المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فتنة الحجازوالقضاء على فئة ابن رفادة - مجلة المنار - جـ ٣٢

[محمد رشيد رضا]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد رقم (32)

- ‌جمادى الآخرة - 1350ه

- ‌فاتحة المجلد الثاني والثلاثين

- ‌تصدير التاريخ

- ‌خلاصة الخلاصةفي وجوب الجمع بين التجديدين الديني والمدني

- ‌فتاوى المنار

- ‌التجديد والتجدد والمجددون

- ‌المناظرة بين أهل السنة والشيعة

- ‌مصابنا بالوالدة رحمها الله تعالى

- ‌كلمة في مقالات إلحاد في الدين

- ‌نعي السيد الجليلالسيد محمد بن عقيل تغمده الله برحمته

- ‌شوال - 1350ه

- ‌المنار وتفسيره

- ‌خاتمة تاريخ الأستاذ الإمامفيما يجب له على الأمة

- ‌أسئلة من بيروت

- ‌الصلاة إلى القبوروقبة فيها قبور تُعتقد وتُعظَّم تدينًا

- ‌دعوى بعض مشايخ الطرقالتلقي عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌هداية القرآن [*]

- ‌تفسير المنارتقريظ ونقد

- ‌غاندي يشهد للإسلامومحمد عليه الصلاة والسلام

- ‌تاريخ الأستاذ الإمام

- ‌المناظرة بين أهل السنة والشيعة

- ‌ذو القعدة - 1350ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌أنباء العالم الإسلامي

- ‌المؤتمر الإسلامي العام في بيت المقدس(2)

- ‌الرابطة الإسلامية الدولية

- ‌أذان إبراهيم الخليل بالحجودعاؤه لأهل الحرم بالرزق

- ‌مجلة الأزهر والأستاذ المراغي

- ‌التجديد والتجدد والمجددون

- ‌ذو الحجة - 1350ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌ذكرى يوم النبي صلى الله عليه وسلمأو المولد النبوي

- ‌المؤتمر الإسلامي العام في بيت المقدس(3)

- ‌جمعية المطالبة بأوقاف الحرمين الشريفين

- ‌إصلاح عظيم في وزارة المعارف

- ‌تقريظ المطبوعات الحديثة

- ‌تتمة ترجمة السيد محمد بن عقيل(2)

- ‌الشيخ مصطفى نجامفتي بيروت

- ‌عبد الحميد بك الرافعي

- ‌المحرم - 1351ه

- ‌صفر - 1351ه

- ‌العقيدة السلفية والأستاذ الدجوي

- ‌الخطر على الإسلامبسيطرة الإنكليز على الحجاز

- ‌وفيات الأعيان

- ‌ربيع الأول - 1351ه

- ‌الشعر التاريخي

- ‌أنا والأديب الشنقيطي

- ‌جمعية علماء المسلمين في الجزائر

- ‌المؤتمر الإسلامي العاملجنته التنفيذية ومكتبها

- ‌لجنة بحث موضوع البغاء الرسمي

- ‌جمادى الأولى - 1351ه

- ‌أكل لحم الخنزيرهل يشمل شحمه وكل ما يؤكل منه

- ‌الوجود والمادة والقوة والخالق عز وجل

- ‌ذكرى صلاح الدين ومعركة حطين [

- ‌محمد حافظ بك إبراهيمشاعر مصر الاجتماعي

- ‌خطاب حافظ للأستاذ الإمامفي رفع كتاب البؤساء إليه

- ‌فتنة الحجازوالقضاء على فئة ابن رفادة

- ‌جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية

- ‌نداء جمعية الهداية الإسلامية في دمشق

- ‌افتراء مجلة مشيخة الأزهر عليناوهجوها وهُجرها فينا

- ‌كلمتان كتبتهما لشابين من إخواننا المغاربة

- ‌جمادى الآخرة - 1351ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌عدد المسلمين في أنحاء العالم

