الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عين عليه، فإنه يجب عليه أن يجاهد بدون استخارة، ولكن إذا كان الشيء مشروعاً وليس بواجب عليه فإنه يمكن أن تدخل فيه الاستخارة، بمعنى أن المشروعات بعضها أفضل من بعض، فقد
يريد الإنسان أن يعتمر عمرة تطوع، أو يحج حج تطوع، ولكن لا يدري: الحج أفضل أم بقاؤه في بلده للدعوة إلى الله والإرشاد وتوجيه المسلمين، والقيام بمصالح أهل بيته أفضل؟ فيستخير الله
سبحانه وتعالى، لا لأنه قد شك في فضل العصرة، ولكن لأنه قد شك هل الذهاب للعمرة أفضل أم البقاء في بلده أفضل؟ وهذا أمر وارد، ويمكن فيه الاستخارة، فمن تأمل حديث الاستخارة، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم علم أنها لا تشرع إلا في الأمر الذي يتردد فيه الإنسان. أما الأمر الذي ليس فيه تردد فإنه لا استخارة فيه، وكما أسلفت: أن الأمور الواجبة لا تحتمل التردد والشك في فعلها، لوجوب القيام بها على من توفرت فيه شروط الوجوب.
س 19: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: إذا حج الإنسان عدة مرات فهل الأفضل أن يترك الحج ويتصدق بنفقات الحج
؟
فأجاب فضيلته بقوله-: هذا حسب ما تدعو الحاجة إليه، فإذا كان الناس في حاجة إلى الصدقة، فالصدقة أفضل، وإذا لم يكونوا في حاجة فالحج أفضل.
س20: سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله تعالى-: تتوق النفس للحج ولكن نسمع كلمات من الناس لا ندري أهي صحيحة أم لا
؟
يقولون: من حج فليترك المجال لغيره، مع أننا نعلم أن الله عز وجل أمرنا بالتزود، فهل قول الناس بأن من حج يترك المجال لغيره، صحيح؟ وإذا كان الإنسان إذا ذهب إلى الحج ربما نفع الله به عدداً كبيراً، سواء ممن يقدم إلى هذه البلاد أو من يصاحبهم من بلاده هو، فما تقولون وفقكم الله؟
فأجاب فضيلته بقوله-: هذا القول ليس بصحيح، أعني القول بأن من حج فرضه فليترك المجال لغيره، لأن النصوص دالة على فضيلة الحج، وقد روي محن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"تابعوا بين الحج والعمرة: فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة"(1) والإنسان العاقل يمكن أن يذهب إلى الحج ولا يؤذي ولا يتأذى إذا كان يعامل الناس بالرفق فإذا وجد مجالاً فسيحاً فعل ما يقدر عليه من الطاعة، وإذا كان المكان ضيقاً عامل نفسه وغيره بما يقتضيه هذا الضيق، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حين دفع من عرفة يأمر الناس بالسكينة، وشنق لناقته الزمام يعنى جذبه حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله من شدة
جذبه للزمام، لكنه إذا وجد فجوة نصّ (2) . قال العلماء: يعني إذا وجد متسعًا أسرع، فدل هذا على أن الحاج ينبغي له أن يتعامل مع الحالة التي هو عليها، فإذا وجد الضيق فليتأن في مشيه وليرفق
بالناس وبهذا لا يتأذى ولا يؤذي، فهذا الذي نراه في هذه
(1) أخرجه الإمام أحمد (1/387) والترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء في ثواب الحج والعمرة (رقم 810) وقال: حديث حسن غريب صحيح.
(2)
أخرجه البخاري، كتاب الحج، باب السير إذا دفع من عرفة (رقم 1666) ومسلم، كتاب الحج، باب الإفاضة من عرفات إلى مزدلفة
…
(رقم 1286)(283) .