المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(6) ما يحرم على أقارب الميت - أحكام الجنائز - جـ ١

[ناصر الدين الألباني]

الفصل: ‌(6) ما يحرم على أقارب الميت

(6) ما يحرم على أقارب الميت

22 -

لقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا كان ولا يوال بعض الناس يرتكبونها إذا مات لهم ميت، فيجب معرفتها لا جتنابها، فلا بد من بيانها:

أ - النياحة (1)، وفيها أحاديث كثيرة:

1 -

" أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن: الفخر في الاحساب، والطعن في الانساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة.

وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب ".

رواه مسلم (3/ 45) والبيهقي (4/ 63) من حديث أبي مالك الاشعري.

2 -

" اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنايحة على الميت ".

رواه مسلم (1/ 58 45) والبيهقي (4/ 63) وغيرهما من حديث هريرة.

3 -

" لما مات ابراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم صاح أسامة بن زيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هذا مني، وليس بصائح حق، القلب يحزن، والعين تدمع، ولا يغضب الرب " رواه ابن حبان (743) والحاكم (1/ 382) عن أبي هريرة بسند حسن.

(1) وهو أمر زائد على البكاء. قال ابن ابن العربي: " النوح ما كانت الحاهلية تفعل، كان النساء يقفن متقابلات يصحن، ويحثين التراب على روءسهن ويضربن وجوههن " نقله الابي على مسلم.

ص: 27

4 -

عن أم عطية قالت: " أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع البيعة ألا ننوح، فما وفت منا امرأة (تعني من المبايعات) إلا خمس، أم سليم، أم العلاء، وابنة أبي سبرة امرأة معاذ، أو ابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ ".

رواه البخاري (3/ 137) ومسلم (3/ 46) واللفظ له، والبيهقي (4/ 62) وغيرهم.

5 -

عن أنس بن مالك:

" أن عمر بن الخطاب لما طعن عولت عليه حفصة، فقال: يا حفصد أما حفصة أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المعول عليه يعذب؟! وعول عليه وفي أخرى: (في قبره) بما نيح عليه ".

أخرجه البخاري ومسلم والسياق له والبيهقي (4/ 72 - 73) وأحمد (رقم 268، 288، 290، 315، 334، 254، 386) من طرق عن عمر مطولا ومختصرا، وروى ابن حبان في " صحيحه "(741).

قصة حفصة فقط.

6 -

" إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه " وفي رواية: " الميت يعذب في قبره بما نيح عليه ".

أخرجه الشيخان وأحمد من حديث ابن عمر، والرواية الاخرى لمسلم وأحمد ورواه ابن حبان في صحيحه (742) من حديث عمران بن حصين نحو الرواية الأولى.

7 -

" من ينح عليه يعذب بما نيح عليه (يوم القيامة) "(1)

(1) في هذا الحديث بيان أن البكاء المذكور في الحديث الذي قبله، ليس المراد به مطلق البكاء، بل بكاء خاص وهو النياحة، وقد أشار إلى هذا حديث عرم المتقدم في الرواية الثانية وهو قوله: " ببعض بكاء

".

ثم إن ظاهر هذا الحديث واللذين قبله مشكل، لانه يتعارض مع بعض أصول الشريعة وقواعد ها المقررة في مثل قوله تعالى:" ولا تزر وازرد وزر أخرى "، وقد اختلف العلماء في الجواب عن ذلك على ثمانيد أقوال، وأقربها إلى الصواب قولان: =

ص: 28

أخرجه البخاري (3/ 126) ومسلم (3/ 45) والبيهقي (4/ 72) وأحمد (4/ 245، 252، 255).

8 -

عن النعمان بن بير قال: " أغمي على عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، فجعلت أخته عمرة تبكي: واجبلاه، واكذا، واكذا، تعدد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئا إلا قيل لي، كذلك!؟ فلما مات لم تبك عليه ".

أخرجه البخاري والبيهقي (4/ 64).

ب، ج - ضرب الخدود، وشق الجيوب لقوله صلى الله عليه وسلم:" ليس منا من تلطم الخدود، وشق الجيوب، ودعى بدعوى الجاهلية ".

