المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌التاريخ تابع ترجمة أبي بكر رضي الله عنه خير موضوع يخوض فيه - مجلة الحقائق - جـ ٦

[عبد القادر الإسكندراني]

الفصل: ‌ ‌التاريخ تابع ترجمة أبي بكر رضي الله عنه خير موضوع يخوض فيه

‌التاريخ

تابع ترجمة أبي بكر رضي الله عنه

خير موضوع يخوض فيه الكتاب في هذا العصر هو ما يذكر المسلمين بعزهم السابق، ومجدهم السامق، ويبعث في نفوسهم الرجاء والأمل بأن المستقل الزاهر لهم إذا نهضوا من رقادهم واقتدوا بأسلافهم، وتسربلوا حلل الأخلاق الإسلامية، وتمسكوا بالشريعة المحمدية، فلا غر وإذا أرسلنا عنان القلم في بحث حروب أبي بكر وفتوحاته ليكون ذكرى للمسلمين يعملون بها أن سلفهم قد افتتحوا هذه الأقطار بالعدل والحزم. والتضامن والتناصح. لا بالتخاذل والتدابر كما هو جار بين المسلمين الآن مما تذرف له العيون وتضيق به الصدور.

نرى أن الشارع قد أمرهم بالاتحاد والائتلاف فما بالهم يتفرقون؟

نرى أن الشارع قد أمرهم بأعداد القوى ما استطاعوا فما بالهم لا يعدون؟

نرى أن الشارع قد أمرهم بالصدق في العزيمة فما بالهم يترددون؟ نرى أن الشارع قد أمرهم بالإقدام والعمل فما بالهم يحجمون؟ إن القلب لينفطر حين يعدد هذه الأدواء التي ألمت بالمسلمين ويتلمس لها الدواء فلا يكاد يجده بلى أن دوائهم الناجع هو النظر في سيرة أسلافهم وماكانوا عليه وكيف جابوا أطراف المعمور داعين على الحرية والعدل والدين الحق وكيف تسنى لهم أن يدوخوا أقوى دول الأرض في زمن يسير ثم يسيروا سيرهم ويحسنوا الاقتداء بهم وبذلك تعلو مكانتهم بين الأمم ويرتقون إلى أوج من الحضارة لا ينال وفي الجملة فإن في نشر سيرة عظماء المسلمين بين طبقات الأمة سواء في ذلك حروبهم وأخلاقهم ومآثرهم وأعمالهم ما يدفع بهم على الاقتداء وذلك مفيد ونافع في إيقاظ شعور الأمة.

وها نحن نذكر ما قام به أبو بكر رضي الله عنه من الحروب والفتوحات قياماً بواجب لتذكير وإيفاء بحق الترجمة لأن أولى ما يترجم به الرجل أعماله.

إنفاذ جيش أسامة

أول ما قام به أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إنفاذ جيش أسامة الذي جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء

ص: 51

الداروم من أرض فلسطين واختلف الصحابة في إنفاذه كما قدمنا صحيفة (64) فسيره في اليوم الثالث من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فشن الغارة على ذي المروة والوادي وانتهى إلى ما أمره به النبي صلى الله عليه وسلم فسلم وغنم وكان فراغه في أربعين يوماً سوى مقامه ومنقلبه راجعاً وكان إنفاذ هذا الجيش من أعظم الأمور نفعاً للمسلمين فإن العرب قالوا لو لم يكن بهم قوة لما أرسلوا هذا الجيش فكفوا عن كثي مما كانوا يريدون أن يفعلوه.

لما توفي رسول الله صلى الله علي وسلم وسير أبو بكر رضي الله عنه جيش أسامة تضرمت الأرض ناراً وارتدت قبائل العرب عامة أو خاصة إلا قريشاً وثقيفاً وكان العرب في ذك على قسمين فمنهم التارك للدين بالمرة وهم بنو طئ وأسد ومن تبعهم من غطفان الذين اتبعوا طليحة بن خويلد الأسدي وبنو حنيفة الذين اتبعوا مسيلمة وأهل اليمن الذين اتبعوا الاسود العنسي وكثير غيرهم ومنهم المعطل للزكاة وهم بعض بني تميم الذين يرأسهم مالك ابن نويرة وبنو هوازن وغيرهم وقدمت كتب أمراء النبي صلى الله علي وسلم من كل مكان بانتقاض العرب عامة أو خاصة وتسلطهم على المسلمين وظهر النفاق واشرأبت يهود والنصرانية وبقي المسلمون كالغنم في الليلة المطيرة لفقد نبيهم وقلة عددهم وكثرة عدوهم. قال ابن مسعود رضي الله عنه لقد قمنا بعد رسول الله صلى الله علي وسلم مقاماً كدنا نهلك فيه لولا أن من الله علينا بأبي بكر أجمعنا على أن لا نقاتل على ابنة مخاض وابنة لبون وأن أكل قرى عربية ونعبد الله حتى يأتينا اليقين.

