المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سلسلة حكم الخلفاء - مجلة الحقائق - جـ ٣٤

[عبد القادر الإسكندراني]

الفصل: ‌سلسلة حكم الخلفاء

‌سلسلة حكم الخلفاء

حكم عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه

قال أبو منصور الثعالبي في كتابه الإعجاز والإيجاز لم أسمع أحسن وأوجز من قول عمر بن عبد العزيز أن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما وكتب إلى عامل حمص يقول أنها تحتاج إلى حصن فقال: حصنها بالعدل والسلام.

وأوصى رضي الله عنه يزيد بن عبد الملك ولي عهده عند احتضاره بكتاب قائلاً أما بعد فاتق الله يا يزيد الصرعة بعد الغفلة، حين لا تقال العثرة، ولا تقدر على الرجعة، إنك تترك ما تترك لمن لا يحمدك، وتصير إلى من لا يعذرك والسلام. ووقع في كتاب أرسله لبعض عماله يستأذنه في مرمة مدينته ابنها بالعدل ونق طرفها من الظلم وفي مثل ذلك. حصنها ونفسك بالتقوى. وغلى صاحب العرق لما أخره عن سوء طاعة أهلها. ارض لهم ما ترضى لنفسك وخذ بجرائمهم بعد ذلك. ووقع في قصة متظلم العدل أمامك وفي رقعة محبوس تب تطلق وفي رقعة متنصح لو ذكرت الموت شغلك عن نصيحتك. وفي رقعة رجل شكى أهل بيته أنتما في الحق سيان. وفي رقعة ارمأة حبس زوجها. . العدل حبسه وفي رقعة رجل تظلم من ابنه إن لم أنصفك منها فأنا ظلمتك. وقال رضي الله عنه ما كذبت منذ علمت أن الكذب يضر بأهله وقال كن من الموت على حذر.

يزيد بن عبد الملك

ما الطمع فيما لا يرجى وما الخوف مما لا بد منه وكان يقول لو دام الملك لم يصل إليك ولا تترك حسن رأي فإنما تفسده عثرة. ووقع في قصة متظلم شكى آل بيته ما كان عليك لو صفحت عنه واستوصلتني وكتب إليه عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس يستأذنه في غلام يهديه إليه فكتب إليه يزيد إن كنت فاعلاً فليكن جميلاً ظريفاً لبيباً كاتباً فقيها حلواً عاقلاً أميناً سرياً يقول فيحسن ويحضر فيزين ويغيب فيؤمن فكتب إليه قد التمست صفة أمير المؤمنين فلم أجدها إلا في القاسم بن محمد وقد أبى أهله.

هشام بن عبد الملك رحمه الله

إنا لا نتخذ جلسائنا خولاً ليس لك أن تغلظ لأمامك. وقال له بعض آل مروان أتطمع في الخلافة وأنت جبان بخيل فقال كيف لا أطمع وأنا حليم عفيف وكتب إلى مسلمة بن عبد

ص: 29

الملك: طهر عسكرك من أهل الفساد فإن الله لا يصلح عمل المفسدين. ووقع في قصة مظلوم: أتاك الغوث إن كنت صادقاً وحل بك النكال إن كنت كاذباً فتقدم أو تأخر. ووقع لعامله في العراق في أمر الخوارج: ضع سيفك في كلاب النار وتقرب إلى الله بقتل الكفار وقال احذر ليالي البيات. إن النعمة إذا طالت بالعبد ممتدة أبطرته فأساء حمل الكراتمة واستقل العافية ونسب ما في يديه إلى حيلته وحسبه وبيته ورهطه وعشيرته فإذا نزلت به الغير وانكشطت عنه عماية الغي ذل منقاداً وندم حسيراً وتمكن منه عدوه قادراً عليه قاهراً له.

الوليد بن عبد الملك

لله فينا علم غبب نحن صائرون له وقال لهشام يوم توفي مسلمة بن عبد الملك يا أمير المؤمنين إن عقبى من بقي لحوق من مضى وقد أقعر بعد مسلمة الصيد لمت رمى واختل الثغر فدهي وعلى أثر من سلف يمضي من خلف فتزودوا فإن خير الزاد التقوى وقال يا بني أمية إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء ويزيد الشهوة ويهدم المروءة وينوب عن الخمر ويفعل فعل السكر فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساء فإن الغناء رقية الزنا أقول ذلك فيه على أنه أحب إلي من كل لذة وأشهى إلي من الماء إلى ذي غلة ولكن الحق أحق أن يقال. وكان يقول يعجبني نشاط على غب ومن كلامه لا تؤخر لذة اليوم إلى غد فإنه غير مأمون.

يزيد بن الوليد بن عبد الملك رحمهم الله

خطب لما قتل الوليد بن يزيد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيه الناس والله ما خرجت أشراً ولا بطراً ولا حرصاً على الدنيا ولا رغبة في الملك وما بي إطراء نفس وإني لظلوم لها إن لم يرحمني ربي ولكن خرجت غضباً لله تعالى ولدينه وداعياً إلى الله تعالى وإلى سنة نبيه لما هدمت معالم الهدى وأطفي نور أهل التقى وظهر الجبار العنيد المستحل لكل حرمة الراكب لكل بدعة مع أنه والله ما كان يؤمن بيوم الحساب وإنه لابن عمي في النسب وكفي في الحسب فلما رأيت ذلك استخرت الله تعالى في أمره وسألته أن لا يكلني إلى نفسي ودعوت إلى ذلك من أجابني من أهل ولايتي حتى أراح الله منه العباد وطهرت منه البلاد بحول الله وقوته وإن لكم علي أن لا أضع حجراًُ على حجر ولا لبنة على لبنة ولا أكنز مالاً ولا أعطيه زوجة ولا ولداً ولا أنقل مالاً من بلد إلى بلد حتى أسد فقره وخصاصة أهله

ص: 30

بما يغنيهم فإن فضل نقلته إلى البلد الذي يليه مما هو أحوج إليه منه ولا أغلق بابي دونكم فيأكل قويكم ضعيفكم ولا أحمل على أهل حرفتكم ما أجليتهم به عن بلادكم فأقطع به نسلهم ولكن عندي أعطياتكم في كل سنة وأرزاقكم في كل شهر حتى تستدر المعيشة بين المسلمين فيكون أقصاهم كأدناهم فإن أنا وفيت لكم فعليكم السمع والطاعة وحسن المؤازرة والمكافأة وإن لم أف لكم فعليكم أن تخلعوني إلا أن استتبتموني فإن تبت قبلتم مني وإن عرفتم أحد يقوم مقامي ممن يعرف بالصلاح يعطيكم من نفسه مثل ما أعطيتكم وأردتم أن تبايعوه فأنا أول من بايعه ودخل في طاعته أيها الناي أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم. وكان يقول أخاف على نفسي عين الكمال وعودة الشرفة وآفة السؤدد. ووقع إلى صاحب خراسان نجم أمر أنت عنه نائم وما أراك منه أو مني بسالم.

(لها بقية)

دمشق

إبراهيم خليل مردم بك

ص: 31