- ‌الشيخ محمد توفيق البكري الصديقي

- ‌أحمد شوقي بك أمير الشعراء

- ‌رمضان - 1351ه

- ‌فتاوى المنار

- ‌نموذج من كتاب الإنجيل والصليب

- ‌المنار ومجلة مشيخة الأزهرالمقال الخامسالبُهيتة الأولى: إنكار الملائكة

- ‌خاتمة المجلد الثاني والثلاثين من المنار

الفصل: ‌فتنة الحجازوالقضاء على فئة ابن رفادة

الكاتب: محمد رشيد رضا

‌فتنة الحجاز

والقضاء على فئة ابن رفادة

سافر ابن رفادة ومن معه من مصر إلى الحجاز من طريق سينا بجوازات

مصرية إلى العقبة، ولقوا في كل مكان غاية المساعدة فدخلوا أرض الحجاز وتبعهم

أعوانهم الذين سافروا من شرق الأردن إلى العقبة يحملون بعض الدراهم والأسلحة

على مسمع ومرأى ممن ثم من رجال الإنكليز في هذه الأمكنة كلها، مع إغضاء

وتصامم بحيث لا تقوم عليهم حجة بأنهم أغروا أو ساعدوا أو وافقوا على شيء،

بل كانت الدولة الإنكليزية هي التي بلَّغت الحكومة السعودية أنباءهم، وحملت

الأمير عبد الله على عزل محمد أفندي الأسد قائمقام العقبة لإذنه لهم، بل مساعدته

لهم على الدخول في أرض الحجاز، ثم طفق رجال الهيئة العسكرية من الإنكليز

يحصنون العقبة ويجمعون فيها الأسلحة والذخائر الحربية والمؤنة بحجة مساعدة

الحكومة السعودية على الثائرين عليها بمنع وصول المدد والذخيرة إلى فئة ابن

رفادة من البر والبحر، ومنع فارتهم من الالتجاء إلى العقبة وشرق الأردن إذا

طاردهم الجيش السعودي، وما كان هذا المنع ليحتاج إلى كل هذا التحصين

والاستعداد الحربي، على أنه ظل مستمرًّا بعد استئصال هؤلاء الثائرين إلى أن

انجلت الجنود السعودية التي رابطت أمام العقبة حامدة شاكرة للقائد الإنكليزي

المرابط أمامها في حدودها المقتطعة من الحجاز! ! !

وأما الحكومة السعودية فقد استدرجت ابن رفادة الأعور محضاء الثورة بإرسال

رجال من قبائل الحجاز إليه يعدونه بالقيام معه وتعميم الثورة في الحجاز إذا كان

لديه المال الكافي لذلك، فأخبرهم بأن المال سيأتي من شرق الأردن، حتى إذا ما

اطمأن أحاطت به وبفئته الجنود النجدية فقضت عليهم في معركة واحدة طاحت فيها

رءوس ابن رفادة وأولاده ورأس أبي دقيقة أكبر أعوانه، وأُلقيت رأس ابن رفادة إلى

الأولاد والرجال يدحرجونها ويدحونها ككرة الصبيان.

طيَّر البرق نبأ القضاء على ابن رفادة إلى مصر وأوربة وسائر الأقطار من

الطريق الرسمية وطريق الشركات العامة، فكذَّبته جمعية الثورة في عمان وزورت

بإمضاء ابن رفادة بلاغًا أرسلته إلى صحف فلسطين ومصر والشام ينبئ بانتصاره

وفوزه وامتداد الثورة في البدو والحضر، وأرسلت إليها مقالات أخرى ورسلاً

يبثون الدعاية، فكذَّب ذلك كله الأكثرون، وارتاب فيه الأقلون، حتى ظهر الحق

واستيقنه الناس أجمعون.

استفاد الناس من هذه الفتنة أربع فوائد عظيمة الشأن:

الفائدة الأولى: أن سلطان الحكومة السعودية ثابت البواني، راسخ الأركان

في بدو الحجاز ونجد معًا كحضرهما؛ فإن شيوخ قبائل الحجاز ورؤساءها استأذنوا

جلالة ملكهم في قتال ابن رفادة وهو منهم، ولم يكن أحد يظن هذا لا من الإنكليز

ولا من غيرهم، وأما أهل نجد فقد ثارت ثائرتهم كلهم، فأسرع من استنفرهم الملك

إلى الحجاز وحدود شرق الأردن والعقبة، وطفق سائر أهل البلاد يستأذنونه في

النفير العام والهجوم على شرق الأردن للقضاء على حكومتها وكتب إليه في ذلك

علماؤهم وأميرهم سعود ولي عهد الإمام فيهم.