فعزم الله لأبي بكر على قتالهم فو الله مارضي منهم إلا بالخطة المخزية أو الحرب المجلية فأما الخطة المخزية فإن يقروا بأن من قتل منهم في النار ومن قتل منا في الجنة وأن يدو واقتلانا ونغنم ما أخذنا منهم وأن ما أخذوا منا مردود علينا وأما الحرب المجلية فإن يخرجوا من ديارهم.

هكذا تسعد الأمم وتشقى بقادتها وزعمائها فأنت ترى أن كثيراً من الصحابة ارتأوا عدم محاربة من أبى دفع الزكاة من أهل الردة وما ذلك الاجتهاد منهم وضن بدم المسلمين عن أن يهراق بطلب فرض مالي منعته العرب مع إقرارهم بالشهاة وقد استدلوا بقوله صلى الله علي وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله غلا الله فمن قالها عصم مني ماله ودمه

ص: 52

إلا بحقها وحسابهم على الله ولكن أباب بكر رضي الله عنه كان أحسن رأياً وأبعد نظراً في العواقب وأعلم بأمور الدين فرد عليهم بقوله إن الزكاة حق المال وقد قال إلا بحقها ولمح من خلال تلك الفتنة الدماء التي تضطرب بالعرب أن الإسلام لا تقوم له قائمة إذا لم تقمع ويضرب على مثيريها بيد من حديد فاستعد لقتالهم وانتظر بمصادمتهم قدوم أسامة.

أخبار الردة

عبس وذبيان

أقام أبو بكر رضي الله عنه ينتظر جيش أسامة فعاجلته عبس وذبيان وانضم لهم بعض بني أسد وكلهم من تباع طليحة وافترقوا فرقتين فرقة أقامت بالإبريق وسارت فرقة إلى ذي القصة وأمدهم طليحة باخيه حبال فكان عليهم وأرسلوا وفداً إلى أبي بكر يبذلون الصلاة ويمنعون الزكاة فقال أبو بكر والله لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه وردهم خائبين فرجعوا إلى عشائرهم وأخبروهم بقلة أهل المدنية وأطعموهم فيها وجعل أبو بكر بعد مسير الوفد على أنقاب المدينة عليا والزبير وطلحة وابن مسعود وألزم أهل المدينة بحضور المسجد وقال لهم أن الأرض كافرة وقد رأى وفدهم منكم قلة وأنكم لا تدرون أليلا تؤتون أم نهاراً وأدناهم منكم على بريد وقد كان القوم يألمون أن نقبل عليهم ونوادعهم وقد أبينا عليهم ونبذنا غليهم عهدهم فاستعدوا وأعدوا فما لبثوا ألا ثلاثاً حتى طرقوا المدينة غارة مع الليل وخلفوا بعضهم بذي حسي ليكونوا لهم رد فوافوا ليلاً الأنقاب وعليها المقاتلة فمنعوهم وأرسلوا على أبي بكر بالخبر فأرسل لهم من ألزموا أماكنكم ففعلوا وخرج في أهل المسد على النواضح ودوا العدو واتبعوهم حتى بلغوا ذا حسي فخرج عليهم أردء بأنحاء قد نفخوها كل نحمي في طوله فنفرت إبل المسلمين وما تنفر من شيء نفارها من الأنحاء وباحت بهم ما يملكونها حتى دخلت بهم المدينة فلم يصرع مسلم وطن الكفار بالمسلمين الوهن وبعثوا على أهل ذي القصة بالخبر فقدموا عليهم وبات ابو بكر يعبي الناس وخرج ليلاً فما طلع الفجر إلا وهم العدو على صعيد واحد فما شعرواو بالمسلمين حتى وضعوا فيهم السيوف فما ذو قرن الشمس حتى ولوهم الأذبار وغلبوهم على عامة ظهرهم وقتل حبال وكان أول الفتح وأتبعهم أبو بكر حتى نزل بذي القصة ووضع بها النعمان بن مقرن في عدد ورجع إلى المدينة فذل بها المشركون ووثب بنو ذبيان وعبس على من فيهم من

ص: 53

المسلمين فقتلوهم كل قتلة وفعل من وراءهم فعلهم وعز المسلمون من يهم من المسلمين فقتلوهم كل قتلة وفعل من وراءهم فعلهم وعز المسلمون وقعة أبي بكر وحلف أبو بكر ليقتلن في المشركين كل قتلة وليقتلن في كل قبيلة من قتلوا بالمسلمين وزيادة وطرقت المدينة صدقات نفر كانوا على صدقة الناس وذلك لتمام ستين يوماً من مخرج أسامة وقدم أسامة بعد ذلك بأيام فاستخلفه أبو بكر على المدينة وجنده ليستريحوا ويريحوا ثم خرج فيمن كان معه فناشده المسلمون ليقيم فأبى وقال لا أواسينكم حتى يرق فقاتل من به من المشركين فهزمهم وغلب على بني ذبيان وبلادهم وحماها لذواب المسلمين ثم عاد إلى المدينة فلما استراح أسامة وجنده وكان قد جاءهم صدقات كثيرة تفضل عليهم بادر أبو بكر إلى تسيير الجيوش إلى أهل الردة.

(يتبع)

ص: 54