الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكاتب: القلقشندي
أمراء أعراب الشام في القرن الثامن
وما كان يكتب لهم من تقليد الإمارة من سلاطين مصر
جاء في (ص118) من الجزء الثاني عشر من كتاب (صبح الأعشى)
في بيان ما يكتب من الطبقة الأولى من أمراء عربان الشام ما نصه:
تقليد بإمرة آل فضل
وهذه نسخة تقليد بإمرة آل فضل [1] كتب به للأمير شجاع الدين فضل بن
عيسى عوضًا عن أخيه مهنا، عندما خرج أخوه المذكور مع (قراسنقر الأفرم) ومن
معهما من المنسحبين، وأقام (هو) بأطراف البلاد، ولم يفارق الخدمة، في شهور
سنة اثنتي عشرة وسبعمائة من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي ، وهو:
الحمد لله الذي منح آل فضل في أيامنا الزاهرة بحسن الطاعة فضلاً، وقدم
عليهم بتقديم الإخلاص في الولاء من أنفسهم شجاعًا، يجمع لهم على الخدمة ألفةً،
وينظم لهم على المخالصة شملاً، وحفظ عليهم من إعزاز مكان بيتهم لدينا مكانةً،
لا تنقض لها الأيام حكمًا، ولا تنقض لها الحوادث ظلاًّ.
نحمده على نعمه التي شملت ببرنا الحضر والبدو، وألهجت بشكرنا ألسنة
العجم في الشدو والعرب في الحدو، وأعملت في الجهاد بين يدينا من اليعملات ما
يباري بالنص، والعنق الصافنات في الخبب والعدو، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له، شهادة ندرأ بها الأمور العظام، ونقلد بيمنها ما أهم من مصالح الإسلام لمن
يجري بتدبيره على أحسن نظام، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث من أعلى
ذوائب العرب وأشرفها، المرجو الشفاعة العظمى يوم طول عرض الأمم وهول
موقفها، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين كرمت بالوفاء أنسابهم، وأضاءت
بتقوى الله وجوههم وأحسابهم، صلاةً لا تزال الألسن تقيم نداءها، والأقلام ترقم
رداءها، وسلم تسليمًا كثيرًا.
وبعد فإن أولى من أجنته الطاعة ثمرة إخلاصه، ورفعته المخالصة إلى أسنى
رتب تقريبه واختصاصه، وألف بمبادرته إلى الخدمة الشريفة قلوب القبائل
وجمع شملها، وقلده حسن الوفاء من أمر قومه، وإمرتهم ما يستشهد فيه بقول الله
تعالى: {وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} (الفتح: 26) من ارتقى إلى أسنى رتب دنياه
بحفظه دينه، ودل تمسكه بأيمانه على صحة إيمانه وقوة يقينه، ولاحظته عيون
السعادة فكان في حزب الله الغالب وهو حزبنا، وقابلته وجوه الإقبال فأرته أن المغبون
من فاته تقريبنا وقربنا، ورأى إحساننا إليه بعين لم يطرفها الجحود، ولم يطرقها
إعراض السعود، فسلك جادة الوفاء، وهي من أيمن الطرق طريقًا، واقتدى في
الطاعة والولاء بمن قال فيهم بمثل قوله: {وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً} (النساء: 69) .
ولما كان المجلس العالي
…
هو الذي حاز من سعادة الدنيا والآخرة بحسن
الطاعة ما حاز، وفاز من برنا وشكرنا بجميل المبادرة إلى الخدمة بما فاز، وعلم
مواقع إحساننا إليه، فعمل على استدامة وبلها واستزادة فضلها، والارتواء من
معروفها الذي باء بالحرمان (منه) من خرج عن ظلها، مع ما أضاف إلى ذلك من
شجاعة تبيت منها أعداء الدين على وجل، ومهابة تسري إلى قلوب من بعد من
أهل الكُفر سوى ما قرب من الأجل - اقتضت آراؤنا الشريفة أن نمد على أطراف
الممالك المحروسة منه سورًا مصفحًا بصفاحه، مشرفًا بأسنة رماحه.
فرسم بالأمر الشريف العالي لا زال يقلد وليه فضلاً، ويملأ ممالكه إحسانًا
وعدلاً، أن يفوض إليه كيت وكيت، لما تقدم من أسباب تقديمه، وأومئ إليه من
عنايتنا بهذا البيت الذي هو سر حديثه وقديمه، ولعلمنا بأولويته التي قطبها
الشجاعة وفلكها الطاعة ومادتها الديانة والتقى وجادتها الأمانة التي لا تستزلها
الأهواء ولا تستفزها الرقى.
وليكن لأخبار العدو مطالعًا، ولنجوى حركاتهم وسكناتهم على البعد سامعًا،
ولديارهم كل وقت مصبحًا، حتى يظنوه من كل ثنية عليهم طالعًا، وليُدم التأهب
حتى لا تفوته من العدو غارة ولا غِرة، ويلزم أصحابه بالتيقظ لإدامة الجهاد
الذي جرب الأعداء (منه) مواقع سيوفهم غير مرة، وقد خبرنا من شجاعته
وإقدامه وسياسته في نقض كل أمر وإبرامه، ما يغني عن الوصايا التي ملاكها
تقوى الله تعالى، وهي من سجاياه التي وصفت وخصائصه التي ألفت وعرفت،
فليجعلها مرآة ذكره وفاتحة فكره، والله تعالى يؤيده في سره وجهره بمنه وكرمه
إن شاء الله تعالى.
