المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مسألة التلغراف اطلعت على مقالة في المقتبس عدد 500 للعالم الفاضل - مجلة الحقائق - جـ ٧

[عبد القادر الإسكندراني]

الفصل: ‌ ‌مسألة التلغراف اطلعت على مقالة في المقتبس عدد 500 للعالم الفاضل

‌مسألة التلغراف

اطلعت على مقالة في المقتبس عدد 500 للعالم الفاضل جمال الدين القاسمي فيما يتعلق بالتلغراف من ثبوت الأحكام الشرعية وقد ذكر أنه كان من الباحثين في هذه المسألة من سنين وأنه الآن رأى في الاتحاد العثماني مقالة تحت عنوان (كيف أعلن العيد وجواز العمل بالتلغراف) مضمونها صحة العمل به في ثبوت الهلال وأن قاضي مصر قضى بذلك. بعد مذاكرته مع مفتيها استناداً على التلغراف الوارد في رؤية الهلال هناك وأكده بفتوى الشيخ عليش المالكي بذلك ونقل عن الشيخ عبد الباقي الأفغاني الحنفي والشيخ محمد الشطي الحنبلي أنها أفتيا بذلك وأن الأول وافق كبار علماء الشافعية بدمشق الذين كانوا يفتون بها واستدل عليه بابتناء السلطنة السنية عليه قائلاً بأنها أيدها الله تعالى وضعت التلغراف لتبليغ الأخبار من البلاد البعيدة والقريبة في مدة يسيرة وأقامت لأعماله أشخاصاً مسلمين وأنفقوا على ذلك إلى آخر ما ذكره.

فأقول وبالله تعالى التوفيق والهداية لأقوم طريق إن ما ذكره من الأدلة لا ينهض دليلاً لثبوت ذلك شرعاً فإن الشارع صلى الله عليه وسلم قال صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين.

واتفقت علماء المذاهب الأربعة على رد قول من قال أنه يثبت بقول أهل الحساب مع أنه أولى من التلغراف وأجدر منه بالاعتبار لما هو مشاهد من شيوع الغلط فيه على أن الشيخ عليش رحمه الله س ل عن حكم شرب الدخان فيما نقله عنه في الفتاوى الكمالية فأجاب بأن الدخان لا نص فيه للمتقدمين لعدم وجوده في زمانهم وإنما حدث بعد الألف من الهجرة ولذلك اختلف العلماء فيه الخ. . فأنت ترى أن الشيخ المذكور ناقض نفسه لأنه لم يفت بحكم الدخان لعدم وجوده في زمن المتقدمين وأفتى بالتلغراف وكلاهما لم يوجدا بزمن المتقدمين بل حدوث التلغراف بعد الدخان بأعوام عديدة وهذا منه عجيب وأما ما نقله عن رسالة الشيخ عبد الباقي الأفغاني ورسالة الشيخ محمد الشطي فهو نقل محرف لأنهما بعد تقديم مقدمات حقوقية يجري فيها قبول الكتابة المحفوظة كالمبرآات السلطانية والفرمانات الخاقانية ألحقا بذلك قبول التلغراف بالحقوق كالوكالة وما شابهها إلا أنهما أفتيا بأنه تثبت به أركان الدين ولولا خوف الإطالة لنقلت ما ذكراه بتينك الرسالتين فعليك أيها القارئ بمراجعتهما وحقاً إني لأعجب من هذا الفاضل كيف ينقل من عبارة صدرها الذي هو

ص: 22

مقصوده ويترك محل الشاهد الذي هو مقصود المؤلف منها وهذا ليس من شأن العلماء لأن العلم أمانة.

وأما نقله عن بعض الطلبة القائل ليس هذا أي ثبوت شهر رمضان بالتلغراف من مذهبنا أو ليس عندنا الخ ثم رده عليه بقوله أن هذا اشتباه لأن المذهب الذي ينسب إلى إمام نفياً أو إثباتاً هو ما قاله أو نص عليه إلى آخر ما رده فأجيب عنه بأن ما قاله هذا البعض هو الحق الصريح وخلافه باطل وغير صحيح وكون إثبات رمضان غير منصوص عليه من صاحب المذهب غير صحيح وأيضاً بل نصت علماء المذاهب على حصر ثبوت شهر رمضان بالرؤية أو بإتمام العدة وذلك نص صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم والحاصل أن من له أدنى إلمام بفروع الشرع وأصوله لا يقول بثبوت شهري رمضان وشوال بالتلغراف بل أكثر ما يقال فيه أنه يورث شبهة بالحقوق لا بالديانات ثم ليت شعلاري من هم علماء الشافعية في دمشق الذين أفتوا به ووافقهم الشيخ عبد الباقي الأفغاني ليتنا نطلع على أسماءهم وعلى ما ذكروه من الأدلة وأظن أنه ليس عندهم إلا الاستحسان العقي ومن المعلوم المقرر أن أسرار الشرع المطهر لا يستقل بها العقل أعفانا الله تعالى من هذه الترهات ودخلنا بواسع الرحمات بجاه صاحب المعجزات صلى الله عليه وسلم

دمشق

راغب السادات

ص: 23