الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} . وقال - تعالى -: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن لله - تعالى - حكمة بالغة من خلق الجن والإنس وهي عبادته، والعبادة هي:" التذلل لله عز وجل محبة وتعظيما بفعل أوامره واجتناب نواهيه على الوجه الذي جاءت به شرائعه ". قال الله - تعالى -: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} . فهذه الحكمة من خلق الجن والإنس، وعلى هذا فمن تمرد على ربه واستكبر عن عبادته فإنه يكون نابذا لهذه الحكمة التي خلق الله العباد من أجلها، وفعله يشهد أن الله خلق الخلق عبثا وسدى، وهو وإن لم يصرح بذلك لكن هذا هو مقتضى تمرده واستكباره عن طاعة ربه.
(31) وسئل فضيلته: عن مفهوم العبادة
؟
فأجاب بقوله: العبادة لها مفهوم عام، ومفهوم خاص.
فالمفهوم العام: هي " التذلل لله محبة وتعظيما بفعل أوامره، واجتناب نواهيه على الوجه الذي جاءت به شرائعه ".
والمفهوم الخاص: يعني تفصيلها. قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية: هي " اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال، والأعمال الظاهرة والباطنة كالخوف، والخشية، والتوكل، والصلاة، والزكاة، والصيام، وغير ذلك من شرائع الإسلام ".
وقد يكون قصد السائل بمفهوم العبادة ما ذكره بعض العلماء من أن
العبادة إمّا عبادة كونية، أو عبادة شرعية، يعني أن الإنسان قد يكون متذللا لله سبحانه وتعالى تذللا كونيا وتذللا شرعيا.
فالعبادة الكونية تشمل المؤمن والكافر، والبر والفاجر لقوله - تعالى -:{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} . فكل من في السماوات والأرض فهو خاضع لله سبحانه وتعالى كونا فلا يمكن أبدا أن يضاد الله أو يعارضه فيما أراد سبحانه وتعالى بالإرادة الكونية.
وأما العبادة الشرعية: فهي التذلل له سبحانه وتعالى شرعا فهذه خاصة بالمؤمنين بالله سبحانه وتعالى القائمين بأمره، ثم إن منها ما هو خاص أخص كعبودية الرسل، عليهم الصلاة والسلام، مثل قوله - تعالى -:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} وقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} . وقوله: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} . وغير ذلك من وصف الرسل، عليهم الصلاة والسلام، بالعبودية.
والعابدون بالعبودية الكونية لا يثابون عليها؛ لأنهم خاضعون لله - تعالى - شاءوا أم أبوا، فالإنسان يمرض، ويفقر، ويفقد محبوبه من غير أن يكون مريدا لذلك بل هو كاره لذلك لكن هذا خضوع لله عز وجل خضوعا كونيا.