***
مرسوم بإمرة آل فضل
وهذه نسخة مرسوم شريف بإمرة آل فضل، كتب بها للأمير حسام الدين
(مهنا بن عيسى) من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي، وهي:
الحمد لله الذي أرهف حسام الدين في طاعتنا بيد من يمضي مضاربه بيديه،
وأعاد أمر القبائل وإمرتهم إلى ما لا يصلح أمر العرب إلا عليه، وحفظ رتبة آل
عيسى باستقرارها لمن لا يزال الوفاء والشجاعة والطاعة في سائر الأحوال
منسوبات إليه، وجعل حسن العقبى بعنايتنا لمن لم يتطرق العدو إلى أطراف البلاد
المحروسة إلا ورده الله تعالى بنصرنا وشجاعته على عقبيه.
نحمده على نعمه التي ما زالت مستحقةً لمن لم يزل المقدم في ضميرنا،
المعوَّل عليه في أمور الإسلام وأمورنا، المعين فيما تنطوي عليه أثناء سرائرنا،
ومطاوي صدورنا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً توجب على
قائلها حسن التمسك بأسبابها، وتقتضي للمخلص فيها بذل النفوس والنفائس في
المحافظة على مصالح أربابها، وتكون للمحافظ عليها ذخيرةً يوم تتقدم النفوس
بطاعتها وإيمانها وأنسابها، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث من أشرف ذوائب العرب أصلاً وفرعًا، المفروضة طاعته على سائر الأمم دينًا
وشرعًا، المخصوص بالأئمة الذين بثوا دعوته في الآفاق على سعتها، ولم يَضِيقوا
لجهاد أعداء الله وأعدائه ذرعًا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين حازوا
بصحبته الرتب الفاخرة، وحصلوا بطاعة الله وطاعته على سعادة الدنيا والآخرة،
وعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، فلم يزحزحهم عن ظلها الركون إلى الدنيا
الساحرة، صلاةً تقطع الفلوات ركائبها، وتسري بسالكي طرق النجاة نجائبها،
وتنتصر بإقامتها كتائب الإسلام ومواكبها، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد، فإن أولى من تلقته رتبته التي توهم إعراضها بأيمن وجه الرضا،
واستقبلته مكانته التي تخيل صدودها بأحسن مواقع القبول التي تضمنت الاعتداد من
الحسنات بكل ما سلف، والإغضاء من الهفوات عما مضى، وآلت إليه إمرته التي
خافت العطل منه، وهي به خالية، وعادت منزلته إلى ما ألِفته لدينا من مكانة
مكينة، وعرفته عندنا من رتبة عالية، مَن أمنت شمس سعادته في أيامنا من
الغروب والزوال، ووثقت أسباب نعمه بأن لا يروع مريرها في دولتنا بالانتقاص
ولا ظلالها بالانتقال، وأغنته سوابق طاعته المحفوظة لدينا عن توسط الوسائل،
واحتجت له مواقع خدمه التي لا تجحد مواقفها في نكاية الأعداء، ولا تنكر شهرتها
في القبائل، وكفل له حسن رأينا فيه بما حقق مطالبه وأحمد عواقبه وحفظ له
وعليه مكانته ومراتبه، فما توهم الأعداء أن برقه خبا حتى لمع، ولا ظنوا أن
ودقه أقلع حتى همى وهمع، ولا تخيلوا أن حسامه نبا حتى أرهفته عنايتنا،
فحيثما حل من أوصالهم قطع، وكيف يضاع مثله وهو من أركان الإسلام التي لا
تنزل الأهواء ولا ترتقي الأطماع متونها، ولا تستقر [2] الأعداء عند جهادها،
واجتهادها، في مصالح الإسلام حسبها ودينها.
ولما كان المجلس العالي
…
هو الذي لا يحول اعتقادنا في ولائه، ولا يزول
اعتمادنا على نفاذه في مصالحنا ومضائه، ولا يتغير وثوقنا به عما في خواطرنا
من كمال دينه وصحة يقينه، وأنه ما رفعت بين يدينا راية جهاد إلا تلقاها عرابة
عزمه بيمينه، فهو الولي الذي حسنت عليه آثار نعمنا، والصفي الذي نشأ في
خدمة أسلافنا، ونشأ بنوه في خدمتنا، والتقي الذي يأبى دينه إلا حفظ جانب الله في
الجهاد بين يدي عزيمتنا وأمام هممنا - اقتضت آراؤنا الشريفة أن نصرح له من
الإحسان بما هو في مكنون سرائرنا ومضمون ضمائرنا، ونعلن بأن رتبته عندنا
بمكان لا تتطاول إليه يد الحوادث، وتبين أن أعظم أسباب التقدم ما كان عليه من
عنايتنا وامتناننا أكرم بواعث.
فلذلك رسم أن يعاد إلى الإمرة على أمراء آل فضل ومشايخهم ومقدميهم،
وسائر عربانهم، ومن هو مضاف لهم ومنسوب إليهم على عادته وقاعدته.
