الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التعارض
تعريفه:
التعارض لغة: التقابل والتمانع.
واصطلاحاً: تقابل الدليلين بحيث يخالف أحدهما الآخر.
وأقسام التعارض أربعة:
القسم الأول: أن يكون بين دليلين عامين وله أربع حالات:
1-
أن يمكن الجمع بينهما بحيث يحمل كل منهما على حال لا يناقض الآخر فيها فيجب الجمع.
مثال ذلك: قول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ? وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) (1)، وقوله:(إنك لا تهدي من أحببت)(2) ، والجمع بينهما أن الآية الأولى يراد بها هداية الدلالة إلى الحق وهذه ثابتة للرسول صلى الله عليه وسلم.
والآية الثانية يراد بها هداية التوفيق للعمل وهذه بيد الله تعالى لا يملكها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره.
2-
فإن لم يمكن الجمع فالمتأخر ناسخ إن علم التاريخ فيعمل به دون الأول.
(1) سورة الشورى، الآية:52.
(2)
سورة القصص، الآية:56.
مثال ذلك: قوله تعالى في الصيام: (فمن تطوع خيراً فهو خير له وإن تصوموا خير لكم)(1) . فهذه الآية تفيد التخيير بين الإطعام والصيام مع ترجيح الصيام وقوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام آخر)(2) تفيد تعيين الصيام أداء في حق غير المريض والمسافر وقضاء في حقهما لكنها متأخرة عن الأولى فتكون ناسخة لها كما يدل على ذلك حديث سلمة بن الأكوع الثابت في الصحيحين وغيرهما.
3-
فإن لم يعلم التاريخ عمل بالراجح إن كان هناك مرجح.
مثال ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: " من مس ذكره فليتوضأ "(3) وسئل صلى الله عليه وسلم عن الرجل يمس ذكره أعليه الوضوء؟ قال: " لا إنما هو بضعة منك "(4) فيرجح الأول لأنه أحوط ولأنه أكثر طرقاً ومصححوه أكثر ولأنه ناقل عن الأصل ففيه زيادة علم.
4-
فإن لم يوجد مرجح وجب التوقف ولا يوجد له مثال صحيح
القسم الثاني: أن يكون التعارض بين خاصين فله أربع حالات أيضاً.
1-
أن يمكن الجمع بينهما فيجب الجمع.
مثاله: حديث جابر رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم
(1) سورة البقرة، الآية:184.
(2)
سورة البقرة، الآية:185.
(3)
رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن حبان.
(4)
رواه الخمسة وصححه ابن حبان.
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم النحر بمكة (1) ، وحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها بمنى، فيجمع بينهما بأنه صلاها بمكة ولما خرج إلى منى أعادها بمن فيها من أصحابه (2) .
2-
فإن لم يمكن الجمع فالثاني ناسخ إن علم التاريخ.
مثاله: قوله تعالى: (يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك)(3) الآية. وقوله تعالى: (لا يحل لك النساء من بعد)(4) . فالثانية ناسخة للأولى على أحد الأقوال.
3-
فإن لم يمكن عمل بالراجح إن كان هناك مرجح.
مثاله: حديث ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها هو حلال (5) وحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم (6) .
فالراجح الأول لأن ميمونة صاحبة القصة فهي أدرى بها، ولأن حديثها مؤيد بحديث أبي رافع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال قال: وكنت الرسول بينهما (7)
(1) رواه مسلم
(2)
متفق عليه
(3)
سورة الأحزاب، الآية:50.
(4)
سورة الأحزاب، الآية:52.
(5)
رواه مسلم.
(6)
رواة الجماعة.
(7)
رواة أحمد والترمذي
4-
فإن لم يوجد مرجح وجب التوقف ولا يوجد له مثال صحيح.
القسم الثالث: أن يكون التعارض بين عام وخاص فيخصص العام بالخاص.
مثال قوله صلى الله عليه وسلم: " فيما سقت السماء العشر (1) " وقوله: " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ". فيخصص الأول بالثاني ولا تجب الزكاة إلا فيما بلغ خمسة أوسق.
القسم الرابع: أن يكون التعارض بين نصين أحدهما أعم من الآخر من وجه وأخص من وجه فله ثلاث حالات:
1-
أن يقوم دليل على تخصيص عموم أحدهما بالآخر فيخصص به.
مثاله: قوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن)(2) 0 وقوله: (وأولات الأحمال)(3) . فالأولى خاصة في المتوفي عنها عامة في الحامل وغيرها، والثانية خاصة في الحامل عامة في المتوفي عنها وغيرها لكن دل الدليل على تخصيص عموم الأولى بالثانية وذلك أن سبيعة الأسلمية وضعت بعد وفاة زوجها بليال فأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم أن تتزوج (4) .
(1) سبق تخرجهما.
(2)
سورة البقرة، الآية: 234
(3)
سورة الطلاق، الآية:4.
(4)
متفق عليه
وعلى هذا فتكون عدة الحامل إلى وضع الحمل سواء كانت متوفى عنها أم غيرها.
2-
وإن لم يقم دليل على تخصيص عموم أحدهما بالآخر عمل بالراجح.
مثال ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم:" إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين "(1) وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس "(2) .
فالأول خاص في تحية المسجد عام في الوقت، والثاني خاص في الوقت عام في الصلاة يشمل تحية المسجد وغيرها لكن الراجح تخصيص عموم الثاني بالأول فتجوز تحية المسجد في الأوقات المنهي عن عموم الصلاة فيها، وإنما رجحنا ذلك لأن تخصيص عموم الثاني قد ثبت بغير تحية المسجد كقضاء المفروضة وإعادة الجماعة فضعف عمومه.
3-
وإن لم يقم دليل ولا مرجح لتخصيص عموم أحدهما بالثاني وجب العمل بكل منهما فيما لا يتعارضان فيه والتوقف في الصورة التي يتعارضان فيها.
لكن لا يمكن التعارض بين النصوص في نفس الأمر على وجه لا يمكن فيه الجمع ولا النسخ ولا الترجيح لأن النصوص لا تتناقض والرسول صلى الله عليه وسلم قد بين وبلغ لكن قد يقع ذلك بحسب نظر المجتهد لقصوره والله أعلم.
(1) متفق عليه.
(2)
متفق عليه.