة في آداب صومهم وإفطارهم مع شرح الحكم المعقولة التي تترتب على هذه الآداب.
رابعاً الإفاضة في أن أعظم فائدة للصوم هي ذل النفس وانكسارها وخشوعها لله بتركها ما فطرت على تشهيه والتمتع به وكان فيه قوامها وحياتها امتثالاً لأمر الله وخشية من عقابه فإن ذلك مدعاة لشعورها بعظمة الله تعالى وجلاله كلما أحست بألم الجوع وشعرت بأنها ممنوعة من الأكل الذي يدفعه عنها هذا الألم امتثالاً لأمر الله وإذا شعرت النفوس بعظمة الله شعوراً صحيحاً هان عليها ترك جميع شهواتها التي تمقتها مرضاة له جل شأنه ويترتب على ذلك من مكارم الأخلاق مثل العفة والصبر والشجاعة والأمانة والحياء والرحمة
بالمساكين والضعفاء ونحو ذلك وطهارة النفس وصحة البدن ما ينال به الإنسان سعادة الدارين وإن هذا الغرض المقصود للشارع من هذه الفريضة (الصوم) يزول بمطاوعة النفس والهوى في أي شيء من المحظورات كالقتل والسرقة والزنا والسكر وجميع ما فيه إضرار الناس كالنصب والاحتيال وشهادة الزور ونحو ذلك فلا يليق للصائم في هذا الشهر أن يرتكب أي شيء مما ذكر وإلا كان صومه مردوداً عليه ويكون قد عجل لنفسه العذاب في الدنيا بألم الجوع وأمامه في الآخرة العذاب الشديد.
خامساً يلاحظ بقدر الإمكان أن لا يكون التدريس في كتاب بل يا حبذا لو أمكن للمدرس أن يحضر الموضوعات من كتب الأخلاق والفقه والتفسير والحديث والسيروان أو في الكتب لشرح ما نرمي إليه من هذه المواضيع كتاب إحياء العلوم للإمام الغزالي وعوارف المعارف للإمام السهروردي ونحوهما ويلخصهما تلخيصاً حسناً ثم يلقيهما على الناس بعبارة مألوفة تقبلها عقولهم.
وأما من لا يمكنهم التدريس إلا بالقراءة في الكتاب فيجب عليهم (أولاً) اختيار الكتب الموثوق بصحتها الخالية من الاصطلاحات الفنية. (ثانياً) تفسير كل مسألة يقرؤونها ببيان شافٍ وعبارات تناسب فهم العامة.
ولما كان هذا الشهر المبارك شهر تقشف وقناعة وحلمٍ وتواضع ورحمة ولين يستدعي جهاداً عظيماً بإخلاص تام من الوعاظ والمرشدين فعساكم تعملون لذلك في هذا الشهر بما ينفع الناس في دينهم ودنياهم خصوصاً وإن كثيراً من الناس ينكب على العبادات ويتوجه بقلبه إلى الله تعالى في هذا الشهر ويتولد عنده بسبب ذلك وبسبب الصوم إحساس قوي في الدين يجعله مستعداً للتأثر بالمواعظ الدينية والتمسك بما يتعظ به فلو أنكم تتعهدونهم بالموعظة الحسنة والحكم الدينية النافعة وتتدرجون بهم في ترقية هذا الأساس الديني حتى يبلغ درجة كماله لكان في ذلك الخير العظيم والفوز العميم.
(الحقائق) نسأل الله تعالى أن يوفق علماءنا وأهل الحل والعقد منا إلى العناية بتعليم العامة، وإرشادهم لمعالم دينهم المبين، وشرعهم المستبين.