فليجر في ذلك على عادته التي لا مزيد على كمالها، ولا محيد عن مبدئها في
مصالح الإسلام ومآلها، آخذًا للجهاد أهبته من جمع الكلمة واتحادها، واتخاذ القوة
وإعدادها، وتضافر الهمم التي ما زال الظفر من موادها والنصر من أمدادها، وإلزام
أمراء العربان بتكميل أصحابهم، وحفظ مراكزهم التي لا تسد أبوابها إلا بهم، والتيقظ
لمكايد عدوهم، والتنبه لكشف أحوالهم في أرواحهم وغدوهم، وحفظ الأطراف التي هم
سورها من أن تسورها مكايد العدا، وتخطف من يتطرق إلى الثغور من قبل أن يرفع
إلى أفقها طرفًا، أو يمد على البعد إلى جهتها المصونة يدًا، وليبث في الأعداء من
مكايد مهابته ما يمنعهم من القرار ويحسن لهم الفرار، ويحول بينهم وبين الكرى
لاشتراك اسم النوم وحد سيفه في مسمى الغرار.
وأما ما يتعلق بهذه الرتبة من وصايا قد ألفت من خلاله وعرفت من كماله،
فهو ابن بجدتها وفارس نجدتها وجهينة أخبارها وحلبة غايتها ومضمارها، فيفعل من
ذلك كله ما شكر من سيرته وحمد من إعلانه وسريرته، وقد جعلنا في ذلك وغيره من
مصالح إمرته أمره من أمرنا، فيعتمد فيه ما يرضي الله تعالى ورسوله، ويبلغ به من
جهاد الأعداء أمله وسوله، والله الموفق بمنه وكرمه والاعتماد.
***
مرسوم شريف بإمرة آل علي
ثم جاء في (ص124) مما يكتب إلى المرتبة الأولى من الطبقة الثانية ما
نصه:
وهذه نسخة مرسوم شريف بإمرة آل علي، كتب به للأمير عز الدين (جماز)
بعد وفاة والده محمد بن أبي بكر، من إنشاء المقر الشهابي ابن فضل الله، وهي:
الحمد لله الذي أنجح بنا كل وسيلة، وأحسن بنا الخلف عمن قضى في طاعتنا
الشريفة سبيله، ومضى وخلي ولده رسيله، وأمسك به دمعة السيوف في خدودها
الأسيلة، وأمضى به كل سيف لا يرد مضاء مضاربه بحيلة، وأرضى بتقليده كل
عنق وجمّل كل جميله.
نحمده على كل نعمة جزيلة وموهبة جميلة، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له شهادةً ترشد من اتخذ فيها نجوم الأسنة دليلة، وتجعل أعداء الله بعز
الدين ذليلة، وأن محمدًا عبده ورسوله الذي أكرم قبيله، وشرَّف به كل قبيلة،
وأظهر به العرب على العجم، وأخمد من نارهم كل فتيلة، صلى الله عليه وعلى
آله وصحبه صلاةً بكل خير كفيلة، وسلم تسليمًا كثيرًا.
وبعد، فإن دولتنا الشريفة لما خفق على المشرق والمغرب جناحها، وشمل
البدو والحضر سماحها، ودخل في طاعتها الشريفة كل راجل ومقيم في الأقطار
وكل ساكن خيمة وجدار، ترعى النعم بإبقائها في أهلها وإلقائها في محلها، مع ما تقدم
من رعاية توجب التقديم، وتودع بها الصنائع في بيت قديم، وتزين بها المواكب إذا
تعارضت جحافلها وتعارفت شعوبها وقبائلها، واستولت جيادها على الأمد وقد سبقت
أصائلها، وتداعت فرسانها وقد اشتبهت مناسبها ومناصبها ومناصلها، وكانت قبائل
العربان ممن تعمهم دعوتنا الشريفة وتضمهم طاعتنا التي هي لهم أكمل وظيفة، ولهم
النجدة في كل بادية وحضر وإقامة وسفر وشام وحجاز وإنجاد وإنجاز، ولم يزل (لآل
علي) فيهم أعلى مكانة، وما منهم إلا من توسد سيفه وافترش حصانه، وهم من
دمشق المحروسة رديف أسوارها وفريد سوارها، والنازلون من أرضها في أقرب
مكان، والنازحون ولهم إلى الدار بها أقطار [3] وأوطان، قد أحسنوا حول البلاد
الشامية مقامهم، واستغنوا عن المقارعة على الضيفان لما نصبوا بقارعة الطريق
خيامهم [4] وباهوا كل قبيلة بقوم كاثر النجومَ عديدُهم، وأوقدوا لهم في اليفاع نارًا إذا
همى القطر شبتها عبيدهم [5] ، هم من آل فضل حيث كان عليٌّها وحديثه في المسامع
حديثها.
فلما انتهت الإمرة إلى الأمير المرحوم شمس الدين محمد بن أبي بكر - رحمه
الله - جمعهم على دولتنا القاهرة، وأقام فيهم يبتغي بطاعتنا الشريفة رضا الله والدار
الآخرة، ثم أمده الله من ولده بمن ألقى إليه همه، وأمضى به عزمه ونفذ به حكمه
ونفَّل قسمه.