الفائدة الثانية: تنبه الأمة العربية في سورية وفلسطين وشرق الأدرن لوجوب

الانتصار للدولة العربية المستقلة المعترف باستقلالها المطلق من جميع الدول

الكبرى وما يتهددها من الخطر بوجود الإنكليز في خليج العقبة الحجازي وشرق

الأردن، وقد أظهرت شعورها هذا في الجرائد وعلى ألسنة الأحزاب والزعماء حتى

إن أهل شرق الأردن أظهروا المقت للجمعية المحرِّكة للفتنة عندهم ولأميرهم أيضًا.

الفائدة الثالثة: تنبه الشعور الإسلامي العام في الشرق والغرب للخطر على

الحجاز باستيلاء الإنكليز على خليج العقبة ومنطقته وسكة الحديد الحجازية، وقد

ظهر هذا الشعور كالشمس فيما نشرته جرائد مصر وفلسطين وسورية وتونس

والجزائر والهند في المسألة، وعجب الناس لسكوت مشيخة الأزهر عن إظهار

صوتها في هذه النازلة الإسلامية التي تنذر المسلمين أكبر خطر على الحرمين

الشريفين ولم نبين لهم ما نعلم من سبب هذا.

الفائدة الرابعة: وهي نتيجة ما قبلها من الفوائد الثلاث: إحجام الدولة

البريطانية عما كانت تريده من افتراص هذه الفتنة لإحداث احتلال عسكري بري

بحري في خليج العقبة تسميه مؤقتًا وتعلله بمثل ما عللت به احتلال مصر،

واحتلال إسكندر آباد في الهند، وقد رضيت بسبب ما تقدم وخشية تفاقم الخطر أن

تبقى منطقة العقبة ومعان تابعة لشرق الأردن في إدارتها إلى أن يبت في أمرها

بمفاوضة أخرى مع الحكومة السعودية.

ولقد سُرَّ المسلمون كافة والعرب خاصة بتنكيل الحكومة السعودية بهذه الفئة

الباغية وشمتوا بمثيريها وهنَّأوا صاحب الجلالة السعودية بهذا الفوز المبين، وما

كان فوزه على هذه الفئة القليلة بكبير في نفسه؛ وإنما كانوا يخشون أن تكون سببًا

لاشتعال نار الثورة في الحجاز كله، وأكبر ما كانوا يخشونه أن تكون عاقبتها

استقرار أقدام الإنكليز في خليج العقبة ومنطقتها إلى معان، وأكبر ما كانوا يرجونه

أن يتخذها الملك وسيلة لاستعادة هذه المنطقة إلى الحجاز ومنع الخطر الدائم على

الحرمين الشريفين ببقائها تحت سيطرة الإنكليز.

ولقد كانت الفرصة سانحة له بارحة للإنكليز والأسباب المرجحة لفوزه كثيرة؛

ولكن رجال حكومته لم يكونوا يعرفونها، وكانت الأراجيف التي أذاعتها المصادر

الإنكليزية مما ترجف لها الأفئدة، ولا سيما أرجوفة مساعدة مصر لابن رفادة،

فكان يخيل لقراء الجرائد في الحجاز أن حكومتهم مستهدفة لمحاربة بريطانية

العظمى ومصر وشرق الأردن في وقت واحد، وكل هذه أوهام، وأضغاث أحلام.

من المعلوم باليقين أنه لم يكن يجوز للدولة السعودية أن تبدأ حكومة شرق

الأردن الضعيفة بالحرب، فضلاً عن الدولة البريطانية التي هي من أقوى دول

الأرض؛ وإنما الذي كان يجب عليها هو أن تنبئ الدولة الإنكليزية بأن شعبها

الحجازي والنجدي يطالبونها بما هو حق عليها من استعادة هذه المنطقة الحجازية

التي ألحقت بشرق الأردن بغير حق شرعي ولا قانوني، وأنهم مضطربون ثائرون

لما جاءهم بطريق العقبة من طلائع ثورة ابن رفادة، وأن العالم الإسلامي كله

يطالبها بذلك، فهي لهذه الأسباب مضطرة لاحتلال هذه المنطقة الحجازية مع

المحافظة على العلاقة السياسية الودية معها، وتأمين حكومات شرق الأردن وفلسطين

ومصر من أدنى اعتداء على حدود بلادها، وتتبع القول الفعل، وقد كتبت مقالاً

طويلاً أثبت فيه أن الدولة الإنكليزية ما كان يُعقل أن تحارب حكومة الحجاز؛

ولكنني علمت قبل نشره بجلاء الجيش السعودي عن الحدود وبقاء ما كان على ما

كان فأمسكت عن نشرها.

_________

ص: 631