رواه البخاري (3/ 127 - 128، 129) ومسلم (1/ 70) وابن الجارود (257) والبيهقي (4/ 63 - 64) وغيرهم من حديث ابن مسعود.

= الأول: ما ذهب إليه الجمهور، وهو أن الحديث محمول على من أوصى بالنوح عليه، أو لم يوص بتركه مع علمه بأن الناس يفعلونه عادة. ولهذا قال عبد الله بن المبارك:" إذا كان ينهاهم في حياته ففعلوا شيئا من ذلك بعد وفاته، لم يكن عليه شئ "(1). والعذاب عند هم بمعنى العقاب.

والاخر: أن معنى " أي يتألم بسماعه بكاء أهله ويرق لهم ويحزن، وذلك في البرزخ، وليس يوم القيامة. وإلى هذا ذهب محمد بن جرير الطبري وغيره، ونصره ابن تيمية وابن القيم وغيرهما. قالوا: " ليس المراد أن الله يعاقبه ببكاء الحي عليه، والعذاب أعم من العقاب كما في قوله:" السفر قطعة من العذاب "، وليس هذا عقابا على ذنب، وإنما هو تعذيب وتألم ". (2)

وقد يؤيد هذا قوله في الحديث (5و6): " في قبره ". وكنت أميل إلى هذا المذهب برهة من الزمن، ثم بدا لي أنه ضعيف لمخالفته للحديث السابع الذي قيد العذاب بأنه " يوم القيامة "، ومن الواضح أن هذا لا يمكن تأويله بما ذكروا، ولذلك فالراجح عندنا مذهب الجمهور، ولا منافاة عندهم بين هذا القيد والقيد الآخر في قوله " في قبره "، بل يضم أحدهما إلى الآخر، وينتج أنه يعذب في قبره، ويوم القيامة. وهذا بين إن شاء الله تعالى.

_________

(1)

عمدة القارئ (4/ 74).

(2)

انظر كلام ابن تيمية في " مجموعة الرسائل المنيرية "(2/ 209) وابن القيم في " التهذيب "(4/ 290 - 293).

ص: 29

د - حلق الشعر، لحديث أبي بردة بن أبي موسى قال:" وجع أبو موسى وجعا فغشي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله، فصاحت امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئا، فلما أفاق قال: إنا برئ ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة، (1) والحالقة، والشاقة ".

أخرجه البخاري (3/ 129) ومسلم (1/ 70) والنسائي (1/ 263) والبيهقي (4/ 64).

هـ - نشر الشعر، لحديث امرأة من المبايعات قالت:" كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه، وأن لانخمش وجها ولا ندعو ويلا، ولا نشق جيبا، وأن لا ننشر شعرا ".

أخرجه إبو داود (2/ 59) ومن طريقه البيهقي (4/ 64) بسند صحيح.

وإعفاء بعض الرجال لحاهم أياماً قليلةً حزناً على ميتهم، فإذا مضت عادوا إلى حلقها! فهذا الاعفاء في معنى نشر الشعر كما هو ظاهر، يضاف إلى ذلك أنه بدعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:" كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ".

رواه النسائي والبيهقي في " الاسماء والصفات " بسند صحيح عن جابر

ر - الاعلان عن موته على رؤوس المنائر ونحوها، لانه من النعي، وقد ثبت عن حذيفة بن اليمان أنه:" كان إذا مات له الميت قال: لا تؤذنوا به أحدا، إني أخاف أن يكون نعيا، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي ".

(1) هي التي ترفع صوتها عند الفجيعة بالموت

ص: 30

أخرجه الترمذي (2/ 129) وحسنه، وابن ماجه (1/ 450) وأحمد (5/ 406) والسياق له والبيهقي (4/ 74)، وأخرج المرفوع منه ابن أبي شيبة في " المصنف "(4/ 97) وإسناده حسن كما قال الحافظ في " الفتح ".

والنعي لغة: هو الاخبار بموت الميت، فهو على هذا يشمل كل إخبار، ولكن قد جاءت أحاديث صحيحة تدل على جواز نوع من الاخبار، وقيد العلماء بها مطلق النهي، وقالوا: إن المراد بالنعي الاعلان الذي يشبه ما كان عليه أهل الجاهلية من الصياح على أبواب البيوت والاسواق كما سيأتي، ولذلك قلت:

ص: 31