وكان الذي يتحمل دونه مشقات أمورهم، ويتلقى شكاوى آمرهم ومأمورهم،
ويرد إلى أبوابنا العالية مستمطرًا لهم سحائب نعمنا التي أخصب بها مرادهم،
وساروا في الآفاق ومن جدواها راحلتهم وزادهم، وتفرد بما جمعه من أبوته وإبائه،
وركز في كل أرض مناخ مطيه ومرسى خبائه، وضاهى في المهاجرة إلى أبوابنا
الشريفة النجوم في السماء، وحافظ على مراضينا الشريفة فما انفك من نار الحرب إلا
إلى نار القرى. وورد عليه مرسومنا الشريف فكان أسرع من السهم في مضائه، كم
له من مناقب لا يغطي عليها ذهب الأصيل تمويهًا! وكم تنقل من كور إلى سرج،
ومن سرج إلى كور، فتمنى الهلال أن يكون لها شبيهًا، كم أجمل من قومه سيره،
وكم جمل سريره، كم أثمر لها أملاً، كم أحسن عملاً، كم سد خللاً، كم جمع من
مهماتنا الشريفة كل من امتطى فرسًا وركب جملاً، كم صفوف به تقدمت وسيوف
أقدمت حمائم الحمام، وحتوف بها على الأعداء ترنمت.
وكان المجلس السامي الأميري الأجلي الكبيري المجاهدي المؤيدي العضدي
النصيري الأوحدي المقدمي الذخري الظهيري الأصلي، مجد الإسلام والمسلمين،
شرف الأمراء في العالمين، همام الدولة حسام الملة، ركن القبائل ذخر العشائر،
نصرة الأمراء والمجاهدين، عضد الدولة والسلاطين جماز بن محمد - أدام الله نعمته
- هو المراد بما تقدم، والأحق بأن يتقدم، والذي لو أن الصباح صوارم، والظلام
جحافل لتقدم، فلما مات والده رحمه الله نحا إلى أبوابنا العالية، ونور ولائه
يسعى بين يديه، ووقف بها، وصدقاتنا الشريفة ترفرف عليه، فرأينا أنه بقية قومه
الذين سلفوا، وخلف آبائه الذين عن زجر الخيل ما عزفوا، وكبيرهم الذي يعترف له
والدهم ووليدهم، وأميرهم الذي ترعى به عهودهم، وشجرتهم التي تلتف عليه من
أنسابهم فروعها، وفريدهم الذي تجتمع عليه من جحافلهم جموعها.
فرسم بالأمر الشريف أن تفوض إليه إمرة آل علي تامةً عامةً، كاملةً شاملةً،
يتصرف في أمورهم، وآمرهم ومأمورهم، قربًا وبعدًا، وغورًا ونجدًا، وظعنًا
وإقامةً، وعراقًا وتهامةً، وفي كل حقير وجليل، وفي كل صاحب رغاء وثغاء
وصرير وصليل، على أكمل عوائد أمراء كل قبيلة، وفي كل أمورهم الكثيرة
والقليلة.
ونحن نأمر بتقوى الله، فبها صلاح كل فريق، وإصلاح كل رفيق، ونجاح
كل سالك في طريق، والحكم فليكن بما يوافق الشرع الشريف، والحقوق فخلصها
على وجه الحق من القوي والضعيف، والرفق بمن وليته من هذا الجم الغفير
والجمع الكبير، وإلزام قومك بما يلزمهم من طاعتنا الشريفة التي هي من الفروض
اللازمة عليهم، والقيام في مهماتنا الشريفة التي تبرز بها مراسمنا المطاعة إليك
وإليهم، وحفظ أطراف البلاد، والذب عن الرعايا من كل طارق يطرقهم إلا بخير،
والمسارعة إلى ما يرسم لهم به ما دامت الأسفار في عصاها سير، والإفراج لعزتك
لا تسمح به إلا لمن له حقيقة وجود، وله في الخدمة أثر موجود، ومنعهم، فلا
يكون إلا إذا توجه منعهم، أو توانت عزائمهم وقل نفعهم، والمهابة، فانشرها
كسمعتك في الآفاق، ودع بوارق سيوفها تشام بالشام، وديمها تراق بالعراق،
وخيول التقادم، فارتد منها كل سابق وسابقة تهف منهما الرياح، ويحسدهما الطير
إذا طار بغير جناح، ولا تتخذ دوننا لك بطانةً ولا وليجةً، ولا تقطع عنا أخبارك
البهيجة، وليعرف قومه له حقه، ويوقره من التعظيم مستحقه فإنه أميرهم، وأمره من
أمرنا المطاع فمن نازع فقد خالف النص والإجماع، والله تعالى يوفقه ما استطاع،
بمنه وكرمه، والخط الشريف.
_________
(1)
يراجع ما نشرناه عن آل فضل في الجزء الذي قبل هذا.
(2)
لعله: (ولا تستقل) .
(3)
المنار: لفظ (أقطار) هنا لا معنى له، فهو محرف عن (أوطار) أخذًا من قول الشريف
الرضي:
لا يذكر الرمل إلا حن مغترب
…
له بذي الرمل أوطار وأوطان.
(4)
مأخوذ من قول الشاعر:
نصبوا بقارعة الطريق خيامهم
…
يتقارعون على قِرى الضيفان
وبعده:
ويكاد موقدهم يجود بنفسه
…
حب القرى حطبًا على النيران.
