الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التماثيل السياسية
في البلاد العثمانية
فتوى فضيلة المفتي
تمثال مدحت باشا في البصرة
في مصر جرائد إفرنجية راقية تكتب فصولاً لا أجدها في غيرها من صحف مصر، ومن هذه الجرائد الجورنال دي كير وقد عثرت في عددها المؤرخ باليوم الرابع من هذا الشهر على مقالة في (التماثيل والإسلام) عنيت بدرسها، وعن لي بعد ذلك أن أتناول الموضوع نفسه.
هان على اختيار الموضوع ولكنني ما بدأت بمعالجته حتى شعرت بصعوبته فكتبت إلى فضيلة الأستاذ الشيخ مصطفى نجا مفتي بيروت الفاضل كتاباً جملته سيدي الأستاذ:
عرض لي مبحث في (التماثيل والإسلام) فتهيبت وعورة مسكله وفكرت فيمن اتجه إليه فقادني التفكير إلى مقامكم السامي وعلمكم الجم نفعنا الله به إلا يجوز إقامة التماثيل في البلاد الإسلامية؟
وإذا حرم ذلك على إطلاقه فهل يشمل التحريم الأنصاب السياسية.
ثم كيف تجيز الحكومة إقامة التماثيل للموتى في المقابر وهل لا يجوز اعتبار هذه كتلك ثم كيف أقيمت تماثيل محمد علي باشا وإبراهيم باشا وسليمان باشا الفرنسوي في مصر وكيف أجازها مقام الأفتاء السامي بمصر.
هذه هي الأسئلة التي استميج فضيلتكم إجابتي عليها شاكراً مقدماً احتراماتي
(التوقيع)
وقد وردني من فضيلته الجواب التالي:
حضرة. . . رئيس تحرير النصير هذا جواب على سؤالكم المؤرخ في 12 تشرين الثاني سنة 1910 حررناه ونحن نثنى على آدابكم وندعو لكم بمزيد التوفيق حرر في 15 ذي القعدة سنة 1328 الموافق 7 ت2 سنة 1910.
(الختم)
الحمد لله تعالى
لا يجوز وضع التماثيل والأنصاب في البلاد الإسلامية لأنها عبدت من دون الله ولذلك هدمها الإسلام ولم يجوز إعادتها بعد ذلك لأحد سداً للذريعة ومنعاً للتشبه بالوثنيين واتخاذها حرام بالإجماع للنهي عنه وكذلك تعظيمها لأنه يفتح باب عبادة الأصنام وينوه أمر الوثنية وهذا التحريم بإطلاقه شامل للسياسة وغيرها ولذا منع ناظر الداخلية من وضع تمثال مدحت باشا في مدينة البصرة وأجاب بأنه مخالف للشرع الشريف كما نقلته الجرائد من عهد قريب.
والحكومة التي تجيب بهذا الجواب لا تجيز إقامة التماثيل للموتى في المقابر وهي لا توجد في مقابر المسلمين وأما نصب تلك التماثيل لمحمد علي باشا وغيره فلم يكن عن فتوى صادرة عن مقام الإفتاء في مصر لما علم من أن الشرع الشريف يمنع ذلك وقد أفتى العلامة العباسي مفتي الديار رحمه الله بوجوب إزالة الصنم الموضوع بالأزبكية وكسر رؤوس الصور الموجود في فتحتي كبرى قصر النيل حين سئل عنها كما في فتاويه والله تعالى أعلم حرر في 15 ذي القعدة سنة 1328.
الفقير إليه سبحانه
مفتي بيروت مصطفى نجا
(مكان الختم)
إن الكثير من جاهلي الحقيقية الظاهرة في كتاب فضيلة المفتي ينسبون منع إقامة الأنصاب السياسية إلى تعصب أو غرض على ان البلاد العثمانية وهي بلاد أكثر رعاياها يدينون بالإسلام لمن الضروري أن تراعى فيها المور الدينية الواجب مراعاتها ومما يروى أن أحد علماء الألمان أراد نشر كتاب يبين فيه (على زعمه) أن فلسفة المسيح منقولة عن شارع قبله فكتب إليه الإمبراطور غليوم كتابه المشهور قائلاً له: حافظ على إحساسات الملايين من الناس الذين يعتقدون ما تريد نقضه ونحن نقول أنه إذا لم يكن في إبطال التماثيل السياسية غير مراعاة عواطف الملايين من العثمانيين المسلمين لكان ذلك موجباً لإبطالها والسلام.
(النصير البيروتي)(سعيد)