الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك فإنه لابد لمن اغتسل من موجبات الغسل أن ينوي الوضوء، فأما أن يتوضأ مع الغسل، وإما أن ينوي بغسله الطهارة من الحدثين.
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن نية الاغتسال عن الحدث الأكبر تغني عن نية الوضوء، لأن الله عز وجل قال:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(1) إلخ. فلم يذكر الله في حال الجنابة إلا الاطهار، يعني التطهير، ولم يذكر الوضوء، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل حين أعطاه الماء ليغتسل، قال:(خذ هذا فأفرغه على نفسك) . ولم يذكر له الوضوء، أخرجه البخاري من حديث عمران بن حصين في حديث طويل. وما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية أقرب إلى الصواب، وهو أن من عليه حدث أكبر إذا نوى الحدث الأكبر فإنه يجزئ عن الأصغر. وبناء على هذا فإن موجبات الغسل منفردة عن نواقص الوضوء.
150) وسُئل فضيلته: هل أخذ شيء من الشعر أو الجلد أو الأظافر ينقض الوضوء
؟
فأجاب قائلا: أخذ الإنسان من شعره أو ظفره أو جلده لا ينقض الوضوء.
وبهذا المناسبة أحب أن أبين أن الشعور ينقسم أخذها إلى أقسام:
القسم الأول: الشعور التي أمر الشارع بإزالتها مثل: شعر العانة والإبطين والشارب أمر بقصه.
القسم الثاني: الشعور التي نهى الشارع عن إزالتها: شعر اللحية قال
(1) سورة المائدة، الآية:6.
النبي صلى الله عليه وسلم: (وفروا اللحى..) . وكذلك النمص وهو نتف الحواجب.
القسم الثالث: الشعور التي سكت عنها الشارع، كالرأس والساق والذراع وبقية شعور الجسم. فيما سكت عنه الشارع، فقد قال بعض العلماء: إنه منهي عن أخذه تغيرا لخلق الله من أوامر الشيطان، لقوله تعالى:(وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ)(1) .وقال بعض العلماء: إن أخذه مباح؛ لأنه مسكوت عنه، لأن الشرع أمر، ونهى، وسكت علم أن هذا ليس مما أمر به ولا مما نهى عنه؛ لأنه لو كان منهيا عنه لنهى عنه، ولو كان مأمورا به لأمر به وهذا الأقرب من حيث الاستدلال: أن إزالة الشعور غير التي نهى عنها جائزة.
والشعور التي أمر الشارع بإزالتها، مدتها أربعون يوما، قال أنس بن مالك رضي الله عنه:(وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الشارب والظفر والعانة والإبط ألا تترك فوق أربعين يوما) .
لكن بعض الناس يأبى إلا أن تكون أظفاره طويلة، وبعض الناس يأبى إلا أن يكون ظفر الخنصر طويلا مع أن فيه مخالفة للشريعة، ويلحقه كذلك بالسباع، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل إلا السن والظفر، فإن السن عظم، والظفر مدي الحبشة) . ومعنى الظفر مدي الحبشة: أي أن الحبشة يبقون أظفارهم حتى تكون كالحراب، فإذا مسك الأرنب مثلا بطها بهذا الظفر، وصارت مدية له. ولذلك فأنا أعجب من قوم يدعون الحضارة، ويدعون
(1) سورة النساء، الآية:119.