(5)
مأخوذ من قول المعري في رائيته:
الموقدون بنجد نار بادية
…
لا يحضرون وفقد العز في الحضر
إذا همى القطر شبتها عبيدهم تحت الغمائم للسارين بالقطر.
الكاتب: محمد رشيد رضا
خلاصة معاهدة الصلح [1]
(2)
الفصل الرابع
في المواد السياسية في خارج أوربا
حقوق ألمانية في خارج أوربة: تتنازل ألمانية في خارج أوربة لدول
الحلفاء والدول المشتركة معها عن جميع الحقوق والامتيازات في البلاد التي لها
أو لحلفائها، وتتعهد أن تقبل التدابير التي تتخذها دول الحلفاء الخمس بشأن ذلك.
المستعمرات والأملاك وراء البحار: تتنازل ألمانية لدول الحلفاء والدول
المشتركة معها عن أملاكها الواقعة وراء البحار، مع كل ما لها من الحقوق
والامتيازات فيها، وتنتقل جميع الأموال المنقولة وغير المنقولة التي للإمبراطورية
الألمانية أو لأية دولة من دولها إلى الحكومة التي تكون صاحبة السلطة هناك، ولهذه
الحكومات أن تتخذ ما تستصوب من التدابير لإرجاع الرعايا الألمان من هناك إلى
أوطانهم، والشروط التي تشترط على الرعايا الألمان من سلالة أوربية إذا أرادوا
البقاء وامتلاك الأملاك والاتجار، وتتعهد ألمانية بأن تعوض من الخسارة التي
أصابت الرعايا الفرنسويين في الكمرون أو على حدودها بفعل ولاة الأمور الألمان
الملكيين والعسكريين والأفراد الألمان من أول يناير 1900 إلى 1 أغسطس 1914 ،
وتتنازل ألمانيا عن جميع الحقوق التي اكتسبتها باتفاق 4 نوفمبر 1911 و28 سبتمبر
1912 ، وتتعهد بأن تدفع إلى فرنسا جميع الودائع والحسابات والسُّلف التي حصلت
عليها بموجب هذين الاتفاقين، وذلك بحسب التقدير الذي تقدره لجنة التعويض،
وتتعهد ألمانيا بأن تقبل وتنفذ النصوص التي تضعها دول الحلفاء، والدول المشتركة
معها للاتجار بالسلاح، والمعسكرات في أفريقية، وعقد برلين العام 1885 وعقد
بروكسل العام 1810 أما الحماية السياسية لأهالي المستعمرات الألمانية السابقة فتناط
بالحكومات التي تدير أمور تلك المستعمرات.
الصين: تتنازل ألمانية للصين عن جميع الامتيازات والغرامات التي نالتها
باتفاق البوكسر المبرم سنة 1901 ، وعن جميع المباني والأرصفة والقشلاقات
والحصون وذخيرة الحرب والبواخر وآلات التلغراف اللاسلكي، وسائر الأملاك
العمومية - ما عدا المباني التي للوكالة السياسية والقنصلية - في منطقة امتياز الألمان
في نيان تسن وهنكو ، وفي سائر الأملاك الصينية ما عدا كياوتشو وتقبل أن ترد على
حسابها إلى الصين جميع الآلات الفلكية التي أخذتها سنة 1900 ، وسنة 1901 على
أن الصين لا تتخذ إجراءات للتصرف بالأملاك الألمانية في حي السفارات في بكين
من غير رضا الدول الموقعة لاتفاق البوكسر، وتقبل ألمانيا إلغاء امتيازاتها في
هنكووتسيان تسن، وتقبل الصين أن تفتحهما لاستعمال الأمم، وتتنازل ألمانية عن كل
دعوى على الصين أو أية دولة أخرى من دول الحلفاء والدول المشتركة معها في ما
يختص باعتقال رعاياها في الصين، أو إخراجهم منها، أو ضبط المصالح الألمانية،
أو تصفيتها هناك في 14 أغسطس سنة 1917 ، وتتنازل بريطانية العظمى عن
أملاكها في منطقة الامتياز البريطاني في كنتون ، ولفرنسا والصين معًا عن ملكية
المدرسة الألمانية في منطقة الامتياز الفرنسوي في شنغاي.
سيام: تعترف ألمانية بأن جميع الاتفاقات المبرمة بينها وبين سيام ، وفي
جملتها حقوق الامتيازات الأجنبية زالت من 22 يونيو 1917، وأن جميع الأملاك
العمومية الألمانية في سيام تنتقل ملكيتها إلى سيام بلا عوض ما عدا دور الوكالة
السياسية والقنصليات، أما الأملاك الألمانية الخصوصية فتعامل طبقًا لنصوص
المواد الاقتصادية (في المعاهدة) وتتنازل ألمانية عن كل دعوى لها على سيام
تختص بضبط بواخرها ومصادرتها وتصفية أملاكها وأموالها واعتقال رعاياها.
ليبريا: تتنازل ألمانية عن جميع الحقوق التي اكتسبتها بالاتفاقات الدولية التي
أبرمت في 1911 - 1912 بشأن ليبريا ، ولا سيما الحق في تعيين سنديك
للجمارك، ولا تدخل في كل مفاوضة مقبلة لإرجاع ليبريا إلى سابق منزلتها، وتعد
في حكم المقوض جميع المعاهدات التجارية والاتفاقات المبرمة بينها وبين ليبريا،
وتعترف بحق ليبريا في تعيين شروط إقامة الألمان في بلادها ومنزلتهم فيها.
المغرب الأقصى: تتنازل ألمانية عن جميع الحقوق والامتيازات التي نالتها
بعقد الجزيرة ، والاتفاقات الفرنسوية الألمانية في سنة 1909 وسنة 1911،
وبجميع المعاهدات والاتفاقات التي أبرمتها مع السلطة الشريفية (المغربية)
وتتعهد بأن لا تتعرض لأية مفاوضة تدور على المغرب الأقصى بين فرنسة وسواها
من الدول، وتقبل جميع النتائج الناتجة عن الحماية الفرنسوية هناك، وتتنازل عن
امتيازاتها الأجنبية، ويكون للحكومة الشريفية الحرية التامة في التصرف نحو
الرعايا الألمان، ويكون جميع الأشخاص المشمولين بالحماية الألمانية خاضعين
لقانون البلاد، ويجوز أن تباع جميع الأموال الألمانية المنقولة وغير المنقولة، وفي
جملتها حقوق التعدين بالمزاد العلني، ويعطى الثمن للحكومة الشريفية، ويخصم من
المطلوب لها من التعويض، وعلى ألمانية أيضًا أن تتخلى عن مصالحها في بنك
الدولة في المغرب الأقصى، وتتمتع جميع البضائع المغربية التي تدخل ألمانية
بالامتيازات التي للبضائع الفرنسوية.
مصر: تعترف ألمانية بالحماية البريطانية التي بسطت على مصر في 28
ديسمبر 1914 ، وتتنازل اختيارًا من 4 أغسطس 1914 عن الامتيازات الأجنبية
فيها، وعن جميع المعاهدات والاتفاقات المبرمة بينها وبين مصر ، وتتعهد أن
لا تتعرض لأية مفاوضة تدور على مصر بين بريطانيا العظمى والدول الآخرى.
وفي هذا القسم نصوص تختص بالقوانين التي تسري على الرعايا الألمان
والأموال الألمانية، وعلى قبول ألمانية لكل تغيير يعمل في مجلس صندوق الدين،
وتقبل ألمانية أن تنتقل إلى بريطانيا العظمى السلطة التي كانت ممنوحةً لسلطان
تركيا السابق لضمان حرية الملاحة في قنال السويس، والإجراءات التي تتبع في
أموال الرعايا الألمان في مصر جعلت مشابهةً للإجراءات المتبعة في المغرب
الأقصى وسواه من البلدان، وتعامل البضائع المصرية الإنكليزية التي تدخل
ألمانية، بمثل المعاملة التي تعامل بها البضائع البريطانية.
تركية وبلغارية: تقبل ألمانية جميع التدابير التي تتخذها دول الحلفاء
والدول المشتركة معها مع تركية وبلغارية في ما يختص بالحقوق والامتيازات
والمصالح التي تطالب ألمانية أو رعاياها بها في تينك البلدين، ولم ينص عليها في
مكان آخر.
شانتنغ: تتنازل ألمانية عن جميع الحقوق والامتيازات التي لها، ولا سيما
في كياوتشا، وعن سكك الحديد والمناجم والأسلاك التلغرافية البحرية التي أحرزتها
بالمعاهدة التي أبرمتها مع الصين في 6 مارس 1898 وباتفاقات أخرى.
أما في شانتنغ ، فجميع حقوق ألمانية على سكة الحديد من تسنغ ثاو إلى تسن
انفو ، وفي جملتها حقوق التعدين، وحقوق الاستغلال تنتقل إلى اليابان أيضًا،
وكذلك أسلاك التلغراف البحري الممتدة من تسنغ ثاو إلى شنغاي وشيفو ، فهذه أيضًا
تنقل إلى ملكية اليابان بلا مقابل، وتستولي اليابان على جميع أملاك الدولة الألمانية
المنقولة وغير المنقولة في كياوتشا، بلا مقابل.
الفصل الخامس
في الشروط العسكرية البرية والبحرية والجوية
إنه توطئة للشروع في إنقاص سلاح الأمم إنقاصًا عامًّا تتعهد ألمانية مباشرةً
بأن تسير على المواد العسكرية البرية والبحرية والجوية التالية، وهي:
الشروط البرية: تنص الشروط العسكرية البرية على تسريح الجيوش
الألمانية، وتنفيذ القيود العسكرية الأخرى بعد إمضاء المعاهدة بشهرين (ويكون
ذلك الخطوة الأولى نحو نزع السلاح الدولي) وتلغى الخدمة العسكرية الإجبارية
في بلاد ألمانية، وتدخل قوانين للتجنيد على قاعدة التطوع في قوانين ألمانية
العسكرية، تقضي بتجنيد صف الضباط والجنود لمدة لا تقل عن 12 سنةً متواليةً،
وتشترط أن يخدم الضباط 25 سنةً، ولا يحالوا إلى المعاش قبل أن يبلغوا
الخامسة والأربعين، ولا يسمح بإنشاء احتياطي من الضباط الذين خدموا في الحرب،
ويكون مجموع رجال الجيش الألماني مائة ألف لا يزيد عدد الضباط فيهم على
أربعة آلاف، ولا يجوز تأليف قوة عسكرية غير هذه القوة، ويمنع منعًا خاصًّا
زيادة موظفي الجمارك والغابات أو البوليس، وتعليمهم تعليمًا عسكريًّا، وتكون
وظيفة الجيش الألماني صون النظام الداخلي ومراقبة الحدود، وعلى قيادته العليا
أن تحصر عملها في المهام الإدارية، ولا يسمح بأن يكون لها هيئة أركان حرب
عامةً، وينقص عدد المستخدمين الملكيين في وزارة الحربية والمصالح المشابهة
لها إلى عُشر ما كان في سنة 1913 ، ولا يجوز أن يكون لألمانية أكثر من سبع
فرق من المشاة، وثلاث فرق من الفرسان ، وفيلقين من أركان الحرب، ويقفل ما
يزيد عن حاجة الجيش من المدارس العسكرية ومدارس الضباط، وتلاميذ
المدارس الحربية إلخ، ويقتصر في قبول التلاميذ الذين يعينون ضباطًا على سد
المناصب التي تفرغ في الجيش.
أما صنع السلاح والذخيرة ومهمات الحرب في ألمانية، فيقتصر فيه على بيان
يبنى على قاعدة المقدار اللازم لجيش، كالجيش المتقدم، ولا يجوز إنشاء احتياطي من
السلاح والذخيرة، فجميع الأسلحة والمدافع والمهمات الموجودة فوق الحد المعين
يجب أن تسلم إلى الحلفاء للتصرف فيها، ولا يجوز لألمانية أن تصنغ غازات سامةً،
ولا سوائل ناريةً، ولا يسوغ لها استيرادها، ولا يجوز لها أن تصنع دبابات ولا
أتوموبيلات مدرعةً، وعلى الألمان أن يبلغوا الحلفاء أسماء جميع المصانع التي
تصنع الذخيرة والسلاح، ومواقعها وبيان مصنوعها؛ لأجل الحصول على موافقة
الحلفاء عليها، ويجب إلغاء الترسانات التي لحكومة ألمانية، وصرف مستخدميها،
وأما الذخيرة التي تصنع لاستعمالها في الاستحكامات فتقتصر على 1500 طلقة لكل
مدفع من المدافع التي من عيار 10.5 سنتمتر فما دون و 500 طلقة لكل مدفع من
المدافع التي هي أكبر من ذلك، ويحظر على ألمانية أن تصنع السلاح والذخيرة لبلدان
أجنبية، واستيرادها من الخارج، ولا يجوز لألمانية أن تحافظ على الاستحكامات، أو
تنشئ استحكامات في أرض ألمانية واقعة على أقل من خمسين كيلو مترًا شرقي
الرين ، ولا يجوز لها أن تُبقي في الشقة المذكورة قوات مسلحةً، لا دائمةً ولا وقتيةً،
ويحافظ على الحالة الحاضرة في ما يختص بالحصون القائمة على الحد الجنوبي
والشرق الأصلي للإمبراطورية الألمانية، ولا يجوز إقامة المناورات العسكرية في
(الشقة المذكورة) ولا إنشاء مبانٍ دائمة للمساعدة على تعبئة الجيش، ويجب نزع
السلاح من الاستحكامات في خلال ثلاثة أشهر بعد المعاهدة.
الشروط البحرية: تنص الشروط البحرية على أنه في خلال شهرين لا يجوز
أن تتجاوز قوات ألمانية البحرية ست بوارج من طراز (ديتشليندا ولوترنجن) وستة
طرادات خفيفة، و12 مدمرةً، و12 نسافةً، أو ما يساوي هذا العدد من السفن التي
تحل محلها، ولا يجوز أن يكون في هذه القوات البحرية غواصات، أما سائر
البوارج فتوضع في الاحتياطي أو تخص بالأعمال التجارية، ويجوز لألمانية
أن تُبقي على قدم الاستعداد عددًا معينًا من السفن التي تلتقط الألغام إلى أن يتم التقاط
الألغام في بعض المناطق المعينة في البحر الشمالي وبحر البلطيق، وبعد انقضاء
شهرين (على إمضاء المعاهدة) لا يجوز أن يتجاوز مجموع رجال الأسطول
الألماني 15 ألفًا، منهم 1500 من الضباط وصف الضباط على أعظم تقدير،
وتسلم (إلى الحلفاء) نهائيًّا جميع البوارج الألمانية التي تسير على سطح الماء،
والمعتقلة في موانئ الحلفاء أو المحايدين، وفي خلال شهرين تسلم في موانئ
الحلفاء بوارج ألمانية أخرى مبينة في المعاهدة، وهي راسية الآن في الموانئ
الألمانية، ويجب على الحكومة الألمانية أن تتعهد بتحطيم جميع البوارج الألمانية
التي تسير على سطح الماء، والتي لم يتم صنعها حتى الآن، وأما الطرادات
المحولة ونحوها فينزع سلاحها، وتُعَد بواخر تجاريةً، وبعد شهر تسلم في موانئ
الحلفاء جميع الغواصات الألمانية والبواخر المستعملة لإخراج الغارق، والحياض
الخاصة بالغواصات والتي يمكن أن تسير في البحر بعددها، أو التي يمكن قطرها
وأما الباقي وما لا يزال يصنع في دور الصنعة، فيجب على ألمانية أن تحطمه
في خلال ثلاثة أشهر، ولا يجوز لألمانيا أن تستعمل حطام هذه السفن إلا للأغراض
الصناعية، ولا يجوز بيعها لبلدان أجنبية إلا بشروط معينة لتعويضها، ويحظر
على ألمانية أن تبني أو تحرز بوارج، ويحظر عليها أن تبني أو تحرز غواصات،
والبوارج التي تبقى لها تعطى قدرًا معينًا من السلاح والذخيرة والمهمات الحربية،
وأما ما يفضل من السلاح والذخيرة والمهمات الحربية، فيسلم ولا يجوز لألمانية خزن
شيء منه أو إنشاء احتياطي.
ويجب أن يؤخذ رجال الأسطول الألماني بالتطوع التام، ولا تقل مدة الخدمة
للضباط وصف الضباط عن 25 سنةً متواليةً، وأما صغار صف الضباط أو البحارة،
فمدة الخدمة لهم لا تقل عن 12 سنةً متواليةً بقيود مختلفة.
ولأجل ضمان سلامة الدخول إلى بحر البلطيك لا يجوز لألمانية أن تنشئ
حصونًا في بقاع معينة، ولا أن تنصب مدافع تشرف على الطرق البحرية بين
البحر الشمالي والبلطيك، ويجب عليها أن تهدم (المعاقل) الاستحكامات القائمة
في تلك البقاع وتنزع ما فيها من المدافع ، وأما سائر الحصون الواقعة على بعد
50 كيلو مترًا من شاطئ ألمانية أو القائمة على جزر ألمانية فهذه تبقى؛ لأنها
دفاعية، ولكن لا يجوز إنشاء حصون جديدة، ولا زيادة السلاح في الموجود منها
والحد الأعلى لما يخزن من الذخيرة في هذه المعاقل هو 1500 طلقة للمدفع
الواحد من عيار 1، 4 بوصة فما دون، و500 طلقة لكل مدفع من المدافع التي
هي أكبر من هذا.
ولا يجوز استعمال محطات التلغراف اللاسلكي الألمانية في ناون وهنوفر
وبرلين لإرسال تلغرافات بحرية وعسكرية أو سياسية من غير رضاء الحلفاء،
والدول المشتركة معهم في مدة ثلاثة أشهر، وإنما يجوز استعمالها لأغراض تجارية
تحت المراقبة، وفي هذه المدة لا يجوز لألمانية أن تنشئ محطات كبيرةً أخرى
للتلغراف اللاسلكي، ويجوز لها أن ترمم الأسلاك التلغرافية البحرية التي قطعت،
والتي لا يستعملها الحلفاء، وكذلك أجزاء الأسلاك البحرية التي نقلت بعد قطعها،
والتي لا ينتفع بها الآن، وفي هذه الأحوال تظل الأسلاك المذكورة أو القطع التي
نقلت أو التي استعملت ملكًا للحلفاء والدول المشتركة معهم، وبناءً على ذلك فإن
14 سلكًا، أو أجزاء أسلاك عينت في هذه المادة لا ترد إلى ألمانية.
الشروط الجوية: تنص الشروط الجوية على أن لا يكون في قوات ألمانية
المسلحة أسلحة طيران عسكري أو بحري، ولكن يسمح لها أن تُبقي عندها ما لا
يزيد على 105 طيارة بحرية غير مسلحة لغاية أول أكتوبر 1919 تستعمل للبحث
عن الألغام تحت سطح الماء فقط، ويسرح جميع رجال سلاح الطيران في ألمانية
خلال شهرين ما عدا 1050 رجل بينهم الضباط يجوز إبقاؤهم إلى أكتوبر، وتتمتع
طيارات الحلفاء والدول المشتركة معهم بحرية المرور فوق أملاك ألمانية والنزول
فيها، والنزول في منطقة المياه المحلية التي لها إلى أول يناير 1923 ، إلا إذا كانت
ألمانية قد سبق فقُبلت قبل هذا التاريخ في جمعية الأمم أو سُمح لها بالعمل باتفاق الجو
الدولي، ويحظر صنع الطيارات أو أجزائها في جميع أنحاء ألمانية لمدة ستة أشهر،
وتسلم جميع الطيارات العسكرية والبحرية والبلونات المسيرة ومهمات الطيران إلى
الحلفاء والحكومات المشتركة معهم في خلال ثلاثة أشهر إلا الطيارات البحرية المائة
التي تقدم ذكرها.
شروط عمومية: وتنص الشروط العمومية على تعديل القوانين الألمانية
لتصير مطابقةً للمواد المتقدمة، وعلى ألمانية أن تنفذ جميع المواد الواردة في
المعاهدة تحت مراقبة لجنة دولية من الحلفاء يعينها الحلفاء والحكومات المشتركة
معهم، وعلى الحكومة الألمانية أن تمد هذه اللجنة بجميع التسهيلات ونفقات
مصروفاتها، وأما مهمة اللجان العسكرية، والبحرية، والجوية التي للمراقبة، فقد
نص عليها بالتفصيل.
(لها بقية)
((يتبع بمقال تالٍ))
_________
(1)
تابع لما نشر في الجزء الثالث.